ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   رمضانيات (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=23)
-   -   رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=233428)

ابوالوليد المسلم 14-04-2022 07:00 PM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
صيام رمضان سبب للعتق من النار



عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا كانت أول ليلة من رمضان، صُفدت الشياطين، ومردة الجن، وغُلِّقت أبواب النار، فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة، فلم يُغلق منها باب، ونادى مناد: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك في كل ليلة»، (رواه بن ماجه (1642)، والحاكم (1532)[1].

وعن أنس رضي الله عنه قال: دخل رمضان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا رمضان قد جاءكم، شهر مبارك، فَرَضَ الله عز وجل عليكم صيامه، إذا كانت أول ليلة من رمضان صُفِّدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار، فلم يُفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة، فلم يُغلق منها باب، ونادى مناد: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك في كل ليلة حتى ينقضي رمضان، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرمها فقد حُرم الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا محروم»، (رواه ابن ماجهبرقم (1644)، وغيرُه[2].

وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يوم من شعبان، فقال: «أيها الناس، قد أظلَّكم شهر عظيم، شهر مبارك، شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار»، (رواه ابن خزيمة برقم (1887)[3].

[1] صحيحٌ: قال الحاكم رحمه الله في "المستدرك" (1/ 582): حديث صحيح على شرط الشيخين.اهـ
وراجع: "صحيح وضعيف ابن ماجه" ـ عقب الرقم السابق ـ، والله أعلم.
[2] حسنٌ بشواهده: راجع: "الترغيب والترهيب" (2/ 99)، و"تحقيق المسند" (12/ 59).
[3] حسنٌ بشواهده: قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "التلخيص الحبير" (3/ 118): أخرجه بن خزيمة في "صحيحه"، وعلَّق القول بصحته، واعتُرض على استدلال الإمام به، والظاهر: أن ذلك من خصائص رمضان، ولهذا قال النووي استأنسوا به، والله أعلم.اهـ

قلت: وقد حسَّنه بعض العلماء؛ بكثرة شواهده، وعمل السلف بمدلوله، وتناقلهم له، والله أعلم.
__________________________________________________ _
الكاتب: فواز بن علي بن عباس السليماني











ابوالوليد المسلم 14-04-2022 07:02 PM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك


هبة حلمي الجابري



دعوات كثيرًا ما كانَتْ تردِّدُها جدتي رحمة الله عليها بفطرتها النقية، أسمعها وأنا صغيرة ويقف عقلي الصغير عاجزًا عن فهمها وتفسيرها: (يكفيك شر المتداري والمستخبي)، وكبرت قليلًا فإذا بي أجد معناها في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم؛ فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كانَ مِن دُعَاءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِن زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ»؛ (رواه مسلم).

ومع مرور الأيام ومطالعة الدروس في مدرسة الحياة عرَفْتُ عِظَمَ هذه الكلمات وما وراءها من معانٍ نحن عنها غافلون رغم أننا بها محاطون، نراها ونسمعها فلا نعيها، ونمر عليها مرور الكرام وكأنها لا تعنينا.

نَعم نعيش في نِعَم الله، ووعدنا الله سبحانه وتعالى بالزيادة مع الشكر والطاعة؛ يقول ربنا عز وجل في كتابه الكريم: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7]، نتقلب ليلَ نهارَ في أنواع من النعم، وقد نغمض أعيننا عن كل ذلك ولا نرى إلا ما نظن أنه شر، رغم أنه قد يكون عين الخير، وبين طيات المحن نجد المنح.

ولكن تظل الدنيا دار ابتلاء، فيا ترى هل كتب الله علينا الابتلاء بالخير أم الشر؟ قال تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء: 35]، وكل ذلك قد يأتي فجأة دون سابق إنذار.

أما نذكر ذلك الذي خرج من بيته يحمل آمالًا تبلغ الآفاق فإذا به يعود إليه محمولًا على الأعناق مريضًا عاجزًا عن الحركة كما كان، وتضيع تلك الآمال؟ فإذا خرجنا وعدنا سالمين فلنتذكر تلك النعمة، ولنستعذ بالله من زوال نعمته وتحوُّل عافيته.

ألا نتذكَّر ذلك العامل الذي طرد من عمله دون سبب، وذاك الذي أقعده المرض عن العمل وأنفق كل ما يدخره من الأموال فأصبح بعد الثراء لا يجد ما يسد به رمق جوع الصغار ويقترض من هذا وذاك؟! فحين نذهب للعمل، أو ونحن نشتري ما لذ وطاب فلنحمد الله على نعمه ونستعيذ بالله من زوال نعمته وتحوُّل عافيته.

أما رأينا بيتًا كان يعيش عيشة هانئة مطمئنة فإذا بحدث واحد يُبدِّل الأمن خوفًا، وقد يتفرَّق الأحباب؟
فحين يجلس الزوجان في ودٍّ ورحمة يغمر بيتهما التفاهم والمودة والرحمة والسكينة، فليستعيذا بالله من زوال نعمته وتحوُّل عافيته، فكم فرَّق الشيطان بين الأحباب لأتفه الأسباب!

وإذا كنا بين أبنائنا وهم يلعبون ويضحكون في صحة وعافية، فلندعو لهم ونستعيذ بالله من زوال نعمته وتحوُّل عافيته، فكم من مكلوم فقد ابنًا أو ابنة فغابت الفرحة عن قلبه، أو سقط أمامه صريع المرض يذبل أمامه وهو عاجز لا يدري كيف يخفف ألمه.

أما سمِعْنا عن بلد كان يعيش في أمن واستقرار فإذا بالحرب تدخل بلا استئذان، وتقضي على الأخضر واليابس، ويتبدَّل الحال وتضيع الأموال، يفر البعض ويقتل غيرهم، والباقي يعيش في خوف ولا يعرف ما تأتي به الأيام؟! فكل يوم حين نستيقظ فنجد أنفسنا آمنين في بيوتنا، معافين في أجسادنا، نملك قوت يومنا لا ننسى حينها أن يفيض قلبنا شكرًا وحمدًا لله، وأن نستعيذ بالله من زوال نعمته وتحوُّل عافيته.

بل أما رأينا طائعًا عابدًا تبدَّل حاله؟ تلك التي خلعت الحجاب وبدَّلت الجلباب بالضيق والقصير من الثياب، ونرى عجب العجاب من التي غطَّتْ وجهها بالمساحيق بعد أن كانت تستره بالنقاب!

