ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   الملتقى العلمي والثقافي (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=54)
-   -   موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشوره (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=38570)

القلب الحزين 12-01-2014 07:20 PM

رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو
 

يتبــع الموضوع السابق ( 5 )


رسالة إلى العقل والقلب



المسيح عليه السلام
وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَار
يتبوأ المسيح عيسى بن مريم وأمه عليهما السلام مكانة سامية في الإسلام فالمسيح هو كلمة الله و روح منه ألقاها إلى مريم عليهما السلام وهو بشر كما أن الرسل جميعا من البشر وهو رسول من أولي العزم من الرسل [47]و هم أفضل الرسل جميعا وذًكر في القرآن أكثر من 25 مرة وأمه مريم بنت عمران من أفضل نساء العالمين لم تُذكر امرأة باسمها في القرآن غيرها. قال تعالى في سورة آل عمران :
( وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ {42} يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ {43} ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ {44} إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ {45}‏ وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ {46} قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُلَهُ كُن فَيَكُونُ {47} وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ {48} )
و قد كانت حياة المسيح مليئة بالمعجزات من لحظة ولادته حتى رفعه إلى السماء فقد كانت ولادته معجزة إلهية جعلها الله آية للعالمين حيث ولد من غير أب و قد وصف الله أحداث ولادته في سورة مريم [48]فقال تعالى :
( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيّاً {16} فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً {17} قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً {18} قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَاماً زَكِيّاً {19} قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً {20} قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً {21} فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً {22} فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً {23} فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً {24} وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً {25}‏ فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً {26} فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً {27} يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً {28} فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً {29} قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً {30} وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً {31} وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً {32} وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً {33} ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ
الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ {34} مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ {35} وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ {36} فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيم )
ثم أمده الله بالمعجزات الدالة على نبوته كما أمد الرسل من قبله بالمعجزات. قال تعالى حاكيا عن عيسى بن مريم: ( وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {49} وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ {50} إِنَّ اللّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَـذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ )
ثم يذكر الله ختام قصة عيسى مع بني إسرائيل عندما كذبوه و كفروا به : ( فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ {52}‏ رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلَتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ {53} وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ {54} إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ {55} فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ {56} وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {57} ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ {58} إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ {59} الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّن الْمُمْتَرِينَ)
وذلك أن اليهود حاولوا قتل عيسى عليه السلام فنجاه الله منهم وتوفاه بالنوم ثم رفعه إلى السماء الثالثة فهو يحيا فيها حتى ينزل قبل يوم القيامة و أُلقى شبهه على شخص غيره فأخذه اليهود وقتلوه. قال تعالى عنهم( وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً . بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيما ) و عندما ينزل عيسى بن مريم في آخر الزمان فإنه سوف يكسر الصليب ولا يقبل إلا الإسلام وتندحر الملل الكافرة و يعم السلام وتكثر البركة وتُرفع الشحناء والضغينة قال صلى الله عليه وسلم " الأنبياء إخوة لعلات دينهم واحد وأمهاتهم شتى وأنا أولى الناس بعيسى بن مريم لأنه لم يكن بيني وبينه نبي وإنه نازل فإذا رأيتموه فاعرفوه فإنه رجل مربوع إلى الحمرة والبياض سبط كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل بين ممصرتين فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويعطل الملل حتى يُهلك الله في زمانه الملل كلها غير الإسلام ويهلك الله في زمانه المسيح الدجال الكذاب وتقع الأمنة في الأرض حتى ترتع الإبل مع الأسد جميعا والنمور مع البقر والذئاب مع الغنم ويلعب الصبيان والغلمان بالحيات لا يضر بعضهم بعضا فيمكث ما شاء الله أن يمكث ثم يُتوفى فيصلي عليه المسلمون ويدفنونه.‏." [49]‏ وقد وردت على لسان نبينا عدة نصوص في فضل المسيح ومريم الصديقة عليهما السلام فقد قال
النبي صلى الله عليه وسلم (ما من مولود يولد إلا والشيطان يمسه حين يولد، فيستهل صارخا من مس الشيطان إياه، إلا مريم وابنها ) وقال (كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء: إلا مريم ابنة عمران، وآسية امرأة فرعون ) وقال (رأى عيسى بن مريم رجلاً يسرق فقال له: أسرقت؟ قال: كلا، والذي لا إله إلا هو، فقال عيسى: آمنت بالله وكذبت عيني ) وقال عن الرجل الذي يؤمن بعيسى قبل أن يسمع عن محمد (ص) (إذا آمن بعيسى، ثم آمن بي فله أجران ) وقال-وهذا الحديث بشرى لكل نصراني- (من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق، والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل) [50]وقد كانت رسالة المسيح عليه السلام متممة لرسالة موسى و مبشرة برسالة محمد باسمه الصريح كما مر بنا – "حتى متى كان تؤمنون" – وكانت لبني إسرائيل فقط و لم تكن هي الرسالة الأخيرة للبشرية لذلك لم يشأ الله أن يظل الإنجيل ولا كلام المسيح محفوظا بكامله للناس.
والآن بعد أن عرفت نظرة الإسلام للمسيح عليه السلام فإني سائلك: ترى لو كان هذا الدين من عند محمد ولم يكن محمد رسولا من عند الله ما الذي دعاه لأن ينظر للمسيح هذه النظرة المعتدلة بعيدا عن غلو النصاري إلى تقديسه وانحراف اليهود إلى عدائه؟ ألم يكن أحرى به لو كان كاذبا أن ينحاز إلى إحدى الطائفتين لكي ينال تأييدها بدلا من أن يواجههما جميعا؟ ما الذي كان يمنعه لو كان كاذبا أن يدعى أن إلهه الذي يعبده هو المسيح –ولم يكن لينكر عليه أحد– فينال بذلك تأييد الدولة الرومانية القوية بالإضافة لنصارى الجزيرة العربية؟ (فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )
والآن لنحاول مناقشة بعض ما يعتقده الناس في المسيح عليه السلام بهدوء بعيدا عن التعصب الأعمى .
لعلك إذا سألت أفراد الأسرة النصرانية الواحدة عن طبيعة المسيح عليه السلام تسمع إجابات شتى فمن قائل هو الله – تعالى الله عما يصفون – و من قائل هو ابن الله والمثقف منهم سيقول لك إن به جزء بشري يسمى ناسوتا و جزء إلهي يسمي لاهوتا !! و هذا انعكاس للغموض الذي يكتنف شخصية المسيح لدى النصارى و للتعقيد الذي أقحمته الكنيسة في مسألة الإله وهي التي من المفترض أن تكون من أبسط أمور العقيدة لدى الإنسان. ويتفق عموم النصارى على أن هذا الإله أو نصف الإله لم يكن بالقوة الكافية حتى نالت منه يد البشر بالتعذيب والإهانة والصلب في حادثة هي أشبه بالتمثيليات الدرامية أو الأساطير البدائية منها إلى الحقيقة الإلهية! ومن العجيب أن يُعتقد أن هذه الجريمة الكبرى من البشر في حق الإله إنما كانت سببا لخلاص البشر و مغفرة خطاياهم وذنوبهم التي هي أقل خطرا بكثير من محاولة قتل الإله نفسه !! و لأن كل من هذه العقائد أصبحت مسلمات راسخة في عقول كثير من الناس غير خاضعة للنقاش ولا التفكير فهذه دعوة لكل باحث عن الحقيقة بصدق لكي يعيد النظر فيما يعتقده و تربى عليه ولم تتح له فرصة للنقاش فيه من قبل.
هب أنك أخطأت في حق والدك خطأ يسيرا و أغضبته وبينما أنت نادم وتحاول أن ترضي أباك إذا بأخيك الأصغر تأخذه عاطفة الأخوة و التضحية فتفتق ذهنه عن فكرة غبية وهي أن يضحي بنفسه من أجلك فيسلم لك نفسه لكي تقتله أمام أبيك و بذلك يتحمل هو الإثم عنك وتنجو أنت من تبعة الذنب ووخز الضمير فهل تقبل أنت أو يقبل أبوك هذا الكلام؟؟ فكيف لو اقترح عليك أخوك أن تقتل والدك نفسه تكفيرا عن خطيئتك؟! بالطبع هذا كلام لا يقبله عقل. ولكن لماذا تقبله في حادثة الصلب المزعومة وترضاه للمسيح عليه السلام ولا ترضاه لأخيك الصغير؟ لعلك تجيب بأن المسيح ما نزل إلى الأرض أصلا إلا لهذه المهمة وهي التضحية بنفسه لكي يغفر الله خطايا البشر! وإني أسألك: الذي يريد أن يضحي بنفسه من أجل إنسان يتحمل عنه الآلام أم يتحمل منه الآلام؟؟! هل خطيئة آدم بأكله من الشجرة تكفرها خطيئة اليهود بمحاولة قتل المسيح؟ و هل ضاقت رحمة الله عز وجل الذي يقبل التوبة عن عباده ووسعت رحمته كل شيء أن يغفر لآدم خطيئته - وهو الذي تاب بعدها واستغفر وأناب[51]-فظل ناقما على البشر كل هذه المدة حتى ينزل بنفسه سبحانه متجسدا في هيئة مخلوق ضعيف كي ترتكب البشرية هذه الجريمة النكراء في حقه ثم تسقط عنها أوزارها مكافأة لها؟ هل من العدل أن يذنب آدم فيُصلب المسيح ؟ ألم يذكر العهد القديم أن النفس التي تخطيء هي تموت وأن كل إنسان مسئول عن عمله وأن الله يقبل توبة التائبين؟[52]هل من العقل أن تزعم أن الله تاب على بولس الذي كان العدو الأول لتلاميذ المسيح وللمؤمنين ولم يتب على آدم الذي خلقه الله بيديه وأسجد له ملائكته إلا بعد أن يعلق المسيح عاريا تماما على رؤوس الأشهاد؟ وإذا كان المسيح قد نزل من أجل ذلك فلماذا جاء في إنجيل متى صراخ المسيح قبل أن يقتل كما يزعمون لما وضع على الصليب « إيلي إيلي، لم شبقتني، أي: إلهي إلهي، لماذا تركتني؟ » متى 27/46 وجاء في يوحنا 11/53 أن المسيح هرب من طالبيه مراراً!! أينزل من أجل ذلك ثم يهرب ويصرخ ويستغيث بالله كي يخلصه بينما ترى كثيرا من المجرمين والقتلة يتقدمون للقتل بقدم ثابتة وجأش رابط أم أنه كان يجهل مهمته على الأرض؟ ولم نذهب بعيدا ونقارن المسيح بالقتلة والمجرمين ألم يأمر الله إبراهيم بذبح ولده فما كان من الولد إلا أن استجاب لأمر الله صابرا محتسبا بدون أن يسأل حتى عن العلة؟ هل من منطقي لو كان المسيح هو الله أن يكون أقل شجاعة من بعض خلقه؟!
وإذا كانت هذه هي مهمة المسيح فلماذا عندما بشر الأنبياء بالمسيح لم يبشروا به على أنه المخلص الذي سوف يخلص البشرية من ذنبها الموروث ولكن بشروا به على أنه نبي صاحب رسالة وفقط بدون ذكر أي شيء عن حادثة الصلب المزعومة- التي كانت ستُعد أهم حادثة في حياة المسيح لو كانت مهمته حقا أن يعلق على الصليب؟ ؟ وكيف نفسر النصوص التي تخبر عن رضا الله عن الشعب أو عن أمة من الأمم إذا كانت البشرية كلها كانت ما زالت موصومة بهذا الذنب القديم ولم يخلصها منه أحد بعد؟ وهل من الرحمة أن تكون مهمة المسيح هي تحمل الآلام والتعذيب عن البشر بقتله على الصليب ثم يكون جزاء من لم يؤمن أن المسيح مات على الصليب وظل يعبد الله كما كان يعبده إبراهيم وإسحاق ويعقوب وموسى من قبل المسيح هو العذاب في النار؟ لو كان ذلك كذلك لكانت حادثة الصلب نقمة على البشر وليست رحمة لهم إلا إذا كانت حادثة الصلب هذه قد افتدت جميع الناس من النار و سيدخل المؤمن والكافر الجنة في النهاية !!
؟ وإذا كان الصلب قد حط عن البشر خطاياهم فما فائدة تعاليم المسيح والرسل من قبله إذا كان تكفير خطايا البشر مضمون و أكيد لهذه الدرجة ؟ ولماذا قال المسيح إن كل كلمة باطلة يتكلم بها الناس، سوف يؤدون عنها الحساب في يوم الدينونة. فإنك بكلامك تبرر، وبكلامك تدان؟[53] وما الذي سيمنع الإنسان أن يرتكب أكبر الفواحش وأعظم المنكرات إذا علم أن الخلاص مضمون؟ ولماذا الحاجة إلى التعميد الذي تفعله الكنيسة بكل مولود إذا كانت حادثة الصلب المزعومة هذه قد غفرت للإنسان خطيئته [54]؟ وإذا كان كل مولود يرث نصيبا من هذه خطيئة أبيه آدم فهل ورثت مريم وابنها عليهما السلام أيضا هذه الخطيئة من أبيهما آدم عليه السلام ؟ وماذا عن ظلم البشر بعضهم لبعض هل يتحملها الصليب أيضا فلا قصاص بينهم ولا عدل أم أن هذه خارج الموضوع؟ وماذا عن الذنوب التي ارتكبتها البشرية بعد المسيح إلى اليوم من يكفرها؟ أم تراها تحتاج لمسيح جديد لكي يقتله أحد الأشقياء فتسقط عن البشر بقية خطاياهم؟ إننا نفهم أن الذي يضحي بشيء فإنه يضحي به من أجل شخص آخر أو لاسترضاء من هو أعلى منه وأقدر كما ذبح إبراهيم الكبش فداءً لإسماعيل وتقربا إلى الله بذلك فإذا كان الله نفسه هو الذي ضحى بولده –تعالى الله عما يصفون- فمن أجل من يا ترى فعل ذلك وليس في الكون من هو أعظم منه؟ ( قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ؟ إن من يقرأ الروايات المختلفة لحادثة الصلب في الأناجيل سيجد بينها تناقضات لا يمكن الجمع بينها فمثلا من يقارن تفاصيل المحاكمة والصلب والقيامة واكتشاف قبره ومن رآه عند قيامته وماذا قال على الصليب ومن حمل الصليب وغير ذلك في الروايات المختلفة سيجد اختلافات واضحة تدل على أن القصة واهية من أساسها أو أن كتابها اعتمدوا على الإشاعات والأساطير وليست وحيا من الله [55]! إنه لا يكاد أحد يتصور أن المسيح الذي كان يصوم ويتحمل الصبر عن المأكل والمشرب ويقضي الأسابيع لا ينال فتات العيش هو الذي كان على خشبة الصليب يستغيث بأعدائه و يطلب منهم أن يسقوه إذ تملكه الظمأ وهو الذي طالما كان يقول (أن لي خبزا لستم تعرفونه)[56]حتى بطرس رئيس الحواريين كان يقسم على أنه لا يعرف الرجل الذي على الصليب( متى 72:26).
لقد جعلت حادثة الصلب المزعومة هذه من المسيح عليه السلام شخصية أسطورية مخلصة بدلا من شخصية النبي المعلم الذي يرشد الناس إلى الهدى والنور. شخصية يلجأ إليها الناس في السراء والضراء بعد أن كانوا يلجئون إلى الله. حادثة الصلب جعلت عبادة الإنسان مركزة حول المسيح عليه السلام بعد أن كانت لله وحده. ولكي لا يصير المسيح ندا لله في هذا الدين الجديد تم اختلاق الكذبة الثانية التي هي أكبر من أختها بادعاء أن المسيح هو الله نفسه –سبحانه وتعالى عما يصفون. ولخطورة هذه المسألة فسنناقشها أيضا بشيء من التفصيل.
أولا هل يليق برب السماوات والأرض ومن فيهن أن يتجسد في صورة طفل رضيع يخرج من فرج امرأة ضعيفة ثم يمر بمراحل نمو الإنسان المختلفة يأكل الطعام ويخرج الفضلات حتى إذا اكتمل نموه وصار رجلا ناضجا لقي من البشر صنوف الإهانة والتعذيب ألوانا؟ هل كان هذا المخلوق الضعيف الذي يلتقم ثدي أمه هو كان يدبر أمور جميع الكائنات في الوقت الذي لا يستطيع هو أن يدبر أمر طعامه وشرابه؟ [57]أم أنه كان يمسك السماوات والأرض أن تزولا وهو في بطن أمه؟ ألا ترى أنه من المخجل أن نساوي الله بالبشر؟ هل يمكن للإلـه العظيم أن يحل في جسد ضعيف له بداية ونهاية؟ وأين هو هذا الجسد- جسد المسيح - الآن؟ هل فني الجسد وهلك بمجرد صعود المسيح للسماء أم أن هذا الجسد الذي يحتاج للطعام خالد وليست له نهاية؟ وإذا كان الجسد تعرض للفناء فهل يفنى الإله أو تفنى صفة من صفات الإلـه؟؟ وهل كلام السيد المسيح الذي في الإنجيل يوحي بأنه كلام إله قادر قهار يخاطب عبيده أم كلام معلم رفيق يخاطب تلاميذه؟ ولماذا لم يأمر المسيح تلاميذه بالسجود له صراحة إن كان هو الإله فهذا على الأقل أفضل من السجود لصوره وتماثيله داخل الكنيسة؟! [58]لماذا لم يخبر صراحة أنه هو الإله - إن كان كذلك – فيحسم القضية ويقطع الشك؟ هل من العدل لو كان المسيح هو الله أن يترك أهم قضية في هذا الكون يكتنفها الغموض وتحيط بها الشبهات ويتركها عرضة لآراء الرجال و أهواء الملوك في المجامع؟ لماذا لم يخلف لنا في العهد الجديد نصا واضحا صريحا على لسانه يخبر فيه أنه هو الإله فيريح الملايين من ظلمات الشك؟
وماذا عن الحواريين : هل كانوا يعاملون المسيح على أنه إله يمشي على الأرض أم نبي إنسان ومعلم متواضع ولذا سموا تلاميذ؟[59]هل يمكن أن يكون للإله تلاميذ؟؟ ولو كانوا يعبدون المسيح فكيف أمكنهم أن يبقوا داخل هيكل اليهود بعد رفعه حوالي ثلاثة عقود يعبدونه يوميا وسط اليهود الذين يعبدون الله ؟[60] انظر إلى بطرس في (أعمال 22:2) يقول : " أيها الرجال الإسرائيليون اسمعوا هذه الأقوال. يسوع الناصري رجل قد تبرهن لكم من قبل الله بقوات وعجائب وآيات صنعها الله بيده في وسطكم كما أنتم أيضا تعلمون" . فهل عرفت أنت عن المسيح ما لم يعرفه الحواريون ؟ ايكون المسيح إلـها ولا يستطيع أن يدفع عن نفسه أذى حفنة من اليهود؟ أتقبل أن تعبد إلها ضعيفا؟ أيكون المسيح هو الله ثم يأتي إلى عبد من عبيده لكي يعتمد منه ويكمل نفسه؟ ألم يذكر العهد الجديد أن المسيح جاء إلى يحيى-يوحنا المعمدان- لكي يعتمد منه؟ إن المسيح لو كان هو الله لسجد له يحيى حالا فهل كان يحيى يجهل ربه؟ [61]وإذا كان المسيح هو الله فهل يمكن أن يموت الإله؟ إن نصوص العهد القديم تنفي ذلك يكل صراحة انظر مثلا في إرمياء 10:10 : (أما الرب فهو الإله الحق، الإله الحي) وفي حزقيال (3:18) : حي أنا يقول الرب. وفي دانيال 26:6 "هو الإله الحي القيوم إلى الأبد"
ومن الذي كان يخاطبه المسيح في الأناجيل بلفظ أبي وإلهي إن كان هو الأب والإله أم أنه كان يخاطب نفسه؟ انظر قول المسيح عليه السلام : (وهذه الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ، ويسوع الذي أرسلته) يوحنا 17 : 3. وقوله :« إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم » يوحنا 20:18وقوله عن نفسه: "أنا لا اقدر أن أفعل من نفسي شيئاً " (يوحنا 5/30) لذا عجز أن يعد ابني زبدي بالملكوت (متى 20/23)، ولما سماه أحدهم صالحاً قال: "لم تدعوني صالحاً؟ ليس أحد صالحاً إلا واحد، وهو الله" (لوقا 18/18-20). وأخبر في مرقص32:13 أنه لا يعلم وقت يوم القيامة ولكن الله هو الذي يعلمها فهل يكون المسيح هو الله ويجهل ما يعلمه الله؟ أم أن العلم والإرادة والصلاح صفات للجسد وليست صفات للروح؟ ومن الذي كان يصلي له المسيح إن كان هو الإلـه ؟! ألم يذكر العهد الجديد أن المسيح كان يعبد الله؟ أكان المسيح يعبد نفسه؟ و هل استعمال المسيح لمصطلح ابن الإنسان عن نفسه تكرارا ومرارا في الإنجيل (ذكرت 81 مرة ) إلا تأكيدا لبشريته وبراءته مما سينسبه الناس إليه؟ بل إن المسيح قال عن نفسه صراحة أنه نبي إنسان ففي يوحنا (8/40) قال ( أنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله ) وفي لوقا 4/25 قال «الحق أقول لكم: ما من نبي يقبل في بلدته. » فهل بعد شهادة المسيح لنفسه شهادة أخرى؟ وفي لوقا 7/17 قال الناس أمامه بعد أن أحيا ميتا[62]بإذن الله «قد قام فينا نبي عظيم وتفقد الله شعبه !» وفي متى (8:9 ) بعد أن رأى الجموع معجزاته "تعجبوا ومجدوا الله الذي أعطى الناس سلطانا مثل هذا" فهل يا ترى كان الجموع يمجدون المسيح أم رب المسيح؟ وإذا كان المسيح إلها فماذا عن أم المسيح عليه السلام هل هي الأخرى إلهة أم ماذا؟ وهل يمكن للمخلوق أن يلد الخالق[63]
وأما إن كنت تعتقد أن الله تعالي عن أن يشابه خلقه أو أن يقتل على أيديهم وأنه كان وما زال في السماء فوق جميع خلقه و لا يخرج أحد منهم عن قبضته لكن له ولد هو المسيح أرسله إلي الأرض لهذه الغاية وهو أن يتعذب بأيدي البشر من أجل البشر فقل لي بربك من أين علمت أن لله ولد؟؟ أمن الكتاب المقدس؟ فإن الكتاب المقدس يعتبر البشر جميعا أبناء الله بمعنى أن الله هو الذي يطعمهم ويرزقهم لا أبنائه على الحقيقة[64]كما أطلق على أنبياء آخرين هذا الوصف[65]. ( قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ . سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ) ثم ما حاجة الله لكي يتخذ ولدا و هو الغني عن خلقه أجمعين؟ (َقَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ ) وهل هذا الولد كانت حياته سرمدية مثل حياة الله عز وجل أم أنه حادث على هذا الكون؟ فإن كان حادثا فهو مخلوق مثله كبقية مخلوقات الله عز وجل وإلا فكيف يكون مولودا وسرمديا في نفس الوقت؟ ( لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَّاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) وهل مشيئة هذا الولد تابعة لمشيئة الرب أم أن له إرادة مستقلة؟ وهل الإنسان مأمور بعبادة الرب وحده أم الرب وما تنسب له من ولد؟ هل تستقيم الحياة إذا عبد الإنسان أكثر من إله؟ ( لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ) ثم هل ضاقت السبل على رب الأرض والسماوات فلم يجد وسيلة لتكفير خطيئة آدم إلا التضحية بولده-بفرض وجود الولد؟ و كيف تنزه الرهبان والقساوسة عن اتخاذ الولد وتنسب ذلك لله رب العالمين؟ ( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )
أما قضية التثليث وهي اعتقاد أن الله إلـه واحد مكون من ثلاثة أقانيم مختلفة فهي ثالثة الأثافي و اللغز المحير والمعضلة الكبرى التي ورثها رجال الكنيسة عن أسلافهم على علاتها وذلك أن آباء الكنيسة الأُوَل لم يكتفوا بنسبة الولد لرب العالمين لكنهم أضافوا لله شريكا ثالثا هو روح القدس وجعلوا الثلاثة واحدا والواحد ثلاثة. ويبدو أن الوقت لم يسعف النصارى الأوائل لكي يضعوا تفسيرا مقنعا لهذا فقد شغلتهم الاختلافات الكثيرة وعقد المجامع الكنسية و تكفير بعضهم بعضا واختيار الأناجيل لذا فإن علماء النصارى المعاصرين أنفسهم يعترفون بصعوبة فهم حقيقة التثليث فيقول أحدهم : إن الثالوث سر يصعب إدراكه وإن من يحاول إدراك سر الثالوث كمن يحاول وضع مياه المحيط كله في كفه[66]ويقول القمص باسيليوس إسحق: " أجل إن هذا التعليم عن التثليث يفوق إدراكنا " [67] فهل يعقل أن تكون الحقيقة الكبرى في هذا الكون بهذا القدر من التعقيد؟ وأين ذكر التثليث في العهد القديم [68]الذي تنضح نصوصه بالتوحيد؟ هل يمكن أن يكون التثليث حقيقة ولا يأتي له ذكر على لسان أى نبي من الأنبياء في الكتاب المقدس بل ولم يعلمها المسيح لتلاميذه و لم يسمع بها أحد منهم في حين لا تكاد تخلو سورة في القرآن من التوحيد؟ (أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ َيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطَ كَانُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ) فالجملة اليتيمة التي تثبت التثليث في يوحنا (1) ستعرف في آخر الرسالة أنها مدرجة ولم تكن في النسخ القديمة. ولكن على العكس هناك نصوص تفند هذا الإدعاء انظر مثلا قول المسيح عليه السلام : ( اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد ) مرقص 12 : 29 ألا ترى أن هذه الجملة تعني لا إله إلا الله؟ ولو كان ما يدعيه النصارى صحيحا لقال المسيح "اسمع يا إسرائيل أنا إلهك رب واحد وثلاثة أقانيم" وإلا لكان المسيح غير أمينا. [69]وأيضا هناك قول المسيح أيضا : (وهذه الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ، ويسوع الذي أرسلته) يوحنا 17 : 3.دليل آخر على التوحيد فهل هذه الجملة الصريحة يفهم منها عاقل أن الله مكون من ثلاثة أقانيم؟ ولا عجب ألا نجد في الكتاب المقدس ذكرا لثالوث ولا سادوس فإن أمر الروح القدس نفسه ظل مشكلا على القوم ثمانية قرون إلى عام 879 م حتى عقدوا المجمع الكنسي الثامن ليبحثوا أمره. وما روح القدس إلا ملك من الملائكة- وهو جبريل عليه السلام - أرسله الله بالوحي للأنبياء والرسل ويؤيد الله به المؤمنين، ونصوص العهد القديم والجديد شاهدة في أن روح القدس حل في كثير من الأنبياء ، وفي الحواريين وفي غيرهم ، و يأتي روح القدس بمعنى القوة والنصر والتأييد ولم يرد على لسان أى نبي أن الروح القدس إله مع الله (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً . لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِّلّهِ وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعاً . فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزيدُهُم مِّن فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنكَفُواْ وَاسْتَكْبَرُواْ فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً أَلُيماً وَلاَ يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً ) وأما المسيح فقد خلقه الله من أم بدون أب كما خلق حواء من أب بدون أم ونفخ فيه من روحه كما نفخ في آدم من روحه وأحيا له الموتى كما أحيا الموتى لأنبياء عديدين من قبل فهل نقول على آدم وحواء وهؤلاء الأنبياء أنهم أقانيم أيضا؟ ألا ترى أنه لو كان المسيح وروح القدس إلهين من دون الله لكان ممكنا أن يريد كل واحد منهم شيء غير الآخر؟ فمن الذي تنفذ إرادته في هذه الحالة؟ أم أن كلا منهما إلـه ناقص الألوهية؟ ( مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ) وإذا كان الثلاثة هم واحد فكيف يموت أحدهم على الصليب ويبقى اثنان لم يموتا؟! المفروض إن كان الثلاثة واحد والواحد ثلاثة أن يموتوا جميعا أو يحيوا جميعا. ولكن لما كان الله لا يموت كان يستلزم ذلك أنه لو كان هناك 3 أقانيم أن يموت أحدهم فقط دون الآخرين وهذا يعني أن الثلاثة أقانيم منفصلة وغير متحدة وهذا ينافي عقيدة التوحيد التي جاء بها الأنبياء جميعا. فكما ترى إن عقيدة الثالثوث والصلب لا تنسجمان معا بصورة منطقية ولا يمكن أن تكون هي الحق.
إن عقلاء الغرب بدأوا يدركون هذه الخدعة الكبرى فقد ظهر عام 1977 كتاب اسمه "أسطورة تجسيد الإله" The Myth of God Incarnateكتبه سبعة من كبار رجال اللاهوت البريطانيين بما فيهم رئيس لجنة مذهب كنيسة إنجلترا يعلنون فيه إنكار ألوهية المسيح ويقرون ببشريته فقط.[70]وقد أدلت مجلة تايم (27 فبراير 1978) بحثا هاما اشتغلت به دوائر جامعات وكنائس العالم الغربي وهو ظاهرة الدعوة إلى بشرية المسيح والمعارضة لألوهيته جاء فيه: إن موجة الرفض لفكرة ألوهية المسيح أو ازدواج طبيعته تزداد قوة وانتشارا في أوساط المفكرين اللاهوتيين سواء في الجامعات أو في الكنائس الغربية وهؤلاء الرافضون يعلقون أنه لا يوجد في الإنجيل ولم يثبت عن المسيح القول بألوهيته ويؤكدون أنه عليه السلام بشر عادي. [71]وفي سنة 1993 ألقي البابا يوحنا بولس الثاني خطابه الرسولي وأشار فيه إلى الانفصال المتزايد بين الكنيسة والرأي العام النصراني وذلك لعدم تصديق النصارى للعقيدة النصرانية الحالية كما طالب النصارى بعدم مناقشة العقيدة النصرانية والتسليم الأعمى بها. فهل يمكن أن يكلف الله البشر بالإيمان بعقيدة هذا شأنها؟؟



يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع




القلب الحزين 12-01-2014 07:26 PM

رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو
 

يتبــع الموضوع السابق ( 6 )
رسالة إلى العقل والقلب

في البدء كانت الكذبة
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ
إذا نظرنا في تاريخ النصرانية لنعرف كيف تسربت هذه الوثنية إليها سنرى أن أتباع المسيح عليه السلام بعد رفعه إلى السماء ظلوا يعبدون الله الواحد الأحد في الهيكل تنفيذا لتعاليم المسيح عليه السلام : [ إلى طريق أمم لاتمضوا وإلى مدينة للسامريين لا تدخلوا بل اذهبوا بالحرى إلى خراف بني إسرائيل الضالة ] متى 10 / 5، 6 ولكنهم مع اضطهاد اليهود لهم حتى لا ينازعوهم السلطة الدينية داخل الهيكل تحولوا إلى عبادة الله في البيوت الواسعة وكان الذي يقود عمليات الاضطهاد ضد أتباع المسيح رجل يهودي اسمه شاؤول من طائفة الفريسيين أشد الطوائف اليهودية بغضا للمسيح ولكن ظل للحواريين كيانا منظما و ظلوا متمسكين بتعاليم المسيح بألا يمضوا إلى طريق الأمم وظلت دعوتهم مستمرة ثم حدث أمر غريب فقد تحول شاول فجأة من عدو لدود ظالم إلى رسول قديس يوحى إليه !! بدون مقدمات دخل شاؤول النصرانية ذاكرا أنه رأى نورا غامرا سمع منه صوتا إلهيا أعطاه إنجيلا إلهيا بدون أن يذكر أى شهود على هذه الحادثة !! وانتقل شاؤول فجأة من كـرسي الجلاد إلى كـرسي المحامي ثم أطلق على نفسه اسم بولس ثم أصبح بعدها أهم شخصية في تاريخ المسيحية باعتراف المؤرخين للآثار والتغييرات الكبيرة التي حدثت بسببه حتى إن المسيحية تسمى باسمه أحيانا فيقال مسيحية بولس. [72]ثم أخذ بولس يدعو الناس إلى ما كان غائبا عن تلاميذ المسيح وما كان غائبا عن المسيح نفسه طوال حياته على الأرض من أمور مثل تجسيد الإله وألوهية المسيح ونظرية المخلص وعقيدة الفداء والصلب والخطيئة الأصلية والتي كانت عند الأمم الوثنية التي أراد بولس أن تنتشر فيها دعوته مع اختلاف الأسماء.[73]

وهنا يحق لنا أن نسأل عدة أسئلة إذا كان بولس رسولا له كل هذه الأهمية فلماذا لم يبشر المسيح تلاميذه بنبوته؟؟ إن ذلك لم يحدث بدليل ما جاء في أعمال الرسل : و لما جاء شاؤول بولس إلى أورشاليم حاول أن يلتصـق بالتلاميـذ وكان الجـميع يخافـونه غـير مصـدقـين أنه تلميـذ[74]!! ولماذا لم يختره المسيح ليكون من تلاميذه و يتلقى عنه مباشرة قبل أن يرفع إلى السماء؟ولنا أن نسأل أيضا كيف ينتقل رجل فجأة من الكفر المحض إلى النبوة والرسالة بدون أن يمر بأى مرحلة وسيطة ولم يكن أى من الأنبياء السابقين كافرا قط فضلا عن أن يكون عدوا لدودا للدعوة؟ ولماذا لا نجد أى نص في كتاب سماوي يدل أو يشير إليه أو يصفه، فرسائله تعد شهادة منه لنفسه فهي غير مقبولة، وكذلك ما كتب بتأثير منه؟ ولماذا لم يؤيده الله بمعجزة كما أيد موسى عليه السلام حين كلمه وكما أيد جميع الأنبياء ؟ وما فائدة رسالته بعد رفع المسيح مباشرة إلا إن كان المسيح لم يبلغ رسالة ربه على الوجه الـأكمل حاشاه من ذلك؟ وكيف عرف بولس فجأة بعد أن سمع الصوت أن الذي يخاطبه هو صوت الرب وليس شيطانا؟ و لماذا لم يذهب بولس بعد تنصره مباشرة إلى التلاميذ ليتلقى عنهم دين المسيح بل ذهب إلى الجزيرة العربية [75]ومكث بعيداً عن التلاميذ ثلاث سنين، ثم لقي اثنين منهم فقط لمدة خمسة عشر يوماً (انظر غلاطية 1/18- 19)
ولو كانت هذه التغييرات التي أحدثها بولس وحيا من عند الله ألم يكن أولى أن ينال هذا الشرف أحد تلاميذ المسيح الذين آمنوا به في حياته وصحبوه و نالهم الاضطهاد في سبيل دينه من هذا الذي كان يحارب دعوة المسيح؟ بل ألم يكن أولى أن يخبر بها المسيح صراحة ولا يدعها لشخصية يكتنفها الريبة والغموض؟و لماذا لم يذكر بولس اسم شاهد واحد على الأقل على قصة الرؤية هذه؟ ألم يقر المسيح بأن شهادته هو لنفسه وحدها لا تكفي وإنما يلزم شهادة أخرى معه كما نصت على ذلك التوراة؟ [76]فهل بولس أفضل أم المسيح؟؟ ؟ و ماذا عن الاختلافات في قصة رؤية بولس المزعومة بين الروايات المختلفة التي تضحض هذه الواقعة؟ [77]
إن للرسل علامات من أظهرها أن يكونوا في الدرجة القصوى من حسن الخلق و السجايا الكريمة فهل تحقق هذا في بولس؟ إذا نظرت في نصوص العهد الجديد ستجد له مواقف تطفح غرورا ونفاقا وكذبا في سبيل تحقيق أهدافه فتجده يقول:"صرت لليهود كيهودي…وللذين تحت الناموس كأني تحت الناموس…و للذين بلا ناموس كأني بلا ناموس…صرت للكل كل شيء" (كورنثوس(1)9/20-21. فهو يريد أن ينشر دين الله بالكذب والطرق الملتوية وانظر إليه عندما خاف من الجند قال لهم: "أيجوز لكم أن تجلدوا إنساناً رومانياً"فذهب القائد بنفسه إلى بولس وسأله: "أأنت حقا روماني؟" فأجاب: "نعم!" فقال القائد: "أنا دفعت مبلغا كبيرا من المال لأحصل على الجنسية الرومانية". فقال بولس: "وأنا حاصل عليها بالولادة!»أعمال22/25-28فانظر إلى هذا الكذب البواح مع أنه يهودي فريسي ابن فريسي كما في ( أعمال 6:23 ) وهو يسيء الأدب مع الله قائلا بلا ذوق " لأن جهالة الله أحكم من الناس، وضعف الله أقوى من الناس" (كورنثوس(1)1/25) ويقول عن التوراة (لو كان العهد السابق بلا عيب، لما ظهرت الحاجة إلى عهد آخر يحل محله) عبرانيين (8/7) ويقول مستحلاً المحرمات: " كل الأشياء تحل لي" (كورنثوس(1)6/12) [78]بالإضافة لإنه جعل نفسه حواريا بل قديسا معصوما فوق الأنبياء جميعا يدين العالم كله بما فيهم الملائكة الذين جعل المسيح دونهم بقليل [79]انظر عبرانيين 9/2 و كورنثوس(1)6/2-3
ولم يكتف بولس بذلك ولكنه ملأ العهد الجديد بأرائه المحضة ثم جعلها وحيا مقدسا من عند الله فتراه يقول (إِذاً من زُوِّج فحسنا يفعل ومن لا يُزَوج يفعل أحسن) ( كورنثوس (1) 7/39 ) فهل هذا يتفق مع فطرة الله التي فطر الناس عليها ؟ وماذا يحدث لو طبق جميع الناس هذه النصيحة الغبية؟ حتى رسائله الشخصية البحتة التي لا تعني أى شيء بالنسبة للناس جعلها وحيا أيضا من عند الله فيقول في رسالته إلى تيموثاوس " سلم على برسكا وأكيلا، وعائلة أونيسيفورس. أراستس مازال في مدينة كورنثوس. أما تروفيموس، فقد تركته في ميليتس مريضا. اجتهد أن تجيء إلي قبل حلول الشتاء.يسلم عليك إيوبولس، وبوديس، ولينوس، وكلوديا، والإخوة جميعا). فما علاقة هذه السلامات والتحيات بوحي الله للعالمين؟ و هو لا ينسى ردائه أيضا في هذه الرسالة فيقول )وعندما تجيء، أحضر معك ردائي الذي تركته عند كاربس في ترواس، وكذلك كتبي، وبخاصة الرقوق المخطوطة.!!) فهل هذا كلام مقدس؟
إن المسيح عليه السلام قد بشر ببولس رسولا للشيطان لا رسولا للرحمن فقال : "لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء ما جئت لأنقض بل لأكمل فإني الحق أقول لكم : إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد من الناموس حتى يكون الكل، فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلم الناس هكذا يدعى: أصغر في ملكوت السماوات" (متى 5/17-19)، و بولس معناها "الصغير") و هو الذي نقض وصايا المسيح ووصايا موسى عليهما السلام التي قال عنها المسيح " إ ن أردت أن تدخل الحياة فاحفظ الوصايا ". متى [ 19 : 16 ] وقال أيضا " « على كرسي موسى جلس الكتبة والفريسيون فكل ما قالوا لكم أن تحفظوه فاحفظوه وافعلوه ولكن حسب أعمالهم لا تعملوا لأنهم يقولون ولا يفعلون.)) متى [ 23 : 1 ] فقد أحل بولس شرب الخمر ودعا إليها صراحة وأحل أكل لحم الخنزير وحلل ذبيحة الصنم وأبطل مفهوم النجاسة و حرم الختان –مع أن المسيح قد اختتن[80]- وألغى تقديس يوم السبت وقال عن الشريعة التي كان المسيح من أشد الناس تمسكا بها أنها (لم توصل الذين كانوا يعبدون الله بحسبها ولو إلى أدنى درجات الكمال)[81] ثم وصل به الحال إلى أن ألغى الشريعة معللا ذلك بكل وقاحة بأن الشريعة تجلب الغضب ، وحيث لا تكون شريعة لا تكون معصية [ رومية 4 : 15 ] وقال "لذا نحن - أي بولس- نقرر تبرير أعمال الإنسان من خلال إيمانه ، بدون التزامه بالشريعة " [82][ رومية 3 : 28 ] فجعل بولس فصلا تاما بين الإيمان والعمل وجعل المطلوب من الشخص فقط كي ينجو أن يؤمن أن المسيح مات على الصليب كفارة لأخطاء البشرية ثم لا عليه بعد ذلك أن يفعل ما يريد طالما آمن بالمخلص فالنجاة ستأتيه أوتوماتيكيا !! حتى أنه أخبر أن الكافر الذي لا يؤمن بالمسيح قد يدخل الجنة إذا كان متزوجا من امرأة مؤمنة (كورنثيوس1 8:7-16)[83]
ولا يخفى ما لهذا الاعتقاد من أثر في التسبب في الانحلال الخلقي و الفوضى الاجتماعية. و على عكس ذلك قال يعقوب تلميذ المسيح في رسالته : " قائلاً : (ياإخوتي، هل ينفع أحدا أن يدعي أنه مؤمن، وليس له أعمال تثبت ذلك، هل يقدر إيمان مثل هذا أن يخلصه؟ ) [14:2] و قوله " وهذا يؤكد لك، أيها الإنسان الغبي، أن الإيمان الذي لا تنتج عنه أعمال هو إيمان ميت " [2: 20]
و قد دعي بولس في الدنيا بالصغير، ولسوف يدعى في الآخرة أصغر جزاء تبديله للناموس والوصايا
غير أن أخطر الشروخ التي أصابت جدار المسيحية على يد بولس على الإطلاق هي الوثنية المتمثلة في عقائد تجسيد الإله و صلبه وأكل لحمه ودمه في العشاء الرباني وغير ذلك مما نبت من أفكاره الفلسفية[84]أو معتقدات الشعوب الأخرى التي أراد للمسيحية أن تنتشر فيها. يقول شارل جنيبر" إن الدراسة المفـصلة لرسائل بولس الكبرى تـكشف لنا النـقاب عن مزيج من الأفكار فـيبدو لأول وهـلة غريبًا حـقـًا فهي مزيج من الأفكار اليـهودية ثم من المفاهـيم المنـتشرة في الأوساط الوثنـية اليونانية ومن الذكريات الإنجـيلية والأساطير الشرقية" [85]

ويبدو أن هم بولس الأول الذي استطاع تحويل المسيحية من دعوى قومية إلى بني إسرائيل كما كانت في عهد المسيح إلى دعوة عالمية كان الاستكثار من الأتباع و المؤمنين الجدد من أبناء الأمم المجاورة لذا صاغ لهم من معتقداتهم القديمة دينه الجديد الذي لا يمت للمسيح بصلة إلا اسمه ويدل على ذلك التشابه الشديد بين عقائد النصارى الحالية والعقائد الوثنية القديمة. [86]فكما أن الآلهة عند الرومان تتجسد على شكل مخلوقات وتصارع البشر جعل بولس إلهه الجديد كذلك وكما أن البشرية في نظر الحضارات القديمة تحتاج إلى منقذ يخلصها من اللعنة جعل بولس ذلك في دينه الجديد ومن أمثلة ذلك ديانة (مثرا) الذي كانوا يسمونه في أوروبا (مثرا إله الخلاص ) والمثراوية تحوي المعمودية والعشاء الرباني[87]أيضا حتى أن بعض الباحثين أعلن في وضوح أن النصرانية هي المثراوية في ثوبها الجديد ولهذا قيل«لم تتنصر الروم ولكن تروَّمت النصارى». يقـول د. جـنيبر : [ ورأى بولس بوضوح أيضـًا أن الأتباع الجـدد من المشركـين لم يكـونوا ليتقـبلوا كل القـبول ( فـضيحـة الصليب ) وأنه يجـب تفـسير ميتـة عـيسى المشيـنة تفـسيرًا مرضيـًا يجـعـل منها واقـعـة ذات مغـزى ديني عـميق.. وأعـمل بولس فكـره في هـذه المشكلة.. ووضـع لها حلاً كان له صـدى بالغ المـدى.. لقـد تجـاهل فكـره عـيسى الناصري ( المسيح عـليه السلام ) ولم يتجـه إلا إلى عـيسى المصلوب ( الشخـصية التي اخـترعـها بولس ) فـتصوره شخـصية إلهـية تسـبق العـالم نفـسه في الوجـود.. رجـل سماوي احـتفـظ به الله إلى جانبه أمـدًا طويـلاً حتى نزل إلى الأرض لينـشيء فـيها حـقـًا بشـريـًا جـديدة يكـون هو دمها..][88]

فإذا نظرنا إلى موقف تلاميذ المسيح من بولس فبرغم من أن بعضهم تقبله في البداية عملا بحسن الظن الذي علمهم إياه المسيح إلا أنهم عارضوا دعوته ووقفوا في وجهها بعد أن ظهرت لهم بدعه المهلكة ودليل ذلك اختفاء ذكرهم عن عالم المسيحية بعد ظهور بولس، فقد اختفت كتاباتهم وحوربت، ولم ينج منها إلا إنجيل برنابا ورسالة يعقوب المضمنة في رسائل العهد الجديد والتي تمتلئ بمخالفة بولس وخاصة في مسألة الفداء.حتى برنابا وهو الوحيد الذي قدم بولس إلى التلاميذ نفر منه بعد ذلك واختلف معه وتركه واختفى ذكره من العهد الجديد بعد هذه الحادثة و لو كان بولس رسولا من عند الله حقا لما تركه تلميذ المسيح عليه السلام[89].
وقد ظل المؤمنون من أتباع التلاميذ الذين كانت لهم رسائلهم وكتبهم أيضا يعبدون الله على شريعة المسيح بدون أن يتأثروا ببدع بولس وحارب الكثير منهم دعوة بولس واتهموه بأنه أفسد الديانة المسيحية بعد أن عجز عن القضاء عليها بالسيف والسلطان فدخل في المسيحية وأخرجها من التوحيد إلى الوثنية. حتى بدأ تدخل السلطة وانعقاد المجامع الكنسية. وفي ذلك يقول الشاعر القروي السوري رشيد سليم الخوري -المولود في أسرة أرثوذكسية : " إن الكنيسة ظلت حتى مطلع القرن الرابع الميلادي تعبد الله على أنه الواحد الأحد وأن يسوع المسيح عبده ورسوله حتى تنصر قسطنطين عاهل الروم وتبعه خلق كثير من رعاياه اليونان والرومان فأدخلوا بدعة التثليث وجعلوا لله سبحانه وتعالى أندادا شاركوه منذ الأزل في خلق السماوات والأرض وتدبير الأكوان ومالأهم الأسقف الأنطاكي مكاريوس فثار زميله الأسقف أريوس على هذه البدعة ثورة عنيفة شطرت الكنيسة واتسع بين الطائفتين نطاق الجدل حتى أدى إلى الاقتتال وفاز أريوس بالحجة القاطعة في المجامع بيد أن السلطة وضعت ثقلها في الميزان فأسكتت صوت الحق وأنفذت صوت الباطل واستمر المسيحيون يعمهون في ضلالتهم "
و قضية المجامع هذه أمرها عجيب. فإزاء تعدد مذاهب النصارى في المسيح عليه السلام وتعدد أناجيلهم كذلك التي بلغت أكثر من خمسين إنجيلا كما تذكر بعض الروايات تم عقد المجامع الكنسية وأولها مجمع نقية عام 325 م الذي اجتمع فيه أكثر من ألف أسقف لكي يحددوا طبيعة المسيح عليه السلام ويختاروا الأناجيل المعترف بها من ضمن عشرات الأناجيل وبرغم أن 338 أسقفا فقط هم من قالوا بألوهية المسيح إلا أن الإمبراطور الروماني قسطنطين انحاز إلى هذا الرأي –وهو الأقرب إلى وثنيته- وانفض المجمع على لعن أريوس الذي يقول بالتوحيد ونفيه وطرد من قال برأيه وحرق كتبه واختيار أربعة أناجيل فقط هي أناجيل يوحنا ولوقا ومتى ومرقص التي كانت تعزز عقيدة ألوهية المسيح وحرق بقية الأناجيل وقتل كل من يثبت اقتناؤه لها وأما الرسائل السبع فلم يعترف المجمع المذكور بالكثير منها ، وإنما تم الاعتراف بها فيما بعد وهذا القدر من التاريخ يتفق عليه جل المؤرخين. وهكذا تحققت نبوءة المسيح وهي قوله (ستطردون خارج المجامع، بل سيأتي وقت يظن فيه من يقتلكم أنه يؤدي خدمة لله. وهم يفعلون هذا بكم لأنهم لم يعرفوا أبي، ولا عرفوني ) يوحنا 2:16 و إنا لنعجب أشد العجب من دين يتم اختيار عقائده وكتبه بهذه الطريقة ... هل يمكن أن يترك الله الناس في حيرة بدون بينة واضحة أو كتاب منير فيحددوا طبيعة إلههم وكتبهم المقدسة من خلال المؤتمرات التي تتلاعب فيها الأهواء والمصالح وحب الرياسة وتقلبات السياسة بالنفوس البشرية؟[90]أم أن الحق كان واضحا ولكن اختلاف الكهنة والعلماء وإتباع الأهواء أذهب به؟ ولماذا تم رفض بقية الأناجيل برغم أن الأشخاص الذين كتبوها تعتبرهم الكنيسة قديسين؟ ولماذا كانت هذه الأربعة فقط هي وحي الله وما عداها ليس وحيا؟(91) وما الذي يضمن أن قرارات هذه المجامع هي قرارات معصومة من الخطأ وهي التي كانت قلما كان يسلم أعضاؤها من الاختلاف بل كانت تنتهي غالبا بلعن بعضهم بعضا !! لا شك أن أي عاقل لا يقبل أن يتحدد دينه واعتقاده و هو أهم ما لديه بهذه الطريقة.
و برغم نتيجة هذه المجامع وانحياز الإمبراطور الروماني لوثنية روما في شكلها الجديد واضطهاد الدولة الرومانية لأتباع أريوس فإنه ظل من النصارى من يعبد الله وحده واستمر من عقلاء النصارى ومصلحيهم من كل جيل من يستيقظ عقله ليعلن فساد مبدأ التثليث والتجسد من حين لآخر فيناله ما يناله من الاتهام بالهرطقة والتكفير والحرمان من دخول الجنة من الكنيسة حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم فانتصر لأتباع التوحيد وأصبحوا ظاهرين من حينها و تولت أمة الإسلام أمر الدعوة إلى عبادة الله وحده و ما زال يلبي هذه الدعوة إلى اليوم كل من استمع لنداء عقله وفطرته وقلبه من علماء النصارى وعوامهم على السواء.[92]
على أن فساد النصرانية لم يقتصر في أمر الألوهية ولكن جعلت الكنيسة لنفسها سلطة مغفرة الذنوب ودخول الجنة وجعلت لذلك صكوكا فأقحمت نفسها بين العبد وربه و احتكرت لنفسها حق تفسير الإنجيل بل وقراءته [93]وجعلت لنفسها أسرارا لا يجوز للناس الاطلاع عليها و أدخلت بدعة تقديس مريم عليها السلام وتقديس أشخاص عاديين وبدعة القربان المقدس وادعت عصمة البابا[94]بل صار البابا يتلقى من الرب مباشرة وجعلت السجود للصور والتماثيل والصلبان كعباد الأوثان داخل الكنائس- وهي جمادات لا تنفع ولا تضر- [95]فأصبح تعلق النصراني بتمثال المسيح وصورته والصليب بعد أن كان بالله و وبدلت التشريعات التي كانت سائدة أيام المسيح كالصوم وحرمت الطلاق وحولت اتجاه القبلة من بيت المقدس إلى مشرق الشمس وابتدعت الرهبنة التي تقوم على تعذيب الجسد وأوقدت شرارة سلسلة من الحروب الهمجية عرفت في التاريخ باسم الحروب الصليبية و صادرت الكنيسة عقول الناس وأفكار العلماء واضطهدتهم فأشعلت الصراع النكد مع العلم وظلت أوروبا تعيش في عصور الظلام مئات السنين حتى نبذ أهلها الدين وضاقوا ذرعا بتسلط الكنيسة وطغيانها فظهرت عدة ثورات وحركات إصلاحية[96]نادت بالتحرر من سلطة الكنيسة ورُفِع شعار اللادينية وحينها فقط بدأ ما يعرف بعصر النهضة الأوروبية!!






يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع




القلب الحزين 12-01-2014 07:33 PM

رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو
 

يتبــع الموضوع السابق ( 7 )
رسالة إلى العقل والقلب

يكتبون الكتاب بأيديهم
فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً

أنزل الله على عيسى عليه السلام الإنجيل وقال عنه في القرآن ( فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ ) و هذا الكتاب المبارك هو الذي كان يسمى بالإنجيل فقط غير منسوب إلى مؤلف من البشر وقد علمه المسيح عليه السلام لتلاميذه ووردت إشارات عنه في الكتاب المقدس [97]إلا أنه يبدو أن هذا الإنجيل قد تعرض للفقد مع معظم كتابات التلاميذ التي كانوا يكتبون فيها مذكراتهم و تسجيلهم للأحداث ووصاياهم وقد عرفت أيضا باسم الأناجيل إثر المحاولات الغاشمة من الكنيسة للقضاء عليها وحرقها وقتل مقتنيها. و قد بلغت هذه الكتب أكثر من خمسين إنجيلا و منها إنجيل برنابا وإنجيل الطفولة ويُنسب لمتى الحوارى وإنجيل فيليب ويُنسب لفيليب الحوارى وإنجيل المصريين ويُنسب لمرقص الحوارى و إنجيل الإثنى عشر رسولا و إنجيل العبرانيين أو الناصريين و إنجيل السبعين وينسب لتلامس وإنجيل مريم المجدلية وإنجيل الحياة وإنجيل الولادة وإنجيل التذكرة وإنجيل مرقيون وقد تم رفض أكثر هذه الأناجيل بعد مجمع نيقية وبقيت شذرات منها في المكتبات القديمة إلا أن إنجيل برنابا منها هو الذي ذاع صيته وانتشر و ترجم إلى لغات عديدة. وقد جاء ذكر إنجيل برنابا في ثنايا قرارات الكنسية منذ القرن الرابع الميلادي تحرض على منع قراءته مثل قرار البابا ديماسوس عام 366 م وقرار البابا جلاسيوس الأول الذي جلس على كرسي البابوية عام 492 م يحرم فيه قراءة عدة كتب منها إنجيل برنابا .ويتفق المؤرخون على أن أقدم نسخة عثروا عليها لهذا الإنجيل، نسخة مكتوبة باللغة الإيطالية، عثر عليها كريمر أحد مستشاري ملك بروسيا، و ذلك فى سنة 1709. و قد انتقلت النسخة مع بقية مكتبة ذلك المستشار فى سنة 1738 إلى البلاط الملكي بفينّا. و كانت تلك النسخة هى الأصل لكل نسخ هذا الإنجيل في اللغات التي ترجم إليها. وبرنابا كاتب هذا الإنجيل هو أحد حواريي المسيح ، واسمه يوسف بن لاوي بن إبراهيم وجاء في العهد الجديد أنه باع حقله وجاء ووضعه عند أرجل تلاميذ المسيح ( انظر أعمال 5/36 – 37 )، عرف بصلاحه وتقواه وقد ذهب برنابا للدعوة في أنطاكية.. "ووعظ الجميع أن يثبتوا في الرب بعزم القلب ، لأنه كان رجلاً صالحاً وممتلئاً في الروح القدس والإيمان ، فانضم إلى الرب جمع غفير " ( أعمال 11/22 – 24) و يعتبر إنجيل برنابا وثيقة إدانة ضد التحريف الذي أحدثه بولس الكذاب وبابوات الكنيسة من بعده في النصرانية وشاهدا على صدق النبي محمد صلى الله عليه وسلم إذ أنه يقر بوحدانية الله عز وجل و ببشرية المسيح عليه السلام ويبشر برسول الإسلام باسمه الصريح محمد لذا لم تعترف به الكنيسة وحرمت قراءته ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره فالكتاب مترجم للعربية ومتاح للجميع[98]وهذا لا يعني أنه خالي من الأخطاء فهو كأي عمل بشري معرض لذلك لكنه أقرب الأناجيل إلى الصواب. وهذه إحدى فقراته يبشر المسيح فيها بالنبي صلى الله عليه وسلم " فأجاب يسوع....الحق أقول لكم إن كل نبى متى جاء فإنه إنما يحمل علامة رحمة الله لأمة واحدة فقط . و لذلك لم يتجاوز كلامهم الشعب الذى أرسل إليهم. و لكن رسول الله متى جاء. يعطيه الله ما هو بمثابة خاتم. فيحمل خلاصا و رحمة لأمم الأرض الذين يَقبلون تعليمه. و سيأتى بقوة على الظالمين. و يبيد عبادة الأصنام بحيث يخزى الشيطان. لأنّه هكذا وعد الله إبراهيم قائلا (أنظر فإنى بنسلك أبارك كل قبائل الأرض و كما حطّمت يا إبراهيم الأصنام تحطيما هكذا سيفعل نسلك"(.

أما التوراة فلم تسلم هي الأخرى من التلاعب والتحريف فقد آتى الله موسى الكتاب فيه هدى ونور ومن كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء لكن أحبار السوء الذين ورثوا الكتاب كانوا يشترون به ثمنا قليلا فيخفون كثيرا من أجزائه للهروب من أحكامه غالبا وكسب المال ويكتبون بدلا منها كتبا بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله حتى تحول الكتاب إلى هذه المجموعة المشوهة أخلاقيا وعلميا من الأسفار التي تعرف بالعهد القديم بعضها لمؤلفين مجهولين كما ذكر مراجعو الطبعة المنقحة RSVمثل سفر صموئيل وسفر أخبار الأيام[99]والتي لا نجد بينها التوراة كما كانت على عهد موسى. وصدق الله إذ يقول ( وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) وهذا لا يمنع أن يكون في هذه الأسفار أثارة من علم الأنبياء وبقايا من وحي السماء، لكنها غارت في بحور من تخليط البشر وتحريفهم وسترى أمثلة على ذلك ولذلك فإن فِرَق النصارى مختلفون في كتابهم المقدس أشد الاختلاف فتجد مثلا البروتوستانت -وهم أشد الفرق تعظيما له ولذلك سموا بالإنجيليين- لا يعترفون بسبعة أسفار من كتاب الكاثوليك وتوجد اختلافات كثيرة في الأسفار المعترف بها لديهم بين كتابهم وكتاب الكاثوليك فأي الكتابين هو الصحيح؟؟ هذا بالإضافة للأسفار المفقودة ومشار إليها في ثنايا العهد القديم مثل كتاب حروب الرب المذكور في سفر العدد 14:21و كتاب ياشر المذكور في يشوع 10:13.

و أما الأناجيل المعترف بها اليوم- وهي إنجيل متّى ، وإنجيل مرقص ، وإنجيل لوقا ، وإنجيل يوحنا التي ضمنتها الكنيسة مع رسائل بولس و بقايا التوراة المحرفة في كتاب واحد أسمته الكتاب المقدس فبالرغم من أي من كتـّاب هذه الأناجيل لم يدع الإلهام لنفسه وإنما اعترف بعضهم بأن ما كتبه هو مجرد تسجيل للأحداث حسبما يراها هو فإن الكنيسة تصر على هذه الدعوة ولكن ما بهذه الأناجيل من أخطاء وتناقضات[100]يكشف زيف هذه الدعوة بكل وضوح. يقول روبرت كيل تسلر[101]في كتاب حقيقة الكتاب المقدس: " أما ما يخص العهد الجديد فإن النص الأصلي -وهو ليس لدينا كما ذكرنا من قبل - قد تكوَّن بين أعوام (50) و(200) بعد الميلاد، وهذه مدة كبيرة من الزمن بعد وفاة يسوع، بل إن (50) سنة لتعد أيضاً فترة زمنية كبيرة وفي هذا الزمن استطاعت بعض الأساطير أن تجد لها طريقاً تنتشر فيه ، في وقت لم يعد فيه شهود عيان عند تكوين معظم النصوص الأصلية وهنا يجب علينا أن نتذكر : كم من الأساطير نشأت فقط بعد عدة سنوات بسيطة من حريق جيوفارا؟ " وإذا لم تكن مصدقا بوجود الإشاعات في الأناجيل فقل لي بربك من أين عرف المؤلفون الأحداث التي تلت القبض على شبيه المسيح إذا كان كل التلاميذ قد تركوه وهربوا كما هو مذكور في متى 56:26 ومرقس 50:14 إلا عن طريق الإشاعات؟

أول هذه الأخطاء هي نسبة الأناجيل نفسها لأصحابها فهي نسبة تعتريها الشكوك وتحوم حولها الشبهات من كل جانب.أما بالنسبة لإنجيل يوحنا فقد كتب في أواخر القرن الأول الميلادي في حين أن يوحنا الحواري كما يقول بعض المؤرخين مات مشنوقا سنة 44م على يد غريباس الأول وهو كما يذكر مؤلفه مكتوب خصيصا لإثبات ألوهية المسيح فقد ظلت الأناجيل نحو قرن من الزمان ليس فيها نص على ألوهية المسيح فالأساقفة اعتنقوا ألوهية المسيح قبل وجود النص الذي يدل عليها ولما أرادوا أن يحتجوا على خصومهم لم يجدوا مناصا من أن يلتمسوا دليلا ناطقا بذلك فكتب أحدهم أو بعضهم هذا الإنجيل[102]. تقول دائرة المعارف البريطانية : "يعتقد كثير من العلماء أن نسبة هذا الإنجيل إلى يوحنا الحواري غير صحيحة"[103] وجاء في الترجمة المسكونية للإنجيل كلام مماثل لذلك. ولولا خشية التطويل لذكرت أراء عددا من الباحثين بأسمائهم ولكن أكتفي بذكر كلام القس فهيم عزيز بعد طرحه لسؤال من كاتب إنجيل يوحنا : يجيب القس فهيم عزيز : " هذا السؤال صعب، والجواب عنه يتطلب دراسة واسعة غالباً ما تنتهي بالعبارة : لا يعلم إلا الله وحده من الذي كتب هذا الإنجيل ". وهذه شهادة من أهلها لا تحتاج معها لشهادة آخرى. أما إنجيل متى فقد جاء في مقدمة الرهبانية اليسوعية لإنجيل متى: " أما المؤلِّف، فالإنجيل لا يذكر عنه شيئاً وأقدم تقليد كنسي ينسبه إلى الرسول متى .. ولكن البحث في الإنجيل لا يثبت ذلك الرأي أو يبطله على وجه حاسم، فلما كنا لا نعرف اسم المؤلف معرفة دقيقة يحسن بنا أن نكتفي ببعض الملامح المرسومة في الإنجيل نفسه... ".
أما مرقس ولوقا فلم يكونا من تلاميذ المسيح عليه السلام يقول المفسر دنيس نينهام مفسر مرقس : " لم يوجد أحد بهذا الاسم عرف أنه كان على صلة وثيقة، وعلاقة خاصة بيسوع، أو كانت له شهرة خاصة في الكنيسة الأولى ". وقال بطرس قرماج في كتابه " مروج الأخبار في تراجم الأبرار " عن مرقس : "كان ينكر ألوهية المسيح ". وأما لوقا فقد كفانا عناء البحث في أقوال المؤرخين إذ يقول بنفسه في مقدمة إنجيله " إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا، كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداماً للكلمة

رأيت أنا أيضاً - إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق - أن أكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس، لتعرف صحة الكلام الذي علِّمتَ به " فالذين كانوا في البدء هم التلاميذ و هو يعلن أنه لم يكن معهم. [104]

أما عن النسخ الأصلية التي كتبت منها هذه الأناجيل فيقول موريس نورن في " دائرة المعارف البريطانية " : " إن أقدم نسخة من الأناجيل الرسمية الحالية كتب في القرن الخامس بعد المسيح، أما الزمان الممتد بين الحواريين والقرن الخامس فلم يخلف لنا نسخة من هذه الأناجيل الأربعة الرسمية، وفضلاً عن استحداثها وقرب عهد وجودها منا، فقد حرفت هي نفسها تحريفاً ذا بال، خصوصاً منها إنجيل مرقس وإنجيل يوحنا" وهذا يعني أن هذه الأناجيل منقطعة السند[105]فضلا عن أن هذه النسخ القديمة ليست باللغة الأصلية التي كتبت بها الأناجيل ولا يُعلم من ترجمها ولا متى ترجمت !! ولا توجد أي طريقة علمية لإثبات أن هذه النسخ هي نفسها التي كانت موجودة في القرنين الأول والثاني الميلادي إلا المقارنة بين عدة نسخ من هذه المخطوطات لنفس الإنجيل لا تعتمد على بعضها البعض وحينها لن تكون المقارنة بالتأكيد في صالح الكتاب المقدس!! حتى عملية النسخ نفسها قبل اختراع الطباعة لا يمكن التسليم بدقتها نظرا لإنه لم يكن محفوظا عن ظهر قلب في صدور الرجال كالقرآن ولتغير اللغة ومعاني الكلمات عبر القرون المتطاولة فضلا عن أن اللغات مختلفة في ثرائها اللغوي عن بعض وقد توجد كلمات في لغة لا يوجد نظير لها في لغة أخرى لذا لا يمكن التسليم بالدقة الكاملة لمن ترجم كلام المسيح مثلا من الآرامية ثم إلى اليونانية ثم إلى اللاتينية والعربية وأي ادعاء بأن الكتاب الحالي هو كتاب مقدس يلزم أن يكون جميع المترجمين الذين ترجموه قديسين أو موحي إليهم من الروح القدس فهل تضمن الكنيسة ذلك؟ [106]

لكن حدث اكتشافان أثريان هامان في أواسط القرن العشرين قد يؤديان لحدوث انقلاب في النظرة للكتاب المقدس والعقيدة النصرانية من أساسها. الأول هو مخطوطات كثيرة ترجع للقرن الأول الميلادي[107]أو قبله تخص جماعات مسيحية موحدة عاشت في هذه الفترة عثر عليها أحد البدو صدفة داخل أوان من الفخار في كهوف قمران بجوار البحر الميت عام 1947 لذا هي تعرف بمخطوطات البحر الميت ((Dead Sea Scrolls. هذه المخطوطات كتب عنها الدكتور ف. البراين و هو عمدة في علم آثار الإنجيل : " إنه لا يوجد أدني شكل في العالم حول صحة هذا المخطوط و سوف تعمل هذه الأوراق ثورة في فكرتنا عن المسيحية، و قال عنها القس ( أ. باول ديفيز ) في كتابه عن مخطوطات البحر الميت[108]( إن مخطوطات البحر الميت و هي من أعظم الاكتشافات أهمية منذ قرون عديدة ، قد تغير الفهم التقليدي للإنجيل ). ويعتقد كثير من العلماء أن هذه المجموعة التي كتبت المخطوطات هي من الأسينيين ويعتقد آخرون أنهم من الأبيونيين الذين كانوا يعتقدون بوحدانية الله وبشرية المسيح عليه السلام و تنكروا لبولس الكذاب و قد اضطهدهم الرومان. وتتحدث الوثائق صراحة عن التنبؤ بمسيحين سوف يرسلهما الله للعالم أحدهما سيكون من نسل هارون وإسرائيل (يعقوب) عليهما السلام و ستكون مهمته محصورة في التوجيه الديني ( priestly messiah) ويسميه أتباعه بمعلم البر والتقوى (Teacher of Righteousness) ولكن أحد الكهنة وهو الكاهن الشرير Wicked ) ( Priest سوف يخونه من أجل المال ويحاول تسليمه لأعدائه لكن الله يعاقبه هو بأن يسلمه إليهم و يجعلهم يقتلونه وتتحدث أيضا المخطوطات عن الكذاب (Man of lies)[109]الذي لوث اسم المعلم واحتقر التعاليم وأضل الكثيرين وواضح أن معلم البر والتقوى هو المسيح عليه السلام والكاهن الخائن هو يهوذا الذي دل الرومان على مكانه فمكر الله به وألقى عليه شبه المسيح وأما الكذاب فهو بولس الذي لوث اسم المسيح ونسب إليه ما لم يقله وأضل الملايين من بعده. وأما المسيح الآخر الذي تتحدث عنه المخطوطات فهو الذي سوف تشرق شمسه على كل العالم لتبدد الظلمات وسوف تكون كلماته كوحي السماء وسوف يحكم سيفه على جميع العالم وسوف يُرسل لجميع أبناء عصره و يمحو الجيل الذي بعث فيه الشر من العالم وسوف يختلق الناس الأكاذيب عنه[110]وقد وردت له ولأصحابه صفات كثيرة في هذه المخطوطات تنطبق على النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه ويمكنك أن تقرأ في هذه المخطوطات بنفسك فهي موجودة في العديد من المكتبات العامة ومترجمة للعربية والإنجليزية وموجود فصول منها على الانترنت.

وأما الاكتشاف الثاني فهو مكتبة كاملة من الكتابات المسيحية القديمة عثر عليها في نجع حمادي Nag Hammadi Library))بمصر وهي موجودة الآن بالمتحف القبطي في القاهرة و من ضمن محتويات هذه المكتبة إنجيل توماس ( توما ) وهو يحوي سردا لأقوال المسيح عليه السلام وإنجيل فيليب وإنجيل الحق وإنجيل المصريين، إلى جانب بعض كتابات منسوبة للحواريين، مثل كتاب جيمس- يحمس في المصرية- و بعكس الأناجيل الأربعة المعروفة فلم يرد أي ذكر لقصة الصلب المزعومة في مكتبة نجع حمادي بل ورد تكذيب صريح لها. و محتويات هذه المكتبة أيضا مترجمة ومتاحة للباحثين ومن أمثلة ما ورد في إنجيل بطرس على لسان بطرس (رأيته يبدو وكأنهم يمسكون به فقلت ما هذا الذي أراه يا سيد هل هو أنت حقا من يأخذون؟ أم أنهم يدقون قدمي ويدي شخص آخر قال لي(المخلص) من يدقون المسامير في يديه وقدميه هو البديل فهم يضعون الذي بقي فيّ شبهه في العار انظر إليه وانظر إلىّ) وتدل الرسومات الموجودة على أغلفة مجلدات هذه المكتبة على أن المسيحيين الأوائل في مصر كانوا يتخذون مفتاح الحياة الذي يرمز لخلود الروح عند المصريين القدماء كرمز للمسيح عليه السلام وليس الصليب الروماني المعروف الآن و من يذهب إلى المتحف القبطي في القاهرة يجد أن مفتاح الحياة هو الصليب الوحيد الذي يرمز لقيامة المسيح خلال القرون الثلاثة الأولى للميلاد. ولم تستخدم الكنائس المسيحية الصليب الروماني إلا منذ النصف الثاني من القرن الرابع عندما أصبحت كنيسة روما مسيطرة على الحركة المسيحية، ومع هذا فإن ذلك الصليب لم يصبح مقبولا لدى عامة المسيحيين إلا بعد أن أعلنت الكنيسة الرومانية عن العثور في مدينة القدس على ما قيل إنه الصليب الخشبي الذي مات عليه يسوع. ثم تطور الأمر بعد ذلك- خلال القرن الخامس- عندما وضعت الكنيسة الرومانية صور لجسد المسيح على الصليب الخشبي.[111]

إذا عدنا إلى الكتاب المقدس الموجود بين أيدي الناس اليوم -على اختلاف نسخه - وأخذنا ننظر في متنه وجدنا عجبا بدءا من التناقضات الصارخة بين رواية مؤلفي هذا الكتاب للأحداث و القصص الخيالية التي نسجت عن المسيح بل عن الله عز وجل التي لا يمكن أن يقبلها عقل و الكلام الفاحش الذي يتناول الجنس و النساء بصورة خارجة عن الحياء ونسبة جميع الخطايا للأنبياء بدءا من شرب الخمر والسرقة حتى الزنا والكفر بالله عز وجل مما أدى لظهور علم كامل في الغرب يعرف بعلم نقد الكتاب المقدس[112]يعتمد على إجراء البحوث العصرية و المقارنة بين النسخ والمخطوطات الموجودة لمعرفة الأخطاء الموجودة في هذا الكتاب والتي أوصلها بعضهم إلى ما يزيد عن 20 ألف خطأ !![113]

وإذا أردت أمثلة فأول هذه الاختلافات التي تلفت النظر هي التباين الصارخ في سلسلة نسب المسيح بين إنجيلي متى ولوقا فهما مختلفان اختلافا يصعب الجمع بينهما سواء في عدد أجداد المسيح أو في أسمائهم ومثال ذلك عندما وصلت السلسلة إلى داود عليه السلام جعل متى المسيح من ولد سليمان الملك بينما جعله لوقا من ولد ناثان بن داود وهما أخوان ولا يعقل أن يكون المسيح من ذرية أخوين!! ثم إذا تأملت في سلسلة متى ستجد أنه ذكر للمسيح أربع جدات هن ثامار وراحاب وراعوث و وزوجة داود التي كانت لأوريا الحثي و لكل واحدة من هؤلاء الأربع سوءة تذكرها التوراة، فأما ثامار فهي التي ولدت فارص-وهو مذكور ضمن أجداد المسيح- زنا من والد أزواجها الذين تعاقبوا عليها واحداً بعد واحد. ( انظر قصتها مع يهوذا في التكوين 38/2 - 30 ). وأما زوجة أوريا الحثي فهي التي تتهم التوراة - زوراً - داود بأنه فجر بها ، فحملت، ثم دفع داود بزوجها إلى الموت، وتزوجها بعد وفاته. ( انظر القصة الكاذبة في صموئيل (2) 11/1 - 4 ). وأما راحاب زوجة سلمون، وأم بوعز، وكلاهما من أجداد المسيح - حسب متى -، فراحاب هي التي قال عنها يشوع: "امرأة زانية اسمها راحاب " ( يشوع 2/1 )، وذكر قصة زناها في سفره. وأما راعوث فهي راعوث المؤابية والتوراة تقول: " لا يدخل عموي ولا مؤابي في جماعة الرب، حتى الجيل العاشر " ( التثنية 23 / 3 ). ولحسن الحظ هذه المرة فإن المسيح ليس داخلاً في هذا الطرد من جماعة الرب، إذ هو الجيل الثاني والثلاثون لها[114]. فهل يعقل أن يكون المسيح عليه السلام ولد زنا؟؟! إن اعتقاد بطلان هذه القصص الكاذبة أهون بكثير من اعتقاد أن أجداد المسيح زناة. لكن الأدهى من ذلك وأمرّ هو أن كلا من الإنجيلين بدلا من أن ينسب المسيح إلى مريم عليها السلام نسبه إلى يوسف النجار !! أي أن هذه السلسلسة الطويلة من النسب هم أباء وأجداد يوسف النجار وليسوا أباء المسيح فما هي علاقة المسيح بيوسف النجار؟؟ ترى هل خاف كاتبا الإنجيل من اليهود فنسبا إلى مريم ما كان اليهود يرمونها به زورا وبهتانا فجعلوا المسيح من ذرية يوسف النجار؟؟

و لا يقف التناقض بين الأناجيل عند نسب المسيح ولكن الاختلافات بينها تشمل أسماء تلاميذ المسيح الإثنى عشر إذ يقدم العهد الجديد أربع قوائم للتلاميذ الاثني عشر تختلف كل واحدة عن الأخرى في متى ( 10/1 - 4 )، ومرقس ( 3/16 )، لوقا ( 6/14 ) وأعمال ( 1/13 ). وكذا تشمل الاختلافات رواية أحداث كثيرة تروى عن المسيح بل وتجد التناقض على لسان المسيح نفسه فمثلا تجد في متى (11 : 14 ) المسيح يقول عن يحيى أنه إيلي وفي يوحنا (1 : 19-28(يحيى ينكر أنه إيليا و في إنجيل متى 16 : 18-19 سمى المسيح سمعان بطرس وأعطاه مفاتيح ملكوت السموات وقال له كل ما تربطه على الأرض يكون مربوطاً في السماوات، وكل ما تحله على الأرض يكون محلولاً في السماوات بينما في نفس الصفحة قال له " اذهب عني يا شيطان .أنت معثرة لي"16 : 23 ويذكر يوحنا أن المسيح قضى ثلاثة أعياد فصح في نبوته بينما تذكر الأناجيل الثلاثة الأخرى أن المسيح مارس النبوة عاما واحدا إلى غير ذلك من عشرات بل مئات الاختلافات الصارخة في نصوص العهد القديم والجديد على السواء مثل التناقضات بين روايات حادثة الصلب المشار إليها آنفافهل يا ترى يوحي الله بكلام يناقض بعضه بعضا؟ حاشاه وكلا. إذا لابد أن هذه الروايات هي من كلام بشر يخطئون ويصيبون ويتعصبون ويتقلبون وأما أن يأتوا بكلام مقدس من عند أنفسهم فهذا ما لا يستطيعون ! كل هذه التناقضات دعت الأب كاننجسير Kannengiesserأستاذ معهد باريس الكاثوليكي في كتابه الإيمان بالقيامة وقيامة الإيمان[115]أن يقول ما معناه: " لا ينبغي اعتبار روايات الأناجيل حقائق لإنها نصوص مكتوبة تبعا للمناسبة أو نتيجة نضال جماعات متصارعة تسعى كل منها لإنفاذ نظرتها " وذكر الأب روجيت Roguet من باريس أيضا في كتابه مقدمة للأناجيل كلاما مثل هذا [116]و أما عن النبؤات الكاذبة التي لم يحدث أي منها إلى الآن فلم يبخل مؤلفو العهد الجديد بها ومن أظهرها نبوءة المسيح في (متى 24 :29-34) بأن القيامة ستحدث في حياة الجيل الذي كان معه وقد مضى أكثر من أربعين جيلا ولم تقم القيامة!!





يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع




القلب الحزين 12-01-2014 07:38 PM

رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو
 

يتبــع الموضوع السابق ( 8 )
رسالة إلى العقل والقلب


وأما عن نسبة النقائص لله عز وجل فالكتاب المقدس قد صور الرب تبارك وتعالى بصوراً لا تليق أبداً بجلاله سبحانه وتعالى ، ووصفه بأقبح الصفات . فمثلا تجد في سفر صموئيل الثاني [ 22 : 9 ] أن الرب له أنف يخرج منه دخان وله فم يخرج منه نار ( كتنين ضخم ) يقول كاتب السفر ( عندئذ ارتجت الأرض وتزلزلت. ارتجفت أساسات السماوات واهتزت لأن الرب غضب. نفث أنفه دخانا، و نار آكلة من فمه، جمر اشتعلت منه . .) بينما يجعل صاحب سفر ناحوم [ 1 : 3 ]السحاب غبار رجل الله !!! يقول (طريق الرب في الزوبعة والعاصفة، والغمام غبار قدميه) أما صاحب سفر العدد فإنه يصف الرب بأنه( يجثم كأسد، ويربض كلبوة.) [ 24 : 9 ] !! و لا يختلف مؤلف المزمور كثيرا عن أصحابه فإنه شبه الرب تبارك وتعالى بأنه ينام ويسكر ويصرخ عالياً من شدة الخمر فيقول في [ 78 : 65 ] (( فاستيقظ الرب كنائم كجبار معيط من الخمر يصرخ عالياً من الخمر )) ( تعالى الله عما يصفون ) إلى غير ذلك من نصوص العهد القديم التي تجعل الرب يصارع الإنسان بل ويُهزم ويتعب وينسى ويغار و يبكي و يحزن ويندم لإنه خلق الإنسان - التكوين [ 6 : 5 ] و أما في العهد الجديد فإن صاحب سفر رؤيا يوحنا يجعل الله في صورة خروف له سبعة قرون وسبع أعين (هؤلاء سيحاربون الخروف والخروف يغلبهم لأنه ربُّ الأرباب وملك الملوك [ 17 : 14 ]) !! ويتحدث العهد الجديد أيضا بسوء أدب عن الله قائلا "الروح يفحص كل شيء حتى أعماق الله" (كورنثوس (1) 2/10). وينسب الكتاب المقدس لله الأمر بالزنا والسرقة فأول ما يبدأ به هوشع سفره يقول :" أول ما كلم الرب هوشع قائلاً : اذهب خذ لنفسك امرأة زانية وأولاد زنى لأن الأرض قد زنت زنى" فهل يعقل أن يكون هذا الكلام وحي من عند الله؟ أما المسيح عليه السلام فلم يسلم أيضا من سوء أدب مؤلفي العهد الجديد المجهولين ولم يقف الافتراء إلى جعل المسيح من ذرية زناة ولكنهم ذكروا أن الشيطان قد أخذ المسيح عليه السلام لكي يختبره وصعد به فوق قمة جبل-(متى 1:1-15)!! فهل يمكن أن يكون المسيح نبيا ثم يكون للشيطان سلطان عليه؟[117]فماذا لو كان إلها أو ابنا للإله ؟!! كما اتهموا المسيح أيضا بشرب الخمر-وهو ما يخالف تعاليم التوراة- في قوله لليهود: "جاء ابن الإنسان يأكل ويشرب. فيقولون: هوذا إنسان أكول وشريب خمر، محب للعشارين والخطاة" (متى 11/9). و اتهموه بقسوة القلب فينقل لوقا عن المسيح أمراً غريباً قاله للجموع التي تتبعه: " إن كان أحد يأتي إلي، ولا يبغض أباه وأمه وأولاده وإخوانه حتى نفسه أيضاً فلا يقدر أن يكون تلميذاً " ( لوقا 14/26 - 27 ) وتبع رجل المسيح ثم جاءه يستأذنه ليدفن أباه، فيذكر متى أن المسيح نهاه وقال: " اتبعني. ودع الموتى يدفنون موتاهم " ( متى 8/22 )، واستأذنه تلميذ آخر في وداع أهله، فلم يأذن له (لوقا 9/61-62) وجعلوه يتبرم من قضاء حوائج الناس فتقرأ في متى" تقدم إليه رجل جاثياً له، وقائلاً: يا سيد ارحم ابني، فإنه يصرع ويتألم شديداً، ويقع كثيراً في النار، وكثيراً في الماء. وأحضرته إلى تلاميذك، فلم يقدروا أن يشفوه. فأجاب يسوع، وقال: أيها الجيل غير المؤمن الملتوي. إلى متى أكون معكم. إلى متى احتملكم. قدموه إليّ ههنا. (متى 17/14-16)، وقصة مثلها في ( متى 15 /22 - 28 ). ونسبوا إليه اتهام الأنبياء قبله بأنهم سراق ولصوص في قوله:" جميع الذين أتوا قبلي هم سراق ولصوص. ولكن الخراف لم تسمع لهم" (يوحنا 10/7-12)..- وقد طال السباب المنسوب للمسيح تلاميذه وخاصته، فقد قال لتلميذيه اللذين لم يعرفاه: " أيها الغبيان والبطيئا القلوب في الإيمان بجميع ما تكلم به الأنبياء" (لوقا 24/25)، ومن عجائب العهد الجديد أنه يعتبر المسيح ملعوناً فيقول: "المسيح افتدانا من لعنة الناموس، إذ صار لعنة لأجلنا، لأنه مكتوب: ملعون كل من علّق على خشبة" (غلاطية 3/12)، ولا تقف البذاءة عند ذلك فلم تسلم أعراض الأنبياء السابقين أيضا من التهم الشنيعة والجرائم البشعة. فقد جعل العهد القديم نبي الله نوح عليه السلام يشرب الخمر ويسكر ويتعرى !! سفر التكوين [ 9 : 20 ] ونبي الله لوط يزني بابنتيه !! سفر التكوين [ 19 : 30 ] . نبي الله داود يزني بزوجة جاره ويدبر مؤامرة دنيئة ضده اغتاله فيها !!!سفر صموئيل الثاني [ 11 : 2 ] نبي الله هارون يكفر ويدعو اليهود إلى عبادة العجل !!وهذا في سفر الخروج [ 32 : 2] و نبي الله سليمان يخالف وصايا الرب ويتزوج من نساء الأمم اللاتي يغوين قلبه لآلهتهن فيكفر في أواخر حياته ويعبد الأوثان !! سفر الملوك الاول [ 11 : 1] فهل هؤلاء الذين اصطفاهم الله على خلقه وشرفهم لحمل رسالته يمكن أن يكونوا كذلك؟ هل يمكن أن يكون كذلك من قال عنهم القرآن ) وَجَعَلْنَاهُمْأَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَاوَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَالخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِوَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَاعَابِدِينَ)؟؟وهل يعقل أن يرتكب الأنبياء الذين اختارهم الله هذه الفواحش ويكون البابوات الذين تختارهم الكنيسة معصومين؟ وهل يمكن أن نأمن قوما رموا مريم العذراء عليها السلام بالزنا وهي تحيا بينهم على أعراض أنبياء ماتوا من مئات السنين؟؟ وكأي كتاب قليل البضاعة فقير المحتوى يراد له أن يروج بين العامة ويحقق أعلى الأرباح فيطعمه مؤلفه ببعض الكلام الجنسي الذي يخاطب في الإنسان غريزته لا عقله أو كأي مجلة لم تعد تجد ما تجذب به قارئها إلا أن تصدر صفحاتها بصور فاضحة قام مؤلفو العهد القديم بوضع السفر سيء السمعة الذي طالما أحرج الكنيسة بمحاولة تفسيره وتبرير وجوده في كتاب يفترض أن يكون مقدسا وهو سفر نشيد الإنشاد. هذا السفر الذي لم يكد يترك جزءا من جسد المرأة إلا وتغزل به وشبب به يدعي أصحاب الكتاب المقدس أن الله أوحاه إلى نبيه سليمان فمثلا في إنشاد (7/1-4) تقرأ : " ما أجمل رجليك بالنعلين يا بنت الكريم! دوائر فخذيك مثل الحلي صنعة يدي صناع. سرتك كأس مدورة لا يعوزها شراب ممزوج. بطنك صبرة حنطة مسيجة بالسوسن. ثدياك كخشفتين توأمي ظبية. " فهل يمكن أن يكون هذا الكلام الذي يستحي الرجل أن يُقرئه أبناءه وحيا من عند الله ؟؟[118]هذا بخلاف قصص الزواني والعاهرات وزنا المحارم والعري والخيانة التي يحفل بها الكتاب المقدس ولولا خشية الإطالة وتدنيس صفحات هذه الرسالة لنقلت لك ما يندى له الجبين من ذلك ولكن هذه بعض الإشارات ويمكنك أن ترجع إليها بنفسك حزقيال [ 23 : 19 ] , حزقيال [ 16 : 35 ] , هوشع [ 1 : 2 ] , صموئيل الثاني [ 12 : 11 ] , إشعياء [ 20 : 2 ] , ، اشعيا [ 3 : 16 ] , القضاة [ 16 : 1 ] , راعوث [ 3 : 4 ] , لملوك الأول [ 1 : 1 ، 3 ] , التكوين [ 38 : 13 ] , حزقيال [ 23 : 1 ].
أما عن الأخطاء العلمية والتاريخية في الكتاب المقدس ( إن كنت ما زلت تعتقد أنه مقدس ) فحدث ولا حرج. فيذكر سفر التكوين مثلا مرة أن الله خلق النباتات والحيوانات أولاً ثم خلق الإنسان بعد ذلك التكوين ( 1 : 20 - 27 ) ومرة أخرى أن الله قد خلق الإنسان أولاً ثم خلق الأشجار والحيوانات . التكوين ( 2 : 7 ، 19) وهذا الخطأ يعرفه علماء اللاهوت. ويذكر العهد القديم أيضا أن ولادة إبراهيم كانت في القرن العشرين من بداية الوجود الإنساني وبالتحديد في عام 1948 من بداية الخليقة و بتقدير الفترة بين إبراهيم و عيسى عليهما السلام من نصوص العهد القديم سنجد أن عمر البشرية على ظهر الأرض لم يتجاوز 6 ألاف سنة فقط!! في حين أن هذا بخلاف المسلم به من أن حضارات قامت قبل 5 ألاف سنة من الميلاد حيث عثر على مصنوعات بشرية تعود لأكثر من خمسة آلاف سنة قبل الميلاد. وعثرت بعثة جامعة القاهرة على آثار بشرية في منطقة الفيوم ترجع لعشرات الآلاف من السنين . وتذكر دائرة المعارف البريطانية أن الآثار الإنسانية في فلسطين ترجع لمائتي ألف سنة، وصدق الله العظيم إذ يؤكد أن البشرية ضاربة جذورها في التاريخ قروناً طويلة، فيقول: (وَعَاداً وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيراً )
ومن الأخطاء العلمية زعم التوراة أن الأرض مسطحة ، ولها زوايا موافقة بذلك المستوى العلمي السائد حين كتابتها، فتقول: " قد جاءت النهاية على زوايا الأرض الأربع (حزقيال 7/2).[119]ويمكنك الحصول على المزيد من الأمثلة من كتاب العالم الفرنسي المسلم موريس بوكاي دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة[120]فهل بعد كل ذلك يقول قائل أن القرآن اقتبس من التوراة والإنجيل؟؟
هذا كله بخلاف الزيادات الطفيفة أو التعديلات أو الإضافات التي ما زالت في تغير وتحريف مستمر كلما ترجم الإنجيل أو نسخ أو طبع طبعة جديدة منذ كتبت الأناجيل أول مرة وإلى اليوم ويمكنك ببساطة التأكد من ذلك بمراجعة نسختين من الكتاب المقدس بينهما فترة زمنية كافية أو مختلفتين في اللغة إذا كنت تجيد كلا اللغتين.[121]
فإذا علمنا كل هذا لا نستغرب إذاً أن يقول دكتور W.Graham Scroggie وهو أحد أبرز المنصرين في العالم من معهد Moody Bible Instituteفي كتابه " هل الكتاب المقدس كلام الله؟ "نعم إن الكتاب المقدس من وضع البشر، بالرغم من إنكار البعض ( من المسيحيين ) لِهذا القول من قبيل الحماسة وليس عن علم، فقد خطت أقلام البشر هذه الأسفار بعباراتهم، بعد أن خطرت على عقولهم، فصدرت بأسلوب البشر وتحمل صفاتهم. " ا.هـ.[122]



خاتمة

قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ
أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا
بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا
مُسْلِمُونَ
وفي الختام ها قد عرضت عليك رسالتي وبقي دورك أنت و قد تعمدت أن أذكر لك عناوين المواقع و أسماء الكتب والعلماء باللغة الإنجليزية لكي تتأكد بنفسك ومجال الاختيار مفتوح أمامك لكن تمهل فهذا ليس اختيارا عاديا لكنه أهم اختيار في حياتك وبعد حياتك واعلم أن من رحمة الله أن جعل الحق واضحا وضوح الشمس لذا فلن يغني أحد عنك من الله شيئا إن ضللت عنه أو أضلوك عنه فأنت إنسان عاقل مسؤول بمفردك أمام الله و أنت لن تخسر شيئا بالتفكير فيما ذكرته لك والتأكد منه ولكن عليك أن تكون مخلصا في طلب الحق وأن تكون مستعدا أن تؤثره على غيره كما فعل نبي الله إبراهيم عليه السلام فلك فيه أسوة حسنة. فتوجه إلي السماء بقلبك وروحك - إلى ربك الذي خلقك - بدون أن تتمثله بصورة أو تمثال فالله أعظم من أن يشابه ما صنعته أيدي البشر واسأله أن يهديك الطريق الموصل إليه وعندما تعرف الحق فاعلم أنك قد عرفت الله حقا فاصبر من أجله وصابر عليه فقد سبقك كثيرون إليه وتحملوا من أجله ولكن احذر أن تحجب النور عن قلبك إن أبصرته فقد لا تراه مرة أخرى.
ويسرنا أن نتلقى تعليقاتك واستفسارتك على البريد: [email protected]
وهذه بعض المواقع التي يمكنك أن تستعين بها في رحلتك الإيمانية
الحوار الإسلامي المسيحي http://arabic.islamicweb.com/christianity
ابن مريم.. المسيح الحق http://www.ebnmaryam.com
الحقيقة.. المسيحية في الميزان http://www.alhakekah.com
التوضيح لدين المسيح http://www.tawdeeh.com
الحقيقة العظمى http://www.truth.org.ye
الجامع لحوار النصارى http://www.aljame3.com
موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة http://www.quran-m.com




http://www.halimo.comشبهات وهمية عن الإسلام


يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع



القلب الحزين 12-01-2014 07:42 PM

رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو
 
يتبــع الموضوع السابق (9 )
رسالة إلى العقل والقلب


هوامش الموضوع سوف ينقسم الى قسمين بسبب طوله


ــــــــــــــــــــــــــــ

[1] هي سورة الفيل
[2] أى غطوني
[3] أى شابا قويا لكي أنصرك
[4] (السفر إلى الشرق) ص277
[5] (شمس الله تسطع على الغرب) زيغريدهونكه (465)
[6] نقلا عن كتاب ربحت محمدا و لم أخسر المسيح للدكتور عبد المعطي الدالاتي
[7] عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني لأعلم إذا كنت عني راضية، وإذا كنت علي غضبى) قالت: فقلت: من أين تعرف ذلك؟ فقال: (أما إذا كنت عني راضية، فإنك تقولين: لا ورب محمد، وإذا كنت غضبى، قلت: لا ورب إبراهيم). قالت: قلت: أجل والله يا رسول الله، ما أهجر إلا اسمك.
[8] قال الله عز وجل : قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ
[9] فتجد ان الكنيسة مثلا ادعت لنفسها حق مغفرة الذنوب فيأتي المذنب فاضحا نفسه و يجلس بين يدي بشر مثله يخطئ و يذنب ربما أكثر منه ثم يعترف أمامه بذنوبه ثم يمن عليه هذا الشخص الخطاء بالمغفرة و ذلك في مقابل مبلغا من المال يتبرع به أو يشتري به صكا يعرف بصك الغفران كما كان يحدث في الماضي
[10] النبأ العظيم للدكتور محمد عبد الله دراز ص 36- 37
[11] وقد كان هذا الموقف سببا في إسلام صحفية أمريكية عندما سمعت به
[12] عن خباب بن الأرت قال:
شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، قلنا له: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو الله لنا؟ قال: (كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض، فيجعل فيه، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق باثنتين، وما يصده ذلك عن دينه. ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلا الله، أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون
[13] النبأ العظيم . بتصرف
[14] قال تعالى : هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ {62} وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
[15] ومنها أنه دعا النصارى مرة إلى المباهلة و هي أن يجمعوا أطفالهم و نساءهم و أنفسهم في مكان واحد ثم يبتهلوا إلى بأن يجعل لعنته على الكاذبين فما أجابوا
[16] و أولهم كان ورقة بن نوفل كما مر في المقدمة ثم كان عبد الله بن سلام و هو من علماء اليهود و فضلائهم و كعب الأحبار و هو من علمائهم أيضا و من النصارى فقد آمن به النجاشي ملك الحبشة مع أنه لم يره و لم يخش على ملكه منه وقال عندما سمع القرآن "إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة " و غيرهم كثير و في العصور الوسطى هناك مثلا القس الإندلسي بن محمد عبد الله الترجماني الميروقي ،الذي ألف بعد إسلامه كتاب تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب و في عصرنا الحالي هناك مثلا القس دافيد بنجامين الكلداني كان قسيسا للروم من طائفة الكلدان و بعد إسلامه تسمى بعبد الأحد داوود و ألف كتاب الإنجيل و الصليب و القس إسحاق هلال مسيحه الذي كان رئيس لجان التنصير في شمال أفريقيا و قصته التي يرويها بنفسه مسجلة هناhttp://media.islamway.com/lessons/several//converts.rm: و كذا القس المصري إبراهيم خليل فلوبرس الأستاذ السابق بكلية اللاهوت الإنجيلية الذي حصل على ماجستير من جامعة برينستون الأمريكية في مجال التهجم على الإسلام ً ثم سمى نفسه إبراهيم خليل أحمد و الشماس الدكتور وديع أحمد وهذا هو موقعه: http://www.wadee3.5u.com و القس المصري "فوزي صبحي سمعان" الذي أسلم هو وأبوه وأخته لله رب العالمين و يعمل الآن مدرسا للدين الإسلامي و كذا القُمُّص المصري "عزت إسحاق معوَّض" الذي صار داعية مسلما و هؤلاء و غيرهم يمكنك قراءة قصصهم من : http://tanseer.jeeran.com/priests.html أما من غير العرب فهم كثيرون أيضا فمنهم القس الأمريكي يوسف استس و هذا هو موقعه http://www.islamtomorrow.com/ و هذه مجموعة من اليهود المعاصرين الذين دخلوا في الإسلام http://www.jews-for-allah.org/ /
[17] و هل أدل على ذلك من حكم الطلاق الذي أباحه الإسلام كحل أخير حين تصل المشاكل بين الزوجين إلى طريق مسدود و حرمته الكنيسة فلما ظهر أن منعه يصادم طبيعة البشر و ظهرت كثير من الأمراض الاجتماعية نتيجة لتحريمه – كالزنا مثلا – أباحته كثير من الدول اليوم. و كذلك تحريم الإسلام لأكل لحم الخنزير و إباحة الكنيسة له ثم ظهر علميا أن الخنزير هو المسبب لمرض الالتهاب السحائي المخي و انفلونزا الخنزير كما أنه تعيش في أمعائه الدودة الشريطية التي تنتقل إلى أمعاء من يأكلها وتسبب له التهاب الأعصاب وارتفاع ضغط الدماغ و قد وجد الأطباء مؤخرا دودة في مخ امرأة بعد تناولها وجبة لحم خنزير هذا بالإضافة إلى صفات الخنزير التي تنتقل إلى آكلها مثل انعدام الغيرة و هذا مشاهد.
[18] ترجم للعربية بعنوان الخالدون مائة أعظمهم محمد ويقول مايكل هارت فيه : "كان محمد الرجل الوحيد في التاريخ الذي نجح في مهمته إلى أقصى حد ، سواء على المستوى الديني أم على المستوي الزمني"
[19] كما فعل مدعي النبوة الكذاب الذي سيأتي ذكره في النصف الثاني من الرسالة
[20] فقد كان قيام الليل في حقه صلى الله عليه و سلم فرضا فيقوم من ثلث الليل إلى ثلثيه كل ليلة في حين أنه في حق بقية المسلمين تطوع
[21] و ذلك برغم بلايين الدولارات التي تنفقها المؤسسات التبشيرية النصرانية للصد عن سبيل الله
[22] النبأ العظيم ص 48
[23] و معنى تواتر الخبر أن يتناقله جمع كبير من الناس يستحيل تواطؤهم على الكذب عن جمع كبير مثلهم و هكذا إلى يومنا هذا فقارن بين هذه الطريقة و الطريقة التي نقلت بها الكتب الأخرى كما في آخر الرسالة
[24] ذلك بأن الذي يمسكه أن يزول هو الذي يمسك السماوات و الأرض أن تزولا.
[25] النبأ العظيم بتصرف
[26] يقول بروفيسور الرياضيات الأمريكي المسلم جيفري لانغ في كتابيه حتى الملائكة تسأل و الصراع من أجل الإيمان: (القرآن هذا الكتاب الكريم قد أسرني بقوة ، وتملّك قلبي ، وجعلني أستسلم لله ، والقرآن يدفع قارئه إلى اللحظة القصوى ، حيث يتبدّى للقارئ أنه يقف بمفرده أمام خالقه وإذا ما اتخذت القرآن بجدية فإنه لا يمكنك قراءته ببساطة ، فهو يحمل عليك ، وكأن له حقوقاً عليك ! وهو يجادلك ، وينتقدك ويُخجلك ويتحداك … لقد كنت على الطرف الآخر ، وبدا واضحاً أن مُنزل القرآن كان يعرفني أكثر مما أعرف نفسي … لقد كان القرآن يسبقني دوماً في تفكيري ، وكان يخاطب تساؤلاتي )
[27] للمفكر التركي محمد فتح الله كولن. وله أيضا :" لقد أتى القرآن بنظرة متميزة للكون وللأشياء وللإنسان بأسلوب غاية في الروعة والسحر. لأنه يتناول الإنسان ‏ككل ضمن الوجود بأكمله، ولا يهمل أيَّ شيء، بل يضع كل شيء مهما كان صغيرا في مكانه المناسب. الأجزاء فيه مرتبطة ‏ارتباطا وثيقا ودقيقا بالكل، والأجوبة المختلفة عن أدق الأسئلة التي تخطر على بال الإنسان في هذا المعرض الكوني الهائل ترد فيه. ‏وبينما يقوم بتحليل أدق المسائل الموجودة سواء في عالم الشهود أم فيما وراء الأستار حتى أدق تفاصيلها، لا يدع هناك أي تردد أو ‏شبهة أو علامة استفهام في العقول. أجل! إن القرآن في جميع هذه التفاصيل الدقيقة التي يوردها لا يدع أي فراغ في هذا الموضوع ‏لا في العقول ولا في القلوب ولا في المشاعر ولا في المنطق، لأنه يحيط بعقل الإنسان وبأحاسيسه وبمشاعره وإدراكه"
[28] لم يكن الإنجيل قد ترجم للعربية بعد أثناء حياة النبي صلى الله عليه وسلم
[29] فمثلا ذكر القرآن عن فرعون موسى بعد أن غرق في البحر ( فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية) وعندما تم دراسة مومياء منفتاح التي يظن أنها لفرعون موسى في فرنسا بواسطة فريق من علماء التشريح توصلوا إلى أن سبب وفاته هو الغرق فعلا و نلاحظ أن القرآن هو الكتاب الوحيد الذي ذكر بقاء جثة فرعون محفوظة بعد غرقه – فهل كان محمد على علم ببراعة المصريين في التحنيط؟ ثم أسلم رئيس الفريق الفرنسي و هو الدكتور موريس بوكاي و عكف على دراسة القرآن والإنجيل والتوراة لمدة عشر سنين ثم ألف كتاب القرآن والإنجيل والتوراة والعلم الذي أصبح من أكثر الكتب انتشارا وترجم لعدة لغات عالمية
[30] فترى مثلا في قصة أصحاب الكهف عند أهل الكتاب أنهم عاشوا في الكهف ثلاثمائة سنة شمسية وفي القرآن أنهم (لبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا) و هذه السنون التسعة هي فرق ما بين عدد السنين الشمسية والقمرية فانظر إلى هذا الحساب الدقيق في أمة أمية لا تقرأ ولا تحسب! – النبأ العظيم
[31] الجبال ممتدة في باطن الأرض من أسفل فهي تشبه الوتد و السحب يصل وزن الواحدة منها إلى أكثر من عشرة ملايين طن من الماء على هيئة بخار و الرياح تحمل حبوب اللقاح فتلقح الأزهار و تسير السحب المشحونة كهربيا حتى تلامس بعضها فيحدث التفريغ الكهربي و البحر تخرج من قيعانه صهارات و حمم بركانية ملتهبة تم تصويرها بالغواصات الحديثة وللمزيد من صور الإعجاز العلمي يمكنك الرجوع إلى www.quran-m.com
[32] منهم مثلا الدكتور كيث مور Keith Mooreعالم الأجنة الشهير صاحب كتاب The Developing Humanالذي ترجم لأكثر من25 لغة ووقف مرة في أحد المؤتمرات قائلا :
"إن التعبيرات القرآنية عن مراحل تكون الجنين في الإنسان لتبلغ من الدقة والشمول مالم يبلغه العلم الحديث, وهذا إن دل علي شئ فإنما يدل علي أن هذا القرآن لايمكن أن يكون إلا كلام الله, وأن محمداً رسول الله" وصدق الله إذ يقول (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)

[33] إنه الله العليم الحكيم. قال تعالى: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيد)
[34] " تعاوا نعيد النظر فيما نعتقد" تاليف حسن يوسف
[35] النبأ العظيم
[36] حتى أنه قيل له : ( وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً {74} إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً )
[37] انظر مثلا لوقا 26:2 و 67:1 و 15:1
[38] "هل بشر الكتاب المقدس بمحمد صلى الله عليه وسلم؟" للدكتور. منقذ بن محمود السقار .... بتصرف
[39] فأين هذا من رؤيا يوحنا التي وصف الله فيها بأنه خروف ذو سبعة قرون ؟!!
[40] في حين قرر مجمع روما سنة1215 ما يلي: "على الناس أن يتلقوا قول الكنيسة بالقبول وافق العقل أو خالفه وعلى المسيحي إذا لم يستسغ عقله قولا قالته الكنيسة أو مبدأ دينيا أعلنته عليه أن يروض عقله على قبوله فإذا لم يستطع فعليه أن يشك في عقله ولا يشك في قول البابا" !!
[41] وأنت ترى نتائج هذه الرهبانية في عدد حوادث الاغتصاب التي اقترفها رجال الكنيسة حتى أن عدد القسس الذين ارتكبوا جرائم من هذا النوع وأعلن عنها في الجرائد في الولايات المتحدة وحدها يصل إلى 1608 قسيسا و هذه بعض مواقع ضحايا الاعتداءات الجنسية لرجال الكنيسة الغربية :http://www.snapnetwork.org و http://www.thelinkup.org و http://www.survivorsfirst.org أما نتائج الإباحية المنحلة بين عوام النصارى في أكثر دول العالم فواضحة ولا تحتاج إلى بيان !
[42] من تفسير "في ظلال القرآن" بتصرف
[43] "الإسلام ليس فلسفة ولكنه منهاج حياة .. ومن بين سائر الأديان نرى الإسلام وحده ، يعلن أن الكمال الفردي ممكن في الحياة الدنيا ، ولا يؤجَّل هذا الكمال إلى ما بعد إماتة الشهوات الجسدية ، ومن بين سائر الأديان نجد الإسلام وحده يتيح للإنسان أن يتمتع بحياته إلى أقصى حدٍ من غير أن يضيع اتجاهه الروحي دقيقة واحدة ، فالإسلام لا يجعل احتقار الدنيا شرطاً للنجاة في الآخرة .. وفي الإسلام لا يحق لك فحسب ، بل يجب عليك أيضاً أن تفيد من حياتك إلى أقصى حدود الإفادة .. إن من واجب المسلم أن يستخرج من نفسه أحسن ما فيها ) من كتاب (الإسلام على مفترق الطرق) للمفكر محمد أسد ( كان يهوديا وأسلم ) ص 19- 25
[44] المستشرق روم لاندو في (الإسلام والعرب) ص(9-246)
[45]وكم من أناس دخلوا الإسلام بسبب رؤيتهم للمسلمين وهم يصلون. يقول المفكر الفرنسي رينان : "الإسلام دين الإنسان .. وكلما دخلت مسجداً هزني الخشوع وشعرت بالحسرة لأني لست مسلماً" وصدق الله العظيم إذ يقول ( رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ . ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ )
[46] هذه الأمور وغيرها جعلت الكثيرين يدخلون الإسلام بمجرد سماعهم عنه أو تعاملهم مع المسلمين وإلا كيف انتشر الإسلام في الصين وروسيا وجنوب إفريقيا والأمريكتين؟؟
[47] وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم وتسليماته
[48] ولاحظ أن القرآن سمى سورة كاملة بسورة مريم و سورة أخرى باسم آل عمران ولم يسم سورا باسم فاطمة أو عائشة أو آل محمد
[49] رواه أحمد في مسنده
[50] و قال أيضا ما من أحد يسمع بي من هذه الأمة ولا يهودي ولا نصراني فلا يؤمن بي إلا دخل النار
[51] قال تعالى : (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ {35} فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ {36} فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {37}‏ )
[52] مثال ذلك « لا تموت الآباء لأجل البنين، ولا البنون يموتون لأجل الآباء، بل كل واحد يموت لأجل خطيته » أيام 2- 25/4 .
و : « الذي سيجازي كل واحد حسب أعماله » رومية 2/6 .و في التوراة «وكلم الرب موسى وهارون قائلاً: افترزا من بين هذه الجماعة فاني أفنيهم في لحظة. فخرّا على وجهيهما وقالا: اللهمّ اله أرواح جميع البشر، هل يخطئ رجل واحد فتسخط على كل الجماعة» العدد 26/23 ، واستجاب له فعذب بني قورح فقط. وأيضا (وأنتم تقولون لماذا لا يحمل الابن من إثم الأب . أما الابن فقد فعل حقاً وعدلاً حفظ جميع فرائضي وعمل بها فحياة ً يحيا . النفس التي تخطيء هي تموت . الابن لا يحمل من إثم الأب ، والأب لا يحمل من إثم الابن . برّ البارّ عليه يكون ، وشر الشرير عليه يكون ... فإذا رجع الشرير عن جميع خطاياه التي فعلها وحفظ كل فرائضي وفعل حقاً وعدلاً فحياةً يحيا. لا يموت ، كل معاصيه التي فعلها لا تذكر عليه في بره) حزقيال 18 : 19-22 .
[53] متى 12: 36
[54] كل مولود في الإسلام يولد على الفطرة مبرئا من كل خطيئة كالصفحة البيضاء ثم هو مسؤول عن نفسه أمام الله لا يحاسب إلا على سعيه
[55] استنتج المفكر البريطاني إينوك باول Enoch Powellفي كتابه تطور الإنجيل( The Evolution of the Gospel) بعد أن قام بإعادة ترجمة إنجيل متى من اليونانية إلى أن قصة الصلب لم تكن موجودة في النص الأصلي للأناجيل ولكنها أضيفت في مرحلة متقدمة
[56] المسيح والتثليث- د. محمد وصفي
[57] ( مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ )

يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع

القلب الحزين 12-01-2014 07:44 PM

رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو
 

يتبــع الموضوع السابق (10 )
رسالة إلى العقل والقلب


هوامش الموضوع ينقسم الى قسمين بسبب طوله




[58] ( مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ )

[59] تقول دائرة معارف لاروس : "إن تلاميذ المسيح الأولين الذين عرفوا شخصيته وسمعوا قوله كانوا أبعد الناس في الاعتقاد بأنه أحد الأقانيم الثلاثة... وما كان بطرس تلميذ المسيح يعتبر المسيح أكبر من رجل يوحى إليه.
[60] انظر أعمال (2/46) واقرأ ما كتبه الدكتور Robert Alleyالأستاذ بجامعة Richmond : " إن الفقرات التي يتكلم فيها المسيح عن ابن الله هي إضافات متأخرة تمثل ما كانت الكنيسة تعتقده وادعاء مثل هذا لا يتناسب مع حياة المسيح التي نتخيلها. فأول ثلاثة عقود بعد (موت المسيح) كانت المسيحية فرعا بداخل الديانة اليهودية وأول ثلاثة عقود في تاريخ الكنيسة كان وجودها داخل هيكل اليهود ولا يمكن تصور أبدا أن أتباع المسيح كانوا يعلنون ألوهية المسيح تحت هذه الظروف" و مما يجدر ذكره أن هذا الرجل فقد منصبه كرئيس قسم الأديان بالجامعة لقوله " لا يمكنني أن أتخيل ولو لدقيقة واحدة أن المسيح امتلك الشجاعة الكافية لكي بدعي الألوهية لنفسه"
[61] من " المسيح والتثليث" للدكتور محمد وصفي- بتصرف
[62] جاء في العهد القديم أن أنبياء آخرين قد حصلت لهم معجزة إحياء الموتى انظر حزقيال (1:37-10) وملوك أول (17:17-24) وملوك ثاني (22:4-27)
[63] قال تعالى عن المسيح عليه السلام(إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ )

[64] جاء تفسير مصطلح ابن الله بمعنى المؤمن بالله : ( وأما الوصف الذي قَبِلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باْسمه ) يوحنا : 1 : 12
[65] انظر ً : (خروج 4: 22 ، مزمور 2 : 7 ، وأخبار الأيام الأول 22 : 10.9 ، متى 5 : 9 ، ولوقا 3 : 38 و أما اطلاق المسيح هذا الوصف عن نفسه فلم يرد إلا في مكانين بإصحاحي 5, 11 بإنجيل يوحنا. يقول Hastingsفي قاموسه للكتاب المقدس إن استعمال المسيح لهذا المصطلح هو أمر مشكوك فيه ويقول شارل جنيبر: " والنتيجة الأكيدة لدراسات الباحثين، هي : أن المسيح لم يدع قط أنه هو المسيح المنتظر، ولم يقل عن نفسه إنه ابن الله... فتلك لغة لم يبدأ في استخدامها سوى المسيحيين الذين تأثروا بالثقافة اليونانية"
انظر: المسيحية، نشأتها وتطورها، ص.50.
[66] من كتاب سر الأزل
[67] من كتابه: الحق
[68] جاء في دائرة المعـارف الأمريكـية عن عـقـيدة التثـليث [.. أن عـقـيدة التثـليث هي العـقـيدة المسيحـية التي تقـول بالطبيعـة الثلاثية للإله هي عـقـيدة ليست من تعـاليم العـهد القـديم ولا توجـد في أي مكان بين ثناياه..] دائرة المعـارف الأمريكـية ط 1959
وقد اعترف كبار علماء اللاهوت في قاموس الكتاب المقدس أن : مادة التثليث لم ترد في الكتاب المقدس ويظن أن أول من صاغها هو ترنفيان في القرن الثاني الميلادي وقد خالفه الكثيرون ولكن مجمع نيقية أقر التثليث عام 325 أ.هـ. فانظر كيف يحفل الكتاب المقدس بقصص الزانيات والزواني ويخلو من أهم مبادئ العقيدة النصرانية !!
[69] . ومن يدري لعل هذه الجملة تروق لأباء الكنيسة يوما فيضيفونها في طبعات الكتاب المقدس الجديدة بدلا من الجملة الأصلية!!
[70] جاء في مقدمة هذا الكتاب
[ The writers of this book are convinced that another major theological development is called for in this last part of the Twentieth Century. The need arises from growing knowledge of Christian origins and involves a recognition that Jesus was (as he is presented in Acts 2.21) “A man approved by God “ for a special role within the Divine purpose, and that the later conception of him as God Incarnate, The Second Person of the Holy Trinity living a human life, is a mythological or poetic way of expressing his significance for us. ]. وترجمتها
و ترجمته: [ إن كُتَّاب هذا الكتاب مقتنعين بأن هناك، في هذا الجزء الأخير من القرن العشرين، حاجة ماسة لتطور عقائدي كبير آخر. هذه الحاجة أوجدتها المعرفة المتزايدة لأصول المسيحية، تلك المعرفة التي أصبحت تستلزم الاعتراف بعيسى أنه كان (كما يصفه سفر أعمال الرسل: 2/21): " رجل أيده الله " لأداء دور خاص ضمن الهدف الإلـهي، و أن المفهوم المتأخر عن عيسى و الذي صار يعتبره " الله المتجسد و الشخص الثاني من الثالوث المقدس الذي عاش حياة إنسانية " ليس في الواقع إلا طريقة تعبير أسطورية و شعرية عما يعنيه عيسى المسيح بالنسبة إلينا [
[71] انظر عدد 8 أبريل 98 بعنوان The Search For Jesus و15 أغسطس 88 بعنوان Who Was Jesusو 12 أبريل 2004 بعنوان Why Did Jesus Have To Die? و18 ديسمبر 95 بعنوان Is the Bible Fact or Fiction? فكلها أمثلة توضح حيرة الإنسان الغربي إزاء هذه العقيدة الغامضة
[72] وهنا أطلب من القارئ أن يحاول بنفسه تطبيق المعايير التي وضعناها في أول الرسالة للحكم على أي إنسان يدعي النبوة والرسالة على بولس هذا.
[73] يقول دجـوستاف ليون "ولو قـيل للحـواريـين الاثنى عـشر أن الله تجـسد في يسـوع. ما أدركـوا هذه الفـضيحـة ولرفـعـوا أصواتهم محـتجـين" حـياة الحـقائق / ص 163، و187
[74] أعمال 9/26
[75] تقول دائرة المعارف البريطانية في الإجابة عن هذا السؤال: "إن ارتحاله إليها كان لحاجته إلى جو هادئ صامت يتمكن فيه من تفكير في موقفه الجديد، وأن القضية الأساس عنده هي تفسير الشريعة حسب تجاربه الحديثة".
[76] يوحنا 8/17 ويلاحظ هنا أنه جعل الشهادة الأخرى هي شهادة الله عز وجل له. فهل بعد هذا نقول أن الله هو المسيح؟؟!
[77] فقد ذكر في أعمال الرسل إصحاح 9/7 أن الرجال المسافرين معه وقفوا يسمعون الصوت بينما في إصحاح 22/9 المسافرون لم يسمعوا الصوت وفي أعمال 9/4 أن بولس "وحده سقط على الأرض"ينما المسافرون وقفوا، وفي الرواية الثالثة أن الجميع
سقطوا، فقد جاء فيها " سقطنا جميعا على الأرض" أعمال 26/14
[78] وهذا يعطينا فكرة عن الأهداف التي كانت تحرك بولس. فأين هذا من قول الله للنبي أكثر من مرة في القرآن " اتق الله " ؟
[79] فأين هذا من تواضع النبي صلى الله عليه وسلم وقوله ( لا تفضلوني على يونس بن متى ) وقول الله له: (ليس لك من الأمر شيء) ؟
[80] لوقا 21:2
[81] عبرانيين 7/17
[82] قال فرانس أوفربيك Frans Overbeck(أحد قيادات رجال اللاهوت الأحرار) : إن كل الجوانب الحسنة التي تشهدها المسيحية ترجع إلى عيسى ، أما الجوانب السيئة (وهي تطغي على الجوانب الحسنة بأضعاف مضاعفة) فقد أحدثها بولس فيها. ( مبادىء المسيحية)
[83] يقول إريك بروك Erick Brockفي كتاب مبادىء المسيحية Die Grundlagen desChristentumsعن بولس: " إن أهم جذور كل البلاء الذي أصاب المسيحية جاءت من أفكاره، وكم نحن الآن في حاجة إلى أن نشير مراراً إلى أن الحقيقة تؤكد أن كل المفكرين الأحرار المعتدلين قد أشاروا إلى أن المباديء الخربة التي تتبناها المسيحية اليوم ما هي إلا مباديء مخزية ولكن لم يرق الحال للكنيسة لتخلصنا من هذه الرسائل والأفكار البولسية".
[84] يقول جوستاف لوبون كان بولس مفـطورًا على فـرط الخـيال وكانت نـفسه مملؤة بذكريات الفـلاسفة (حـياة الحـقائق) ص 163، 187
[85] لمسيحـية نشأتها وتطورها / شارل جـنيبر ص70 ويقول أيضا [.. لقـد تطورت المسيحية إلى تأليف ديني تجـمع فيه سائر العـقائد الخـصبة والشعـائر النابعـة من العاطفة الدينية الوثـنية قامت المسيحـية بترتيبهـا وتركـيبها وأضفـت إليها الانسـجام] وراجع كتاب The Bible Myths and their Parallels in other Religions لمؤلفه T.W Doaneوكتاب Mythology Christianity and
لمؤلفه John Mackinnon Robertson
[86] يقول الدكتور خالد شلدريك الذي أسلم بعد أن فهم عقيدة التثليث: "إن عقيدة الأب والابن من عقائد الوثنيين القدماء فإن البوذيين يعبدون بوذا في طفولته مع أمه ياما في نفس الصورة التي نراها منقوشة في كل كنيسة للمسيح في طفولته مع أمه مريم واتخذ النصارى من عيد الوثنيين للاعتدال الخريفي 25 ديسمبر موعد ولادة الشمس عندهم عيدا لميلاد المسيح" وقد كان الثالوث موجودا أيضا في ديانات وثنية سابقة ففي الهند كان عندهم الثالوث الإلهي براهما و كريشنا و سيفا وكان عند المصريين القدماء الثالوث إيزيس وأوزوريس وحورس وصدق الله العظيم إذ يقول ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ) وهذا من إعجاز القرآن أنه أخبرنا كيفية نشأة عقيدة النصارى في المسيح. فهل كان محمد على اطلاع بتاريخ الحضارات القديمة؟
[87] يعلق المؤرخ أرنولد توينبي على مسألة أكل لحم المسيح وشرب دمه بأن سكان منطقة البحر المتوسط كانوا قديما يفعلون ذلك تقربا إلى أحد آلهة الإنبات التي تنبت عناصر الخبز والنبيذ في هذه المناطق وقد انتقلت هذه الطقوس إلى المسيحية عن طريقهم وليس لها أصل في الدين المسيحي. أ.هـ والآن أيها القارىء الفطن هل تظن حقا أن الخبز والخمر يتحول إلى جسد المسيح حقا؟ وإذا كان المسيح هو الإله فهل يصير الخبز والخمر لحم الإله ودمه؟؟ أللإله لحم ودم كالبشر؟! ألا تستحي أو تشمئز من أن تأكل لحم إلهك وتشرب دمه؟!!
[88] المسيحـية نشأتها / جـنيبر ص 105 وجاء في كتاب يسوع المسيح للقس بولس إلياس : ( لقد لقح الفكر المسيحي بالأفكار الوثنية وقد حافظت الكنيسة المسيحية على تقاليد الشعوب الوثنية و على تنوع الطقوس عند مختلف الطوائف) ثم يستطرد قائلا ( إنه في مفتتح القرن السابع الميلادي كتب البابا غريغورس الأول إلى القديس أوغسطينوس قائلا : "دع البريطانيين وعاداتهم واترك لهم أعيادهم الوثنية واكتف بتنصير تلك الأعياد والعادات مكتفيا بوضع إله المسيحيين موضع آلهة الوثنيين" )
[89] تكررت قصة بولس بحذافيرها في الإسلام مع رجل يهودي يدعى عبد الله بن سبأ لم ير النبي قط دخل الإسلام نفاقا ومواراة بعد وفاة النبي وأثار الفتن ضد عثمان بن عفان و نسب الألوهية لعلي بن أبي طالب وظهرت بسببه عقيدة التشيع التي أخذت كثيرا مما عند ديانة الفرس وهذا يدل على الدور الخبيث الذي يلعبه اليهود لتشويه العقائد على مر التاريخ.
[90] و من أمثلة ذلك ما صدر عن المجمع الفاتيكاني الثاني في الستينات من تبرئة اليهود من دم المسيح عليه السلام ضاربا بنصوص الكتاب المقدس عرض الحائط إكراما لليهود !!
[91] يقول العالم الألماني تولستوي في مقدمة إنجيله الخاص الذي وضع فيه ما يعتقد صحته: " لا ندري السر في اختيار الكنيسة هذا العدد من الكتب وتفضيلها إياه على غيره، واعتباره مقدساً منزلاً دون سواه مع كون جميع الأشخاص الذين كتبوها في نظرها رجال قديسون ... ويا ليت الكنيسة عند اختيارها لتلك الكتب أوضحت للناس هذا التفضيل...إن الكنيسة أخطأت خطأ لا يغتفر في اختيارها بعض الكتب ورفضها الأخرى واجتهادها.. ".و قال جـون لوريمر في تاريخ الكـنيسة عن هذه الأناجـيل [.. لم يصلنا إلى الآن معـرفة وافـية عن الكـيفـية التي اعـتبرت بها الكـتب المقـدسة كـتب قانونية..] فإذا كانت قـد فـرضت بالقـوة فـمن الذي فـرضها ولمصلحـة من ؟ وإذا كان ليس هـناك معـرفة عن كـيفـية اخـتيارها لتكـون كـتبًا قانونية فـكـيف تكـون مقـدسة؟
[92] هذا مثال واحد من آلاف الأمثلة وهو للأمريكية: Barbara A. Brown التي أسلمت في أوائل التسعينات وألفت كتاب A closer look at Christianity: ويمكنك قراءته من هنا http://home.swipnet.se/islam/books/Closer-Look/frcont13.htm
ويمكنك التعرف على نماذج أخرى ممن دخل الإسلام من http://thetruereligion.org/modules/xfsection
[93] فقد ظل مكتوبا باللغة اليونانية حتى القرن السادس عشر عندما تم ترجمته للغة اللاتينية التي يعرفها الناس وقد دفع أحد المترجمين حياته ثمنا لهذه الجريمة!!
[94] وجعلت الكنيسة البابا نائبا للمسيح على الأرض وبالتالي فأرائه غير قابلة للنقاش ، وما يحدده في العقيدة يعتبر قضـايا يقينية حتى كاد البابا أن يكون إلها رابعا (وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً )!!
[95] برغم ما جاء في سفر الخروج : . (لا يكن لك آلهة أخرى أمامي، لا تصنع لك تمثالاً منحوتاً، ولا صورة مما في السماء فوق، وما في الأرض من تحت، وما في الماء من تحت الأرض، لا تسجد لهن، ولا تعبدهن؛ لأني أنا الرب إلهك، إله غيور ) 20/3- 6ولو كان استعمال هذه الصور والصلبان صوابا لاستعملت أيام المسيح أو في الثلاثة أجيال الأولى على الأقل
[96] مثل حركة البروتوستانت وهي تعني بالعربية المعارضين التي تزعمها مارتن لوثر في القرن السادس عشرو هي تخلو من كثير من هذه المظاهر الوثنية واستعباد البشر الذي عند طوائف النصارى الأخرى
[97] مثل ما جاء على لسان بولس : " إني أتعجب أنكم تنتقلون هكذا سريعاً عن الذي دعاكم بنعمة المسيح إلى إنجيل آخر ليس هو، غير أنه يوجد قوم يزعجونكم، ويريدون أن تحولوا إنجيل المسيح " غلاطية 1/6-8 ويقول مرقس: " من يهلك نفسه من أجلي ومن أجل الإنجيل فهو يخلصها " ( مرقس 8/35). ويقول ،" انْطَلَقَ يَسُوعُ إِلَى مِنْطَقَةِ الْجَلِيلِ، يُبَشِّرُ بِإِنْجِيلِ اللهِ قَائِلاً: 15«قَدِ اكْتَمَلَ الزَّمَانُ وَاقْتَرَبَ مَلَكُوتُ اللهِ. فَتُوبُوا وَآمِنُوا بِالإِنْجِيلِ "( مرقص 1/15-16 ) فأي إنجيل ترى كان هذا الذي يعنيه المسيح؟؟ أكان يدعو الناس للإيمان بإنجيل لم يُكتب بعد؟؟
[98] ويمكنك قراءة بعض فصوله بالعربية من: http://www.multimania.com/barnaba/ وبالإنجليزية من http://www.barnabas.net وهذه مقدمة إنجيل برنابا يوضح فيها سبب تأليفه لهذا الكتاب:
برنابا رسول يسوع الناصري المسمى المسيح يتمنى لجميع سكان الأرض سلاماً و عزاءً. 2- أيها الأعزاء إن الله العظيم العجيب( وهي تسمية لا تصح لله ) قد افتقدنا في هذه الأيام الأخيرة بنبيه يسوع المسيح برحمة عظيمة للتعليم والآيات التي اتخذها الشيطان ذريعة لتضليل كثيرين بدعوى التقوى.3- مبشرين بتعليم شديد الكفر. 4- داعين المسيح ابن الله. 5- ورافضين الختان الذي أمر الله به دائماً. 6- مجوزين كل لحم نجس. 7- الذين ضل في عدادهم أيضاً بولس الذي لا أتكلم عنه إلا مع بالغ الأسى. 8- وهو السبب الذي لأجله أسطر ذلك الحق الذي رأيته وسمعته أثناء معاشرتي ليسوع لكي تخلصوا ولا يضلكم الشيطان فتهلكون في دينونة الله. 9- وعليه فاحذروا كل أحد يبشركم بتعليم جديد مضاد لما أكتبه لتخلصوا خلاصاً أبدياً.
[99] عجيب أن يقرأ الإنسان في العهد القديم معتقدا بقدسيته بدون أن يدري على الأقل أسماء مؤلفي أسفاره!!
[100] جاء في مجلةLOOKعام 1952 في مقال بعنوان حقيقة الكتاب المقدس أن العهد الجديد وحده به نحو 20ألف خطأ !!
[101] Robert Kehl. Zeller
[102] جاء في خاتمة إنجيل يوحنا"هذا هو التلميذ الذي يشهد بهذا، وكتب هذا، ونعلم أن شهادته حق " ( يوحنا 21 / 24 ). فهذه الفقرة كما يقول المحققون دليل على عدم صحة نسبة الإنجيل إلى يوحنا، إذ هي تتحدث عن يوحنا بصيغة الغائب. إلا إذا كانت من إضافة أحد الناسخين أو المترجمين بدون إشارة منه بذلك وفي هذه الحالة ما الذي يضمن ألا تكون أجزاء أخرى هي من إضافة الناسخين؟
[103] يمكنك مراجعة ذلك بنفسك في الموسوعة البريطانية في أي مكتبة عامة تحت كلمة Bible أو Gospel
[104] يفهم من هذه المقدمة أمور أخرى منها: أن إنجيله خطاب شخصي، وأنه دوّنه بدافع شخصي، وأن له مراجع نقل عنها بتدقيق، وأن كثيرين كتبوا غيره، ولم يذكر لوقا في مقدمته شيئاً عن إلهام إلهي ألهمه الكتابة أو وحي من روح القدس نزل عليه. نقلا عن ( هل العهد الجديد كلام الله )
[105] فأين هذا من دقة تدوين الأحاديث النبوية التي يُعرف سلسلة رواتها من أول رجل سمعها من النبي إلي آخر رجل في السلسلة يرويها اليوم للناس كما سمعها و كل منهم يقول : قال فلان حدثنا فلان ؟؟
[106] جاء في مقدمة الطبعة الأمريكية المعدلة عام 1952 أن طبعة الملك جيمس حوت أخطاء جسيمة كثيرة جدا!
[107] يوجد اختلاف بين علماء التاريخ حول تاريخ ولادة المسيح عليه السلام
[108] Davies, A. Powell. The Meaning of the Dead Sea Scrolls.
[109] ويسمى أيضا Spouter or Preacher of lies
[110] انظر 4Q541 frag. 9 col. I ونبينا محمد هو الذي حارب أعداءه وحكم سيفه و بالتالي لا تنطبق هذه الصفات على غيره . والله اعلم
[111] مخطوطات البحر الميت - أحمد عثمان ص127- 147
[112] من أوائل من كتب فيه ريشارد سيمون (( Richard Simonفي كتابه التاريخ النقدي للعهد القديم Critical History of the Old Testament"."
[113] وما جاء على لسان الأب كارل رانير في المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني الذي انتهى عام 1965 قوله : " لقد أصبح من الصعب تصديق الأناجيل من كثرة ما تم بها من تحريف وقد ألح العديد من رجال الكهنوت في المجمع على ضرورة القيام بمراجعة الأناجيل حتى لا يصاب المسيحيون بالإحباط وحتى لا يتعرض المثقفون للفضيحة وحتى لا تتعرض العقيدة المسيحية نفسها للسخرية !!"
[114] ( هل العهد الجديد كلمة الله ) ص 151
[115] Foi en la Resurrection, Resurrection de la foi""
[116] Initiation to the Gospels.
[117] عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال(إن عفريتا من الجن تفلت علي البارحة - أو إن الشيطان- ليقطع علي الصلاة، فأمكنني الله منه، فأردت أن أربطه إلى سارية من سواري المسجد، حتى تصبحوا وتنظروا إليه كلكم، فذكرت قول أخي سليمان: {رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي}) فرده الله خاسئا
[118] يقول ( ول ديورانت) فى كتابه المشهور قصة الحضارة "مهما يكن من امر هذه الكتابات الغرامية فان وجودها فى العهد القديم سر خفى .... ولسنا ندرى كيف غفل او تغافل رجال الدين عما فى هذه الاغانى من عواطف شهوانية واجازوا وضعها فى الكتاب المقدس" الجزء 3 صفحة 388 .
[119] من كتاب هل العهد القديم كلمة اللـه ؟؟ د. منقذ السقار
Maurice Bucaille, The Bible, The Quran and Science[120] يمكنك قراءته من : http://home.swipnet.se/islam/books/maurice/frcont15.htm
[121] يقول الدكتور روبرت في كتابه " حقيقة الكتاب المقدس " :" لا يوجد كتاب على الإطلاق به من التغييرات والأخطاء والتحريفات مثل ما في الكتاب المقدس "، وينقل روبرت أن آباء الكنيسة يعترفون بوقوع التحريف عن عمد، وأن الخلاف بينهم محصور فيمن قام بهذا التحريف. ومن الطريف أن د. روبرت قد أعد لمطبعة " تسفنجلي " مذكرة علمية تطبع مع الكتاب المقدس، ثم منع من طبعها، ولما سئل عن السبب في منعها قال : " إن هذه المذكرة ستفقد الشعب إيمانه بهذا الكتاب ". ولعل أهم أمثلة تحريف الطبعات قاطبة ما جاء في رسالة يوحنا الأولى " فإن الذين يشهدون (في السماء هم ثلاثة الأب والكلمة والروح القدس، وهؤلاء الثلاثة هم واحد، والذين يشهدون في الأرض) هم ثلاثة الروح والماء والدم، والثلاثة هم في الواحد " ( يوحنا (1) 5/7 - 8)، والفقرة الأولى التي تتحدث عن شهود السماء غير موجودة في النسخ القديمة، وقد كتب إسحاق نيوتن رسالة بلغت خمسين صفحة أثبت فيها تحريف هذه العبارة التي بقيت في سائر الطبعات والتراجم بلغات العالم المختلفة إلى أواسط هذا القرن. وكانت بعض الطبعات العربية القديمة قد وضعتها بين هلالين لتدل على عدم وجودها في المخطوطات القديمة كما في ترجمة الشرق الأوسط 1933م، ومثلها صنعت طبعة دار الكتاب المقدس في الشرق الأوسط، لكن الفقرة موجودة بدون أهلة في سائر التراجم العربية سوى ترجمة العالم الجديد البرتسنتية وترجمة الكاثوليك العربية المسماة بالرهبانية اليسوعية، فإنهما أزالتاها ، واعتبرتا نص التثليث المهم نصاً دخيلاً ملحقاً بالكتاب المقدس. وفي عام 1952م أصدرت لجنة تنقيح الكتاب المقدس نسخة ( R. S. V)، النسخة القياسية المراجعة، وكان هذا النص ضمن ما حذفه المنقحون، لكن هذا التنقيح لم يسرِ على مختلف تراجم الإنجيل العالمية. وكذلك ما جاء مرقص(16/9-20) فإنها موجودة في بعض النسخ دون بعض فقد ذكر جورج بوست في قاموس الكتاب المقدس أنها لم تكن في الكتب القديمة وغير ذلك من نصوص مثل يوحنا 53:7 ويوحنا8 :1 -11 ومتى 17 :21
[122] من كتابه هل الكتاب المقدس كلام الله ص 17

القلب الحزين 12-01-2014 07:47 PM

رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو
 
معركة ملاذكرد من أيام المسلمين الخالدة

تعد معركة "ملاذكرد" من أيام المسلمين الخالدة، مثلها مثل بدر، واليرموك، والقادسية، وحطين، وعين جالوت، والزلاقة، وغيرها من المعارك الكبرى التي غيّرت وجه التاريخ، وأثّرت في مسيرته، وكان انتصار المسلمين في ملاذكرد نقطة فاصلة؛ حيث قضت على سيطرة دولة الروم على أكثر مناطق آسيا الصغرى وأضعفت قوتها، ولم تعد كما كانت من قبل شوكة في حلق المسلمين، حتى سقطت في النهاية على يد السلطان العثماني محمد الفاتح.
كما أنها مهدت للحروب الصليبية بعد ازدياد قوة السلاجقة المسلمين وعجز دولة الروم عن الوقوف في وجه الدولة الفتية، وترتب على ذلك أن الغرب الأوروبي لم يعد يعتمد عليها في حراسة الباب الشرقي لأوروبا ضد هجمات المسلمين، وبدأ يفكر هو في الغزو بنفسه، وأثمر ذلك عن الحملة الصليبية الأولى.
السلطان محمد الملقب ألب أرسلان أي الأسد الشجاع:
تولى ألب أرسلان زمام السلطة في البلاد بعد وفاة عمه طغرلبك، وكانت قد حدثت بعض المنازعات حول تولي السلطة في البلاد، لكن ألب أرسلان استطاع أن يتغلب عليها. وكان ألب أرسلان -كعمه طغرل بك- قائداً ماهراً مقداماً، وقد اتخذ سياسة خاصة تعتمد على تثبيت أركان حكمه في البلاد الخاضعة لنفوذ السلاجقة ، قبل التطلع الى أخضاع أقاليم جديدة، وضمها إلى دولته. كما كان متلهفاً للجهاد في سبيل الله ، ونشر دعوة الإسلام في داخل الدولة المسيحية المجاورة له، كبلاد الأرمن وبلاد الروم، وكانت روح الجهاد الإسلامي هي المحركة لحركات الفتوحات التي قام بها ألب أرسلان وأكسبتها صبغة دينية، وأصبح قائد السلاجقة زعيماً للجهاد، وحريصاً على نصرة الاسلام ونشره في تلك الديار، ورفع راية الاسلام خفاقة على مناطق كثيرة من أراضي الدولة البيزنطية[1].
لقد بقي سبع سنوات يتفقد أجزاء دولته المترامية الأطراف، قبل أن يقوم باي توسع خارجي.
http://www.quran-m.com/firas/ar_photo/5/Clip_7.jpg
الشكل يبين دولة السلاجقة في القرن الخامس الهجري
وعندما أطمئن على استتباب الأمن، وتمكن حكم السلاجقة في جميع الأقاليم والبلدان الخاضعة له، أخذ يخطط لتحقيق أهدافه البعيدة، وهي فتح البلاد المسيحية المجاورة لدولته، وإسقاط الخلافة الفاطمية العبيدية في مصر، وتوحيد العالم الإسلامي تحت راية الخلافة العباسية السنيّة ونفوذ السلاجقة، فأعد جيشاً كبيراً أتجه به نحو بلاد الأرمن وجورجيا، فافتتحها وضمها إلى مملكته، كما عمل على نشر الاسلام في تلك المناطق[2]. وأغار ألب أرسلان على شمال الشام وحاصر الدولة المرداسية في حلب، والتي أسسها صالح بن مرداس على المذهب الشيعي سنة 414هـ/1023م وأجبر أميرها محمود بن صالح بن مرداس على إقامة الدعوة للخليفة العباسي بدلاً من الخليفة الفاطمي/ العبيدي سنة 462هـ/1070م[3]. ثم أرسل قائده الترك أتنسز بن أوق الخوارزمي في حملة الى جنوب الشام فأنتزع الرملة وبيت المقدس من يد الفاطميين العبيديين ولم يستطيع الاستيلاء على عسقلان التي تعتبر بوابة الدخول الى مصر، وبذلك أضحى السلاجقة على مقربة من قاعدة الخليفة العباسي والسلطان السلجوقي داخل بيت المقدس[4].
لقد أغضبت فتوحات ألب أرسلان دومانوس ديوجينس امبراطور الروم، فصمم على القيام بحركة مضادة للدفاع عن امبراطوريته. ودخلت قواته في مناوشات ومعارك عديدة مع قوات السلاجقة، وكان أهمها معركة ملاذكرد في عام 463هـ الموافق أغسطس عام 1070م[6] قال ابن كثير: وفيها أقبل ملك الروم ارمانوس في جحافل أمثال الجبال من الروم والرخ والفرنج، وعدد عظيم وعُدد ، ومعه خمسة وثلاثون ألفاً من البطارقة، ومعه مائتا ألف فارس، ومعه من الفرنج خمسة وثلاثون ألفاً، ومن الغزاة الذين يسكنون القسطنطينية خمسة عشر ألفاً ، ومعه مائة ألف نقّاب وخفار[7]، وألف روزجاري، ومعه أربعمائة عجلة تحمل النعال والمسامير، وألفا عجلة تحمل السلاح والسروج والغرادات والمناجيق، منها منجنيق عدة ألف ومائتا رجل، ومن عزمه قبحه الله أن يبيد الإسلام وأهله، وقد أقطع بطارقته البلاد حتى بغداد، واستوصى نائبها بالخليفة خيراً، فقال له : ارفق بذلك الشيخ فانه صاحبنا، ثم إذا استوثقت ممالك العراق وخراسان لهم مالوا على الشام وأهله ميلة واحدة، فاستعادوه من أيدي المسلمين ، والقدر يقول : {لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون} سورة الحجر: الآية : 72. فالتقاه السلطان ألب أرسلان في جيشه وهم قريب من عشرين ألفاً، بمكان يقال له الزهوة، في يوم الأربعاء لخمس بقين من ذي القعدة، وخاف السلطان من كثرة جند الروم، فأشار عليه الفقيه أبو نصر محمد بن عبد الملك البخاري بأن يكون وقت الوقعة يوم الجمعة بعد الزوال حين يكون الخطباء يدعون للمجاهدين ، فلما كان ذلك الوقت وتواقف الفريقان وتواجه الفئتان، نزل السلطان عن فرسه وسجد لله عز وجل، ومرغ وجهه في التراب ودعا الله واستنصره، فأنزل نصره على المسلمين ومنحهم أكتافهم فقتلوا منهم خلقاً كثيراً، وأسر ملكهم ارمانوس، أسره غلام رومي، فلما أوقف بين يدي الملك ألب أرسلان ضربه بيده ثلاثة مقارع وقال : لو كُنت أنا الأسير بين يديك ما كنت تفعل؟ قال : كل قبيح، قال فما ظنك بي؟ فقال: إما أن تقتل وتشهرني في بلادك، وإما أن تعفو وتأخذ الفداء وتعيدني. قال : ما عزمت على غير العفو والفداء. فأفتدى منه بألف ألف دينار وخمسمائة ألف دينار. فقام بين يدي الملك وسقاه شربة من ماء وقبل الأرض بين يديه، وقبل الأرض إلى جهة الخليفة إجلالاً وإكراماً، وأطلق له الملك عشرة ألف دينار ليتجهز بها، وأطلق معه جماعة من البطارقة وشيعه فرسخاً، وأرسل معه جيشاً يحفظونه إلى بلاده، ومعهم راية مكتوب عليها لا إله إلا الله محمد رسول الله،....[8].
لقد كان نصر ألب أرسلان بجيشه الذي لم يتجاوز خمسة عشر ألف محارب على جيش الإمبراطور دومانوس الذي بلغ مائتي ألف، حدثاً كبيراً، ونقطة تحول في التاريخ الاسلامي لأنها سهلت على اضعاف نفوذ الروم في معظم أقاليم آسيا الصغرى، وهي المناطق المهمة التي كانت من ركائز وأعمدة الإمبراطورية البيزنطية. وهذا ساعد تدريجياً للقضاء على الدولة البيزنطية على يد العثمانيين.
لقد كان ألب أرسلان رجلاً صالحاً أخذ بأسباب النصر المعنوية والمادية، فكان يقرب العلماء ويأخذ بنصحهم وما أروع نصيحة العالم الرباني أبي نصر محمد بن عبدالملك البخاري الحنفي، في معركة ملاذكرد عندما قال للسلطان ألب أرسلان: إنك تقاتل عن دين وعد الله بنصره و إظهاره على سائر الأديان. وأرجو أن يكون الله قد كتب باسمك هذا الفتح فالقهم يوم الجمعة في الساعة التي يكون الخطباء على المنابر، فإنهم يدعون للمجاهدين.
فلما كان تلك الساعة صلى بهم، وبكى السلطان ، فبكى الناس لبكائه، ودعا فأمنوا، فقال لهم من أراد الإنصراف فلينصرف، فما ههُنا سلطان يأمر ولا ينهى. وألقى القوس والنشاب ، واخذ السيف، وعقد ذنب فرسه بيده، وفعل عسكره مثله، ولبس البياض وتحنط وقال: إن قتلت فهذا كفني[9] الله أكبر على مثل هؤلاء ينزل نصر الله.
وقتل هذا السلطان على يد أحد الثائرين واسمه يوسف الخوارزمي وذلك يوم العاشر من ربيع الأول عام 465هـ الموافق 1072م ودفن في مدينة مرو بجوار قبر أبيه فخلفه أبنه ملكشاه[10].
[1] انظر: قيام الدولة العثمانية ، ص20.
[2] انظر: قيام الدولة العثمانية، ص20.
[3] انظر: السلاطين في المشرق العربي ، د.عصام محمد ، ص25.
[4] انظر: مرآة الزمان لسبط بن الجوزي، ص161.
[5] المصدر السابق نفسه، ص20.
[6] النقاب والخفار: من ينقب ومن يحفر.
[7] البداية والنهاية 12/108.
[8] انظر : تاريخ الاسلام للذهبي ، حوادث ووفيات 461،470، ص2.
[9] انظر: قيام الدولة العثمانية، ص21.
مصدر الصور موقع الموسوعة الحرة http://en.wikipedia.org/wiki/Main_Page

القلب الحزين 12-01-2014 07:49 PM

رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو
 
ثلاث رسائل تبادلها سلاطين المسلمين مع ملوك أوروبا / كيف كُنا ؟

بقلم الدكتور: عبد الرحيم الشريف
دكتوراه في التفسير وعلوم القرآن الكريم
الرسالة الأولى:
بعث جورج الثاني ملك إنجلترا والنرويج والسويد برسالة إلى السطان هشام الثالث في الأندلس، جاء فيها:
إلى صاحب العظمة / خليفة المسلمين / هشام الثالث الجليل المقام ....
من جورج الثاني ملك إنجلترا والنرويج والسويد ...
بعد التعظيم والتوقير، فقد سمعنا عن الرقي العظيم الذي تتمتع بفيضه الضافي معاهد العلم والصناعات في بلادكم العامرة، فأردنا لأبنائنا اقتباس نماذج من هذه الفضائل... لتكون بداية حسنة لاقتفاء أثركم، لنشر العلم في بلادنا التي يحيط بها الجهل من أركانها الأربعة.
وقد وضعنا ابنة شقيقنا الأميرة (دوبانت) على رأس بعثة من بنات الأشراف الإنجليز، لتتشرف بلثم أهداب العرش، والتماس العطف، وتكون مع زميلاتها موضع عناية عظمتكم، وفي حماية الحاشية الكريمة..
وقد أرفقت الأميرة الصغيرة بهدية متواضعة لمقامكم الجليل، أرجو التكرم بقبولها مع التعظيم والحب الخالص.
من خادمكم المطيع
جورج الثاني [1]
====================
الرسالة الثانية:
بعث ريتشارد قلب الأسد برسالة إلى صلاح الدين الأيوبي جاء فيها:
من ريكاردوس قلب الأسد ملك الإنجليز إلى صلاح الدين الأيوبي ملك العرب
أيها المَولَى..
حامل خطابي هذا بطل باسل صنديد، لاقى أبطالكم في ميادين الوغى، وأبلى في القتال البلاء الحسن، وقد وقعت أخته أسيرة، فقد كانت تدعى (ماري) وصار اسمها (ثريا).
وإن لملك الإنجليز رجاء يتقدم به إلى ملك العرب وهو: إما أن تُعيدوا إلى الأخ أخته، وإما أن تحتفظوا به أسيراً معها، لا تفرِّقوا بينهما ولا تحكموا على عصفور أن يعيش بعيداً عن أليفه.
وفيما أنا بانتظار قراركم بهذا الشأن، أذكِّركم بقول الخليفة عمر بن الخطاب ـ وقد سمعته من صديقي الأمير حارث ـ وهو: " متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟ ".
فردَّ عليه صلاح الدين على رسالة ريتشارد..
من السلطان صلاح الدين الأيوبي إلى ريكاردوس ملك الإنجليز
أيها الملك: صافحتُ البطل الباسل الذي أوفدتموه رسولاً إليّ، فليحمل إليكم المصافحة مما عرف قدركم في ميادين الكفاح.
وإني لأحب أن تعلموا بأنني لم أحتفظ بالأخ أسيراً مع أخته؛ لأننا لا نُبقي في بيوتنا سوى أسلاب المعارك، لقد أعدنا للأخ أخته. وإذا ما عمل صلاح الدين بقول عمر بن الخطاب، فلكي يعمل ريكاردوس بقولٍ عندكم: " أعطوا ما لقيصر لقيصر، وما لله لله". فرُدَّ أيها الملك الأرضَ التي اعتصبتَها إلى أصحابها، عملا بوصية السيد المسيح عليه السلام. [2]
=============
الرسالة الثالثة:
ملك بريطانيا (جون لاكلاند) يعرض الدخول تحت ظل دولة الخلافة الإسلامية
في عام 1213م أرسل (جون لاكلاند) ملك إنجلترا وفدا سرياً مكونا من ثلاثة أشخاص إلى (محمد الناصر) حاكم المغرب وإفريقيا وإسبانيا جاء فيها أنه يسره أن يضع بريطانيا أمانة بين يديه ويتخلى عن الاعتقاد بالديانة المسيحية ويتمسك ويلتزم بكل إخلاص بدين وعقيدة محمد.
ولكن محمد الناصر رفض هذا العرض لأنه عدَّ ملك إنجلترا أحمق لا يستحق التحالف معه، ومما جاء في رده:
" لم أقرأ أو أسمع قط أن ملكاً يمتلك مثل هذه البلاد المزدهرة الخاضعة المطيعة له عن طواعية، يقوم بتدمير سيادته واستقلاله بجعل بلده الحر يدفع الجزية لغريب، فماً أنها يجب أن تكون ملكه وحده.. ".
ثم برر رفضَ عرض ملك بريطانيا بالحلف معه لأنه: " ملك ضيِّق الأفق والتفكير وأحمق وخرف وغير جدير بالتحالف معي ".
ولما قرأ الملك رد محمد الناصر بكى، وغضب من الوفد وطالبهم بأن لا يجعلونه يراهم مجدداً ! [3]
للتواصل:
د. عبد الرحيم الشريف
[email protected]
الهامش:
============================
1) بتصرف عن كتاب: تاريخ سوريا، للكاتب السوري نادر العطار.
2) بتصرف عن كتاب: العرب عنصر السيادة في القرون الوسطى، للمؤرخ الإنجليزي جون داونبورت.
3) صحيفة صنداي تايمز 22/10/1978 نقلاً عن كتاب ( The Tatars Khan`s English) للمؤرخ الإنجليزي الخبير بشؤون القرن الثالث عشر الميلادي (Gabriel Rany).

القلب الحزين 12-01-2014 07:55 PM

رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو
 
الكارثة والحلقة المفقودة في الدعوة

بقلم الدكتور حسين رضوان اللبيدي
الحبيب الشقيق: بعد عملية إحصائية طويلة شملت قمم المثقفين وقادة الفكر في الأمة تبين ما يأتي : هناك ملايين من أمة الإسلام لا تعلم يقينا لماذا القرآن الكريم هو كلام الله ، وأنه الوحيد الخالد المحفوظ بلا بديل ؟ ولماذا الإسلام هو دين كمال البشرية العالمي الخالد بلا منافس، وانه طوق النجاة للحضارة العالمية ؟
وتستطيع بنفسك أن تستطلع ذلك فيمن حولك لتعلم ذلك يقينا، وذلك يشكل كارثة تطول عقل الأمة وقادة الفكر والثقافة فيها.
وعلاج هذه الكارثة يشكل حلقة مفقودة في الدعوة الإسلامية
وهذا العمل مساهمة منا في ذلك ولدينا المزيد فلنتواصل
الوحي العالمي الخالد
هيا بنا نتفكر ساعة قبل قيام الساعة لنصل إلى الحق واليقين والحق أحق أن يتبع .
أتوقن يا أخي بأن لكل صنعة صانع حتى ولو كانت عود ثقاب أو دبوسا بسيطا ؟ ( نعم أوقن ) ، أتوقن يا أخي بأن الصنعة إذا كانت تتجلى فيها الدقة والعلم والحكمة والتقدير فإن الصانع لابد وأن يكون عليما وحكيما وقديرا ؟ ( نعم ) فبماذا توقن عندما ترى كونا من حولك غاية في العظمة والتقدير تتجلى فيه أعلى درجات الحكمة والعلم والدقة من ذراته إلى مجراته ومن أرضه إلى سمائه ؟ ( أوقن بأن من فوقه خلاق له صفات الكمال ) . هل تشك يا أخي أن الصانع الماهر يتابع صنعته بإرسال الفنيين يحملون النصح والتوجيه والكتالوج حتى تعصم صنعته من التلف وتسير على أكمل وجه يرتضيه الصانع ؟ ( لا أشك ) كيف وخالق ذلك الكون المنظم البديع أيترك المكلفين بلا توجيه أو هداية ؟ الذي قدر للكون العظيم حركته ونظامه ( هل ترى في خلق الرحمن من تفاوت ، وهل ترى من فطور ؟ )إن الوحي حق والرسل والرسالات حق .
أن الإنسان المخلوق يصيغ في حياته القوانين بأوامرها ونواهيهاويفعلها بالثواب والعقاب، فهل يكون للمخلوق ما ليس للخالق العظيم الحكيم ؟ أن الوحي حق ويوم الحساب حق. هل توقن يا أخي بأن الصانع يهدف من وراء صنعته إلى هدف غايته الكمال ؟ ( أوقن ) كيف وخالق ذلك الكون العظيم ذو التقدير المحكم؟
* إذا كانت غاية خلق الأرض أن تمهد لك ، وغاية خلق القمر أن ينير ويؤقت لك، وغاية خلق الشمس الجبارة أن تمنحك الطاقة ولا تحرقك ، وغاية خلق الرياح والبحار والأنهار أن تحفظك وتخدمك ، وغاية خلق العقل المكلف أن يجعلك تتفكر في كل ذلك وتسأل : ما الهدف والغاية الذي من أجله خلقت وسخرت لي كل تلك الأشياء من الذرات إلى النجوم والأقمار والطاقات والكائنات الحية ، ومنحت من أجله عقلا كونيا راقيا مزودا بقناة تبحث عن الحكمة ؟
فيسمع القلب منذ ( ألست بربكم حتى نزول الفرقان ) يسمع ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) فيتساءل القلب كيف نعبدك ربى عبادة ترضى بها عنا فيسمع القلب ( اتبع ما يوحى )
والوحي الحق أرسله العليمالحكيم - كبرنامج مكمل - يصاحب القلب ( العقل المكلف ) - سريع التقلب - في رحلة التكليف يهديه إذا ضل ويقومه إذا اعوج ويشفيه إذا مرضويحميه من اختراق الشياطين، بشيرا ونذيرا.
ولقد شاءت إرادة العليم الحكيم أن تتنزل رسالاته على مراحل وفقا لمراحل أطوار البشرية ، كما أن الطفل المولود حديثا يناسبه لبن الأم الخفيف المتوافق مع سنه حتى إذا ما بلغ أشده احتاج إلى غذاء معقد أكثر ثراء وتركيزا ينسخ به ما سبقه من غذاء بسيط ، وهكذا جاءت الرسالات متتالية حتى انتهت برسالة دين كمال البشرية العالمي الخالد الإسلام نسخت فيها وبها ما سبقها ، وليس النسخ باللاحق معناه العيب والقصور في السابق فالكل حق من الحق ، والوحي الأخير فيه كل ما سبقه من الحق وزيادة .
وقد يقف العقل البسيط حيرانا أمام ظاهرة يعيشها في هذا الزمان، إنها ظاهرة وجود كتب متعددة بينها اختلاف يجر إلى صراع وخلاف ، يدعي صاحب كل كتاب أن كتابه هو وحي السماء الوحيد الخالد المحفوظ ، فأين الحق من بين ما هو متاح أمام العقل المكلف الحر ؟
التوراة حق والإنجيل حق وكل ما نزل من عند الله حق، وليس من المعقول أن يجعل الله - العليم الحكيم الرحمن الرحيم- رسالات متعددة ومختلفة في فترة زمنية واحدة تدفع عباده للتخاصم والتفرق بل للتصارع ، ولكن الحق هو أن يبقى حق وحيد في أي فترة زمنية يشكل قبلة يتوحد عليها عباده فلا يضلوا ولا يتصارعوا .
فكيف نتعرف على ذلك الحق الوحيد المحفوظ من بين ما هو معروض - أمام العقل المكلف الحر - من نصوص متعددة وغير متطابقة ؟ لابد للعقل أن يضع شروطا منطقية عادلة يتعرف من خلالها على أن ذلك النص أو ذلك الكتاب كلام الله المحفوظ ، وهذه الشروط العقلية المنطقية العادلة يمكن تلخيصها فيما يأتي :
* كلام الله يحس المستمع إليه أنه يأتى من أعلى محاط بالجلال والجمال يأسر العقل ويهز الوجدان.
* كلام الله معجز بكل المقاييس ، وخال تماما من التناقض والاختلاف والتحريف والكلام الفاحش
* كلام الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي .
* كلام الله ينزه الله مما لا يليق بكماله وينزه رسل الله مما لا يليق بحملة رسالاته.
* كلام الله يحتوى على برنامج عقلي يأخذ بالعقل المكلف على مدارج السالكين في عالم الشهود حتى إذا وصل إلى منتهاه أطل إلى عالم الغيب وكأنه يراه، فيؤمن بالله ورسله وكتبه واليوم الآخر.
* كلام الله العالمي الخالد يحتوى على منهاج عالمي يحقق العدل والتوازن بين الإنسان ونفسه والإنسان وأخيه الإنسان والإنسان والكون من حوله.
*كلام الله يصف الكون في أدق تفاصيله ويشير إلى حقائق علمية من الذرة إلى المجرة، ومن النطفة إلى العقل البشري تتطابق مع الحقائق العلمية المكتشفة بأدق وسائل التقنية الحديثة.
فإذا لم تنطبق هذه الخصائص على كتاب قيد الفحص فأني أحكم عليه بأنه مزيف، وإذا انطبق بعضها ولم ينطبق البعض الآخرفأني أحكم عليه بأنه محرف مشكوك فيه، وإن انطبقت كل هذه الشروط على كتاب فأني أوقن بأنه كلام الله الخالد الباقي المحفوظ ليدين به المكلفون فيقودهم إلى الهدى ودين الحق.
والدراسات العلمية العالمية البعيدة عن التعصب والعصبية بينت يقينا أن تلك الشروط العقلية والمنطقية لا تنطبق – فيما هو متاح أمامنا - إلا على كتاب وحيد لا ريب فيه إنه القرآن الكريم بلا منافس أو بديل .
* فهو الكتاب الوحيد الذي يحس المستمع إليه أنه يأتي من السماء ( روح النص ).
لأن روح النص مخالفة لروح لغة البشر وأن كان من جنس لغتهم، ينشط العقل والوجدان، فيه مطلق العبودية لله الواحد القهار التي لا تكون لأحد حتى النبي المختار ، يحمل ميزان الحق والعدل والحرية لكل عبيده بلا عنصرية .
( الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدى به من يشاء من عباده ومن يضلل الله فما له من هاد ) 23الزمر
* وهو الوحيد الخالي تماما من التناقض والاختلاف والتحريف والمحفوظ كما أنزل .
(أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيرا)82النساء( الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً) 1الكهف (إنانحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) (الحجر 9 )
(وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ) (فصلت 42)
* وهو معجز في معانيه ومبانيه .
( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ) الإسراء (88 ) وفى البقرة(23) ( وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله 0000000 )
* وهو الوحيد الذي ينزه الله مما لا يليق بكماله ، وينزه الرسل مما لا يليق بحملة رسالات الله .
( قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد) سورة الإخلاص
( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ) الحديد 25
* وهو الوحيد الذي أشار إلى حقائق علمية تصف الكون من الذرة إلى المجرة ومن النطفة إلى الخلق الآخر وصفا علميا يتطابق مع الحقائق العلمية المكتشفة بعد نزوله بزمان ليكون في ذلك دليل على صدق الرسالة وصدق الرسول وعالمية الإسلام( سنريهم ءاياتنا في الأفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء قدير )53 فصلت
* وفيه برنامج مكمل للعقل المكلف يعدل اعوجاجه ويشفى أمراضه
( يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين )57 يونس
ويذكره بأن يأخذه في رحلة عقلية على سلم الأسباب في عالم الشهود حتى إذا وصل إلى منتهاه أطل إلى عالم الغيب وكأنه يراه فيؤمن ( وهو في ذلك بلا منافس أو بديل ). ( ولِلَّهِ مُلْكُ السماوات والأَرْضِ واللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (189) إنَّ فِي خَلْقِ السماوات والأَرْضِ واخْتِلافِ اللَّيْلِ والنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِي الأَلْبَابِ (190) الَذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وقُعُوداً وعَلَى جُنُوبِهِمْ ويَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السماوات والأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) (191) ( آل عمران )
* أن فى القرآن وعلوم الإسلام دستورا عالميا يحقق العدل والتوازن بين الإنسان ونفسه والإنسان وأخيه الإنسان والإنسان والكون من حوله ( بلا منافس أو بديل ) .
( أن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي )
* القرآن خال تماما من الكلمات الفاحشة التي لا تليق بكلام الله، وكل ما جاء فيه دعوة إلى التوحيد الخالص والعلم والطهارة والعدل والصدق التي تأخذ المكلفين من دنيا القردة والخنازير إلى جنة التوحيد.
( وبالحق أنزلناه وبالحق نزل وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا ) 105 الإسراء
* القرآن يهيمن على ما سبقه من رسالات ويحتوى على نص صريح بأنه الخاتم .
* ولقد أخبر عن الغيب فصدق ( يشمل الغيب العلمي والتاريخي )(تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلى) 4طه
الإسلام دين الله العالمي الخالد ( طوق النجاة للحضارة العالمية )
والإسلام ( الكتاب والسنة ) يمكن تلخيصه في هدفين :
الهدف الأول : توحيد الله وتنزيهه وان له صفات الكمال والإيمان برسالات الله واليقين بيوم الحساب.
( قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد) سورة الإخلاص
( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ) الحديد.
( ولِلَّهِ مُلْكُ السماوات والأَرْضِ واللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (189) إنَّ فِي خَلْقِ السماوات والأَرْضِ واخْتِلافِ اللَّيْلِ والنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِي الأَلْبَابِ (190) الَذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وقُعُوداً وعَلَى جُنُوبِهِمْ ويَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السماوات والأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) (191) ( آل عمران )
أن النفس التي توقن بالحي القيوم القادر على كل شيء الملجأ الرحمن الرحيم لا تكتئب أبدا ، والنفس التي تعتقد في الرقيب الحكم العدل ويوم الحساب لا تتوحش ، وهذا هو طوق النجاة للحضارة العالمية المهددة .
والهدف الثاني: هداية البشرية إلى حياة الحق والعدل والطهارة والحرية .
( أن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي )ويقول الحق :
( قل إنما حرم ربى الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ) سورة القصص آية77
)الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا ( سورة البقرة275
ونقرأ في القرآن والسنة ما يؤكد معنى الوحدة الإنسانية، مثل قوله سبحانه: )يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم ( ، وفى قوله صلى الله عليه وسلم : ( كلكم لآدم وآدم من تراب ) و (لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى ) كل ذلك يوضح ويجدد معنى الوحدة الإنسانية الكاملة الحقيقية التي يدعوا إليها الإسلام .
ولهذا المعنى الجامع بين بنى الإنسان كان الإسلام يدعوا إلي الرحمة الإنسانية من غير نظر إلي كون الشخص عربيا أو أعجميا، مسلما أو غير مسلم ، فالرسول يقول :[ الراحمون يرحمهم الرحمن ، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ]، ومن في الأرض أيا كانوا سواء أكانوا في بلاد المسلمين أم في غيرها ، والإسلام اعتبر النفع الإنساني _ أو مطلق نفع يسديه المسلم _ صدقة محتسبة ، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم :[ ما من مسلم يزرع زرعا أو يغرس غرسا فيأكل منه إنسان أو دابة إلا كتب له به صدقة ]، فالنفع الإنساني العام ، بل النفع للأحياء جميعا ، أمر دعا إليه الإسلام
وقال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم: [ المؤمن من يأمن الناس بواتقه ] وقال رسول الله ( الناس ) ولم يقل المسلمون ، وأيضا يقول صلى الله عليه وسلم [ المسلم من سلم الناس من يده ولسانه ] فهذه المعاني الإنسانية العالية هي التي تبين وحدة بنى الإنسان ، لا تفرق بين جنس وجنس ، ولا لون ولون ، ولا دين ودين ، وأن البر يجب أن يكون بالإنسان لذات الإنسان .
ولكي يقارن العقل نعرض هذه الفقرة عن الحرب في الإسلام: إن الإسلام قد جعل القاعدة الأساسية في حروبه مكافحة البغي والعدوان حتى لا يكون هناك مجال للاضطراب الذي يهدد الأمن ، ويذيق الإنسانية والبشرية الويلات والشرور ، وهي لم تكن إلا وسيلة من وسائل الإصلاح في الأرض ، وإقرار الأمن والسلام فوقها ، ولم يحد الإسلام مرة واحدة عن هذه القاعدة الأساسية . ولم يك عجيبا أن يتجلى فيها أروع أمثلة النبل والرحمة والعدالة. ومن أخلاقيات الإسلام في الحرب أنه صلى الله عليه وسلم أوصى بما يأتي :[ لا تقتلن امرأة ولا صغيراً ضرعا ( ضعيفاً ) ولا كبيراً فانياً ، ولا تغرقن نخلاً ، ولا تقلعن شجراً ، ولا تهدموا بيتاً ] ولم يصل النبل بالمسلمين إلى حد الترفع عن قتل الضعفاء فحسب بل تعداه إلى الحيلولة دون جرح إحساسهم وخدش شعورهم. ولقد شمل النبل في حروب المسلمين الأسرى من الأعداء إذ وصى صلى الله عليه وسلم عليهم فقال [ أحسنوا آسرهم، وقيلوهم واسقوهم، ولا تجمعوا عليهم حر الشمس وحر السلاح ]. وهذا من خلق القرآن الذي يتجلى في وصف الحق للأبرار في سورة الإنسان في قوله: ( ويطعمون الطعام علي حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ) وفيها جعل الحق حسن معاملة الأسرى عبادة لله وتقربا إليه، فأي دين أعظم من ذلك، وأي دليل على الصدق أصدق من ذلك .
والدراسات والمراجع والمناظرات الصادقة المحايدة لمدارس مقارنة الأديان والكتب المقدسة أكدت ذلك .
* وهاهو العالم يتحول إلى غابة من الوحوش والقردة والخنازير ويتجه إلى الهلاك بأمراضه الخطرة ، فإنكار الخالق القدير الرحيم الحكم العدل وإنكار يوم الحساب دفع النفس البشرية إلى الاكتئاب أو التوحش ، فانتشرت الفواحش والجرائم والمسكرات ، وأخترع الأنانيون الظلمة من بني البشر طاعون الربا ( أم المظالم ) ، فانتشرت جرائم العنف وردود أفعال المظلومين ، وانتشرت الأمراض الفتاكة كالإيدز وجنون البقر ومضاعفات الخمور والمخدرات وجرائم الاغتصاب والسرقات والقتل والظلم ، ولا حل للبشرية إلا في الرجوع إلى الإسلام انه طوق النجاة لها بلا منافس أو بديل ، فكل ما جعله حلال سعادة للبشرية وكل ما حرمة فيه خراب لها .
* فيا أمة التوحيد أن ما بك من مهانة وزل وتخلف بسبب انسلاخك عن النبع الصافي واحة الأمن والأمان في حمى العزيز المهيمن القهار، فهل تقارنين بين حالك الآن وحالك عندما كنت بهوية الإسلام عندما تحركت خيول النصر تحمل رايات التوحيد والحق للأرض كلها . فهل تعودي إلى دين كمال البشرية العالمي الخالد فى حمى من يقول للشيء كن فيكون ؟
الحبيب الشقيق لا تنسى الأمل في الرجوع إلى هوية الحق هوية الإسلام والوحدة فيه ، وأن تجعل ذلك مشروع حياتك قبل مماتك ، وأن تسعى من أجل ذلك بالنصح والعلم والفكر والرحمة والمودة ، بالحكمة والموعظة الحسنة كما بين الهدى ونور الحق بلا كلل أو فتور أو ملل ، سخر كل إمكانياتك واتصالاتك للتواصى بهذا الأمل الغالي الذي من أجله خلقت ، ولا تنسى أن من يلوز بحمى الله فلا غالب له ومن يتوكل عليه فهو حسبه .
( صور من هذا العمل ما تستطيع وإرساله إلى من تحب أن تصل إليه دعوة الحق ليكون ذلك فى ميزان حسناتك ( ولابد أن يكون التصوير واضحا ونقيا ) ، بارك الله فيكم وجعل سعيكم مشكورا وذنبكم مغفورا ومتعكم بالصحة والعفو والعافية في الدنيا والآخرة إنه نعم المولى ونعم النصير ولا حول ولا قوة إلا بالله والحمد لله رب العالمين وللمزيد يمكنك للتوسعة الرجوع إلى كتب مقارنة الأديان ، وكتب الإعجاز العلمي في مجال ( الكونيات والإنسانيات )
ملحوظة في فقه المرحلة:
نوجه هذا النداء الهام إلى علماء الأمة: يا علماء الأمة توحدوا لتشكلوا مرجعية ملزمة لكل الأمة تعلنوها في اجتماع لكم لإبراء الذمة في بيت الله الحرام، ففي توحدكم وإجماعكم وإعلانكم إبراء لذمتكم – المحاسبون عليها – وإنقاذا لأمتكم من التفكك والاختراق والصراع وإنقاذا لدينكم من شن حرب عالمية عليه ، أن لم تفعلوها تكن فتن تحاسبون عليها حسابا عسير لأن الله أكرمكم بنعمة حمل أمانة دينه العالمي الحق ألا هل بلغت اللهم أشهد ولا حول ولا قوة إلا بالله .
ولدينا مجموعة من البرامج العالمية للدعوة منها : اليقين --- الوحي العالمي الخالد --- الدين العالمي الخالد – القرآن والمخ والعقل والنفس ، وبرامج أخرى غير مسبوقة
د/ حسين رضوان اللبيدى
( مدير مستشفى )بمصر وعضو هيئة الإعجاز العلمي بمكة سابقا
وعضو جمعية الإعجاز العلمي للقرآن الكريم بالقاهرة وجنوب
للتوصل مع:
0020127580446

القلب الحزين 12-01-2014 07:57 PM

رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو
 
هل القرآن يغني عن السنة ؟

بقلم الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي
هناك من يقول في هذا العصر، بل في هذه السنوات الأخيرة بالذات: إن القرآن يغني عن السنة. فينبغي أن نطرح الثانية ونكتفي بالقرآن وحده.
وقبل أن نتهم هذه المقولة وأصحابها بالشرود عن الحقيقة وعن ميزان المنطق، ينبغي أن نتبين وجهة نظرهم والمعنى الذي يقصدون إليه من وراء هذه الأطروحة.

إنهم يقصدون أن يؤكدوا لنا أن القرآن حوى كل شيء، وأن يذكرونا بقوله عز وجل : ( ما فرطنا في الكتاب من شيء) [الأنعام: 38]، وإذا كان القرآن قد حوى فعلاً كل شيء، وكان تبياناً لكل شيء، فما الحاجة إذن إلى إضافة شيء مّا إليه؟ .. ما الحاجة إلى السنة مادام الانضباط بكتاب الله سبحانه وتعالى يبصرنا بكل شيء؟ .. هذا بالإضافة إلى أن القرآن كله منزل من عند الله يقيناً، ولا مجال للريب في شيء منه. أما السنة فقد اختلط فيها الصحيح بالموضوع بالضعيف بالمنكر، وأصبح تمييز الصحيح فيها عن غيره أمراً عسيراً.
ولذلك فخير لنا أن نريح وأن نستريح، وأن نعتمد على القرآن وحده، لاسيما وإن القرآن فيه كل ما نتطلبه، وفيه كل ما نبحث عنه.
هذه باختصار هي وجهة نظر أرباب هذه المقولة، فما موقفنا منها؟ وما هي النقاط التي نأخذها على هذه الأطروحة؟
سنضع هذه الأطروحة الأخرى في ميزان المنطق العلمي ذاته الذي وضعنا فيه المقولات أو الأطروحات السابقة، فإن وجدنا أن هذا الميزان قد أثبت صحتها، أخذنا بها، ودافعنا عنها، وإلا فلابد أن نكشف عن عوارها وأن نحذر منها، وأن نبين الخلفيات الكامنة وراءها.
بادئ ذي بدء، أقول إننا إذا تأملنا في كتاب الله سبحانه وتعالى الذي ندعى إلى الأخذ به وحده، سنجد أن الأخذ بهذه الأطروحة، أو بهذه المقولة، يستلزم الإعراض عن القرآن ذاته، بل أقول لكم: إنه يستلزم تخطئة القرآن.
و فاتني أن أبين لكم أولاً المعنى الشرعي للسنة، وهو: كل ما أُثر عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من قول أو فعل أو تقرير، على أن يصل ذلك إلينا بطريقة صحيحة، طبق المنهج المرسوم عند علماء مصطلح الحديث، تلك هي السنة.
إذن أعود فأقول بادئ ذي بدء، إننا إن أخذنا بهذه الأطروحة القائلة: القرآن يغني عن السنة، فلسوف نجد أنفسنا نعرض عن القرآن ذاته، الذي نزعم أننا نريد أن نتمسك به ولا نتمسك بغيره، بل لسوف نجد أنفسنا نخطئ القرآن فيما يقول.
وآية ذلك أننا عندما نصغي إلى كتاب الله عز وجل لا نجده يقول: اكتفوا في فهم دينكم وإسلامكم بهذا الكتاب، بكلامي وحده، بل هو يقول لنا: اجعلوا من سنة محمد (صلى الله عليه وسلم) بياناً لكل ما استغلق عليكم من كلامي، اجعلوا من سنة محمد (صلى الله عليه وسلم) المقتدى الثاني بعد هذا الكتاب.
لو رأينا القرآن يقول لنا لا تتمسكوا إلا بهذا الكتاب، إذن فذلك يكفي دليلاً على صحة هذه الأطروحة، ولكنا نظرنا فرأيناه يأمرنا أمراً جازماً باتباع السنة إلى جانب القرآن، وبتحكيم كلام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى جانب القرآن، أليس الإلحاح على اطّراح السنة بعد هذا إعراضاً بيِّناً صريحاً عن القرآن ذاته.
وماذا يقول القرآن، في هذا، بصريح العبارة والنص؟
إنه يقول : (وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله)[النساء: 64].
ويقول : ( من يطع الرسول فقد أطاع الله) [النساء : 80]، ويقول ( وما ءاتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا )[الحشر: 7]، ويقول: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم )[النساء: 59]، ويقول (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم )[النحل: 44].
هل أزيدكم فأضعكم أمام آيات أجلى و اصرح مقرونة بالتحذير والتهديد. حسناً، يقول جل جلاله:( فلا وربك لا يؤمنون حتى يُحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً)[النساء : 65].
فهذه آيات صريحة واضحة قاطعة في الأمر باتباع رسول الله فيما يقول ويفعل من أمور الدين وفيما يشرح ويبين به نصوص القرآن، وبأن نطيع الرسول كما نطيع القرآن وبأن نجعل من كلام محمد (صلى الله عليه وسلم) بياناً لما استغلق علينا من كلام الله.
وأحب أن أنبه إلى أن قول الله سبحانه وتعالى : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً)[النساء: 65]إنما نزل في خصومة وقعت بين رجلين من المسلمين، وجاءا إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ليقضي بينهما، وقضى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، بعد أن سمع وحقق، لأحدهما، فقال له الآخر: ألأجل أنه ابن عمتك، أو لأنه قريبك، فأنزل الله سبحانه وتعالى قوله: ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً)[النساء: 65].
ومعلوم أن هذا الذي قضى به رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لم يكن تنفيذاً لآية موجودة في القرآن، وإنما كان بحكم من عنده، ومع ذلك فقد أعلن القرآن أن الإنسان لا يعدّ، أياً كان، مؤمناً بالله إلا إن قبل حكم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وخضع له، ثم لم يجد في نفسه أي حرج تجاهه. فها هو القرآن ينفي سمة الإيمان عمن لم يُحكم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيما يقوله ويقضي به من أمور، حتى ولو كان القرآن ساكتاً عنه.
فإذا جاء بعد هذا من يقول: لا، بل القرآن يغني عن السنة، ولا داعي إلى تحكيم السنة، أليس موقفه هذا معارضة صريحة للقرآن ذاته؟؟
بل أليس هذا الموقف ينطوي على تخطئة للقرآن ذاته؟
وكيف يكون هذا الموقف تحكيماً للقرآن، إذا كان صاحبه يخطئ القرآن، ويعرض عن أوامره، أو عن كثير من أوامره(صلى الله عليه وسلم)؟
ويبدوا أن رسول الله أُخبر من قبل ربه عز وجل أن في الناس من سيعمدون إلى سنة رسول الله فيمزقونها ويبعدونها عن مجال الأخذ بها والاعتماد عليها في فهم القرآن، بسلاح بهلواني كاذب من القرآن ذاته فنبه صلى الله عليه وسلم إلى ذلك وحذر منه.
من ذلك قوله (صلى الله عليه وسلم)، فيما رواه العرباص بن سارية أن النبي (صلى الله عليه وسلم) وعظ أصحابه موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون، فقال له أحد الصحابة : يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا، قال: " أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد حبشي، وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً. فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة " والحديث حسن صحيح، رواه أبو داود، الترمذي وابن ماجة وأحمد.
كذلك يقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيما رواه أبو داود والترمذي " يوشك رجل متكئاًَ على أريكته يحدث بحديث عني فيقول بيننا وبينكم كتاب الله فما وجدنا فيه من حلال حلّلناه وما وجدنا فيه من حرام حرّمناه. ألا وإن الذي حرّمه رسول الله مثل الذي حرّمه الله سبحانه وتعالى " .
وإن في تصوير رسول الله لحال هؤلاء الناس، ما يكشف عن استكبارهم على السنة وصاحبها تحت غطاء التحاكم إلى القرآن. ولعمري إن في من كانت هذه هي حاله لا يمكن أن يكون وفياً للقرآن الذي لم يصلنا إلا عن طريق رسول الله، ولا أن يكون صادقاً في الالتزام به!..
قد يقول هؤلاء: عذرنا الذي يدفعنا إلى إبعاد السنة لا يتمثل في أننا نكذّب كلام محمد (صلى الله عليه وسلم)، أو في أننا نستهين بسنته، بل إننا بدافع من الغير عليها والحماية لها نطالب في هذا العصر بالإعراض عنها، إذ قد اختلط الصحيح منها في هذا العصر بالضعيف والمنكر والموضوع، والتبس على الباحث هذا بهذا بذاك، وإنما سبيل الحفظ لكرامة رسول الله وسنته في هذه الحال أن نبعدها عن التحكيم خوفاً من أن نقع في الزيف، ومن أن ننسب إلى رسول الله ما هو منه بريء.. هذا ما قد يقوله بعض منهم، فما هو جوابنا عن هذه المعذرة؟
جوابنا أن هذا الكلام فيه ما يدل على أن هؤلاء الناس أعرف بما قد آلت إليه السنة من الله سبحانه وتعالى!! إنهم يتهمون الله بالجهل، ويتهمونه بأنه لا يعلم مآل هذه السنة النبوية، في حين أنهم هم الذين عرفوا وتبينوا هذا المآل.
لقد قال الله عز وجل خطاباً للناس في سائر العصور والأحقاب ( من يطع الرسول فقد أطاع الله)[النساء: 80].
وقال ( وما آتاكم الرسول فخذوه)[الحشر:8] وقال: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم)[النحل: 44] دون أن يعلم أن الأوامر الصحيحة التي نطق بها رسول الله ستمتزج بالمزيفة والموضوعة والضعيفة، ومن ثم فلن يتأتى للناس الطاعة المطلوبة منهم لرسول الله، في حين أن هؤلاء الناس هم الذين عرفوا ذلك من دون الله عز وجل!!!
أفهذا هو كلام من يؤمن بالله ؟؟؟
أم هل هذا كلام من يؤمن بأن القرآن كلام الله سبحانه وتعالى ويصرّ على تحكيمه والأخذ به ؟
وكيف يحكّم القرآن ويأخذ به من يخطّئه في قراراته وتعليماته؟ !
على أننا نقول: من هذا الذي قال لكم إن سنة الرسول (صلى الله عليه وسلم) امتزج فيها الصحيح بالباطل بالزيف بالضعيف، ولم يعد يستبين للباحث هذا من ذالك ؟ من قال هذا الكلام؟
السنة النبوية المطهرة أول كتاب، أو أول موضوع ومصدر من مصادر الشريعة الإسلامية بعد القرآن وُقي من الزيف، وإليكم بيان ذلك:
كلنا نعلم أن هنالك وضاعين، وضعوا أحاديث مكذوبة على لسان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهنالك أحاديث ضعيفة وهنالك أحاديث منكرة، لاشك في هذا ولا ريب، ولكن مَن مِن المثقفين لا يعلم أن الله عز وجل قيض لهذه السنة علماً من أعجب العلوم التي تكاد ترقى إلى درجة الإعجاز، قيضه الله لحماية الحديث الصحيح من الدخيل ومن الزيف ومن الموضوع ونحوه.
أما سمع أصحاب هذه الأطروحة بعلم يسمى علم مصطلح الحديث؟
أما سمعوا بعلم يسمى علم الجرح والتعديل؟ أو ما بلغهم السبب الذي من أجله ظهر علم الجرح والتعديل وعلم مصطلح الحديث؟
من المعلوم أن الذي دفع العلماء، في أواخر القرن الأول وأوائل القرن الثاني، إلى إيجاد هذين العلمين إنما هو حماية حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
فعلم مصطلح الحديث صنف الأحاديث وقسمها إلى أحاديث آحاد وأحاديث متواترة، وقسم حديث الآحاد إلى أحاديث صحيحة وحسنة وضعيفة وموضوعة، والضعيفة قسمت أيضاً إلى أقسام، ووضعت ضوابط محددة لكل من هذه الأقسام. ولسنا الآن بصدد الحديث عن تفصيلات قواعد هذا العلم، ولقد وجدت مؤلفات كثيرة تحوي الأحاديث الموضوعة، ولكن وجودها أكبر شاهد ودليل على نقيضها أي على أن الأحاديث الموضوعة، إنما هو الوجه الآخر لاهتمامهم بتصفية الأحاديث الصحيحة من الزغل ومن الزيف.
وإذا أردنا أن نتساءل عن العهد الذي كاد أن يختلط فيه الحديث الصحيح بالضعيف بالموضوع فإنه على كل حال ليس هذا العهد، وإنما هو القرن الأول والثاني من عصر الهجرة النبوية المشرفة، في ذلك الوقت حاول الدساسون، وحاول الوضاعون أن يسربوا الأحاديث الباطلة إلى كلام رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وسرعان ما قام علماء الحديث فتداركوا .. وفرزوا .. وصنفوا.. وميزوا الأحاديث الصحيحة عن الأحاديث الباطلة والموضوعة.
أما اليوم فالأمر لا يحتاج إلى جهد، ولا يحتاج إلى فرز، لأن أولئك العلماء أتعبوا أنفسكم و بذلوا الجهد الذي بذلوه، ثم صنفوا المصنفات المختلفة وأوضحوا لنا قائمة الأحاديث الآحاد، والأحاديث المتواترة، الأحاديث الآحاد الصحيحة والضعيفة وغيرها، وبوسع أي باحث إذا أراد أن يستدل بحديث ذكره رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يرجع إلى المراجع الخاصة بهذا العلم، فيتبين الحديث الصحيح من الحديث الضعيف.
فيا عجباً لمن يأتي في هذا العصر، تماماً كما قال رسول الله، في مظهر من الكسل المستكبر الذي يأتي سمجاً ثقيلاً على النفس والعقل معاً، متكئاً على أريكته ليقول لنا: نحن لا نستطيع أن نستبين الأحاديث الصحيحة من الأحاديث الضعيفة، لنعمل بالأولى ونتجنب الثانية، فلنستعض عن السنة كلها بالقرآن.
ونقول له: تلك هي مصنفات الأحاديث المختلفة مفروزة منسقة مبينة أمامك، وما عليك إلا أن تمد يدك ثم تفتح عينيك وعقلك لتقرأ ! ولكن ماذا كنت تقول يا ترى لو أنك كنت تعيش في القرن الأول أو الثاني من الهجرة ؟ إذن لمزقت السنة النبوية كلها، و لخنقت الإسلام كله في ضباب كسلك!!!
هذا ما نقوله في الرد على من يتثاءب تثاؤب الكسول الثقيل، ثم المستكبر فوق ذلك كله على كتاب الله وسنة رسوله، ليتأفف قائلاً: إنه لمن الصعوبة بمكان أن نلتقط الأحاديث الصحيحة المميزة عن الأحاديث الضعيفة والموضوعة.
تلك هي المعذرة الأولى التي تصطنع اليوم لإبعاد السنة النبوية عن مجال الاحتجاج بها، وللتفريق الذي حذر القرآن منه بين الله ورسوله.
فما المعذرة الأخرى؟
المعذرة الأخرى هي دعوى أن في أحاديث رسول الله ما لا يتفق مع أعراف العصر، أو لا ينسجم مع مقتضى الحضارة والمدينة الحديثة.
وربما ساقوا مثالاً على ذلك حديث رسول الله الذي رواه البخاري في صحيحه وابن ماجة في سننه أنه (ص) قال: (إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم ليلقه فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء، وإنه يتقي بجناحه الذي فيه داء )وربما استشهد على ذلك أيضاً بحديث جابر الذي يرويه مسلم في صحيحه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أمر بلعق الأصابع والصحفة، أي وعاء الطعام. وقال: (إنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة )وربما أضافوا إلى هذين الحديثين أمثالهما.
فأصحاب هذه الأطروحة يقولون: كيف يمكن أن ينسجم مع المدينة الحديثة حديث يأمر إذا وقع الذباب في شراب أحدنا أن يغمسه كاملاً ثم يلقيه، مع ما يبعث ذلك في التقزز في النفس!!
أم كيف يتفق مع المدينة الحديثة أن نأخذ أنفسنا بهذه الوصية الثانية: إذا أكل أحدنا ثم قام من طعامه أن يلعق أصابعه التي أكل بها، وأن يمسح الوعاء الذي كان فيه الطعام حتى لا يبقى في قعره شيء.
تلك هي الحجة الأخرى، فما موقفنا من هذا الكلام.؟
أقول قبل كل شيء: ما هو مقياس المدنية التي ينبغي أن نأخذ أنفسنا بها، وأن نخضع لإيحاءاتها؟
الجواب المنطقي هو أن مقياس المدينة الحديثة: كل ما يتفق مع المنطق والعلم، وكل ما يتفق مع الفطرة الإنسانية والحاجات الأصلية لبني الإنسان.. لا شك أن مدينة تستوحي قوانينها من المنطق والعقل ومن الحاجات الأساسية لبني الإنسان يجب أن نتبعها.
أما المدنية الشاردة وراء هذين الضابطين فلا أعتقد أن الإنسان العاقل ملزم باتباعها، بل هو ملزم بالتحرر منها، بل على المسلمين أن يقفوا في وجه هذه المدنية، وأن يبذلوا ما يملكون لتصحيحها وتقويم عوجها. إذ إنهم أصحاب رسالة، وأمّة تخطيط وإبداع، وليست مهمتهم أن يكونوا ذيولاً إمّعات، يسيرون وراء تقليد الناس، إن أحسنوا يحسنون، وإن أساؤوا يسيئون.
هذا هو موقفنا من المدنيات والحضارات كلها.
على ضوء هذا الميزان، أقول: ما هي مشكلة حديث الذبابة الذي يقوم ويقعد به طائفة من الناس انتقاصاً لسنة رسول الله وتكريهاً للناس بها؟!
تعالوا نفهم معنى الحديث أولاً: يقول النبي (صلى الله عليه وسلم) " إذا وقع الذباب في شراب أحدكم " أي إذا وقع فعلاً ولم تُجد الوقاية " فليغمسه ثم ليلقه "أي لا يلقين الذباب خارج الشراب حتى يغمسه كله فيه. وهو حرّ بعد ذلك في أن يتلف الشراب أو أن يستبقيه. وهذا الأمر سببه أن " في أحد جناحي الذبابة داء وفي الآخر شفاء وأنها تتقي بجناحها الذي فيه داء " فاقتضت الحيطة أن يلاحق الداء بالدواء، خوفاً من أن يبقى من ذلك الشراب شيء فيشربه من لا يعلم شيئاً عن هذا الذي وقع فيه، فيؤذيه الداء المتسبب عن ذلك.
ومعنى قوله " وإنه يتقي بجناحيه الذي فيه داء " أن الذباب إذا اتجه ساقطاً، اتجه إلى حيث يسقط، مائلاً بجناحه الذي فيه أذى وداء، تماماً كأي حيوان يلدغ، من شأنه أن يتجه إلى الجهة التي يسقط نحوها بالإبرة التي يدافع بها عن نفسه. ومعنى كلام رسول الله أن في الطرف الآخر من الذباب نقيض الداء الذي يتقي به عند السقوط، فليقض على الداء بنقيضه بغمس الذباب كلياً ثم طرحها في الخارج.
فهذا هو أولاً معنى الحديث!!
نقول بعد هذا: أفنتهم محمداً صلى الله عليه وسلم بأنه مخطئ جاهل؟ إذن فلماذا لا نتهمه بالجهل والخطأ ذاته عندما أخبرنا بالوحي الذي يأتيه من الله عن أمور الغيب.؟ أليس حديثه وحياً عن أحداث ما بعد الموت أغرب وأعجب من حديثه عن الذبابة وكيفية تخليص الشراب منها؟!
وأنا أشهد أن الذي يرتاب في كلام رسول الله عن الذبابة أن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء، لابّد أن يرتاب في كلامه إذ يتحدث عن عذاب القبر، أو عن سؤال الملكين، أو عن قيام الناس لرب العالمين، لكنه قد يغص باستنكار تلك الإخبارات الأخرى خوفاً من أن يتهم بالكفر، في حين أنه لا يغص بهذا الكلام محتجاً بأنه لا يتفق مع معطيات المدينة الحديثة، بل ربما قال لا يتفق مع العلم!!
والآن تعالوا نعرض كلام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هذا على موازين العلم وحقائقه: أولاً أنا أعلن أنني لست مختصاً بشيء مما يتعلق بالجراثيم ونقائضها، ولست طبيباً، ولست ممن يحلل خصائص الحيوانات، ويستبين ما فيها من أضرار وما فيها من منافع، ولكني بدون أن أطلع على شيء من هذا، وبدون أن أصغي السمع إلى أصحاب هذا الاختصاص، يكفيني لقبول هذا الكلام واليقين به أن أعلم بأن محمداً (صلى الله عليه وسلم) قد قاله، وأتبّين أنه قد وصلني بسند متصل صحيح ليس فيه شذوذ ولا علة.
إنني قد وثقت به في كلام أعجب وأخطر من هذا، أفلا أثق به عندما يحدثني عن الضرر الكامن في أحد جناحي الذبابة وعن المصل الواقي لهذا الضرر في الجناح الثاني؟ وكيف لا أصدقه وقد صدقت أنه رسول من عند الله، وأن الله سبحانه وتعالى أوحى إليه، وأن الله عصمه من الخطأ، وإن أخطأ فيما بينه الله فإن الله سبحانه وتعالى يصحح له علمه وإدراكه.
ولكن أقول للإخوة الذين لم تتكامل الثقة برسول الله في نفوسهم، تعالوا نتساءل ماذا يقول العلم الحديث عن هذا الذي قاله رسول الله (ص) عن الذبابة؟
أجل: العلم الحديث.. وإني لأتمنى أن لا يستعجل الذين يشمئزون من كلام رسول الله، ممن لم تتشبع عقولهم بنبوته وبالوحي الذي كان يتلقاه من الله عز وجل، فيسيئوا إلى العلم من حيث يتبجحون باحترامه والأخذ به.
تعالوا نضع ما قاله علماء هذا العصر عن الذبابة وما تحمله في داخلها:
تنقل جريدة تشرين الدمشقية في العدد الصادر يوم 16/6/1987 خبراً عن جريدة شنغهاي الصادرة عام 1987، يقول: ( اكتشف علماء صينيون مؤخراً أنه يوجد في جسم حشرة الذبابة نوع من البروتينات النشطة التي تملك قدرة كبيرة على إبادة الجراثيم الكامنة فيها والمسببة للأمراض.
ونقلت (شينخوا) عن صحيفة ( شينمين ) الصينية قولها : إن هذه الحشرة المقززة للنفس تملك بروتينات قوية قادرة على إبادة الفيروسات والجراثيم بشكل قاطع، إذا بلغت كثافتها حداً معيناً، وأضافت الصحيفة أنه يؤكد أن في جسم الذباب أيضا ً مادة الدهن، وخاصة في اليرقات التي تحتوي على نسبة كبيرة من المغنيزيوم والكاليسوم والفوسفور. ويفكر العلماء باستخراج هذه المواد من جسم الذبابة، ليكون مصدراً جديداً لمركبات قاتلة للجراثيم ).
ثم نشرت الصحيفة ذاتها، صحيفة تشرين الدمشقية في تاريخ 20/6/1987 الخبر التالي عن " شنغهاي ": ( اكتشف العلماء أنه توجد في جسم الذبابة بروتينات نشطة تقاوم الجراثيم، والمعروف أن هذا النوع من البروتينات النشطة له قدرة كبيرة على إبادة الجراثيم المسببة للأمراض .
و ذكرت جريدة الشعب الصينية الصادرة في (( شنغهاي )) التي نشرت هذا النبأ أن البروتينات النشطة التي يمتلكها الذباب تقدر على إبادة جميع الجراثيم و الفيروسات التي تحملها الذبابة إبادة تامة، إذا بلغت كثافتها واحداً في العشرة ألاف، و قال النبأ: إنه سوف يصبح للبشر مضاد جديد للجراثيم له قدرة جبارة لا مثيل لها، إذا تم استخراج هذه البروتينات الغريبة من جسم الذبابة ).
أليس هذا الكلام الذي تقوله صحيفة صينية بل صحف صينية، نقلاً عن علماء و أطباء لا علاقة لهم بالدين، و لم يسمعوا شيئاً عن حديث الذبابة، و لم يقفوا وقفة تساؤل، لا إيمان و لا استنكار عن شخص محمد عليه الصلاة و السلام، أليس هذا الكلام يسجد لنبوة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؟
من ذا الذي يتلجج في الجواب عن هذا السؤال؟.
أليس موقفاً مقززاً أكثر من تقززنا من الذبابة، أن يقف أحدنا من كلام سينا محمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هذا الموقف العاجل، قبل أن يتبين العلم، و قبل أن يصغي إلى كلام العلماء والأطباء، وأصحاب الاختصاص.
أليس مما يبعث على الاشمئزاز أن أتخذ هذا الموقف المستعجل من كلام رسول الله، و أن أتباهى بالعلم، و أنا بأمس الحاجة إلى شيء من العلم؟ أعتقد أن هذا الموقف يبعث على الاشمئزاز أكثر من الاشمئزاز الذي تنبعث به نفوسنا عندما نجد ذبابة وقعت في شراب.
و في هذه المناسبة أذكر لكم حواراً، جرى بيني و بين العالم و الطبيب الفرنسي المرحوم "موريس بوكاي" لنتبين الفرق بين موقف بعض المسلمين التقليديين الذين جمعوا بين مشكلتين اثنتين: مشكلة عدم الثقة برسولهم محمد عليه الصلاة و السلام، و مشكلة عدم استيعاب العلوم الحديثة و سبل التعامل معها، فوقفوا مستكبرين بين جهالتين سمجتين، و بين عالم أوروبي غير مسلم في الظاهر (( لم يعلن موريس بوكاي إسلامه، و لكنه أخبرني أنه مسلم يمارس الإسلام و يلتزم بأحكامه في منزله و حياته الشخصية، و هو شأن كثير من الأوروبيين المشهورين أو ذوي الوظائف الحساسة اليوم. ((
أعطاني كتابه الذي كان قد أصدره ذلك العام و عنوانه : " القرآن و الكتب السماوية و العلم الحديث" ، قلبته فوجدته يستشهد فيه على أن القرآن كلام الله عز و جل بالفرق الذي يتصوره بين القرآن و الحديث، و يقول: لا يمكن أن نعثر في شيء من القرآن على كلام يتعارض مع العلم، و هو دليل على أن القرآن كلام الله، في حين أن محمداً إذا نطق من عنده ربما قال كلاماً لا يؤيده العلم، و رأيته يستشهد في هذا بحديث الذبابة، قلت له إنك طبيب، فهل درست كل ما يوجد في جسم الذبابة من خصائص ضارة و مفيدة، و هل انتهيت إلى أن كلام رسول الله يناقض العلم، أم إنك جاهل بخصائص الذبابة و ما فيها، لأنه ليس من اختصاصك، فكان الرجل منصفاً في الجواب، و قال: بل أنا جاهل، إنني طبيب، و لكني لست أعلم عن خصائص الذباب شيئاً، و هذا يحتاج إلى دراسة مستوعبة.
قلت له: فأعتقد أن العلماء الذين لهم اختصاص دقيق في هذا الجانب، اكتشفوا هذا الذي يقوله رسول الله و أكدوا أن في الذبابة آفات خطيرة جداً جداً، لا يقضي عليها إلا نقيض لها في داخل جسم الذبابة.
ثم قلت له: أرجو أن لا تنسى الفرق بين عدم اكتشاف العلم لما قاله رسول الله و اكتشاف العلم لنقيض ما قاله رسول الله، و أعتقد أن حالنا اليوم يتخذ الموقف الأول، لا الثاني.
فأصغى باهتمام بالغ و قال لي: سأعدك أن أزيل الاستشهاد بهذا الحديث من كتابي هذا في الطبعات التالية.
دعوني أضعكم من هذا المثال أمام أناس هم في الظاهر غير مسلمين، لكنهم يحترمون العلم، و البحث العلمي، و في وقفة سريعة من أحدهم، و تنبيه بسيط من إنسان مثلي، يتخلى عن رأيه معتقداً أن تصحيح الخطأ من أقدس الواجبات.
بينما ننظر إلى أناس من أبناء جلدتنا مسلمين، لم يصلوا إلى شيء من العلوم التي وصل إليها أمثال (موريس بوكاي) الطبيب المشهور في فرنسا، و لكنهم في الوقت ذاته لم يتشبعوا بالإيمان و أركانه و لا هم تشبعوا بالعلوم الحديثة و حقائقها. و إنما أصروا على أن يقفوا – كما قلت لكم – بين جهالتين، مستكبرين بهذا الموقف الذي اتخذوه !!..
فهذا هو جوابنا عن المستنكرين لحديث الذبابة، و هنالك وثائق أخرى تتضمن كلمات لأطباء و علماء آخرين من الغرب تؤكد هذا الذي نقلته صحيفة تشرين، و لربما أجمعها و أنشرها في كتيب خاص إن شاء الله.
أما حديث رسول الله فيما يرويه جابر عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه كان يأمر بلعق الأصابع بعد الانتهاء من الطعام، و لعق الصحفة، أي الوعاء الذي فيه الطعام، فأنا أسأل: ماذا ترون في هذا الأمر النبوي مما يتناقض مع الإنسانية السامية، و مع الوفاء مع نعم الله عز و جل و عطائه؟ أما أنا فلا أجد في ذلك إلا صورة للوفاء السامي للنعمة و الشكر الواجب للمنعم!..
كان العرب يأكلون بأصابعهم، و لم تكن هذه الأشواك و الملاعق موجودة، فماذا تريد أن يقول رسول الله لمن قام عن الطعام و أصابعه مغموسة ببقايا منه؟..

يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع



القلب الحزين 12-01-2014 07:59 PM

رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو
 
يتبــع الموضوع السابق

هل القرآن يغني عن السنة ؟

هل تريد أن يقول: لا عليه أن يغسل يده من بقايا هذا الطعام، و أن يجعلها تذهب إلى المصارف، فتمتزج مع القاذورات
؟!..
هل هذا هو المتفق مع مدنيتك التي تعتز بها؟ و هل هذا هو الذي يتفق مع مقتضى الشكر على نعمة أسداها الله عز و جل إليك؟ أم هل تريد من رسول الله أن يقول لك: إذا رأيت أنك قد تركت بقايا طعام في أطراف الإناء فما عليك إلا أن تقوم مشمئزاً منها معرضاً عنها، و لا عليك، و قد أشعرك الشبع بالقرف منها، أن تلقي فوقها من رماد دخينتك، و ما قد مسحت به فمك و أنفك من قطع المحارم الورقية!!.. أغلب الظن أن رسول الله لو علمك أن تفعل هذا لهللت و استبشرت و كبرت، و انتشيت لهذه التعليمات التي تتفق مع مدنيتك.
و لكن تعالوا نضع هذه المدنية الحديثة في الميزان، ميزان الذوق الإنساني الرفيع، ميزان الوفاء للمنعم عز و جل، أي عاقل يقول: إن هذا الميزان يقضي بأن يترك الإنسان بقايا الطعام بهذا الشكل بعد أن يشبع، بل يقضي بأن يتعمد ترك شيء منه في الطبق و أن يقوم عنه قيام المشمئز منه و المترفع فوقه ؟!..
إن الذي يفعل هذا إنسان لئيم بغير شك!..
و لكي تعلم صدق ما أقول قارن بين حالتك و أنت جائع شديد الجوع حتى لكدت أن تقع في مسبغة مهلكة، ( و كلنا معرضون لهذا ) و بين حالتك و أنت تتقلب في النعم التي أنت فيها، ماذا كنت تصنع لو ألمت بك الحالة الأولى ( و مرة أخرى أقول: كلنا معرضون لها ) و رأيت هذه البقايا من الطعام في قعر إناء.
ستقبل إليها و تلتهمها بالملعقة ثم بأصابعك، بل بلسانك أيضاً، ستلعق كل ما يوجد من آثار لهذا الطعام في الإناء، لأنك جائع، و لا أحد يعتب على الجائع فيما يصنع، لأننا كلنا هذا الرجل عندما ينتابنا الجوع..
ترى هل علي أن أمثل من نفسي حالة المستغني عن الله و عطائه، عندما يعطيني فأشبع، ناسياً ما أنا معرّض له في كل ساعة، فأترفع عن بقايا الطعام المتفرق في أطراف الطبق، و أجعل من ترفعي هذا لسان استغناء و كبرياء أمام الآخرين، ثم لا أبالي أن تذهب هذه البقايا في المجاري مع القاذورات، و أنا أعلم أن الله لو زجني في حرمان مطبق مجيع، فلسوف أبحث عن هذه البقايا و أمثالها بين القمامة و على " المزابل " و لربما أزاحم في ذلك الحيوانات؟!..
أما منطق اللؤم فيقول نعم، لك أن تسكر بالعطاء و تنسى المعطي. و لا تشغل بالك باحتمالات الحرمان، فلكل حادث حديث!!..
و أما منطق الشكر و الوفاء فيقول: يجب أن يكون لسان الناطق بحمد الله في الشبع، هو ذاته لسانك الناطق بحمده في الجوع. إذ أنت عبده الضعيف في كلا الحالين، و أنت المحتاج إليه عند إقبال النعمة كما أنت محتاج إليه عند إدبارها..
و يقول منطق الوفاء: إن جوهر الشكر لله لا يستبين لدى التهامك الطعام و التقاطك لنثراته وأنت جائع، إذ أنت إنما تتعامل في هذه الحال، مع مشاعر جوعك و حاجتك .. و إنما يستبين جوهر الشكر عندما يشبعني الله و يغنيني، ثم أقبل إلى الطعام بالطريقة ذاتها، ألتقط نثاره، و أتعقب بقاياه، أينما كانت على أصابعي أو داخل طبقي أو ما تساقط منه حولي.. أحفل بذلك كله و أنا أتمتع بنعيم العطاء، كما كنت أحفل به أيام الجوع و البأساء..
و يقول منطق الشكر و الوفاء: من حمد الله على نعمته في السراء وقاه الله بذلك من الضراء.
إذن فحديث مسلم عن جابر الذي يأمر فيه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بلعق الأصابع ومسح الطبق من بقايا الطعام، دعوة إلى الشكر و الوفاء و تحذير من اللؤم و الاستكبار.
و أشهد أنه لا يشمئز من هذا الحديث و يتسامى على إتباعه، إلا من يشمئز من الشكر والوفاء، و يجنح إلى اللؤم و الكبرياء.
تلك هي المعذرة الثانية التي تُصطنع اليوم لإبعاد السنة عن مجال الحجية بها، و للتفريق الذي حذر القرآن منه بين الله و رسوله.. فهل هناك من معذرة أخرى؟
ربما كانت معذرتهم الأخرى، أن في أحاديث رسول الله و تصرفاته، ما يبدو لكل متأمل و ناظر أنه لا ينطلق إليها من قرار ديني بعث به، و لكنه يمارسها كأي منا بحكم بشريته و إنسانيته، و بحكم تعامله مع الدنيا كسائر الناس الآخرين.
و نقول في الجواب عن هذا: مع يقيننا بأن سنة المصطفى (صلى الله عليه وسلم) مصدر من مصادر الشريعة الإسلامية فعلاً، بنص من كلام الله سبحانه و تعالى، و بقرار من القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه، نقول: هل كل تصرفات رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تعد سنة نافذة، و من ثم فهي مصدر ثان من مصادر الشريعة الإسلامية؟
لا .. هناك تصرفات داخلة في الأعمال الجبلية، التي تصدر من المصطفى (صلى الله عليه وسلم) بوصف كونه بشراً من الناس، يأكل كما يأكلون، يشرب كما يشربون، ينعس فينام، يتعب فيستريح، يتصرف التصرفات الجبلية التي يتعرض لها الناس بحكم بشريتهم، يناقش في أمر الأطعمة و تحضيرها مثلاً، أو الآبار وحفرها، أو التكتيكات العسكرية و اختيار أجداها.
هذه الأمور لا تدخل في نطاق السنة، التي هي مصدر من مصادر التشريع، أي الحرام و الواجب و الحلال و المكروه و نحو ذلك.
من المعلوم أن أمهات الكتب التي تعنى بأصول الفقه تحفل ببيان هذا الأمر و تفصيل القول فيه. و من خير من كتب فيه الإمام الشاطبي في كتابه "الموافقات".
حتى الأقوال و الأفعال التي تدخل في معنى السنة، التي هي المصدر الثاني للتشريع، إنما تأخذ حجيتها من إقرار القرآن لرسول الله عليها ببيان مؤكد، أو بسكوت ينبئ عن الإقرار بها و عدم المعارضة لها. فمصدر انقيادنا لهذه السنة يقيننا بأنه رسول من عند الله، فهو لا يأمرنا أو ينهانا إلا بالذي يأمرنا به أو ينهانا عنه الله.. و عندما يخطّئ الله رسوله في أمر ما، فإننا في كل الأحوال إنما نتلقى تعاليمنا من عند رسول الله.. و كل ما يخبرنا به أو يجتهد فيه من أمور الدين، فهو بالنسبة إلينا حق يجب الانقياد له و الأخذ به، و عندما يأتيه تصحيح من عند الله، فإنما نأخذه نحن من عند رسول الله لأنه هو واسطتنا في الانقياد لأوامر الله.. و هذا هو معنى قول الله تعالى (و ما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله )[النساء: 64].
إذن فحيثما أقر القرآن تصرف المصطفى (صلى الله عليه وسلم) بسكوت أو بتأكيد فقد ترسخت حجية السنة التي نطق بها أو فعلها رسول الله و تأكد وجوب انقيادنا له. و حيثما استدرك القرآن على شيء قاله المصطفى (صلى الله عليه وسلم)،أو على أمر اجتهادي اجتهده النبي فالحجة تستقر بما قد نطق به كتاب الله سبحانه و تعالى، و لكن عن طريق خبر رسول الله و بيانه. و لعل هؤلاء الذين يقولون: القرآن يغني عن السنة، لم يدرسوا هذه القواعد و الأحكام العلمية عن السنة و لو يدركوا حقيقتها و أبعادها.
و إذن فنحن في كلا الاحتمالين المتوقعين لنتيجة اجتهاده مكلفون بأتباعه وطاعته.
فمثلاً، جاءت زوجة أوس بن الصامت إلى رسول الله تشكو إليه أن زوجها قال لها: أنت مني كظهر أمي، و أخذت تسأله عن معنى هذا الكلام، فقال لها: ما أراك إلا قد حرمت عليه، قاله اجتهاداً من عنده.. أي الذي أراه أن هذا كناية طلاق، لذا فينبغي أن تكوني قد حرمت عليه.. و يبدو أنها أدركت أنه قال ذلك اجتهاداً لا عن وحي، فناقشته قائلة: لعله لم يرد طلاقاً، و لكنه (صلى الله عليه وسلم) عاد فقال لها: ما أراك إلا حرمت عليه، فقالت له يا رسول الله: إن لي منه صبية إن ضممتهم إلي جاعوا، و إن تركتهم إليه ضاعوا، و لكنه عاد فقال لها: ما أراك إلا قد حرمت عليه!.. فقامت تقول: أشكو إلى الله أمري!..
و سرعان ما نزل على رسول الله قوله تعالى: (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها و تشتكي إلى الله و الله يسمع تحاوركما )[المجادلة : 1]. إلى أن قال تعالى : (و الذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ) [المجادلة : 3] إلى آخر الآيات . فأوضحت الآيات أن كلام أوس ليس طلاقاً، كما قد اجتهد رسول الله، و إنما هو ظهار، و من ثم فبوسعه أن يعود إلى زوجته بعد الكفارة التي يجب عليه أن ينفذها. فأرسل النبي وراء زوجة أوس بن الصامت، و تلا عليها الآيات التي أنزلها الله سبحانه و تعالى عليه، وبين لها الحكم الذي أوحى به إليه الله عز و جل..
والمهم أن نعلم بأن امرأة أوس إنما تلقت الحكم الذي يجب عليها أن تأخذ نفسها به ، في كلا الحالتين من رسول الله (ص). فعندما اجتهد في الحالة الأولى و أنبأها بأنها قد حرمت عليه، كان واجباً عليها الانقياد لبيانه و طاعته في حكمه لأن الله قد أمرها و المسلمين جميعاً بطاعة رسول الله. و عندما تنزل عليه التصحيح و أنبأها به، وجب عليها أن تطيعه (صلى الله عليه وسلم) وتنقاد لبيانه الثاني هذا. و هذا هو معنى قولنا: إن الله يملك أن يصحح اجتهاد رسول الله و أن يدله على ما هو الحق في علمه، و لكن أحداً من غير الله لا يملك أن يخطئه في اجتهاده و يعصيه في ذلك بهذه الحجة.
و بعد فتلك هي حجج هؤلاء الذين يطرحون هذه المقولة و ينشرونها و يذيعونها، و ربما ألفوا فيها الكتب، و كتبوا فيها المقالات، و نشروا الدوريات، و عادوا و كرروا بإلحاح أن القرآن يغني، في هذا العصر، عن السنة. و قد تبين لنا أنها أعذار وهمية، لا ظل لها من الدلالة العلمية و البرهان المنطقي.
إذن، فلا بد أن نصنفها في قائمة الأغلوطات.
و قد آن لنا الآن، و قد تبين لنا بطلانها في ميزان الدراية العلمية و المنطقية أن نلفت النظر إلى بعض الخطط الخارجية المرسومة لإقصاء هذه الأمة عن إسلامها من حيث لا تشعر، و إلى أن الدعوة إلى نبذ السنة ليست إلا استجابة لأوامر صادرة من أصحاب تلك الخطط.
وليم كليفورد مدير معهد علم الإجرام في استراليا، أوفدته هيئة الأمم المتحدة ممثلاً لها لحضور سلسلة مؤتمرات "المنظمة العربية للدفاع الاجتماعي ضد الجريمة" و المنبثقة عن جامعة الدول العربية، بصفة مراقب، كان ذلك في أواخر السبعينات.
عاد كليفورد هذا بانطباعات و اقتراحات ضمنها تقريراً مطولاً، أودعه بعض أروقة الأمم المتحدة، ثم قدمه إلى دوائر أميركية خاصة تعنى بأحوال الشرق الأوسط.
و قد شاء الله أن يصل هذا التقرير المطول إلي.. و قد كتبت عنه دراسة مفصلة في كتابي "على طريق العودة إلى الإسلام" و ها أنا ألفت النظر هنا إلى أهم النقاط التي فيه.
أولاً: يقرن الكاتب بين ما يسميه "حركة انبعاث إسلامية قوية تغذيها ولية مضادة للاستعمار و بين ما يراه انهياراً بصورة ملحوظة لتلك الهيبة التي كانت تنبع سابقاً من اقتباس النماذج المثلي من المجتمعات الحضارية الغربية التي هي أكثر تفوقاً من الناحية الفنية و الأكثر تقدماً و غنى".
ثانياً: يحمل الكاتب الغرب من خلال هذه المقارنة مسؤولية النتائج التي قد تنجم من ذلك الانبعاث الإسلامي الحثيث الذي بات ينذر بتجاوز الحدود التقليدية للممارسات الإسلامية، حيث يبرز على أنه نوع من السعي الحثيث إلى استعادة تحقيق الذات.
ثالثاً: يتوقع كاتب التقرير، بقدر كبير من الخوف و القلق أن يحقق هذا الانبعاث النجاح المطلوب في المرافق الاجتماعية و السياسية، بحيث يتسبب عن هذا النجاح ما يضاعف حماس الشعوب الإسلامية في دعم انبعاثها الإسلامي و استعادة نظمه و أحكامه.. لذا فالمتوقع من النجاح الدنيوي و الحماس الديني أن ينفخ أحدهما القوة في الآخر، على حد تعبيره.
رابعاً: يربط الكاتب مخاوفه هذه بالقوة المادية الأولى التي يتمتع بها الشرق العربي، ألا و هي النفط.. و يكرر بشدة أن حركة انبعاث إسلامية جادة، تدعمها الطاقة المادية التي يتمتع بها أصحاب ينابيع النفط، كفيلة بقلب موازين الحضارة كلها، و القضاء على ما تبقى للغرب من هيبة و نفوذ، على حد تعبيره.
خامساً: يؤكد الكاتب أهمية القضاء على هاتين القوتين: المادية و الدينية، و يوصي باتباع السبل الكفيلة بوضع الغرب يده على ينابيع النفط!..
و فيما يتعلق بالخوف من الرجوع إلى ينابيع الشريعة الإسلامية يوصي بالعمل على ما يلي:
أولاً: فصل القرآن عن السنة و إقناع المسلمين بأن ما يسمى سنة ليس إلا اجتهادات شخصية من النبي عليه الصلاة و السلام.
ثانياً: إخضاع القرآن للاجتهادات و التأويلات المفتوحة و الكفيلة بمسايرة الإسلام للحضارة الغربية و اندماجها في سياسة الغرب.
هذا تلخيص لتقرير مطول يبلغ 30 صفحة، و أعتقد أن بوسع كل مثقف أن يلاحظ كيف طبق الشطر الأول من توصية " كليفورد " ذلك الشطر الداعي إلى بسط الغرب سلطانه على ينابيع النفط، كأدق ما يكون التطبيق. كما أن بوسع أي مثقف أن يلاحظ أنشطة الجنود المكلفين بتنفيذ الشطر الثاني منها، و الداعي إلى فصل القرآن عن السنة و تسليط الاجتهادات الكيفية على القرآن..
فالدعوة إلى نبذ السنة و الاكتفاء بالقرآن ناشطة في كل البلاد العربية، و ما وراءها من الأقطار الإسلامية، الأسلوب واحد و المبررات واحدة..
و القصد من هذه الخطة إخراج القرآن من حصنه الذي يحرسه و يحميه ألا و هو السنة، حتى إذا تهاوت من حوله رقابة السنة و ضوابطها، و ظهر القرآن أمام جمهرة العابثين به في العراء، سهل عليهم أن يفرغوه مما لا يريدون و أن يملؤوه بعد ذلك بما يريدون، و أن يجعلوا أخيراً من القرآن مخلاة لما توحي به الدوائر الغربية من الأفكار و الفلسفات التي تضمن بقاء هيمنة الغرب على هذا الشرق الإسلامي، و تقضي على الأخطار التي يحذر منها ( بهلع شديد) وليم كليفورد.
و انظروا كيف تسير الدعوة المهتاجة إلى نبذ السنة جنباً إلى جنب مع الدعوة إلى ما يسمى ب "القراءة المعاصرة" ..
أجل، القراءة المعاصرة هي البديل الذي ينبغي أن تحل محل السنة!.. أن يشرح رسول الله القرآن الذي تنزل عليه، لا، ليس هذا من حقه!.. أما أن يحل محله من يصرون اليوم على أن يخضعوه من خلال القراءة المعاصرة، لما يشتهون و يهوون و لما يمليه عليهم منفذو توصيات وليم كليفورد، فذلك حق ثابت لهم!!..
و ما هي "القراءة المعاصرة".
هي البديل المقترح عن قواعد تفسير النصوص التي تخضع لها اللغة العربية منذ عمر هذه اللغة إلى يومنا هذا، و التي يتم التخاطب على أساسها بين المتحاورين، مثل قاعدة: الأصل في الكلام الحقيقة، و لا يصار إلى المجاز إلا عند تعذر الحقيقة، و قاعدة اللفظ العام يجري على عمومه، و قاعدة العام يجري على عمومه، و قاعدة اللفظ المطلق يحمل على الفرد الكامل، يحمل المطلق على المقيد و ليس العكس، العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.. الخ.
و العجيب الذي يفضح هذه الخطة من مصدرها المرسوم إلى عملائها المنفذين، أن هذه "القراءة المعاصرة" لا تستدعى لتسلط على النصوص القانونية، و لا على النصوص الفلسفية، ولا على نصوص التاريخ، و لا على الأدب الجاهلي و لا القصة القديمة.. و إنما يلاحق بها القرآن حصراً.. فمن هو ذاك الغبي الذي يجهل معنى هذه الدعوة و ما وراءها؟..
وبوسعك أن تجد هذه الشنشنة بالطابع ذاته أينما حللت و اتجهت من البلاد الإسلامية العربية و غيرها.
في تركيا دعوة ملحة إلى إخضاع القرآن للقراءة المعاصرة.
في مصر.. في الباكستان، في البلاد الإسلامية من جنوب شرق أسيا، و إنك لتنظر فتجد المعزوفة هي هي، و اللحن هنا وهناك هو هو ..
ولا بد أن نستجيب للعقل فنلاحق دعاة القراءة المعاصرة بالسؤال التالي: إن كان مبدأ القراءة المعاصرة هو الحق في دراسة القرآن و فهمه، و القواعد العربية التي كان التخاطب يتم بها مع العرب الذين تنزل القرآن بينهم و في عصرهم، باطلة و غير صحيحة، فلماذا لا تطبق القراءة المعاصرة هذه على كل الكلام العربي الذي وجد في عصر نزول القرآن أو من قبله أو من بعده؟ و لماذا لا يتم تحريره هو الآخر من ربقة تلك القواعد العربية المعتمدة في أصول التخاطب؟!.. لماذا لا يخضعون مراجع الفلسفة القديمة للقراءة المعاصرة.؟ لماذا لا يخضعون الأدب الجاهلي و المعلقات العشر، كمعلقة امرئ القيس و غيرها للقراءة المعاصرة؟!..
لماذا القرآن وحده، دون غيره من هذه الكتب القديمة كلها، هو الذي يراد بإلحاح إخضاعها للقراءة المعاصرة؟!..
الجواب الواضح هو أنه لا مصلحة لدى أصحاب هذه الدعوة و ملقنيهم بالتلاعب بشعر امرئ القيس أو النابغة الذبياني أو التاريخ أو الأدب أو غيرها.. إذ الهدف المطلوب هو تغيير الإسلام و تبديد مبادئه و أحكامه و بتر صلة ما بينه و بين المسلمين الذين يأبون إلا انقياداً لأوامره و أحكامه، كما ألح على ذلك وليم كليفورد في نهاية تقريره.. و إنما يتم هذا الهدف بتسليط القراءة المعاصرة على القرآن ، لا على كتب التاريخ و الأدب و نحوها.
غير أن سلطان القراءة المعاصرة لا يمكن أن يهيمن على القرآن، ما دامت السنة النبوية تحرسه و تحمي معانيه و أحكامه. لذا فقد كان لا بد من إقصاء السنة و القضاء عليها أولاً.
أخيراً أذكركم بالوصية التي أوصى بها الزعيم الشيوعي الإيطالي ( تولياني ) قبل موته عام 1963 فلقد كان من وصيته أن لا يحارب الإسلام من خارج سلطانه و دائرته، لأن ذلك يثير ردود فعل كثيرة عند المسلمين، و إنما النهج الأمثل هو التسرب إلى داخل الإسلام، و القضاء عليه من داخله، باسم الاهتمام به و تجديده و الغيرة عليه.
غبي جداً من يتصوربعد هذا – أن هؤلاء الذين يسعون اليوم إلى القضاء على الإسلام من داخله، أنصار و جنود له.. و لكن الأغبى منه من يسعى هذا السعي للعبث بالإسلام و القضاء عليه، و هو يظن أن في المسلمين الصادقين في إسلامهم من ينطلي عليه خداعه و يؤخذ بألاعيبه و دجله..
المصدر:مقتبس من كتاب يغالطونك إذ يقولون؟!! بقلم الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي

القلب الحزين 12-01-2014 08:01 PM

رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو
 
تطور دراسة الإعجاز القرآني على مر العصور

أ.د / عبد الغني محمد بركة
أستاذ متفرغ بكلية اللغة العربية، ووكيل الكلية الأسبق في جامعة الأزهر
بدايةً ... إن استيعاب هذه الجهود العلمية الزاخرة بالأفكار والقضايا والمناقشات والآراء، في إطار مقالة مختصرة أمر فوق الطاقة.
لهذا: أرجو أن تعتبر هذه المقالة رؤوس موضوعات، تلقى عليها بعض الأضواء لتكون مرشداً لمن يرغب في مواصلة بحث الموضوع باستيعاب وتعمق، ويمكننا أن نشير على النقاط الأساسية التي سنحاول أن نجمع فيها أطراف الموضوع.
بحيث تمهد كل نقطة لما تتلوها، وتلتحم بها، ليشكل المجموع بناء مترابط الأجزاء، يعطي فهماً للموضوع حسب الطاقة.
سنبدأ ـ إن شاء الله ـ ببيان معنى الإعجاز والمعجزة، وكيف أنها ضرورة لإثبات صدق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ثم ننتقل إلى الحديث عما امتازت به المعجزة القرآنية عن غيرها من معجزات الأنبياء السابقين، نظراً للخصائص التي انفردت بها الرسالة الإسلامية، ثم نستعرض المراحل التي مرت بها قضية الإعجاز بدءاً من صدر الإسلام، وانتقالاً إلى مرحلة تالية ركز العلماء فيها جهودهم على مواجهة ما أثاره المشككون من شبهات حول الموضوع، ثم إلى مرحلة نضج القضية، وإبراز الجوانب الموضوعية التي جعلت من النص القرآني نصاً معجزاً، ثم ننتقل أخيراً إلى العصر الحديث، وما قام به علماؤه من إضافات أكدت أن الإعجاز القرآني إعجاز دائم متجدد على مدى الزمن، لتظل الدعوة الإسلامية محروسة بدليل صدقها حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
أما عن المعجزة: فهي مشتقة من الفعل: ( أعجز ).
نقول: أعجزني هذا الشيء، أي: صيرني عاجزاً، بمعنى: أنه فاق قدرتي، ولم أستطع القيام به.
ومن هنا عرف العلماء المعجزة بأنها: أمر يجريه الله على يد نبي من أنبيائه عليهم السلام، يفوق قدرة البشر، ويتحدى به النبي قومه فلا يستطيعون مجتمعين أو متفرقين أن يأتوا بشيء يماثله، والحكمة في ذلك: أن ادعاء النبوة وما يلزمه من الاتصال بالملأ الأعلى، وتلقى خبر السماء، لا تسلم به العقول دون دليل حاسم يثبته، ولهذا جرت سنة الله تعالى أن يظهر على يد كل نبي أمراً معجزاً يكون دليلاً على صدق دعواه، حتى يتبين الحق من الباطل، وتنقطع حجة المعارضين.
ووجه دلالة المعجزة على صدق النبي، أن العقل يدرك أن الكون يسير على سنن مطردة، وأن هناك ارتباط لا يتخلف بين الأسباب ومسبباتها العادية، فالنار تحرق، والولد يولد من أب وأم، إلى غير ذلك من الربط بين الأسباب ومسبباتها، فإذا تخلفت الأسباب عن مسبباتها، فولد ولد من غير أب كعيسى عليه السلام، أو أصبحت النار لا تحرق، بل تكون برداً وسلاماً، كما حدث لإبراهيم عليه السلام، أو تحرك الجامد كما حدث لعصى موسى، إذ انقلبت حية تلقف ما يأفكون.... إذا حدث هذا حكم العقل بأن الذي فعل ذلك لا بد أن يكون فوق الأسباب ومسبباتها، وأنه يفعل ما يشاء ويختار، وأن الذي خرق العادات لا بد أن يكون هو خالقها وموجدها، وأن خرق العادات لا بد أن يكون مقصوداً، فإذا علمت الغاية، وبينت المقاصد تبين صدق ما يدعيه النبي.
ولكي تكون المعجزة قاطعة لكل حجة، كانت دائماً من جنس ما يحسنه قوم النبي وينبغون فيه، إذ تكون بهذا أقوى دلالة على صدق النبي في دعواه.
وعلى هذه القاعدة المطردة، جاءت معجزة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قرآناً يتلى، لأن البيان كان مناط فخر العربي، وموئل تطاولهم واعتزازهم.
غير أن النظرة الدقيقة تعطي معجزة نبينا صلى الله عليه وسلم أبعاداً أخرى، تتناسب مع طبيعة رسالته الخاتمة.
ذلك أن معجزات الأنبياء السابقين، كانت مادية ملموسة ينتهي أثرها بمجرد إعلان تعاليمها، ولا تلزم إلا من اطلع عليها أو صدق من أخبره بها، لأن ذلك هو المناسب لطبيعة هذه الرسالات السابقة على الرسالة الإسلامية.
فقد كانت كل رسالة خاصة بقوم النبي الذين بعث إليهم كما أنها رسالات مؤقتة بزمن معين، لا يمضي وقت حتى يصطفي الله نبياً جديداً، يحدد ما أندرس من الشريعة السابقة، أو يضيف إليها ويوسع في آفاقها، حسبما يقتضيه تطور البشرية.
أما رسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فلها طبيعة أخرى، إذ هي خاتمة الرسالات جميعاً، وهي الحلقة الأخيرة في سلسلة النبوات الطاهرة، كما أنها عامة للبشر جميعاً، وصدق الله العظيم حيث يقول: وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ، وحيث يقول سبحانه: (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين)[سورة الأحزاب:40].
ومن هنا كان لا بد أن تكون معجزته شيئاً باقياً ثابتاً أبد الدهر، لتكون حجة الله القائمة على خلقه في كل زمان ومكان.
ولتظل الدعوة محروسة بمعجزتها، مقرونة بدليل صدقها إلى قيام الساعة، فكانت المعجزة المحمدية قرآناً يتلى، ويتعهد الله بحفظه وصيانته من أن يبدل أو يحرف إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون .
ولقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك، فيما يروى عنه أنه قال: ( ما من نبي إلا أوتي ما على مثله آمن البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة ) متفق عليه.
والعجيب: أن العرب ظلوا يطالبون الرسول عليه السلام بمعجزات مادية، من جنس معجزات الأنبياء السابقين، ويحكي القرآن الكريم عنهم ذلك: )وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأرْضِ يَنْبُوعاً (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً (91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً (92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلا بَشَراً رَسُولاً (93) )[سورة الإسراء].
ولكن الله تعالى بين لهم أنهم إذا كانوا صادقين حقاً، وفي أنهم سيستجيبون للمعجزات، فإن القرآن أكبرها جميعاً وأعلى شأناً مما يطلبون )وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الآيات عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (51))[سورة العنكبوت].
هذا، وقضية الإعجاز القرآني من أولى القضايا التي اتجه العلماء إلى دراستها، وبذلوا جهوداً هائلة في تحقيقها، والكشف عن أدلتها، وتتبع أوجهها، إذ هي الأساس الذي يقوم عليه البناء الإيماني للمسلم، فالذي يطمئن عقله وقلبه، ويصل إلى اليقين بأن القرآن الكريم معجز للبشر وأنه من المستحيل أن يتمكن البشر مجتمعين أو متفرقين أن يأتوا بمثله.
أقول: إن الإنسان الذي يصل يقينه إلى هذا الحد، ليس أمامه إلا أن يسلم بأن القرآن الكريم من عند الله وما دام القرآن من عند الله فكل ما تضمنه حق خالص، لا سبيل لباطل إليه، ويكون ذلك موجباً للإيمان بما فيه، والانقياد لتعاليمه، والسير على هداه.
ولنبدأ بالقضية في مراحلها الأولى، منذ بدء الدعوة، فلا خلاف في أن للعرب الذين نزل فيهم القرآن الكريم قدم راسخة في البيان والبلاغة، وقدرة فائقة في تذوق الكلام والتمييز بين جيده ورديئه، فقد امتازوا من بين معاصريهم من الأمم بالنزوع إلى الكلام الطيب، وأقاموا الأسواق الأدبية، يعرض فيها كل بليغ ما تجود به قريحته من شعر أو خطبة أو حكمة، كانوا يتبارون في التجويد، ويحتكمون إلى نقاد شهدوا لهم بالقدرة على النقد والتمييز بين الكلام، فيقدم هذا ويؤخر ذلك تبعاً لما تضمنه كلام كل منهم من بلاغة وقوة.
ومما تجدر الإشارة إليه في هذا المقام، أنه قد حدثت قبل البعثة المحمدية أحداث كانت توطئة وتمهيداً لما سيحدث بعد البعثة من تحد للعرب جميعاً ببلاغة القرآن وإعجازه، فوجود الكعبة المشرفة في مكة وتوافد العرب من أنحاء الجزيرة العربية عليها في مواسم الحج، ووقوعها أيضاً في منتصف الطريق بين اليمن جنوباً والشام شمالاً، وهي طريق ممهدة مسلوكة لقوافل التجارة، هذا الوضع الفريد أحدث تقارباً بين اللهجات العربية، وجعل لهجة قريش هي السائدة بين العرب، ففي مكة تختلط القبائل وتتلاقح اللهجات العربية وتتقارب، وتصفي مما بها من وعورة وغرابة، فتتماذج لتصبح لهجة سائدة يتكلمها الجميع، ويبدعون بها آثارهم الأدبية، وقد أدى ذلك كله إلى أن يصبح العرب جميعاً في ربوع الجزيرة العربية، وأنحائها مؤهلين لتذوق بلاغة الكلام في راقي مدارجه.
وفي هؤلاء القوم الذين يعتزون بالبيان، ويتناقلون شوارده ودرره، وتهنأ القبيلة بالشاعر ينبغ بين أبنائها، لأنه سيكون الصوت المدافع عنها، والمذيع لمفاخرها.
في هؤلاء القوم نزول القرآن الكريم، وتلا عليهم المصطفى صلى الله عليه وسلم ما يتلقاه من ربه، وتتابعت نجوم القرآن الكريم على قلب رسول الله، وعلى الفور أدرك العرب أنهم أمام شيء لا عهد لهم به، وأن ما يسمعونه إنما هو كلام معجز لا يستطيعه بشر.
وقد أتضح هذا بجلاء فيما رواه التاريخ الصحيح عنهم، سواء في ذلك ما صدر عن بعضهم من أقوال، أو ما ثبت من أحوال حين تحداهم القرآن الكريم أن يأتوا بمثله أو بشيء من مثله.
أما عن أقوالهم فمن ذلك: حديث الوليد بن المغيرة حين أتى قريشاً فقال: إن الناس يجتمعون غداً بالموسم، وقد فشا أمر هذا الرجل ـ يعني: النبي صلى الله عليه وسلم ـ فهم سائلوكم عنه فبماذا تردون عليهم، فأخذوا يتدارسون الأمر فقالوا: نقول: مجنون يحنق ـ أي: يشتد غضبه فلا يدري ما يقول. فقال الوليد: يأتونه فيكلمونه، فيجدونه صحيحاً فصيحاً عادلاً، فيكذبوكم. فقالوا: نقول هو شاعر: قال الوليد: هم العرب، وقد رووا الشعر، وفهم الشعراء، وقوله ليس يشبه الشعر فيكذبونكم. قالوا: نقول كاهن، قال: إنهم لقوا الكهان، فإذا سمعوا قوله لم يجدوه يشبه الكهنة، فيكذبونكم. ثم انصرف إلى منزله. فقالوا: صبأ الوليد ـ يعنون أسلم ـ ولئن صبأ لا يبقى أحد إلا صبأ. ثم بعثوا إليه ابن أخيه أبا جهل بن هشام ابن المغيرة، ليساومه حتى يرجع عما يراه في محمد، فعاد إلى قريش فقال: تزعمون أني صبأت، ولعمري: ما صبأت، إنكم قلتم: محمد مجنون، وقد ولد بين أظهركم، لم يغب عنكم ليلة ولا يوماً، فهل رأيتموه يحنق قط، فكيف يكون مجنوناً ولا يحنق قط؟ وقلتم: شاعر، أنتم شعراء، فما منكم أحد يقول ما يقول، وقلتم كاهن، فهل حدثكم محمد في شيء يكون في غد إلا أن يقول إن شاء الله قالوا فكيف نقول يا أبا المغيرة؟ قال: أقول: ساحر يفرق بين الرجل وامرأته، والرجل وأخيه، فنزل فيه قوله تعالى: (إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلا قَوْلُ الْبَشَرِ (25) ) [سورة المدثر]، والقصة غنية عن أي تعليق فهي تفصح بكل جلاء عن حيرة صناديد قريش وقادتها ورجال الرأي فيها، في قرآن محمد، الذي لا عهد لهم بمثله.
ومما وعاه التاريخ أيضاً، أن الوليد عقبة سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[سورة النحل] فقال له: أعد، فأعاد. فقال الوليد ـ والله إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة، وإن أسفله لمغدق وإن أعلاه لمثمر، وما هو بقول بشر.
ومن أحوالهم الدالة على تأثير القرآن فيهم، أنه ربما وصلت آيات منه إلى مسمع أشدهم عداوة للإسلام.
فإذا به يتحول إلى إنسان جديد، ويلقى وراء ظهره كل ما كان يكنه من عداوة وبغض للإسلام ونبيه، ويتقدم مبايعاً موقناً أن هذه الكلمات ليست من قول بشر. حدت هذا لعمر بن الخطاب إذ خرج ذات مساء متوشحاً سيفه يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورهطاً من أصحابه في بيت عند الصفا، سمع أنهم مجتمعون فيه.
فقابله أحد أصحابه وعرف مقصده فقال له: غرتك نفسك يا عمر، أفلا رجعت إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم، فسأله عمر وقد رابه ما سمع: أي أهل بيتي تعني، فأخبره أن صهره (وابن عمه) سعيد بن زيد قد أسلم، وكذلك أسلمت زوجته أخت عمر فاطمة بنت الخطاب. فذهب إليها عمر مغيظاً محنقاً.
وهنا سمع خبايا يتلو عليهما القرآن، فاقتحم الباب وبطش بصهره وبأخته فاطمة ثم أخذ الصحيفة التي لمح أخته تخفيها عند دخوله فلما قرأ صدراً منها من سورة طه قال: ما أحسن هذه الكلام وأكرمه، ثم ذهب من فوره إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأعلن إسلامه فكبر النبي تكبيرة عرف أهل البيت من أصحابه أن عمر قد أسلم، وأعز الله به الإسلام.
وعندما رأى المشركون تأثير القرآن فيمن يستمع إليه، كان طريقهم لمقاومته، هو الحيلولة بمختلف الوسائل بين القرآن والناس، مهما كلفهم ذلك من تضحية، فتواصوا بعدم سماعه، وكانوا يلاقون القبائل الواردة إلى مكة في المواسم، يحذرونهم منه، ويحكي القرآن الكريم ذلك عنهم في قوله تعالى(وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون).
وما ذلك إلا لأنهم أدركوا تأثير هذا القرآن فيهم وفي أتباعهم، وهم يرون هؤلاء الأتباع كأنهم يسحرون بين عشية وضحاها بالآيات يسمعون إليها، فتنقاد إليها النفوس، وتهوي إليها الأفئدة.
ثم جاء دور التحدي، ليحسم الأمر، ويقطع عليهم كل سبيل، فقد تحداهم القرآن الكريم، وكرر عليهم التحدي في صور متعددة فدعاهم أول مرة أن يأتوا بمثله، فلما عجزوا تنزل معهم إلى الأخف فالأخف فدعاهم أن يأتوا بعشر سور مثله فلما عجزوا تنزل معهم في التحدي إلى أبعد مدى يمكن أن يصل إليه التنزيل، فاكتفى منهم بأن يأتوا بسورة واحدة منه، دون تحديد السورة، طالت أم قصرت، وذلك في قوله تعالى في سورة البقرة، وهي آخر آيات التحدي، إذ نزلت في العهد المدني:(وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) [سورة البقرة].
وكانت هذه الآية الكريمة قمة التحدي، بما تضمنته من إثارة واستفزاز لهم، كي يدفعوا عن أنفسهم هذه العجز، إن كانت بهم قدرة على ذلك، قد أباح لهم أن يستعينوا بمن شاءوا إن كانوا صادقين، ثم بالغ في إثارتهم واستفزازهم حتى يثبت أن قدرتهم على المعارضة منفية تماماً، فلن تقع ولن تكون فقال لهم: ولن تفعلوا أي: إن هذا فوق قدرتكم، وفوق الحيلة، وفوق الاستعانة، ثم جعلهم وقوداً، ثم قرنهم بالأحجار، ثم سماهم كافرين؛ وليس بعد ذلك مدى يذهب إليه في الإثارة والاستفزاز، فلو كان بهم طاقة لدفعوا عن أنفسهم هذا الهوان، ولعارضوا القرآن حتى يبطلوا دعواه.
إن طبيعة الأشياء تقتضي ألا يسلم الإنسان لخصمه بالفضل، وهو يجد سبيلاً إلى دفعه ولا يرضى إنسان لنفسه أن يوصم بالعجز وهو قادر على قهر أعدائه، فكيف يجوز أن يقوم من يدعي النبوة في قوم من صميم العرب، أهل اللسن والفصاحة، فيخبرهم أنه رسول الله تعالى إلى الخلق كافة، وأنه يبشر بالجنة، وينذر بالنار، ثم يسفه أحلامهم، ويسلب آلهتهم كل قيمة، ثم يقول: حجتي أن الله تعالى قد أنزل علي كتاباً عربياً مبيناً، تعرفون ألفاظه، وتفهمون معانيه، ألا إنكم لا تقدرون على أن تأتوا بمثله، ولا بعشر سور منه، ولا بسورة واحدة حتى وإن استعنتم بمن شئتم من الجن والإنس، كيف يصنع معهم ذلك، ثم لا تدعوهم أنفسهم إلى معارضته ليبينوا خطأ دعواه، ألا يكون ذلك عجزاً منهم، واعترافاً بأن ذلك فوق قدرتهم.
ولو أن العرب قد تركوه وشأنه، لقلنا إنهم قد تجاهلوه استخفافاً بأمره، ولكنهم قد بلغ بهم الغيظ من مقالته حداً تركوا معه أحلامهم الراجحة، وواجهوه بكل قبيح، ولقوه بكل أذى ومكروه ووقفوا له بكل طريق، ودارت بينهم وبينه المعارك الطاحنة، التي قتل فيها صناديدهم، ونال منهم ونالوا منه.
فهل يعقل أن يتركوا إبطال حجته، وهي لا تكلفهم أكثر من معارضة ما جاء به بكلام من مثله، ثم يلجأون إلى مواجهته بأمور تأباها الحكمة، ويدعو إليها السفه، ولا يقدم عليها إلا من أعوزته الحيلة وعز عليه المخلص، وأيقن أنه لا سبيل له إلى ما يرمي إليه.
وهكذا حسم الأمر وأصبح الإعجاز القرآني حقيقة تاريخية لا جدال حولها ولا شبهة فيها، واستمر الحال على هذا طوال القرن الأول والثاني الهجريين، حتى إذا جاء القرن الثالث الهجري وحمل معه دعاوى وشبهات أثارها الحاقدون، الذين سبقوا إلى الإسلام بحكم الغلبة، ونفوسهم تنطوي على حقد دفين، ينتهز فرصة مواتية ليتنفس عن أحقاده وبغضه، وتبدأ مرحلة جديدة في تاريخ قضية الإعجاز القرآني.
هذه المرحلة الجديدة يمكن أن نطلق عليها ( مرحلة الدفاع عن الإعجاز القرآني )، وقد تمثل ذلك في الرد على ما أثاره المشككون من شبهات، إضافة إلى بحوث علمية دقيقة تبرز السمات الموضوعية التي بين بها الأسلوب القرآني وتصل ببلاغته إلى حد الإعجاز.
أما عن الشبهات التي أثيرت فمن أهمها شبهتان:
الشبهة الأولى:القول بأن عجز العرب عن الإتيان بمثل القرآن لم يكن بسبب عدم قدرتهم على ذلك، بل إنهم عجزوا لأن الله صرفهم عنه بما أطلق عليه القول بالصرفة.
الشبهة الثانية:أن القرآن الكريم يتضمن بعض الألفاظ والأساليب المعيبة في مقامها وسياقها.
ونبدأ بمناقشة موضوع القول بالصرفة.
يرى بعض الباحثين أن فكرة الصرفة قد تسربت إلى الفكر الإسلامي من الثقافة الهندية، وأن بعض المثقفين من علماء المسلمين اطلعوا على أقوال ـ البراهمة ـ رجال الدين في الديانة الهندية في كتابهم المسمى ـ الفيدا ـ، وهو يشتمل على مجموعة من الأشعار ليس في كلام الناس ما يماثلها في زعمهم.
ويقول جمهور علمائهم: إن البشر يعجزون عن أن يأتوا بمثلها لأن ـ براهماً ـ صرفهم عن أن يأتوا بمثلها، وعندما دخلت الأفكار الهندية في عهد أبي جعفر المنصور ومن وليه من حكام بني العباس، تلقفها الذين يحبون كل وافد من الأفكار فدفعتهم الفلسفة إلى أن يعتنقوا ذلك القول، ويطبقوه على القرآن الكريم وإن كان لا ينطبق، فقال قائلهم: .... إن العرب إذا عجزوا عن أن يأتوا بمثل القرآن، ما كان عجزهم لأمر ذاتي من ألفاظه ومعانيه ونظمه، بل كان عجزهم لأن الله صرفهم عن أن يأتوا بمثله.
ويقال: أن أول من جاهر بهذا القول وأعلنه ودعا إليه ودافع عنه هو إبراهيم ابن سيار الشهير بالنظام، المتوفى سنة 224.
والنظام هذا هو رأس المعتزلة وعمدة المتكلمين، وأستاذ الجاحظ.
والواقع: أن مفهوم الصرفة كما ذكره النظام لم يكتب له الرواج، نظراً لأنه يسلب النص القرآني إعجازه الذاتي، ويدعى أنه في طوق العرب لو لم يصرفهم الله عن معارضته.
وقد قال غيره من العلماء بالصرفة لكن مفهومها عندهم مغاير لمفهومها عند النظام، فقد نسب القوة بالصرفة إلى الشريف المرتضى، وهو من علماء الشيعة الذي يشار إليهم بالبنان.
ومفهوم الصرفة عند الشريف المرتضى: أن العرب قادرون على النظم والعبارات المماثلة لما جاء في القرآن الكريم، لكن عجزهم أنه كان بسبب أنهم لم يعطوا العلم الذي يستطيعون به محاكاة القرآن.
وهذا القول ينافيه أن الله سبحانه وتعالى طالبهم بأن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات... وأعفاهم من أن يكون كلامهم مشتملاً على ما في القرآن من علم، واقتصر على التحدي بالنظم والعبارة واللفظ.
على أنه من العلماء من يقول بالصرفة، باعتبارها وجهاً من وجوه الإعجاز، من جهة كونها دالة على القوة وباعتبار أن ذلك ـ على فرض حدوثه ـ يعتبر أمراً خارجاً عن العادة كسائر المعجزات التي دلت على النبوة، أي: أن ذلك احتمال عقلي، والتسليم به إنما هو على سبيل التنزل مع الخصم والمجادلة والمنافحة عن الحق، وهذه الطريقة وإن لم تكن مرضية، لأن القرآن في نفسه معجز لا يستطيعه بشر، إلا أنها تصلح على سبيل التنزل والمجادلة والمنافحة عن الحق.
باعتبار أنها لو صحت فإنها لا تطعن في أن القرآن الكريم من عند الله، بل تثبت أن الصرفة دليل على النبوة، وهذا لا يمنع من أن القرآن في نفسه معجز.
وأياً كان الأمر في مفهوم الصرفة عند أصحاب القول بها، فقد تصدى العلماء لهذه الشبهة، واقتلعوها من جذورها، وبلغوا من ذلك مبلغاً لا مزيد عليه.
وسوف أوجز أقوال العلماء في الرد على أصحاب هذه الشبهة وإبطالها دون الرد على أصحاب هذه الردود، تجنباً للتكرار.
وإن كان أهم هؤلاء العلماء: الخطابي ( ت سنة 388 ) في كتابه: بيان إعجاز القرآن، والرماني ( ت سنة 386 ) في كتابه: النكت في القرآن. والباقلاني ( ت سنة 403 ) في كتابه: إعجاز القرآن... وعبد القاهر الجرجاني ( ت سنة 471 ) في كتابه: الرسالة الشافية في إعجاز القرآن.
استدل العلماء على بطلان القول بالصرفة بأدلة/ منها:
أولاً:لو كان الأمر على ما ذهبوا إليه، وكان الإعجاز بالصرفة حقاً، فإنه يلزم من ذلك أن يكون العرب قد تراجعت حالها في البلاغة والبيان، وفي جودة النظم وشرف المعنى، وأن يكونوا قد نقصوا في قرائحهم وأذهانهم، وعدموا الكثير مما كانوا يستطيعون، وأن تكون أشعارهم وخطبهم التي قاموا بها بعد أن سمعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وتحدوا إلى المعارضة قاصرة عما سمع منهم من قبل القصور الشديد.
وإذا كان الأمر كذلك، وأنهم منعوا منزلة من الفصاحة كانوا عليها، لزمهم أن يعرفوا ذلك من أنفسهم، ولو عرفوه لجاء عنهم ذكره، ولكانوا قد قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم، إنا كنا نستطيع قبل هذا الذي جئتنا به، ولكنك سحرتنا، واحتلت علينا في شيء حال بيننا وبينه، وكان أقل ما يجب عليهم في ذلك: أن يتذاكروه فيما بينهم، ويشكو البعض إلى بعض، وإذا كان ذلك لك لم يرد، ولم يذكر أن كان منهم قول في هذا المعنى لا ما قال ولا ما كثر، فهذا دليل على أنه قول فاسد، ورأي ليس من آراء ذوي التحصيل. فإن قالوا: إنه نقصان حدث في فصاحتهم من غير أن يشعروا به، قيل لهم: إذا كانوا لم يشعروا بما حدث لهم من نقص ما فلا يتصور أن تقوم لهم حجة بالعجز عنه مثل القرآن.
ثانياً:لو سلمنا أن العرب المعاصرين للبعثة قد صرفوا كما يزعمون، لم يكن من قبلهم من أهل الجاهلية مصروفين عما كان يعدل القرآن في الفصاحة والبلاغة وحسن النظم.
فلما لم يوجد في كلام من قبلهم مثله، علم أن ما دعاه القائل بالصرفة ظاهره البطلان.
ثالثاً: إن في سياق آية التحدي ما يدل على فساد هذا القول، وذلك أنه لا يقال عن الشيء يمنعه الإنسان بعد أن كان قادراً عليه ـ لا يقال في هذه الحالة: إني قد جئتكم بما لا تقدرون على مثله ولو احتشدتهم له، وإنما يقال: إني أعطيت أن أحول بينكم وبين كلام كنتم تستطيعونه وأمنعكم إياه وما شاكل ذلك. كما يقال مثلاً للأشداء، إن الآية أن تعجزوا عن رفع ما كان يسهل عليكم رفعه، فقد بان إذن ـ أنه لا مساغ لحمل الآية على ما ذهبوا إليه.
رابعاً: الأخبار التي جاءت عن العرب في شأن تعظيم القرآن، وفي وصفه به، من نحو أن له لحلاوة وأن عليه لطلاوة.... الخ.
فمحال أن يعظموه وأن يبهتوا عند سماعه، وهم يرون فيما قاله الأولون ما يوازيه.
وهكذا ساق العلماء الدليل تلو الدليل على بطلان القول بالصرفة، وتأكيد أن بلاغة القرآن تعود إلى أمر ذاتي فيه، جعله معجزاً للبشر.
هذا عن شبهة القول بالصرفة، أما عن شبهة أن القرآن الكريم قد تضمن ألفاظاً وأساليب ليست مما تقتضيه البلاغة، فقد فند العلماء أيضاً هذه الشبهة بردود مفحمة، من ذلك مثلاً ما ذكره الخطابي في رده على بعض ما أثاروه من شبهات.
فقد قال المشككون في قوله تعالى: (قَالُواْ يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ) [سورة يوسف].
قالوا: إنما يستعمل في فعل السباع خصوصاً ( الافتراس ) يقال: افترسه السبع، هذا هو المختار الفصيح في منعاه، فأما ( فأكله ) فهو عام لا يختص به نوع من الحيوان.
ويرد الخطابي قائلاً. فإما قوله تعالى فأكله الذئب فإن الافتراس معناه في فعل السبع والقتل. فحسب، وأصل الفرس ـ دق العنق، والقوم إنما ادعوا على الذئب أنه أكله أكلاً، وأتى على جميع أجزائه. وذلك أنهم خافوا مطالبة أبيهم لهم بأثر باق منه، يشهد بصحة ما قالوه، فادعوا فيه الأكل ليزيلوا عن أنفسهم المطالبة، والفرس لا يعطي تمام هذا المعنى. وبهذا يكون اللفظ القرآني قد وقع مطابقاً للمعنى المراد.
وإليكم نموذجاً آخر.
قال تعالى: (وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم )[سورة ص] قال المشككون: المشي ـ في هذا ليس بأبلغ الكلام، ولو قيل بدل ذلك: امضوا وانطلقوا ـ لكان أبلغ وأحسن.
ويرد الخطابي:أن المشي ـ في هذا المحل أولى وأشبه بالمعنى، وذلك لأنه إنما قصد الاستمرار على العادة الجارية، في غير انزعاج منهم، ولا انتقال عن الأمر الأول، وذلك أشبه بالثبات والصبر على الأمر المأمور به في قوله واصبروا والمعنى: كأنهم قالوا: امشوا على هيأتكم، ولا تبالوا بقوله.
ولو قيل: امضوا وانطلقوا... لكان فيه زيادة انزعاج ليس في قوله ( امشوا ) والقوم لم يقصدوا ذلك ولم يريدوه.
فالخطابي هنا يربط بين المقام واختيار اللفظ الملائم له دون غيره، فلما كان الملأ من قريش يريدون أن يشعروا أتباعهم بأن ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم لا يستحق الاهتمام به، ولا الاكتراث له، لأنه ظاهر البطلان في زعمهم، فالواجب تجاهله تمام، كأن شيئاً لم يحدث، وأن أفضل ما نواجهه به نمضي في حياتنا، ونتناسى الأمر كله، وهذا المقام استدعى التعبير ـ امشوا ـ لأنه هو الملائم لما يريدون أيهما إتباعهم به.
أما امضوا وانطلقوا ـ فلا تناسب المقام كما توحي به من الانزعاج وتغيير العادة الرتيبة التي اعتادوها، والأمر ليس كذلك ـ في زعمهم ـ بالنسبة لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فهو أقل من أن يأبهوا له.
وذلك منهم في تضليل أتباعهم وطمس معالم الحقيقة عنهم.


يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــع



القلب الحزين 12-01-2014 08:03 PM

رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو
 
يتبــع الموضوع السابق

تطور دراسة الإعجاز القرآني على مر العصور



وهكذا يمضي الخطابي وغيره من علماء تلك الفترة يوردون الشبهات ويفندونها بما كشف عن وجده الحق في البلاغة القرآنية.
ننتقل الآن إلى ما أنجزه علماء هذه المرحلة، من بحوث علمية دقيقة، تبرز السمات الموضوعية التي اتسم بها الأسلوب القرآني، وتصل ببلاغته إلى حد الإعجاز.
نبدأ أولاً:بما أبرزه علماء هذه المرحلة، من تعدد وجه الإعجاز القرآني، وأنهم قسموا وجوه الإعجاز قسمين، الأول الوجه المعجز الذي وقع به التحدي، وهو الإعجاز البلاغي وحده، لأنه الوجه المطرد في كل سورة من سور القرآن الكريم، وقد كان التحدي بأن يأتوا بسورة من سوره، والوجه الذي يعتبر القاسم المشترك في كل السور إنما هو الإعجاز البلاغي.
القسم الثاني:وجود معجزة في ذاتها لكن لم يقع بها التحدي، كالإخبار بالغيب، وما تضمنه القرآن من علوم ومعارف لا يتهيأ لبشر الإحاطة بها... إلى غير ذلك من الوجوه المعجزة للبشر التي سنتعرض لبعضها.
وبهذا كان القرآن الكريم معجزاً للعالم كله، فطبيعة الرسالة الإسلامية هي التي تستوجب هذا التعدد في الجوانب المعجزة بالقرآن الكريم، فهي ـ كما سبق أن أوضحنا ـ خاتمة الرسالات، كما أنها موجهة إلى الجنس البشري كله، وهذه الخصائص التي انفردت بها دون سائر الرسالات اقتضت أن تكون معجزتها أمراً معجزاً في هذا الإطار الممتد عبر الزمن إلى يوم الدين، وعبر العالم كله بما يضم من أجناس وشعوب وثقافات ومذاهب.
ومن هنا قسم العلماء البشر في إدراك الإعجاز القرآني في ثلاثة أقسام:
أول الأقسام:من تناهى في معرفة اللسان العربي، ووقف على طرقه ومذاهبه ـ كالعرب الذين نزل فيهم القرآن، ومن أتى بعدهم ممن راض نفسه بالعلم واكتملت لديه آلة التمييز بين الأساليب وخصائصها، وهذا القسم يدرك الإعجاز القرآني إدراكاً ضرورياً لا يحتاج معه إلى بحث أو تدقيق. ويكفيه في ذلك التأمل والتصور.
القسم الثاني:وهو المقابل للقسم الأول، ويضم هذا القسم من ليسوا من أصحاب اللسان العربي، على ثقافتهم وحضاراتهم، وهؤلاء يمكنهم إدراك الإعجاز القرآني عن طريق الاستدلال العقلي، بأن يعلموا عجز العرب ـ وهم أهل اللسان الذي نزل به أذن أشد عجزاً منهم.
كما يمكنهم إدراك الإعجاز القرآني من خلال معرفتهم بالوجوه الأخرى التي اقتضتها حكمة الله ورحمته، فغير العربي يجد في هذه الوجوه الأخرى إعجازاً يلزمه بالتصديق بأن هذا الكتاب من عند الله، وأن ما تضمنه هو شرع الله الواجب الإتباع.
وهذه الوجوه في تعددها واختلاف طبيعتها وافية تماماً بالإلزام على مدى التاريخ، ولكل الأجناس والشعوب، وستظل كذلك ـ إن شاء الله ـ ما بقيت الحياة.
والعجيب في الأمر: أن إدراك الإعجاز في الوجوه التي تضمنها القرآن الكريم التي لم يتحد بها العرب الأوائل أمر ميسور لا يتطلب سوى صدق التوجه والاستعداد لقبول الحق.
لأن هذه الوجوه تعود إلى ضوابط موضوعية ملزمة لكل عاقل، وهل يجادل أحد في أن محمداً صلى الله عليه وسلم لا يستطيع كبشر أن يخترق حجب الغيب ويخبر عما كان وما سيكون منها، إذاً لا بد أنه يستمد ذلك من قوة أعلى من البشر، وهل يجادل أحد في أنه عليه السلام، لا يستطيع ـ كبشر ـ أن يأتي من العلوم الكونية والإنسانية ما لا يدرك البشر بعضه إلا بعد مرور قرون متطاولة.
وقل مثل هذا في جميع الوجوه المعجزة التي تضمنها القرآن الكريم، ولم يتحد بها العرب الأوائل.
القسم الثالث:من كان من أهل اللسان العربي، إلا أنه لم يبلغ في الفصاحة الحد الذي يتناهى إلى معرفة وجوه تصرف اللغة، وطرق الأساليب. وهؤلاء عليهم أن يأخذوا أنفسهم بدراسة الأساليب وحدود البلاغة ـ ومواقع البيان، إلى غير ذلك مما يؤهلهم لإدراك ما في القرآن الكريم من بلاغة معجزة، وإلا فليكتفوا بالاستدلال العقلي وبالوجوه الأخرى الدالة على الإعجاز، كما هو الشأن فيمن ليسوا من أهل العربية.
ننتقل الآن إلى جهود علماء هذه المرحلة الزمنية في إبراز السمات الموضوعية للأسلوب القرآني التي وصلت به إلى درجة الإعجاز، ونكتفي هنا بما جاء في كتاب ( إعجاز القرآن ) للباقلاني، فقد تضمن كل ما نقله عمن سبقه وأضافه هو إليه ما هداه إليه اجتهاده في الموضوع.
يرى الباقلاني أن السمات المميزة للأسلوب القرآني وانفرد بها متعددة منها:
أولاً: مغايرة الأسلوب القرآني لجميع أنماط التعبير المعروفة عند العرب فالقرآن الكريم ليس شعراً أو سجعاً ولا مرسلاً إرسالاً، كما هو الشأن في صور التعبير عند العرب، لكنه نمط فريد، لا يشبه شيئاً من أنماط تعبيرهم عن المعاني.
وقد بذل الباقلاني جهداً مضنياً في إثبات فكرته هذه، وقد أصاب في بعض ما قال، ولم يسلم له بعضه مما لا يتسع المقام لتفصيله.
ثانياً: عدم التفاوت الفني في الأسلوب القرآني، ويعني بذلك: أن القرآن الكريم في جميع سوره وآياته على درجة واحدة من البلاغى، ولا يتدنى عن شيء، وتلك سمة لا طاقة للبشر بها، ويتضح ذلك في جوانب كثيرة، فالقرآن الكريم لا يتفاوت على كثرة ما يتصرف فيه من الأعراض من قصص ومواعظ، واحتجاج وحكم وأحكام، ووعد ووعيد، وتبشير وتخويف، إلى آخر الأغراض التي تضمنها القرآن الكريم.
والباقلاني: محق في كل ما قاله عن هذه السمة التي انفرد بها القرآن دون غيره، فهذا شيء لا يمكن أن يتحقق لبشر مهما سمت منزلته، وتعاظم اقتداره البياني، وأمامنا آراء النقاد تؤكد ذلك، وتجمع عليه إجماعاً لا يشذ عنه أحد.
لقد كان العرب عندما يوازنون بين الشعراء، يضربون المثل في الإجادة، بامرىء القيس إذا ركب، والنابغة إذا رهب، وزهيراً إذا رغب، ومعنى ذلك: أن كلاً من هؤلاء يجود في غرض معين ويشهد له بالتفوق فيه، ومؤدى ذلك: أنه يقصر في غير هذا الغرض.
وعندما حاول صاحب كتاب ( الواسطة بين المتنبي وخصومه )... الدفاع عن المتنبي، كان أقصى ما يريد في دفاعه عنه قوله: ليس بغيتنا فيما قصدنا، الشهادة لأبي الطيب بالعصمة، وإنما غايتنا أن نلحقه بأهل طبقته، وأن نجعله رجلاً من فحول الشعراء، ونمنعك من إحباط حسناته بسيئاته، ولا نسوغ ذلك التحامل على تقدمه في الأكثر بتقصيره في الأقل... وهذا اعتراف من أكبر المدافعين عن المتنبي بما في شعره من تفاوت بين الإجادة والتقصير. وتلك غاية ما يستطيعه المدافع عنه.
ولقد قام الباقلاني بعمل رائع حقاً ـ عندما عمد إلى قصيدتين من عيون الشعر العربي بالنقد، إحداهما: معلقة امرىء القيس، حامل لواء شعراء الجاهلية، والأخرى للبحتري، من أحب الحظوة والتقدم عند نقاد الكلام، والقيمة الحقيقة لما قام به الباقلاني، أنه أبرز هذه الحقيقة وأكدها.
وهي: أن البشر لا يمكن أن يصل بأدبه على الكمال، بل لا بد أن يعتريه التفاوت، ويعلو ويهبط، ويحلق ويهوي.
أما القرآن الكريم فأينما يممت لم تقع عينك منه إلا على الطريقة المثلى للتعبير، والمطابقة الكاملة لما يقتضيه الحال.
وسوف أورد ـ إن شاء الله ـ شواهد قرآنية في أغراض متفاوتة تؤكد هذا كله. عندما أجد السياق المناسب لذلك.
ثالثاً:تميز الكلمة من القرآن غيرها من سائر الكلام، بالرونق والفصاحة، ويتبين ذلك في القرآن ورجحان فصاحته، بأن تذكر منه الكلمة في تضاعيف الكلام، أو تقذف ما بين شعر، فتأخذ الأسماع، وتتشوق إليها النفوس، ويرى وجه رونقها بادياً، غامراً سائر ما تقرن به كالدرة التي ترى في سلك الخرز، وكالياقوتة وسط العقد.
رابعاً: إن اله تعالى قد سهل سبيل القرآن بجملته، فهو خارج عن الوحشي المستكره، والغريب المستنكر وعن الصنعة المتكلفة، وجعله سبحانه قريباً إلى الأفهام، ويبادر لفظه معناه إلى القلب، يساير المغزى منه عبارته إلى النفس، وهو مع ذلك ممتنع المطلب، غير نطمع مع قربه في نفسه، والموهبة مع دنوه أن يقدر عليه أو يظفر به.
وهكذا مضى الباقلاني وغيره يعددون السمات التي انفرد بها الأسلوب القرآني وبوأه منزله الإعجاز.
ولننتقل على مرحلة جديدة يمكن أن نطلق عليها... ( مرحلة نضج قضية الإعجاز البلاغي ). ويأتي على قمة الدارسين لقضية الإعجاز القرآني في هذه المرحلة، الإمام عبد القاهر الجرجاني ( المتوفى سنة 471 هـ )، فقد كانت دراساته البلاغية في مجملها، تنطلق من إحساس عميق، بأن قضية الإعجاز القرآني يجب أن تحتل المقام الأول في اهتمامات العلماء، وأن إدراك الإعجاز القرآني لا يتم إلا بدراسة متأنية واعية لخصائص التعبير، التي تجعل بعضه يعلو بعضاً، حتى يصل إلى درجة تنقطع عندها الآمال في معارضته، وهي درجة (الإعجاز ).
وآراء عبد القاهر حول الموضوع، موزعة في كتبه البلاغية، وأهمها: دلائل الإعجاز، والرسالة الشافية، وأسرار البلاغية.
ويمكننا أن نختصر آراءه حول القضية في ثلاثة موضوعات أساسية تدور حولها دراساته في كتبه كلها.
أولها: أن القرآن معجز ببلاغته.
وثانيها: أن بلاغة القرآن في نظمه، فإعجازه في نظمه.
وثالثها: بيان طبيعة النظم وما هيته.
وسنحاول ـ إن شاء الله ـ أن نتتبع هذه الموضوعات الموزعة في كتبه، ونبرز جوانبها المتعددة، بما يجعلها صورة دقيقة لآرائه في القضية.
أولاً: القرآن الكريم معجز ببلاغته:
يمهد عبد القاهر لإثبات ذلك بذكر بعض الحقائق التي يؤدي التسليم بها إلى التسليم بأن القرآن الكريم معجز ببلاغته فيقول:
( معلوم أن سبيل الكلام سبيل ما يدخله التفاضل، وأن للتفاضل فيه غايات ينأى بعضها عن بعض، ومنازل يعلو بعضها بعضاً، وأن علم ذلك علم يخص أهله، وأن الأصل والقدوة فيه للعرب، ومن عداهم تبع لهم، وقاصر عنهم فيه.
وأنه لا يجوز أن يدعى للمتأخرين من الخطباء والبلغاء عن زمن النبي ـ صلى الله عليه وسلم الذي نزل فيه الوحي، وكان فيه التحدي، أنهم زادوا على أولئك الأولين، أو كملوا في علم البلاغة أو تعاطيه ما لم يكملوا له... والأمر في ذلك أظهر من أن يخفى، أو ينكره جاهل أو معاند.
وإذا نظرنا في دلائل أحوال العرب الذين نزل فيهم القرآن، وفي أقوالهم حين تلي عليهم، وتحدوا بأن يأتوا بمثله، وجدنا أحوالهم وأقوالهم تفصح بأنهم لم يشكوا في عجزهم عن معارضته، والإتيان بمثله، ولم تحدثهم أنفسهم بأن لهم إلى ذلك سبيلاً على وجه من الوجوه.
ثم يورد عبد القاهر بعد ذلك من أقوال العرب الذين نزل فيهم القرآن وأحوالهم ما يؤكد هذه الحقيقة.
على نحو ما سبق به من أقوال العلماء، التي أشرنا إليها قبل ذلك.
وبعد أن يصل إلى هدفه من إثبات ذلك بأقوالهم أنفسهم، وبمناقشة من أتى بعدهم، وإبطال دعواهم المشككة في بلاغة القرآن من ادعاء ( الصرافة ) وغيرها، ينتقل إلى النقطة التالية وهي:
ـ إن بلاغة القرآن في نظمه، فإعجازه في نظمه. وهنا يذكرنا عبد القاهر، بأن المزية التي يعود إليها تقدم كلام على كلام في البلاغة، إنما تدرك بالفكر.
ويتوصل إليها بإعمال النظر وبذل الجهد.
فهل يمكن أن يكون في الكلمات المفردة ما يدرك ويستنبط بالرؤية والجهد، إن الكلمات إرض مشاع، لكل قائل أن يأخذ منها ما يحقق غرضه.
وكذلك لا يجوز أن يكون الإعراب من الوجه التي تظهر بها المزية، وذلك لأن العلم بالإعراب مشترك بين العرب جميعاً، فليس أحدهم أعلم من غيره بأن إعراب الفاعل الرفع، أو المفعول النصب.
ومن العجيب: أننا إذا نظرنا في الإعراب، وجدنا وجه التفاضل فيه محالاً، لأنه لا يتصور أن يكون للرفع والنصب في كلام مزية عليهما في كلام آخر، وإنما الذي يتصور، أن يكون معنا كلاماً قد وقع في إعرابهما خلل، ثم كان أحدهما أكثر صواباً من الآخر، وكلاماً قد استمر أحدهما على الصواب ولم يستمر الآخر، ولا يكون هذا تفاضلاً في الإعراب، ولكن تركا له في شيء واستعمالاً له في آخر.
وكذلك لا تعود الفضيلة في الكلام بأن يكون المتكلم قد استعمل من اللغتين في الشيء أصحهما وما يقال أنها أفصحهما، ولا بأن يكون قد استعمل الغريب من الألفاظ، لأنه العلم بجميع ذلك لا يعدو أن يكون علماً باللغة، وبأنس الكلم المفردة، وبما طريقة الحفظ، دون أن يستعان عليه بالنظر وإعمال الفكر.
وإذا كانت المزية التي توجب تقدم الكلام على غيره، لا تعود إلى شيء مما ذكر، فلا شك أنها تقود إلى النظم وصياغة العبارة، فذلك هو الجانب الوحيد الذي يحتاج إلى الفكر وبذل الجهد ثم أننا نعلم أن تفضيل الكلام على غيره، ووصفه بالفصاحة والبلاغة، إنما يعود لأمر أحدثه في الكلام، وشيء كان له جهد فيه، وإذا كان كذلك فينبغي أن ننظر إلى المتكلم، هل يستطيع أن يزيد من عند نفسه شيئاً في اللفظ ليس في اللغة، حتى يجعل من صنيعه مزية يعبر عنها بالفصاحة.
إذا نظرنا وجدنا أنه لا يستطيع أن يصنع باللفظ شيئاً أصلاً، ولا أن يحدث فيه وصفاً، كيف وإنه أفسد على نفسه وأبطل أن يكون متكلماً، لأنه لا يكون متكلماً حتى يعمل أوضاع اللغة على ما وضعت عليه فلم يبق للمتكلم شيء ينسب إليه سوى طريقة نظم العبارة، أو صياغة الفكرة في ألفاظ، عن طريق تعليق الكلمات ببعضها البعض، وفق معاني النحو، لتصبح صورة للمعنى في نفسه. وهذا يجيء الدور على بيان مفهوم النظم وماهيته.
وجوهر النظم عند عبد القاهر، أن تصاغ العبارة بطريقة تفصح تماماً عما في نفس قائلها، وتكشف عما يريد أن يوصله إلى مخاطبة، ولا يتم ذلك إلا إذا كانت عبارته صورة للمعنى القائم في نفسه فالمتكلم في صياغته للعبارة، إنما يقتفي أثر المعنى في نفسه، ويرتب عبارته حسب ترتيب المعنى، فالبليغ صانع، له من صناعته بمقدار ما بذل من جهد في سبيل صناعة أسلوب جميع، وعليه أن يختار أسلوب العرض المناسب، الذي يتضمن من الخواص ما يكون مطابقاً للمعنى القائم في نفسه، بدءاً من اختيار الألفاظ التي هي ألصق بالمعنى من حيث معناها اللغوي، ودلالاتها المتعددة بجرسها وإيحاءاتها التي اكتسبها طوال استعمالها في أذهان مستمعيها، ومروراً باختيار الصيغة لمطابقتها بخواصها لدقائق جوانب المعنى وخرافية، وانتهاء بإبراز في الصورة المناسبة لما يقتضيه المقام، ومن هنا كان اختلاف الأدباء في عرض المعاني والتعبير عنها.
ذلك لأن المعنى الواحد تتعاقب عليه الصور، ويصوغه كل أديب في صورة فيها من السمات والخصائص ما يبرر نسبتها إليه دون سواه، وإن كان أصل المعنى أو الغرض العام واحداً في الجميع، وتتفاوت هذه الصور في الجمال بمقدار التوفيق في المآخاة بين المعنى والصورة الدالة عليه.
وشواهد ذلك حاضرة، ننظر إلى قول الناس: الطبع لا يتغير.
فتر فيه معنى عامياً غفلاً معروفاً في كل جيل، ثم ننظر إلى قول المتنبي:
يراد من القلب نسيانكم وتأبى الطباع على الناقل
هذا، وقد لقيت آراء عبد القاهر ما هي أهل له، من قبول العلماء الذين تلقوها، وهيأ الله منهم من تكفل بالجانب التطبيقي لها، وعلى رأسهم الإمام جار الله الزمخشري ( المتوفى سنة 538) في كتابه تفسير القرآن الذي سماه ( الكشاف عن حقائق التنزيل، وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، والذي أصبح منهلاً ينهل منه الباحثون عن أسرار الإعجاز القرآني. كما هيأ له من ضبط ولمَّ شعثها وضبط قواعدها. وترتيب أبوابها وعلى رأس هؤلاء: الفخر الرازي في كتابه ( نهاية الإيجاز في دراسة الإعجاز ).
غير أن الرازي في محاولته لضبط آراء أستاذه غلبت عليه طبيعته المنطقية الفلسفية، فبدت واضحة في عمله. ووقع في خطأ أفسد ما حاول إصلاحه، فآراء عبد القاهر على ما بها من توزع في مواطن معالجتها، وإطناب في محاولة الإقناع بها، كانت تساق في أسلوب أدبي يخاطب الوجدان والذوق، ويبرز أسرار جمال التعبير بأسلوب رقيق شفاف يستهوي القلوب.
أما الرازي، فقد أحال الأمر إلى مجال للجدل المنطقي، وتتبع لما توجيه القسمة العقلية للآراء فتتابعت تقسيماته للموضوعات إلى عشرات الأبواب ومئات الفصول، وأمثالها من القواعد والتنبيهات التي يصل القارىء في تتبعها.
وهذا المسلك الذي اختطه الرازي ظل طوال قرون مسيطراً على عقول الباحثين، فساروا خلفه مستسلمين، يتبارون داخل دائرة مغلقة لا تجد في ثناياها غير تلخيص كتاب، ثم إعادة للتلخيص، فحاشية على الشرح، ثم تعليق على الحاشية، إلى آخر هذه السلسلة العقيمة التي لا تتضمن، على الرغم مما بها من جهد عقلي خارق، وقدرة مذهلة على الحجاج ـ لا تتضمن شيئاً مما كانت البلاغة أحوج ما تكون إليه لتؤدي دورها في صقل المواهب، وتنمية الملكات القادرة على الإحساس بجماليات التعبير وتذوق محاسنه.
وتطاول الزمن دون أن يتغير هذا المنهج في البحث، حتى أذن الله تعالى لهذه الأمة أن تفيق من غفوتها، وأن تنفض عنها الكثير من المعوقات التي تشل حركتها.
وعلى أيدي رواد النهضة فبعثت من جديد كتب عبد القاهر ورجال مدرسته، التي يتسم منهجها باستلهام النصوص الأدبية وأسرارها.
وعرض خواطر العلماء ونظراتهم في تلك النصوص بأسلوب مشرق مضيء يستهوي الدارس، ويضع يده على موطن جماله، ويفصح عن سر سموه.
وسنختار علماً من هؤلاء كنموذج لمن تعرض لقضية الإعجاز القرآني في العصر الحديث، وهو المرحوم الدكتور / محمد عبد الله دراز، وكتابه ( النبأ العظيم ).
يعتبر كتاب ... النبأ العظيم... كتاباً فريداً في منهجه الذي اتبعه في دراسة هذه القضية والإقناع بها لأنه كما يقول مؤلفه: حديث يبدأ من نقطة البدءـ فلا يتطلب من قارئه انضواء تحت راية معينة، ولا اعتناقاً لمذهب معين، ولا يفترض فيه تخصصاً في ثقافة معينة، ولا حصولاً على مؤهل معين، وإنما يناشد القارىء فقط أن يعود بنفسه صحيفة بيضاء، إلا من فطرة سليمة، ورغبة صادقة في الوصول إلى الحق، وسوف يأخذ المؤلف بيد القارىء مجتازاً به مراحل البحث، التي يسلم بعضها إلى بعض، في رفق وأناة يصل إلى نهاية المطاف، الذي لا يسع القارىء إلا التسليم به.
ويتضمن الكتاب بحوثاً تتضمن مرحلتين متتابعتين في البحث.


يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع





القلب الحزين 12-01-2014 08:06 PM

رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو
 

يتبــع الموضوع السابق

تطور دراسة الإعجاز القرآني على مر العصور



الأولى: دراسة تمهيدية خارجة عن جوهر القرآن نفسه، هدفها الوصول إلى أن القرآن الكريم إلهي المصدر، وليس للرسول صلى الله عليه وسلم فيه إلا الحفظ، ثم الحكاية والتبليغ، ثم البيان والتفسير، ثم التطبيق والتنفيذ.
المرحلة الثانية:دراسة في جوهر القرآن نفسه. هدفها إثبات الإعجاز القرآني من أي النواحي اتجهنا إليه، سواء في ذلك ناحية أسلوبه، أو ناحية علومه ومعارفه، أو ناحية اثره الذي أحدثه في العالم وغير به التاريخ.
أما عن إثبات أن القرآن الكريم إلهي المصدر، فيرى الدكتور / دراز: أنه لا خلاف على أن القرآن الكريم جاء على لسان رجل عربي أمي ولد بمكة، هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب صلى الله عليه وسلم أما من أين جاء به محمد صلى الله عليه وسلم أمن عند نفسه ووحي ضميره، أم من عند معلم، ومن هو هذا المعلم فهذا مات يحتاج إلى بيان.
وأول ذلك: أن القرآن صريح في أنه لا صنعة فيه لمحمد صلى الله عليه وسلم ولا أحد من الخلق، وإنما هو منزل من عند الله لفظه ومعناه.
قال تعالى: (إنا أنزلناه قرآناً عربياً ).
وقال سبحانه لنبيه: قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي، إن أتبع إلا ما يوحى إلي .
والمعروف أن كثيراً من الأدباء يسطون على آثار غيرهم فيسرقونها، أما أن أحداً ينسب لغيره أنفس آثار عقله، وأغلى ما تجود به قريحته، فذلك ما لم يلده الدهر.
وقد يحيك في صدر جاهل: أن هذا الزعيم قد نسب القرآن إلى الوحي الإلهي، لأنه في ذلك ما يعنيه على تحقيق غرضه من استجابة الناس له، ونفاذ أمره فيهم. لكن علينا أن نتذكر أموراً تمحو هذه الشبهة:
أولها:أن صاحب هذا القرآن قد صدر عنه الكلام المنسوب إلى نفسه، والكلام المنسوب إلى الله تعالى، فلم تكن نسبة ما نسبه إلى نفسه بناقصة من لزوم طاعته شيئاً، ولا نسبة ما نسبه على ربه بزائدة فيه شيئاً، بل استوجب على الناس طاعته فيهما على السواء، فكانت حرمتهما في النفوس على سواء.
ثانيهما:أن هذه الشبه مبنية على افتراض باطل، وهو تجويز أن يكون هذا الزعيم من الذين يرون الوصول إلى غايتهم بأية وسيلة كانت، مستبيحين الكذب والتمويه، فالواقع التاريخي يؤكد أنه عليه السلام، كان في حركاته وسكناته، وفي رضائه وغضبه، وسائر جوانب حياته مثالاً في دقة الصدق وصرامة الحق، وأن ذلك كان من أخص شمائله قبل الرسالة، وبعدها.
وسنته المطهرة زاخرة بالمثل الواضحة الدالة على مبلغ صدقه وأمانته في دعوى الوحي هذه.
ومن ذلك: أنه عليه السلام كانت تنزل به نوازل نحفره على القول، وتلح عليه أن يتكلم، بحيث لو كان الأمر إليه لسارع إلى الكلام، لكنه كانت تمضي الأيام والليالي، ولا يجد في شأن ما نزل به قرآناً يقرؤه على الناس، من ذلك ما أرجف به المرجفون من حديث الإفك، فقد طال الأمر وأبطأ الوحي والناس يخوضون، ولو كان الأمر إليه، لسارع إلى تبرئتها صيانة لعرضه، لكنه صلى الله عليه وسلم ظل صابراً حتى نزل بعد طول انتظار صدر سورة النور معلناً براءتها.
ثالثاً:صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له من الذكاء الفطري، والبصيرة النافذة، ما يؤهله لإدراك الحق والباطل من الآراء، والحسن والقبيح من الأخلاق.
إلا أن ما في القرآن الكريم لم يكن كله من هذا النوع الذي تبلغه بالملكات البشرية مهما بلغ اكتمالها.
إذا أضفنا إلى ذلك ما تضمنه القرآن من أمور غيبية تقع في مستقبل الأيام ثم تتحقق كما أخبر عنها تماماً، دون أن يتخلف منها شيء ازددنا يقيناً بأن القرآن الكريم، ما هو إلا وحي يوحى، وأنه لا سبيل للقوى البشرية إليه بحال، كما أخبر أن الروم سيغلبون الفرس بعد بضع سنين، وليس ذلك فقط بل سيواكب هذا تزامن معه أن ينتصر المسلمون على أعدائهم.
يقول سبحانه:(غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الأرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (6) [سورة الروم].
وتمضي الأيام ويتحقق وعد الله تماماً كما أخبر.
ومن ذلك أيضاً: وعد الله بحفظ كتابه الكريم بقوله: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون .
وتمضي الأيام وها هو كتاب محفوظ بعناية الله وحفظه، على الرغم مما دبر له من مكائد وما مر بالمسلمين من محن، بل إننا نرى عجباً، فكلما هجس في خواطر الغيورين على كتاب الله هاجس يمس حفظ كتاب الله رأينا من أساليب الحفظ وأساليب تلقيه نقياً كاملاً بأصوات قراءة يتلونه حق تلاوته، كما أنزل من مخارج حروفه حرفاً حرفاً لا ينقص منه مدة ولا غنة، مما لا يخطر على بال أحد، من إذاعات متخصصة وتسجيلات وحكمة، ومن تسابق الغيورين على البذل في القيام بحق لكتاب الله.
وهكذا يصل الدكتور / دراز بالقارىء، إلى الاقتناع العقلي والاطمئنان القلبي بأن القرآن الكريم إلهي المصدر.
وينتقل بعد ذلك إلى مرحلة الدراسة في جوهر القرآن نفسه، هدفها إثبات أن القرآن الكريم معجز من أي ناحية جئناه.
وتحت عنوان: ( الإعجاز اللغوي للقرآن الكريم ) يدير الدكتور / دراز حواراً هادئاً يناقش ويقنع دون تعسف أو انفعال، شأن الواثق بنفسه، فيستعرض الشبهات التي يمكن أن تثار حول الموضوع ويجيب عنها بما يشفي به الصدور من ذلك ما قد يقال من أننا إذا سلمنا بأن سكوت العرب عن المعارضة كان عجزاً إلا أننا لا نرى من الناحية اللغوية للقرآن الكريم ما يمكن أن يكون سبباً في الإعجاز، لأن القرآن لم يخرج عن مفهوم العرب في لغتهم، فمن حروفهم ركبت كلماته، ومن كلماتهم ألفت جمله وآياته وعلى مناهجهم في التأليف جاء تأليف، فأي جديد في ذلك كله حتى نقول: أنه جاءهم بما فوق طاقتهم اللغوية؟.
والجواب: أننا نسلم بأن القرآن لم يخرج في لغته عن سنن العرب إفراداً وتركيباً، لكن هذا لا يمنع أن يأتي القرآن بما يعجز الجميع.
ويورد الدكتور / دراز شبهة أخرى فحواها، أن العرب على اختلاف مراتبهم في البيان، لم يصلوا إلى طبقة البلاغة المحمدية، وهذا القصور الذي قعد بهم عن مجاراته في عامة كلامه، هو الذي قعد بهم عن معارضة قرآنه، فلا يكون هذا العجز حجة على قدسية القرآن، كما لو يكن حجة على قدسية الأسلوب النبوي؟.
الجواب: أننا نسلم بأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان أفصح العرب، لكن: أكان هذا التفاوت بينه وبين الناس مما يتفق مثله في العادة بين بعض الناس وبعض في حدود القدرة البشرية، أم كان أمراً شاذاً خارقاً للعادة بالكلية؟ ولا بد من التسليم بأن ما كان بين الرسول وغيره من تفاوت في الأسلوب، هو ما يكون بين بليغ وبليغ، وبين الحسن والحسين.
فقد نقرأ القطعة من البيان النبوي، فنطمع في مجاراتها، وقد نقرأ الحكمة فيشتبه علينا أمرها، أمن كلام النبي صلى الله عليه وسلم أم من كلام الصحابة والتابعين، أما الأسلوب القرآني فإنه يحمل طابعاً لا يلتبس معه بغيره، ولا يجعل طامعاً يحوم حول حماه.
بل إننا نقول: لو كان القرآن صورة لتلك الفطرة المحمدية لوجب أن ينطبع ذلك على سائر كلامه صلى الله عليه وسلم كما انطبع على القرآن، لأن الفطرة الواحدة لا تكون فطرتين، ولكننا نرى الأسلوب القرآني ضرباً وحدة الأسلوب النبوي ضرباً وحده.
ينتقل بعد ذلك د / دراز إلى الحديث عن خصائص الأسلوب القرآني وأولها ما يسميه القشرة السطحية للجمال القرآني.
فيقول: أول ما يسترعي انتباه المستمع للقرآن الكريم خاصية تأليفه الصوتي، ذلك أننا حين ننصت عن بعد إلى قارىء يرتل القرآن حق ترتيله، بحيث لا يصل إلى مسامعنا جرس الحروف وإنما نسمع فقط حركتها وسكناتها ومدَّاتها وغناتها واتصالاتها وسكناتها، سوف نجد أنفسنا بإزاء لحن غريب عجيب لا تجده في كلام آخر لوجود هذا التجديد ـ بل إننا سنجد فيه شيئاً لا تجده في الموسيقى والشعر، لأن القصائد تتحد فيها الأوزان بيتاً بيتاً، وكذلك الموسيقى تتشابه أصداؤها وتتقارب فلا يلبث السمع أن يملها بينما نحن مع القرآن في لحن متنوع متجدد يأخذ بأوتار القلب.
ثانياً: الخصائص البيانية للقرآن الكريم:
يرتب الدكتور / دراز دراسته لهذا الجانب على أربع درجات:
أـ القرآن في قطعة قطعة منه، ويعني بالقطعة ما يؤدي معنى كاملاً، يؤدي عادة في بضع آيات وقد يؤدي في آية طويلة أو سورة قصيرة، وهو الحد الأدنى للتحدي.
وفي هذا الجانب لا يرى في وصف القرآن خيراً من أنه تلتقي عنده نهايات الفضيلة كلها، على تباعد ما بين أطرافها. فهو يجمع أولاً بين... القصد في اللفظ الوفاء بحق المعنى.. فالذي يعمد إلى إيجاز اللفظ لا مناص من أن يحيف على المعنى قليلاً أو كثيراً، فإن حرصه على الإيجاز يحمله على بذل جهده في ضم أطراف المعنى، وحذف ما استطاع من أدوات التمهيد والتشويق، ووسائل التثبيت والتقرير، إلى غير ذلك مما تمس حاجة النفس إليه في البيان، فيخرج ثوباً متقلصاً، يقصر عن غايته.
أما الذي عمد إلى الوفاء بحق المعنى، وإبراز دقائقه، فلن يجد بداً من أن يمد في نفسه مداً، لأنه لا يجد في القليل من اللفظ ما يؤدي عن نفسه رسالتها كاملة، فإذا أعطى نفسه حظها من ذلك باعد بين أطراف كلامه وأبطأ في الوصول إلى غايته.
والدليل على ذلك: أن البليغ حينما يتعقب كلام نفسه ـ الفينة بعد الفينة ـ يجد فيه زائداً يمحوه أو ناقصاً يثبته ويجد فيه ما يقدم أو يؤخر، كما يروى عن زهير ـ وهو من هو.
في تهذيب قصائده التي كان يسميها ( الحوليات ) لأنه كان يقضي عاماً كاملاً في تهذيبها قبل أن يطلع عليها أحداً.
أما القرآن الكريم، فإن هاتين الغايتين على أتمهما فيه، فحيثما نظرنا في القرآن نجد بياناً قد قدر على حاجة النفس أحسن تقدير، يؤدي لنا من كل معنى صورة نقية لا يشوبها شيء مما هو غريب عنها، وافية لا يشذ منها شيء من عناصرها الأصلية، ولواحقها الكمالية، كل ذلك في أوجز لفظ وأنقاه.
كما يجمع القرآن بين خطاب العامة وخطاب الخاصة... فإننا لو خاطبنا الأذكياء بالواضح المكشوف الذي نخاطب به الأغبياء لنزلنا بهم إلى مستوى لا يرضونه لأنفسهم.
ولو أننا خاطبنا العامة باللمحة الدالة والإشارة المعبرة لجئناهم من ذلك بما لا تطيقه عقولهم، أما في القرآن الكريم فإن جملة واحدة منه تلقى إلى العلماء والجهلاء، وإلى الأذكياء والأغبياء، وإلى السوقة والملوك، فيراها كل منهم مقدرة على مقياس عقله. وعلى وفق حاجته، وهذا شيء لا يوجد على أتمه إلا في القرآن الكريم.
كما يجمع القرآن الكريم بين إقناع العقل وإمتاع العاطفة. فإن قوة التفكير في الإنسان تبحث عن الحق لمعرفته، عن الخبر للعمل به، أما قوة الوجدان فإنها تسجل إحساساً بما في الأشياء من لذة وألم، والبيان التام هو الذي يوفي بهاتين الحاجتين، يمنح النفس حظها من الفائدة العقلية والمتعة الوجدانية معاً، وهذا أمر لم يأت على أتمه إلا في القرآن الكريم.
كما يجمع القرآن أيضاً بين ( البيان والإجمال )، فإن الناس إذا عمدوا إلى تحديد أغراضهم، لم تتسع لتأويل، وإذا أجملوها ذهبوا إلى الإبهام والإلباس، أما بالنسبة للقرآن الكريم، فإننا نجد في أسلوبه من الملامسة الشفوف والخلو من كل غريب ما يجعل ألفاظه تسابق معانيها إلى النفس، ولكننا إذا أعدنا الكرة، ونظرنا فيه من جديد، رأينا أنفسنا بإزاء معنى جديد، يلوح لنا غير الذي سبق إلى فهمنا أول مرة، حتى ترى للجملة الواحدة أو الكلمة الواحدة، وجوهاً عدة، كلها صحيح أو محتمل للصحة، وللنظر في قوله تعالى: (والله يرزق من يشاء بغير حساب( لنرى مصداق ذلك:
فهذه الكلمة على ما بها من وضوح في المعنى، إلا أنه بها من المرونة ما يبيح لنا أن نذهب في معناها مذاهب متعددة: فإذا قلنا في معناها:
أنه سبحانه يرزق من يشاء بغير محاسب يحاسبه، ولا سائل يسأله. لماذا يبسط لهؤلاء ويقدر على هؤلاء. أصبنا. وإذا قلنا: أنه يرزق بغير تقتير ولا محاسبة لنفسه عند الاتفاق خوف النفاد أصبنا ـ ولو قلنا أنه يرزق من يشاء من حيث لا ينتظر ولا يحتسب أصبنا. ولو قلنا: أنه يرزق من يشاء بغير معاتبة ومناقشة على عمله أصبنا، كما لو قلنا: أنه يرزق من يشاء رزقاً كثيراً لا يدخل تحت حصر ولا حساب أصبنا. ويكون في هذا أو ذاك وعد للصالحين. إما بدخول الجنة بغير حساب أو بمضاعفة الأجر أضعافاً مضاعفة كثيرة لا يحصرها العد.
وهكذا نرى أن ما تم به القرآن من مرونة في النص الكريم وسف الفرق الإسلامية كلها على اختلاف منازعها، كما وسع الآراء العلمية على اختلاف وسائلها.
وينتقل د / دراز بعد ذلك إلى النظر في القرآن كوحدات أكبر، فتحت عنوان: ( القرآن في سورة منه ) يذكر أن ذلك يؤدي بنا إلى ملاحظة الجمع بين ( الكثرة ) و (الوحدة ) في كل سورة.
فمن المعروف: أن القرآن الكريم لم ينزل جملة واحدة، وإنما نزل منجماً حسب الوقائع والدواعي المتجددة، وكان الرسول عليه السلام كلما نزلت عليه آية، أمر كتاب الوحي بأن يضعوها في مكان كذا من سورة كذا، دون اعتبار لترتيبها حسب نزولها.
واستمر الحال على ذلك منذ بعثته عليه السلام حتى قبيل وفاته ( زهاء 23 سنة )، والرسول عليه السلام بشر، ما كان ليدري ما ستجيء به الأيام من أحداث، ولا ما سيكون في مستقبل الزمان من قضايا، وبالتالي: لم يكن يعرف ما سينزل بشأنها من قرآن.
وتمضي الأيام وآيات القرآن بتتابع نزولها والرسول يأمر بوضعها مواضعها التي يشير إليها، موزعة على السور، حتى اكتمل نزول القرآن. فإذا نحن أمام بناء متناسق متكامل تتآخى أجزاؤه. وتأتلف وتنسجم، ولا يؤخذ عليه شيء من التنافر أو التفاوت بين شيء من أجزائه، حتى أن الناظر فيه دون أن يعلم بنزوله منجماً، ولا يخطر بباله أنه رتب بهذه الطريقة.
إن ذلك ولا شك دليل قاطع على أن القرآن الكريم كلام الله لا كلام بشر.
ويرى الدكتور / دراز أن هذا النهج الكلي في دراسة النسق القرآني هو السياسة الرشيدة، التي يجب أن تتبع، فلا يتقدم الناظر إلى البحث في الصلات الموضعية بين جزء وجزء، إلا بعد أن يحكم النظر في السورة كلها، بإحصاء أجزائها وضبط مقاصدها العامة، فالسورة مهما تعددت قضاياها، فهي كلام واحد، يتعلق آخره بأوله، وأوله بآخره، ويترامى بجملته إلى غرض واحد كما تتعلق الجمل بعضها ببعض في القضية الواحدة.
ولا نجد ما نختم به دراستنا ( النبأ العظيم ) خيراً من قوله صاحبه: ( لعمري لئن كانت للقرآن الكريم في بلاغته معجزات وفي أساليب ترتيبه معجزات، وفي نبوءاته معجزات، وفي تشريعاته الخالدة معجزات، وفي كل ما استخدمه من حقائق العلوم النفسية والكونية معجزات. لعمري أنه في ترتيبه آية على هذا الوجه معجزة المعجزات).
وبعد: أيها القارئ الكريم: ماذا نأخذ وماذا ندع لنبيين أن القرآن الكريم معجز، أنه في الحقيقة معجز من أي ناحية أتيناه، إنه معجز في بلاغته، معجز في ترابطه وتماسكه، معجز في تشريعاته وهدايته، معجز في معارفه وعلومه، معجز في غيوبه وأسراره، إنه روح من الله، صدق فيه قوله سبحانه: )وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ )صدق الله العظيم. وصدق نبيه الكريم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
* * *
أ.د. / عبد الغني محمد بركة
تم نشر المقالة بالتعاون مع جمعية الإعجاز العلمي في القرآن والسنة ـ مصر القاهرة

القلب الحزين 12-01-2014 08:07 PM

رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو
 
المعارضون للإعجاز العلمي في القرآن والسنة

مناقشة الآراء ودحض الحجج
أ.د/كارم السيد غنيم
أستاذ في جامعة الأزهر حاصل على دكتوراه في علم الحشرات
ورئيس جمعية الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في الأزهر
الحمد لله الذي أنزل القرآن ختاماً لكتبه ورسالاته إلى البشر أجمعين، وأودع فيه من الأسرار مالا ينقضي وما لا ينتهي إلى يوم القيامة، الحمد لله الذي جعل القرآن معجزة خالدة لخاتم الأنبياء والرسل، معجزة عقلية ذهنية علمية، معجزة اكتملت فيها كافة جوانب الإعجاز: في اللغة، في البيان، في الإخبار بما فات، وما يجري وما هو آت، معجزة أحتوت من الأمور العلمية والمسائل الكونية والقواعد السياسية والأسس والكليات الاقتصادية والتفصيلات الاجتماعية والحقوق الإنسانية والنظم البشرية .. ما لا يستطيع أي مخلوق أن يأتي بمثله على مر الزمان، وسيظل القرآن الكريم معجزة الإسلام الخالدة، وبرهانه الباقي، منذ نزل بين أناس فصحاء وعلى قوم بلغاء، ولطالما يتلى بين باحثين وعلماء.
ونحن في زمن الكشوف العلمية، والاختراعات التكنولوجية، في زمن ثورة المعلومات والهندسة الوراثية، وارتياد الفضاء والاتصال بالكواكب الأخرى وزيارتها، في زمن " القرية الواحدة " يعرف فيه القاصي والداني، ويتصل فيه أهل القطب بأهل اللب، بل نحن في زمن " الحجرة الواحدة " بفضل ثورة الاتصالات العارمة، نحن في هذا الزمن الحاضر علينا أن نوظف هذه العلوم والمعارف في تفسير آيات كتابنا المجيد، وإن لم نفعل فقد قصرنا تقصيراً يحاسبنا الله عليه، وإن لم نفعل فكيف بمن سيأتون بعدنا من أجيال يحترموننا أو يجلوننا، كيف يحترمون أو يجلون جيلاً لم يعط في خدمة القرآن ـ والدعوة الإسلامية عموماًـ عطاء غيره ممن سبقه من أجيال.
وبالرغم من أن نتائج دراسات وبحوث الإشارات العلمية للآيات القرآنية أضحت ضرورة في الدعوة الإسلامية، وخصوصاً في المجتمعات غير المسلمة، المجتمعات المتقدمة علمياً وتكنولوجيا، فإن البعض لا يزال يعارض هذا المنحى في الدراسات والبحوث، سواء عن جهل به أو عن خوف من تحديث أساليب الدعوة، وقد درجوا على أساليب معروفة قديمة كانت صالحة لعصور سابقة.[1].
وعلى أية حال، فالمعارضون لهذا الاتجاه البحثي ـ قداماهم ومحدثوهم ـ ليس لهم نصيب من المعارف الطبيعية أو العلوم المدنية، وإنما سوادهم ـ إن لم يكن جميعهم ـ أصحاب معارف وعلوم نظرية وحسب، ويستطيع الباحث أن يركز كلامهم في نقاط محددة، وهي نقاط ـ أو حجج ـ يمكن دحضها بعد الوقوف عليها جيداً، وهذا ما قمنا به في هذا المقال، بتوفيق من الله تعالى، ولا نبتغي في هذا سوى مرضاته بخدمته لكتابه العظيم، والسعي لنشر دينه الحنيف في أرجاء الأرض قاطبة.
ولا ندعي أننا أتينا على الموضوع بجميع تفاصيله، وإنما نقدم ما أفاء الله به علينا وما أسعفتنا به المراجع وما سمع به الوقت، (وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً)[2].
المنكرون لاتجاه استعمال نتائج الكشوف العلمية والبحوث التجريبية في تفسير أو تفهم الآيات الكونية بالقرآن ليسوا بالكثرة التي ينتشر بها علماء الفريق الثاني، ونحن هنا نورد آراء أهم رواد المنكرين كما يلي :
أبو إسحاق الشاطبي:
يمثل هذا التيار علماء قدامى وعلماء محدثون، ولعل الشاطبي صاحب (الموافقات) يعتبر من أقدم النكرين لهذا الاتجاه في تفسير آيات القرآن، وقد بسط القول في إنكاره، والرد على القائلين به.
ويقول أبو إسحاق الشاطبي (المتوفى سنة 790هـ ) في كتابه (الموافقات في أصول الشريعة): إن كثيراً من الناس تجاوزوا في الدعوى على القرآن الحد، فأضفوا إليه كل علم يذكر للمتقدمين أو المتأخرين: من علوم التطبيقات والتعاليم (أي الرياضيات والهندسة وغيرها)، والمنطق وعلم الحروف، وجميع ما نظر فيه الناظرون من أهل الفنون، وأشباهها، وهذا إذا عرضناه على ما تقدم( أي : تم ذكره في كتاب الموافقات) لم يصح.
ثم يضيف الشاطبي إلى هذا ما ينفي به حق القائلين بالتفسير العلمي، فيقول: وإضافة إلى هذا، فإن السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن يليهم كانوا أعرف الناس بالقرآن، وبعلومه، وما أودع فيه. ولم يبلغنا أنه تكلم أحدهم في شيء من هذا المدعى.. سوى ما ثبت فيه من أحكام التكاليف وأحكام الآخرة، وما يلي ذلك. ولو كان لهم في ذلك خوض ونظر لبلغنا منه ما يدلنا على أصل المسألة، إلا أن ذلك لم يكن، فدل على أنه غير موجود عندهم، وذلك دليل أن القرآن لم يقصد فيه تقرير لشيء مما زعموا.
ثم عرض الشاطبي لأدلة الداعين إلى " التفسير العلمي " وأخذ يدحضها مركزاً على مستندهم ويتمثل في الآيتين : (ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء) [سورة النحل], وقوله تعالى:( ما فرطنا في الكتاب من شيء) [سورة الأنعام]. وقال بأن المقصود بالتبيان هنا هو إظهار أحكام التكاليف، والتعبيد، وأحكام الآخرة، وما يتعلق بأصول الهداية، وليس بصدد العلوم الكونية. وفي الآية قال بأن الكتاب المقصود هنا هو " اللوح المحفوظ " ولم يقل كما يقولون بأنه القرآن الكريم.
ومما يذكر أن الشاطبي هذا من علماء القرن الهجري الثامن، الذي ظهر فيه الزملكاني صاحب كتاب (التبيان في إعجاز القرآن)، وابن تيمية صاحب كتاب في الإعجاز هو (جواب أهل العلم والإيمان)، والخطيب القزويني صاحب كتاب ( التلخيص لمفتاح السكاكي)، ويحيى بن حمزة العلوي، والأصبهاني، وابن قيم الجوزية وابن كثير، والزركشي.
وهو إلى جانب ما أورده في كتابه(الموافقات) جعل الاستعانة على فهم القرآن الكريم، مقصور على العرب خاصة، وليس إلى غيرهم. وكان مما قاله ونقله عنه الدكتور أحمد العمري[3]: " إن هذه الشريعة أمية لأمة أمية ".
ويعقب العمري على هذه المقولة بقوله: جعل الشاطبي هذا القول قاعدة، دخل منها إلى أن الشريعة جارية على مذاهب العرب، وبنى على ذلك أن كثيراً من الناس قد تجاوزوا في الدعوى على القرآن، فأضافوا إليه كل علم من العلوم، على النحو الذي ذكرناه في نص قول الشاطبي في الفقرات السابقة.
ثم إن صاحب (القرآن يتحدى)[4]يرد على الشاطبي مقولته " إن هذه الشريعة أمية لأمة أمية " من وجوه :
1. إن إطلاق " الأمية " على الشريعة مجازفة لا تستند إلى أي دليل، خاصة وأن الكلام إنما يدور حول العلوم المندرجة في القرآن الكريم، ومن البداهة أن علوم القرآن لا تدخل تحت حصر، لأنه كلام الله تعالى، والحصر من صفاتنا لا من صفات القرآن.
2. إن أحداً لم يدع استنباط جزئيات العلوم الكونية من القرآن، مثل الرياضيات والفلك، وإلا لكن القرآن في مادته لا يخرج عن مادة أي كتاب من تأليف البشر. بل إن المناقشة تدور حول موضوع آخر غير هذا، وهو أن التبحر في العلوم الكونية يكشف لنا عن وجوه الإعجاز ما لم نكن نعلمه في عصرنا.
3. إن كان بعض الذين طبقوا هذا المنهج قد جانبهم الصواب، فإن هذا يحدث لكل من يعالج قضية من القضايا، أو مسألة من المسائل العلمية التي تقبل النقاش، فالعيب ليس في المنهج، وإنما العيب فيمن تصدوا لتطبيقه، ولا أهمية عندهم لذلك.
4. الاعتراض على من قال: إنه يستنبط العلوم من القرآن الكريم ليس بحجة، ولا تحجير على فضل الله تعالى، ولا يوجد اثنان من العلماء يتساويان في فهم كتاب الله عز وجل.
ومن قبل هذا فلقد انبرى محمد الطاهر بن عاشور [5]( وهو من المفسرين التونسيين المعاصرين) في تفسيره " التحرير والتنوير " إلى تفنيد مقولة الشاطبي بأن الشريعة أمية لأمة أمية، فقال: إن هذه المقولة واهية لوجوه ستة:
1. إن ما بناه عليه، يقتضي أن القرآن لم يقصد منه انتقال العرب من حال إلى حال، وهذا باطل. بقول الله سبحانه: ( تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك، ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا.. ) [سورة هود/49]، فهذا تصريح بأن القرآن يحتوي كثيراً من الحقائق التي يجهلها قومه، والتي هي من قبيل أنباء الغيب والمعجزات.
2. إن مقاصد القرآن راجعة إلى عموم الدعوة، وهو معجزة باقية، فلابد أن يكون فيه ما يصلح لأن تتناوله أفهام من يأتي من الناس في عصور انتشار العلوم في الأمة.
3. إن السلف قالوا: إن القرآن لا تنقضي عجائبه، يعنون معانيه، ولو كان كما قال الشاطبي لانقضت عجائبه، بانحصار أنواع معانيه.
4. إن من تمام إعجازه أن يتضمن من المعاني ـ مع إيجاز لفظه ـ ما لم تف به الأسفار المتكاثرة.
5. إن مقدار أفهام المخاطبين به ابتداء لا تقتضي إلا أن يكون المعنى الأصلي مفهوماً لديهم، فأما ما زاد عن المعاني الأساسية فقد يتهيأ لفهمه أقوام، وتحجب عنه أقوام.
ولنطالع الآن رأي الداعية الشيخ محمد الغزالي بخصوص مقولة الإمام الشاطبي (إن هذه الشريعة أمية لأمة أمية)، يقول الشيخ محمد الغزالي[6] :
هناك قضية هامة وردت فيما سبق،وهي : قضية أمية الأمة، وأمية الشريعة، التي أتى الشاطبي على ذكرها.. وهي قضية خطيرة، إذا أخذناها على إطلاقها فإنها تؤدي إلى محاصرة العقل.. فهل يُعقل أن تكون هذه " الأمية " خالدة ؟ أم أنها مرحلة مؤقتة، كان العرب عليها، ومن ثم انتهت وأصبحت الأمة تكتب وتحسب ؟ وأرى أن الأمة، في مرحلة من حياتها، قد تكون أمية لا تقرأ، ولا تكتب ولا تحسب، ثم يتغير حالها إلى مرحلة أخرى، فتصبح أمة عالمة قارئة.. فهل يمكن أن تبقى الأمة متوقفة على الوسائل الأمية في النظر والحكم والعلم ؟ الأمة اليوم أصبحت تقرأ وتكتب وتحسب .. فالتقرير على أن الأمية صفة قسرية أو ملازمة للأمة، وأن الأحكام يجب أن تبقى مناسبة لمرحلة الأمية، أظن أنه أمر يتعارض مع طبيعة الحياة، وصيرورتها كما يتعارض مع خلود الرسالة وقدرتها على الاستجابة لدواعي العصر.
وأمر الإصرار من بعض العلماء على " الأمية " عجيب ! وهو ما أدى إلى التعسف والتوقف عند بعض المفهومات وعدم تجاوزها..
" إنا أمة أمية لا تكتب ولا تحسب " [7] ! لكن هل هذا يعني أن تبقى الأمة أبداً لا تقرأ، ولا تكتب، ولا تحسب ! وهل هذا يعني أيضاً أن نبقى بعيداً عن الكسب العلمي؟ وكانت أول آية نزلت تفرض التعلم والتحول إلى القراءة والكتابة ؟
والسؤال أيضاً: بعد نزول القرآن: هل تبقى الأمة أمية؟ لقد كانت أمة أمية، ثم جاء هذا العلم المزدوج المضاعف الكثير في كتاب الله، فكيف تبقى أمية بعده ؟ هذا مستحيل.
والسؤال هو : هل كلمة " أمية " التي وردت في الحديث نسبة للجهل أو الأمة ؟ فاليهود يرون أن " النبي أمي " تعني : النبي المبعوث من غيرهم، أو من بقية العالم .
ويخيل إلىّ أن المقصود " بالنبي الأمي " : النبي الذي خرج بعيداً عن الدائرة التي كان يؤخذ منها الأنبياء، وهي إسرائيل، وإن كان هناك أنبياء عرب.
(ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ) [سورة البقرة].
ولما سألت الرسول صلى الله عليه وسلم أبيّ بن كعب [8]عن أفضل آية عنده، قال: آية الكرسي. قال له " ليهنك العلم أبا المنذر "[9]. أي ليكن العلم هنيئا لك
ويقول تعالى : (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم )[سورة النساء].
فالعلم هو صفة القرآن ... وصفة المشتغلين به. فكيف يقال : " إن الأمة أمية مع القرآن ؟ هذا مستحيل . والقرآن وجه لاقتحام أسوار الحياة والتغلغل في أسرارها، ومجال العلم الإلهي فيها والحكمة الإلهية فيها. فكيف يُقال : إن الرسالة أمية؟
ألا يمكن أن يكون هناك أفق آخر للقضية ؟ وهو : أن التكاليف والعبادات وما إلى ذلك، يمكن أن تكون لها صفة العموم، وتشمل الناس جميعاً بمختلف مستوياتهم الفكرية والعلمية، والرسالة ميسرة لكل بحسب كسبه. كأني ألمح في بعض الوجوه أن التعاليم الإسلامية كالأمر بالصلاة والصوم.. الخ، لا تستدعي سوية معينة من الكسب العلمي، حتى يستطيع الإنسان أن يدركها، وإلا كيف يمكن أن نخرج ذلك من الأمة الأمية ؟ !
وتعقيباً على ما ذهب إليه الشاطبي، أقول: إن العرب إذا كانوا في ذلك العصر أمة أمية، فالأمية لا يمكن استمرارها .. هذا شيء. والشيء الآخر : إن الخطاب ليس للعرب ولكنه للناس ـ المتعلم وغيره ـ كما أنه ليس لزمان واحد فقط.
كان العرب أمة أمية ... وكان الفرس والرومان هم المثقفون.. وعندما أنظر إلى الفرس والروم أجد أنه كانت لديهم جهالات ربما لم تكن موجودة عند العرب .. وربما أن العرب أحسن من الروم والفرس، في جاهليتهم تلك : (الله أعلم حيث يجعل رسالته) الأنعام.
قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " إنا أمة أمية " أي تجهل الكتابة والحساب في عصر معين ـ لا يقتضي أن تبقى أمية دائماً، والقرآن خطاب خالد مجرد من حدوث الزمان والمكان.
ففكرة أمية الأمة، وأمية الشريعة، والإصرار على بقاء المرحلة البدوية واستمرارها مرفوض.. أمة تستقبل القرآن لابد أن تكون أميتها قد زالت بهذا القرآن نفسه.. فإذا كان القرآن يدل على مصادر معرفة في أساس المنطق الحديث، وأساس حضارة أوربا، فكيف تكون الأمة أمية؟ هذا أمر مستبعد.
القرآن لم ينزل على العرب وحدهم، ولم ينزل لفترة معينة، وإنما هو خالد عبر الزمن.. فكيف يمكن أن ينتفع أصحاب الكسب العلمي والمعارف العلمية في المستقبل إذا اعتبر خطاباً أمياً للأميين؟
والأمر العجيب: أن الشاطبي، على الرغم من قدراته العقلية في تحديد مقاصد الشريعة، قال بهذا!
محمد الذهبي:
الدكتور محمد حسين الذهبي هو الآخر من رواد التيار المناوئ لنزعة ما يسمى "التفسير العلمي " للآيات الكونية الواردة بالقرآن الكريم .
ولكنه يعرف هذا التفسير بأنه العمل الذي يحكم الاصطلاحات العلمية في عبارات القرآن، ويجتهد في استخراج مختلف العلوم والآراء الفلسفية منها.
وهناك عدد من الجوانب التي ورد بها الذهبي دعوة القائلين بالتفسير العلمي، ساقها الدكتور سعاد يلدرم[10]في بحث له بالمؤتمر العالمي الأول للإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة المشرفة المنعقد بإسلام أباد (باكستان) سنة 1408هـ (1987م) .. وهي آراء بثها الذهبي في كتابه (التفسير والمفسرون)، وموجز هذه النقول:
1. الناحية اللغوية:
تغيرت ألفاظ قرآنية وتوسعت دلالاتها على مر الزمان. وتعددت معاني اللفظ الواحد، فبعضها عرفته العرب وقت نزول القرآن، وبعضها لا علم للعرب به وقت نزول القرآن، ... فهل يعقل أن نتوسع في فهم ألفاظ القرآن توسعها يجعلها تدل على معان جدت باصطلاح حادث ؟
2. الناحية البلاغية:
وموجز القول فيها أن الذهبي توصل إلى ضرر البلاغة القرآنية من جهة التغير العلمي للقرآن. وحجته هي الذين خاطبهم الله بهذا القرآن وقت نزوله إذ كانوا يجهلون هذه المعاني، رغم أن الله يريدها من خطابه إياهم، لزم أن يكون القرآن غير بليغ، لأنه لم يراع حال المخاطب؟ وإن كانت العرب تعرف هذه المعاني وقت نزول القرآن بين ظهرانيهم، فلم لم تظهر نهضة العرب العلمية منذ نزل القرآن؟ .
3. الناحية الإعتقادية:
وتتلخص في أن قواعد العلم ونظرياته لا قرار لها ولا بقاء، فإذا ذهبنا إلى تقصيد القرآن ما لم يقصد إليه من نظريات ثم ظهر بطلانها، فلسوف يتزعزع اعتقاد المسلمين في القرآن.
هذا، وإن كان الدكتور الذهبي قد شدد على المسرفين في التفسير العلمي للقرآن، إلا أنه بدا غير معترض على الفكرة في حد ذاتها، لأنه قال في أواخر ما كتب : وحسبهم أن لا يكون في القرآن نص صريح، يصادم حقيقة علمية ثابتة. وحسب القرآن أنه يمكن التوفيق بينه وبين ما جد ويجد من نظريات وقوانين علمية، تقوم على أساس من الحق وتستند إلى أصل من الصحة.
محمد رشيد رضا:
على الرغم من أن بعض الباحثين اعتبر الشيخ محمد رشيد رضا ممن أجازوا لغة " التفسير العلمي للقرآن " [11]إلا أننا طالعنا ما أوضح لنا أنه من المانعين لهذا الاتجاه [12]، باعتباره صارفاً عن القرآن وهديه وتشريعه، وينبغي على الذين سلكوا هذا المسلك الذي يخرج بالتفسير عن وظيفته، ويعمد إلى تأويل القرآن على غير تأويله، كالرازي في تفسيره، ومن تأثر بخطاه. أن يعيدوا النظر في ذلك. وقد عرض محمد رشيد رضا آراءه هذه في مقدمة تفسير المنار.
محمد المراغي :
الشيخ محمد مصطفى المراغي (شيخ الأزهر السابق المتوفى سنة 1364هـ يقول : يجب ألا نجر الآية إلى العلوم كي نفسرها، ولا العلوم إلى الآية، ولكن إن اتفق ظاهر الآية مع حقيقة علمية ثابتة فسرناها بها. وحينما ألف الدكتور عبد العزيز إسماعيل كتاب (الإسلام والطب الحديث) عرضه على الشيخ المراغي فأثنى الشيخ في مقدمته على المؤلف وحمد له جهوده، ولكنه لم يوافقه على مسكله في تحميل الآيات القرآنية ما لا تتحمله، فقال: لست أريد من هذا ـ يعني ثناءه على الكتاب ومؤلفه ـ أن أقول إن الكتاب الكريم (أي : القرآن) أشتمل جميع العلوم جملة وتفصيلاً بالأسلوب التعليمي المعروف، وإنما أريد أن أقول إنه أتى بأصول عامة لكل ما يهم الإنسان معرفته به، ليبلغ درجة الكمال جسداً وروحاً، وترك الباب مفتوحاً لأهل الذكر من المشتغلين بالعلوم المختلفة ليبينوا للناس جزئياتهان بقدر ما أوتي منها في الزمان الذي هم عائشون فيه[13].
هذا، وكان الشيخ محمود شلتوت (شيخ الأزهر الأسبق) والشيخ محمد المدني، والدكتور محمد عبد الله دراز من علماء هذا التيار أيضاً.
عاطف العراقي:
الدكتور عاطف العراقي أستاذ الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة، كنا من قبل نراه يكتب صنو اسمه (أستاذ الفلسفة الإسلامية)، لكنه الآن يكتفي بذكر الكلمتين (أستاذ الفلسفة) !!! وهو من أشهر الذين تأثروا بفكر الأب جورج قنواتي في مصر، وهو الذي احتضن الدكتور العراقي وساعده كثيراً. تحدث الدكتور العراقي في ندون (الدين والعلم والفلسفة) التي نظمها نادي العلوم جامعة القاهرة، ونقلتها جريدة عقيدتي [14]المصري، فجاء إلى الدراسات العلمية للآيات الكونية الواردة بالقرآن، وقال ما نصه: استخلاص النظريات العلمية من الآيات القرآنية خطأ كبير يسيء للدين ويضيره أكثر مما يفيده، فقد لاحظنا في السنوات الأخيرة من دأب على الربط بين النظريات العلمية التي قد تتغير بمرور الزمن وقد يثبت خطؤها في حين أن القرآن ثابت.... وقد وجدنا من قال إن معظم النظريات العلمية الحديثة من الجاذبية والإلكترونات وغيرها قد وردت في القرآن منذ أربعة عشر قرناً.. وأشار الشيخ محمد عبده والكواكبي والشيخ بخيت وغيرهم إلى ذلك وساقوا أدلة خاطئة لإمكان استخلاص نظريات علمية من القرآن .. الأمر الذي جعل الدكتور طه حسين يهاجمهم في كتابه (من بعيد) بتفنيد حججهم والتهكم عليها بقوله : " يبدوا لي أنهم يسرفون في أكل الفول والعدس الذي ينصرف إلى أدمغتهم فيؤدي إلى تصرفات فاسدة في ظل التغير العلمي يوما بعد يوم، وخاصة إذا جاء أناس وقالوا بتأييد القرآن لنظرية علمية ثم جاء عالم آخر غداً وأثبت خطأها، فماذا يكون موقف العلماء الذي فسروا العلم بالقرآن. أما التهكم الذي صدر عن الدكتور طه حسين فما كان يليق بمثله أن يأتي به، ولكنه وقد وصل إلى هذا المستوى، وذلك من خلال العديد من المقالات التحليلية النقدية للأستاذ أنور الجندي في بابه الثابت بمجلة منار الإسلام الظبيانية (مؤلفات في الميزان)، وقد جمعت المجلة هذه المقالات في كتاب أصدرته بنفس عنوان الباب " مؤلفات في الميزان " .
عبد الكريم الخطيب :
وممن يهزأ بنزعة " التفسير العلمي " للقرآن الكريم عبد الكريم الخطيب الذي قال في تحقيق صحافي[15]: إنه نوع من التهريج والإدعاء (!!!)، يقوم به أصحابه فيلصقون بالقرآن أشياء أشد ما تكون بعدا عنه. ويضرب مثالاً بالآية القرآنية : (والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون ) [سورة الذاريات]، فيقول : إن أصحاب هذا التفسير يتحدثون عن التمدد والتزايد في الألوان، فمن أين جاءوا بهذا؟ ويأتي بمثال آخر هو الآية (أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها ) [سورة الرعد] وقد قال هؤلاء عن ذلك بتآكل الشواطئ البحرية.
ويؤكد الخطيب أن العلم متغير لا يثبت على حال، حيث تنقض النظريات القائمة بنظريات حديثة.
هذا، ولا يفوتنا أن نذكر رائدين من رواد المنكرين، وهما الشيخ أمين الخولي، وبنت الشاطيء (الدكتور عائشة عبد الرحمن).
ونستطيع أن نلخص آراء المعارضين لاتجاه " التفسير العلمي للقرآن الكريم في النقاط الآتية:
1. إن القرآن نزل ليفهمه العرب في الصدر الأول من الإسلام، وأن علينا معاشر المسلمين أن نحذوا حذوهم فيما فهموه من آياته البينات بحسب مدلولات ألفاظه المفهومة، لأنهم عرب أدرى بلغتهم، وأقدر على فهم معاني كلماتها منا.
لما كانت البلاغة هي المطابقة لمقتضى الحال، فإن التفسير العلمي للقرآن يضر ببلاغة القرآن، لأن من خوطبوا بالقرآن في وقت نزوله، إن كانوا يجهلون هذه المعاني، وكان الله يريدها من خطابه إياهم، لزم على ذلك أن يكون القرآن غير بليغ، لأنه لم يراع حال المخاطب !! وإن كانوا يعرفن هذه المعاني فلم لم تظهر نهضة العرب العلمية من ليلة نزول القرآن الذي حوى علوم الأولين والآخرين؟ [16]
2. إن القرآن الكريم لا شأن له بالعلوم الطبيعية، فهو لم ينزل ليحدث الناس عن نظريات العلوم، ودقائق الفنون، وأنواع المعازف، وإنما هو كتاب أنزل للناس للإرشاد والهداية وبيان التكاليف وأحكام الآخرة.
إن هناك دليلاً واضحاً من القرآن على أن القرآن ليس كتاباً يريد الله به شرح حقائق الكون، وهذا الدليل هو ما روى عن معاد أنه قال : يا رسول الله : إن اليهود تسألنا ويكثرون مسألتنا عن الأهلة، فما بال الهلال يبدو دقيقاً ثم يزيد حتى يستوي ويستدير ثم ينقص حتى يعود كما كان؟ .
فأنزل الله هذه الآية : (يسألونك عن الأهلة، قل: هي مواقيت للناس والحج)[سورة البقرة][17].
3. إن " التفسير العلمي " للقرآن يعرض القرآن للدوران مع مسائل العلوم في كل زمان ومكان. والكشوف العلمية والبحوث الكونية ما هي إلا فروض ونظريات، يعتقد رجال العلوم فترة من الزمان في صحتها ثم لا يلبثون بأنفسهم أن يبطلوها. ومن ثم فلا يجوز للمسلم الغيور على قدسية القرآن أن يقحم آياته في أشياء ومعارف تتغير وتتبدل، حتى إننا نرى ما كان حقيقياً بالأمس يصبح خطأ اليوم، وما هو حقيقي اليوم قد يصبح خطأ غداً .. فكيف نستخدم علوما هذا شأنها في تفسير آيات خالدة باقية لا يتطرق إليها أدى تغيير أو تبديل.؟
إننا إذا ذهبنا إلى تقصد القرآن ما لم يقصد من نظريات، ثم ظهر بطلان هذه النظريات، فسوف يتزلزل اعتقاد المسلمين في القرآن الكريم، لأنه لا يجوز للقرآن أن يكذب اليوم ما صححه بالأمس[18].
هكذا يتضح لنا أن المانعين أو المنكرين لظاهرة " التفسير " العلمي لآيات القرآن ذات الإشارات الكونية، يكتفون بالوقوف عند المعاني الظاهرية فقط لهذه الإشارات دون الدخول فيما تتضمنه هذه الإشارات أو تدل عليه من سبق علمي أو بيان لحقيقة علمية لم يتوصل العلم إليها إلا حديثاً، بل يرون هذا العمل صارفاً عن الغاية الرئيسية للقرآن، وهي : هداية الإنسان وإصلاح حاله!
ولنتفرغ الآن لدحض حجج المانعين للتفسير العلمي في القرآن، المعارضين لبيان أوجه الإعجاز العلمي فيه، كما يلي:



يتبـــــــــــــــــــــــــــــع



القلب الحزين 12-01-2014 08:11 PM

رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو
 
يتبــــــــــــع الموضوع السابق

المعارضون للإعجاز العلمي في القرآن والسنة



دحض الحجة الأولى:
في دحض هذه الحجة يجب أولاً أن نوضح أموراً:
الأمر الأول: إن القرآن الكريم نزل للبشرية حتى يوم القيامة على اختلاف ثقافات عصورهم وتنوع علوم أهلها، وهو إذ يخاطب العقول على اختلاف المواهب والثقافة والتدبر والتدبر والتفكر، وكل عقل يأخذ منه ما يطيقه وما ينتفع به، فإذا عجزت بعض العقول عن إدراك بعض المعاني لآيات القرآن وجب علينا أن نستعين بكبار العلماء الباحثين، فإن الله تعالى يقول : ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) [سورة النحل]، وكم استنبط العلماء والفقهاء والباحثون من آيات القرآن الكريم معاني وأحكاماً لم يعرفها السابقون، ذلك أن القرآن كما عبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم : (حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق على كثرة الرد ـ أي التلاوة ـ ولا تنقضي عجائبه).
فالدارس للقرآن الكريم يأخذ منه بمقدار موهبته الفكرية وإيمانه القوي، وثقافته العلمية، ومعارفه العديدة، وتفكيرها العميق، وكلما نما العقل البشري، واتسعت مداركه، وتنوعت ثقافته، وتعددت تجاربه، وغزرت معارفه، أدرك من القرآن الكريم ما لم يدركه سواه.
الأمر الثاني : إن القرآن الكريم من أوجه إعجازه إعطاؤه معاني متعددة للعبارة الواحدة الواردة فيه:
1. وأكثر من هذا أننا نجد أحياناً عبارة واحدة تعطينا معنى خاصاً، وفي الوقت نفسه تعطينا ما يبدو مضاداً لهذا المعنى. ومثال ذلك قول الله تعالى : ( وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حباً فمنه يأكلون * وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون * ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم أفلا يشكرون) [سورة يس ].
فالمعنى الأول المفهوم من الآية الكريمة أن الله خلق لنا الثمر لنأكل منه وهو الذي صنعته ولم يصنعه بشر، أي أن " ما " في " وما عملته أيديهم " نافية لفعل البشر في الصنع والخلق، لكن للآية معنى آخر غير المعنى الأول و هو : أن الله خلق الثمرات لنأكل منها طازجة، ولنأكل مما صنعته أيدينا من هذه الثمرات، الطهي أو العصير أو التمليح أو التجفيف أو التقديد، أي أن " ما " التي أشرنا إليها سابقاً هنا موصولة وليست للنفي.
وأصبح للآية معنيان، وربما لها أكثر، وكل منهما صحيح، وعطاء الله لا ينفذ.
2. وهناك آيات عديدة تعطينا معاني عديدة، يظهر بعضها في زمن، ويظهر بعض ما فيها في أزمان متوالي، تبعاً لازدياد فنون الثقافة والكشوف العلمية المتوالية، وأن على العلماء المسلمين المعاصرين إيضاح هذه المعاني حسب ما لديهم من علوم ومعارف حديثة تخدم مفاهيم هذه الآيات.
الأمر الثالث: حينما تستخدم العلوم الكونية والمعارف الطبيعية في تجلية آيات قرآنية وبيان أوجه العظمة ونقاط الإعجاز فيها، إنما نفعل كما يفعل اللغويون وأصحاب البيان، فاستخدام علوم اللغة العربية في بيان أوجه الإعجاز القرآني لم يكن موجوداً في عصر النبوة، وقد ظهرت في عصور متأخرة، والعلماء قاطبة يجمعون على استخدامها في بيان أوجه الإعجاز في القرآن، فلماذا نجيز لهؤلاء استخدام علومهم ونحرم على علماء الكونيات والطبيعيات أن يسخروا علومهم في تجلية جوانب الإعجاز العلمي للآيات الكونية في القرآن ؟ !!
وفيما يلي أمثلة قليلة لنوضح بها أن العلوم الكونية والمعارف الطبيعية لا تقل أهمية عن علوم اللغة العربية ( التي لم يعترض أحد على استخدامها لبيان أوجه الإعجاز القرآني) في بيان وتجلية جوانب من إعجاز الآيات الكونية:
المثال الأول :
يقول الحق ـ تبارك وتعالى ـ (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ) [سورة الغاشية ] فهل الأمر الإلهي بالنظر إلى الإبل لمجرد مناسبتها لخطاب البدو والأعراب؟ فإذا كان هذا صحيحاً فكذلك لا تزال الدراسات الحديثة تكشف عن معجزات أحيائية رائعة في ذلك المخلوق الرائع، الذي نستطيع أن نثبت أنه خص بالذكر من بين ما لا يحصى من مخلوقات الله، نموذجاً يتدبر في دراسته المتدبرون، هذا إضافة إلى أن النظر هنا ليس معناه نظر حدقة العين، وإنما النظر بمعنى التدبر والتبصر والدراسة والبحث.
المثال الثاني :
يقول الحق تبارك وتعالى : (حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير .. ) [سورة المائدة]، فليس من الصحيح المقنع أن علة التحريم في لحم الخنزير هي ما تناقلته بعض التفاسير من أشياء يسهل الرد عليها ودحضها، ومنا الرائحة الكريهة، أو أن الخنزير يتغذى على الأقذار أو ما شابه هذه الأقوال الضعيفة، ولكن علينا ـ بعد إيماننا بتحريمه والامتثال للأمر الإلهي بالطاعة ـ أي نفهم ما أثبته العلماء المعاصرون من حقائق تقرر أن تحريمه لعلة مستقرة فيه، وليس لعلة عارضة عليه يحل لحمه بزوالها[19].
المثال الثالث:
يقول الحق ـ تبارك وتعالى ـ : ( فلا أقسم بالشفق * والليل وما وسق * والقمر إذا اتسق * لتركبن طبقاً على طبق * فما لهم لا يؤمنون * وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون * بل الذين كفروا يكذبون )[سورة الانشقاق ]. فسر بعض المفسرين قوله تعالى : ( لتركبن طبقاً عن طبق) بالصعود الروحي من سماء إلى سماء، وفسرها آخرون بصعود رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماوات : سماء تلو سماء، وفسرها آخرون بصعود رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماوات : سماء تلو سماء في رحلة المعراج العظيمة التي طوى فيها هي ورحلة الإسراء الزمان والمكان.هذا وإن كانت بعض التفاسير قد قنع بها المسلمون في عصورهم السابقة، فإن بعض التفاسير يشوبها الغموض فيما عرضته من شرح لهذه الآية، لذلك جاء نفر من العاملين في حقل الإعجاز العلمي للقرآن ليزيل هذا الغموض في الفهم [20]، إنه يرى الآيات السابقة على هذه الآية (19) تمهد لها، فالله يقسم ببعض ظواهر الكون الطبيعية التي خلقها بقدرته وأحكم فيها صنعته، الشفق : الوهج الأحمر الذي يتشتت من ضوء الشمس عقب غروبها أو قبل شروقها، الليل : ظلام الفضاء الكوني وما يحتويه من أسرار، القمر إذا اتسق: اكتمل وأصبح بدراً .. جواب القسم هو " لتركبن طبقاً عن طبق " أي لتسافرن من مرحلة إلى مرحلة في عصر قادم، ولتصعدن من طبقة إلى طبقة في الجو ( تروبوسفير ـ الأزموسفير ـ الإيونوسفير ـ الإكسوسفير ) وذلك رحلة اختراق طبقات الجو إلى الأجرام السماوية المجاورة فكان رائد الفضاء يخترق طبقة تلو الأخرى، وهو إخبار بمستقبل سيحدث في حياة الناس، وهو السفر عبر الفضاء واجتياز الأجواء.
المثال الرابع:
يقول الحق ـ تبارك وتعالى : ( وأرسلنا الرياح لواقح ) [سورة الحجر].
يمكن فهم عدة مفاهيم لهذه الآية الكريمة، منها: أن الله يرسل الرياح حاملة المطر الذي ينزل في الأرض فيحيي مواتها، فينبت النبات والثمرات، حيث يشرح المفسرون معنى الريح اللاقح بأنها كل ريح تأتي بخير، وعكسها الريح العقيم. ومن مفاهيم هذه الآية أيضاً أن الرياح تحمل حبوب اللقاح (غبار الطلع ) Pollen Grainsمن أعضاء الذكورة في النباتات إلى أعضاء الأنوثة في أفراد أخرى من هذه النباتات، فيتم الأخصاب، فتثمر النباتات الثمار التي نأكلها ونحيا بها. ومن مفاهيم الآية أيضاً أن الرياح تحمل الحشرات تلك التي تحمل حبوب اللقاح لتقوم بنفس العملية التي ذكرناها لنفس الغرض المذكور.
ومن مفاهيم الآية أيضا أن الرياح تلقح التربة أي تمدها بالعناصر اللازمة لخصوبتها، ومنها الأزوت الذي يوجد طبيعياً في الهواء مثلاً.
ومن المفاهيم الجديدة لهذه الآية : ( وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين )[سورة الحجر] ما أفاء الله به على أستاذنا الدكتور محمد جمال الدين الفندي [21]حيث يقول : تثير الرياح السحاب، أي تكونه وتدفعه حيث تدأب على إمداده وتغذيته ببخار الماء الذي تحمله وتجلبه معها من البحار والمحيطات. وكذلك تغذية بجسيمات صغيرة تسمى (نوى التكاثف) ووظيفة هذه (النوى) هي تجميع جزيئات الماء في مناطق إثارة السحب لتكون قطرات صغيرة من الماء أو من بللورات الثلج، والفرق بين السحابة التي تمطر والسحابة التي لا تمطر هو : أن الأولى لها مدد مستمر من بخار الماء، ونوى التكاثف بواسطة الرياح أو الهواء الصاعد، أما الثانية فليس لها أي مدد. وينجم عن استمرار الرياح في (تلقيح ) السحاب الي تثيره ببخار الماء ونوى التكاثف نزول المطر. ومن هنا تكون " الفاء " في قوله تعالى " فأنزلنا " هي فاء السببية ، أي : نجم عن هذا التلقيح نزول المطر. أما قوله سبحانه ( وما أنتم له بخازنين) ففيه إشارة أخرى إلى معجزة أخاذة هي الدورة المائية بين السماء والأرض، حيث إن ماء المطر يعود مرة أخرى إلى المحيطات والبحار عن طريق الأنهار أو المياه الجوفية، وتعود الشمس فتبخر بعض ماء المحيط والبحر لتعود الدورة من جديد وهلم جرا.
المثال الخامس:
يقول الحق ـ تبارك وتعالى ـ (إن كل نفس لما عليها حافظ ) [سورة الطارق]، فما هي مفاهيم الحفظ الذي يقيمه الله على كل نفس حماية لها ؟ .
إن من مفاهيمه أن الله يحفظنا من الأخطار المحدقة بنا لأنه سبحانه (خير حافظاً وهو أرحم الراحمين ) [سورة يوسف]، فهو يحفظنا دون أن ندري من أخطار لا ندركها. ومن معاني هذا الحفظ أن الله سخر بعض ملائكته لتسجيل علينا أقوالنا وأفعالنا، ليجازينا عنها بما نستحقه من جزاء كما قال سبحانه : ( وإن عليكم لحافظين * كراماً كاتبين * يعلمون ما تفعلون ) [سورة الانفطار].
ومن معاني هذا الحفظ أن على كل منا رقيبا يحفظه من أن يدمر الآخرين، أو يعيث في الأرض فساداً إلا حين يشاء الله أن يجعل بعض الناس فتنة للبعض الآخر.
ومن المعاني الحديثة لهذه الآية وهذا الحفظ، أن يقرر العلماء حقيقة وجود كرات الدم البيضاء (White Blood Corpuscles) داخل جسم الإنسان والتي مهمتها الدفاع عن الجسم إذا تسللت إليه الجراثيم الممرضة (Pathogens) وقد اتسعت البحوث على هذه الكرات وعلى وظائفها ودورها في هذا الحفظ، فيمكن الرجوع إلى مثل هذه البحوث إذا أردنا التفصيل العلمي.
ومن المعاني الحديثة لهذه الآية وهذا الحفظ، ما كشفه الأطباء من وجود خطوط دفاعية داخل الجسم تكافح الجراثيم الغازية له، منها مثلا: الشعيرات والمخاط في الأنف ـ إذا تسللت الجراثيم عن طريق الأنف ـ ودمع العين ـ إذا تسللت الجراثيم عن طريق العين ـ ودفاع اللوزتين ـ إذا تسللت عن طريق الفم ـ وغير ذلك كثير مفصل في كتب الطب الحديث[22].
ومن المعاني الحديثة أيضاً لهذه الآية وهذا الحفظ ما توصل إليه علماء الأحياء، وهو : أن الله سبحانه زود كل كائن حي بما يحفظه ويحميه في ميادين الصراع القائمة بين الأحياء، فزود الإنسان بعقل يحميه من عوامل الفتك والأفتراس، وبه يستطيع تسخير كل ما هو كائن في الكون، كما أنه سبحانه زود السلاحف بالدروع، وزود الثعابين بالسم، والغزلان بالخفة والسرعة، والنباتات الضعيفة بالأشواك.. وهكذا كل كائن خلقه الله سبحانه زوده بما يحميه.
المثال السادس:
يقول الحق ـ تبارك وتعالى : (هو الذي يريكم آياته وينزل لكم من السماء رزقاً، وما يتذكر إلا من ينيب ) [سورة غافر]، فالمعنى العام للآية هو أن الله سبحانه يرينا آياته حينا وجيلاً بعد جيل، وينزل لنا من السماء رزقاً، ولا يعرف آيات الله العديدة ونعمه الجزيلة، ولا يتذكرها إلا من آمن بالله ورجع إليه بالإنابة والمتاب. لكن ما المقصود بالرزق المنزل من السماء ؟؟؟
يقول المفسرون القدامى : إن الرزق المنزل من السماء هو ماء المطر، وهذا فعلاً رزق عظيم يحفظ علينا حياتنا من نبات وحيوان وإنسان، ولكن يمكن إضافة معان حديثة على مفهوم الرزق هنا.
ومن المعاني الحديثة لهذا الرزق تلك الأشعة الحرارية التي تصلنا باعتدال من الشمس، فلو انقطعت عنا لماتت جميع الأحياء من شدة البرودة، ولتجمدت مياه المحيطات والبحار والأنهار، ومن ناحية أخرى، فإنه لو زاد مقدارها عن الذي تنزل به لتبخرت مياه جميع الأحياء من ذلك ومن شدة الحرارة.
ومن هذه المعاني الحديثة تلك الأشعة الضوئية التي يتوقف عليها النبات في إمكانية بنائه الضوئي(Photosynthesis) لغذائه الداخلي، وعلى النبات يحيا الإنسان والحيوان، وعلى الحيوان أيضاً يحيا الإنسان.
ومن هذه المعاني الحديثة رماد الشهب الذي يتساقط على الأرض، وتبلغ أعداد هذه الشهب عشرات الملايين في كل يوم، فتحترق حين ملامستها للغلاف الجوي، ويسقط رمادها على الأرض، فيزيد التربة خصباً وصلاحية للإنتاج والإثمار.
ومن المعاني التي اهتدى إليها العلم الحديث لذلك الرزق هو غازات مثل ثاني أكسيد الكربون (Carbon dioxid) والأوكسجين (Oxygen) والأزوت (Nitrogen) وكلها ضروري وحتمي لحياة الكائنات الحية، نباتية كانت أو حيوانية.
ثم إن من المعاني المقصودة أيضاً للرزق هو ذلك الرزق الروحي المعنوي، ويتمثل في الكتب والرسالات السماوية التي نزلت على الرسل الكرام لهداية الناس وانتشالهم من جهالات وظلمات وضلالات الدنيا، فأحييت قلوبهم ونفوسهم.
المثال السابع:
يقول الحق تبارك وتعالى : (والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون ) [سورة الذاريات]، هذه الآية فسرها الأقدمون تفسيراً صحيحاً سليماً منطقياً، ومجمل قولهم: أن هذا الكون رغم اتساعه ورغم ما ضم وحوى من أجرام، فإن لدى الخالق العلي القدير المزيد والمزيد.
ويقول الدكتور الفندي في معان حديثة تضاف إلى ما فهمه الأقدمون بل تزيد من مفاهيم الآية: إن الناس في بادئ الأمر كانوا يظنون بمركزية الأرض للكون، وأن السماء تنتهي عند القبة الزرقاء، وأن النجوم معلقة غير بعيدة في تلك القبة، ثم عرف الناس فيما بعد: المجموعة الشمسية التي لا يزيد قطرها عن خمس ساعات ضوئية (الساعة الضوئية هي المسافة التي يقطعها الضوء في ساعة كاملة بسرعته البالغة 300.000 كم/ثانية)، ثم امتدت أبعاد السماء إلى مجرتنا التي سماها المسلمون (الطريق اللبني)، أو (طريق اللبانة) وقطر هذه المجرة ـ أو الجزيرة الكونية ـ هو 100.000سنة ضوئية ثم باستخدام المناظير الفلكية اكتشف الإنسان المجرات الأخرى وعرف أقرب المجرات إلى مجرتنا، وهي مجرة المرأة المسلسلة، وتبعد عنا بنحو 700.000 سنة ضوئية، أما القبة الزرقاء فهي مجرد ظاهرة ضوئية تحدث في جو الأرض.
ثم اتسعت السماء أمامنا حتى وصلت ـ في ظل الفلك الراديوي ـ إلى حدود 20.000مليون سنة ضوئية !!! ثم لقد كشفت لنا المناظير الراديوية تعبيراً رائعاً في قول الله تعالى (فلا أقسم بمواقع النجوم * وإنه لقسم لو تعلمون عظيم ) [سورة الواقعة].
المثال الثامن:
يقول الله تعالى : ( وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج، ومن كل تأكلون لحماً طرياً وتسخرجون حلية تلبسونها، وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون) [سورة فاطر].
من البدهي أن بعض الحلى تستخرج من البحر المالح، وقد يستبعد بعض الناس أن تكون المياه العذبة مصدراً للحلى أيضاً، ولكن العلم والبحوث أثبتا غير ذلك . فاللؤلؤ كما أنه يستخرج من أنواع معينة من البحار يستخرج أيضاً من أنواع معينة أخرى من صدفيات الأنهار، فتوجد اللآليء في المياه العذبة في إنجلترا وأسكتلندا وما كان يسمى تشيكوسلوفاكيا وفي اليابان...
ويدخل في ذلك ما تحمله المياه العذبة من المعادن العالية الصلادة كالماس الذي يستخرج من رواسب الأنهار الجافة المعروفة بالبرقة. ويوجد الياقوت كذلك في الرواسب النهرية الموجودة بالقرب من باندالاس في بورما العليا وفي سيان وسيلان.
ومن الإعجاز شبه الكريمة التي تستعمل في الزينة: حجر التوباز، وهو موجود في الرواسب النهرية في مواقع كثيرة ومنتشر في البرازيل وروسيا وكذلك الزيدكون، فهو حجر كريم جذاب تقترب خواصه من خواص الماس، ومعظم أنواعه تستخرج من الرواسب النهرية.
أتضح إذاً بالكشوف العلمية أن الحلية أصناف وأنواع وأشكال، وأنها من الهاءين : الملح والعذب، وليس من الملح وحده كما كان يظن الناس، بل اكتشفوا حديثاً ما أشار إليه القرآن قديماً.
المثال التاسع :
يقول الله تعالى : ( تخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي، وترزق من تشاء بغير حساب) [سورة آل عمران].
أما ما فسرت به الآية فهو موجود في كتب التفسير المعروفة، لكننا نرى أن هذه الآية تشير إلى دورة الحياة والموت، وهذه الدورة معجزة من معجزات الخالق التي يزخر بها الكون، وتتلخص هذه الدورة في تحول الماء وثاني أكسيد الكربون والنيتروجين والأملاح غير العضوية الممتصة من التربة ـ في النباتات الخضراء وأنواع معينة من البكتريا ـ وفي وجود الطاقة الشمسية، إلى مواد عضوية هي:مادة الحياة في الأحياء، والاتجاه المعاكس لهذه الدورة، أي الشق المضاد، هو تحول المادة الحية إلى مادة غير حية، أي تحول أجزاء من المادة الحية إلى طاقة ومواد أخرى غير مرغوب فيها هي النفايات، وقد يتحول الجسم كله إلى ذلك، وهذا إذا انسل منه سر الحياة ومات، فكل هذه المواد العضوية تتحول كيميائياً إلى مواد غير عضوية بسيطة، جاهزة للدخول في تركيب مواد عضوية والتحول إلى مواد حية جديدة... وهكذا تتكرر الدورة من مادة حية إلى مواد غير حية، ومن الأخيرة على الأولى، أي الحي يخرج من ميت، والميت ينتج من حي، وسبحان رب المعجزات ومقدرها، سبحان الله الخالق القادر المبدع.
المثال العاشر:
يقول الله تعالى ( وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة، قل بلى وربي لتأتينكم، عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين )[سورة سبأ].
إن الإنسان منذ آلاف السنين وهو دائم التفكير في طبيعة المادة، وقد افترض الفيلسوفان الإغريقيان ديمقراط وليوسيبوس منذ 300 ـ 400 سنة قبل الميلاد، أ،ه إذا شطر الشيء شطرين، ثم شطر كل منها شطرين آخرين، وهكذا مرات، فإننا سنحصل في النهاية على الوحدة البنائية للمادة، وأطلقا على هذه الوحدة اسم " الذرة Atom" أي : الجوهر الذي لا ينقسم، أو الجزء الذي لا يتجزأ .. ثم تطور الفكر البشري في هذا الموضوع تطوراً كبيراً، عبر العصور المتوالية، وجاء لوشميدث Loschmidt(1865م) ، ثم هيتروف Hitrof (1914م) ستونيStony ولسون Wilsonلينارد Leonard، رذرفورد Rutherfordبوهر Bohrهايزنبرج Heisenbergنيوتن Newtonأينشتين Einstein، فأصبحنا نعلم الآن أن الذرة لها مثقال، وأنها قابلة للانفلاق وأن بها محتويات (أصغر منها).
وإن جولة سريعة في كتب التفسير المعروفة لتوضح لنا تأويلات المفسرين لكلمة " ذرة " فمنهم من قال بأنها النمل الصغير، ومنهم من قال بأنها الهباءة( ويقصد بها دقائق الغبار في الجو، وتظهر بوضوح عندما يسقط شعاع شمس عليها خصوصاً في حيز مظلم)...
هذا وإن كان الناس قديماً يقنعون بهذه التفسيرات، فإننا لدينا من المعطيات العلمية ما يوضح أشياء أو على الأقل شيئاً لم يكن معلوماً مطلقاً وهو ما أشارت إليه الآية القرآنية بكلمات (ولا أصغر من ذلك)، فالأصغر من الشيء هو محتويات الشيء، والأصغر من الذرة هو محتويات الذرة إلكترون، بروتون، نيوترون، كوارك... حقاً إنه كلام العليم القدير( وما يعذب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين ) [سورة يونس].وفي هذه الآية نقرأ: " من " وهي لفظة تدل هي الأخرى على محتويات الذرة وإمكانية انشقاقها وتجزئتها، لأن " من " للتبعيض.. بل إنك لو عدت إلى النص القرآني الأول لقرأت : عالم الغيب ، وذلك قبل أن تأتي كلمة : " ذرة " مما يدل على أن الذرة لا تزال في عالم الغيب، فالإنسان يتعرف عليها بآثارها، لكن لم يرها رأي العين، أو هي : غيب لجل الناس حتى وإن عاينها نفر من الباحثين المتخصصين.
وفي ختام دحض هذه الحجة من حجج المانعين أو المنكرين لتيار الدراسات والبحوث العلمية للآيات الكونية، يقول الأستاذ عمر عبيد حسنة[23]:
وقد يكون من أخطر الإصابات التي لحقت بالعقل المسلم فحالت بينه وبين التدبر وكسر الأقفال، ووضع الأغلال والآصار، والتحقق بالفكر القرآني والرؤية القرآنية الشاملة، والاغتراف منها لعلاج الحاضر، والامتداد صوب المستقبل، واعتماد مصدراً للمعرفة والبعث الحضاري ـ التوهم بأن الأبنية الفكرية السابقة التي استمدت من القرآن في العصور الأولى، هي نهاية المطاف، وأن إدراك أبعاد النص مرتهن بها، في كل زمان ومكان، وما رافق ذلك من النهي عن القول في القرآن بالرأي، وجعل الرأي دائماً قرين الهوى، وسوء النية وفساد القصد، وفي هذا ما فيه من محاصرة للنص القرآني، وقصر فهمه على عصر معين، وعقل محكوم برؤية ذلك العصر، وحجر على العقل، وتخويف من التفكير، الأمر الذي يحول بين الإنسان والتدبر المطلوب إليه بنص القرآن.
لقد أورثنا مناخ التقليد الجماعي الذي عطل فينا ملكة الاجتهاد، والإبداع، والإنجاز لقرون طويلة نوعاً من العجز المزمن، جعلنا دون سوية التعامل مع القرآن، وإدراك سننه في الأنفس والآفاق، والاقتصار على بضع مئات من الآيات نظر فيها الأقدمون على أنها الأحكام التشريعية .. ولا نزال ـ إلى اليوم ـ نبدي فيها ونعيد من خلال ميراث الفقهاء وليس من خلال ميراث موقعها من الرؤى القرآنية، حيث للآيات مقاصد عدة : تربوية، واجتماعية، ونفسية، وكونية، ومنبهات حضارية، ووسائل الكشف العلمي حيث لا يخرج الحكم التشريعي عن أن يكون واحداً منها.
وبعد، فهذه أمثلة قليلة سقناها لندلل على أن القرآن الكريم لا يفسره عالم واحد ولا جيل واحد، ولكن كلما اتسعت فنون الثقافة العلمية وكثرت الكشوف وتنوعت الاكتشافات العلمية ظهرت لنا معان عظيمة، وانجلت وتجلت أمامنا أوجه لإعجاز آيات الله البينات لم تظهر من قبل.



يتبـــــــــــــــــــــــــــــع


القلب الحزين 12-01-2014 08:13 PM

رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو
 
يتبــــــــــــع الموضوع السابق

المعارضون للإعجاز العلمي في القرآن والسنة



دحض الحجة الثانية:
إن المعارضين لهذا الاتجاه يتذرعون بأن القرآن كتاب هداية للبشر، ولا شأن له بالعلوم الطبيعية أو البحوث الكونية، وقولهم هذا على جانب من الحق، ولكنه ليس الحق كله، فهو كتاب هداية بالأحكام، وبالنظر والتأمل في بديع صنع الله ـ سبحانه وتعالى ـ ... كيف ذلك ؟
إن الله شاءت حكمته أن ينوع وسائل هدايته لخلقه، لأنه خبير بهم عليم بقدراتهم واستعداداتهم، فهو تارة يخاطبهم بما يمس قلوبهم مسا رقيقاً رفيقاً، وتارة أخرى يقرع عقولهم قرعاً قوياً شديداً، فكان من أبرز ما جلا به أبصارهم وأنار بصائرهم حضه إياهم على التدبر في آيات خلقه وصنعه، وإلا فما هي الحكمة الربانية من وراء سوق الآيات الكونية في القرآن الكريم.. آيات تذكر السماوات والأرض، والشمس والقمر ومنازله والمشارق والمغارب، والبروج والنجوم والكواكب، والليل والنهار، والفجر والغسق، والظلمات والنور، والبحار والأنهار والعيون، والرياح اللواقح والعقيم، والسحاب الثقال والمركوم والمنبسط، والبرق، والمطر، والجبال الراسيات، والجدد البيض والحمر والغرابيب السود، والأرض الهامدة والأرض المهتزة الرابية، والجنان والنخيل، والأعناب، والتين والزيتون، والطلع والسدر واليقطين، والنمل والنحل، وجناح بعوضة، وبيت العنكبوت، والطير الصافات، والإبل والخيل والأنعام، واللبن يخرج من بين الفرث والدم، والشراب الشافي يخرج من بطون النحل.
كل هذه الظواهر وتلك المخلوقات لهي جديرة جداً بأن يتدبر الإنسان أمورها، ويتأمل في إحكام صنعها، ويتفكر في عظمة خالقها ـ سبحانه وتعالى ـ حتى يصل إلى مرتبة الخشية، فإذا كان من أهل التخصص والبحوث زادت هذه الخشية وبلغت أوجها، وملأ حب الله الخالق الوهاب قلبه وأخذ عليه فؤاده.
أقرأ قول الحق ـ تبارك وتعالى : ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ) [سورة فاطر].
وهذه الفكرة البالية التي ظهرت في قرني النهضة العلمية الحديثة، وهي أن القرآن كتاب هداية لا علاقة له بالكونيات أو أصول العلم التجريبية، زاد من رسوخها أن المتعلمين يرون حديث القرآن عن الكونيات حديثاً مفرق الأجزاء بين السور والآيات المختلفة، على غير ما هو معروف ومألوف لديهم في تصنيف الكتب العلمية، فظنوا بذلك أنه لا علاقة ولا رابطة بين أجزاء هذا الحديث في الموضوع الواحد.
وقد غاب عنهم أن هذا التفريق إنما هو مقصود في القرآن لحكمة بالغة، وأن هذه الآيات أو الأجزاء المفرقة في الموضوع الواحد مثلها مثل الجزئيات والحقائق العلمية التي يقررها البحث العلمي متفرقة أولا ثم يكون منها بعد ذلك ذلك بالعلم والاستقرار والتطبيق الأصول والقواعد العامة.
ثم هناك سبب آخر أدى إلى ظهور هذه الفكرة البالية التي نناقشها، ذلك هو إهمال التثقيف الديني في دور التعليم، واقتصاره على الطرق التقليدية البالية التي ظهرت في عهود التخلف الذي اعترى الأمة الإسلامية في القرون الماضية غير الغابرة، ذلك السبب أدى إلى انصراف المثقفين عن كتاب ربهم، وأضحى كثير من الناس على اختلاف درجاتهم العلمية وتخصصاتهم البحثية لا يتصلون بالقرآن سوى بسماعه في المآتم والافتتاحيات والطرب للتفنن في قراءاته من قراء هذا الزمان الذي اثروا على حساب القرآن الكريم، يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً حتى مكنهم نم تشييد العمارات وشراء العقارات، إنهم لم يجدوا حتى الآن رادعاً يوقفهم عن هذا العبث بروح الكتاب المجيد، وحسبنا الله ونعم الوكيل[24].
لقد وقفنا على كلام غريب حاول به صاحب كتاب ( الإشارات العلمية في القرآن الكريم ) أني يبرر القول بأن القرآن ليس كتاب علم، وإنما هو كتاب هداية فقط، وإن كان يدعو إلى التزود بالعلم. يقول المؤلف : " لكي يتضح لنا الفرق بين القول بأن القرآن كتاب علم، وبأن القرآن يدعو إلى العلم، إذا نقلنا كلا من القضيتين إلى شخص غير مسلم، كالمواطن الياباني مثلاً، إذا قلنا له إن القرآن كتاب علمي حوي كل العلوم الدنيوية، فإنه سيسأل ببساطة عن الحقائق العلمية والمعلومات والنظريات، عن المجرات والكواكب وحجم الشمس.. الخ .
وهنا سنقف عاجزين عن الرد، لأن القرآن لم يرد به شيء من هذا ( على حد زعم مؤلف الكتاب المذكور)، ولم يكن ليرد لأنه ليس كلام بشر، ولكنه وحي إلهي من لدن الخالق الأعظم للوجود والأكوان.. ولكن إذا قلنا له إن القرآن الكريم يدعو الإنسان إلى مكارم الأخلاق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويدعو إلى تعلم العلوم الكونية والتبحر فيها.. إذا قلنا له ما تقدم، فإن كلامنا يكون مقبولاً ومسموعاً. ونرد على المؤلف رداً رقيقاً فنقول: تبريرك هذا يا سيدي لمقولة (القرآن ليس كتاب علم ) يوضح التخصص النظري ( القانون) الذي تعمل به، وأنك لست على دراية بما يحتوي القرآن من سبق علمي وإعجاز علمي، بما لو اطلع عليه علماء الغرب لوفر عليهم سنوات طويلة من البحوث الشاقة لكي يصلوا إلى حقيقة مثل انفلاق الذرة أو انشطارها، وأنها ليست أصغر وحدة في الكون، وقد صرح(وأقول صرح وليس أشار فقط) القرآن بذلك، لكن الألفاظ والكلمات والآيات تحتاج من يفهمها فهما صائباً، ويستخرج منها بعض كوامنها الثرية، فاللفظة القرآنية بحر مليء بالنور، وعلى قدر تعلمك للغوص، على قدر ما تجنبه من اللآلئ والدرر الثمينة، وكلما سعيت في هذا البحر بجد ومثابرة كلما عدت إلينا بمحصول وفير.. نعم ولا عجب، فالقرآن لن تنتهي عجائبه ولن تنضب معائن أسراره على مر الزمان.
أما الاستدلال بما ورد في رواية معاذ عن الأهلة وسبب نزول الآية، وأن ذلك دليل على عدم ولوج الكلام في مسائل الأهلة، وبالتالي المسائل الكونية، فهو معارض لما رواه الطبري في تفسيره عن قتادة في هذه الآية قالوا : سألوا النبي صلى الله عليه وسلم : لم جعلت هذه الأهلة؟ فأنزل الله فيها ما تسمعون، هي مواقت للناس والحج، فجعلها لصوم المسلمين ولإفطارهم، ولمناسكهم وحجهم ولهدى نسكهم، ومحل دينهم في أشياء، والله أعلم بما يصلح خلقه.
وروى عن الربيع وابن جريح مثل ذلك، ففي هذه الروايات التي ساقها الطبري أن السؤال هو : لم جعلت هذه الآهلة؟ وليس السؤال: ما بال الهلال يبدو دقيقاً ثم يزيد حتى يستوي ويستدير ثم ينقص. ولذلك فإنه لا دليل في الآية على نفي التفسير العلمي[25].
وعلى أية حال، فقد وردت في القرآن الكريم الدعوة صريحة ومؤكدة إلى التدبر في آيات الله التنزيلية، وكذلك الكونية، ولقد أربت آيات الحث على التدبر واستعمال العقل والفكر على خمسين آية، لا يتسع المقام هنا لسردها[26].
دحض الحجة الثالثة:
الحجة الثالثة هي قول المعارضين بأن ما يسمى (حقائق العلم) ليس سوى فروض ونظريات يعتقد رجال العلوم فترة من الزمان في صحتها، ثم لا يلبثون أن يثبتوا بأنفسهم بطلانها، ولذلك لا يجوز الرجوع إليها عند دراسة آيات الذكر الحكيم. هذا الدعم عموماً غير صحيح من وجوه:
إن الذي يتغير في العلم ليس قواعده، أو أسسه، بل فروضه التي لازالت تخضع للدراسة والتمحيص، ذلك لأنها إنما تستنبط باستخدام قوى العقل في ظل الثابت من حقائق العلم، وكلما تراكمت معلوماتنا السليمة عن الكون، تلك المعلومات المستمدة بالرصد والقياس والتتبع، كلما كانت هناك فرصة أكبر لاستنباط النظريات أو لتعديلها أو تحويلها.
لاشك أن رجال العلوم الذين خلصت نواياهم، وأتقن تدريبهم على كيفية التعامل مع الفروض والنظريات والقوانين والقواعد والملاحظات والتجارب، لاشك أن العلماء الكونيين الذي آمنوا بالله وبرسله ورسالاته، وأحكموا التخصصات، وتعمقوا في لججها، لا شك إذا تحدث هؤلاء في أمور الآيات الكونية الواردة في القرآن الكريم يكون ذلك نشاطاً محموداً منهم، مأجورون عليه.
ولكن يجب علينا معرفة أن رجال العلوم الكونية ـ كغيرهم ـ يتفاوتون فيما بينهم من حيث المراس والدراسة والإتقان، وأن هناك فرقاً كبيراً بين استخدام الحقائق العلمية حين الكلام عن آيات القرآن، وبين الاعتماد على الفروض والنظريات، ولنوضح ذلك بما يلي من الأمثلة:
المثال الأول:
إن الضوء منذ عهد ( الحسن بن الهيثم) تراكمت فيه معلومات وحقائق علمية، فتوصل العلماء إلى الضوء ( ينعكس) أو ( يرتد) reflectsمن الأجسام التي يسقط عليها، ثم عرفوا أنه (ينكسر) ، ثم توصلوا إلى أنه (يتشتت) أو ( يتناثر) dispersesوأنه (يحيد) Deviatesوكذلك (يستقطب) Polarizedوهكذا ظهرت في ظل هذه الحقائق عدة نظريات علمية تتعلق بطبيعة الضوء أو كنهه أو حقيقته المطلقة، منها نظرية (الجسيمات الصغيرة جداً) التي قال بها نيوتن، ثم (النظرية الموجية) Wave Theory التي قال بها هيجن، ثم ( نظرية الكم) Quantum Theoryلبلانك الخ.
ولم تثبت حقيقة الضوء على حال حتى الآن.
المثال الثاني :
إن معرفة أن الكائن الحي يتكون من عدة خلايا متكاملة متعاونة لأداء وظائف قضاء الحياة المكتوبة، إن معرفة هذه الحقيقة منذ قرن ونصف قرن لم يبطله ما يتوالى من الكشوف المدهشة مع تقدم المجاهر (الميكروسكوبات) وأدوات البحث والتقصي والتدقيق، فهل اكتشاف الكروموسومات (الصبغيات) أو الليسوسومات (الأجسام الحالة) بواسطة المجاهر ( الميكروسكوبات) الإلكترونية أبطل وهدم النظريات الخلوية التي اكتشفت منذ مائة وخمسين سنة، ثم هل هدمها أيضاً ما تم اكتشافه فيها بواسطة علوم الوراثة (Genetics) والكيمياء الحيوية (Biochemistry) والفيزياء الحيوية (Biophysics) والبيولوجيا الجزئية (Molecular Biology) من جينات (مورثات) وأحماض نووية وجزئيات ملفوفة، وغير ذلك.
المثال الثالث:
النظرية الذرية (Atomic Theory) التي عرفها الإنسان قديماً، وهي أن كل عنصر Elementمن العناصر المادية يتكون من ذرات، هل هدمتها الكشوف الحديثة والبحوث حينما توصلت إلى تحديد وجود بروتونات Protonوإلكترونات Electronونيوترونات Neutronsوإلى ما هو أدق من ذلك وأعجب مثل الكوارتات Quarksوغيرها ؟
وفي ختام هذا الفصل نرى من الواجب علينا أن نرد على الأستاذ عمر عبيد حسنة الذي كتب في تقديمه للكتاب العشرين من سلسلة كتاب الأمة (دولة قطر) يعرض بالإعجاز العلمي للقرآن الكريم، ويعتبر السعي في جوانب هذا المجال عجزاً من المسلمين عن الإبداع، وقصوراً منهم عن مواكبة الحضارة العالمية، ووقوفاً عند حدود الاحتماء بالميراث الماضي، إلى غير ذلك مما لم نسمعه أو نقرأه لكتاب أفاضل وعلماء متعمقين، بهذا الأسلوب المتجاوز للحد!!
إن الأستاذ عمر حسنه يناصر الرأي القائل بأن القرآن ليس فيه إعجاز علمي أصلاً، في حين أنه يؤيد ورود حقائق علمية في القرآن، فكيف يؤكد ما سبق أن رفضه في نفس الفقرة؟! [27].
بل وبعد ذلك بسطور يؤكد على أن هذه الحقائق العلمية حين تنزلت في عصر الأمية العلمية كانت ولا تزال دلائل النبوة وبرهان صدقهاـ على حد تعبيره ـ فكيف به يسقط عجز الأمة اليوم وقصورها في مجالات التقدم التكنولوجي على أمور يعد من بينها البحوث الجارية في مجال الإعجاز العلمي للقرآن الكريم ؟ !
إنه إن كان يخشى أن يستغني بعض المسلمين اليوم بالإعجاز العلمي للقرآن عن محاولة الإبداع والإنجاز العلمي والتقني، فإننا نقول له : لقد أخطأت في ظنك هذا، ولا مبرر للخشية، فإن الذين يسعون في مجالات الإعجاز العلمي للقرآن الكريم ـ والسنة النبوية الشريفة ـ بعمق وكفاءة ومنهجية، هم علماء مشهود لهم أيضاً بالكفاءة العلمية في تخصصاتهم، علماء لو أحسن تنسيق أعمالهم، ولو أعطوا الفرصة، كما يجدونها في خارج الدول العربية، هناك في دول المقصد ـ أي المهجر أو الجذب ـ لقاموا بحضارة علمية تقنية، يصلون بها ماضي الأمة الزاهر بحاضرها المرير بمستقبلها المأمول. إنني لم أر عالماً يطرق باب الإعجاز العلمي أو يبدع في بيان أحد وجوهه إلا ووجدته على درجة عالية من الخلق الإسلامي، والعقلية العلمية، والفكر التقني، والحس الديني الرفيع. فلا داعي إذا لما ذهب إليه الأخ الأستاذ عمر حسنة في كلامه خلال التقديم لكتاب الأمة(20) .
هذا ومن العجيب أن الأستاذ حسنة قد كرر كلامه هذا مرة أخرى في مقدمة كتبها للكتاب الخامس من سلسلة قضايا الفكر الإسلامي التي يصدرها المعهد العالمي للفكر الإسلامي [28]،وختم كلامه بهذه العبارة :
لذلك نخشى أن ينقلب موضوع الإعجاز العلمي المعاصر من منبع حضاري مورق، إلى صورة من التفاخر والتظاهر المعوق، وتكريس التخلف والأمية العلمية.
الهوامش:
[1] سبق أن عالجنا ثوابت ومتغيرات الدعوة الإسلامية في محاضرة لنا مطبوعة في العدد الثاني من سلسلة كتاب الإعجاز التي تصدرها جمعية الإعجاز العلمي للقرآن والسنة بمصر
[2] سورة الإسراء من الآية : 85.
[3] العمري [د/أحمد جمال ]: مفهوم الإعجاز القرآني (حتى القرن السادس الهجري) دار المعارف بمصر ، ط، 1984م.
[4] عز الدين [أحمد ] : القرآن يتحدى . دار السعادة ، ط1 1973.
[5] ابن عاشور [محمد الطاهر] : تفسير التحرير والتنوير تونس ، 1984م.
[6] الغزالي (محمد) :كيف نتعامل مع القرآن سلسلة قضايا الفكر الإسلامي (5) المعهد العالمي للفكر الإسلامي ـ مكتب القاهرة ـ ط3 1992.
[7] الحديث متفق عليه، رواه البخاري في صحيحه، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، في كتاب الصيام، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تكتب ولا تحسب ) رواه مسلم في صحيحه في كتاب الصيام . باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال وأنه إذا غم في أوله أو آخره أكملت عدة الشهر ثلاثين يوماً.
[8] أبيّ بن كعب بن قيس بن عبيد، من بني النجار، من الخزرج، أبو المنذر، صحابي أنصاري، كان قبل الإسلام حبر من أحبار اليهود، كان من كتاب الوحي، وشهد بدراً وأحداً والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكتب كتاب الصلح لأهل المقدس، وأمره عثمان بجمع القرآن، فاشترك في جمعه، مات بالمدينة المنورة عام 21هـ (642م).
[9] الحديث رواه مسلم في صحيحه عن أبي بن كعب رضي الله عنه في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل سورة الكهف وآية الكرسي.
[10] يلدرم [د/سعاد] : مستندات التوفيق بين النصوص القرآنية وبين النتائج العلمية الصحيحة . المؤتمر العالمي الأول للإعجاز العلمي للقرآن والسنة . إسلام أباد ، 1408هـ (1987م).
[11] ولد الشيخ [محمد أمين]: خلاصة بحث التفسير العلمي للقرآن، بين المجيزين والمانعين. المؤتمر العلمي الأول للإعجاز العلمي في القرآن والسنة. إسلام أباد، 1408هـ (1987م).
[12] الدريني [د/محمد فتحي] : موقف الأصوليين والعلماء (قداماهم ومحدثيهم) من التفسير العلمي مجلة أسماء (1) هـ (1988م).
[13] إسماعيل [د/عبد العزيز ]: الإسلام والطب الحديث المقدمة.
[14] جريدة (عقيدتي) التي تصدر بمصر، عدد الثلاثاء 26/4/1994م.
[15] التفسير العلمي للقرآن بين المؤيدين والمعارضين ، مجلة المسلمون (1) 1402هـ 1981م.
[16] إبراهيم (مدحت) : الإشارات العلمية في القرآن الكريم، مكتبة غريب، ط1 1993م.
[17] إبراهيم (مدحت حافظ) : نفس المرجع.
[18] الذهبي (د/محمد حسين) : نقلاً عن بحث الدكتور سعاد يلدرم، المؤتمر العالمي الأول للإعجاز العلمي في القرآن والسنة 1987م (مرجع سابق).
[19] للمزيد من التفصيل في هذه النقطة انظر : البار (د/محمد علي) : الأسرار الطبية والأحكام الفقهية في تحريم الخنزير. الدار السعودية للنشر والتوزيع، جدة ط1 1406ـ 1986م.
[20] حسب النبي (د/منصور محمد) : الكون والإعجاز العلمي للقرآن . دار الفكر العربي ط1، 1981م.
[21] الفندي (د. محمد جمال الدين) : الله والكون. الهيئة المصرية العامة للكتاب، ط1 1976/ وله أيضاً : مع القرآن في الكون. الهيئة المصرية العامة للكتاب ط1 1992م وله أيضاً : الكتاب الكوني أو المعجزة الخالدة. جزءان المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بمصر ط1 ـ 1994م.
[22] للمزيد من التفصيل في هذه النقطة انظر : غنيم (د. كارم السيد) : الشخصية المسلمة ومتغيرات العصر الحديث. دار الآفاق العلمية بمصر ط1، 1994م.
[23] حسنة (عمر عبيد) : مقدمة كتاب (كيف نتعامل مع القرآن) المعهد العالمي للفكر الإسلامي (مكتب القاهرة) ط3ـ 1992م.
[24] أخرج الترمذي عن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من قرأ القرآن فليسأل الله به، فإن سيجئ أقوام يقرأون القرآن ويسألون به الناس) فالذي يؤجر نفسه لقراءة القرآن والتغني به فقد ارتكب إثماً كبيراً. للمزيد أنظر : إسماعيل (د. شعبان محمد) مع القرآن الكريم . مكتبة الحرمين ـ القاهرة ط1 1414هـ ـ 1994م.
[25] ولد الشيخ (محمد الأمين ) مرجع سابق.
[26] انظر كتابنا ( أبعاد التكوين العقلي للفرد في الإسلام) دار الصحوة بالقاهرة . ط1ـ 1988م.
[27] أنظر ص 14 من كتاب ( قضية التخلف في العالم الإسلامي المعاصر) تأليف الأستاذ الدكتور : زغلول راغب النجار، سلسلة كتاب الأمة (20) قطر، ط1 في 1409هـ ـ 1988م.
[28] أنظر ص 21 من كتاب : كيف نتعامل مع القرآن . المعهد العالمي للفكر الإسلامي (مكتب القاهرة) ط3ـ 1992م

القلب الحزين 12-01-2014 08:20 PM

رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو
 
تمت الموسوعة بفضلا من الله
وعلمو
بان المعجزات التي وصلا لها العلماء
في علم الله لا شي
لان علم الله لا يحاط به
فهو الله
له الاسماء الحسناء والصفات العلى
ونعمه ومعجزاته
لاتحصى



الحمدلله الذي بفضله توفقة لإتمام الموسوعة

حقيقةً مسيره علميه من اروع ما طلعة عليه في عالم النت
الاعجاز العلمي في القران والسنه

وصف لا أستطيع ان اوصفه لكم

دعواتكم لي أخواني واخواتي


والحمدلله رب العالمين



من هنـــــــــــــــا الدخول لفهرس مواضيع الموسوعة



..

كل احتــــــــــــــــرامي لكل باحث وقارئ ومستفيد




الساعة الآن : 05:15 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 352.50 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 351.66 كيلو بايت... تم توفير 0.85 كيلو بايت...بمعدل (0.24%)]