رد: تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله
|
رد: تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله
|
رد: تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله
|
رد: تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله
https://i.imgur.com/kRcArgy.gif تفسير "محاسن التأويل" محمد جمال الدين القاسمي سورة البقرة المجلد الثانى صـ 276 الى صـ 280 الحلقة (54) القول في تأويل قوله تعالى : [140 ] أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى قل أأنتم أعلم أم الله ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون "أم تقولون إن إبراهيم" خليل الله "وإسماعيل وإسحاق" ابنيه "ويعقوب" ابن إسحاق "والأسباط" أولاد يعقوب : "كانوا هودا أو نصارى" أي على ملتهم ، إما اليهودية وإما النصرانية "قل أأنتم أعلم أم الله" أي الذي له الإحاطة كلها أعلم . فلا يمكنهم أن يقولوا : نحن . وإن قالوا : الله ، فقد برأ الله إبراهيم ومن معه من ذلك . فبطل ما ادعوا . وثبت أنهم ، عليهم السلام ، كانوا على الحنيفية مسلمين مبرئين عن اليهودية والنصرانية . هذا مع أن رد قولهم هذا أظهر ظاهر من حيث إنه لا يعقل أن يكون السابق على نسبة للاحق ، ما حدثت إلا بعده بمدد متطاولة . وسيأتي النص الصريح بإبطال ذلك في آل عمران . ولما كان العلم عندهم عن الله بأن الخليل ومن ذكر معه ، عليهم السلام ، على دين الإسلام ، وكانوا يكتمون ما عندهم من ذلك . مع تقرير الله لهم به واستخبارهم عنه ونهيه لهم عن كتمانه وما يقاربه بقوله : ولا تلبسوا الحق بالباطل الآية- أشار إلى أشد الوعيد في كتمان ذلك بقوله : ومن أظلم ممن كتم شهادة موجودة وموعودة "عنده من الله" وهو كتمان العلم الذي هو الإخبار بما أنزل الله . والاستفهام إنكار لأن يكون أحد أظلم من أهل الكتاب حيث كتموا شهادته تعالى لهم ، عليهم السلام ، بالحنيفية والبراءة من الفريقين . [ ص: 277 ] قال التقي ابن تيمية : سمى تعالى ما عندهم من العلم شهادة كما قال : إن الذين يكتمون ما أنـزلنا من البينات والهدى الآية ، كأنه قال : خبرا عنده ، دينا عنده من الله ، وبيانا عنده من الله ، وعلما عنده من الله فإن كان قوله "من الله" متعلقا بـ "كتم" فإنه يعم كل الشهادات . وإن كان متعلقا بـ "عنده"، وهو الأوجه ، أو بشهادة ، أو بهما ، فإن الأمر في ذلك واحد . أي شهادة استقرت عنده من جهة الله . فهو كتمان شهادات العلم الموروث عن الأنبياء . فسمى الإخبار به شهادة. ثم قال : وكذلك الأخبار النبوية إنما يراد بالشهادة فيها الإخبار : وما الله بغافل عما تعملون تهديد ووعيد شديد . أي أن علمه محيط بكم وسيجزيكم عليه . قال الرازي : هذا هو الكلام الجامع لكل وعيد . ومن تصور أنه تعالى عالم بسره وإعلانه ، ولا يخفى عليه خافية ، وأنه من وراء مجازاته ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر لا يمضي عليه طرفة عين إلا وهو حذر خائف . ألا ترى أن أحدنا لو كان عليه رقيب من جهة سلطان يعد عليه الأنفاس ، لكان دائم الحذر والوجل ، مع أن ذلك الرقيب لا يعرف إلا الظاهر ، فكيف بالرب الرقيب الذي يعلم السر وأخفى ، إذا هدد وأوعد بهذا الجنس من القول ؟ القول في تأويل قوله تعالى : [141 ] تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم فلا يسألون عن أعمالكم [ ص: 278 ] ولا تسألون عما كانوا يعملون لما ذكر تعالى حسن طريقة الأنبياء المتقدمين ، ولم يدع لهم متمسكا من جهتهم ، أتبع ذلك الإشارة إلى أن الدين دائر مع أمره في كل زمان . وأنه لا ينفعهم إلا ما يستجدونه بحكم ما تجدد من المنزل المعجز لكافة أهل الأرض ، أحمرهم وأسودهم . . أي فعليكم بترك الكلام في تلك الأمة . فلها ما كسبت . وانظروا فيما دعاكم إليه خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم فإن ذلك أنفع لكم وأعود عليكم . ولا تسألون إلا عن عملكم . قال الراغب : إعادة هذه الآية من أجل أن العادة مستحكمة في الناس ، صالحهم وطالحهم أن يفتخروا بآبائهم ويقتدوا بهم في متحرياتهم . سيما في أمور دينهم . ولهذا حكى عن الكفار قولهم : إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون فأكد الله تعالى القول في إنزالهم عن هذه الطريقة . وذكر في أثر ما حكى من وصية إبراهيم ويعقوب بنيه بذلك ، تنبيها أن الأمر سواء على ما قلت أو لم يكن . فليس لكم ثواب فعلهم ولا عليكم عقابه ، وفي الثاني لما ذكر ادعاءهم اليهودية والنصرانية لآبائهم أعاد أيضا تأكيدا عليهم تنبيها على نحو ما قال : وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه وقوله : لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت وقوله : ولا تزر وازرة وزر أخرى ولما جرت به عادتهم وتفردت به معرفتهم : كل شاة تناط برجليها . القول في تأويل قوله تعالى : [142 ] سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها روى البخاري في صحيحه عن البراء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت ، وأنه صلى أول صلاة صلاها ، صلاة العصر وصلى معه قوم ، فخرج رجل ممن كان صلى معه فمر على أهل المسجد وهم راكعون فقال : أشهد بالله لقد صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم قبل مكة ، فداروا كما هم قبل البيت . وروى مسلم عن البراء رضي الله عنه نحو ما تقدم ولفظه : صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا ، ثم صرفنا نحو الكعبة . وروى الشيخان عن ابن عمر قال : بينا الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن . وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها ، وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة . (اللفظ لمسلم) والأحاديث في تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة متوافرة ، وفيما ذكرنا كفاية . [ ص: 280 ] وقد أعلم الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين أن فريقا من الناس سينكرون تغيير القبلة وسماهم سفهاء ، جمع سفيه ، وهو الخفيف الحلم والأحمق والجاهل . قال أبو السعود : أي الذين خفت أحلامهم واستمهنوها بالتقليد والإعراض عن التدبر والنظر . انتهى . ومعنى قوله "ما ولاهم" أي أي شيء صرفهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ، أي ثابتين على التوجه إليها ، وهي بيت المقدس . ومدار الإنكار ، إن كان القائلون هم اليهود ، كراهتهم للتحويل عنها لأنها قبلتهم ، وإن كان غيرهم ، فمجرد القصد إلى الطعن في الدين والقدح في أحكامه . وقد روي عن ابن عباس : أن القائلين هم اليهود ، وعن الحسن أنهم مشركو العرب . وعن السدي أنهم المنافقون . قال الراغب : ولا تنافي بين أقوالهم فكل قد عابوا ، وكل سفهاء . (تنبيه) : ظاهر قوله تعالى "سيقول السفهاء" إلخ ، أنه إخبار بقولهم المذكور ، ثم إن الإخبار قبل وقوعه . وفائدته توطين النفس وإعداد ما يبكتهم ، فإن مفاجأة المكروه على النفس أشق وأشد ، والجواب العتيد لشغب الخصم الألد أرد ، مع ما فيه من دلائل النبوة حيث يكون إخبارا عن غيب ، فيكون معجزا : قل لله المشرق والمغرب جواب عن شبهتهم . وتقريره أن الجهات كلها لله ملكا ، فلا يستحق شيء منها لذاته أن يكون قبلة . بل إنما تصير قبلة لأن الله تعالى جعلها قبلة ، فلا اعتراض عليه بالتحويل من جهة إلى أخرى ، وما أمر به فهو الحق : يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم فيه تعظيم أهل الإسلام وإظهار عنايته تعالى بهم وتفخيم شأن الكعبة . كما فخمه بإضافته إليه في قوله تعالى وطهر بيتي https://alashrafedu.com/up/uploads/w...5352161885.gif |
رد: تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله
https://i.imgur.com/kRcArgy.gif تفسير "محاسن التأويل" محمد جمال الدين القاسمي سورة البقرة المجلد الثانى صـ 281 الى صـ 285 الحلقة (55) القول في تأويل قوله تعالى: [143 ] وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم "وكذلك" أي كما هديناكم إلى قبلة هي أوسط القبل وأفضلها "جعلناكم أمة وسطا" أي عدولا خيارا . وقوله تعالى : لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا تعليل للجعل المنوه به الذي تمت المنة به عليهم . واعلم أن أصل الشهود والشهادة الحضور مع المشاهدة . إما بالبصر أو بالبصيرة . قال الرازي : الشهادة والمشاهدة والشهود هو الرؤية ، يقال شاهدت كذا إذا رأيته وأبصرته ، ولما كان بين الإبصار بالعين ، وبين المعرفة بالقلب مناسبة شديدة ، لا جرم قد تسمى المعرفة التي في القلب مشاهدة وشهودا ، والعارف بالشيء شاهدا ومشاهدا ، ثم سميت الدلالة على الشيء شاهدا على الشيء لأنها هي التي بها صار الشاهد شاهدا . ولما كان المخبر عن الشيء والمبين لحاله جاريا مجرى الدليل على ذلك ، سمي ذلك المخبر أيضا شاهدا . وبالجملة ، فكل من عرف حال شيء ، وكشف عنه كان شاهدا عليه . انتهى . والشهيد أصله الشاهد والمشاهد للشيء والمخبر عن علم حصل بمشاهدة بصر أو بصيرة . وهو ، بالمعنى الثالث ، من النعوت الجليلة . ولذلك وصف به النبيون والسادة والأئمة . كما ترى في هذه الآية وفي آية : فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على [ ص: 282 ] هؤلاء شهيدا وآية وادعوا شهداءكم والشهداء والصالحين ثم إن في اللام في قوله تعالى : لتكونوا شهداء على الناس وجهين (الأول) إنها لام الصيرورة والعاقبة . أي فآل الأمر بهدايتكم وجعلكم وسطا أن كنتم شهداء على الناس ، وهم أهل الأديان الأخر . أي بصراء على كفرهم بآيات الله وما غيروا وبدلوا وأشركوا وألحدوا . مما قص عليكم في الآيات قبل، حتى أحطتم به خبرا . فعرفتم حق دينهم من باطله ، ووحيه من مخترعه . يعني : وإذا شهدتم ذلك منهم وأبصرتم فاشكروا مولاكم على ما أولاكم ، وعافاكم مما ابتلى به سواكم ، حيث وفقكم للمنهج السوي وهداكم للمهيع الرضي ، وكذلك صار الرسول عليكم شهيدا بأنكم عرفتم الحق من الباطل ، والهدى من الضلال ، والنور من الظلمات ، بما بلغكم من وحيه وأراكم من آياته . فعظمت المنة لله عليكم ; إذ أصبحتم مهتدين بعد الضلالة ، علماء بعد الجهالة . ففيه إشارة إلى تحذير المؤمنين من أن يزيغوا بعد الهدى ، كما زاغ أولئك الذين نعى عليهم ضلالتهم ، فتقوم عليهم الحجة كما قامت من أولئك . (الوجه الثاني) أن تكون اللام للتعليل ، على أصلها . والمعنى : جعلناكم أمة خيارا لتكونوا شهداء على الناس ، أي رقباء قواما عليهم بدعائهم إلى الحق وإرشادهم إلى الهدى وإنذارهم مما هم فيه من الزيغ والضلال ، كما كان الرسول شهيدا عليكم بقيامه عليكم بما بلغكم وأمركم ونهاكم وحذركم وأنذركم . فتكون الآية نظير آية كنتم خير أمة أخرجت [ ص: 283 ] للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وربما آثر هذا المعنى من قال : خير ما فسر القرآن بالقرآن ، لتماثل الآيتين بادئ بدء . فإن الوسط بمعنى الخيار . وقد صرح به في قوله "خير أمة" وإلى هذا المعنى يشير قول مجاهد في الآية : لتكونوا شهداء لمحمد عليه السلام على الأمم اليهود والنصارى والمجوس: أي شهداء على حقية رسالته ، وذلك بالدعوة إليها ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر الذي هو قطب الدعوة وروحها . وبعد كتابة هذا رأيت السمرقندي في تفسيره نقل خلاصة ما قلناه . وعبارته : وللآية تأويل آخر "وكذلك جعلناكم أمة وسطا" أي عدولا "لتكونوا شهداء على الناس" إلخ يقول : إنكم حجة على جميع من خالفكم . ورسول الله عليه السلام حجة عليكم . والشهادة في اللغة هو البيان. ولهذا سمي الشاهد بينة ; لأنه يبين حق المدعي . يعني إنكم تبينون لمن بعدكم ، والنبي عليه السلام يبين لكم . انتهى . وأوضح ذلك الراغب الأصفهاني بأسلوب آخر فقال : إن قيل : على أي وجه شهادة النبي صلى الله عليه وسلم على الأمة وشهادة الأمة على الناس ؟ قيل : الشاهد هو العالم بالشيء المخبر عنه مثبتا حكمه . وأعظم شاهد من ثبت شهادته بحجة ، ولما خص الله تعالى الإنسان بالعقل والتمييز بين الخير والشر ، وكمله ببعثة الأنبياء ، وخص هذا الأمة بأتم كتاب ، كما وصفه بقوله : ما فرطنا في الكتاب من شيء وقوله : ونـزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء [ ص: 284 ] فأفادناه عليه السلام وبينه لنا- صار حجة وشاهدا أن يقولوا : ما جاءنا من بشير ولا نذير وجعل أمته ، المتخصصة بمعرفته ، شهودا على سائر الناس . (إن قيل) هل أمته شهود كلهم أم بعضهم ؟ (قيل) كلهم ممكن من أن يكونوا شهداء . وذلك بشريطة أن يزكوا أنفسهم بالعلم والعمل الصالح ، فمن لم يزك نفسه لم يكن شاهدا ومقبولا . ولذلك قال تعالى : قد أفلح من زكاها وعلى هذا قال : يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم فالقيام بالقسط مراعاة العدالة ، وهي، بالقول المجمل ثلاث : عدالة بين الإنسان ونفسه -وعدالة بينه وبين الناس- وعدالة بينه وبين الله عز وجل . فمن رعى ذلك فقد صار عدلا شاهدا لله عز وجل . (إن قيل) فهل هم شهود على بعض الأمة أم على الناس كافة ؟ (قيل) بل كل شاهد على نفسه ، وعلى أمته وعلى الناس كافة ، فإن من عرف حكمة الله تعالى وجوده ، وعدله ، ورأفته ، علم أنه لم يغفل تعالى عنه ولا عن أحد من الناس ، ولا بخل عليهم ولا ظلمهم ، ومن علم ذلك فهو شاهد لله على من في زمانه وعلى [ ص: 285 ] من قبله ومن بعده . وعلى هذا الوجه ما روي في الخبر « أن هذه الأمة تشهد للأنبياء على الأمم » . انتهى كلام الراغب . والخبر الذي أشار إليه رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يدعى نوح يوم القيامة فيقول : لبيك وسعديك يا رب . فيقول : هل بلغت ؟ فيقول : نعم . فيقال لأمته : هل بلغكم ؟ فيقولون : ما أتانا من نذير . فيقول : من يشهد لك ؟ فيقول : محمد وأمته . فيشهدون أنه قد بلغ ويكون الرسول عليكم شهيدا » . فذلك قوله جل ذكره : وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وقد روي مرفوعا عن جابر . أخرجه الطبري . وعن ثلة من التابعين من قولهم . https://alashrafedu.com/up/uploads/w...5352161885.gif |
رد: تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله
https://i.imgur.com/kRcArgy.gif تفسير "محاسن التأويل" محمد جمال الدين القاسمي سورة البقرة المجلد الثانى صـ 286 الى صـ 290 الحلقة (56) وأقول : قد بينا مرارا ، أن مثل هذا الخبر وكل ما يروى مرفوعا أو غير مرفوع في تأويل هذه الآية ، فكله يفيد أن للآية عموما يشمل ما ذكر ، لا أنها خاصة به لا يستفاد منها غيره . كما أوضحناه في المقدمة في قولهم : نزلت الآية في كذا . وعليه، فلا تنافي بين ما يفهم من سياق الآية أو ما يتقاضاه معناها لغة ، من حيث عمومها ، أو ما يحمل عليها من نظائرها في التنزيل الكريم ، وبين ما يروى في تفسيرها ، فمآل ما يتعدد من سبب النزول في آية ما ، أو ما يكثر من الآثار في وجوهها ، كله من باب تفسير العام ببعض ما يتناوله لفظه . ولذلك يكثر في بعض طرق الروايات ؛ ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالى . أو : ثم قرأ . أو اقرأوا إن شئتم . مما يدل على أنه ذكرت الآية حجة لما أخبر به ; لأنه مما يندرج فيها . فاحرص على ذلك . [ ص: 286 ] تنبيهات : الأول : استدل بالآية على أن الإجماع حجة ; لأن الله تعالى وصف هذه الأمة بالعدالة . والعدل هو المستحق للشهادة وقبولها ، فإذا اجتمعوا على شيء وشهدوا به لزم قبوله ، فإجماع الأمة حق ; لا تجتمع الأمة - والحمد لله - على ضلالة . كما وصفها الله بذلك في الكتاب فقال تعالى : كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله وهذا وصف لهم بأنهم يأمرون بكل معروف ، وينهون عن كل منكر . كما وصف نبيهم صلى الله عليه وسلم بذلك في قوله : الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر وبذلك وصف المؤمنين في قوله : والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فلو قالت الأمة في الدين بما هو ضلال ، لكانت لم تأمر بالمعروف في ذلك ، ولم تنه عن المنكر فيه ، وقد جعلهم الله شهداء على الناس . وأقام شهادتهم مقام شهادة الرسول . وقد ثبت في الصحيح عن عبد العزيز بن صهيب قال : سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه فيقول : مروا بجنازة فأثنوا عليها خيرا فقال النبي صلى الله عليه وسلم « وجبت » ثم مروا بأخرى فأثنوا عليها شرا فقال « وجبت » . [ ص: 287 ] فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ما وجبت ؟ قال : « هذا أثنيتم عليه خيرا فوجبت له الجنة ، وهذا أثنيتم عليه شرا فوجبت له النار ; أنتم شهداء الله في الأرض » . وعند الحاكم أنه قرأ هذه الآية : وكذلك جعلناكم إلى آخرها . فإذا كان الرب قد جعلهم شهداء ، لم يشهدوا بباطل ، فإذا شهدوا أن الله أمر بشيء ، فقد أمر به ، وإذا شهدوا أن الله نهى عن شيء فقد نهى عنه . ولو كانوا يشهدون بباطل أو خطأ لم يكونوا شهداء الله في الأرض . بل زكاهم الله في شهادتهم ، كما زكى الأنبياء فيما يبلغون عنه أنهم لا يقولون عليه إلا الحق ، وكذلك الأمة لا تشهد على الله إلا الحق . هذه نبذة من كلام الإمام ابن تيمية عليه الرحمة ، في الإجماع ، من بعض رسائله . (الثاني) مما يتعلق أيضا بهذا المقام ، ما قاله أيضا هذا الإمام في رسالته إلى جماعة عدي بن مسافر . ونصه : فعصم الله هذه الأمة أن تجتمع على ضلالة ، وجعل فيها من تقوم به الحجة إلى يوم القيامة . ولهذا كان إجماعهم حجة ، كما كان الكتاب والسنة حجة . ولهذا امتاز أهل الحق من هذه الأمة بالسنة والجماعة ، عن أهل الباطل الذين يزعمون أنهم يتبعون الكتاب ، ويعرضون عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعما مضت عليه جماعة المسلمين ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه متعددة ، رواها عنه أهل السنن والمسانيد ، كالإمام أحمد ، [ ص: 288 ] وأبي داود ، والترمذي وغيرهم ، أنه قال : « ستفترق هذه الأمة على اثنتين وسبعين فرقة ، كلها في النار ، إلا واحدة ، وهي الجماعة » . وفي رواية : « من كان على مثل ما أنا عليه اليوم ، وأصحابي » . وهذه الفرقة الناجية أهل السنة . وهم وسط في النحل ، كما أن ملة الإسلام وسط في الملل ، فالمسلمون وسط في أنبياء الله ، ورسله ، وعباده الصالحين ، لم يغلوا فيهم كما غلت في النصارى فـ : اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم [ ص: 289 ] وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون ولا جفوا عنهم ، كما جفت اليهود ، فكانوا يقتلون الأنبياء بغير حق : ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس وكلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم كذبوا فريقا وقتلوا فريقا . بل المؤمنون آمنوا برسل الله ، وعزروهم ، ونصروهم ، ووقروهم ، وأحبوهم ، وأطاعوهم ، ولم يعبدوهم ، ولم يتخذوهم أربابا . كما قال تعالى : ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون ومن ذلك أن المؤمنين توسطوا في المسيح ، فلم يقولوا : هو الله ، ولا ابن الله ، ولا ثالث ثلاثة . كما تقوله النصارى . ولا كفروا به ، وقالوا على مريم بهتانا عظيما ، حتى جعلوه ، ولد غية ، كما زعمت اليهود . بل قالوا : هذا عبد الله ورسوله ، وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول ، وروح منه . وكذلك المؤمنون وسط في شرائع دين الله ، فلم يحرموا على الله أن ينسخ ما شاء ، ويمحو ما شاء ويثبت . كما قالته اليهود . كما حكى الله تعالى ذلك عنهم بقوله : سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها وبقوله [ ص: 290 ] وإذا قيل لهم آمنوا بما أنـزل الله قالوا نؤمن بما أنـزل علينا ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقا لما معهم ولا جوزوا لأكابر علمائهم وعبادهم أن يغيروا دين الله ، فيأمروا بما شاؤوا وينهوا عما شاؤوا . كما يفعله النصارى . كما ذكر الله عنهم بقوله : اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله https://alashrafedu.com/up/uploads/w...5352161885.gif |
رد: تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله
|
رد: تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله
|
رد: تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله
https://i.imgur.com/kRcArgy.gif تفسير "محاسن التأويل" محمد جمال الدين القاسمي سورة البقرة المجلد الثانى صـ 300 الى صـ 305 الحلقة (59) قالوا : وفي ذلك تنبيه على حسن أدبه حيث انتظر ولم يسأل . وهذا ألطف مما قيل : إن تقلب وجهه كناية عن دعائه ، ولا مانع أن يراد بتقلب وجهه صلى الله عليه وسلم بالتحويل ، ففيه إعلام بما جعله تعالى من اختصاص السماء بوجه الداعي . وهذه الآية وإن كانت متأخرة في التلاوة ، فهي متقدمة في المعنى ، فإنها رأس القصة فلنولينك قبلة ترضاها أي : لنعطينك أو لنوجهنك إلى قبلة تحبها وتميل إليها . ودل على أن مرضيه الكعبة ، بفاء السبب في قوله : فول وجهك شطر المسجد الحرام أي نحوه وجهته . والتعبير عن الكعبة بالمسجد الحرام إشارة إلى أن الواجب مراعاة الجهة دون العين : وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره أي حيثما كنتم في بر أو بحر فولوا وجوهكم في الصلاة تلقاء المسجد . وأما سر الأمر بالتولية خاصا وعاما ، فقال الراغب : أما خطابه الخاص فتشريفا له وإيجابا لرغبته . وأما خطابه العام بعده ، فلأنه كان يجوز أن يعتقد أن هذا أمر قد خص عليه السلام به . كما خص في قوله : قم الليل ولأنه لما كان تحويل القبلة أمرا له خطر ، خصهم بخطاب مفرد ليكون ذلك أبلغ وليكون لهم في ذلك تشريف . ولأن في الخطاب العام [ ص: 301 ] تعليق حكم آخر به . وهو أنه لا فرق بين القرب والبعد في وجوب التوجه إلى الكعبة . وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم قال الفخر : الضمير في قوله "أنه الحق" راجع إلى مذكور سابق . وقد تقدم ذكر الرسول، كما تقدم ذكر القبلة . فجاز أن يكون المراد أن القوم يعلمون أن الرسول مع شرعه ونبوته حق ، فيشتمل ذلك على أمر القبلة وغيرها ، ويحتمل أن يرجع إلى هذا التكليف الخاص بالقبلة ، وأنهم يعلمون أنه الحق . وهذا الاحتمال الأخير أقرب; لأنه أليق بالمساق . ثم ذكر من وجوه علمهم لذلك : أنهم كانوا يعلمون أن الكعبة هي البيت العتيق الذي جعله الله تعالى قبلة لإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام . وأنهم كانوا يعلمون نبوة محمد صلى الله عليه وسلم لما ظهر عليه من المعجزات . ومتى علموا نبوته فقد علموا لا محالة أن كل ما أتى به فهو حق . فكان هذا التحويل حقا . قلت : وثم وجه آخر أدق مما ذكره الفخر في علمهم حقية ذلك التحويل وأنه من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم . وبيانه أن أمره تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم ، ولكافة من اتبعه ، باستقبال الكعبة ، من جملة الاستعلان في فاران المذكور في التوراة إشارة لخاتم النبيين وبشارة به . فقد جاء في الإصحاح الثالث والثلاثين من سفر التثنية – (ويقال الاستثناء) هكذا : وهذه هي البركة التي بارك بها موسى رجل الله بني إسرائيل قبل موته فقال : جاء الرب من سيناء وأشرق لهم من سعير ، وتلألأ من جبل فاران . وهذه البشارة تنبه على موسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم ; لأن الله تعالى أنزل التوراة على موسى في طور سيناء ، والإنجيل على عيسى في جبل سعير . لأنه عليه السلام كان يسكن أرض الخليل من سعير بقرية تدعى الناصرة . وتلألؤه من جبل فاران عبارة عن إنزاله القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم في جبل فاران . وفاران هي مكة . لا يخالفنا في ذلك أهل الكتاب . ففي الإصحاح الحادي والعشرين من سفر التكوين في حال إسماعيل [ ص: 302 ] عليه السلام هكذا : وكان الله مع الغلام فكبر . وسكن في البرية وكان ينمو رامي قوس ، وسكن في برية فاران . ولا شك أن إسماعيل ، عليه السلام ، كان سكناه في مكة ، وفيها مات وبها دفن . وقال ابن الأثير : وفي الحديث ذكر جبل فاران اسم لجبال مكة بالعبراني . له ذكر في أعلام النبوة ، وألفه الأولى ليست بهمزة وما الله بغافل عما يعملون قرئ بالياء والتاء . فيه إنباء بتماديهم على سوء أحوالهم . ولما بين تعالى أنهم يعلمون أن هذه القبلة حق ، أعلم أن صفتهم لا تتغير في الاستمرار على المعاندة بقوله : القول في تأويل قوله تعالى : [145 ] ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب أي من اليهود والنصارى "بكل آية" أي برهان قاطع أن التوجه إلى الكعبة هو الحق "ما تبعوا قبلتك" أي هذه التي حولت إليها . لأن تركهم اتباعك ليس عن شبهة تزيلها بإيراد الحجة . إنما هو عن مكابرة وعناد ، مع علمهم بما في كتبهم من نعتك أنك على الحق . وقوله تعالى : وما أنت بتابع قبلتهم هذا حسم لأطماعهم في العود إليها . أو للمقابلة . يعني ما هم بتاركي باطلهم وما أنت بتارك حقك وما بعضهم بتابع قبلة بعض فلا اتفاق بين فريقيهم ، مع كون الكل من بني إسرائيل . قال الزمخشري : أخبر تعالى عن تصلب كل حزب فيما هو فيه وثباته عليه . فالمحق منهم لا يزل عن مذهبه لتمسكه بالبرهان . والمبطل لا يقلع عن باطله لشدة شكيمته في عناده . وفيه إراحة للنبي صلى الله عليه وسلم من التطلع إلى هدى بعضهم . [ ص: 303 ] فوائد الأولى : قال الراغب : إن قيل كيف أعلم بأنهم لا يتبعون قبلته وقد آمن منهم فريق ؟ قيل : قال بعضهم : إن هذا حكم على الكل دون الأبعاض . وهذا صحيح. بدلالة أنك لو قلت : ما آمنوا ولكن آمن بعضهم ، لم يكن منافيا . وقيل : عني به أقوام مخصوصون . الثانية : قال الراغب : في قوله تعالى "وما أنت بتابع قبلتهم" إشارة على أن من عرف الله حق معرفته ، فمن المحال أن يرتد . ولذا قيل : ما رجع من رجع إلا من الطريق : أي ما أخل بالإيمان إلا من لم يصل إليه حق الوصول . إن قيل : فقد يوجد من يحصل له معرفة الله ثم يرتد ! . (قيل) إن الذي يقدر أنه معرفة ، هو ظن متصور بصورة العلم . فأما أن يحصل له العلم الحقيقي ثم يعقبه الارتداد فبعيد ، ولم يعن بهذه المعرفة ما جعله الله تعالى للإنسان بالفطنة ، فإن تلك كشررة تخمد إذا لم تتوقد . الثالثة : قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى ، في بدائع الفوائد: قبلة أهل الكتاب ليست بوحي وتوقيف من الله . بل بمشورة واجتهاد منهم . أما النصارى فلا ريب أن الله لم يأمرهم في الإنجيل ولا في غيره باستقبال المشرق . وهم يقرون بأن قبلة المسيح قبلة بني إسرائيل . وهي الصخرة ، وإنما وضع لهم أشياخهم هذه القبلة . فهم مع اليهود ، متفقون على أن الله لم يشرع استقبال بيت المقدس على رسوله أبدا . والمسلمون شاهدون عليهم بذلك الأمر . وأما اليهود فليس في التوراة الأمر باستقبال الصخرة البتة . وإنما كانوا ينصبون التابوت ويصلون إليه من حيث خرجوا . فإذا قدموا نصبوه على الصخرة وصلوا إليه . فلما رفع صلوا إلى موضعه وهو الصخرة . وقوله : ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم بعد الإفصاح عن حقيقة حاله المعلومة عنده في قوله : وما أنت بتابع قبلتهم كلام وارد على سبيل الفرض والتقدير . بمعنى : ولئن اتبعتهم ، مثلا ، بعد وضوح البرهان والإحاطة بحقيقة الأمر "إنك إذا لمن الظالمين" أي المرتكبين الظلم الفاحش. [ ص: 304 ] وفي ذلك لطف للسامعين وزيادة تحذير واستفظاع لحال من يترك الدليل بعد إنارته ، ويتبع الهوى . وتهييج وإلهاب للثبات على الحق . أفاده الزمخشري . تنبيهات : الأول : قال الراغب : حذر تعالى نبيه من اتباع أهوائهم . ونبه أن اتباع الهوى بعد التحقق بالعلم يدخل متحريه في جملة الظلمة ، وقد أكثر الله تحذيره من الجنوح إلى الهوى حتى كرر ذلك في عدة مواضع . وقول من قال : الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، والمعني به الأمة ، فلا معنى لتخصصه . فإن الله تعالى يحذر نبيه من اتباع الهوى أكثر مما يحذر غيره . فذو المنزلة الرفيعة إلى تحذير الإنذار عليه أحوج ، حفظا لمنزلته وصيانة لمكانته اهـ. وهو كلام نفيس جدا . (الثاني) في الآية تنويه بشأن العلم . حيث سمى أمر النبوات والدلائل والمعجزات باسم العلم ، فذلك ينبه على أن العلم أعظم المخلوقات شرفا ومرتبة. (الثالث) دلت الآية على أن توجه الوعيد على العلماء أشد من توجهه على غيرهم . لأن قوله تعالى : من بعد ما جاءك من العلم يدل على ذلك . ذكره الرازي. القول في تأويل قوله تعالى : [146 ] الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم أي يعرفون رسول الله صلى الله عليه وسلم معرفة لا امتراء فيها ، كما لا يمترون في معرفة أولادهم من بين أولاد الناس . وهذه المعرفة مستفادة من الكتاب . كما أخبر تعالى عن نعته فيه بقوله : يجدونه مكتوبا [ ص: 305 ] عندهم في التوراة والإنجيل يعني يعرفونه بالأوصاف المذكورة في التوراة والإنجيل بأنه هو النبي الموعود بحيث لا يلتبس عليهم . كما يعرفون أبناءهم ، ولا تلتبس أشخاصهم بغيرهم . فهو تشبيه للمعرفة العقلية الحاصلة من مطالعة الكتب السماوية ، بالمعرفة الحسية في أن كلا منهما يقيني ، لا اشتباه فيه . وقد روي عن عمر أنه قال لعبد الله بن سلام : أتعرف محمدا كما تعرف ولدك ؟ قال : نعم وأكثر ; نزل الأمين من السماء على الأمين في الأرض بنعته فعرفته ، وإني لا أدري ما كان من أمه . فقبل عمر رأسه وإن فريقا منهم أي أهل الكتاب ، مع ذلك التحقق والإيقان العلمي ليكتمون الحق أي يخفونه ولا يعلنونه وهم يعلمون أي الحق ، أو عقاب الكتمان ، أو أنهم يكتمون . قال الراغب : لم يقل يكتمونه . لأن في كتمان أمره كتمان الحق جملة . وزاد في ذمهم بقوله "وهم يعلمون" فإنه ليس المرتكب ذنبا عن جهل ، كمن يرتكبه عن علم . https://alashrafedu.com/up/uploads/w...5352161885.gif |
رد: تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله
|
الساعة الآن : 11:06 AM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour