رد: وقفات مع القدوم إلى الله
وقفات مع القدوم إلى الله (11) الإخلاص والقدوم إلى الله د. عبدالسلام حمود غالب الإخلاص: هو تصفية العمل من الشوائب؛ كالرياء والسمعة، وجعل القصد في الأعمال ابتغاء وجه الله تعالى وحده. الإخلاص هو أن يكون الباعث على العمل امتثال أمر الله ورجاء ثوابه، لا طلب مدح الناس أو الحصول على منفعة دنيوية. الإخلاص هو شرط قبول الأعمال عند الله تعالى، فالله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا لوجهه الكريم. الإخلاص هو جوهرُ العبادة وسرُّ قبول الأعمال عند الله تعالى، ويُنجي من عذاب الله، ويورث محبة الله ورضوانه. الإخلاص يبارك في الأعمال، ويجعلها ذات أثر عظيم في الدنيا والآخرة. الإخلاص هو أساس القدوم إلى الله، فلا يمكن أن يكون القدوم صادقًا إلا إذا كان خالصًا لوجه الله تعالى والقدوم إلى الله هو ثمرة الإخلاص، فمن أخلص لله تعالى، وفَّقه الله للقدوم إليه. الإخلاص وعلاقته بالنية: الإخلاص يركز على نقاء النية؛ أي أن يكون الدافع الوحيد للعمل هو وجه الله، بعيدًا عن أي دوافع دنيوية أو شخصية، وهذا يتطلَّب من الفرد أن يكون صادقًا مع نفسه، وأن يراقب دوافعه باستمرار، وأن يجاهد للتخلُّص من أي شوائب قد تعكر صفاء النية. الإخلاص وعلاقته بالذات: الإخلاص يقود إلى تحقيق التكامل الداخلي، حيث يتوافق الظاهر والباطن، والقول والفعل. فعندما يكون الإنسان مخلصًا، فإنه يعيش حالة من الانسجام مع ذاته؛ مما يمنحه شعورًا بالراحة والطُّمَأْنينة. الإخلاص وعلاقته بالآخرين: الإخلاص هو أساس العلاقات الإنسانية الصادقة، فالمخلص يكون جديرًا بالثقة، ويكون مخلصًا في وعوده والتزاماته. فالإخلاص يدعو إلى حياة قائمة على الصدق والنقاء والتجرد، ويسعى إلى تحقيق التكامل بين الظاهر والباطن، وبين الفرد وذاته، وبين الفرد وخالقه سبحانه وتعالى. كيفية تحقيق الإخلاص: • استحضار نية الإخلاص قبل العمل وأثناءه وبعده. • مجاهدة النفس في التخلص من الرياء والسمعة. • كتمان الأعمال الصالحة قدر الإمكان. • الاستعانة بالله تعالى ودعاؤه أن يرزق الإخلاص. أقوال العلماء في الإخلاص: يقول ابن القيم: "العمل بغير إخلاص ولا اقتداء كالمسافر يملأ جرابه رملًا يثقله ولا ينفعه". ويقول: "لا يجتمع الإخلاص في القلب ومحبة المدح والثناء والطمع فيما عند الناس إلا كما يجتمع الماء والنار". قال أبو سليمان الداراني: "إذا أخلص العبد انقطعت عنه كثرة الوساوس والرياء". يقول مكحول: "ما أخلص عبد قط أربعين يومًا إلا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه". قال الإمام الجنيد: "الإخلاص سِرٌّ بين الله وبين العبد، لا يعلمه ملك فيكتبه، ولا شيطان فيفسده، ولا هوى فيميله". قال سفيان الثوري: "ما عالجت شيئًا أشد عليَّ من نيتي، فإنها تتقلب عليَّ". قال يوسف بن الحسين الرازي: "أعزُّ شيء في الدنيا الإخلاص، وكم أجتهد في إسقاط الرياء عن قلبي فكأنه ينبت على لون آخر". قال الفضيل بن عياض في تفسير قوله تعالى: ﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [هود: 7]: "أخلصه وأصوبه، والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون على السُّنَّة". قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "أفضل الأعمال: أداء ما افترض الله، والورع عمَّا حرم الله، وصدق النية فيما عند الله". قال ابن المبارك: "رب عمل صغير تعظمه النية، ورب عمل كبير تصغره النية". قال سهل التستري رحمه الله تعالى: "ليس على النفس شيء أشق من الإخلاص؛ لأنه ليس لها فيه نصيب". علامات تدل على الإخلاص: • استواء المدح والذم عند العامل. • نسيان رؤية العمل بالكلية. • الخوف من عدم قبول العمل. •كتمان الأعمال الصالحة قدر الإمكان. نسأل الله تعالى أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل. قال ذو النون المصري: "ثلاثة من علامات الإخلاص: استواء المدح والذم من العامة، ونسيان رؤية الأعمال في الأعمال، واقتضاء ثواب العمل في الآخرة". وقال أبو عثمان: "الإخلاص نسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلى الخالق". وقال حذيفة المرعشي: "الإخلاص أن تستوي أفعال العبد في الظاهر والباطن". |
رد: وقفات مع القدوم إلى الله