هذا الذي أصبح يتكاسل عن الصلاة وبدَّل الأصدقاء الأتقياء الأنقياء بأصحاب المعاصي الأشقياء.

فإذا رأيناهم ورأينا أنفسنا على الطاعة فلا نغتر، ولنستعذ بالله من زوال نعمته وتحوُّل عافيته.

وهكذا في كل نعمة أسبغها الله علينا باطنة وظاهرة نتذكَّرها فنحمد الله عليها ونلهج بهذا الدعاء، سائلين المولى ألا تزول.

ثم ما يدرينا ما تصنعه بنا معاصينا؟
قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30]، وقال سبحانه: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} [الأنعام: 44]؛ أي: آيسون من كل خير.

فإلى متى سيمهلنا ربنا ويحلم علينا؟ هل سيعاقبنا بما كسبت أيدينا؟ قد يأتي العقاب بغتة ونحن على غفلة؛ فكان جديرًا بنا أن نعوذ بالله من فجاءة نقمته وجميع سخطه.

هذا وهذه وتلك وذاك صفحات من كتاب الحياة نجد فيها حالات من زوال النعم وحلول النقم أو تحول الحال من العافية في الدين والدنيا إلى البلاء ولكننا نتخطاها ولا نقف لنقرأها بإمعان، فيأتي هذا الدعاء ليذكرنا أن نتعلق بالله فالأمر كله بيديه، وعلينا أن نتوجه بقلوبنا إليه، ندعوه ليكفينا شر ما قد يكون في المقبل من الأيام من نقم وأسقام، ندرك يقينًا أن من كان مع الله فاز، فبيده وحده الأسباب وكم رد الدعاء من بلاء ونجَّى من شقاء، وحفظ الله به الأبدان والأموال، فلنكثر من هذا الدعاء: ((اللَّهُمَّ إنَّا نَعُوذُ بكَ مِن زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ)).











ابوالوليد المسلم 14-04-2022 07:04 PM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
فضل السحور وبركته



الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:
فلقد حث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أمته على السحور، وتناول شيء من المأكولات والمطعومات قبل الشروع في عبادة الصوم؛ وما ذاك إلا تقوية لأبدانهم، وإعانة على عباداتهم، مما يؤكد ويدل على أهمية وبركة السحور للصائم في شهر رمضان، وفي غير من الأيام والشهور؛ فعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تسحَّروا؛ فإن في السَّحور بركةً»؛ (أخرجه البخاري (١٩٢٣)، ومسلم (١٠٩٥)).

ومعنى قوله عليه الصلاة والسلام: ((تسحروا))؛ أي: تناولوا الطعام قبل وقت السحر، وهو قبيل طلوع الفجر الصادق.
وقوله عليه الصلاة والسلام: «فإن في السحور بركةً»؛ أي: زيادة في النماء والخير والاستقواء على صيام نهار رمضان، وفيه مزيد من الأجر والثواب؛ نظرًا لاتباع هديِ النبي صلى الله عليه وسلم، فالسحور يجمع بين البركة المادية والبركة المعنوية.

مفهوم السحور:
والسُّحور (بضم السين): هو الفعل نفسه من تناول أكل وطعام السحر.
والسَّحور (بفتح السين): هو اسم لما يتسحر به من طعام السحر وشرابه.

حكم السحور:
يستحب السحور للصائم، سواء كان الصوم صوم فرض أو صوم تطوع؛ لحديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تسحروا؛ فإن في السحور بركةً»؛ (أخرجه البخاري (١٩٢٣)، ومسلم (١٠٩٥)).

وعن زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه: ((أنهم تسحروا مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قاموا إلى الصلاة، قلت: كم بينهما؟ قال: قدر خمسين أو ستين؛ يعني: آيةً))؛ (صحيح البخاري/ ٥٧٥)؛ أي: بمعنى بقدر ما يقرأ الرجل خمسين آيةً؛ ما يدل على القرب الزمني بين تناول السحور، وصلاة الفجر؛ ومما يؤكد هذا المعنى كذلك حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه: ((أن نبي الله صلى الله عليه وسلم وزيد بن ثابت تسحرا، فلما فرغا من سحورهما، قام نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة، فصلى، قلنا لأنس: كم كان بين فراغهما من سحورهما ودخولهما في الصلاة؟ قال: قدر ما يقرأ الرجل خمسين آيةً))؛ (أخرجه البخاري/ ٥٧٥).

وفي الحديث إشارة إلى حسن عشرة النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه رضي الله تعالى عنهم جميعًا، وتواضعه لهم؛ حيث كان يأكل ويتسحر معهم صلى الله تعالى عليه وسلم.

• ومشروعية السحور محل إجماع بين العلماء، ولا خلاف بينهم فيه، ونقل الإجماع غير واحد من أهل العلم؛ ومنهم ابن المنذر، وابن قدامة، والنووي، وغيرهم.

وقت السحور:
يستحب تأخير السحور إلى آخر الليل وقريب الفجر؛ لحديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه: ((أن نبي الله صلى الله عليه وسلم وزيد بن ثابت تسحرا، فلما فرغا من سحورهما، قام نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة، فصلى، قلنا لأنس: كم كان بين فراغهما من سحورهما ودخولهما في الصلاة؟ قال: قدر ما يقرأ الرجل خمسين آيةً))؛ (أخرجه البخاري/ ٥٧٥).

وكان الفرق بين الصلاة والسحور قدر خمسين آيةً؛ أي: بقدر قراءة خمسين آيةً على قراءتهم المعتادة.

ويستحب التسحر على تمر؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «نعم سحور المؤمن التمر»؛ (رواه ابن حبان بإسناد صحيح).

الحكمة والغاية من السحور:
إن للسحور حكمًا كثيرة، ومقاصدَ جليلة، وغايات عظيمة؛ ومنها:
1- الاقتداء بهدي النبي صلى الله عليه وسلم، وسنته القولية والفعلية.

2- في السحور مخالفة لأهل الكتاب، بكونهم لا يتسحرون؛ والدليل على ذلك حديث عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب، أكلة السحر»؛ (رواه مسلم/ ١٠٩٦).

3- في السحور النماء والخير والبركة بأنواعها المادية والمعنوية، وتحصيل الأجر والثواب عند القيام به.

4- في السحور تقوية للبدن على صيام النهار، لا سيما في الأوقات الحارة من الأيام.

5- السحور سبب في إعانة العبد المؤمن على أداء الطاعات والعبادات لله عز وجل في نهار رمضان.

6- في السحور فوائد صحية عظيمة يعود نفعها على الصائم وهي كثيرة؛ ومنها: تنشيط الجهاز الهضمي، والمحافظة على مستوى السكر في الدم فترة الصيام، والحماية للجسد من الجفاف في نهار رمضان، وغيرها من الفوائد الصحية الكثيرة التي يذكرها أهل الاختصاص.

• ويحصل ويتحقق السحور بقليل الطعام والشراب وكثيره، ولو بجرعة من ماء؛ لحديث عبدالله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال: «تسحروا، ولو بجرعة ماء»؛ [الأرنؤوط/ تخريج المسند (١٧/ ١٥١)، إسناده حسن]، ولحديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «السحور كله بركة؛ فلا تدعوه، ولو أن يجرع أحدكم جرعةً من ماء، فإن الله عز وجل وملائكته يصلون على المتسحرين»؛ (الألباني/ صحيح الترغيب (١٠٧٠)، حسن لغيره)، ومعنى "صلاة الله عز وجل على عباده": أي: الثناء عليهم، و"صلاة الملائكة على العباد": أي: الدعاء والاستغفار لهم.


هذا ما تيسر إيراده، نسأل الله تعالى أن يجعله من العلم النافع والعمل الصالح، وأن يجعله لوجهه الكريم خالصًا، ونسأل الله العلي الأعلى من فضله العظيم.


والحمد لله رب العالمين.
__________________________________________________
الكاتب: د. كامل صبحي صلاح










ابوالوليد المسلم 15-04-2022 11:32 AM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
الإسراف في رمضان



قال تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا} [الأعراف: 31].

وقال سبحانه: {وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأنعام: 141].

قال سفيان بن عُينية في قوله تعالى: {وَلَا تُسْرِفُوا}: ما أُنفِق في غير طاعة الله يعتبر سرفًا وإن كان قليلًا".

وقال ابن كثير رحمه الله في قوله سبحانه: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا} [الفرقان: 67]: "أي ليسوا بمبذِّرين في إنفاقهم، فيَصرِفون فوق الحاجة، ولا بخلاء على أهليهم، فيقصِّرون في حقِّهم فلا يَكْفُونهم؛ بل عدلًا خيارًا، وخير الأمور أوسطها، لا هذا ولا هذا"[1].

وقال ابن عباس في قوله تعالى: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِي} نِ ﴾ [الإسراء: 27]: هم الذين يُنفِقون المال في غير حقه.

وقال مجاهد: "لو أنفق إنسان ماله كلَّه في الحق، لم يكن مبذِّرًا، ولو أنفَق مُدًّا في غير حق، كان مبذِّرًا"[2].

وفي حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كُلوا وتَصدَّقوا والبَسوا في غير إسرافٍ ولا مخيلة»[3].

والإسراف ظاهرة لقومٍ لا يرجون لله وقارًا، ولا يحترمون نِعَمَ الله عز وجل، وبدلًا من أن يكون شهر رمضان شهرَ الاقتصاد، والمحافظة على الأوقات، واغتنام اللحظات، نجد أن كثيرًا من المسلمين أسرَفوا في رمضان.

صور الإسراف:
1- الإسراف في الطعام والشراب: من الناس من يستعد لاستقبال رمضان بالطعام والشراب والخزين من السكر والزيت والأرز، وتُضيع المرأة وقتها الثمين في رمضان في إعداد الطعام الذي يبدأ من الظُّهر حتى أذان المغرب، وعند المدفع تجد المائدة مملوءةً بما لذَّ وطاب، وما زاد عن الحاجة، فيكون عُرضةً للإتلاف والرمي، وسبحان الله! استهلاك المسلمين يزيد في رمضان، وأوزان المسلمين تزيد في رمضان، فنخرج من الصيام وما حقَّقْنا معنى الصوم، ولا حصَّلنا التقوى.. يحدث هذا وملايين المسلمين في القارة الإفريقية جوعى، والمسلمون في فلسطين وقطاع غزة لا يجدون الكفاف.

وقد حذَّر النبيُّ صلى الله عليه وسلم من الشِّبع والتخمة، فقال: «ما ملأ آدميٌّ وعاء شرًّا من بطنه، بحسْبِ ابن آدم أُكُلاتٌ يُقِمنَ صُلبَه، فإن كان لا محالة فثُلُثٌ لطعامه، وثلُث لشرابه، وثلُث لنفَسِه»[4] ، وقال بعض السلف: (جمع الله الطبَّ كلَّه في نصف آية، هي {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا} [الأعراف: 31].

والتخمة في رمضان عند الإفطار تُفقِد المسلمَ حلاوة المناجاة، ولذَّةَ العبادة والذِّكر.

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «من كثر أكلُه، لم يجد لذِكرِ الله لذةً».

وقال إبراهيم بن أدهم: "مَن ضبَط بطنَه ضبَط دينَه، وإن معصية الله بعيدة من الجائع، قريبةٌ من الشبعان".

وقال لقمان: "يا بُنيَّ، إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة، وخَرِسَتِ الحكمة، وقعَدت الأعضاء".

فيا عجبًا أن يتحوَّل شهر الصيام إلى شهر الطعام، وإذا أردتَ أن تعرف هل صُمتَ حقًّا، فعليك بأن تزن نفسك لتعرف وزنك الليله الأولى من رمضان، ثم انظر في ليلة العيد هل زاد وزنُك أو نقص؛ فهذا معيار لا يخطئ.

2- الإسراف في النوم: خاصة في النهار، والعجيب أن هؤلاء يسرفون في سهرٍ لا طائل من ورائه.. سهر ضائع في القيل والقال، وعلى المقاهي والسهرات الرمضانية وأمام التلفاز، ثم يأتي أحدهم بعد السهر الطويل ليتسحَّر، ثم ينام قبل الفجر، ولا يستيقظ إلا قرب العصر أو على مدفع الإفطار، فيحلم أنه صام رمضان، وهذا من عدم فقه المرء بلحظاتِ ودقائق رمضان الغالية، التي قال عنها القرآن: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 184]، تمرُّ كالبرق الخاطف أو كلمح البصر، ولا تُعوَّض أيامه ولياليه، ولله در القائل:
ألقاهُ شهرًا لكن في نهايتِه *** يمضي كطَيفِ خيالٍ قد لَمَحْناهُ

3- الإسراف في تضييع الأوقات: المسلمون اليومَ يتفنَّنون في ضياع أوقاتهم، وتسلية صيامهم فيما لا طائل من ورائه، أين نحن من السلف الصالح الذين كانوا يحرصون على أوقاتهم كحرصِنا على أموالنا، فلا يضيعون لحظة في غير طاعة؟! قال الحسن: (أدركتُ أقوامًا كان أحدهم أشحَّ على عمره منه على درهمه).

وحثَّ الرسول على استثمار الوقت، فقال: «اغتنم خمسًا قبل خمس، وعدَّ منها: فراغَك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك».

ابدأ يومك باسم الله، وحدِّد لنفسك أعمالك الأهمَّ فالمهم، وقسِّم الوقت المتاح على هذه الأعمال، ولا تؤجِّل عمل اليوم إلى الغد؛ فيتراكم عليك عملُ اليومين، وكن مثالًا في الحفاظ على الوقت، والاهتمام بالمواعيد، واعلم أن الواجبات أكثر من الأوقات، فعاوِن غيرَك على الانتفاع بوقته، وإن كان لك مهمة فأَوجِز في قضائها، وتَذكَّر أن الوقت هو الحياة.

فالوقتُ أثمَنُ ما عُنيتَ بحفظِه *** وأراه أسهلَ ما عليك يضيعُ

4- الإسراف في الكلام: هناك من الناس من يطلق لسانه في رمضان، ولا يحفظ للشهر حرمة، وغالبًا من تكلَّم كثيرًا أخطَأ كثيرًا، وقد حذَّر النبي من ذلك؛ فقد صح عنه أنه قال: «إن الرجل لَيتكلَّمُ بالكلمة لا يُلقي لها بالًا من سخط الله، فيزلُّ بها في النار سبعين خريفًا»[5].

وقال عطاء بن أبي رباح: (إن من كان قبلكم كانوا يكرهون فضول الكلام، وكانوا يعدون فضولَه ما عدا كتاب الله أن تقرأه، وتأمر بمعروف، وتنهى عن منكر، وتنطلق بحاجتك في معيشتك التي لا بد منها.. أتُنكِرون أن عليكم كرامًا كاتبين؟!)[6].

وكتب عمر بن العزيز إلى بعض أصحابه: "أما بعدُ، فإن من أكثر ذِكرَ الموت رضي من الدنيا باليسير، ومَن عَدَّ كلامه من عمله، قلَّ كلامه إلا فيما ينفع، والسلام"[7].

واجب عملي: عليك بالاقتصاد في الطعام والشراب والنوم، وكن معتدلًا في كل شيء، وحافِظْ على وقتك.
[1] تفسير ابن كثير 6 /110.
[2] تفسير ابن كثير 5 /63.
[3] رواه النسائي في الصغرى (2560) وغيره بسند صحيح.
[4] رواه النسائي في الكبرى (6711).
[5] رواه البخاري (6478).

[6] إحياء علوم الدين 3 /96.

[7] سير أعلام النبلاء.
__________________________________________________ _
الكاتب: عصام محمد فهيم جمعة












ابوالوليد المسلم 15-04-2022 12:05 PM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
عزيمة من حديد


هبة حلمي الجابري



شهر رمضان بالنسبة لنا فرصة عظيمة لاختبار قوة العزيمة والإصرار، لكن بشرط أن يكون عندنا عزم على الإصلاح، والبعد عن كل سبب يمنعنا من التغيير، والابتعاد عن كل صاحب سوء أو أداة فساد، والحرص على مرافقة كل شخص يمكن أن يعيننا، ويساعدنا على الوصول إلى طريق السعادة والنجاة.
كثير منا يتمنى أن يتوب وأن يرجع عن المعاصي، يتمنى أن يعود للإقبال على الطاعة كما كان في الماضي، يتمنى أمورًا كثيرة، لكنَّ العزيمةَ صفرٌ!
كلها أمانيُّ لن تنتقل للواقع بدون إرادة وعزيمة صادقة؛ قال تعالى‏:‏ { فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} [محمد: 21]‏، وإن كانت هذه الأماني أول خطوة في طريق التغيير، لكن لا بد أن نكمل طريقنا ولا نقف عندها، فما كان التغيير يومًا بالأماني، وما دامت العزيمة من ورق، فليس هناك أمل، وحتى إذا كان لدينا عزيمة صادقة دون ترجمتها لفعلٍ، فما الفائدة؟!
إن الأمر لَتَحَدٍّ مع النفس، معركة بيننا وبين أنفسنا والشيطان، ونستطيع أن نربحها بكل بساطة لو كان عندنا إرادة، فلنغلق أعيننا ونتخيل فرحة الشيطان بهزيمتنا وانتصاره علينا، هذا وحده يكفينا حتى نحاول بكل قوتنا أن ننتصر عليه.
فماذا نفعل لتقْوَى عزيمتنا؟
حتى تقوى عزيمتنا لا بد أن نقوي صلتنا بالله سواء بالعبادات القلبية أو الفعلية؛ مثلًا:
1- تقوية عناصر الإيمان بالله وبصفاته العظيمة، وبقضائه وقدره، وصدق التوكل عليه، وحسن الظن به، والقراءة عن أسماء الله وصفاته ونشعر بمعناها.
2- تغيير نظرتنا للعبادات من مجرد تأديتها بشكل روتيني إلى الشعور بمعانيها؛ مثلًا نؤدي الصلاة ليس لمجرد التأدية، بل بانتظام وخشوع وخضوع لله، وهذه وسيلة تقوِّي إرادتك على مخالفة كثير من أهواء النفس، والصيام بالتزام تام واحتساب لله وسيلة لتقوية الإرادة، وهكذا في كل العبادات.
3- التزام الطاعة في كل ما أمر الله به، والبعد عن كل ما نهى الله عنه، وندرب أنفسنا عمليًّا على مقاومة أهواء النفس ومخالفة شهواتها، مع المسارعة إلى فعل الخير قبل وجود الموانع، أو قبل أن نشعر بالكسل بسبب الشيطان أو النفس.
4- كثرة الذكر، وتلاوة القرآن، والاستغفار، والدعاء.
5- الجد والحزم والانتظام والنظام، عن طريق تنظيم الوقت وعمل جدول مناسب، مع البدء بالأهم والتركيز عليه؛ حتى يصبح عادة نقوم بيها بشكل تلقائي وبكل سهولة.
6- عدم الحزن على ما فات، والنظر إلى الأمام دائمًا، مع جعل الأحلام مناسبة للقدرات، والبعد عما هو بعيد المنال مستحيل التنفيذ.
7- التفاؤل بالخير، والبعد عن التشاؤم، مع تمام حسن الظن في الله، واليقين بأننا نستطيع أن نتغير إذا استعنَّا بالله.
8- نضع دائمًا ابتغاء مرضاة الله عز وجل هدفًا أمامنا، مع التفكير في الجائزة العظمى؛ وهي الجنة وما أعده الله فيها للمتقين؛ ونتذكر دائمًا قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى } [النازعات: 40].
ليس هذا فقط، بل نحتاج إلى بعض المحفزات:
1- الاستعانة بالله، والتضرع، والانكسار، والافتقار الدائم المستمر بين يديه، وسؤال الله أن يعيننا على "ذكره وشكره وحسن عبادته"، وغيره من الأدعية.
2- الإكثار من الاستغفار، فمن لزمه، جعل الله له من كل همٍّ فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب، وبُورك في وقته وعمره.
3- التقوى، وذلك بامتثال أوامر الله وتجنب نواهيه، ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾ [الطلاق: 4].
4- القراءة عن الجنة وجمالها، وما أعده الله سبحانه وتعالى لعباده المؤمنين فيها.
5- القراءة عن الصحابة والسلف الصالح، وعن عبادتهم لله، وأخلاقهم، وزهدهم في الدنيا، وتعلقهم بالله.
6- مصاحبة أصحاب الهمم العالية، فصحبتهم لها تأثير عجيب في التغيير من واقع الإنسان وأخلاقه وسلوكه.
7- القراءة في كتب فضائل الأعمال وما أعده الله لكل عمل من ثواب؛ حتى يكون لك حافزًا للمسارعة في الأعمال الصالحة؛ مثلًا: فضل قراءة القرآن، فضل قيام الليل، فضل الذكر ...
8- كثرة الشكر والحمد لله عند حصول نعمة دينية؛ فالله هو من وفَّقنا لها وسهَّلها علينا، وحبَّبها إلى قلوبنا؛ قال تعالى: { لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ } [إبراهيم: 7].
لو عملنا بهذه الوصية في حياتنا، لحلَّت عندنا عقدًا كثيرة كنا نعاني منها، سواء أكانت تكاسلًا عن بعض الطاعات، أو حبًّا لبعض المعاصي، ثم نبدأ بعدها في أن نرتقي من حال لحال، باتباع هذا المنهج، وهو "التعود على المجاهدة".
التطبيق العملي:
جدد في قلبك الإيمان والتوبة دائمًا، واجعل لسانك رطبًا بذكر الله، مع البحث عن صديق يعينك على طاعة الله، وأداء العبادات في أوقاتها مع تخصيص وقت يوميًّا لـ:

• القراءة عن أسماء الله وصفاته.
• القراءة في وصف الجنة، وأنصحك بكتاب حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح لـ"ابن قيم الجوزية".
• القراءة عن فضائل الأعمال، وأنصحك بكتاب الترغيب في فضائل الأعمال وثواب ذلك لـ"ابن شاهين".










ابوالوليد المسلم 15-04-2022 12:14 PM

رد: نحو رمضان مختلف
 

نحو رمضان مختلف (5)

صلوات خاشعة



سعد الكبيسي

الخشوع لبُّ الصلاة ومن أهم مقاصدها العظيمة {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ}.

ويتحقق هذا المقصد في رمضان بشكل أكبر وبمعينات أكبر من خلال التنبه للآتي:

أولا: في ليل رمضان صلاة وقيام، والليل موطن السكون والخلوة والتأمل، وكل هذه توفر إمكانا أكبر لخشوع أكثر كمالا وجمالا وعمقا.

ثانيا: في نهار رمضان صلاة وصيام حيث يتخفف الجسد مما يثقله ويصرفه عن كمال الخشوع، ففي النفس إقبال وفي الجسد انكسار وفي القلب راحة، توجه الملكات للاستغراق في خشوع أفضل وأتم.

ثالثا: رمضان شهر القرآن وطعم القرآن المختلف في الصلاة يخلق طعما مختلفا للخشوع فيها، فعلى قدر التدبر في القرآن في الصلاة سيكون قدر الخشوع المتحصل منها.

رابعا: ثمة هدية عظيمة من رب العزة والجلال أن تزاح الشياطين من طريق التعبد والصلاة والخشوع في رمضان، لتفسح المجال أمام الملائكة بأن ينفردوا بالتأثير على ملكات ونوازع الخير في النفس وسد منافذ الوسوسة.

خامسا: إن طمع المسلم أن يكون ممن يشمله قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" سيكون حافزا عظيما نحو توجيه البال وحصر الهم وتكثيف الانشغال بالتوجه والإنابة والخشوع في هذا القيام، ليكون القيام أكمل والمغفرة أتم وأعظم.

سادسا: إن الخشوع لذة من لذات الصلاة ولذة من لذات النفس، حيث تلقي النفس أثقالها وهمومها وغمومها بين يدي ربها، فتكون الصلاة حينئذ محط راحة لا أداء واجب فحسب.

سابعا: قد نسقط الفريضة بأداء صلاة من حركات رتيبة، لا إقبال فيها ولا توجه، لكننا لن نقطف ثمراتها بدون وجود خشوع يحقق مقاصدها وآثارها، وهذا خطأ يقع فيه بعض العابدين فيغلبون الكم على النوع، ويحرصون على كثرة من الركعات دون أن يحرصوا على الخشوع فيها وتحقيق أهدافها ومقاصدها.


لنقرأ سوية قول رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : ((إنَّ الرجل لينصرف وما كُتِب له إلاَّ عُشر صلاته، تُسعها، ثُمنها، سُبعها، سُدسها، خُمسها، رُبُعها، ثُلُثها، نِصفها)).

لنجعل رمضان هذا شهر الصلوات الخاشعة ما استطعنا الى ذلك سبيلا ...





ابوالوليد المسلم 15-04-2022 12:17 PM

رد: نحو رمضان مختلف
 
نحو رمضان مختلف (6)

شياطين غير مصفدة



سعد الكبيسي

وعدنا الله تعالى بتصفيد شياطين الجنّ في رمضان، حيث الوسوسة في أضعف حالاتها ودافع الخير داخل المسلم في أعلى درجاته،

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَاب جَهَنَّمَ ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ" رواه البخاري ومسلم، وفي رواية مسلم: "وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ".

والتصفيد إما حبسهم وتقييدهم حقيقة، وإما تعبير مجازي عن ضعف وسوستهم بسبب كثرة الذكر والصيام والقيام وأعمال الخير.

لكن الله تعالى لم يعدنا بتصفيد شياطين الإنس، حيث تبقى شياطين الإنس تمارس وظيفتها بكل كفاءة واقتدار، بل ربما كان من خطتها أن تفسد عليك رمضان بكل ما تستطيع.

شياطين الإنس نجدهم في العمل والشارع والسوق وفي كل مكان، لكن وجودهم الحقيقي في زماننا أصبح في الفن الهابط والإعلام الفاسد الذي لا يحتاج إلى كثير كلام في بيان حقيقته ومظاهر الفساد الذي فيه.

لسنا ضد الفن والإعلام الهادف أو على الأقل الفن والإعلام في الممتع المباح، ولكننا ضد الفن والإعلام المحمل بكمّ هائل من الأفكار والسلوكيات والرسائل التي أصبح العاقل موقنا أنها ليست رسائل عبثية، تهدف لأغراض إنتاجية ربحية فقط بل تهدف لخلق متلق جديد ذي قيم جديدة.

لماذا أصبحت المتعة في ليل رمضان ونهاره هدفا كأنَّ المسلم في رمضان يحمل من العبء النفسي والبدني من صيامه وقيامه ما يحتاج معه إلى مزيد من المتعة والترفيه، في الوقت الذي الذي يريد الإسلام منه من خلال الصيام والقيام والقرآن والصدقة في رمضان أن يتطهر ويرتاح وتصفو نفسه وتتمتع بذلك وتسر.


أيها المسلم: تكفل الله لك بنصف الشياطين في رمضان فكن على حذر من النصف الآخر، وإن كيد الشيطان كان ضعيفا.






ابوالوليد المسلم 15-04-2022 11:57 PM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 



صور منحرفة في شهر رمضان المبارك يجب تصحيحها


بسام الحمزاوي




أولاً. صورة الابن الذي يترك مائدة الطعام عند المغرب والأهل يجتمعون حولها لينزل لصلاة المغرب في المسجد معتبرًا أن هذا هو الدين، وبسب ذلك تنشأ يوميًا عند الإفطار خصومة وشحناء ويصير جو البيت متوترًا عند كل مغرب من رمضان مع أبويه، ثم يسأل: أليس هذا هو الدين؟ والجواب: لو أنَّ أبويك راضيان فلا حرج، ولكن المشكلة الخصومة المتكررة معهما مع أنّ البخاري أخرج [671] عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا وُضِعَ العَشَاءُ وَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ، فَابْدَءُوا بِالعَشَاءِ»، وفي البخاري [5464] عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ تَعَشَّى مَرَّةً، وَهُوَ يَسْمَعُ قِرَاءَةَ الإِمَامِ»، فكيف بهذا الشاب الطعام حاضر وغضب الوالدين حاضر إن ذهب، فما له يوتر جوَّ بيته وله رخصة في دين الله تعالى.

ثانيًا. صورة الأب الذي يحذر أهل بيته قبل حلول رمضان بأنه صائم ولا داعي أن يغضبه أحد حتى لا يبطش به، وكأنَّ الصوم مرحلة زمنية تفسد فيها الأخلاق؟!! مع أنَّ نبينا الكريم علمنا أنَّ رمضان شهر الحِلم، ومن صور الحلم كما في البخاري [1894] أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الصِّيَامُ جُنَّةٌ..، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ" المقصود كن حليمًا فإن استفزك إنسان وشتمك قابله بالحلم، فكيف بمن يتوعد؟!!

ثالثًا. صورة الزوجة التي إذا جاء رمضان استقبلت القبلة في قيام الليل وقصَّرت بحق الفراش مع زوجها لأنَّ معلمتها علمتها أن رمضان شهر القيام والقرآن، وهذا صحيح، ولكن نسيت معلمتها أن تفهمها أن قيام رمضان سنة مهمة وطاعة الزوج واجب، والواجب مقدم على السنة، ونسيت أن تحدثها ما أخرجه البخاري [5194] عن النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا بَاتَتِ المَرْأَةُ مُهَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا، لَعَنَتْهَا المَلاَئِكَةُ حَتَّى تَرْجِعَ» يعني إذا كان للزوج حاجة منها وهي معرضة ومشغولة عنه ولو بقيام وقرآن.

رابعًا. صورة الزوج الذي لا تتتغير طلباته في رمضان، فإذا هو يرهق زوجته بعزايم رمضان الكثيرة، أو بمائدة طعام يومية مرهقة، أو بضيوف يأتون وضيوف يذهبون...إلخ، وكأن المرأة مطلوب منها في شهر رمضان أن تكون حبيسة المطبخ، ومشغولة بأمر البيت فقط دون أن يترك لها مجالاً لركعات القيام، وقراءة القرآن، ومناجاة في السحر...إلخ مع أن البخاري أخرج [37] عن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» وهذا للذكور والإناث، وبالمقابل لا بأس بدعوة الأهل والمعارف بالمعقول فمن فطر صائمًا فله مثل أجره.

خامسًا. صورة الموظف الذي يتأخر عن عمله ويعطل المراجعين، وإذا جاء كان مقطبًا لجبهته ينهر الناس ويعاملهم معاملة سيئة كل ذلك تحت اسم أنه صائم، وتغافل هذا المسكين عما أخرجه البخاري [1904] عن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ"، والرفث: الكلام الفاحش، وفي رواية للبخاري: "ولا يجهل" أي: لا يفعل شيئًا من أعمال الجهال، فالصوم في رمضان هو خلق فاضل، وسوء الأخلاق من أفعال الجهال والسفهاء.

سادسًا. صورة من يفهم أن شهر رمضان شهر بطالة نوم في النهار، وأكل وشرب بالليل، وهل كانت كبرى مواقع الإسلام كفتح مكة إلا في رمضان، وفي البخاري [6] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ»، واعتكافه عليه الصلاة والسلام في رمضان كما في البخاري [813]، فرمضان صيام وقيام وقرآن واعتكاف وعمرة فيه تعدل حجة...إلخ.


سابعًا. صورة من يظن أن الصوم يقتضي صرف الوقت في التسالي وتضييعه في الترهات: ولا أظن أني أحتاج لسرد أدلة تدل على خطأ هذا، مع أن الترفيه عن النفس والراحة والمزاح المعتدل كله لا حرج ولا إشكال فيه، ولكن الحذر من أن يكون هو الغالب.

اللهم أعنا على الصيام والقيام وغض البصر وحفظ اللسان وأدخلنا الجنة بسلام.






ابوالوليد المسلم 17-04-2022 01:28 AM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 
معاشر العباد ها قد انتصف رمضان



معاشر العباد: قَالَ صلى الله عليه وسلم: ««وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ..»[1] (رواه الترمذي وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ) . ها قد انتَصَفَ رَمَضَانُ.. فما أجملَكم حينما استقبلتم المَوسِمَ العَظِيمَ، جَعَلَنَا الله جَمِيعًا فِيمَا نَستَقبِلُ مِن شَهرِنَا خَيرًا مِمَّا وَدَّعنَا..

أحسنتم والله حينما تسابقتم على أبواب الخير في هذا الشهر المبارك، من صَلاةٍ وَصَومٍ وَقِيَامِ لَيلٍ، وَصَدَقَةٍ وَإِحسَانٍ وَحُبٍّ لِلمَسَاكِينِ، وَرِفقٍ بِالنَّاسِ وَتَجَاوُزٍ عَنِ المُعسِرِينَ، وَصِلَةٍ لِلرَّحِمِ وَرَحمَةٍ، وَكَفٍّ لِلِّسَانِ عَنِ الشَّرِّ وَإِشغَالٍ لَهُ بِالتَّلاوَةِ وَالذِّكرِ.. ما أروع اصطحاب أبنائكم للطاعة ولن يخيب الله أملكم فيهم حين أكثرتم لهم من الدعاء: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ}[2]. حرصُكم على الأَمرٍ بِالمَعرُوفِ وَالنَهيِ عَنِ المُنكَر لن يضيع سدى بإذن الله في أمنكم واستقرار مجتمعكم {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}[3].


معاشر اللاحقين بالعباد: ها هي أيام الشهر قد تتابعت، ولياليه الغر قد تلاحقت، هذه أيام رمضان، ها نحن على أبواب العشر الأواخر، وقفنا على الليالي العشر ونحن فقراء إلى رحمة الله، وقفنا نشكو تقصيرنا إلى الله، وقفنا وكلنا أمل وطمع في رحمة الله ألا يخيب رجاءنا، وأن يستجيب دعاءنا، وقفنا على أبواب عشر ما دخلت على رسول الله إلا شد مئزره وأيقظ أهله وأحيا ليله، صلوات الله وسلامه عليه إلى يوم الدين.

بينها ليلة خير من ألف شهر، من قامها إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، عشر إذا دخلت على الأخيار والصالحين فروا إلى بيوت الله معتكفين ركعًا سجدًا، يبتغون فضلاً من الله ورضوانًا، سيماهم في وجوههم من أثر السجود..


معاشر العُباد: وصية لكم من كتاب الله وسنة رسول الله: اعلموا أن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، لا يقبل الله من العبادة إلا ما كان خالصًا لوجهه، يراد به ما عنده: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}[4]. أخلصوا لله النيات، وأخلصوا لله العبادات والطاعات، فلا يزال العبد بخير إذا تكلم تكلم لله، وإذا عمل عمل لله.


معاشر العباد: كم من قائم على أم حنون يسقيها دواءها، ويعالج جراحها وداءها، بلَّغه الله أجر المعتكفين، كم من قائم على أب ضعيف، شيخ كبير، يقضي حوائجه، ويرحم ضعفه، ويحسن إليه، ويجبر بإذن الله كسره، بلَّغه الله مقام المعتكفين، كم من قائم على زوجة سقيمة مريضة، يقوم عليها، بلَّغه الله أجر الاعتكاف بما كان من إحسانه إليها.

تخلف عثمان - رضي الله عنه وأرضاه - عن غزوة بدر _ والتي انتصر فيها المسلمون في السابع عشر من رمضان يوم الفرقان يوم التقى الجمعان _ تخلف رضي الله عنه بسبب زوجه التي كان يمرضها، رقية - رضي الله عنها وأرضاها - فعن عثمان بن عبد الله بن موهب قال: جاء رجل من مصر حج البيت فقال: يا ابن عمر إني سائلك عن شيء فحدثني أنشدك الله بحرمة هذا البيت، هل تعلم أن عثمان تغيب عن بدر فلم يشهدها؟ فقال: نعم، ولكن أما تغيبه عن بدر فإنه كانت تحته بنت رسول الله فمرضت، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لَكَ أَجْرَ رَجُلٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا وَسَهْمَهُ»[5].
فما جزاء الإحسان إلا الإحسان.


معاشر العباد: إياكم وحرق أعمالكم بألسنتكم من غيبة وسب وأذية.. ألزموها البر كما عُهد عنكم بالذكر والدعاء والقرآن والتسبيح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ترتفع درجاتكم وتعلو منازلكم..

معاشر العباد: تنوع العبادات في هذا الشهر دليل على التوفيق، وثمة قضية تؤرق الكثير من الصالحين وهي قطع الرحم.. فكونوا سابقين في وصلها قدوات صالحة في ذلك قالَ تَعَالَى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ}[6]. وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنَ الرِّفْقِ، فَقَدْ أُعْطِيَ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ حُرِمَ حَظَّهُ مِنَ الرِّفْقِ، فَقَدْ حُرِمَ حَظُّهُ مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَحُسْنُ الْخُلُقِ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ، وَحُسْنُ الْجِوَارِ يَزِدْنَ فِي الْأَعْمَار، وَيُعَمِّرْنَ الدِّيَارَ»[7] رَوَاهُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ»[8] (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).

عِبَادَ اللهِ: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [9]، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد.

[1] صحيح؛ أخرجه الترمذي (3545)، وصححه الألباني في المشكاة (927).
[2] [إبراهيم: 40].
[3] [آل عمران: 110]
[4] [الكهف: 110]
[5] أخرجه البخاري(3130).
[6] [محمد: 22]
[7] صحيح؛ أخرجه أحمد (25259)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (117).
[8] أخرجه البخاري (2067)، ومسلم (2557)، من حديث أنس.

[9] [الأحزاب: 56].
__________________________________________________ ________
الكاتب: د. صغير بن محمد الصغير












ابوالوليد المسلم 17-04-2022 11:11 AM

رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله
 



ونحن في أواخره...هل تغير شهر رمضان أم نحن تغيرنا؟!


عبد الكريم علي الخلف




بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه:

فضائل رمضان:

رمضان شهر الرحمة والغفران؛ لذلك فإن المؤمنين في هذا الشهر مدعوون ليكونوا ضيوف الرحمن يطهروا أنفسهم وقلوبهم ويحرروها من حب الدنيا والتعلق بها؛ ليكونوا لائقين لهذه الضيافة الكريمة...

رمضان شهر القرآن: قال تعالى: [شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان].

والصوم فضله كبير وثوابه عظيم، ففي الحديث القدسي الذي رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: قال اللَّه عز وجل: (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به).

وأخرج الإمام أحمد في مسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أعطيت أمتي خمس خصال في رمضان لم تعطها أمة قبلهم:

• خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك

• وتستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا

• ويزين الله عز وجل جنته كل يوم ثم يقول: يوشك عبادي الصائمون أن يلقوا عنهم المؤنة والأذى ويصيروا إليك

• ويصفد فيه مردة الشياطين فلا يخلصوا إلى ما كان يخلصون إليه في غيره

• ويغفر لهم في آخر ليلة. قيل يا رسول الله: أهي ليلة القدر؟ قال: لا، ولكن العامل إنما يوفى أجره إذا قضى عمله.

ماذا يعني شهر رمضان المبارك؟

يرتبط رمضان في العديد من الدول الإسلامية بالعديد من الشعائر الدينية، مثل صلاة التراويح والاعتكاف في العشر الأخير من رمضان، وقيام ليلة القدر والتي هي خير من ألف شهر، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (التمسوها في الليالي الوترية) فيحتمل أن تكون ليلة السابع والعشرين أو التاسع والعشرين، وقيام هذه الليلة سبب لمغفرة الذنوب، ففي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه).

ورمضان تضاعف فيه الأعمال: روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عمرة في رمضان تعدل حجة) وفي رواية: (تعدل حجة معي) أي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

هل تغير رمضان أم نحن تغيرنا؟

بالتأكيد إن الزمان لم يتغير، وإن نفحات رمضان هي هي، ولكن نحن الذين تغيرنا، فالغاية من الصيام هي تحصيل التقوى كما ورد في الآية [لعلكم تتقون] ولكن همم الناس في تحصيل معاني التقوى مختلفة ومراتبهم في ذلك متفاوتة، فمنهم من جعله موسماً للازدياد من الطاعة والقربات، ومنهم من جعله موسماً لارتياد الأسواق ومتابعة المسلسلات...!

والقنوات الفضائية قد نذرت نفسها طوال العام لهذا الشهر، وأصبح رمضان وللأسف موسماً مهماً لعرض المسلسلات وبرامج المسابقات والجوائز...

وكذلك أصبحت الأسواق تتفنن في إغراء الناس بما لذ وطاب من المآكل والمشارب، وبهذا أفرغ هذا الشهر من مضمونه ألا وهو التقرب إلى الله بالطاعات والعبادات.

إن رمضان هذا العام هو ذاته رمضان في زمن المصطفى صلى الله عليه وسلم لم يتغير، ولكن نحن الذين تغيرنا...

رمضان فرصة للتغيير:

لنغير من واقعنا ومن بعض عاداتنا في هذا الشهر، قال تعالى: [إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم...] فهل نبدأ رحلة التغيير في حياتنا نحو الأفضل، أم يمر علينا رمضان كما مر في الأعوام السابقة...

إن اليوم الذي يمضي لا يرجع، ورمضان إذا مضى لا يعود، وما من أحد إلا سيندم على ما فات، إن كان فعل خيراً سيندم إن لم يكن قد استزاد، وإن فعل شراً سيندم لـمَ لـمْ يتب، قال تعالى: [حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت...].

لنحاول أن نجعل رمضان في هذا العام مختلفاً، وليكن همنا الأكبر فيه زيادة التقوى لنشعر أبناءنا بعظمة هذا الشهر وفضله، ولنلمس فيه معاني الصيام الحقيقية...

هل نشأ أطفالنا اليوم النشأة الرمضانية السليمة؟

إن أطفالنا هم ثروتنا القادمة وهم الذين سيحملوا راية العلم والإيمان في المستقبل إن شاء الله، وإن التحديات التي تواجهنا في تربية أطفالنا تحديات كبيرة في ظل هذه الهجمة الشرسة من وسائل الإعلام المرئية وغير المرئية كالأنترنت وغيره؛ لذلك ينبغي علينا قبل منعهم من متابعة البرامج في التلفاز وغيره أن نؤمن لهم البديل الإسلامي من البرامج الهادفة والمفيدة.

وإن تنشئة الولد التنشئة السليمة تبدأ منذ الصغر بتعويده على الصيام في سن السابعة وضربه عليه في سن العاشرة، واصطحاب الطفل المميز إلى المسجد في صلاة التراويح حتى يتعرض لنفحات رمضان الإيمانية.

هل نعيش اليوم فوضى فكرية وإيمانية؟

إن الفوضى الفكرية والأمية الإيمانية والخواء الروحي هي الأمراض التي قصمت ظهر الأمة فوقعت في براثن التخبط والخداع والانحراف، ولذلك يقول الإمام الغزالي رحمه الله: (الضمير المعتل والفكر المختل ليسا من الإسلام في شيء).

ونتيجة لهذه الفوضى تبلدت القلوب والمشاعر، وأصبح القلب لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً، قال تعالى: [كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون]


نحن الآن بحاجة إلى صحوة إيمانية وروحية في هذا الشهر الكريم؛ لتكون نقطة الانطلاق في هذا الشهر بداية لانطلاقة جديدة في بداية العام، اسأل الله سبحانه أن يجعلنا من عتقاء هذا الشهر الكريم من النار، إنه سميع مجيب، والحمد لله رب العالمين.







الساعة الآن : 01:54 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 67.51 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 67.01 كيلو بايت... تم توفير 0.50 كيلو بايت...بمعدل (0.74%)]