وقفات مع القدوم إلى الله (12) الورع والقدوم إلى الله د. عبدالسلام حمود غالب الورع: هو الكف عن المحرمات والشُّبهات، وتجنب ما يريب النفس، والاحتياط في أمور الدين. الورع هو ترك ما لا بأس به؛ حذرًا مما به بأس. الورع هو اجتناب الشبهات؛ خوفًا من الوقوع في المحرمات. الورع هو الطريق الممهد للقدوم إلى الله، فمن أراد أن يقترب من الله تعالى، فعليه أن يتورع عن كل ما يبعده عنه. الورع يساعد على تطهير القلب من الشوائب؛ مما يجعله مستعدًّا لاستقبال نور الله تعالى. الورع هو صفة أساسية من صفات المؤمنين الصادقين، وهو طريق موصل إلى القرب من الله تعالى، فمن أراد أن ينال رضا الله، فعليه أن يتورَّع عن كل ما يغضبه، وأن يسعى جاهدًا إلى تحقيق القدوم إلى الله. ويرى العلماء أن الورع ليس مجرد ترك المحرَّمات، بل هو أيضًا ترك الشُّبهات والمكروهات، والاحتياط في الدين، وكذلك فعل الخيرات والقُرُبات والأعمال الصالحات. يُعتبر الورع من أعلى مراتب التقوى، وهو دليل على قوة الإيمان وصدق اليقين، ويساعد الورع على تطهير القلب وتزكية النفس، ويجعل العبد أقربَ إلى الله تعالى. أقوال العلماء في الورع: قال الحسن البصري: "الورع هو الوقوف عند الشبهة". قال يحيى بن معاذ: "الورع اجتناب كل ريبة، وترك كل شبهة". قال ابن القيم: "الورع هو اجتناب ما لا يقطع تحريمه خشية أن يكون حرامًا". قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأما الورع الواجب: فهو اتقاء ما يكون سببًا للذمِّ والعذاب، وهو فعل الواجب وترك المحرم". قال الحسن البصري: "مثقالُ ذرة من الورع خيرٌ من ألف مثقال من الصوم والصلاة". قال سفيان الثوري: "عليك بالورع يخفف الله حسابك، ودع ما يريبك إلى ما لا يريبك، وادفع الشك باليقين يسلم لك دينك". قال الجنيد: "الورع في الكلام أشد منه في الاكتساب". قال حبيب بن أبي ثابت: "لا يعجبكم كثرة صلاة امرئ ولا صيامه، ولكن انظروا إلى ورعه، فإن كان ورعًا مع ما رزقه الله من العبادة فهو عبدٌ لله حقًّا". قال يحيى بن معاذ: "الورع اجتناب كل ريبة، وترك كل شبهة، والوقوف مع الله على حد العلم من غير تأويل". أنواع الورع: • الورع الواجب: وهو ترك المحرمات التي حرمها الله تعالى. • الورع المستحب: وهو ترك الشبهات والمكروهات التي يخشى أن تؤدي إلى المحرمات. ما يساعد على اكتساب الورع: • العلم الشرعي: فمعرفة الحلال والحرام بوضوح يساعد على تجنب الشبهات والقدرة على التمييز بين الأمور المشتبهة. • التقوى ومراقبة الله واستشعار عظمة الله ومراقبته في كل الأوقات. • الخوف من عقاب الله ورجاء ثوابه يحفز على فعل الخيرات واجتناب المحرمات. • اجتناب الشبهات والابتعاد عن الأمور المشكوك فيها حتى لو كانت مباحة في الأصل. • محاسبة النفس ومراجعة الأفعال والأقوال بشكل دوري والاستغفار والتوبة عن أي تقصير أو خطأ. • الدعاء والتضرع إلى الله لتثبيت القلب على الورع والتقوى والدعاء بالهداية والتوفيق. • الصحبة الصالحة: فمصاحبة الأشخاص الورعين الذين يُذكِّرون بالله ويُشجِّعون على فعل الخير يساعد الإنسان على الورع، وكذلك تجنب الأشخاص الذين يتساهلون في الأمور الدينية. |
رد: وقفات مع القدوم إلى الله
وقفات مع القدوم إلى الله (13) د. عبدالسلام حمود غالب الاستغفار والقدوم إلى الله الاستغفار هو طلب المغفرة من الله عز وجل، وهو من أعظم العبادات التي تقرب العبد إلى ربه، وهو من أهم وسائل القدوم إلى الله تعالى؛ لما له من فوائد عظيمة في الدنيا والآخرة. الاستغفار هو مفتاح التوبة، فمن خلاله يعترف العبد بذنبه ويطلب المغفرة من الله تعالى. الاستغفار يطهر القلب من الذنوب والمعاصي، ويزيل عنه الهموم والأحزان؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن القلب ليصدأ كما يصدأ الحديد"، قيل: يا رسول الله، وما جلاؤه؟ قال: "تلاوة القرآن وذكر الموت". الاستغفار يزيد الإيمان في القلب، ويقوي الصلة بالله تعالى؛ قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [آل عمران: 135]. الاستغفار يجلب السعادة والراحة النفسية، ويزيل عن القلب الهموم والأحزان. الاستغفار من أسباب جلب الرزق وتيسير الأمور؛ قال تعالى: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ [نوح: 10-12]. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هَمٍّ فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب". صيغ الاستغفار: أستغفر الله: وهي أبسط صيغ الاستغفار. أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه: وهي صيغة شاملة للاستغفار والتوبة. سيد الاستغفار: "اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليَّ وأبوء بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت". أقوال العلماء في الاستغفار: الحسن البصري: "أكثروا من الاستغفار؛ فإنكم لا تدرون متى تنزل الرحمة". "استكثروا من الاستغفار، تجدوا الرزق معقودًا على جباهكم، وتأتكم الأرزاق من حيث لا تحتسبون". يقول قتادة: "إن هذا القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم، فأما داؤكم فالذنوب، وأما دواؤكم فالاستغفار". يقول ابن تيمية: "الاستغفار يمحو الذنوب، ويجلب الرزق، ويفرج الهمَّ، ويزيل الغم". "الاستغفار يفتح الأقفال، ويشرح البال، ويكثر المال، ويصلح الحال". يقول ابن القيم: "الاستغفار يورث المحبة، ويرفع الدرجات، ويكفر السيئات". "الاستغفار يزيل الوحشة التي بين العبد وربِّه، ويفتح له أبواب القرب والرضوان". يقول ابن رجب: "من عجز عن مشاركة المحبين بالجري معهم في ذلك المضمار، فلا أقل من مشاركة المذنبين في الاستغفار". يقول الفضيل بن عياض: "لم أجد غذاء ولا دواء خيرًا من الاستغفار". فالمؤمن مأمور بالاستغفار في جميع الأوقات، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكثر من الاستغفار، وهو سيد ولد آدم، قد غفر الله له ما تقدَّم من ذنبه، وما تأخَّر، ومع هذا كان يكثر من الاستغفار". معاني عميقة من الاستغفار: الاستغفار يتجاوز مجرد طلب المغفرة من الله؛ إنها رحلة روحية عميقة تهدف إلى تطهير النفس وتزكيتها، وإعادة الاتصال بالخالق، ومن هذه المعاني مايلي: 1- الاعتراف بالقصور البشري: الاستغفار هو اعتراف صريح بأن الإنسان ليس كاملًا، وأنه يخطئ ويذنب، وهو إقرار بالضعف البشري والحاجة الدائمة إلى رحمة الله ومغفرته، وهذا الاعتراف يكسر غرور النفس ويقود إلى التواضُع. 2- تطهير القلب والنفس: الذنوب والمعاصي تترك آثارًا سلبية على القلب والنفس، وتسبِّب الهمَّ والغمَّ فالاستغفار يعمل على تطهير القلب من هذه الآثار، ويجلب الراحة والطُّمَأْنينة، إنه بمثابة غسل روحي يزيل الأدران والشوائب. 3- تجديد العلاقة مع الله: الذنوب تخلق حاجزًا بين العبد وربه، وتشعر الإنسان بالبعد عن الله والاستغفار يزيل هذا الحاجز، ويعيد الاتصال بالله، ويقوي العلاقة به سبحانه وتعالى، وتعبير عن الرغبة في العودة إلى الله والتوبة إليه. 4- تحقيق السكينة والراحة النفسية: الاستغفار يجلب السكينة والراحة النفسية، ويزيل عن القلب الهموم والأحزان؛ فهو يمنح الإنسان شعورًا بالتصالح مع الذات ومع الله، ويُخفِّف من الشعور بالذنب. 5- الاستغفار ليس مجرد قول باللسان: الاستغفار الحقيقي يتطلب حضور القلب وصدق النية ويتضمن الندم على الذنب، والعزم على عدم العودة إليه، والعمل على إصلاح ما تم إفساده والاستغفار الحقيقي هو توبة نصوح. 6- الاستغفار كونه علاجًا للذنوب: الاستغفار هو دواء فعَّال للذنوب والمعاصي، فهو يزيل آثارها ويمنع تكرارها، فالاستغفار يمنح الإنسان فرصةً جديدةً للبدء من جديد، وتصحيح مساره. أوقات الاستغفار: الاستغفار مشروع في كل وقت وحين، ولكِنْ هناك أوقات يستحب فيها الإكثار من الاستغفار، منها: بعد الصلوات المفروضة: كان النبي صلى الله عليه وسلم يستغفر الله تعالى ثلاثًا بعد كل صلاة. في الثلث الأخير من الليل: وهو وقت السحر، وهو أفضل أوقات الاستغفار، قال تعالى: ﴿ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ ﴾ [آل عمران: 17]. عند ارتكاب الذنب: يجب على المسلم أن يستغفر الله تعالى فور ارتكاب الذنب. في كل وقت: الاستغفار مشروع في كل وقت وحين، ولا يقتصر على أوقات معينة. |
رد: وقفات مع القدوم إلى الله
وقفات مع القدوم إلى الله (14) د. عبدالسلام حمود غالب الذِّكر والقدوم إلى الله الذكر هو من أجلِّ العبادات التي يتقرَّب بها العبد إلى ربه، وهو من أهم وسائل القدوم إلى الله تعالى وأيسرها. ذِكْرُ الله تعالى من أعظم العبادات وأجلِّ القُربات؛ فهو غذاء الروح، ودواء القلب، ومفتاح السعادة، وجالب الخيرات، ودافع البليَّات. الذكر يزيد الإيمان في القلب، ويقوِّي الصلة بالله تعالى، والذكر يطرد الشيطان ويقمعه، ويحصن المسلم من وسوسته. الذكر من أسباب جلب الرزق، وتيسير الأمور، وهو يفرِّج الهموم ويزيل الكروب، ويجلب السعادة والراحة النفسية. الذكر من أحب الأعمال إلى الله تعالى، وهو من أسباب نَيل محبته ورضوانه. الذكر يطهِّر القلب من الذنوب والمعاصي، ويُزيل عنه الهموم والأحزان، والذكر من أعظم الحسنات التي تُثقل الميزان يوم القيامة. أنواع الذكر: ذِكْرُ القلب: وهو استحضار عظمة الله تعالى في القلب، والتفكر في آلائه ونعمه الظاهرة والباطنة. الذكر باللسان: وهو التلفظ بالأذكار والأدعية؛ مثل: التسبيح والتحميد، والتكبير والتهليل، وغيرها. ذكر الجوارح: وهو استخدام كافة الجوارح في طاعة الله تعالى، وليس في معصيته. أوقات الذكر: الذكر مشروع في كل وقت وحين، ولكِنْ هناك أوقات يُستحب فيها الإكثار من الذكر؛ منها: ♦ بعد الصلوات المفروضة. ♦ في الصباح والمساء. ♦ عند النوم والاستيقاظ. ♦ عند دخول المسجد والخروج منه. ♦ عند ارتكاب الذنب. ♦ في كل وقت وحين؛ فقد كان الرسول يذكر الله في كل حين، ولا يمنعه شيء عن ذكر الله، ويوجد غير ما سبق مما يُستحب فيه الذكر لله رب العالمين. أقوال العلماء في الذكر: يقول ابن القيم: "الذكر هو قوت القلوب، وغذاء الأرواح، وبه تُستجلب النعم، وتُستدفع النقم". "الذكر يُورث المحبة، ويرفع الدرجات، ويكفِّر السيئات" "الذكر يُزيل الوحشة التي بين العبد وربه، ويفتح له أبواب القرب والرضوان". يقول الحسن البصري: "تفقَّدوا الحلاوة في ثلاثة أشياء: في الصلاة، وفي الذكر، وقراءة القرآن، فإن وجدتم وإلا فاعلموا أن الباب مغلق". يقول ابن تيمية: "الذكر يطرد الشيطان، ويقمعه، ويحصن المسلم من وسوسته". "الذكر يفتح الأقفال، ويشرح البال، ويُكثر المال، ويصلح الحال". يقول النووي: "أجمع العلماء على جواز الذكر بالقلب واللسان للمحْدِث والجنب، والحائض والنفساء، وذلك في التسبيح والتحميد والتكبير، والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم والدعاء، ونحو ذلك". "الذكر يكون بالقلب ويكون باللسان، والأفضل منه ما كان بالقلب واللسان جميعًا، فإن اقتصر على أحدهما فالقلب أفضل". قال أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه: "لكل شيء جِلاء، وإن جلاء القلوب ذكر الله عز وجل". قال مالك بن دينار: "ما تلذَّذ المتلذذون بمثل ذكر الله عز وجل". ومما قيل في الذكر أيضًا: إنَّ الذكر نور للذاكر في الدنيا، ونور له في قبره، ونور له في معاده، يسعى بين يديه على الصراط. إنَّ بيوت الجنة تُبنى بالذكر، إذا أمسك الذاكر عن الذكر، أمسكت الملائكة عن البناء. لا خير في صحبة تحجب عن ذكر الله. قوة الأرواح والقلوب ذكر الله علَّام الغيوب. أروع القلوب قلب يخشى الله، وأجمل الكلام ذكر الله، وأنقى الحبِّ الحبُّ في الله. إنَّ الذكر رأس الشكر، فما شكر الله تعالى من لم يذكره. أهمية الذكر: ذكر الله يورث ذكر الله للعبد: قال تعالى: ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ﴾ [البقرة: 152]. ذكر الله يورث الطمأنينة: قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28]. ذكر الله أفضل الأعمال: عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألَا أُنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخيرٍ لكم من إنفاق الذهب والورِق، وخير لكم من أن تلقَوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ذكر الله تعالى))؛ [رواه الترمذي]. ذكر الله ينجي من عذاب القبر: عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما عمل آدميٌّ عملًا أنجى له من عذاب الله من ذكر الله))؛ [رواه أحمد]. آداب الذكر: الإخلاص:يجب أن يكون الذكر خالصًا لوجه الله تعالى. الخشوع والتدبر: يجب أن يكون الذكر مصحوبًا بالخشوع والتدبر في معانيه. الاستمرار: يجب أن يكون الذكر عادةً دائمة للمسلم. الذكر في كل وقت وحين: لا يقتصر الذكر على أوقات معينة، بل يجب أن يذكر المسلم ربه في كل وقت وحين. |
رد: وقفات مع القدوم إلى الله
وقفات مع القدوم إلى الله (15) د. عبدالسلام حمود غالب الصبر والقدوم إلى الله الصبر والتقرب إلى الله مرتبطان ارتباطًا وثيقًا؛ حيث يعتبر الصبر وسيلة أساسية للتقرب إلى الله، بينما يعتبر التقرب إلى الله معينًا على الصبر. الصبر هو: الحبس والكف؛ أي: حبس النفس عن الجزع والتسخُّط، وقيل أيضًا: الصبر: حبس النفس على فعل شيء أو تركه؛ ابتغاء وجهَ الله. الصبر ليس مجرد تحمُّل الألم أو الضيق، بل هو مفهوم أعمقُ وأشمل، يتضمن عدة جوانب: • الصبر هو القدرة على تحمُّل المشاقِّ والابتلاءات بوعيٍ وإدراك، دون فقدان الأمل أو الاستسلام لليأس، ومواجهة التحديات بثبات ورجاحة عقل، مع الحفاظ على الهدوء والسَّكينة الداخلية، والتسليم المطلق لقضاء الله وقدره. • يتضمن الصبر قبولَ ما لا يمكن تغييره، والرضا بقضاء الله وقدره، دون تذمُّر أو شكوى، والتسليم بأن لكل شيء حكمة، وأن الصعاب قد تحمل في طيَّاتها فرصًا للنمو والتطور والنجاح. • الصبر ينمي القوة الداخلية والعزيمة، ويجعل الإنسان أكثر قدرة على مواجهة الصعاب والتغلب عليها، والثقة بالنفس والقدرة على التحمل، والإيمان بأن الفَرَجَ قادم لا محالة. • الصبر فرصة للنمو الروحي والتقرب إلى الله؛ حيث يعزز الإيمان واليقين، ويجلب الأجر والثواب، ويعني الاستفادة من المحن لتقوية الصلة بالله، وتنمية الصفات الحميدة؛ مثل: الحِلم والتسامح، والإيثار وحب الخير للآخرين. • الصبر لا يتعارض مع الأمل والتفاؤل، بل هو يدعمهما، فلا شكَّ ولا ريب أن بعد العسر يسرًا، وأن الفرج قادم، حتى في أصعب الظروف. • الصبر هو قوة داخلية تمكِّن الإنسان من مواجهة الحياة بتوازن وثبات، والتعامل مع تحدياتها بحكمة ورضًا بما قسم الله، مع الإيمان بأن الخير كل الخير يكمن في كل ما يقدره الله للإنسان ويختاره. أنواع الصبر: يقول ابن القيم: "الصبر ثلاثة أنواع: صبر على طاعة الله، وصبر عن محارم الله، وصبر على أقدار الله المؤلمة". • الصبر على الطاعات: وهذا يتطلب صبرًا على مشقة العبادة والالتزام بها؛ فالصلاة، والصيام، والزكاة، والحج، وغيرها من الطاعات تحتاج إلى صبر ومجاهدة للنفس. • الصبر على اجتناب المعاصي والذنوب، وهذا يتطلب صبرًا على الشهوات والرغبات التي قد تدفع الإنسان إلى ارتكابها والابتعاد عنها. • الصبر على الأقدار والابتلاءات: يبتلي الله عباده بأقدار مختلفة؛ مثل المرض، والفقر، والمصائب، ويتطلب التقرب إلى الله الرضا بقضاء الله وقدره، والصبر على هذه الابتلاءات، فالصبر عاقبته خيرٌ؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراءُ شكر، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرًا له))؛ [رواه مسلم]. الصبر له ثمرات عظيمة في الدنيا والآخرة؛ ومن أهم هذه الثمرات: • نَيل محبة الله: قال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴾ [آل عمران: 146]. • معية الله: قال تعالى: ﴿ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الأنفال: 46]. • نَيل الأجر العظيم: قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 10]. • دخول الجنة: قال تعالى: ﴿ وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا ﴾ [الإنسان: 12]. ثمرات أخرى للصبر: • الصبر يكسب صاحبه قوةَ الإرادة والعزيمة. • الصبر يزيد من حكمة الإنسان ورجاحة عقله. • الصبر يقي الإنسان من الوقوع في اليأس والقنوط. • الصبر يُورث صاحبه الرضا والتسليم بقضاء الله وقدره. • الصبر يُعين على التغلب على المشاكل النفسية والاجتماعية. فالصبر هو سلاح المؤمن في مواجهة تحديات الحياة، وهو طريق الفوز بالدنيا والآخرة. أقوال العلماء في الصبر: يقول الغزالي: "الصبر على الطاعة أفضل من الصبر عن المعصية، لأن الطاعة هي المقصودة لذاتها، والمعصية هي المنهيُّ عنها". قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "ألَا إن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا قُطع الرأس بار الجسد، ثم رفع صوته فقال: ألا إنه لا إيمان لمن لا صبرَ له". قال عمر بن عبدالعزيز: "ما أنعم الله على عبدٍ نعمةً فانتزعها منه، فعاضه مكانها الصبر، إلا كان ما عوضه خيرًا مما انتزعه". يقول ابن القيم: "الصبر يوصل صاحبه إلى أعلى المقامات، وينال به رضا الله ومحبته". يقول السعدي: "الصبر سبب لنَيل الأجر العظيم، والفوز بالجنة، ومعية الله ونصره". يقول ابن القيم: "الصبر هو حبس النفس عن الجزع والتسخط، واللسان عن الشكوى، والجوارح عن لطم الخدود وشق الجيوب". الحسن البصري: "الصبر كنز من كنوز الخير، لا يعطيه الله إلا لعبد كريم عنده". يقول سفيان الثوري: "الصبر نصف الإيمان، واليقين الإيمان كله". يقول عمر بن الخطاب: "خير عيشٍ أدركناه بالصبر، ولو أن الصبر كان من الرجال كان كريمًا". |
رد: وقفات مع القدوم إلى الله
وقفات مع القدوم إلى الله (16) د. عبدالسلام حمود غالب الإحسان والقدوم إلى الله الإحسان هو أعلى مراتب الدين؛ وهو أن يعبد الإنسان ربَّه كأنه يراه، فإن لم يكن يراه فإنه يعلم أن الله يراه؛ كما جاء في حديث جبريل عليه السلام عندما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإحسان فقال: ((أن تعبدَ الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك))؛ [رواه البخاري ومسلم]. أما القدوم إلى الله، فهو يعني الرجوع إليه بالقلب والجوارح، والتوبة الصادقة، والسير في طريق مرضاته، فمن أراد القدوم إلى الله بحقٍّ، فعليه أن يسعى للإحسان في كل جوانب حياته. الإحسان كأسلوب للارتقاء الروحي: الإحسان في جوهره هو إدراك لحضور الله في كل لحظة، مما يجعل الإنسان يعيش في حالة وعيٍ دائم برقابة الله له في كل حركاته وسكناته، فيُحسِّن عمله وسلوكه؛ فالإحسان وسيلة لتصفية القلب والارتقاء بالنفس، ليصبح الإنسان أكثر قربًا من الله سبحانه. الإحسان هو قمة الأخلاق: فهو لا يقتصر على العدل، بل يتجاوزه إلى العطاء غير المشروط؛ حيث يتمحور الخير والعطاء حول التصرف وفق أسمى المبادئ والقيم الإسلامية، بغضِّ النظر عن المصلحة الشخصية، والعائد من ذلك التعامل والإحسان. الإحسان كوسيلة لإصلاح المجتمع: فعندما يصبح الإحسان في التعامل مع الآخرين ثقافةً سائدة، يتحول المجتمع إلى بيئة أكثر عدلًا ورحمة. الإحسان ليس مجرد فعل حسنٍ: بل هو حالة قلبية وروحية تدفع المؤمن إلى السعي نحو الكمال في كل ما يقوم به؛ ابتغاءَ مرضاة الله وقربه. الإحسان يشمل كل جوانب حياة المسلم: من علاقته بخالقه إلى علاقته بنفسه والآخرين والعالم من حوله، إنه السعي الدائم نحو الأفضل، مع استشعار رقابة الله وعلمه بكل دقيقة وجليلة. • الإحسان هو الزاد الذي نتزوَّد به في رحلتنا إلى الله، وهو النور الذي يضيء لنا الطريق إليه. • الإحسان هو الوقود الذي يدفعنا في رحلتنا إلى الله، وهو الزاد الذي نتزود به، وهو النور الذي يضيء لنا الطريق، إنه جوهر العبودية الحقة التي تؤهلنا للقاء الله تعالى، ونَيل رضاه وجنته. أقوال العلماء في الإحسان: يقول ابن القيم الجوزية: "الإحسان أن تبذل لله ما يحب، وتحب له ما يبذل لك؛ أي: إن الإحسان هو أن تعطي لله مما تحب، وأن تتقبل عطاياه برضًا". وقال أيضًا: "الإحسان هو فِعل كل ما هو جميل، وترك كل ما هو قبيح". ويقول: "مفتاح حصول الرحمة الإحسانُ في عبادة الخالق، والسعي في نفع عبيده". يقول ابن تيمية: "الإحسان أعلى مراتب الدين، وهو الإخلاص لله في كل عمل والقيام به على وجه الكمال". وقال أيضًا: "كلما زاد إحسان العبد في عمله وقصده، زاد قربه من الله". يقول الغزالي في كتابه (إحياء علوم الدين): "الإحسان هو أن تفعل الخير لوجه الله دون انتظار مقابلٍ، لأنك تعلم أن الله هو المجازي الحقيقي". وقال أيضًا: "الإحسان يكسب القلب نورًا وصفاءً، وهو سبيل الوصول إلى السعادة الحقيقية". يقول النووي: "الإحسان في العمل يكون بإتقانه وإخلاصه، والإحسان إلى الناس يكون بمعاملتهم بالرفق واللين". ويقول في شرحه لحديث جبريل: "هذا الحديث اشتمل على بيان الدين كله، الظاهر والباطن، فقوله الإسلام يتناول الأعمال الظاهرة، وقوله الإيمان يتناول الأعمال الباطنة، وقوله الإحسان يتناول إخلاص السريرة، ومراقبة الله تعالى في الأعمال الظاهرة والباطنة". يقول ابن رجب الحنبلي: "الإحسان هو أن تعامِل الله معاملة الحاضر الناظر، فتعبده كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك". يقول ابن عيينة في تفسير قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ﴾ [النحل: 90]: "العدل: الإنصاف، والإحسان: التفضُّل". قال يونس بن عبيد لرجلٍ: أوصِني، فقال: "أوصيك بتقوى الله والإحسان، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون". قال ابن حبان: "لا سبب لتسكين الإساءة أحسن من الإحسان". من صور الإحسان: يقول ابن عثيمين رحمه الله: "الإحسان نوعان: إحسان في عبادة الله، وإحسان إلى خلق الله، وكلاهما من أسباب السعادة في الدنيا والآخرة". 1. الإحسان في العبادة والطاعات؛ ويشمل ما يلي: • الإحسان في أداء الفرائض: بإتقانها، والمحافظة على أركانها وشروطها وسننها، مع الخشوع وحضور القلب، واستشعار عظمة الله. • الإحسان في النوافل والطاعات: بالاجتهاد فيها، والإخلاص في أدائها، والرغبة الصادقة في التقرب إلى الله. • الإحسان في الدعاء والذكر: بالإلحاح على الله، وحسن الظن به، والتدبر في معاني الأذكار. • الإحسان في التوبة والاستغفار: بالصدق في الندم، والعزم على عدم العودة إلى الذنب، والإكثار من الاستغفار، وإرجاع الحقوق إلى أصحابها. 2. الإحسان إلى الخلق في التعامل؛ ويشمل: • الإحسان إلى الوالدين: بالبر بهما، وطاعتهما في المعروف، والإحسان إليهما بالقول والفعل، والمال والدعاء لهم. • الإحسان إلى الأقارب: بصِلَة الرحم، وزيارتهم، وقضاء حوائجهم، والتودد إليهم. • الإحسان إلى الجيران: بكفِّ الأذى عنهم، وحسن الجوار، وقضاء حوائجهم، والمبادرة بالخير لهم. • الإحسان إلى اليتامى والمساكين والفقراء: بكفالتهم، وإطعامهم، وكسوتهم، ومدِّ يد العون لهم والسعي عليهم. • الإحسان إلى الضعفاء والمرضى وكبار السن: بالرحمة بهم، والعناية بهم، وتلبية احتياجاتهم وعدم السخرية منهم. • الإحسان إلى عامة المسلمين: بالنصيحة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باللين والحكمة، والدعاء لهم. • الإحسان إلى غير المسلمين: بالعدل والإنصاف في التعامل معهم، وعدم ظلمهم أو الاعتداء عليهم، والدعوة إلى الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة. • الإحسان إلى الحيوان: بالرفق به، وعدم تعذيبه، وتوفير حاجياته من طعام وشراب ومأوى، فالراحمون يرحمهم الرحمن. • الإحسان إلى البيئة: بالمحافظة عليها، وعدم إفسادها أو تلويثها. 3. الإحسان في العمل وإتقانه: • بأدائه على أكمل وجه، وبذل الجهد فيه، والحرص على جودته، والأمانة والصدق في كافة المعاملات. • والعدل والإنصاف في الأجور والحقوق. • وتطوير الذات والسعي لاكتساب المزيد من العلم والمهارة. 4. الإحسان إلى النفس: • بتزكيتها وتهذيبها، والحرص على الأخلاق الفاضلة، وتجنب الرذائل. • وتغذيتها بالعلم النافع، والعمل الصالح. • والمحافظة عليها بالاعتدال في الطعام والشراب، وتجنُّب ما يضرها. • وعدم إهلاكها أو تعريضها للخطر بلا مبرر. ومما قيل في الإحسان أيضًا: • الإحسان هو أن تجعل عملك أجملَ ما يمكن أن يكون. • الإحسان هو بذل المعروف ابتداءً، وكف الأذى انتهاءً، هذا القول يجمع بين الفعل الإيجابي، والكف عن السلبية، وهما أساس التعامل الحسن. • الإحسان هو أن تعطي أكثر مما يُطلَب منك، وأن تتوقع أقل مما تستحق، ويعكس روح العطاء والتواضع التي تميِّز المحسنين. • الإحسان زينة الأعمال، كما أن الروح زينة الجسد. • الإحسان لا يضيع عند الله، بل ينمو ويثمر خيرًا في الدنيا والآخرة. • أجمل الإحسان هو الإحسان في الخفاء؛ حيث لا يرجو صاحبه مدحًا، ولا يخاف ذمًّا إلا من الله. |
رد: وقفات مع القدوم إلى الله
وقفات مع القدوم إلى الله (17) د. عبدالسلام حمود غالب حسن الظن بالله والقدوم إلى الله حسن الظن بالله هو استشعارُ جميلِ صفات الله الحسنى؛ من كرمه ورحمته وقدرته، وعلمه وحكمته. هو أن يغلُب على قلب المؤمن الرجاءُ في فضل الله تعالى، والأمل في رحمته ومغفرته، وتوقُّع الخير منه في كل الأحوال. حسن الظن بالله يعني أن قلبك متجرد تمامًا من أي شكٍّ أو ريبة في عدل الله وحكمته في تدبير الأمور، حتى عندما تسير الأمور على غير ما تشتهي. عندما تحسن الظن بالله، فإنك تستشعر قوةَ الرجاء والأمل التي تدفعك لتجاوُز الصِّعاب والتحديات، ولتعلم أن الله معك، وأنه لن يخذلك، وأن بعد العسر يسرًا. حسن الظن بالله يفتح لك آفاقًا أوسعَ لفَهم صفات الله الحسنى، وتجلياتها في الكون وفي حياتك؛ فترى رحمته في اللطف الخفيِّ، وكرمه في العطاء الجزيل، وقدرته في تيسير المستعصي، وحكمته في التقدير الدقيق. حسن الظن بالله يحوِّل العبادة من مجرد أداء واجبات روتينية، إلى حالة قلبية راسخة من الثقة واليقين والتوكل. حسن الظن بالله يعلِّمك أن تتجاوز النظرة المادية الضيقة للأسباب والنتائج، ولتعلم أن الأمر كله بيد الله، وهو قادر على كل شيء. عندما تحسن الظن بالله، فإنك تحقق السلام الداخليَّ، والرضا بالقضاء والقدر، ولتعلم أن كلَّ ما قدَّره الله لك هو الخير، حتى وإن بدا لك في ظاهره غير ذلك. حسن الظن بثواب الله وجزائه هو دافع قويٌّ للعمل الصالح، والاجتهاد في الطاعات، فأنت تُقدِم على الخير وأنت واثق بأن الله سيقبله، ويضاعف لك الأجر. من أقوال العلماء في حسن الظن بالله: قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: "والذي لا إله غيره، ما أُعطي عبد مؤمن شيئًا خيرًا من حسن الظن بالله تعالى، والذي لا إله غيره لا يُحسن عبدٌ بالله عز وجل الظنَّ، إلا أعطاه الله عز وجل ظنَّه ذلك بأن الخير في يده"؛ هذا قول جليل القدر، يُبيِّن عظيمَ فضلِ حسن الظن بالله، وأنه مفتاح لنَيل الخير. قال الحسن البصري رحمه الله: "إن المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن العمل، وإن المنافق أساء الظن بربه فأساء العمل". قال قتادة رحمه الله: "اذكروا الله ذكرًا جميلًا، قيل: وما الذكر الجميل؟ قال: أن تذكروا الله وأنتم تظنون به الخير". قال إبراهيم التيمي رحمه الله: "كانوا يستحبون أن يُلقِّنوا العبد محاسنَ عمله عند موته، لكي يُحسن ظنه بربه"، وهذا يدل على أهمية استحضار الرجاء وحسن الظن بالله في تلك اللحظة الحاسمة. قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: "لا يزال العبد بخيرٍ ما دام يحسن الظن بالله ويرجوه". قال سفيان الثوري رحمه الله: "وأحسنوا إن الله يحب المحسنين، قال: أحسنوا بالله الظنَّ"، وهذا يفسِّر الإحسان بأنه إحسان الظن بالله. قال الإمام النووي رحمه الله في شرح حديث: ((أنا عند ظن عبدي بي)): "قال العلماء: معنى حسن الظن بالله تعالى: أن يظن أنه يرحمه ويعفو عنه". قال ابن القيم رحمه الله في (مدارج السالكين): "على قدر حسن ظن العبد بربه ورجائه له، يكون توكله عليه، وقال أيضًا: فأكثر الخلق بل كلهم إلا من شاء الله، يظنون بالله غير الحق ظنَّ السوء؛ فإن غالب بني آدم يعتقد أنه مبخوس الحق، ناقص الحظ، وأنه يستحق فوق ما أعطاه الله"، وهذا تحذير من الوقوع في سوء الظن بالله. وقال أيضًا: "حسن الظن بالله هو أن يظن العبد بربه كلَّ خير، وأن فضله أوسع من ذنبه، ورحمته سبقت غضبه، وأنه لا يتعاجزه مغفرةُ ذنبِ مَن استغفره، ولا يكِله إلى نفسه إذا توكل عليه، ولا يُخيبه إذا دعاه ورجاه". ثمرات حسن الظن بالله في الدارين: في الدنيا: راحة القلب وطمأنينة النفس: عندما يثق العبد بربه، ويُحسن الظن به، يزول القلق والاضطراب من قلبه، ويحل محلهما سكينةٌ ورضًا، فيعلم أن مدبِّر الأمر هو أحكم الحاكمين، وأرحم الراحمين. التفاؤل والأمل في الحياة: حسن الظن بالله يفتح أبوابَ الأمل، ويطرد اليأس، ويصبح المؤمن أكثر إيجابية وتفاؤلًا بمستقبله، وبما سيأتي به القدَر. قوة التوكل على الله: عندما يُحسن العبد الظنَّ بربه، فإنه يعتمد عليه ويثق به في كل أموره، ويسلِم له زمامَ حياته، وهذا يمنحه قوة وثباتًا في مواجهة التحديات. تيسير الأمور وتوفيق الله له: الظن الحسن بالله يجلب توفيقه وتيسيره؛ قال تعالى في الحديث القدسي: ((أنا عند ظن عبدي بي))، فبقدر ظنِّك الخير، يفتح الله لك أبواب الخير. البركة في الرزق: المؤمن الذي يُحسن الظن بالله، يسعى ويكدح وهو واثق بأن الله سيرزقه، وهذا اليقين يجلِب البركة في سعيه ورزقه. العلاقات الطيبة مع الناس: الشخص الذي يحمل قلبًا سليمًا مملوءًا بحسن الظن بالله، غالبًا ما يكون حسن الظن بالناس أيضًا، مما يجعله محبوبًا وقريبًا من الآخرين. القدرة على تجاوز المحن: في أوقات الشدة والابتلاء، يكون حسن الظن بالله هو السلوى والعزاء، يدفع المؤمن للصبر والاحتساب واليقين بأن بعد العسر يسرًا. النشاط والإقبال على العمل: الرجاء في ثواب الله وحسن الظن بقبوله، يدفع المؤمن للجدِّ والاجتهاد في عمله وعبادته. في الآخرة: المغفرة والرحمة: حسن الظن بمغفرة الله ورحمته عند التوبة والاستغفار هو سبب لنيلها؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يموتنَّ أحدكم إلا وهو يُحسن الظن بالله)). استجابة الدعاء: الظن بالإجابة عند الدعاء من علامات حسن الظن بالله، وقد وعد الله بالإجابة لمن دعاه سبحانه. الفوز بالجنة والنجاة من النار: الرجاء في رحمة الله وعفوه وكرمه هو الذي يدخل العباد الجنةَ، ويُنجيهم من النار. رضا الله تعالى عنه: حسن الظن بالله هو من موجبات رضا الله عن عبده، فالله يحب من يرجوه ويثق به. فاجعل - أخي الكريم - حسن الظن بالله رفيقَك الدائم، تنعَم ببركاته وخيراته في الدنيا والآخرة. |
الساعة الآن : 06:22 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour