إعجازات قرآنية في وظائف جلدية بقلم الدكتور كارم غنيم رئيس جمعية الإعجاز العلمي للقرآن في القاهرة يقول الله تعالى :(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا)[سورة النساء]. يخبر الله تعالى في هذه الآية عما يعاقب به في نار جنهم من كفر بآياته، وصد عن رسله، بأنه يسدخلهم ناراً دخولاً يحيط بجميع أجرامهم وأجزائهم، ثم أخبر عن دوام عقوبتهم ونكالهم، وأنه كلما احترقت جلودهم، بدلوا جلوداً غيرها، وفي رواية مائة وعشرين مرة، وكلتا الروايتين عن عمر يرفعها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويقول صاحب (الأساس في التفسير) : يختم الله عز وجل الآية بوصف ذاته بالعزة والحكمة، وهما يفيدان في هذا المقام غلبة الله بالانتقام، وأنه لا يمتنع عليه شيء مما يريده بالمجرمين، وعقوبته لهم هي الحكمة عينها. ويقول صاحب (روح المعاني) : (كلما نضجت جلودهم) أي : احترقت عند احتراقه جلداً جديداً مغايراً للمحترق صورة وإن كان مادته الأصلية موجودة. ويقول ابن عجيبة في (البحر المديد) : وإنما بدلت جلودهم (ليذوقوا) ألم " العذاب" أي : يدوم لهم ذلك بخلق جلد آخر مكانه والعذاب في الحقيقة للنفس العاصية لا لآلة إدراكها، فلا محذور، (إن الله كان عزيزاً) لا يمتنع عليه ما يريده، (حكيماً) يعاقب على قدر حكمته. وفي تبديل الجلود أثناء العذاب أسئلة يعرضها صاحب (مفاتيح الغيب)، ويجيب عنها، ونوجز كلامه فيما يلي: السؤال الأول :لما كان الله تعالى قادراً على إبقائهم (أي الكفار)أحياء في النار أبد الآباد، فلم لم يبق أبدانهم في النار مصونة عن النضج والاحتراق مع أنه يوصل إليها الآلام الشديدة، حتى لا يحتاج إلى تبديل جلودهم بجلود أخرى؟ والجواب : أنه تعالى لا يسأل عما يفعل، بل نقول : إنه تعالى قادر على أن يوصل إلى أبدانهم آلاماً عظيمة من غير إدخال النار مع أنه تعالى أدخلهم النار. السؤال الثاني:الجلود العاصية إذا احترقت، فلو خلق الله مكانها جلوداً أخرى وعذبها كان هذا تعذيباً لمن لم يعص وهو غير جائز؟ والجواب: هنا وجوه، منها : أن يجعل النضج غير النضيج، فالذات واحدة والمتبدل هو الصفة، فإذا كانت الذات واحدة كان العذاب لم يصل إلا إلى العاصي، وعلى هذا التقدير المراد بالغيرية التغاير في الصفة .. المعذب هو الإنسان، وذلك لأن الجلد ما كان جزءً من ماهية الإنسان، فإذا جدد الله الجلد وصار ذلك الجلد الجديد سبباً لوصول العذاب إليه لم يكن ذلك تعذيباً إلا للعاصي.. وكلما ظنوا أنهم احترقوا ونضجوا وانتهوا إلى الهلاك أعطاهم الله قوة جديدة من الحياة بحيث ظنوا أنهم يحدثوا ويجددوا فيكون المقصود من (بدلناهم جلوداً غيرها) بيان دوام العذاب وعدم انقطاعه .. وبنحو هذا كان فهم النيسابوري في تفسيره المسمى( غرائب القرآن ورغائب الفرقان) . ونعود إلى شهاب الدين الألوسي في تفسيره (روح المعاني)، لنجد يشرح (ليذوقوا العذاب) فيقول: .. والتعبير عن إدراك العذاب بالذوق من حيث أنه لا يدخله نقصان بدوام الملابسة، أو للإشعار بمرارة العذاب مع إيلامه، أو للتنبيه على شدة تأثيره من حيث أن القوة الذائقة أشد الحواس تأثيراً، أو على سرايته للباطن . ولعل السر في تبديل الجلود مع قدرته تعالى على إبقاء إدراك العذاب وذوقه بحال مع الاحتراق، أو مع بقاء أبدانهم على حالها مصونة عنه أن النفس ربما تتوهم زوال الإدراك بالاحتراق ولا تستبعد كل الاستبعاد أن تكون مصونة عن التألم والعذاب صيانة بدنها عن الاحتراق . وقيل : السر في ذلك أن النضج والتبديل نوع إياس لهم وتجديد حزن على حزن. الشبكة العصبية في الجلد: الجلد أكبر أعضاء جسم الإنسان، من حيث المساحة، فمتوسط مساحته هو 1.8 متر مربع، وهو يحيط بالجسم كله فيحميه ويكسبه مظهر جميلاً، كما أنه يتلقى المؤثرات الواقعة على الجسم من خارجه، وتظهر عليه انفعالات الجسم. يتركب الجلد، كما توصلت إليه البحوث الحديثة ـ من ثلاثة طبقات، الخارجية (السطحية) الرقيقة، تسمى البشرة[ Epidermis] والوسطى(المتوسطة)، وتسمى الأدمة [ Dermis]، وهي الجلد الحقيقي، والداخلية (السفلى ) وتسمى النسيج تحت الجلد[ Subcutaneus tissue] وأما البشرة فهي طبقة خالية من الأوعية الدموية،وتقوم بحماية الجسم من التأثيرات الخارجية والصدمات. وهي أرق طبقات الجلد، وإن كانت تتألف من أربع طبقات ثانوية، بالإضافة إلى طبقة خامسة في مناطق مثل راحة اليد وباطن القدم، وتسمى "الطبقة الصافية" أي : " الطبقة الرائقة" . وأما الأدمة فتحتوي أوعية دموية، وغدد عرقية، وبصيلات الشعر، والنهايات العصبية المستقبلة للألم والشعور بالحرارة والبرودة واللمس وخلافه، كما أنها هي التي تحدد " تخانة" الجلد في مناطق مثل: راحة اليد وباطن القدم. وتتراوح تخانة الجلد بين 2/1 ـ 5 ملليميترات، حسب مناطق الجسم. وهكذا يتضح بالتشريح الدقيق للجلد وجود شبكة من الألياف العصبية، توجد بها نهايات عصبية حرة، في طبقات الجلد، وتقوم هذه النهايات باستقبال جميع المؤثرات الواقعة على الجلد من البيئة الخارجية المحيطة به، من درجة حرارة، إلى رطوبة، إلى ضغط، إلى لمس، إلى ألم .. الخ .. كما تتحمل هذه الشبكة العصبية المسؤولية في تنظيم عمل المكونات الأخرى الموجودة بالجلد، مثل : الغدد الجلدية وأجربة [ Follicles] الشعر والأوعية الدموية [ Blood vessels] . ومما يذكر في هذا المقام أن الطبقة السفلى " تحت الأدمة " غنية بالنهايات العصبية المسئولة عن الإحساس بالضغط لكنها ـ أي : أن الطبقة السفلى ـ فقيرة في مستقبلات الألم واللمس وتتبادل هذه النهايات العصبية [ المستقبلات ـ Receptors]الألم والشعور به، وفيها المسئول عن اللمس " الاحتكاك " والضغط .. الخ . وخلاصة القول : إن الجلد عضو إحساس من الطراز الأول، وجه خريطة مدهشة من الأعصاب، لم يتم الكشف عنها إلا في القرنين التاسع عشر والعشرين الميلاديين، بعد تقدم وسائل البحوث الحديثة في كل من علم التشريح[ Anatomy]، وعلم الأنسجة [ Histology] وغيرها من العلوم. إننا لن نفصل القول في الآلية (الميكانيكية) التي تعمل بها الأعصاب في جسم الإنسان، فمن يريد هذا التفصيل عليه مطالعة الكتب الطبية، ولسوف نوجز فنقول : إن هذه المستقبلات الحسية المنتشرة في طبقات الجلد تستقبل المؤثرات البيئية الواقعة عليها طوال اليوم، ويتحول كل مؤثر (حرارة أو لمس أو ضغط أو كي أوغيرها) إلى نبضات كهربائية [ Electric impulses] بداخل الأعصاب التي توجد هذه المستقبلات بأطرافها، وتنتشر وتنتقل هذه النبضات على امتداد هذه الأعصاب إلى الدماغ (المخ ) ـ وهو المركز الرئيسي في الجهاز العصبي للإنسان ـ فتتم ترجمة المؤثر المستقبل [ Received stimulus] وبيان نوعه، وتحديد الاستجابة [ Response] المناسب تجاهه، إن كانت بالسلب أم بالإيجاب. أما في الأولى فتنفعل عضلات الإنسان لإبعاده عن موقع المؤثر السيئ، وأما في الثانية فتنفعل عضلاته نحو هذا المؤثر وتقترب منه أكثر. ويستطيع الإنسان أن يشعر بالمؤثر الواقع على الجلد طالما يقع هذا المؤثر داخل حدود معينة من الشدة [ التردد ـ Frequency] ، فإذا انخفضت شدته عن الحد الأدنى لم يشعر به الجلد، وإذا ارتفعت شدته عن الحد الأقصى شعر الجلد بألم، وقد ترتفع شدة المؤثر بدرجات كبيرة فتكون استجابة الجلد عنيفة وتؤدي إلى حدوث صدمة أو هبوط في الدورة الدموية وفقدان للوعي. وبالطبع، فإن هناك أجهزة أخرى غير الجلد يصيبها الإعياء والهبوط الوظيفي والتوقف عن العمل نتيجة تألم الجلد، أي : استجابته للمؤثر الواقع عليه، ولكن يبقى الجلد هو العضو الوحيد في جسم الإنسان المسئول عن الشعور بالألم . عندما يتعرض الجلد للإحراق فإنه يتألم، أي : ينقل الإحراق (كمؤثر) إلى الدماغ فيترجمه، وتكون النتيجة هي شعور الجسم بالألم وإذا كان الحرق من الدرجة الأولى (سطحي) تلتهب الطبقة الخارجية للجلد وتحمر ويتورم الجلد، ويصحب هذا آلام موضعية شديدة نتيجة لتأثير الحرق في الألياف العصبية، وتحدث هذه الحروق ـ مثلاًـ نتيجة التعرض فترة طويلة للشمس المباشرة ساعات الظهيرة. وإذا كان الحرق من الدرجة الثانية(أدمي) يشتد الألم لدرجة أن الجسم يفقد من السوائل ويتأثر ضغط الدم الشرياني وتتضرر الدورة الدموية، وقد يصاب الجسم بصدمة عنيفة. ويلاحظ في هذه الدرجة تكون أكياس مائية مختلفة الأحجام على البشرة، وقد تتمزق بسهولة، لتخرج سائلاً ملحياً، أو تنزف دماً. وإذا كان الحرق من الدرجة الثالثة (تحت الجلدي) فإن الحرارة الشديدة للحرق تؤدي إلى حدوث تلف شديد للطبقات العميقة بالجلد والأنسجة المجاورة، وتؤدي أيضاً إلى التفحم الجلدي، واضطراب وظائف العظام والعضلات، كما تؤدي إلى تجلط بروتينات الألياف العصبية، وتكون النتيجة هي توقف هذه الألياف عن العمل، أي : لا تكون قادرة على الإحساس بالمؤثر (الحرق)، وبالتالي يتوقف شعور الإنسان بالألم..!! http://www.55a.net/images/skin/skin-burn.gif صورة تبين طبقات الجلد ونوع الحرق بحسب الطبقة التي يتلفها درجة (4،3،2،1) تذكر الآيات القرآنية التي مرت معنا في الصفحات الأولى من لقائنا الحالي بصيغة الجمع دائماً، وليس بصيغة المفرد، وفي هذه إشارة علمية عظيمة كشف العلم الحديث عنها وخلاصتها: [1] خلايا الجلد أسرع انقساماً من غيرها من الجلد . [2] خلايا الجلد أسرع تغيراً وتبدلاً من غيرها من الخلايا، وقد يتغير الجلد في مساحة معينة منه تغيراً كاملاً في فترة وجيزة. [3] يتغير تركيب الجلد من مكان لآخر على سطح الجسم الواحد، فجلد جفون العيون يختلف عن جلد قناة الأذن الخارجية، ويختلف عن جلد باطن اليد، ويختلف عن جلد باطن القدم .. الخ . [4] وهكذا تكسو الإنسان مجموعة من الجلد وليس جلد واحد، سواء من حيث المكان (على سطح الجسم)، أم الزمان (التبدل والتغير)، وهكذا، تظهر الإشارة العلمية بجلاء. لقد عبر القرآن العظيم عن فقدان الجلد لتوصيل المؤثرات الواقعية عليه بلفظة (النضج)، والنضج علمياً هو(تجلط) أو (تخثر) بروتينات الألياف العصبية (في حالة حروق الدرجة الثالثة) نتيجة تعمق المؤثر وتغلغله إلى الطبقة تحت الجلدية، وذلك لشدته العنيفة. http://www.55a.net/images/skin/im-37.gif ولما كان المقصود هو إذاقة العذاب للكافرين في جهنم، استلزم هذا تجديد طبقات الجلد مرة أخرى ليشعر الإنسان بالألم، فإذا ازداد الإحراق، وتعمق أثره وتجلطت بروتينات الألياف العصبية السفلية، وفقد الإنسان القدرة على الإحساس بالألم، تكرر تجديد الجلد بكافة طبقاته، ليتكرر شعور الإنسان بالألم.. وهكذا، وكما عبرت عنه الآية الخامسة والستين في سورة النساء بالضبط: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا ).صورة لطبقة جلد تعرضت لحرق وتم تجلط بروتينات الألياف العصبية فتعطل الحس والحكمة المقصودة هي : (ليذوقوا العذاب) . وهكذا يشير القرآن في هذه الآية إلى حقيقة علمية لم يتوصل العلماء إلى معرفتها إلا حديثاً، بعدما تقدمت علوم التشريح والأنسجة، واخترعت أجهزة التكبير والقياس، فالآية تشير إلى مراكز الإحساس في الجلد، وتشير إلى وجود البروتينات التي تتجلط بحرارة النار الشديدة. نتناول الآن نصاً قرآنياً ورد في سورة الحج، يتحدث عن عذاب الكفار في نار جنهم أيضاً، وفيه إشارة إلى (نضج) الجلود، وإن لم يصرح بها، ذلك النص القرآني هو قول الله تعالى : (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ)[سورة الحج:19]. وخلاصة ما شرح به جمهور من المفسرين، كابن كثير والنيسابوري والنسفي والألوسي والبيضاوي وابن عجيبة والفخر الرازي، هذا النص القرآني الكريم، هو أن هناك فريقان، أن فوجان، أو طائفتان، اختلفوا في دين الله وصفاته، هما طائفة الكفار( ويشملهم جميعاً) وطائفة المؤمنين، فكان الفصل هو إنزال العقاب وشديد العذاب بالكفار هكذا: (قطعت لهم ثياب) يعني أن الله يقدر لهم نيراناً على مقادير جثثهم تشتمل عليهم كما تقطع " وتفصل " الثياب الملبوسة. وفي الكلام استعارة تمثيلية تهكمية وليس هناك تقطيع ولا تفصيل ولا ثياب. والمراد بالثياب هنا إحاطة النار بهم. وجاء الكلام بلفظ الماضي لأن ما كان من أمر الآخرة فهو كالواقع . و(يُصهَر)، أي : يذاب، والمعنى أن الحميم (وهو الماء الحار العنيف الحرارة) تنزل فوق رؤوسهم فيخترقها ويسقط في أجوافهم فيهلك أمعاءهم وأحشاءهم كما يتلف جلودهم، وقرئت " يصهر " بفتح الصاد وتشديد الهاء المفتوحة للمبالغة، وقيل إن " يصهر" بمعنى " ينضج "، وقيل : التقدير هنا هو( ويحرق الجلود)، لأن الجلود لا تذوب . والحميم ـ على النحو المذكور في هذه الآية ـ يذيب جميع المحتوى الداخلي للأجسام، وهذا أشد مما ذكر في آية قرآنية أخرى يقول الله سبحانه وتعالى فيها : (وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ)[سورة محمد "15] فلا بد إذن من تقطيع الأمعاء أو تثقيبها، لأن الحميم لا يؤلمها إلا إذا ثقبت من تقطيع الأمعاء أو تثقيبها، لأن الحميم لا يؤلمها إلا إذا ثقبت فيخرج منها ويؤثر في مراكز الإحساس بالحرارة الزائدة، كما أن الحميم لا يؤلم إلا بوجود جلد، لأن فيه توجد مراكز ومستقبلات الإحساس بالحرارة الشديدة، ولذلك جاءت (من وجهة النظر العلمية) لفظة "والجلود" في نهاية الآية [20] من سورة الحج، عُقيب " بطونهم" . وهناك علاقة بين حروق الجلود وتلف الأحشاء، ونلاحظ هذا في الآيتين القرآنيتين : (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ)[سورة الحج:19]. مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ فمع صب الحميم فوق الرؤوس وإغراقه لجلد الجسم العام، وإتلافه للجلد، فإن هذا التلف الذي هو في شكل حروق مدمرة تؤدي إلى حدوث اضطرابات وظيفية عنيفة في الجهاز الهضمي، يتبعها حدوث شلل للأمعاء وتمدد حاد لجدار المعدة، ثم ظهور تقرحات عنيفة فيها وفي الإثني عشر، ثم حدوث ثقوب في القناة الهضمية ونزيف داخلي كالذي يحدث عند ابتلاع مادة كاوية، وكذلك حدوث انتفاخ ضبابي للكبد نتيجة تراكم المواد السامة المتخلفة عن احتراق الأنسجة، وكذلك نقص الأكسجين والدم الواصلين إليه. وإضافة إلى هذا، فهناك تأثير لإحراق الجلود في التنفس ونلاحظ هذا في الآية القرآنية : (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ)[سورة هود:106]. وهذا ما توصل إليه العلم الحديث، فلقد اكتشف العلماء تغيرات وظيفية (فسيولوجية) تطرأ على الجهاز التنفسي نتيجة لحروق الجلد العنيفة، مما يؤدي إلى اختلاف المعادلة الوظيفية التي تحكم نسبة التهوية /التروية [ Ventilation – perfusion ratio]. وكذلك، فإن احتراق الجلد يسبب تلف القلب، ونلاحظ هذا في قول الله تعالى : (كَلَّا لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ {4}وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ {5} نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ {6} الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ {7} إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ)[سورة الهمزة]. ..) وفيه يقول الفخر الرازي (في تفسير الكبير) : " نار الله " الإضافة (أي : إضافة النار إلى الله، أي نسبتها إليه)، للتفخيم، أي : هي نار لا كسائر النيران. " الموقدة " : التي لا تخمد أبداً، أو " الموقد" بأمره أو بقدرته. ومنه قول الصحابي الجليل علي عليه السلام : عجباً ممن يعصي الله على وجه الأرض والنار تسعر من تحته.. وفي الحديث النبوي: (أوقد عليها ألف سنة حتى احمرت، ثم ألف سنة حتى أبيضت، ثم ألف سنة حتى أسودت، فهي الآن سوداء مظلمة )، وإن كان فيه هذا النص النبوي إعجاز علمي فهو في باب " الفيزياء " وليس مجاله هنا. ويقول الفخر الرازي : أما قوله تعالى : (التي تطلع على الأفئدة)، فأعلم أنه يقال : طلع الجبل، واطلع عليه، إذا علاه. وفي تفسير الآية يقول : إن النار تدخل في أجوافهم، حتى تصل إلى صدورهم وتطلع على أفئدتهم، ولا شيء في بدن الإنسان ألطف من الفؤاد (والفخر الرازي يقصد به القلب العضلي)، ولا أشد تألماً منه بأدنى أذى يماسه، فكيف إذا اطلعت نار جهنم واستولت عليه !! ثم إن الفؤاد مع استيلاء النار عليه لا يحترق، إذ لو احترق لمات، وهذا هو المراد (يقصد المعنى ) من قوله: (لا يموت فيها ولا يحيى )، ومعنى الإطلاع هو أن النار تنزل من اللحم إلى الفؤاد.. وأعلم أنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أن النار تأكل أهلها حتى إذا اطلعت على أفئدتهم انتهت، ثم إن الله تعالى يعيد لحمهم وعظمهم مرة أخرى . ويضيف العلم الحديث توضيحاً إلى هذا التفسير وما شابهه من تفسيرات للآية القرآنية، فلقد اكتشف العلماء حدوث تغيرات كبيرة في الفؤاد (القلب) والجهاز الدوراني بجسم المحروق، منها : هبوط انقباضية الفؤاد، هبوط في جانبه الأيسر، أو في جانبه الأيمن، أو في كليهما معاً، كما تحدث تغيرات ضارة جداً في سوائل الدم وخلاياه. وبعد، فلنعد إلى الآية الأساسية لموضوعنا الحالي، تؤكد أن اللفظة القرآنية المعجزة " نضجت " [في الآية 56من سورة النساء ] ستظل باقية على مر الزمان، وشاهد بالإشارة إلى حقيقة علمية لم يتوصل العلماء إليها سوى في العصر الحديث فقط، ألا وهي تجلط (تخثر) بروتينات النهايات العصبية في الطبقة الجلدية السفلى بفعل الحرارة الشديدة. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن قارئاً ولا كاتباً، فكيف جاء بهذه الحقيقة العلمية، كيف به يتحدث عن خصائص الأعصاب الحسية ووظائف مراكز الحس بالألم الموجود في الجلد، إنه بلا شك رسول يتلقى الوحي من الله الخالق العظيم، وما تلقاه بلا شك كتاب عظيم هو القرآن، وحي الله الذي ختم به حلقات اتصال السماء بالأرض، ولذلك أودع فيه أسرار لن تنتهي إلى يوم القيامة . |
عجـب الذنـب .. مركز التخليق وإعادة التركيب بقلم الدكتور محمد جميل الحبال يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : (كل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب منه خلق وفيه يركب). رواه مسلم الجامع الصغير / 6270. قال شراح الحديث إن عجب الذنب (رأس العصعص وهو مكان رأس الذنب من ذوات الأربع). وحتى نفهم الإعجاز البليغ في حديث النبي صلى الله عليه وسلم علينا أن نفهم أولاً أهمية الجزء الذيلي Caudal partمن جسم الإنسان، ولنبدأ بما بدأ به الحديث (منه خلق) : بعد أن تنقسم البيضة المخصبة عدة انقسامات تترتب خلايا inner Cell massإلى القرص الأوليdisk Germالمكون من طبقتين من الخلايا : خارجية Ectoderm وداخلية Endoderm ثم يستطيل هذا القرص وتستدق نهايته الذيلية مكوناً شكلاً كمثرياً ليبدأ الحدث الأهم في الأسبوع الثالث من حياة الجنين وهو ظهور أخدود طولي في الجزء الذيلي من القرص الجنيني في اليوم الخامس عشر والذي يعرف باسم الشريط الأولي Primitive streakوالذي تكمن أهميته في كونه الموزع الرئيسي للخلايا المكونة للأنسجة الجنينية الثلاثة Endoderm, Ectoderm, Mesoderm حيث تبدأ خلايا Ectodermبالانفصال عنده هذا الشريط لتتخذ مكاناً لها بين الـ Ectoderm & Endodermمكونة الطبقة الثالثة الـ Mesoderm . وهذه الطبقات الثلاث التي تأخذ مواقعها وترتيبها نتيجة النشاط الغزير للشريط الأولي ـ هي الأساس لجميع الأنسجة الجسمية المنوعة : فالـ Ectoderm يكون ‹الجهاز العصبي CNS,، والخلايا الحسية في الأنف والأذن والعين ، وطبقة البشرة Epidermisوسالفة العمود الفقري Notocord، والـ Endoderm يكون ‹القناة الهضمية وملحقاتها GIT. والـ Mesoderm يكون ‹ الجهاز الحركي (عظام + عضلات) Musculo-skeletal system والجهاز البولي التناسليUrogenital system ، وجهاز الدوران CVS ، والأغشية الجسمية Peritoinium, pleura, pericardium . وهكذا ندرك أهمية الشريط الأولي، إذا علمنا أن لجنة دارنك البريطانية قد اعتبرت الشريط الأولي العلامة الفاصلة للوقت الذي يسمح فيه للأطباء والباحثين بإجراء التجارب على الأجنة المبكرة للإنسان، حيث سمحت اللجنة بإجراء هذه التجارب قبل ظهور الشريط الأولي ومنعته منعاً باتاً بعد ظهوره على اعتبار أن ظهور هذا الشريط يعقبه البدايات الأولى للجهاز العصبي. ينتهي عمر الشريط الأولي Primitive streakفي نهاية الأسبوع الرابع وإذا حدث خلل ما وبقي هذا الشريط حتى الولادة فإنه يؤدي إلى ظهور أورام في المنطقة العصعصية ـ تحتوي على أنسجة متنوعة مشتقة من الطبقات الجنينية الأصلية الثلاث (مثل الشعر، الإنسان، عظام، أوعية دموية، .. إلخ ) ، لأنه يحتوي على الخلايا الأم للكائن الحي وهذه المعلومة الطبية الهامة ( في علم الأنسجة والأورام ) تثبت أن عجب الذنب ( عظم العصعص في نهاية العمود الفقري ) يحتوي على الخلايا الأم الرئيسة The Stem cellsالتي تتضمن كافة المعلومات الوراثية عن ذلك الكائن ( كالإنسان مثلاً ) والتي جاءت وكما ذكرنا سابقاً من ضمور الشريط الأولي في الأسابيع الأولى لخلق الجنين وتمركزها في نهايته والذي سيمثل في المستقبل عظم العصعص ( عجب الذنب ) والذي يمكن تشبيهه كالصندوق الأسود في الطائرة الذي يحوي كافة المعلومات عنها . هذه المعلومة تتلخص بأن جميع الأورام (الحميدة والسرطانية) التي تنشأ من نسيج معين كالعظم أو العضلة أو الغدد اللمفاوية أو الأمعاء تتكون عادة من نفس خلايا ذلك النسيج الذي نشأت منه فالورم العظمي مثلاً يتكون من خلايا العظم والأورام اللمفاوية من خلايا الغدد اللمفاوية وهكذا ولكن الورم الذي ينشأ من عظم العصعص ( عجب الذنب ) يتكون عادة من خليط متنوع من جميع أنسجة وخلايا الجسم ويسمى The Teratoma-Toti potent cells(الورم المتعدد الخلايا) فهو يحتوي على خلايا عظمية ولمفاوية وعضلية الخ .. وحتى الشعر مما يثبت أن خلايا عجب الذنب تحتوي في أنويتها على الخلايا الرئيسية التي تتألف منها جميع الأنسجة في الجسم . ·إن فكرة إعادة خلق كائن حي من جزء منه كانت غريبة إلى وقت قريب، لكن نجاح استنساخ (استنسال) بعض الحيوانات والأبحاث الجارية حول الاستنساخ البشري ـ الذي يعتبر العلماء أن مسألة نجاحه اليوم باتت مسألة وقت لا غيرها ـ قد أزالت العجب عن هذه الفكرة ـ فكرة إعادة خلق كائن حي من جزء منه وهو نواة خلية واحدة فقط تحمل كافة المورثات (الجينات) ، بغض النظر عن الحكم الشرعي والبعد الأخلاقي لمسألة الاستنسال والتي يحرمها الشرع بالنسبة للإنسان . وهذه الفكرة العظيمة ـ التي باتت سمة القرن الحادي والعشرون ـ تأييد لما قاله الصادق المصدوق قبل أكثر من 1400 سنة والتي تقرب لنا مفهوم إحياء الموتى. فإن المفيد في هذه المسألة أنها تقرب إلى أذهاننا مفهوم البعث يوم القيامة حيث أن جميع المخلوقات بضمنها الإنسان يبقى منه بعد موته وبلاء جسده الرمز الجيني محفوظاً في خلايا عجب الذنب وهو ما يسمى بالخارطة الوراثية Genetic Map التي يختص بها كل إنسان وتبقى محفوظة داخل بقايا عظم العصعص (عجب الذنب) وهو من أقوى عظام الجسد فتشكل النواة فيه البذور التي ينبت منها الإنسان يوم البعث كما ينبت البقل وذلك مصداق قوله صلى الله عليه وسلم (ما بين النفختين أربعون قال أربعون يوماً قال : أبيت قال أربعون شهراً قال أبيت قال : أربعون سنةً قال أبيت قال ثم ينزل الله من السماء ماءاً وينبتون كما ينبت البقل (ليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظماً واحداً وهو عجب الذنب ومنه يركب الخلق يوم القيامة) صحيح البخاري . ثم تأتي الأرواح (التي هي موجودة في السماء عند بارئها حيث أنها تعود إليه محفوظة بعد موت صاحبها ومفارقتها لجسده) وتدخل هذه الأجساد النابتة فإذا هم قيام ينظرون وكما يقول الله تبارك وتعالى: (وإذا النفوس زوجت ) (التكوير7) وهذا التشبيه بين إنبات النبات وبعث الموتى يوم القيامة نجده ماثلاً في كثير من الآيات لتقريب المفهوم وضرب المثل ومنها قوله تبارك وتعالى : (وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج، ذلك بأن الله هو الحق وإنه يحي الموتى وأنه على كل شيء قدير،وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور) (الحج 5-7 ) . وهكذا فقد أصبحت العلوم الطبية والحقائق العلمية في خدمة العلوم القرآنية والشرعية الطبيب الاستشاري الدكتور محمد جميل الحبال باحث في الإعجاز العلمي والطبي في القران والسنة الموصل – العراق- المصـادر 1-القرآن الكريم 2-الموسوعة الذهبية للأحاديث النبوية ( قرص ليزري ). 3-السيوطي ، الاكليل في استنباط التنزيل، بيروت / 1987. 4-السيوطي ، الجامع الصغير للسيوطي / دار الفكر، بيروت / 1981. 5-حسان شمس باشا ـ زيت الزيتون أسرار وإعجاز ، مجلة الإعجاز العلمي ـ العدد (8) شوال 1421هـ /ص30 . 6-عبد الحكيم عبد الله ، إعجاز الطب النبوي ، دار الآفاق العربية، القاهرة ، 1998 7-عبد الغني عبد الخالق حجية السنة ، مطبعة منير، بغداد 1993. 8-محمد جميل الحبال ووميض العمري ، الطب في القرآن ، دار النفائس، بيروت ، 1998. 9-محمد جميل الحبال ومقداد الجواري ، العلوم في القرآن ، دار النفائس، بيروت ، 1999 . 10-محمد علي البار ـ الإعجاز العلمي في أحاديث منع التداوي بالخمر ، مجلة الإعجاز العلمي ـ العدد (7) / جمادي أول 1421 ص32. 11-محمد فؤاد عبد الباقي، المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم،دار الفكر، بيروت1981. |
المُتَفَاعِلاَتُ الكيماوية للحياء الدكتور نظمي خليل أبو العطا أذكر أنني ذهبت أول مرة إلى إحدى المدن الشاطئية العربية الكبرى في ستينات القرن الماضي , وطلب مني قريبي أن أذهب معهم إلى شاطئ البحر فوافقت , ولم أكن ذهبت إلى الشواطئ العامة من قبل , رغم أنني أحب البحر وارتبط به لأنني نشأت بالقرب من شاطئ بحيرة المنزلة الكبرى , وافقت أن أذهب معهم , وفجأة طلبوا مني أن أخلع ملابسي في البيت وأرتدي ملابس البحر ونسير في الشارع لقرب بيتهم من الشاطئ ولكني أمتنعت بشده, إذ كيف أسير في الشارع بهذه الملابس المخصصة لنزول البحر ؟! نزلت معهم إلى الشارع فرأيت الناس يسيرون في الشارع بملابس البحر دهشت من هذا السلوك الغريب , ذهبت إلى الشاطئ فرأيت العجب العجاب وما لم يكن يخطر لي على بال يومها , النساء قد خلعن ملابسهن وارتدين ملابس البحر الفاضحة وتمددن على رمال الشاطئ والرجال حولهن من كل حدب وصوب , صُعقت من هذه المناظر الفاضحة , وغادرت هذا الشاطئ الذي يعج بالمعاصي فوراً وجلست في البيت إلى أن حضروا فقلت لهم كيف تقبلون هذه الأوضاع والسلوكيات المشينة والمهينه وأنتم من أهل القرى المحافظين وأنتم قبل ذلك وبعده من المسلمين؟! قالوا : لقد كنا في البداية مثلك تماماً , أما الآن فالأمر صار مألوفا جداً لنا . قلت لهم : لقد اقشعر بدني عندما طلبتم مني المشي في الشارع بملابس البحر , وأحسست كأن مرجلا ً يغلي في جلدي , ووقف شعر رأسي , وعندما رأيت هذه المناظر على شاطئ البحر اشتعل جسدي كله غلياناً , واحمر وجهي , وتأثرت تأثراً شديداً , ضحكوا من سلوكي وقالوا : أنت تذكرنا بأول أيامنا في هذه المدينه الشاطئية الكبيرة, أقسمت بعدها أن لا أذهب إلى شاطئ به هذه المعاصي أبداً. فكرت في الأمر كثيراً , ماالذي جعل جلدي يقشعر وخلايا جسدي تغلي ووجهي يحمر ؟! وما الذي جعلهم يفقدون هذا السلوك البدني والنفسي والاجتماعي العجيب ؟! قرأت بعد ذلك كتابا عن أن الانسان كائن كيميائي , كل شئ يتم في بدنه عبارة عن تفاعلات كيميائية استرجعت ذلك على ما دَرَسته, في الكيمياء الحيوية, والأيض والاتزان في الانسان , وعلم وظائف الأعضاء , استنتجت أن الحياء عباره عن متفاعلات كيمائية يبطل مفعولها التفاعلي بممارسة ما ينافي الحياء . قرأت في الأمر وتأكدت أن فكرتي صحيحة مئه في المئه فكنت أشرحها لطلابي في الجامعة , والآن هذه حقيقة علمية يعلمها أهل الاختصاص في علم وظائف الأعضاء الأحيائي , وعلم وظائف الأعضاء الإيماني , الذي استنتجه الأستاذ عبدالرحمن علي البنفلاح حفظه الله , وكتب عنه العديد من المقالات , وطلبت منه طباعتها لتوزع على الأطباء وأساتذة علم وظائف الأعضاء (الفسيولوجي) في الجامعات والمدارس للاستفادة بفكرتها وعلمها. وقد فطن الزمخشري لذلك فقال عن الحياء: الحياء تغير وانكسار يعتري الانسان من تخوف ما يُعاب به ويذم , وقال الراغب الاصفهاني الحياء انقباض النفس عن القبيح وهو من خصائص الانسان ليرتدع عن ارتكاب كل ما يشتهي. فكلمتي تغير عند الزمخشري والانقباض عند الاصفهاني تبينان أن هناك تفاعل يؤدي إلى هذا التغير وهذا الانقباض. واليوم 5/7/2004م شاهدت زوجتي وابن أختها الطفل في الصف الثالث الابتدائي إحدى البنات الرياضيات في التلفزيون وقد لبست ملابس فاضحه , فقال الطفل: أوف , كيف رضيت هذه المرأة بذلك, قالت زوجتي : انهن لايستحين , قلت: لقد تحطمت عندها متفاعلات الحياء التي تتحطم بالنظر وبسلوك عدم الحياء , فلا يشعر الانسان بالحياء فيفعل ما يشاء , مصداقاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم " إن مما أدرك الناسُ من النبوة الأولى : إذا لم تستح فاصنع ما شئت " رواه البخاري ومسلم , أي إذا لم يكن لدى المرء حياء يحول بينه وبين الشرور ويجنبه غشيان الزور , فليفعل ما بدا له من خير أو شر , حق أو باطل , طيب أو خبيث معروف أو منكر , يجر إلى الذم والملام والعيب والعار أم لايجر. فإذا فسدت عند الانسان متفاعلاته الحيائية فإنه يصنع ما يشاء دون خجل أو تمعر وجه أو اكتراث , فتذهب المرأة إلى البحر وتخلع ملابسها أمام الرجال دون حياء. وترقص البنت عارية أمام الكاميرات , وتلبس المسلمه الفاضح من اللباس أمام الناس ولا تبالي . وتعرض النساء أجسادهن دون حياء , لأن إحساسهن الفِطري بالحياء قد مات بموت متفاعلات الحياء الكيماوية عندهن وعند من يوافقهن والعياذ بالله. وتخلع المسلمه زي هويتها الاسلامية ما دامت بعيداً عن بلادها بلا حياء أو خوف من الله . ويرى الرجل المسلم الخبث في أهله ولايبالي لأنه فقد عناصر الحياء في خلاياه. فاحذري أختي المسلمه أن تتحطم متفاعلات الحياء الكيمائية عندك . واحذر أخي المسلم أن تكون ممن يرى الخبث في أهله ولايبالي. فإن الحياء شعبة من شعب الإيمان ونعمة من الله عظيمة , وهذه المتفاعلات الإيمانيه من أكبر النعم التي أنعم الله بها على البشرية. |
الإشارات الطبية المستنبطة من عقوبة قوم لوط الدكتور محمد جميل الحبال طبيب استشاري قال الله تعالى في كتابه العزيز: "إنَّ في ذلِكَ لآياتٍ للْمُتوَسمي"[1] أما بعد، فإن كتاب الله الذي ((لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه)) قد ذكر قوم لوط وذكر فاحشتهم التي ابتدعوها في نحوٍ من 83 آية في تسعِ سورٍ من القرآن الكريم كما في الجدول أدناه: عدد الآيات الآيات السورة ت 5 من الآية (80) إلى الآية (84)الأعراف 1 10 من الآية (74) إلى الآية (83)هود 2 20 من الآية (57) إلى الآية (77)الحجر 3 15 من الآية (160) إلى الآية (175)الشعراء 4 5 من الآية (54) إلى الآية (58)النمل 5 8 من الآية (28) إلى الآية (35)العنكبوت 6 6 من الآية (133) إلى الآية (138)الصافات 7 7 من الآية (31) إلى الآية (37)الذاريات 8 7 من الآية (33) إلى الآية (45)القمر 9 83 المجموع ففي سورة الأعراف مثلاً يصفهم الله تعالى بقوله: (( ولوطاً إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين، إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون، فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون، فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين، وأمطرنا عليهم مطراً فانظر كيف كان عاقبة المجرمين ))[2]وفي سورة الحجر يقول الله سبحانه وتعالى في حقهم أيضاً: ((فأخذتهم الصيحة مشرقين، فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل، إن في ذلك لآيات للمتوسمين، وإنها لبسبيل مقيم، إن في ذلك لآية للمؤمنين))[3].إن قصة قوم لوط بمجموعها، آية من آيات الله للمؤمنين ((إنَّ في ذلك لآية للمؤمنين)) ولكنها تحتوي على آيات كثيرة يمكن استنباطها للمتفحصين والمدققين وللمتفكرين الناظرين في الأمر لقوله تعالى ((إنَّ في ذلك لآيات للمتوسمين))، والواسم هو الناظر إليك من قرنك إلى قدمك[4]. وسنذكر أدناه بعض الحقائق الطبية والعلمية المستنبطة من هذه الآيات: 1) إن عمل قوم لوط الشنيع هذا كان الأول من نوعه لقوله تعالى ((ما سبقكم بها من أحدٍ من العالمين)) فهو عمل مكتسب من عاداتهم السيئة وطبائعهم وليس وراثياً، لأنهم كانوا أول من مارسوه. فلو كان وراثياً لكانت أجيالهم السابقة تمارسه أيضاً ولكان ذكر ذلك القرآن الكريم، فهم يتحملون وزر عملهم ووزر من عمل به إلى يوم القيامة كما أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك بقوله: "من سنّ في الإسلام سنة حسنة ، فعُمِل بها بعدهُ كُتِب لهُ مثل أجر من عمل بها ولا ينقص من أجورهم شيء. ومن سنَّ في الإسلام سنة سيئة فعُمِل بها بعده كُتِب له مثل وزر من عمل بها ولا ينقص من أوزارهم شيء"[5]. 2) ومن الناحية الطبية يمكن أن نتساءل عن الحكمة من خصوصية عقوبة قوم لوط بجعل عاليهم سافلهم وقصفهم بحجارة السجّيل المنضود (رشقات متناسقة متتالية من الطين المحترق أو المعدن الحار) التي قامت بحرقهم وإصابتهم كلّ بفرده لقوله تعالى ((مسوّمة)) أي مهدّفة ومصوّبة بحيث أصابت كل شخص منهم بنصيب وكما جاء بالتفاسير ( إنها كانت معلّمة مكتوب على كل منها اسم صاحبها الذي ستقتله)[6]. ثم كان دفنهم في أعماق الأرض التي قلبها رأساً على عقب ولم تترك أجسادهم مطروحة على الأرض في موقع الأحداث كما حدث لقوم عاد مثلاً في قوله تعالى في سورة الحاقة ((فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخلٍ خاوية))[7]فكانت أجسادهم (قوم عاد) ملقاة على الأرض كأنهم سيقان النخل الميتة الهزيلة. فما هو السر في هذا النوع من عذاب قوم لوط؟ إنه والله أعلم كانوا حاملين أو مصابين بمرض جنسي انتقالي وبائي فأراد الله أن يطهر البيئة والمنطقة المحيطة من رجسهم ودنسهم ومرضهم الذي يحملوه منعاً للتلوث كما طهرها من شركهم وكفرهم، وهذا الاستنباط يعتمد على الأسباب التالية: أ.أصبح هذا الشذوذ الجنسي أمراً مألوفاً لديهم يمارسونه بصورة علنية في أماكنهم العامة ونواديهم كما قال تعالى لهم ((وتأتون في ناديكم المنكر))[8]أي أنهم كانوا لا يستخفون ولا يستترون ولا يتحرجون منه، والذي يؤكد ذلك مجيئهم إلى سيدنا لوط عليه السلام عندما عرفوا بوجود ضيوف عنده، ومطالبتهم إياه وبصورة وقحة تنمّ عن المستوى الدنيء الذي وصلوا إليه بالمجاهرة بمثل هذه المعصية وبصورة علنية غير مراعين للآداب العامة، ولا محترمين للضيف الذي يكون في حماية مضيّفه إلى غير ذلك من الاعتبارات التي تعارف عليها الناس في مجتمعاتهم والتزموا بها مع اختلاف معتقداتهم. ومن بين هؤلاء العرب في جاهليتهم حيث كان للضيف عندهم المقام الأسمى. لقد ناقش قوم لوط نبيهم بوضوح فاضح وجادلوه جدالاً ساخناً في شأن أضيافه (الرسل – الملائكة) فكان نقاشهم وجدالهم أعظم دليل على قبح سلوكهم الشائن والمعلن والذي ذكره القرآن الكريم في قوله تعالى:(( ولما جاءت رسلنا لوطاً سيء بهم وضاق بهم ذرعاً وقال هذا يومٌ عصيب، وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال ياقوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجلٌ رشيد، قالوا لقد علمت مالنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد))[9].وهكذا وعندما أصبح أمرهم شائعاً علناً صَدَق عليهم قول الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم: "لم تظهر الفاحشة في قوم قطّ حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا"[10]. ب.ومما يعضد هذا الاستنباط قولهم (( أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون))[11]أي يتنـزهون…لقد كان آل لوط طاهرين غير ملوثين وبمفهوم المخالفة إنهم كانوا (أي قوم لوط) ملوثين غير طاهرين؛ وحاملين لمرض جنسي انتقالي خطير!!. وكذلك لقول سيدنا لوط عليه السلام لقومه أثناء المناقشة التي دارت بينهما ومطالبتهم إياه بتسليم أضيافه لهم لارتكاب الفاحشة معهم بأن البديل لهذا العمل الشائن والقبيح والضار هو الزواج الطبيعي (الشرعي) من النساء وأتباع سنة الفطرة في العلاقات الجنسية وليس بالشذوذ والانحراف عن ذلك فقال الباري عز وجل على لسانه ((قال ياقوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم))[12]. وفي قوله (بناتي) أي بنات القوم والعشيرة لأنه كان رئيسهم ونبيهم وكل نساء قومه بمثابة بناته. والشاهد هنا في قوله ((هن أطهر لكم)) أي أن ممارسة الغريزة الجنسية عن طريق الزواج الشرعي بهنَّ هو عين (الطهر) والخير والنماء والصحة والعافية للفرد والمجتمع وفي حالة الانحراف عنه إلى الشذوذ الجنسي (عمل قوم لوط أو الزنا) هو التلوث والضرر والمرض (المخالف للطهارة) وفي ذلك إشارة غير مباشرة من سيدنا لوط عليه السلام لوقايتهم من الأمراض التي تنتقل عن الممارسات الجنسية غير الشرعية(S.T.D) (SexuallyaTransmittedaDisease). ج.إن طريقة دفن الموتى المتوفين بمرض متلازم نقص المناعة المكتسب (الإيدز) تشبه إلى حد كبير نوع العقاب الذي وقع على قوم لوط من تحريق ثم دفن في أعماق الأرض حتى لا ينتشر الجرثوم الذي حملوه في محيطهم وبين مجتمعاتهم، لأن هذا الجرثوم (كما في فايروس الإيدز مثلاً) معدٍ بجميع إفرازات جسد حامله من دم ومني وبول ولعاب قال تعالى في سورة هود ((فلمّا جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل منضود، مسوّمة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد))[13]وقال تعالى: ((كذَّبت قوم لوط بالنذر، إنا أرسلنا عليهم حاصباً إلا آل لوط نجيناهم بسَحَر))[14].وكما جاء في تفسير القرطبي: (فنرى أن الله تعالى رماهم أولاً بريح حاصب تحمل الحصى كل حصاة تحمل اسم صاحبها تُصيبه ولا تخطئه، ثم رماهم الله تعالى بحجارة من سجيل منضود شديد كثير نُضِّدَ بعضه فوق بعض حتى صار جسداً واحداً علامة لهم)[15]. فلما جاء موعد هلاكهم أدخل جبريل جناحه تحت قرى قوم لوط وهي (سدوم، عامورا، دادوما، ضعوة و قتم) فرفعها من تخوم الأرض إلى أدناها من السماء بما فيها ثم نكسوا على رؤوسهم أتبعهم بالحجارة المحترقة جزاءاً وفاقا وعلاجاً حصيناً مانعاً من انتشار وبائهم في الأرض المحيطة بهم والذين هم ليسوا على شاكلتهم في الكفر والشذوذ الجنسي ولا يمارسون هذه العادة القبيحة. وبمقارنة بسيطة مع التعليمات حول دفن المرضى المصابين بمرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز) الصادرة عن اللوائح الصحية الدولية ترى سبق القرآن الكريم للطب الحديث في الوقاية من أمراضٍ وبائية كهذه فالتقت حقائق الطب والعلم الصحيحين بكتاب الله المؤيدان له على الدوام، وأصبح القرآن مفتاح العلوم. وهذه التعليمات هي: تعليمات دفن الموتى والمصابين بمرض الإيدز 1.إبلاغ دائرة الخدمات الوقائية عند حدوث الوفاة. 2.لا يجوز دفن الجثة من قبل ذويها (عندما تكون الإصابة بأحد الأمراض الخاضعة للوائح الصحية الدولية كالحمى النـزفية ومرض متلازمة العوز المناعي المكتسب - الإيدز). 3.تدفن الجثة من قبل دائرة صحة المحافظة وتحت إشراف شعبة الأوبئة بالتعاون مع أمانة العاصمة أو البلديات في المحافظات في الأماكن المخصصة لهذا المرض في مقبرة المدينة التي حدثت فيها الوفاة ولا يجوز نقل الجثة إلى منطقة خارج منطقة الوفاة. 4.سد كافة منافذ الجثة ويمنع تسرب الإفرازات منها مع لف الجثة بقماش مشبع بمحلول مادة (الفورمالين) مع التأكد إلى القائمين على العمل بالعملية بوجوب اتخاذهم كافة الاحتياطات اللازمة لمنع انتقال العدوى. 5.توضع الجثة في تابوت معدني في قاعه طبقة خاصة من مادة كالفحم أو نشارة الخشب ومضاف إليه مادة مطهرة (الفورمالين) ويقفل جوانب التابوت وفتحاته باللحيم. 6.يوضع التابوت المعدني في داخل صندوق خشبي بسمك (2سم) وجوانبه غير قابلة لنفوذ السوائل ويحكم إقفاله بواسطة المسامير اللولبية. 7.يحفر القبر بعمق مترين مع إضافة المواد المطهرة إلى قاع القبر وإلى التراب بعد تغطية التابوت به. 8.يكون الدفن بإشراف وحضور ممثل المؤسسة الصحية. وينظم محضر خاص بالدفن وتسلم شهادة الوفاة إلى ذوي المتوفى بعد انتهاء مراسيم الدفن. 9.لا يجوز نقل جثة المتوفى بأحد الأمراض الخاضعة للوائح الصحية الدولية والحمى النـزفية ومرض متلازمة العوز المناعي المكتسب (الإيدز) إلا بعد انقضاء فترة سنتين من تأريخ الدفن وبعد الحصول على الإجازة الصحية الخاصة بذلك من وزارة الصحة. ولو تأملنا الآيات النازلة بحق قول لوط من جهات كثيرة احتوتها لوجدنا أن الله تعالى جعل عقوبتهم المخصوصة بهم وقاية صحية لبني آدم فدفنُهُم بالأعماق وتغطيته أجسادهم بالحصى المحترق المتراكم عليهم كالخراسانات الاسمنتية دليل على أن الوقاية من الجراثيم التي يحملونها لا يُتَحصّن منها إلاّ هكذا... وأصبح دفن الموتى بمرض (الإيدز) في زماننا هذا بتعليمات مشددة كما هو مبين في التعليمات السابقة، ومقاربة كثيراً لنوعية عقوبة قوم لوط بل نجد في خصوصية عقوبتهم إجراءات أشد وأقسى لكونها عقوبة جماعية (والعياذ بالله) واحتمالات انتشار الوباء في حالتهم أكبر وأخطر من الحالات الفردية والله أعلم. 3)يقول الله عز وجل في محكم كتابه ((ولقد تركنا منها آية بيّنة لقوم يعقلون))[16]فما هذه الآيات البينات التي تركها الله لنا كعلامة وبراهين ودلالات على عذب قوم لوط جزاءً وفاقاً على ما اقترفوه ومخالفتهم لإرشادات نبيهم سيدنا (لوط) عليه السلام؟ إنّ من هذه العلامات والبراهين (والله أعلم) هو الموقع الجغرافي والجيولوجي في مكان نزول العذاب عليهم في قراهم ومساكنهم، قال تعالى ((فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل))[17]فقد طمرهم الله سبحانه وتعالى في الأعماق وغمرتهم الحجارة السجيلية المحترقة ودَكَّتهم دكاً. ونتيجة لهذه الظاهرة الكونية وربما لموقعهم الجغرافي في حوض البحر الميت (The dead sea)(موقع قراهم) المنخفض والذي يُعتبر أخفض منطقة بالعالم عن مستوى سطح البحر بمقدار 400م حيث أشار الله عز وجل إلى ذلك في آية أخرى بقوله ((غُلِبَت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون))[18]وأدنى الأرض من معانيها (أخفض منطقة في الأرض) وهذا المكان الذي وقعت فيه المعركة بين الروم والفرس (الجولة الأولى) في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (العهد المكي) وهذا الانخفاض في موقع الحدث له أهمية طبية وقائية كبيرة تدل على تحوطات الأمان التي اتخذها الله جلّت قدرته لوقاية البشر والبيئة من محيط هؤلاء القوم الذين وقع عليهم العذاب من الجراثيم المعدية التي كانوا يحملونها في أجسادهم. فإنه لو كانت مواقعهم مرتفعة عن المستوى المحيط بها لترسبت إفرازاتهم بعد تفسخ أجسادهم في التربة وكذلك إلى المياه الجوفية وانتقلت منها إلى الأنهار أو الآبار المحيطة بهذا الموقع وحدث التلوث ووقعت العدوى وانتشر المرض. ولكن لمّا كان موقعهم الذي حدثت فيه هذه العقوبة هو أخفض منطقة ليس بمحيطهم فقط وإنما على مستوى العالم أجمع فإنه لا مجال لانتقال هذه المواد الملوّثة إلى موقع آخر لأن جميع المواقع المحيطة بهم هي أعلى من موقعهم! إضافة إلى ذلك فقد غطى الله عز وجل بحكمته وتقديره العجيب مكان العقوبة ببحيرة من الماء شديد الملوحة (البحر الميت) والذي سمِّي (بالميت) لأن الأحياء لا تستطيع أن تعيش فيه كالأسماك والنباتات المائية وغيرها لشدة ملوحته وكثافته العالية بحيث أن الشخص الذي يسبح فيه لا يغطس وكما نعلم إن الماء شديد الملوحة لا تعيش فيه الجراثيم وإنما يُقضى عليها بسبب التركيز العالي للملح الذي يسحب الماء منها بسبب خاصية (Hyperosmolar) فيصيبها بالجفاف والموت. لذلك جعل موقعهم (إضافة إلى انخفاضه الشديد كما ذكرنا) مغطى بمادة معقمة تقتل الجراثيم في حالة تسربها من إفرازا تهم المعدية (كطبقة عازلة). فسبحان الله العظيم الذي قدّر لهؤلاء القوم المنحرفين هذا النوع من العذاب من جنس عملهم وخلّص البشرية من دنسهم ومرضهم الوبائي الذي كانوا يحملونه وجعل هذه الوسائل للقضاء على هذا الوباء ومنع تسربه وانتشاره وترك لنا هذه العلامات والآيات الباهرات لنستدل بها على عظيم ودقيق صنعه ورحمته بالمؤمنين الموحدين وشديد عقوبته للمخالفين المنحرفين. 4)وفي قوله تعالى ((فما خطبكم أيها المرسلون، قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين، لنرسل عليهم حجارة من سجيل...)) فقوم لوط إذن من المجرمين بفعلهم الشنيع إضافة إلى إنهم كافرين... فالشذوذ الجنسي هو فعل إجرامي يعاقب الله عليه في الدنيا والآخرة، وليس كما يتشدق به بعض دعاة حقوق الإنسان والماديون وغيرهم من الملحدين (بأنه من حق الفرد وهو حر في تصرفه). إن الشذوذ الجنسي جريمة (كما قرر ذلك القرآن الكريم) ليس فقط لكونه مخالفاً للفطرة البشرية وناقلاً للأمراض الوبائية وفعلاً مضاداً للأخلاق والأديان وغير ذلك من الأسباب التي لا يعترف بها هؤلاء الماديون ولا يؤمنون بها، ولكننا نستطيع دحض دعواهم بالدليل التالي: فإنه لو كان عملهم صحيحاً فإنه سيكون مفيداً للمجتمع! ولكن إذا قمنا بنشره وعممناه على الناس لانقطع النسل الآدمي وهلكت البشرية! لذلك كان هذا النوع من الشذوذ فعلاً إجرامياً بحق وحقيقة وهناك قاعدة لمعرفة أي عمل من الأعمال هل هو خير ومفيد أم هو شر وضار وهي أن نقوم بتعميم هذا العمل على كافة أفراد المجتمع ونرى ما الذي سيحصل من إتباع الناس جميعاً لهذا النوع من العمل فلو قال أُناس أن (الخمر) مثلاً مفيد ونافع ونقوم بتعميم شرب الخمر على كافة الناس صغاراً وكباراً نساءً ورجالاً (لأنه أمرٌ مفيد كما يقولون!) فما الذي سيحصل في هذا المجتمع إنه بالتأكيد ستضطرب الأمور وتقع المشاكل والحوادث التي لا حصر لها وعلى كافة المستويات وتقف عجلة الحياة. كذلك لو عممنا مثلاً (الأمانة) في قوم لعاش الناس ينعمون بالخير آمنين في سربهم لا يكدر عيشهم شيئاً. وهكذا بالنسبة للغريزة الجنسية التي أنعمها الله علينا لحفظ النسل والذرية فإنه لو استعملت في غير موضعها (كما فعل قوم لوط) لانقطع النسل وتوقفت الحياة وفي ذلك جريمة كبرى ما بعدها من جريمة. 5)وفي قوله تعالى ((بل أنتم قومٌ مسرفون))[19].لماذا اختار الله سبحانه وتعالى كلمة ((مسرفون)) من دون بقية المعاني والكلمات؟! نحن نعلم أن القرآن الكريم هو كلام الله المعجز وكل كلمة ذُكِرَت فيه لها مدلولاتها الخاصة المناسبة حسب الموقع التي ترد فيه علماً أنّ هذه العبارة ((قوم مسرفون)) لم ترد في القرآن الكريم إلاّ بحق قوم لوط وأهل القرية الذين ذكرهم الله في سورة يس بقوله تعالى ((قالوا طائركم معكم أئن ذكرتم بل أنتم قومٌ مسرفون))[20].وجاء في التفاسير معنى قوله تعالى ((بل أنتم قوم مسرفون)) ما يلي: تفسير الجلالين:متجاوزون الحلال إلى الحرام. تفسير ابن كثير:أي عدلتم عن النساء وما خلق لكم ربكم منهن إلى الرجال وهذا إسراف منكم وجهل لأنه وضع الشيء في غير محله. تفسير القرطبي:نظيره ((بل أنتم قوم عادون))[21]، في جمعكم إلى الشرك هذه الفاحشة. والعادون المتجاوزون لحدود الله وقال ابن بحر: السرف هنا الفساد ومعناه بل أنتم قوم مفسدون. هذه خلاصة ما ورد من معان في هذه العبارة وكلها صحيحة وتنطبق على قوم لوط وصفة عملهم الشنيع ولكن معاني القرآن الكريم تتجدد ، وكلما تقدم العلم والطب كلما ظهر لنا معاني وحقائق جديدة لم تكن معروفة سابقاً ولذلك وصف الرسول الكريم سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام القرآن الكريم بالكتاب "وهو الذي لا تنقضي عجائبه"[22]، أي (لا تنقطع معجزاته وبراهينه وتتدفق غيوبه وعلومه على سائر الأجيال حتى قيام الساعة). والمعنى الجديد لكلمة ((مسرفون)) والذي يُضاف إلى المعاني السابقة التي ذكرها المفسرون جميعاً رضوان الله تعالى عليهم وأجادوا في بيانها هو ما يلي (والله أعلم): ثبت بالفحص الطبي ومراقبة كمية الجهد البدني والعضلي الذي يبذله الإنسان في عملية الاتصال الجنسي عن طريق فعل قوم لوط (Homosexuality) أن كمية الطاقة المبذولة في هذه العملية هي أضعاف كمية الجهد والطاقة التي يحتاجها الجسم ويبذلها الإنسان في حالة ممارسة الجماع مع زوجته! والتي هي بمعدل مائة سعرة حرارية[23]ومن نافلة القول أنه وجد أيضاً أن كمية الطاقة المبذولة لهذه العملية أيضاً لرجل مع امرأة من غير حليلته (الزنا) تكون ضعف الجهد والطاقة مقارنة مع الزوجة (حليلته) أما في عملية قوم لوط فتكون أكثر من ذلك كما ذكرنا ذلك. وفي ذلك إسراف وتضييع لجهد ولطاقة الإنسان في أمر يستطيع أن ينجزه وبصورة شرعية وراحة نفسية مع حليلته إضافة إلى كسب الثواب والأجر في وضع نطفته في محلها الحلال فقد ورد عن المصطفى صلى الله عليه وسلم قوله في الحديث الشريف "... وفي بضع أحدكم صدقة. قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر، قال صلى الله عليه وسلم: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر" (رواه مسلم). فإذن الإسراف هنا قد يكون في فقدان الجهد والطاقة وما يؤدي ذلك إلى ضعف الجسم وتدهور الصحة في حالة الاستمرار على هذه العادة السيئة، وكما جاء في قوله تعالى ((وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين))[24]فقد ذكر ابن كثير في تفسيره من قوله تعالى ((ولا تسرفوا)) أي لا تأكلوا حراماً ذلك الإسراف ولما كان الزنا وعادات قوم لوط من المحرمات فهما من الإسراف المعنوي والمادي والصحي ولذلك نعت الله تعالى قوم لوط بالمسرفين. واختار هذه الكلمة الدقيقة المعنى والمغزى والمناسبة لعملهم المخالف للدين والخلق والصحة للفرد والمجتمع. هذه بعض الاستنباطات الطبية والعلمية من قصة قوم لوط وخصوصية العقوبة التي عاقبهم الله بها ويحتاج الموضوع إلى استنباطات ودراسات أخرى من قبل متخصصين في علوم الأرض (الجيولوجيا) وعلم الآثار والجغرافية وغيرها لبيان الإشارات العلمية الأخرى في قصتهم، لقوله تعالى(وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم))،[25]وقوله تعالى((وإنكم لتمرون عليهم مصبحين، وبالليل أفلا تعقلون))[26]. وخلاصة القول: أن العبرة النهائية والهامة من قصة قوم لوط ونوعية العذاب الذي وقع عليهم (ومن قصص الأنبياء جميعاً عليهم وعلى رسولنا الصلاة والسلام) أن العقاب في الدنيا والآخرة لكل من يخالف أوامر الله عز وجل وتعاليم رسله وأنبياءه في كل زمان ومكان لقوله عز وجل في محكم كتابه ((فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم))[27]. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. المصادر والمراجع 1.المعجم المفهرس لألفاظ القرآن العظيم/ محمد فؤاد عبد الباقي. دار الفكر 1401هـ-1981. 2.حجية السنة/ العلامة عبد الغني عبد الخالق. مطبعة منير بغداد 1991. 3.الجامع الصغير/ للعلامة جلال الدين السيوطي. دار الفكر 1981. 4.الجامع لأحكام القرآن/ لأبي عبد الله محمد بن أحمد القرطبي. دار الكتب العلمية 1408هـ-1988. 5.لوائح الصحة الدولية/ المجموعة الأولى/ قانون الصحة العامة/ المرقم (89) لسنة 1981. ملحق رقم (8) وزارة الصحة/ بغداد. 6.زبدة التفسير من فتح القدير/ محمد سليمان الأشقر. ط2، 1988 – وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية/ الكويت. 7.مفردات ألفاظ القرآن/ الراغب الأصفهاني. دار القلم، دمشق، ط1 1996. 8.Leslee Welch's – A Handbook for Canally Curious, Truslees of Colombia University (1998). طبيب استشاري الدكتور محمد جميل الحبّال طبيب استشاري وباحث في الإعجاز الطبي والعلمي في القرآن والسنة الموصل – العراق |
إعجاز القرآن في الناصية الشيخ عبد المجيد الزنداني وصف القرآن الناصية بأنها كاذبة خاطئة كما قال تعالى: ﴿ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ ﴾(العلق:16) . http://www.55a.net/firas/photo/48506217.jpg والناصية لا تنطق فكيف يسند إليها الكذب ؟ ولا تجترح الخطايا فكيف تسند إليها الخطيئة؟ أوجه الإعجاز العلمي : لقد أزال البروفيسور محمد يوسف سكر(1) عني هذه الحيرة(2)عندما كان يحدثني عن وظائف المخ فقال : إن وظيفة الجزء من المخ الذي يقع في ناصية الإنسان هي توجيه سلوك الإنسان فقلت له : وجدتها ! قال : ماذا وجدت ؟ قلت : وجدت تفسير قوله تعالى : ﴿نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ ﴾فقال : دعني أراجع كتبي ومراجعي . وبعد مراجعته لتلك الكتب والمراجع ، أكد الأمر وقال : إن الإنسان إذا أراد أن يكذب فإن القرار يتخذ في الفص الجبهي للمخ الذي هو جبهة الإنسان وناصيته ، وإذا أراد الخطيئة فإن القرار كذلك يتخذ في الناصية . ثم عرضت الموضوع على عددٍ من العلماء المتخصصين، منهم البرفسور كيث إل مور(3) الذي أكد أن الناصية هي المسئولة عن المقايسات العليا وتوجيه سلوك الإنسان، وما الجوارح إلا جنود تنفذ هذه القرارات التي تتخذ في الناصية؛ لذلك فالقانون في بعض الولايات الأمريكية(4) يجعل عقوبة كبار المجرمين الذي يرهقون أجهزة الشرطة هي استئصال الجزء الأمامي من المخ الناصية، لأنه مركز القيادة والتوجيه ليصبح المجرم بعد ذلك كطفلٍ وديع يستقبل الأوامر من أي شخص. وبدراسة التركيب التشريحي لمنطقة أعلى الجبهة وجد أنها تتكون من أحد عظام الجمجمة المسمى العظم الجبهي(5)، ويقوم هذا العظم بحماية أحد فصوص المخ والمسمى الفص الأمامي أو الفص الجبهي(6)، وهو يحتوي على عدة مراكز عصبية تختلف فيما بينها من حيث الموقع والوظيفة . وتمثل القشرة الأمامية الجبهية الجزء الأكبر من الفص الجبهي للمخ، وترتبط وظيفة القشرة الأمامية الجبهية بتكوين شخصية الفرد، وتعتبر مركزاً علوياً من مراكز التركيز والتفكير والذاكرة، وتؤدي دوراً منتظماً لعمق إحساس الفرد بالمشاعر، ولها تأثير في تحديد المبادأة والتمييز . وتقع القشرة مباشرة خلف الجبهة أي أنها تختفي في عمق الناصية، وبذلك تكون القشرة الأمامية الجبهية هي الموجه لبعض تصرفات الإنسان التي تنم عن شخصيته مثل الصدق والكذب والصواب والخطأ ... الخ، وهي التي تميز بين هذه الصفات وبعضها البعض وهي التي تحث الإنسان على المبادأة سواءً بالخير أو بالشر(7). وعندما قدم البرفسور كيث إل مور البحث المشترك بيني وبينه حول الإعجاز العلمي في الناصية، في مؤتمر دولي عقد في القاهرة(8)، لم يكتف بالحديث عن وظيفة الفص الجبهي في المخ الناصية عند الإنسان، بل تطرق إلى بيان وظيفة الناصية في مخاخ الحيوانات المختلفة ، وقدم صورا للفصوص الجبهية في عدد من الحيوانات قائلاً : إن دراسة التشريح المقارن لمخاخ الإنسان والحيوان تدل على تشابه في وظيفة الناصية ، فالناصية هي مركز القيادة والتوجيه عندالإنسان وكذلك عند كل الحيوانات ذوات المخ، فلفت قوله ذلك انتباهي إلى قوله تعالى: ﴿ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ ءَاخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾(هود:56)و تذكرت أيضاً بعض أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في الناصية كقوله:( اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ )(9) وكقوله:( أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ)(10)وكقوله :( الْخَيْلُ معقود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ )(11)فإذا جمعنا معاني هذه النصوص نستنتج أن الناصية هي مركز القيادة والتوجيه لسلوك الإنسان، وكذا سلوك الحيوان . المعاني اللغوية للآية وأقوال المفسرين:قال تعالى﴿كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ15نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ16﴾(العلق:15-16). السفع : هو القبض والجذب، وقيل هو مأخوذ من سفع النار، والشمس إذا غيرت وجهه إلى السواد(12).الناصية : هي مقدم الرأس(13). أقوال المفسرين : ذهب جمهور المفسرين إلى تأويل الآية بأن وصف الناصية بالكذب والخطيئة ليس وصفاً لها بل هو وصف لصاحبها(14)، وأمرّها الباقون كما هي بدون تأويل مثل الحافظ ابن كثير . و يتضح من أقوال المفسرين رحمهم الله عدم علمهم بأن الناصية هي مركز اتخاذ القرار بالكذب أو الخطيئة ، فحملهم ذلك على تأويلها بعيداً عن ظاهر النص ، فالنص يصفها بالكذب والخطيئة ، وهم أولوا وصفها بذلك ، فجعلوه وصفاً لصاحبها ، فأولوا الصفة والموصوف في قوله تعالى ﴿ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ ﴾كما لو كانت مضافاً ومضاف إليه، والفرق واضح في اللغة بين الصفة والموصوف والمضاف والمضاف إليه. وأمرّ آخرون من المفسرين الآية كما هي ، دون أن يقحموا أنفسهم فيما لا تطيقه معارفهم وعلومهم في ذلك الزمان . • يقول البرفسور كيث إل مور مستدلاً على هذه المعجزة العلمية : إن المعلومات التي نعرفها عن وظيفة المخ لم تذكر طوال التاريخ، ولا نجد في كتب الطب عنها شيئاً، فلو جئنا بكتب الطب كلها في عهد النبي r وبعده بقرون لن نجد ذكراً لوظيفة الفص الجبهي الأمامي الناصية ولن نجد له بياناً ، ولم يأت الحديث عنه إلا في هذا الكتاب القرآن الكريم، مما يدل على أن هذا من علم الله جل وعلا الذي أحاط بكل شئ علماً، ويشهد بأن محمداً رسول الله (15). • ولقد كانت بداية معرفة الناس بوظيفة الفص الأمامي الجبهي في عام 1842م ، حين أصيب أحد عمال السكك الحديد في أمريكا بقضيب اخترق جبهته، فأثر ذلك في سلوكه ولم يضر بقية وظائف الجسم، فبدأت معرفة الأطباء بوظيفة الفص الجبهي للمخ، وعلاقته بسلوك الإنسان. • وكان الأطباء يعتقدون قبل ذلك أن هذا الجزء من المخ الإنساني منطقة صامته لا وظيفة لها. فمن أعلم محمد r بأن هذا الجزء من المخ الناصية هو مركز القيادة للإنسان والدواب وأنه مصدر الكذب والخطيئة . • لقد أضطر أكابر المفسرين إلى تأويل النص الظاهر بين أيديهم لعدم إحاطتهم علماً بهذا السر، حتى يصونوا القرآن من تكذيب البشر الجاهلين بهذه الحقيقة طوال العصور الماضية، بينما نرى الأمر في غاية الوضوح في كتاب الله وسنة رسوله r في أن الناصية هي مركز القيادة والتوجيه في الإنسان والدواب. فمن أخبر محمد rمن بين كل أمم الأرض بهذا السر وبهذا الحقيقة؟! إنه العلم الإلهي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وهو شهادة من الله بأن القرآن من عنده ، لأنه نزل بعلمه سبحانه. المراجع : .(1) البرفسور محمد يوسف سكر : عميد الدراسات العليا بكلية الطب في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة في حينها وله كتاب باللغة الإنجليزية في وظائف الأعضاء يعد مرجعاً في الكليات الأجنبية. (2) صاحبتني هذه الحيرة خمسة عشر عاماً .(3) كيث إل مور من كبار الأطباء في العالم، تدرس بعض كتبه في كليات الطب بعدة لغات وله مرجع كبير في تشريح المخ. وقد أشترك في تقديم عدة بحوث في الإعجاز الطبي في مؤتمرات الإعجاز العلمي العالمية. (4) كما أخبرني أحد علماء جراحة المخ الأمريكيين. (5)Frontal Bone (6)Frontal Lobe (7) من كتاب "الناصية" إصدار هيئة الإعجاز العلمي بتصرف . (8) مؤتمر الإعجاز الطبي في القرآن والسنة في القاهرة عام 1985م . (9) أخرجه أحمد في المسند 1/391 و1/452 وابن حبان في صحيحه 3/253 والحاكم في المستدرك 1/690 وقال: صحيح على شرط مسلم إن سلم من إرسال عبدالرحمن بن عبدالله هو ابن مسعود عن أبيه فإنه مختلف في سماعه من أبيه ، وابن أبي شيبة في المصنف 6/40 والبزار في مسنده 5/363 وأبو يعلى في مسنده 9/199 والطبراني في المعجم الكبير 10/169 ، وقال في مجمع الزوائد 10/136، رواه أحمد وأبو يعلى والبزار إلا أنه قال: وذهاب غمي مكان همي، والطبراني ، ورجال أحمد وأبي يعلى رجال الصحيح غير أبي سلمه الجهني وقد وثقه ابن حبان ، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم: 198 ورجح سماع عبدالرحمن بن عبدالله بن مسعود من أبيه وقال : ثبت سماعه منه بشهادة جماعة من الأئمة . (10) صحيح مسلم ك/ الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار ب/ ما يقول عند النوم وأخذ المضجع ، وأخرجه الترمذي ك/ الدعوات ب/ ما جاء في الدعاء إذا أوى إلى فراشه، وأبو داود في الأدب ب/ ما يقال عند النوم ، وأخرجه أحمد في مسنده 2/381.(11) أخرجه البخاري ك/ الجهاد والسير ب/ قول النبي صلى الله عليه وسلم أحلت لكم الغنائم ، ومسلم في الإمارة، ب/الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ، والنسائي ك/ الخيل ب/الخيل، وابن ماجة ك/ الجهاد ب/ارتباط الخيل في سبيل الله ،والترمذي ك/فضائل الجهاد ب/ماجاء في فضل من ارتبط فرسا في سبيل الله ،وابن حبان في صحيحه10/524، وأحمد في مسنده .(12) روح المعاني للألوسي ، فتح القدير . (13) لسان العرب ، روح المعاني للألوسي . (14) فتح القدير للشوكاني ، الطبري ، روح المعاني ، الخازن .(15) من بحث ألقاه في المؤتمر العالمي عن الإعجاز الطبي في القرآن والسنة ، الذي عقد بالقاهرة عام 1985م |
الختان بين موازين الطب والشريعة بحث للعلامة الدكتور الطبيب محمد نزار الدقر لتعريف اللغوي: الختان بكسر الخاء اسم لفعل الخاتن ويسمى به موضع الختن، وهو الجلدة التي تقطع والتي تغطي الحشفة عادة، وختان الرجل هو الحرف المستدير على أسفل الحشفة وأما ختان المرأة فهي الجلد كعرف الديك فوق الفرج تعرف بالبظر، وهو عضو انتصابي عند المرأة مثل القضيب لكنه صغير الحجم ولا تخترقه قناة البول. الختان عبر التاريخ : تشير المصادر التاريخية إلى أن بعض الأقوام القديمة قد عرفت الختان، وفي إنجيل برنابا (2) إشارة إلى أن آدم عليه السلام كان أول من اختتن وأنه فعله بعد توبته من أكل الشجرة ولعل ذريته تركوا سنته حتى أمر الله سبحانه نبيه إبراهيم عليه السلام بإحيائها. وقد وجدت ألواح طينية ترجع إلى الحضارتين البابلية والسومرية [3500 ق.م] ذكرت تفاصيل عن عملية الختان(3)، كما وجدت لوحة في قبر عنخ آمون [ 2200ق.م] تصف عملية الختان عند الفراعنة وتشير إلى أنهم طبقوا مرهماً مخدراً على الحشفة قبل الشروع في إجرائها، وأنهم كانوا يجرون الختان لغرض صحي . وأهتم اليهود بالختان (4) واعتبر التلمود من لم يختتن من الوثنيين الأشرار فقد جاء في سفر التثنية :" أختتنوا للرب وانزعوا غرل قلوبكم يا رجال يهوذا وسكان أورشليم " . أما في النصرانية فالأصل فيها الختان، وتشير نصوص من إنجيل برنابا إلى أن المسيح قد أختتن وأنه أمر أبتاعه بالختان، لكن النصارى لا يختتنون (5). أما العرب في جاهليتهم فقد كانوا يختتنون اتباعاً لسنة أبيهم إبراهيم . وذكر القرطبي (6) إجماع العلماء على أن إبراهيم عليه السلام أول من أختتن. فقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " كان إبراهيم أول من اختتن ، وأول من رأى الشيب وأول من قص شاربه وأول من استحد"[1]. وفد فصل ابن القيم (7) في ختان النبي صلى الله عليه وسلم على ثلاثة أقوال ، ويرى أنها كلها تعتمد على أحاديث ضعيفة، أو أنه ليس لها إسناد قائم أو أن في إسنادها عدة مجاهيل مع التناقض الكبير في متونها. فالقول الأول وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم ولد مختوناً، فهو علاوة على ضعف إسناده، فهو يتناقض مع حديث صحيح اعتبر فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن الختان من الفطرة، ذلك أن الابتلاء مع الصبر مما يضاعف أجر المبتلى وثوابه، والأليق بحال النبي صلى الله عليه وسلم ألا يُسلب هذه الفضيلة . والقول الثاني أن الملك ختنه حين شق صدره لا يصح له إسناد مطلقاً، والأرجح القول الثالث وهو أن جده عبد المطلب ختنه على عادة العرب وسماه محمداً وأقام له وليمة يوم سابعة . الختان في السنة النبوية المطهرة : دعا الإسلام إلى الختان دعوة صريحة و جعله على رأس خصال الفطرة البشرية، فقد أخرج البخاري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " الفطرة خمس : الختان والاستحداد ونتف الإبط وتقليم الأظفار وقص الشارب " البخاري رقم/5439/. وجاءت دعوة الإسلام إلى الختان متوافقة مع الحنيفية ـ ملة إبراهيم عليه السلام ـ فكان الختان كما أورد القرطبي عن عبد الله بن عباس ـ من الكلمات التي ابتلى بها إبراهيم ربه بهن فأتمهن وأكملهن فجعله إماماً للناس . كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يؤكد امتداحه لفعل إبراهيم هذا، فقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : "اختتن إبراهيم بعدما مرت عليه ثمانون سنة، اختتن بالقدوم" رواه البخاري ومسلم والقدوم آلة صغيرة، وقيل هو موضع بالشام. وعن موسى بن علي اللخمي عن أبيه قال : " أمر الله إبراهيم فاختتن بقدوم فاشتد عليه الوجع فأوحى الله عز وجل إليه، عجلت قبل أن نأمرك بالآلة، قال : يا رب كرهت أن أؤخر أمرك " أخرجه البيهقي بسند حسن. وعن شداد بن أوس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الختان سنة الرجال، ومكرمة للنساء" أخرجه أحمد في مسنده والبيهقي وقال حديث ضعيف منقطع. وعن كثيم بن كليب عن أبيه قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال قد أسلمت فقال النبي صلى الله عليه وسلم "ألق عنك شعر الكفر واختتن " أخرجه أحمد وأبو داود، وقال السيوطي بضعفه وفي أسناده مجهولان (نيل الأوطار)، وقد أورده ابن حجر في التلخيص ولم يضعفه ولكن برواية : " من أسلم فليختتن ". الحكم الفقهي في الختان : يقول ابن القيم(7) : اختلف الفقهاء في حكم الختان، فقال الأوزاعي ومالك والشافعي وأحمد هو واجب، وشدد مالك حتى قال : من لم يختتن لم تجز إمامته ولم تقبل شهادته. ونقل كثير من الفقهاء عن مالك أنه سنة حتى قال القاضي عياض : الاختتان عند مالك وعامة العلماء سنة، السنة عندهم يأثم بتركها فهم يطلقونها على مرتبة بين الفرض والندب. وذهب البصري وأبو حنيفة : لا يجب بل هو سنة، ونقل عنه قوله : قد أسلم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس: الأسود والأبيض فما فتش أحداً. وخلاصة القول: وذهب الشافعية وبعض المالكية بوجوب الختان للرجال والنساء، و ذهب مالك وأصحابه على أنه سنة للرجال و مستحب للنساء، وذهب أحمد إلى أنه واجب في حق الرجال و سنة للنساء وذهب أبو حنيفة إلى أنه سنة، لكن يأثم تاركه... ويتابع ابن القيم : " ولا يخرج الختان عن كونه واجباً أو سنة مؤكدة، لكنه في حق الرجال آكد لغلظ القلفة ووقوعها على الإحليل فيجتمع تحتها ما بقي من البول، ولا تتم الطهارة ـ المطلوبة في كل وقت والواجبة في الصلاة ـ إلا بإزالتها . ويقول النووي(8): " ويجب الختان لقوله تعالى : " (أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً ) . ولأنه لو لم يكن واجباً لما كشفت له العورة، لأنه كشف العورة محرم، فلما كشفت له العورة دل على وجوبه " . ويعدد ابن القيم المواضع التي يسقط فيها وجوب الختان : منها " أن يولد الرجل ولا قلفة له، وضعف المولود عن احتماله بحيث يخاف عليه من التلف، وأن يسلم الرجل كبيراً ويخشى على نفسه منه، والموت فلا ينبغي ختان الميت باتفاق الأمة ولأن النبي صلى الله عليه قد أخبر أن الميت يبعث يوم القيامة بغرلته غير مختون فليس ثمة فائدة من ختنه عند الموت ". وهنا يأتي دور الطب إذ يحدد أمراضاً (3) تمنع حاملها من أن يعمد إلى ختانه. منها إصابة الطفل بالتهاب الكبد الإنتاني (اليرقان) أو إصابته بأحد الأمراض المنتقلة بالجنس كالإفرنجي والإيدز، ففي هذه الحالات يجب معالجة المولود حتى يتم شفاؤه أو إعداده بشكل يكفل سلامته قبل إجراء الختان. وقد أتفق الجمهور على عدم ثبوت وقت معين للختان، لكن من أوجبه من الفقهاء جعلوا البلوغ " وقت الوجوب " لأنه سن التكليف، لكن يستحب للولي أن يختن الصغير لأنه أرفق به " . وقال النووي باستحباب الختان لسابع يوم من ولادته لما روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : " عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين رضي الله عنهما وختنهما لسبعة أيام [2]. إلا أن يكون ضعيفاً لا يحتمله، فيؤخره حتى يحتمله ويبقى الأمر على الندب إلى قبيل البلوغ، فإن لم يختتن حتى بلوغه وجب في حقه حينئذ. وفي هذا يقول ابن القيم (7) : " وعندي يجب على الولي أن يختن الصبي قبل البلوغ بحيث يبلغ مختوناً فإن ذلك مما لا يتم الواجب إلا به ". وقال النووي(8): " وأما الرجل الكبير يسلم فالختان واجب على الفور إلا أن يكون ضعيفاً لا يحتمله بحيث لو ختن خيف عليه، فينتظر حتى يغلب على الظن سلامته ". يقول د. محمد علي البار (5) أن الأبحاث الطبية أثبتت فائدة الختان العظمى في الطفولة المبكرة ابتداءً من يوم ولادته وحتى الأربعين يوماً من عمره على الأكثر، وكلما تأخر الختان بعدها كثرت الالتهابات في القلفة والحشفة والمجاري البولية. وفي حكمة الختان يقول ابن القيم (7) : " .. فشرع الله للختان صيغة الحنيفية وجعل ميسمها الختان.. هذا عدا ما في الختان من الطهارة والنظافة والتزين وتحسين الخلقة وتعديل الشهوة التي إذا أفرطت ألحقت الإنسان بالحيوانات، فالختان يعدلها ولهذا تجد الأقلف من الرجال والقلفاء من النسا لا يشبع من الجماع. والحكمة التي ذكرناها في الختان تعم الذكر والأنثى وإن كانت في الذكر أبين والله أعلم ". أما في بيان القدر الذي يوخذ في الختان فقد ذكر النووي(8) أن الواجب في ختان الرجل قطع الجلد التي تغطي الحشفة كلها فإن قطع بعضها وجب قطع الباقي ثانياً. ويستحب أن يقتصر في المرأة على شيء يسير ولا يبالغ في القطع. الختان ينتصر : في عام 1990 كتب البروفيسور ويزويل : (18)"لقد كنت من اشد أعداء الختان و شاركت في الجهود التي بذلت عام 1975 ضد إجرائه، إلا أنه في بداية الثمانينات أظهرت الدراسات الطبية زيادة في نسبة حوادث التهابات المجاري البولية عند الأطفال غير المختونين، و بعد تمحيص دقيق للأبحاث التي نشرت، فقد وصلت إلى نتيجة مخالفة وأصبحت من أنصار جعل الختان أمراً روتينياً يجب أن يجري لكل مولود " . نعم ! لقد عادت الفطرة البشرية لتثبت من جديد أنها الفطرة التي لا تتغير على مدى العصور، وأن دعوة الأنبياء من عهد إبراهيم عليه الصلاة والسلام إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ليتحلى المؤمن ويتخلق بخصال الفطرة هي دعوة حق إلى سعادة البشر جميعاً. الحكم الصحية من ختان الذكور : أثبتت الدراسات الطبية الحديثة أن أمراضاً عديدة في الجهاز التناسلي بعضها مهلك للإنسان تشاهد بكثرة عند غير المختونين بينما هي نادرة معدومة عند المختونين (1). 1 ـ الختان وقاية من الالتهابات الموضعية في القضيب : فالقلفة التي تحيط برأس القضيب تشكل جوفاً ذو فتحة ضيقة يصعب تنظيفها، إذ تتجمع فيه مفرزات القضيب المختلفة بما فيها ما يفرز سطح القلفة الداخلي من مادة بيضاء ثخينة تدعى " اللخن "Smegma وبقايا البول والخلايا المتوسفة والتي تساعد على نمو الجراثيم المختلفة مؤدية إلى التهاب الحشفة أو التهاب الحشفة و القلفة الحاد أو المزمن والتي يصبح معها الختان أمراً علاجياً لا مفر منه(5) وقد تؤدي إلى التهاب المجاري البولية عند الأطفال غير المختونين. وتؤكد دراسة د.شوبن (9) أن ختان الوليد يسهل نظافة الأعضاء الجنسية ويمنع تجمع الجراثيم تحت القلفة في تفرة الطفولة، وأكد د.فرغسون(4) أن الأطفال غير المختونين هم أكثر عرضة للإصابة بالتهاب الحشفة وتضيق القلفة Phemosis من المختونين. 2 ـ الختان يقي الأطفال من الإصابة بالتهاب المجاري البولية : وجد جنز برغ (4) أن 95% من التهابات المجاري البولية عند الأطفال تحدث عند غير المختونين. ويؤكد أن جعل الختان أمراً روتينياً يجري لكل مولود في الولايات المتحدة منع حدوث أكثر من 50 ألف حالة من التهاب الحويضة والكلية سنوياً عند الأطفال. وتؤكد مصادر د. محمد علي البار (5) الخطورة البالغة لالتهاب المجاري البولية عند الأطفال وأنها تؤدي في 35% من الحالات إلى تجرثم الدم وقد تؤدي إلى التهاب السحايا والفشل الكلوي. 3 ـ الختان و الأمراض الجنسية : أكد البروفيسور وليم بيكوز(10) الذي عمل في البلاد العربية لأكثر من عشرين عاماً، وفحص أكثر من 30 ألف امرأة، ندرة الأمراض الجنسية عندهم وخاصة العقبول التناسلي والسيلان والكلاميديا والتريكوموناز وسرطان عنق الرحم، ويُرجع ذلك لسببين هامين ندرة الزنى وختان الرجال. ويرى آريا وزملاؤه (5) أن للختان دوراً وقائياً هاماً من الإصابة بكثير من الأمراض الجنسية وخاصة العقبول والثآليل التناسلية. كما عدد فنك (11)Fink أكثر من 60 دراسة علمية أثبتت كلها ازدياد حدوث الأمراض الجنسية عند غير المختونين. وأورد د. ماركس Marks(4) خلاصة 3 دراسات تثبت انخفاض نسبة مرض الإيدز عند المختونين، في حين وجد سيمونس وزملاؤه أن احتمال الإصابة بالإيدز بعد التعرض لفيروساته عند غير المختونين هي تسعة أضعاف ما هو عليه عند المختونين. أليس هذا بالأمر العجيب(4) ؟ حتى أولئك الذين يجرؤون على معصية الله يجدون في التزامهم بخصلة من خصال الفطرة إمكانية أن تدفع عنهم ويلات هذا الداء الخبيت، لكن لا ننكر أن الوقاية التامة من الإيدز تكون بالعفة والامتناع عن الزنى. يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع |
يتبــع موضوع .... الختان بين موازين الطب والشريعة 4 ـ الختان و الوقاية من السرطان : يقول البرفسور كلو دري(12): " يمكن القول و بدون مبالغة بأن الختان الذي يجري للذكور في سن مبكرة يخفض كثيراً من نسبة حدوث سرطان القضيب عندهم، مما يجعل الختان عملية ضرورية لابد منها للوقاية من حدوث الأورام الخبيثة ". وقد أحصى د.أولبرتس (13) [1103] مرضى مصابين بسرطان القضيب في الولايات المتحدة، لم يكن من بينهم رجل واحد مختون منذ طفولته. وفي بحث نشره د. هيلبرغ وزملاؤه (14) أكدوا فيه أن سرطان القضيب نادر جداً عند اليهود، وعند المسلمين حيث يجري الختان أيام الطفولة الأولى . وإن أبحاثاً كثيرة جداً تؤكد أن الختان يقي من السرطان في القضيب. وتذكر هذه الأبحاث أن التهاب الحشفة وتضيق القلفة هما من أهم مسببات سرطان القضيب، ولما كان الختان يزيل القلفة من أساسها، فإن المختونين لا يمكن أن يحدث عندهم تضيق القلفة، ويندر جداً حدوث التهاب الحشفة. وقد ثبت أم مادة اللخن (4و5) التي تفرزها بطانة القلفة عند غير المختونين والتي تتجمع تحت القلفة لها فعل مسرطن أيضاً. فقد أثبتت الأبحاث أن هذه المادة تشجع على نمو فيروس الثآليل الإنساني HPV الذي ثبت بشكل قاطع أثره المسرطن. أما الدكتور رافيتش(15) فيؤكد على دور الختان في الوقاية من أورام البروستات، على الرغم من أنه لا توجد دلالة قاطعة تثبت ذلك، غير أنه في المؤتمر الذي عقد في مدينة دوسلدورف الألمانية عن السرطان والبيئة، أشير إلى العلاقة السلبية بين سرطان البروستات الذي يصيب الرجال وبين الختان، وأن الرجال المختونين أقل تعرضاً للإصابة بهذا السرطان من غير المختونين. وفي نفس المؤتمر كشف النقاب أيضاً عن أن النساء المتزوجات من رجال مختونين هن أقل تعرضاً للإصابة بسرطان الرحم من النساء المتزوجات من رجال غير مختونين. من هنا نفهم أن دور الختان لا يقتصر على حماية الرجل " المختون " من الإصابة بالسرطان بل يظهر تأثيره الوقائي عند زوجات المختونين أيضاً. وهكذا يؤكد د. هاندلي(16) أن الختان عند الرجال يقي نساءهم من الإصابة بسرطان عنق الرحم، وذكر أن الحالة الصحية للقضيب والتهاباته تشكل خطراً على المرأة يفوق الخطر الذي يتعرض له الرجال نفسه. وقد وجد الباحثون (5) أدلة على اتهام فيروس الثآليل الإنساني HPV بتسبب سرطان القضيب لدى غير المختونين، وسرطان عنق الرحم عند زوجاتهم إذ أنهن يتعرضن لنفس العامل المسرطن الذي يتعرض له الزوج. نخلص من ذلك إلى القول بأن عدم إجراء الختان في سن الطفولة المبكرة يؤدي على ظهور مجموعة من العوامل، منها وجود اللخن (مفرز باطن القلفة )، وتجمع البول حولها ومن ثم تعطنه وتنامي فيروس الثآليل الإنساني وغيره من العوامل المخرشة واليت تؤدي في النهاية إلى ظهور سرطان القضيب عند الأقلف الذي تجاوز عمره الخمسين وحتى السبعين عاماً. وبانتقال تلك المخرشات إلى عنق الرحم عند زوجته أمكن أن يؤدي عندها إلى الأصابة بسرطان عنق الرحم أو سرطان الفرج. وإن عملية التنظيف للقلفة لدى غير المختونين لوقايتهم من السرطان، كما يدعو إلى ذلك بعض أطباء الغرب، هي عملية غير مدية على الإطلاق كما يؤكد البروفسور ويزويل (5) فهو يقول بأنه ليس هناك أي دليل على الاطلاق على أن تنطيف القلفة يمكن أن يفيد في الوقاية من السرطان والاختلاطات الأخرى المرتبطة بعدم إجراء عملية الختان. ونحن مع الدكتور محمد علي البار ـ نرى أن الطب الحديث يؤيد وبقوة ما ذهب إليه الشافعية من استحباب الختان في اليوم السابع، ولحد أقصى [يوم الأربعين] من ولادة الطفل. وإن ترك الطفل سنوات حتى يكبر دون أن يختن، يمكن ـ كما رأيناـ أن يؤدي إلى مضاعفات خطرة هو في غنى عنها. ختان البنات : عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأم عطية وهي ختانة كانت تختن النساء في المدينة : " إذا خفضت فأشمّي ولا تُنهكي، فإنه أسرى للوجه وأحظى عند الزوج " [3]. وفي رواية قول النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا ختنت فلا تنهكي فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب للبعل " [4]. وعن شداد بن أوس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الختان سنة للرجال، مكرمة للنساء". وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : دخل النبي صلى الله عليه وسلم على نسوة من الأنصار فقال: " يا معشر الأنصار اختضبن غمساً واخفضن ولا تُنهكن فإنه أحظى عند أزواجكن وإياكن وكفر المنعمين " [5]. والمنعم هنا هو الزوج، ويقال لختان المرأة : الخفض والإعذار. وقوله [أشمّي] من الإشمام وهو كما قال ابن الأثير: أخذ اليسير في خفض المرأة، أو اتركي الموضع أشم، والأشم المرتفع، [ ولا تنهكي] أي لا تبالغي في القطع، وخذي من البظر الشيء اليسير، وشبه القطع اليسير بإشمام الرائحة، والنهك بالمبالغة فيه، أي أقطعي من الجلدة التي على نواة البظر ولا تستأصليها. ونقل ابن القيم(7) عن الماوردي قوله : " وأما خفض المرأة فهو قطع جلدة في الفرج فوق مدخل الذكر ومخرج البول على أصل النواة، ويؤخذ من الجلدة المستعلية دون أصلها " . هذه النواة هي البظر، والجلدة التي عليها وهي التي تقطع في الختان، والتي شبهها الفقهاء بعرف الديك والمسماة بالقلفة، والتي تتجمع فيها مفرزات اللخن (مفرزات باطن القلفة) مثل ما يحدث في الذكر عندما تكون تلك القلفة مفرطة النمو، لذا أمرت السنة المطهرة بإزالتها . وجمهور فقهاء المسلمين على أن الأمر للندب أو الاستحباب، عدا الشافعية الذين قالوا بوجوبه. يقول د. محمد علي البار (5) : هذا هو الختان الذي أمر به المصطفى صلى الله عليه وسلم . وأما ما يتم في مناطق من العالم من أخذ البظر بكامله، أو البظر مع الشفرين الصغيرين، أو حتى مع الشفرين الكبيرين أحياناً، فهو مخالف للسنة ويؤدي إلى مضاعفات كثيرة. وهو الختان المعروف بالختان الفرعوني، وهو على وصفه، لا علاقة له مطلقاً بالختان الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم. لذا فإن الضجة المفتعلة ضد ختان البنات لا مبرر لها، لأن المضاعفات التي يتحدثون عنها ناتجة عن شيئين لا ثالث لهما: مخالفة السنة، وإجراء العملية دون طهارة مسبقة ومن قبل غير ذوي الخبرة من الجاهلات. الختان الشرعي له فوائده، فهو اتباع لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم وطاعة لأمره خاصة وأنه من شعائر الإسلام، وفيه ذهاب الغلمة والشبق عن المرأة وما في ذلك من المحافظة على عفتها، وفيه وقاية من الالتهابات الجرثومية التي تتجمع تحت القلفة النامية " . أما د. حامد الغوابي(17) فيقول: " فانظر إلى كلمة (لا تنهكي) أي لا تستأصلي، أليس هذه معجزة تنطق عن نفسها، فلم يكن الطب قد أظهر شيئاً عن هذا العضو الحساس [ البظر]، ولا التشريح أبان عن الأعصاب التي فيه، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم الذي علمه الخبير العليم، عرف ذلك الأمر فأمر بألا يستأصل العضو كله ". ويتابع د. الغوابي كلامه عن فوائد ختان البنات : " تتراكم مفرزات الشفرين الصغيرين عند القلفاء وتتزنخ ويكون لها رائحة كريهة وقد يؤدي إلى التهاب المهبل أو الإحليل، وقد رأيت حالات كثيرة سببها عدم إجراء الختان عند المصابات. والختان يقلل الحساسية المفرطة للبظر الذي قد يكون شديد النمو بحيث يبلغ أكثر من 3 سنتمترات عند انتصابه فكيف للرجل أن يختلط بزوجته ولها عضو كعضوه، ينتصب كانتصابه " . ويرد د. الغوابي على من يدعي أن ختان البنات يؤدي على البرودة الجنسية عندهن، بأن البرود الجنسي له أسباب كثيرة، وأن هذا الإدعاء ليس مبنياً على إحصاءات وشواهد بين المختتنات وغير المختتنات، طبعاً إلا أن يكون ختاناً فرعونياً أدى إلى قطع البظر بكامله. ثم ينقل عن البروفسور هوهنر ـ أستاذ أمراض النساء في جامعة نيويوركـ بأن التمزقات التي تحدث في المهبل أثناء الوضع تحدث بردواً جنسياً بعكس ما كان منتظراً، في حين أن الأضرار التي تصيب البظر نادراً ما تقود إلى البرود الجنسي. ومن فوائد الختان (17) منعه من ظهور تضخم البظر أو ما يسمى بإنعاظ النساء، وهو إنعاظ متكرر أو مؤلم مستمر للبظر، كما يمنع ما يسمى نوبة البظر وهو تهيج عند النساء المصابات بالضنى يرافقه تخبط بالحركة وغلمنة شديدة وهو معند على المعالجة. وفي المؤتمر الطبي الإسلامي (4) عن الشريعة والقضايا المعاصرة [القاهرة 1987] قدمت فيه بحوث عن خفاض الأنثى أكد فيه د. محمد عبد الله سيد خليفة أضرار الختان الفرعوني وتشويهه للأماكن الحساسة من جسد الأنثى، وأن الخافضة هنا تنهك إنهاكاً فتزيل البظر بكامله والشفرين إزالة شبه تامة مما ينتج عنه ما يسمى بالرتق وهو التصاق الشفرين ببعضهما . وأكد ذلك د. محمد حسن الحفناوي وزملاؤه من جامعة عين شمس وبينوا أن أضرار ختان الأنثى ناتج عن المبالغة في القطع الذي نهى عنه نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم أو عن إجراء الخفض بأدوات غير عقيمة أو بأيدي غير خبيرة، وليس عن الختان الشرعي نفسه. وخلاصة القول يتضح لنا أن الحكمة الطبية من الختان، الذي دعت إليه الشريعة الإسلامية، تظهر عند الرجال أكثر بكثير مما تظهر عند النساء، ونستطيع القول أنه في البلاد ذات الطقس الحار كصعيد مصر والسودان والجزيرة العربية وغيرها، فإنه يغلب أن يكون للنساء بظر نام يزيد في الشهوة الجنسية بشكل مفرط، وقد يكون شديد النمو إلى درجة يستحيل معها الجماعن ومن هنا كان من المستحب استئصال مقدم البظر لتعديل الشهوة في الحالة الأولى، ووجب استئصاله لجعل الجماع ممكناً في الحالة الثانية وهذا الرأي الطبي يتوافق مع رأي الجمهور من فقهاء الأمة الذين أوجبوا الختان على الرجال وجعلوه سنة أو مكرمة للنساء مصداقاً لتوجيهات نبي الأمة صلى الله عليه وسلم . مراجع البحث :
9. Schoen: New England J. Of Medicine.1990.322. 10. Pikers W: Med .Dijest Jour.April.1977. 11. Fink A J.Circumcision .Mountion View .California .1988. 12. Cowdry E.V:" Cancer Cells ".london.1958. 13. Wollberg A.L : Circumcision and Penile Cancer " Lancet .I .1932. 14. Helberg D.et al "Penil Cancer .Brit .Med.J.1987.8. 15. Ravich A . "Cancer of Prostate " Act.len. Internet.Cacer .V3.1952. 16. Handley W.S " Prevention of Cacer " Lancet .1.1.1936. 17. د . حامد الغوابي : " ختان البنات " لواء الإسلام ـ العدد 7و10 ، م 11 ـ 1957.
[1] أخرجه مالك في الموطأ والبخاري في الأدب المفرد والبيهقي في شعب الإيمان. [2] أخرجه أبو الشيخ في كتاب " العقيقة " وفي سنده الوليد بن مسلم وهو مدلس كما أخرجه ابن عساكر في كتاب " تبيين الأمتنان" . [3] أخرجه الطبراني في الأوسط والهيثمي في مجمع الزوائد وقال : إسناده حسن. [4] أخرجه البيهقي بسند حسن، وأخرجه أبو داود بسند آخر ليس بالقوي. [5] رواه البزار وفي سنده مندل بن علي وهو ضعيف وقد وثق وبقية رجاله ثقات (الهيثمي). |
أسرار الشيخوخة وحتمية الموت قال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مَنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) (الحج:5) http://www.55a.net/firas/photo/24447couple1.jpg أرذل العمر أو الشيخوخة هي المرحلة الأخيرة من حياة الإنسان الذي قدر له أن يتخطى مرحلة القوة و الشدة و النضوج ،و قد حدد القرآن تقريباً تلك المرحلة التي يصل فيها الإنسان إلى ذروة قوته و فعاليته ، حيث قال تعالى في سورة الأحقاف : ( حتى إذا بلغ شده و بلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليّ و على والدي ) الأحقاف :15. إن الذين تخطوا سني عمرهم الخمسين أو فوق ، يشعرون أن كل شيء فيهم يتغير و يهبط ، و يتمرد على ذلك النظام الذي كان يسري في أجسامهم قبل ذلك ،و كأمنا بصمات السنين قد تركت آثارها على ظاهرهم و باطنهم ، فبشرة الجلد الغضة اللينة أصبحت متجعدة و متهدلة ،و تحولت سوداء الشعر إلى بيضاء ،و برزت عروق الأطراف ،و ضعف البصر وزاغ ، و انخفضت كفاءة السمع ،و نقصت معدلات الإسقلاب العامة . و لقد وجد العلماء أن معدل هذا التدهور يتراوح بين ( 0،5 ، ـ 3، 1 ) % في كل عام . و كمثال ، فإن القلب يقوم في الدقيقة الواحدة ( 70 ـ 80 ) عملية انقباض و استرخاء ،و في اليوم أكثر من مائة ألف انقباض ،و في العام أكثر من (36) مليون انقباض و استرخاء ،و فلنتصور ذلك العبء الذي يقوم به على مر السنين ، إن كفاءته ستنخفض حتماً و بالتالي سينخفض معدل ورود الدم إلى الأنسجة الأخرى ، و منها الكلية التي تفرز مادة الرينين لتزيد ضغط الدم في محاولة منها لرفع معدل ورود الدم إليها ن و هكذا يدخل الجسم في حلقة مغلقة تؤدي لإصابة الإنسان بارتفاع الضغط عندما يتقدم في السن . إن هبوط كفاءة أي عضو هو انعكاس لهبوط كفاءة الوحدات التي تكونه ،و الوحدات الحيوية الوظيفية في أي عضو هي الخلايا ،فماذا وجد العلماء و هم يبحثون عن أسباب الشيخوخة على مستوى الخلية ؟ الواقع أن ملخص ما وصلوا إليه أن الخلايا لا تستطيع أن تتخلص تماماً من جميع النفايات و جميع بقايا التفاعلات التي تجري بداخلها ، فتتجمع تلك النفايات على شكل جزيئات ، قد تكون نشيطة أحياناً فتتحد بوحدات الخلية الحيوية كمصانع الخلية ( الشبكة السيتوبلاسمية ) ... و يؤدي هذا الاتحاد إلى نقص فعالية هذه الوحدات و بالتالي فعالية الخلية ككل ، و تسير هذه العملية ببطء شديد ، فلا تظهر آثارها إلا على مدى سنوات طويلة .. و هكذا يدخل الجسم في مرحلة الضعف ببطء بعد أن ترك تلك المرحلة حيث كان طفلاً ، ثم دخل في مرحلة القوة و الشباب ، حتى أن زاوية الفك السفلي تكون منفرجة عند الأطفال ، ثم تصبح قائمة أو حادة عند الشباب ، ثم تعود لتصبح منفرجة عند الكهولة كما كانت وقت الطفولة ،و صدق الله إذ يقول ( الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفاً و شيبة ) الروم : 54. و شيء آخر ،هو أن خلايا الجسم تكون في حالة تجدد مستمر ، عن طريق عمليات الهدم و البناء فتتغلب عمليات البناء أو التعمير في النصف الأول من حياة الإنسان ثم تتوازى عمليات البناء مع عمليات الهدم ، و في النصف الأخير من الحياة تتغلب عمليات الهدم أو التنكس على عمليات التعمير و هذا ما يفسر لنا سرعة التئام الكسور و الجروح عند الصغار ،و بطئها عند المسنين ،و هكذا تتضح لنا روعة هذه الآية القرآنية الصغيرة ) و من نعمره ننكسه في الخلق أفلا يعقلون ) سورة يس: 68 . و هي تبين لنا حقيقة علمية ثابتة . و سنة حيوية تقوم عليها كل عمليات الكائنات الحية على الإطلاق . أما بالنسبة للخلايا العصبية و العضلية فإنها لا تتجدد ، و كل خلية تموت يفقدها الجسم و يشغل النسيج الليفي مكانها . و إذا غصنا مع المجهر الإلكتروني إلى داخل الخلايا الهرمة ، فإنه سيرينا ترسبات أطلق عليها بعض العلماء اسم أصباغ الشيخوخة ، و هي مواد كيميائية غربية تتجمع في خلايا المخ و العضلات و تكسبها لوناً خاصاً ، و هي عبارة عن بروتينات و أشباه بروتينات و دهون متأكسدة هذه المواد تتشابك أحياناً لتشكل شبكة على مر الأيام و كأنها خيوط العنكبوت التي تكبل الخلية و تسير بها إلى النهاية التي لا مفر منها ، ألا و هي الموت . و إذا ما خرجنا من الخلية إلى رحب الحياة الواسع ، نجد أن موت الكائنات هو ضرورة لابد منها ، لتتالي الأجيال ،و إلا فلو تصورنا استمرار الحياة في الكائنات الموجودة حالياً ، لانعدمت عناصر الحياة ، و لما أتيح للأجيال اللاحقة فرصة الحياة و الوجود و قد أشار القرآن الكريم إلى حتمية الموت في مواضيع عدة منها قوله تعالى : ( كل نفس ذائقة الموت و إنما توفون أجوركم يوم القيامة ) آل عمران : 185 . و يقول مخاطباُ الرسول محمد عليه الصلاة و السلام في سورة الأنبياء : ( و ما جعلنا من قبلك الخلد أفإين متَّ فهم الخالدون . كل نفس ذآئقة الموت ونبلوكم بالشر و الخير فتنة و إلينا ترجعون ) الأنبياء : 34 ـ 35 . و يسخر الله من الذين يبحثون عن مهرب من الموت أو عن منجى منه بالتخلف عن نصرة الله ،و الفرار يوم الزحف بقوله : ( أينما تكونوا يدرككم الموت و لو كنتم في بروج مشيدة ) النساء : 78 ، و قال : ( الذين قالوا لإخوانهم و قعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كمنتم صادقين ) آل عمران : 168. مصادر البحث : مقال للدكتور عبد المحسن صالح ـ مجلة الفيصل العدد 15 . مقال للدكتور أحمد حسين القفل ـ مجلة الوعي الآسلامي ـ عدد 185 |
النطفة الأمشاج بين العلم والقرآن قال تعالى: ) هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا ، إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ([1] http://www.55a.net/firas/photo/58163133.jpgقال الراغب الأصفهاني:" ) من نطفة أمشاج نبتليه ( أي: أخلاط من الدم، وذلك عبارة عمّا جعله الله تعالى بالنطفة من القوة المختلفة المشار إليها بقوله: ) ولقد خلقنا الإنسان من سلالة (إلى قوله) خلقاً آخر ( "[2]. ويقول سيد قطب: "والأمشاج: الأخلاط، وربما كانت هذه إشارة إلى تكوين النطفة من خلية الذكر وبويضة الأنثى بعد التلقيح، وربما كانت هذه الأخلاط تعني الوراثات الكامنة في النطفة، والتي يمثلها ما يسمونه علمياًّ ( الجينات ) وهي وحدا ت الوراثة الحاملة للصفات المميزة لجنس الإنسان أولاً، ولصفات الجنين العائلية أخيراً، وإليها يعزى سير النطفة الإنسانية في رحلتها لتكوين جنين إنسان، لا جنين أي حيوان آخر، كما تعزى إليها الوراثة الصفات الخاصة في الأسرة .. ولعلها هي هذه الأمشاج المختلطة http://www.55a.net/firas/photo/83722133a.jpgمن وراثات شتى "[3]. ويقول القرطبي : "وأمشاج جمع مشج، أو مشيج، وهي صفة النطفة و الأمشاج معناها الأخلاط والمراد بها اختلاط نطفة الرجل بنطفة المرأة ، يقال: مشج هذا بهذا فهو ممشوج، أي خلط هذا بهذا فهو مخلوط "[4]. وأخرج الإمام أحمد في مسنده، أن يهودياً مرّ بالنبي r وهو يحدث أصحابه، فقالت قريش: يا يهودي ، إن هذا يزعم أنه نبي، فقال لأسألنّه عن شيء لا يعلمه إلا نبي فقال: يا محمد مِمِّ يخلق الإنسان، فقال رسول الله r : « يا يهودي من كلٍ يخلق من نطفة الرجل ومن نطفة المرأة »، فقال اليهودي هكذا كان يقول من كان قبلك ( أي الأنبياء )[5] لقد كان شائعاً إلى وقت قريب أن الجنين يخلق من ماء الرجل، ولا دور لماء المرأة في عملية تكوين الجنين، وما رحم المرأة إلا كأرض خصبة قد هُيّئت لأن يرمي الرجل فيها البذرة، فيتكون الجنين، " وظلت النظرية التي تقول: بأن الجنين موجود بصورة مصغرة في الحيوان المنوي للرجل، وليس للمرأة أي دور في تكوينه، سوى التغذية والرعاية حتى القرن السابع عشر الميلادي، ثم جاءت النظرية التي تقول: بأن الجنين موجود بصورة مصغرة في البويضة، أما الحيوان المنوي للرجل فليس له دور سوى التنشيط للبويضة، وبقيت المعارك مستمرة بين أنصار النظريتين حتى ظهر " سبالانزاني- SPALLANZANI " (1729-1799) و " ولف- WOLFF " (1733-1749) ، اللذان أثبتا بتجارب عديدة أن الذكر والأنثى يساهمان جميعاً في تكوين الجنين.وهكذا تتبين الحقيقة اليوم للعالم أجمع، والتي أثبتها كلام الله تعالى على لسان نبيه الأمين r، منذ أربعة عشر قرناً من الزمان "[6] " وبهذا يتضح أن الإنسانية بعلومها التجريبية والفلسفية لم تكن تعلم شيئاً عن النطفة الأمشاج، ولا في أواخر القرن التاسع عشر و تأكد ذلك في أوائل العشرين، وأنها لم تكن تدري أن الجنين الإنساني يمُّر بأطوار مختلفة من الخلق .. خلقاً من بعد خلق ،ولم تعرف ذلك إلا عام ( 1769 ) عندما قدم ولف ملاحظاته، ولم تتأكد هذه الملاحظات إلا بعد أن جاء شوان وشليدان وأوضحا دور الخلايا في بناء الأنسجة وذلك عام 1839، وفي عام 1883 تمكن ( فان بنرن ) من، إثبات أن كلا البويضة والحيوان يساهمان بالتساوي في تكوين الجنين، وفي أوائل القرن العشرين عرفت مراحل الجنين ودور الصبغات والجينات في تكوين الجنين وصفاته الوراثية… ويحدثنا الإمام ابن حجر العسقلاني في فتح الباري شرح صحيح البخاري في شرحه لحديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، أن أحدكم يجتمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً _ باب القدر[7] _ قال: وزعم كثير من أهل التشريح أن مني الرجل لا أثر له في الولد إلا في عقده وأنه إنما يتكون من دم الحيض، وأحاديث الباب تبطل ذلك … وهذا دليل، وإلا فالآية واضحة في ذلك ( إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيراً ،وقد أجمع أهل التفسير أن الأمشاج هي الأخلاط وهو اختلاط ماء الرجل بماء المرأة[8]." [1]الإنسان : الآيتان ( 1ـ2 ). [2]مفردات ألفاظ القرآن : للراغب الأصفهاني ، ص769 [3]في ظلال القرآن : سيد قطب ، 6/3780 [4]القرطبي 10/120. [5] مسند الإمام أحمد: 1 / 465 [6]العلم الحديث حجة للإنسان أم عليه: د.عبدالله عبدالرحيم العبادي ، ص38. [7]فتح الباري شرح صحيح البخاري ، ابن حجر العسقلاني ، كتاب القدر 11/480 [8]انظر : خلق الإنسان بين الطب والقرآن ، د.محمد علي البار، ص192 |
النهي عن الشرب و الأكل وافقاً بقلم الدكتور محمد نزار الدقر عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم زجر عن الشرب قائماً رواه مسلم . و عن أنس وقتادة رضي الله عنه ‘ن النبي صلى الله عليه و سلم " أنه نهى أن يشرب الرجل قائماً " ، قال قتادة : فقلنا فالأكل ؟ فقال : ذاك أشر و أخبث "رواه مسلم و الترمذي . و عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : لا يشربن أحدكم قائماً فمن نسي فليستقي " رواه مسلم . روائع الطب الإسلامي ج (4) الدكتور محمد نزار الدقر و عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :" نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الشرب قائماً و عن الأكل قائماً و عن المجثمة و الجلالة و الشرب من فيّ السقاء ". الإعجاز الطبي : يقول الدكتور عبد الرزاق الكيلاني * أن الشرب و تناول الطعام جالساً أصح و أسلم و أهنأ و أمرأ حيث يجري ما يتناول الآكل والشارب على جدران المعدة بتؤدة و لطف . أما الشرب واقفاً فيؤدي إلى تساقط السائل بعنف إلى قعر المعدة و يصدمها صدماً ، و إن تكرار هذه العملية يؤدي مع طول الزمن إلى استرخاء المعدة و هبوطها و ما يلي ذلك من عسر هضم . و إنما شرب النبي واقفاً لسبب اضطراري منعه من الجلوس مثل الزحام المعهود في المشاعر المقدسة ، و ليس على سبيل العادة و الدوام . كما أن الأكل ماشياً ليس من الصحة في شيء و ما عرف عند العرب و المسلمين . و يرى الدكتور إبراهيم الراوي ** أن الإنسان في حالة الوقوف يكون متوتراً و يكون جهاز التوازن في مراكزه العصبية في حالة فعالة شديدة حتى يتمكن من السيطرة على جميع عضلات الجسم لتقوم بعملية التوازن و الوقوف منتصباً. و هي عملية دقيقة يشترك فيها الجهاز العصبي العضلي في آن واحد مما يجعل الإنسان غير قادر للحصول على الطمأنينة العضوية التي تعتبر من أهم الشروط الموجودة عند الطعام و الشراب ، هذه الطمأنينة يحصل عليها الإنسان في حالة الجلوس حيث تكون الجملة العصبية و العضلية في حالة من الهدوء و الاسترخاء و حيث تنشط الأحاسيس و تزداد قابلية الجهاز الهضمي لتقبل الطعام و الشراب و تمثله بشكل صحيح . و يؤكد د. الراوي أن الطعام و الشراب قد يؤدي تناوله في حالة الوقوف ( القيام) إلى إحداث انعكاسات عصبية شديدة تقوم بها نهايات العصب المبهم المنتشرة في بطانة المعدة ، و إن هذه الإنعكاسات إذا حصلت بشكل شديد و مفاجىء فقد تؤدي إلى انطلاق شرارة النهي العصبي الخطيرة Vagal Inhibation لتوجيه ضربتها القاضية للقلب ، فيتوقف محدثاً الإغماء أو الموت المفاجىء .كما أن الإستمرار على عادة الأكل و الشرب واقفاً تعتبر خطيرة على سلامة جدران المعدة و إمكانية حدوث تقرحات فيها حيث يلاحظ الأطباء الشعاعيون أن قرحات المعدة تكثر في المناطق التي تكون عرضة لصدمات اللقم الطعامية و جرعات الأشربة بنسبة تبلغ 95% من حالات الإصابة بالقرحة . كما أن حالة عملية التوازن أثناء الوقوف ترافقها تشنجات عضلية في المريء تعيق مرور الطعام بسهولة إلى المعدة و محدثة في بعض الأحيان آلاماً شديدة تضطرب معها وظيفة الجهاز الهضمي و تفقد صاحبها البهجة عند تناوله الطعام و شرابه . المراجع : * د. عبد الرزاق الكيلاني : " الحقائق الطبية في الإسلام " دار القلم دمشق . ** د. إبراهيم الراوي : أستشارات طبية في ضوء الإسلام و الحضارة العدد 1967 . |
الوجه مرآة النفس بقلم العلامة الشيخ عبد الرزاق نوفل رحمه الله http://www.55a.net/firas/photo/28054Clip_101.jpg قرر القرآن الكريم في آياته الشريفة أن الإنسان إذا أصابه الأسى و الحزن أسود وجهه و ذلك بنص الآية الكريمة : (وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظلَّ وجهه مسودّاً و هو كظيم ) سـورة النحـل 58 . و كذلك يفعل به الأسف و الندم و الخزي بنص الآية الشريفة : ( و إذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلاً ظل وجهه مسـوداً و هو كظيم )سـورة الزخرف : 17. و أورد حقيقة هامة و هي أن الوجه مرآة النفس و أنه يمكن للإنسان أن يعرف حالة صاحبه بمجرد النظر إلى وجهه و ذلك بنص الآية الكريمة : ( تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر )سورة الحج : 72 . و كذلك بالنص الشريف: ( سيماهم في وجوههم من أثر السجود ) سورة الفتح : 29. و لم يعرف مدى ما في هذه الآيات الشريفة من إعجاز علمي حتى تقدم العلم في أبحاثه و حتى قررت الأبحاث الطبية و السيكولوجية أن الوجه حقاً مرآة النفس كما سبق القرآن الكريم بالقول به من عشرات المئات من السنين فيقول الدكتور جايلورد هاروز ( إن وجهك هو رسولك إلى العالم و منه يمكن ان يتعرف الناس على حالك بل يمكنك إذا نظرت إلى المرآة أن تعرف حالتك تحديداً و أن تسأل وجهك عما يحاج إليه .. فتلك الحلقات السوداء التي تبدو تحت العينين تدل دلالة واضحة على احتياج الإنسان للتغذية و تنقية الجو الذي يعيش فيه فهو يفتقر إلى الغذاء و الهواء ... و أما هذه التجاعيد التي تظهر بوضوح مدى ما أصاب الإنسان من سنين فهي علامات على كيف تسير حياة صاحب الوجه ) . و الطب الحديث يقرر أن بالوجه خمساً و خمسين عضلة نستخدمها دون إرادة أو وعي في التعبير عن العواطف والانفعالات ، و تحيط بتلك العضلات أعصاب تصلها بالمخ ، و عن طريق المخ تتصل تلك العضلات بسائر أعضاء الجسم ، و كذلك ينعكس على الوجه كل ما يختلج في صدرك أو تشعر به في أي جزء من جسمك .. فالألم يظهر واضحاً أول ما يظهر على الوجه .. و الراحة و السعادة ....مكان وضوحها و ظهورها هو الوجه .... و كل عادة حسنت أو ساءت تحفر في الوجه أثراً عميقاً ، فلذلك فإن الوجه هو الجزء الوحيد من جسم الإنسان الذي يفضح صاحبه و ينبيء عن حاله و لا يوجد عضو آخر يمكن به قراءة ما عليه الإنسان ...بل إن العلماء يقولون بإمكان قراءة طبع الشخص و خلقه في تجاعيد وجهه... فأهل العناد وقوة الإرادة الذين لا يتراجعون عن أهدافهم من عادتهم زم الشفاه فيؤدي ذلك إلى انطباع تلك الصورة حتى حين لا يضمرون عناداً ....أما التجاعيد الباكرة حول العينين فترجع إلى كثرة الضحك و الابتسام و أما العميقة فيما بين العينين فتدل على العبوس و التشاؤم ...و الخطباء و من على شاكلتهم من محامين و ممثلين تظهر في وسط خدودهم خطوط عميقة تصل إلى الذقن ، الكتبة على الآلة و الخياطون و من يضطرهم علمهم إلى طأطأة الرأس تظهر التجاعيد في أعناقهم و تتكون الزيادات تحت الذقن . و يقول الدكتور الكسيس كاريل الحائز على جائزة نوبل في الطب و الجراحة ( إن شكل الوجه يتوقف على الحالة التي تكون عليها العضلات المنبسطة التي تتحرك داخل الدهن تحت الجلد و تتوقف حالة هذه العضلات على حالة الأفكار .... حقاً إن كل إنسان يستطيع أن يضفي على وجهه التعبير الذي يريد و لكن يحتفظ دائماً بهذا القناع و يتشكل و جهنا تدريجياً على الرغم منا وفقاً لحالات شعورنا ، و مع التقدم في السن يصبح صورة مطابقة لمشاعر الشخص برمته و رغباته و آماله ... و يعبر الوجه أيضاً عن أشياء أعمق من نواحي نشاط الشعور فيمكن للمرء أن يقرأ فيه ـ فضلاً عن رذائل الشخص و ذكائه ورغبته و عواطفه و أكثر عاداته تخفياً ـ جبلة جسمية و استعداده للأمراض العضوية و العقلية ، فالواقع أن مظهر الهيكل العظمي والعضلات والدهن والجلد و شعر الجسم يتوقف على تغذية الأنسجة ، و تغذية الأنسجة محكومة بتركيب الوسط الداخلي أي بأنواع نشاط الأجهزة الغددية و الهضمية و على ذلك فمظهر الجسم يدلنا على حالة الأعضاء، والوجه بمثابة ملخص للجسم كله فهو يعكس الحالة الوظيفية للغدد الدرقية والمعدة و الأمعاء والجهاز العصبي في أن واحد و هو يدلنا على النزعات المرضية لدى الأفراد . إن بوسع الملاحظات المدققة أن يتبين أن لكل إنسان يحمل على صفحة وجهه وصف جسمه وروحه. وهكذا يصل العلم أخيراً إلى ما سبق القرآن بتقريره في آياته الشرفة من الوجه مرآة النفس و أن عليه تنعكس حالات الإنسان لاسيما العاطفية منها و ما يتصل بشعوره ووجدانه، فمن السهل ملاحظة الأسى والأسف ظاهرين على الوجه بما يخالطه من علامات القناعة و السواد بعكس السعادة والطمأنينة والإيمان و السكينة إذ تخط على الوجه علامات النور والرضا. |
تكون العظام قبل تكون العضلات قال تعالى : (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)[سورة المؤمنون : 13،14]. إن الله سبحانه و تعالى يبين لنا مراحل خلق الإنسان حيث يمر في مرحلة النطفة ثم العلقة ثم المضغة ثم يخلق الله سبحانه من المضغة العظام ثم تكسا العظام باللحم و الذي هو عبارة عن العضلات . ظل المختصون في علم الأجنة و هو العلم الذي يدرس تطور الجنين في رحم الأم حتى فترة قريبة يفترضون أن العظام و العضلات تتكون في وقت واحد و لكن الأبحاث المكروسكوبية المتطورة التي أمكن إجراؤها بفضل التطور التقني كشفت أن الوحي القرآني صحيح تماماً . هذه الأبحاث الميكروسكوبية أثبتت أن تطور الجنين داخل رحم الأم يتم كما وصفته آيات القرآن، فأولاً تتكون الأنسجة الغضروفية التي تتحول إلى عظام الجنين ، ثم تكون بعدها خلايا العضلات ثم تتجمع مع بعضها و تتكون لتلتف حول العظام . و الموضوع كله تشرحه نشرة علمية تحت عنوان تكون الإنسان كما يلي : "خلال الأسبوع السابع يبدأ الهيكل العظمي بالانتشار في الجسم و تأخذ العظام شكلها المألوف ، وفي نهاية الأسبوع السابع و خلال الأسبوع الثامن تأخذ العضلات وضعيتها حول أشكال العظام [1]. و باختصار فإن وصف القرآن الكريم لمراحل تكون الجنين ينسجم انسجاماً كاملاً مع مكتشفات علم الأجنة الحديث . http://www.55a.net/firas/photo/667881523.jpg عظام طفل اكتمل تكوينها في رحم الأم و قد كساها اللحم في مرحلة معينة. جاء القرآن على ذكر المراحل المتعددة لتكون الوليد في رحم الأم . و كما تذكر الآية 14 من سورة المؤمنون فإن عظام الجنين في رحم الأم تتشكل أولاً ثم تكسى بخلايا العضلات . ويصف الله سبحانه وتعالى هذا التطور في الآية الكريمة بقوله : "فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً " المرجع : كتاب معجزة القرآن الكريم تأليف هارون يحيى . [1] Moore, Developing Human, 6. edition, 1998 |
تيسير الله سبيل الولادة قال تعالى : (قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ {17} مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ {18} مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ {19} ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ {20} ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ {21}) [عبس 17 ـ 20]. و تيسير سبيله عند خروجه من الرحم هو أحد المفاهيم التي تشعها الآية الكريمة و هي تبدي هذه الرعاية الربانية للنطفة ثم بعد اكتمالها في خروجها و تيسير سبيلها ثم تنتهي الدورة " ثم اماته فأقبره ثم إذا شاء أنشره " فتمر بلقطات سريعة تبدأ بالنطفة و تنتهي بالحشر و النشر . و تيسير السبيل في الولادة أمر عجيب لأنه حير القدماء إذ كيف يمر الجنين في ذلك الممر الضيق .. و عنق الرحم لا يسمح في العادة لأكثر من إبرة لدخوله .. فيتسع ذلك العنق و يرتفع تدريجياً في مرحلة المخاض حتى ليسع أصبع ثم إصبعين ثم ثلاثة فأربعة فإذا وصل الاتساع إلى خمسة أصابع فالجنين على وشك الخروج . ليس ذلك فحسب و لكن الزوايا تنفرج لتجعل ما بين الرحم و عنقه طريقاً واحداً و سبيلاً واحداً ليس فيه اعوجاج كما هو معتاد حيث يكون الرحم مائلاً إلى الأمام بزاوية درجتها تسعين تقريباً .. و في الحمل يكون وضع الرحم من عنقه في خط واحد و خاصة في آخر الحمل بدون زاويا. ثم يأتي دور الإفرازات و الهرمونات التي تسهل عملية الولادة . و تجعل عظام الحوض عضلاته ترتخي و خاصة بتأثير مفعول هرمون الإرتخاء Relaxin . و تتضافر هذه العوامل جميعاً لتيسر لهذا المخلوق سبيل خروجه إلى الدنيا . و لا يقتصر معنى تيسير السبيل على هذا و إنما يستمر ذلك التيسير بعد الولادة حيث يسر للرضيع لبن أمه و حنانها ثم يسر له عطف الوالدين و حبهم ، ثم يستمر التيسير لسبل المعاش من لحظة الولادة إلى لحظة الممات . فلله الحمد على هذه النعم و الآلاء التي لا تحصى و لا تعد . المصدر : كتاب خلق الإنسان بين الطب والقرآن تأليف الدكتور محمد على البار . |
فوائد الصلاة البدنية العامة للجسم إن الفوائد البدنية للصلاة تحصل نتيجة لتلك الحركات التي يؤديها المصلي في الصلاة من رفع لليدين وركوع وسجود وجلوس وقيام وتسليم وغيره.. وهذه الحركات يشبهها الكثير من التمارين الرياضية التي ينصح الأطباء الناس - وخاصة مرضاهم - بممارستها، ذلك لأنهم يدركون أهميتها لصحة الإنسان ويعلمون الكثير عن فوائدها.http://www.55a.net/firas/photo/74686muslim2.gif فهي غذاء للجسم والعقل معًا، وتمد الإنسان بالطاقة اللازمة للقيام بمختلف الأعمال، وهي وقاية وعلاج؛ وهذه الفوائد وغيرها يمكن للإنسان أن يحصل عليها لو حافظ على الصلاة، وبذلك فهو لا يحتاج إلى نصيحة الأطباء بممارسة التمارين، لأنه يمارسها فعلاً ما دامت هذه التمارين تشبه حركات الصلاة. من فوائد الصلاة البدنية لجميع فئات الناس: - تحسين عمل القلب. - توسيع الشرايين والأوردة، وإنعاش الخلايا. - تنشيط الجهاز الهضمي، ومكافحة الإمساك. - إزالة العصبية والأرق. - زيادة المناعة ضد الأمراض والالتهابات المفصلية. - تقوية العضلات وزيادة مرونة المفاصل. - إزالة التوتر والتيبس في العضلات والمفاصل، وتقوية الأوتار والأربطة وزيادة مرونتها. - تقوية سائر الجسم وتحريره من الرخاوة. - اكتساب اللياقة البدنية والذهنية. - زيادة القوة والحيوية والنشاط. - إصلاح العيوب الجسمية وتشوهات القوام، والوقاية منها. - تقوية ملكة التركيز، وتقوية الحافظة )الذاكرة(. - إكساب الصفات الإرادية كالشجاعة والجرأة. - إكساب الصفات الخُلقية كالنظام والتعاون والصدق والإخلاص.. وما شابه ذلك. - تشكل الصلاة للرياضيين أساسًا كبيرًا للإعداد البدني العام، وتسهم كثيرًا في عمليات التهيئة البدنية والنفسية للاعبين ليتقبلوا المزيد من الجهد خصوصًا قبل خوض المباريات والمنافسات. - الصلاة وسيلة تعويضية لما يسببه العمل المهني من عيوب قوامية وتعب بدني، كما أنها تساعد على النمو المتزن لجميع أجزاء الجسم، ووسيلة للراحة الإيجابية والمحافظة على الصحة. إن الصلاة تؤمِّن لمفاصل الجسم كافة صغيرها وكبيرها حركة انسيابية سهلة من دون إجهاد، وتؤمِّن معها إدامة أدائها السليم مع بناء قدرتها على تحمل الضغط العضلي اليومي. وحركات الإيمان والعبادة تديم للعضلات مرونتها وصحة نسيجها، وتشد عضلات الظهر وعضلات البطن فتقي الإنسان من الإصابة بتوسع البطن أو تصلب الظهر وتقوسه. وفي حركات الصلاة إدامة للأوعية الدموية المغذية لنسيج الدماغ مما يمكنه من إنجاز وظائفه بشكل متكامل عندما يبلغ الإنسان سن الشيخوخة. والصلاة تساعد الإنسان على التأقلم مع الحركات الفجائية التي قد يتعرض لها كما يحدث عندما يقف فجأة بعد جلوس طويل مما يؤدي في بعض الأحيان إلى انخفاض الضغط، وأحيانًا إلى الإغماء. فالمداومون على الصلاة قلما يشتكون من هذه الحالة. وكذلك قلما يشتكي المصلون من نوبات الغثيان أو الدوار. وفي الصلاة حفظ لصحة القلب والأوعية الدموية، وحفظ لصحة الرئتين، إذ أن حركات الإيمان أثناء الصلاة تفرض على المصلي اتباع نمط فريد أثناء عملية التنفس مما يساعد على إدامة زخم الأوكسجين ووفرته في الرئتين. وبهذا تتم إدامة الرئتين بشكل يومي وبذلك تتحقق للإنسان مناعة وصحة أفضل. والصلاة هي أيضًا عامل مقوٍ، ومهدئ للأعصاب، وتجعل لدى المصلي مقدرة للتحكم والسيطرة على انفعالاته ومواجهة المواقف الصعبة بواقعية وهدوء. وهي أيضًا حافز على بلوغ الأهداف بصبر وثبات. هذه الفوائد هي لجميع فئات الناس: رجالاً ونساء، شيوخًا وشبابًا وأطفالاً، وهي بحق فوائد عاجلة للمصلي تعود على نفسه وبدنه، فضلاً عن تلك المنافع والأجر العظيم الذي وعده الله به في الآخرة. وفضلاً عن هذه الفوائد العامة لجميع فئات الناس، هناك بعض الفوائد الخاصة ببعض فئات الناس أو ببعض الحالات الخاصة، أتناولها في الفصول التالية، ولا تنسى أنه إذا ذكرت بعض الفوائد النفسية فذلك لأن أثرها الإيجابي يعود على البدن. [1]هذا الموضوع منقول منكتاب (الصلاة والرياضة والبدن) لعدنان الطرشه. |
قرار مكين و قدر معلوم قال تعالى : ( ألم نخلقكم من ماء مهين . فجعلناه في قرار مكينٍ . إلى قدرٍ معلوم . فقدرنا فنعم القادرين . ويلٌ يومئذ للمكذبين ). المرسلات 20 ـ 24 . بهذا الأسلوب المعجز يشير تعالى إلى حقيقتين علميتين ثابتتين ليس في علم الأجنة فقط ، وإنما في علم التشريح و الغريزة أيضاً . الحقيقة الأولى : هي وصف الآيات للرحم بالقرار المكين . و الحقيقة الثانية : إشارة إلى عمر الحمل الثابت تقريباً ، أو ما أسماه القرآن : القدر المعلوم ، و كأني بالقرآن الكريم ، يدعوهم للبحث و التأمل لما تحتويان من الأسرار كما سنرى في تفصيلنا لهما ،إن شاء الله . ـ القرار المكين : قال تعالى : ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين . ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ) المؤمنون 12 ـ 13 . نطفة ..نطفة ضعيفة لا ترى إلا بعد تكبيرها مئات المرات ، جعلها الله في هذا القرار ،فتكاثرت و تخلقت حتى أعطت هذا البناء العظيم ،و خلال هذه المرحلة كانت تنعم بكل ما تتطلبه من الغذاء و الماء و الأوكسجين ، في مسكن أمين و منيع و مريح ، و تحت حماية مشددة من أي طارئ داخلي أو خارجي . حقاً إن هذا الرحم لقرار مكين . القصة شيقة و ممتعة لا يملك من يطالعها إلا أن يسبح الخالق العظيم ،و هو يرى تعاضد الآليات المختلفة : التشريحية ،و الهرمونية ،و الميكانيكية ،و تبادلها في كل مرحلة من مراحل تطور الجنين ، لتجعل من الرحم دائماً قراراً مكيناً . فتشريحياً : 1 ـ يقع الرحم في الحوض بين المثانة من الأمام و المستقيم من الخلف ،و تتألف من ثلاثة أقسام تشريحية هي : الجسم و العنق و المنطقة الواصلة بينهما و تسمى المضيق . 2 ـ يحيط بالرحم جدار عظمي قوي جداً ، يسمى الحوض ، و يتألف الحوض من مجموعة عظام سميكة هي العجز و العصعص من الخلف ، و العظمين الحرقفين من الجانبين و يمتدان ليلتحمان في الأمام على شكل عظم العانة ،هذا البناء العظمي المتين لا يقوم بحماية الرحم من الرضوض و الضغط الخارجية من الجوانب كافة فحسب ، و إنما يطلب منه أن يكون بناءا و ترتيبا تشريحيا يرضى عنه الجنين ، بحيث يكون ملائماً لنموه ،متناسباً مع حجمه و شكله ،و أن يسمح له عندما يكتمل نموه و يكبر آلاف المرات بالخروج و المرور عبر الفتحة السفلية إلى عالم النور ،و بشكل سهل . فأي اضطراب في شكل الحوض أو حجمه قد يجعل الولادة صعبة أو مستحيلة ،و عندها يلزم شق البطن لاستخراج الوليد بعملية جراحية تسمى القيصرية . 3 ـ أربطة الرحم : هناك أربطة تمتد من أجزاء الرحم المختلفة لترتبط بعظام الحوض أو جدار البطن تسمى الأربطة الرحمية تقوم بحمل الرحم ،و تحافظ على وضعيته الخاصة الملائمة للحمل و الوضع ، حيث يكون كهرم مقلوب ، قاعدته في الأعلى و قمته في الأسفل ، و ينثني جسمه على عنقه بزاوية خفيفة إلى الأمام ، كما تمنع الرحم من الانقلاب إلى الخلف أو الأمام ،و من الهبوط للأسفل بعد أن يزيد وزنه آلاف المرات . هذه الأربطة هي : الرباطان المدوران ،و الرباطان العرضيان ،و أربطة العنق الأمامية و الخلفية . و لندرك أهمية هذه الأربطة ، يكفي أن نعلم أنها تحمل الرحم التي يزداد وزنه من (50) إ قبل الحمل إلى (5325) إ مع ما تحويه من محصول الحمل . و أن انقلاب الرحم إلى الخلف قبل الحمل قد يؤدي للعقم لعدم إمكان النطاف من المرور إلى الرحم ، و إذا حصل الانقلاب بعد بدء الحمل فقد يؤدي للإسقاط . و هرمونياً : يكون الجنين في حماية من تقلصات الرحم القوية ، التي يمكن أن تؤدي لموته ، أو لفظه خارجاً ، و ذلك بارتفاع عتبة التقلص لألياف العضلة الرحمية بسبب ارتفاع نسبة هرمون البروجسترون الذي هو أحد أعضاء لجنة التوازن الهرموني أثناء الحمل و التي تتألف من : 1 ـ المنميات التناسلية : كمشرف . 2 ـ هرمون الجريبين كعضو يقوم بالعمل مباشر . 3 ـ هرمون البروجسترون كعضو يقوم بالعمل مباشرة . تتعاون هذه اللجنة و تتشاور لتؤمن للجنين الأمن و الاستقرار في حصنه المنيع ، فلنستمع إلى قصتها بإيجاز : ما إن تعشعش البيضة في الرحم حتى ترسل الزغابات الكوريونية إلى الجسم الأصغر في المبيض رسولاً يدعى المنميات التناسلية تخبره بأن البيضة بدأت التعشيش ،و تطلب منه أن يوعز للرحم أن يقوم بما عليه من حسن الضيافة . و فعلاً يقوم الهرمون بالتأثير المباشر على الدم ليقوم بتأمين متطلبات محصول الحمل ، كما أن للهرمون و اللوتئين ( البروجسترون ) ، كما ذكرنا ، الفضل في رفع عتبة تقلص العضلات الرحمية ، فلا تتقلص إلا تقلصات خفيفة تفيد في تعديل وضعية الجنين داخل الرحم . و في الشهر الثالث يبدأ الجسم الأصفر يعلن عن اعتذاره عن الاستمرار في تقديم هذه الهرمونات ،و يميل للضمور ، و في هذا الوقت تأخذ المشيمة ـ التي تكون قد تكونت ـ على عاتقها أمر تزويد الحمل بمتطلباته المتزايدة من الهرمونات حتى نهاية الحمل . و هكذا نجد لغة التفاهم و التعاون ظاهرة في هذه اللجنة الهرمونية و الجهات التي تصدر عنها . المرجع مع الطب في القرآن الكريم تأليف الدكتور عبد الحميد دياب الدكتور أحمد قرقوز مؤسسة علوم القرآن دمشق |
لحن القول وجهاز كشف الكذب يقول المولى عز وجل في سورة محمد الآية 24 "أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوبأقفالها" وفى سورة ص الآية 27 "......كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبرواآياته وليتذكر أولوا الألباب" واستجابةلهذه الدعوة الكريمة نبدأ موضوعنا وهو عن الإعجازالعلمي في القرآن العظيموهذه المرة سنكتشفأن النظرية المبنى عليها طريقة عمل أجهزة الكشف عنالكذب مذكورة فى القرآن العظيم الذى لا يأتيهالباطل من بين يديه ولا من خلفه. ولنتعرفأولا عن أجهزة الكشف عن الكذب أو ما يسمى أحيانامكشاف الكذب. فهناك نوعان من هذه الاجهزة : نوع قديم يسمى بالانجليزية Polygraph او Lie detection machine وهذا النوع يتطلبتوصيل عدة أسلاك بالشخص المراد التحقق من صدق اوكذب حديثهويقوم الجهاز بقياس التغيراتالطفيفة التى تطرأ على جسم الشخص من حيث ضرباتالقلب والتنفس وتصفد العرق , ويقوم المحلل بعدهابتحليل هذه القراءات لتظهر له بعد فترةالنتيجة. وهناك جهاز حديث هو فى الواقعمنظومة حاسب آلى او كمبيوتر ويسمى إختصاراCVSA أو Computerized Voice Stress Analysis وهذا النظام لا يتطلب توصيل أسلاكبالشخص المراد التحقق من صدق حديثه ويعطىنتيجة فورية وتم تطوير نسخ حديثة تعمل على جهازحاسب نقال وكل ما هو مطلوب أن يحوى الجهاز بطاقةصوت وناقل للصوت او ميكروفون وتم تطوير هذاالنظام أساسا بناء على طلب من الجيش الامريكى نظراللحاجة إليه فى الميدان عند التحقيق مع الاسرى , وقام ثلاثة من الضباط المتقاعدين بتطوير النسخالاولى منهومن أهم مزايا هذا النظام أنهبإمكانه تحليل تسجيلات صوتية مما ساعد فى حل حالاتجنائية قديمة وهذا النظام لا يباع إلا لجهاتمعروفة وذلك لضمان ألا يقع فى أيادى لا تريد لهاأمريكا ان تحصل عليه إلا أن شركة إسرائيليةقامت مؤخرا بعمل نسخة منه على قرص مدمج وتباعحاليا بحوالى 150 دولار وتستخدمها إسرائيلفى التحقق من صدق حديث الفلسطينيين عند عبورهمنقاط التفتيش. فكيف يعمل هذا النظام؟ يقوم النظام بقياس التغير في الذبذباتالمنخفضة للصوت فيحدث ما يسمى بالإجهاد أوالتركيز Stress على نغمات معينة عندالكاذب فعند الكذب يحدث نوع من المط للصوت كماهو مبين فى الصورتين في الصورة الأولى نرى وضعالإشارة في حالة الصدق وفى الصورة الثانية نرىوضع الإشارة في حالة الكذب وهذه هى صورة الجهاز وتظهرعليه تسع ايقونات تمثل الاشارة http://www.55a.net/firas/photo/99874003.jpg الإعــجــازالقرآني : ورد فى الصحيحين ما يلى : عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليهوسلم قال: (آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعدأخلف وإذا اؤتمن خان) وهذا يثبت أن المنافقكاذب ويقول المولى عز وجل فى سورة محمد الآية 30 وَلَوْ نَشَاء لأَرَيْنَاكَهُمْفَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْفِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُأَعْمَالَكُمْ فالمولى عز وجل يخبر حبيبه ويخبرنا نحنالمؤمنين بهذا القرآن بطريقة التعرف علىالمنافقينالكاذبين "فى لحنالقول" وردفى كتاب مفردات ألفاظ القرآن للأصفهاني حول تعريفاللحن ما يلي : - اللحن: صرف الكلام عنسننه الجاري عليه؛ إما بإزالة الإعراب؛ أوالتصحيف، وهو المذموم، وذلك أكثر استعمالا؛ وإمابإزالته عن التصريح وصرفه بمعناه إلى تعريض وفحوى،وهو محمود عند أكثر الأدباء من حيثالبلاغة ونحن نعلم الآن في عصرنا هذا ما هواللحن والألحان فهاتان الكلمتان تشرحانطريقة الكشف عن المنافقين الكاذبين "لحن القول" هذا التخريج أوالفهم غير مذكور في كتب السلف الصالح بحكم أنه لميكن لديهم ما لدينا الآن من تقنية وفهمي فيالواقع لهذا المعنى يأتي من حكم عملي كمهندسإلكترونيات وحاسب آلى مما يجعلني من أهل العلم فيهذا المجال. م/ محمد خالد الكيلانىبنغازىليبيا |
ما من كل الماء يكون الولد قال صلى الله عليه وسلم : "ما من كل الماء يكون الولد ، إذا أراد الله خلق شيء لم يمنعه شيء " أخرجه مسلم . إن هذا الحديث إعجاز كامل فلم يكن أحد يعلم أن جزءأً يسيراً من المني هو الذي يخلق منه الولد ... فلم يكن أحد يتصور أن في القذف الواحد من المني ما بين مائتين إلى ثلاثمائة مليون حيوان منوي وأن حيواناً منوياً فقط هو الذي يقوم بتلقيح البويضة . http://www.55a.net/firas/photo/10001sperm.jpg صورة توضح مني الرجل و يقول الدكتور ليزلي أرى في كتابه Developmenetal Anatomy( الطبعة السابعة ) أن التجارب على الثدييات أثبتت أن واحداً بالمائة من المني فقط يكفي لتلقيح البويضة . و من المقرر طبياً أن عشرون مليون من الحيونات المنوية في القذفة الواحدة هي الحد الأدنى للإخصاب .. و رغم أنه يقرر طبياً أيضاً أن هناك حالات حمل كثيرة بأقل من هذه الكمية .. كما يمكن أن تحقن كمية المني الناقصة الحيوانات إلى الرحم مباشرة Artificia Insemination و هي الطريقة المسماة " بالتلقيح الصناعي " .. و هذه الطريقة تستخدم أحياناً لمن يشكون العقم و يكون السبب في ذلك قلة الحيوانات المنوية في مني الزوج. http://www.55a.net/firas/photo/45384143.jpg بيضة المرأة تحيط بها النطاف فالحديث صريح في أنه ليس من كل الماء يكون الولد .. و إنما من جزء يسير منه .. و أنى لمن عاش قبل أربعة عشر قرناً أن يعلم هذه الحقيقة التي لم تعرف إلا في القرن العشرين إذا لم يكن علمه قد جاء من لدن العليم الخبير و قد دلت علي معنى هذا الحديث آية قرآنية كريمة . قال تعالى ( الذي أحسن كل شيء خلقه و بدأ خلق الإنسان من طين . ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ) قال المفسرون السلالة هي الخلاصة .. وخلاصة الماء المهين هي التي يكون منها الولد .. فأول ما تخرج يكون عشرين بالمائة منها غير صالح للتلقيح ثم يموت في المهبل عدد كبير منها .. ثم يموت على عنق الرحم عدد آخر .. ثم تذهب مجموعة منها كبير منها ... ثم يموت على عنق الرحم عدد آخر .. ثم تذهب مجموعة منها تكون البويضة .. فتهلك تلك التي ذهبت إلى غير مكان البويضة ... و لا يصل في النهاية إلى البويضة إلا ما يقرب من خمسمائة حيوان منوي فقط و هنا يقع اختبار و انتقاء و اصطفاء آخر لحيوان منوي واحد فقط من بين هؤلاء ليتم به تلقيح البويضة . و في البويضة كذلك اصطفاء و انتقاء .. إذ يبلغ عدد البويضات في مبيض الأنثى و هي لا تزال جنيناً في بطن أمها ستة ملايين بويضة أولية .. و لكن كثيراً منها يذوي و يموت قبل خروجها إلىالدنيا .. ثم تستمر في اندثارها حتى إذا بلغت الفتاة المحيض لم يبق منها إلا ثلاثين ألف فقط . و في كل شهر تنمو مجموعة من هذه البويضات ...و لكن لا يكتمل النمو إلا لواحد فقط .. و في حياة المرأة التناسلية لا يزيد ما تغرزه المرأة عن أربعمائة بويضة فقط .. فهناك اصطفاء و انتقاء للحيوان المنوي . و هناك اصطفاء و انتقاء للبويضة أيضاً . ليس هذا فحسب بل أن هناك اصطفاء و انتقاء للحمل أيضاً . نعم تقول الأبحاث الطبية الحديثة ( مجلة Medicine Digest ) عددد يناير 1981 أن 78 بالمائة من جميع حالات الحمل تسقط طبيعياً ...و أن ما يقرب من خمسين بالمائة يسقط قبل أن تعلم أنها حامل .. ذلك لأن الرحم يلفظ الكرة الجرثومية بعد علوقها مباشرة .. فتظن الأم أن الدم الذي جاءها في موعد الحيضة أو بعده بقليل هو دم الطمث الذي كانت تنتظره و لا تعلم أنه دم سقط. فهناك اصطفاء بعد اصطفاء . وانتقاء بعد انتقاء و صدق الله العظيم حيث يقول : ( ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ) . و صدق رسوله الكريم حيث يقول " ما من كل الماء يكون الولد " . و الشق الثاني : من الحديث و هو : إذا أراد الله خلق شيء لم يمنعه ( شيء ) . إعجاز كامل لا يتصوره إلا من درس وسائل منع الحمل و نسبة النجاح فيها .. فمن وسائل منع الحمل وسائل قديمة معروفة مثل العزل و منها وسائل حديثة مثل حبوب منع الحمل . و اللولب الذي يدخل إلى الرحم ، و الموانع الميكانيكية لدى المرأة و الرجل . . و المراهم و اللبوس المهبلي ( التحاميل ) وأخيراً عملية التعقيم بقطع قناتي الرحم و ربطهما حتى لا تتمكن الحيوانات المنوية من الوصول إلى البويضة . و في المتفق عليه في الصحيحين عن جابر رضي الله عنه قال " كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال إن لي جارية خادمتنا و ساقيتنا في النخل و أنا أطوف عليها و أكره أن تحمل . فقال صلى الله عليه وسلم : اعزل عنها إن شئت فإنه سيأتيها ما قدر لها . . فلبث الرجل ما شاء الله ثم أتاه فقال إن الجارية قد حملت فقال صلى الله عليه وسلم : قد قلت سيأتيها ما قدر لها " رواه الشيخان البخاري ومسلم . يقول كتاب " تنظيم الحمل " Humamnferliliy ******* " عن العزل أنها وسيلة شائعة منذ أقدم العصور ذكر لها هو في كتاب الخلق من التوراة ( المحرفة ) عندما زنى أونان بزوجة أخيه و عزل حتى لا يسقي أرض أخيه .... و يقول المؤلفان : " إن نسبة الفشل بهذه الطريقة تبلغ 22 بالمائة " [1]. و نحن نعلم الآن أن لكل وسيلة من وسائل منع الحمل نسبة تفشل فيها ... فرغم هذه الموانع يحصل الحمل إذا قدر الله ذلك .. بل لقد جاءتني إحدى المريضات .. و أخبرتني أنها أجرت عملية تعقيم بقطع قناتي الرحم و ربطهما .. في لندن ثم لم تلبث بضعة أشهر إلا وهي حامل .. و ذلك مقرر في الكتب و المجلات الطبية .. و تصل نسبة فشل هذه العلمية 55 بالمائة إذا كانت العلمية عن طريق المهبل و لكنها تهبط إلى واحد من بالمائة إذا أجريت العملية عن طريق فتح البطن و بواسطة جراح ماهر . و سجل كثير من الباحثين نسبة فشل تصل إلى 3.7 بالمائة مع جراحين مهرة بل لقد سجلت حالة حمل بعد عملية استئصال للرحم ، و عليه فإن الحديث النبوي الشريف إعجاز كامل في تقرير هذه الحقيقة العلمية. المصدر : كتاب خلق الإنسان بين الطب والقرآن الدكتور محمد علي البار |
معجزة النطق http://www.55a.net/firas/photo/03992Clip_101.jpg قال الله تعال في كتابه العزيز : {1} الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ {2} خَلَقَ الْإِنسَانَ {3} عَلَّمَهُ الْبَيَانَ {4}[1]. النطق هبة من الله : الإنسان يبدأ بالتكلم عندما يصل إلى عمر معين . وهذه الحادثة تتراءى لنا وكأنها شيءٌ طبيعي لأنها تبدأ عند الجميع في عمر متقارب . ولهذا السبب تبقى ربما يظن بعض الناس أن المحادثة أو الكلام أمراً عادياً، والحقيقة أن التحدث معجزة خارقة ذلك لأن الطفل لم يكن يعرف أي شيء عن الكلام عندما يبدأ قبل أن يبدأ بالتكلم . يقول عالم اللسانيات البروفيسور steven pinkerوالمعروف بأبحاثه النتخصصة في هذا المجال : "إننا لا نفكر بالنطق ونعتبره أمراً عاديا، وننسى بسهولة أنه معجزة وهدية عجيبة لنا" [2] . بكل تأكيد عندما يتحدث الطفل فجأة بدون أن يعرف أي شيء عن الكلام وأسراره .. هذه هي المعجزة . فهو لا يختار اللغة لأنها بسيطة، حتى اللغات البسيطة المعروفة تعتمد على قواعد اللسان المعقدة .. ولأن قواعد اللسانيات .. هي علاقات رياضية بحتة .. فهي تأخذ من الكلمات والجمل المعاني العديدة والكثيرة . هناك أسئلة كثيرة بقيت دون جواب حول اللسان واللغة .. كيف يتحدث الطفل وهو في الثالثة من عمره؟ وهل يتعلم ذلك من خلال ما يسمعه من بيئته؟ ومن الذي يلقنه قواعد اللغة وقواعد اللسان .. التي عجز العلماء عن وضع أصولها وقواعدها على أكمل وجه حتى الآن؟ وكيف تسيل الكلمات من فمه بشكل انسيابي لائق موافقاً قواعد اللغة المعقدة؟ ثم كيف تنجح الكلمات والجمل لتشكيل الأصول اللغوية وإعطاء الشرح والمعنى ؟ ولماذا تشكلت أكثر من ستة آلاف لغة متفرقة؟ ولماذا .. كان الإنسان هو الكائن الوحيد الذي ينطق وبقية الأحياء لا تستطيع الكلام؟ ماذا يحصل في أذهاننا حتى تتحول كل ذلك إلى كلمات وجمل؟ والجملة التي تصدر عن الإنسان لم تعرف بعد حقيقتها لما فيها من العمليات الدقيقة والمعقدة . ومن الواضح أن النطق لا يؤخذ من خلال التعلم أو التعليم ... لأنه لا أحد يعلمنا أسس آلاف الجمل والكلمات التي نعرفها .. وبالأصل تعليمها غير ممكن . فمثلاً : عندما يتحدث المرء يؤلف جملاً نظامية مع أن المتحدث لا يعرف شيئاً عن الأساسيات المعقدة الموجودة في الكلمات والجمل التي ينظمها ويستطيع أن ينطق بسهولة ويُسر منظماً جملاً ربما لأول مرة تخرج من فمه . كل هذا بعفوية بالغة .. ودون أن يشعر بها . هذا العلم اللساني المعقد لم يستطع علماء اللسانيات المشهورين أن يُعرّفوه تماماً . إن النطق هو عملية معقدة، يتحدث عالم اللغة المعروف "Philip Lieberman" عن هذه القواعد التي لا حصر لها : "مع نتائج الأبحاث الهائلة وتوسعها، تقترب عدد القواعد والأصول التي نحسبها موجودة من عدد الجمل . وتأتينا القواعد اللغوية بشكل مفجع وتنتهي بفشل ذريع . ولم يستطع أحد حتى الآن أن يضع قواعد كاملة وشاملة عن لغة من اللغات [3]. يبن ليبرمان أن قواعد النطق بالجمل تتساوى مع عدد الجمل فكيف فكيف مع هذا العدد الهائل للقواعد تسنى للطفل ابن الثلاثة سنوات أن يتلكم . الإنسان يبدأ حياته الاجتماعية بتعلمه قواعد اللغة واللسان . والشيء الأكثر وضوحاً هو أننا لم نأخذ علم النطق من آبائنا ولا من غيرهما . هذه الحقيقة يعرضها لنا البرفيسور المدرس في جامعة" "MiT الأستاذ "steven pinker" قائلاً : كيف يستطيع طفل صغير أن يأخذ اللغة وعلم اللغة والذي هو علم لا ينتهي من الأحاديث القليلة والمقننة التي تجري حوله . والطفل حقاً لا يأخذ مهارة الكلام من أبويه، وفي الوقت نفسه لا يقوم الأبوين على تصحيح أخطاء الطفل دائماً . ولا يحذرونه بحصول الخطأ في حديثه أو كلامه . وجمل الأطفال الصغار غالباً لا يتناسب مع قواعد اللغة وإذا كان الحال هكذا فيجب على الأبوين توبيخ ولدهما طوال النهار [4]. إننا نستعمل قواعد علم اللغة ونستخدمها دون أي جهد منا .. لأننا نجدها جاهزة أمامنا . وإذا وضعنا أمام أعيننا بعض الحسابات المعقدة فإن قواعد الكلام تضع الإنسان في حيرة من أمره . لهذا السبب بقيت مهارة النطق عند الإنسان سراً رياضياً بحتاً بكل ما في الكلمة من معنى – هذا السر المجهول يوضحه لنا "Noam Chomsky" فيقول : أني لا أملك إلا معلومات قليلة حول علم الكلام عدا بعض الجوانب الظاهرة من الخارج ،فالتكلم هو سر كبير بكل المقايس .[5] عندما يبدأ كل شخص بالتكلم بكل راحة . وعندما يعرف أنه يستخدم لسانه على أكمل وجه . عندما يضع كل ذلك نصب عينيه يعرف أنه يقوم بذلك دون أي معرفة أو قصد منه . إذا كنا لا نستطيع أن نضبط الكلمات الخارجة من أفواهنا . فيجب أن يكون ثمة قوة خفية تلهمنا وتعطينا العلم والمعرفة .. كي نؤلف جملاً من كلمات هذه القدرة هي قدرة الخالق العظيم وهو صاحب العزة والعلم والمالك لكل شيء . إن الله يلهم الإنسان ويجعله يتكلم .. ولا يستطيع إنسان ما أن يفتح فاه ولو بكلمة واحدة بغير إذن الله .. إن مهارة التكلم هبةٌ من الله للإنسان قال الله تعالى في كتابه الكريم : {1} الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ {2} خَلَقَ الْإِنسَانَ {3} عَلَّمَهُ الْبَيَانَ {4} سورة الرحمن : 1ـ4. تعدد اللغات آية من آيات الله: كيف لا تختلط اللغات التي نعرفها ببعضها البعض؟ من المعروف أن الذين يتحدثون بلغتين .. لا يخلطون بينهما . و قد تم أبحاث عدة لمعرفة السبب في عدم أختلاط الكلمات لمن يتقن عدة لغات عند نطق إحدى اللغتين فقد أجرى أحد علماء الدماغ هو توماس مونتي "Thomas Munte" بالتعاون مع رفاقه عدد من التجارب وذلك لمعرفة التغيرات الكهربائية الحاصلة في بعض نقاط الدماغ عند النطق وذلك من خلال مراقبة تكتيك رنين المهام المغناطيسية ولقد تمت التجربة على الذين يتحدثون الإسبانية الدراجة مع لغة كاتالان وهي اللغة المستعملة في شمال شرق إسبانيا [6] فكانت نتائج التجارب أن الدماغ يقوم بتخزين مفردات كل لغة من اللغات التي ينطقها الإنسان في قسم مستقل من أقسام الدماغ وذلك حتى لا تختلط ألفاظ اللغتين أثناء النطق . إن هذه التجربة أكدت عكس الأفكار الدارجة أن اللغتين اللتين يعرفها الشخص موجودتان في قسم واحد أو مكان واحد في الدماغ وعندما يبحث الشخص عن كلمة ما تخرج هذه الكلمة مباشرة دون البحث عن معانيها إن هذه العملية تتحقق خارج إرادة الشخص المتحدث بشكل أتوماتيكي . وهذا يعني أننا عندما نتحدث بلغة ما .. تبقى اللغة الأخرى مضغوطة لسبب غير معروف حتى الآن، وبالتالي تمنع الاختلاط والتمازج . وعندما يتحول المتحدث من لغة إلى أخرى فإنه يقوم بتغيير المصافي الموجودة في الدماغ والتي لا تعرف شيئاً عن الكلمات الجديدة الملفوظة . ويقول دافيد غيرين "David Green"[7]يقول غرين جاذباً انتباهنا إلى هذه المعجزة : "السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح : كيف يتم ضبط كل ذلك ؟" .http://www.55a.net/firas/photo/45118pharynx.jpg إن الجواب بدون أدنى شكل يتم بشكل مبرمج سابقاً من قبل الله تعالى الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم قال تعالى : لَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ[8]. هذا النظام المقعد .. هو واحد من الأمثلة التي لم تستطع نظرية التطور توضيحها وفك طلاسمها . وظهور هذا النظام لا يمكن تفسيره من خلال أيديولوجية المصادفات التي أتت بها نظرية التطور . بل على العكس تماماً . إن هذا النظام يضع أمامنا قدرة الإله الذي خلقنا في أحسن صورة ودون نقص . وأعطانا هذه النعمة .. نعمة الجسد والروح وكل ما فيهما ومن ذلك نعمة البيان. إن الله تعالى يبين لنا في كتابه أمن تعدد اللغات التي يتكلم بها الإنسان هي من الأدلة التي تدل على وجود الله تعالى، قال الله تعالى :{وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْعَالِمِينَ} [9] . نظام التكلم المعجز : في اللحظة التي يريد الإنسان أن يتلكم تصل سلسلة من الأوامر إلى الحبال الصوتية واللسان ومن هناك إلى عضلات الفكين آتياً من الدماغ . إن المنطقة التي تحوي أنظمة الكلام في الدماغ ترسل الأوامر الضرورية لكل العضلات التي تقوم بواجباتها أثناء الكلام .http://www.55a.net/firas/photo/27661hnjara.jpg قبل كل شيءٍ تقوم الرئة على جلب الهواء الساخن وهو المادة الخاصة للنطق . يدخل الهواء عن طريق الأنف . ومن ثَمَّ إلى الفراغات الموجودة فيه ومن الحنجرة إلى قناة التنفس ثم إلى الأوعية القصبية ثم إلى الرئتين ويمتزج الأوكسجين الموجود في الهواء .. مع الدم الموجود في الرئتين وفي هذه الأثناء يطرح غاز ثاني أكسيد الكربون إلى الخارج . والهواء الخارج من الرئتين يمر بالحبال الصوتية الذي يشبه الستائر، وتتحرك بحسب تأثير غضروف صغير مربوط بها. تم تصوير الحبال الصوتية بكاميرات ذات سرعة فائقة . كل الاحتمالات الواردة في الصورة تتم خلال عِشرِ ثانية هذا التصميم المتقن للحبال الصوتية يجعلنا نتكلم قبل النطق تكون الحبال الصوتية بوضعية مفتوحة . وعند الكلام تُجمع الحبال الصوتية في مكان واحد . وتهتز من جراء الهواء الخارج عند الزفير . بنية الأنف والفم على تُعطى كافة المواصفات الخاصة للصوت . وفي الوقت الذي تبدأ فيه الكلمات بالخروج من هذا القسم على بسلاسة يأخذ اللسان وضعاً بين اقتراب من سقف الفم أو ابتعاد بمسافات محددة.. وتتقلص الشفاه وتتوسع .. وتتحرك في هذه العملية عضلات كثيرة بشكل سريع . وحتى يتحقق النطق عند كل واحدٍ منا بشكل سليم يجب أن تكون هذه العملية كاملة دون أي نقص. أفلا نلاحظ أن هذه العملية المعقدة والكاملة تتم بشكل ميسر وكامل وبدون نقص إذن من الذي برمج دماغ الإنسان مسبقاً للقيام بهذه العملية المعقدة إنه الله تعالى الله خلق السماوات والأرض . أليس حرياً بنا نحن البشر أن نشكر هذا المنعم الذي تفضل عليها بهذه النعمة قال تعالى : وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ [10]. تم نقله عن مجلة المدار التي تصدرها مجلة الضحى . [1] - سورة الرحمن : 1ـ4. [2]..Pinker Words and Rules, Basic Books, 1999, s. 1s [3] - "Eve spoke : Human ******** and Human Evolution, P. Lieberman, w. w. norton & company, 1998, s. 126-128" [4] - S.Pinker Words and Rules, Basic Books, 1999, s. 1 [5] - Noam Chomsky, Powers and Prospects, s.16. [6] - مجلة "Nature" 28 شباط 2002. [7] - وغرين أستاذ جامعي يعمل في جامعة لندن ومعروف بأبحاثه اللسانية. [8] - التين:4. [9] - الروم:22. [10] - ابراهيم:7. |
الجانب العلمي في تحنيك المولود الطبيب الدكتور محمد علي البار لقد اهتم الإسلام اهتماماً عظيماً برعاية الطفولة و الأمومة في مراحلها كلها اهتماماً لا يدانيه ما تتحدث عنه منظمات الأمم المتحدة و حقوق الإنسان و المنظمات الصحية العالمية . و لا تبدأ رعاية الطفولة منذ لحظة الولادة ، بل تمتد هذه الرعاية منذ لحظة التفكير في الزواج . فقد أمر صلى الله عليه و سلم باختيار الزوج و الزوجة الصالحين ، و قد اهتم الإسلام اهتماماً عظيماً بسلامة النسل و بكيان الأسرة القوي ، ليس فقط من الجانب الأخلاقي ، إنما ضم إليه الجوانب الوراثية الجسدية و النفسية . تستمر هذه الرعاية و العناية في مرحلة الحمل و عند الولادة والرضاع و مراحل التربية والتنشئة التالية . و من مظاهر هذا الاهتمام تحنيك المولود . بعض الأحاديث الواردة في التحنيك : أخرج البخاري في صحيحه عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما( أنها حملت بعبد الله بن الزبير بمكة . قالت : خرجت و أنا متم [أي قد أتممت مدة الحمل الغالبة وهي تسعة أشهر] فأتيت المدينة فنزلت قباء فولدت بقباء ثم أتيت به رسول الله صلى الله عليه و سلم فوضعه في حجره ثم دعا بتمرة فمضغها ثم تفل في فيه فكان أول شيء دخل جوفه ريق رسول الله صلى الله عليه و سلم ، ثم حنكه بالتمر ، ثم دعا له فبرَّك عليه ......) و في الصحيحين عن أبي موسى الأشعري قال : ( ولد لي غلام فأتيت به النبي صلى الله عليه و سلم ، فسماه إبراهيم و حنكه بتمرة . و زاد البخاري :" و دعا له بالبركة و دفعه إلي " ). التفسير العلمي : إن مستوى السكر " الجلوكوز" في الدم بالنسبة للمولودين حديثاً يكون منخفضاً ، و كلما كان وزن المولود أقل كلما كان مستوى السكر منخفضاً . و بالتالي فإن المواليد الخداج [وزنهم أقل من 5,2 كجم] يكون منخفضاً جداً بحيث يكون في كثير من الأحيان أقل من 20 ملليجرام لكل 100 ملليلتر من الدم . و أما المواليد أكثر من 5,2 كجم فإن مستوى السكر لديهم يكون عادة فوق 30 ملليجرام . و يعتبر هذا المستوى ( 20 أو 30 ملليجرام ) هبوطاً شديداً في مستوى سكر الدم ، و يؤدي ذلك إلى الأعراض الآتية : 1-أن يرفض المولود الرضاعة . 2-ارتخاء العضلات . 3-توقف متكرر في عملية التنفس و حصول ازرقاق الجسم . 4- اختلاجات و نوبات من التشنج . و قد يؤدي ذلك إلى مضاعفات خطيرة مزمنة ، و هي : 1-تأخر في النمو . 2-تخلف عقلي . 3-الشلل الدماغي . 4-إصابة السمع أو البصر أو كليهما . 5-نوبات صرع متكررة ( تشنجات ) . و إذا لم يتم علاج هذه الحالة في حينها قد تنتهي بالوفاة ، رغم أن علاجها سهل ميسور و هو إعطاء السكر الجلوكوز مذاباً في الماء إما بالفم أو بواسطة الوريد . المناقشة : إن قيام الرسول صلى الله عليه و سلم بتحنيك الأطفال المواليد بالتمر بعد أن يأخذ التمرة في فيه ثم يحنكه بما ذاب من هذه التمرة بريقه الشريف فيه حكمة بالغة . فالتمر يحتوي على السكر " الجلوكوز " بكميات وافرة وخاصة بعد إذابته بالريق الذي يحتوي على أنزيمات خاصة تحول السكر الثنائي " السكروز " إلى سكر أحادي ، كما أن الريق ييسر إذابة هذه السكريات ، و بالتالي يمكن للطفل المولود أن يستفيد منها . و بما أن معظم أو كل المواليد يحتاجون للسكر الجلوكوز بعد ولادتهم مباشرة ، فإن إعطاء المولود التمر المذاب يقي الطفل بإذن الله من مضاعفات نقص السكر الخطيرة التي ألمحنا إليها . إن استحباب تحنيك المولود بالتمر هو علاج وقائي ذو أهمية بالغة و هو إعجاز طبي لم تكن البشرية تعرفه و تعرف مخاطر نقص السكر " الجلوكوز " في دم المولود . و إن المولود ، و خاصة إذا كان خداجاً ، يحتاج دون ريب بعد ولادته مباشرة إلى أن يعطى محلولاً سكرياً . و قد دأبت مستشفيات الولادة و الأطفال على إعطاء المولودين محلول الجلوكوز ليرضعه المولود بعد ولادته مباشرة ، ثم بعد ذلك تبدأ أمه بإرضاعه . إن هذه الأحاديث الشريفة الواردة في تحنيك المولود تفتح آفاقاً مهمة جداً في و قاية الأطفال ، وخاصة الخداج " المبتسرين " من أمراض خطيرة جداً بسبب إصابتهم بنقص مستوى سكر الجلوكوز في دمائهم . و إن إعطاء المولود مادة سكرية مهضومة جاهزة هو الحل السليم و الأمثل في مثل هذه الحالات . كما أنها توضح إعجازاً طبياً لم يكن معروفاً في زمنه صلى الله عليه و سلم و لا في الأزمنة التي تلته حتى اتضحت الحكمة من ذلك الإجراء في القرن العشرين . |
عُجب الذنب أصل الإنسان الذي لا يبلى بقلم الدكتور عثمان جيلان طيب يمني مقيم في صنعاء عجب الذنب هو آخر عظمة في العامود الفقري (العصعص ) جاء ذكره في الأحاديث النبوية على أنه على أنه هو أصل الإنسان والبذرة التى يبعث منها يوم القيامة وأن هذا الجزء لا يبلي ولا تأكله الأرض . 1- قال رسول الله صلي الله عليه وسلم " ثم ينزل من السماء ماء فينبتون كما تنبت البقل وليس في الإنسان شيء إلا بلى إلا عظم واحد وهو عجب الذنب "أخرجه البخاري ومسلم ومالك في الموطأ وأبو داود والنسائي "الأحاديث الشريفة : 2- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال " كل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب منه خلق وفيه يركب " أخرجه البخاري والنسائي وأبو داود وابن ماجه وأحمد في المسند ومالك في الموطأ . 3- عن أبي هريرة رضى الله عنه عن رسول الله صلي الله عليه وسلم " وإن في الإنسان عظماً لا تأكله الأرض أبداً فيه يركب يوم القيامة قالوا أي عظم يا رسول الله ؟ قال عجب الذنب . رواه البخاري والنسائي وأبو داود وابن ماجة واحمد في المسند وأخرجه مالك . فالأحاديث الصحيحة السابقة واضحة المعني وتحتوي على الحقائق التالية : 1- أن الإنسان يخلق من عجب الذنب. 2- عجب الذنب لا يبلى. 3- فيه يركب الخلق يوم القيامة. الذي أخبرعنه المصطفي عليه الصلاة والسلام والذي سيركب الخلق منه يوم القيامة . مراحل تكوين الجنين : يبدأ تكون الجنين عندما يحدث تلقيح البويضة بحيوان منوي ، حيث يدخل الحيوان المنوي إلي البويضة وتصبح مخصبة ويتكون نتيجة لذلك الزيجوت ، ينقسم الزيجوت إلي خليتين وكل خلية تنقسم إلي خليتين وهكذا يستمر الانقسام وتكاثر الخلايا في الجنين حتى يصبح الجنين عبارة عن قرص emb ryonic discمكون من طبقتين طبقة وذلك في اليوم الرابع عشر : صورة للعامود الفقري وتظهر آخر فقرة والتي تسمى عُجب الذنب هما : أ- الكتلة الخارجية تسمى Epiblast:وهي تحتوي على الخلايا الأكلة Cytotrophoblastsالتي تقضم جدار الرحم وتثبت الكرة الجرثومية فيه ، كما أنـها تسمح بتغذية الكرة الجرثومية مما يتكون حولها من الدماء والإفرازات الموجودة في غدد الرحم . ب- الكتلة الداخلية تسمى Hypoblast:التي منها يتكون الجنين بإذن الله تعالى في اليوم الخامس عشر يظهر في مؤخرة الجنين الطبقة الظهرية خيط يسمى الخيط الأولي primitive streak نهايته مدببة تسمى العقدة الأولية وبمجرد ظهور هذا الخيط يعرف أن هذه المنطقة هي مؤخرة القرص الجنيني ومن هذا الخيط الأولي والعقدة الأولية primitive nodeتتكون جميع طبقات وأنسجة وأعضاء الجنين وهي : 1- طبقة الاكتودرم : Eckoderm http://www.55a.net/firas/photo/251205641.jpg الشكل التالي للهيكل العظمي للإنسان لاحظ عظمة عجب الذنب في آخر العامود الفقري في الأسفل والتي يتكون منها الجلد والجهاز العصبي المركزي بتأثير من الحبل الظهري . كما نعلم أنه بعد تكوين وخلق الجنين من الخيط الأولي والعقدة الأولية يتراجعان ويستقران في العصعص وفي آخر فقرة منه وتبقي موجودة في العصعص محتفظة بخصائصها ومقدرتها الكلية الشاملة وإذا حدث لها مؤثر ونمت مرة أخري فإنها تنمو نموا يشبه نمو الجنين مكونة ورما مسخيا يشبه الجنين المشوه وتخرج بعض الأعضاء كاملة ( قدم أو يد ) بأصابع وأظافر ووجود هذه الخلايا في منطقة العصعص لكي تحفظ البدأة الشرية ويمكن الاستدلال بهذا على صحة الحديث الذي يقول إن الإنسان يركب من عجب الذانب يوم القيامة فمنطقة عجب الذنب تحتوى على خلايا الخيط الأولي والعقدة الأولية وهي ذات مقدرة شاملة كلية بحيث لو نمت خلية فإنها تنمو نموا بحيث تكون جنيناً حيث تبدأ في تكون الطبقات الأولية الثلاث الكتودرم والميزودرم والاندودرم تماماً مثل نمو الجنين، وينمو ورماً مسخياً ، يشبه الجنين بحيث تبرز بعض الأعضاء كالقدم واليد والأعضاء الباقية تكون داخل الورمه بحيث عندما يفتح الورم بعد استئصاله يفتح فيجد الجراح الأعضاء الباقية والأجهزة داخل الورمه فيجد الأسنان والأمعاء والعظام والشعر والغدد .2- طبقة الميزودرم Mesoderm ينشأ منها العضلات الملساء المغطية للجهاز العضمي ، والعضلات المخططه المرتبطة بالعظام كذلك ينشأ منها الجهاز الدوري والقلب والعظام والغضاريف والجهاز التناسلي والبولي ( عدا المثانة) والأنسجة تحت الجلد والجهاز اللمفاوي والطحال والغدة الكظرية فوق الكلوية. 3- طبقة الاندودرم : Endorm يتكون منها النسيج الطلائي المبطن للجهاز الهضمي والتنفسي وملحقات الجهاز الهضمي ( الكبد والبنكرياس) والمثانة البولية والغدة الدرقية والجار درقية والقناة السمعية. إذن فالخيط الأولي والعقدة الأولية واللذان يمثلان عجب الذنب يتكون منهما ويخلق منهما الجنين مصداق لقول الرسول صلي الله عليه وسلم ( منه خلق ). وبعد ذلك يحدث له نكوص الخيط الأولي والعقدة الأولية وتراجع إلى الخلف (المؤخرة) ويستقر في منطقة العصعص ليكون عجب الذنب الذي أخبرنا عنه المصطفى عليه الصلاة والسلام أن الإنسان يخلق منه. وبعد ذلك يتراجع ويستقر في آخر فقرة في العصعص ليكون البذرة التي يعاد تركيب الإنسان منها يوم القيامة. فالخيط الأولي وعقدته الأولية يمثلان عجب الذنب الذي أخبرنا عنه المصطفى صلى الله عليه وسلم. [1] الجنين المسخ دليل على أن عجب الذنب يحتوي على الخلايا الأم التي تكون الجنين : وهذا يستدل به على إمكانية إعادة تركيبه يوم القيامة ( تركيب الانسان) من عجب الذنب الذي يحوي خلايا الخيط الأولي والعقدة الأولية ذات المقدرة الكلية الشاملة [2] http://www.55a.net/firas/photo/65776image002.jpghttp://www.55a.net/firas/photo/12415image004.jpg صور للتوءم المسخ الذي ينتج عن حدوث ورم في عُجب الذنب إنه دليل لا يدع مجالاً للشك أن عُجب الذنب يحتوي على الخلايا الأم التي يتكون منها الجنين أضغط على الصور لتكبيرها أما أنه عجب الذنب لا يبلى.. لقد أكتشف العلماء أن الذي يقوم بالتخليق والتنظيم لجميع خلايا الجنين هو الخيط الأولي والعقدة الأولية وقبل أن يتكونا لم يكن هناك أي تمايز أو تحديد لمصير خلايا الجنين فقط عبارة عن طبقتين لكن بمجرد ظهور الخيط الأولي والعقدة الأولية يحدث التمايز ومن أهم العلماء الذين أثبتوا هذه الحقيقة العلمية هو العالم الالماني الشهير (هانس سبيمان) حيث قام بدراسات وتجارب على الخيط الأولي والعقدة الأولية وأكتشف أن الخيط الأولي والعقدة الأولية هما اللذان ينظمان خلق الجنين وأطلق عليهما أسم (المنظم الأولي أو المخلق الأولي) (Primary Organizer)وقام بقطع هذا الجزء (الخيط الأولي والعقدة الأولية) وزرعه في جنين أخر في المراحل الجنينية المبكرة في الأسبوع الثالث والرابع فأدى ذلك إلى نمو جنين ثانوي من هذه القطعة المزروعة في الجنين المضيف حيث تقوم هذه القطعة المزروعة بالتأثير على البيئة التي حولها والمكونة من خلايا الجنين المضيف بحيث تؤثر عليها وتنظمها ويتخلق منها جنين ثانوي مغروساً في جسد الجنين المضيف.وقد بدأ العالم الألماني تجاربه على البرمائيات بحيث قام بأخذ المنظم الأولي (فتحت المعي الخلفي) وزرعه في جنين أخر أدى إلى نمو جنين ثانوي والزراعة تكون بقطع المنظم الأولي ( الخيط الاولي والعقدة الأولية ) ووضعه في جنين أخر في نفس العمر وتحت طبقة الإبيبلاست فيؤدي ذالك إلى نمو محور جنين ثانوي ولقد قام العالم الألماني (سبيمان) عام 1931م بسحق المنظم الأولي وزرعه مرة أخرى فلم يؤثر السحق حيث نما مرة أخرى وكون محورا جنينياً ثانوياً رغم سحقه ولم تتأثر خلاياه وفي عام 1933م قام هذا العالم وعلماء آخرون بغلي المنظم الأولي وزراعته بعد غليه فشاهدوا أنه يؤدي إلى نمو محور جنين ثانوي بعد غليه ولم تتأثر خلاياه بالغليان ولقد نال العالم الألماني (سبيمان) جائزة نوبل عام 1935م على اكتشافه للمنظم الأولي. وكما أسلفنا أن العالم الألماني سبيمان هو الذي أطلق على هذا الجزء إسم المنظم الأولي أو المخلق الأولي للعظام ، وقد قام بعملية زرعه في جنين آخر فأنتجت جنيناً ثانوياً وفي عام 1931م قام بسحقه وزراعته بعد سحقه فلا حظ انه لازال يؤدي إلي نمو محور جنيني ثانوي ، وفي عام 1933م قام بغليه وزراعته بعد غليه فأدي إلي نمو جنين ثانوي ولم يتأثر بالغليان. وفي عام 1935 نال العالم الأماني سبيمان جائزة نوبل على اكتشافه المنظم الأولي وزراعته له[3] http://www.55a.net/firas/photo/21694image006.jpg صورة للعالم سبيمان وتلميذته مانجولد ويظهر فيها جائزة نوبل لاكتشافة وزراعته للمنظم الاولي (عجب الذنب) في البرمائيات أضغط على الصورة لتكبيرها المصدر: ملخص بحث ألقاه الدكتور عثمان جيلان في المؤتمر السابع للإعجاز العلمي في القرآن والسنة الذي عقد في دبي. [1]Primitive streak:During the development usually on day 15, a thickened linear band of epiblast known as the primitive streak appears caudal in the midline of the dorsal aspect of the embryonic disc. It is clearly visible as a narrow groove with slightly bulging regions on either side. KEITH. L. Moore. The Developing Human, page 54. Human embryology 4th edition, page 69. [2] Teratoma :- Containing Representative cells from all three embryonic Layers ( ectoderm, Mesoderm, endoderm) and containing hair, teeth, muscle, glands,… The precise origin of teratoma probably from migrating totipotential cells found in proximity to the hensens node in the early embryo the peak incidence is in the second and third decades. 1- Sho practice of surgery page102 2- Sabiston text book of surgery 16th edition page [3] .Human embryology, 4th edition page 196 [4] ملخص للبحث الذي قدمه الدكتور عثمان جيلان في المؤتمر السابع للإعجاز العلمي في القرآن والسنة الذي عقد في دبي 2004م. |
ومن آياته منامكم بالليل قال تعالى : (وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) (الروم:23) قال تعالى : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاساً وَالنَّوْمَ سُبَاتاً وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُوراً) (الفرقان:47) مضار السهر و العمل في الليل : لقد ذكر الله أن من الأدلة الدالة على قدرته و عظمته هو منامكم بالليل والنهار ، فسوف نطوف بالقارئ الكريم حول حقائق النوم ، و العمليات التي تتم داخل جسم الإنسان أثناء النوم ، و النظريات التي فسرت النوم و إلى غير ذلك ، وذلك لنبين أن النوم من العمليات المعقدة التي تدل على عظمة الخالق سبحانه وتعالى و قدرته . الله تعالى لما خلق الإنسان و هو أعلم به قال تعالى : (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (الملك:14)، فهو صممه على أساس أن ينشط و يعمل في النهار و ينام ويستريح في الليل ، أما عندما يخالف الإنسان هذا النظام فإنه يعرض نفسه إلى مشاكل صحية فقد أجريت دراسات على العمال الذين يعملون ليلاً فوجد أن ساعتهم الداخلية تضطرب بشدة ..! كما أنها ستأخذ وقتاً ، حتى : " تتكيف " مع الوضع الجديد و تتعود عليه . و قد تستقر بعض النشاطات الجسمية في وقت قصير ، مثل ضربات القلب ، و إفرازات الإدراينالين و النور أدراينالين .. إلا أن نشاطات كثيرة أخرى قد تتطلب أياماً و أحياناً أسابيع حتى تستقر ، و تتعود على " الدورة الجديدة " و " الوضع الجديد " !. و خلال فترة " التكيف " و العودة هذه ، عادة ما يحدث أن الوظائف الفسيولوجية الجسمية لا تكون قادرة على التآزر و التعاضد مع بعضها !.. و هذا بلا شك ، يؤدي إلى تغيرات الإنجاز و تغيرات في الإتقان و الأداء !!. كما سوف يقل الإنتاج ، و تقل القدرة على التركيز ، و يصاب الشخص بالأرق . و ليس ذلك فحسب ! ... فمن الدراسات الطريفة التي قامت بها باحثة تدعى براون ، هو أنها درست الحياة العائلية و الأحوال الصحية لعمال ورديات الليل والنهار ، فتبين لها أنه تظهر عليهم أعراض النوم غير المنتظم ، فهؤلاء يتعرضون لقلة النوم و الإرهاق .. فنومهم أقل مجلبة للراحة .. كما أن اضطرابات الجهاز الهضمي المعدي المعوية منتشرة بينهم !.. و السبب في ذلك بالإضافة إلى قلة النوم ، هو أنهم عادة ما يتناولون وجبات أقل انتظاماً و تغذية !.. و يستهلكون مقداراً أكبر من المنبهات مثل الكافئين ( الشاي و القهوة ) و التبغ ، ( لاسيما في مناوبات الليل ) !. كما أنهم يعانون من التفكك العائلي ! حيث أن ساعات العمل الشاذة تخلخل المقاييس العائلية بخلقها جواً مناسباً للخيانة الزوجية !.. كما و يسبب التغرب عن أفراد العائلة و الأصدقاء ، الذين يعملون في ساعات النهار العادية !. قال تعالى : ( قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمداً إلي يوم القيامة ، من إله غير الله يأيتيكم بليل تسكنون فيه ؟ أفلا تبصرون ) [سورة القصص : 72]. لقد تمت بعض التجارب على الحيوانات .. فعرضت لضياء مستمر ، و نهار دائم ، فاختلت " توتراتها اليومية " و تأثرت تأثراً بالغاً !. و رغم أن " الساعة البيولوجية " حاولت التكيف مع هذا الضوء المتصل إلا أن : كل الأبحاث الحديثة ، تشير إلى عطب في تنظيم الحرارة !. و هذا الأمر من الأهمية ، و له من الخطورة ، و له من الحيوية .. الشيء الكثير ! و تشير إلى أن الجهاز التناسلي لهذه الحيوانات ، أصيب بتغيرات غريبة !! فلقد شوهد مثلاً عدم انتظام الدورات التناسلية ، وقصرها عند البط الذي عرّض للضياء الصناعي المستمر !. كما وجد أيضاً ، عند الثديات عديدات الدورات النزوية أن التعرض الطويل ، أو المستمر للضوء ، يغير في الوظيفة المبيضية أو الخصيوية على السواء !. قال تعالى : (وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (القصص:73) . الغدة الصنوبرية و النوم : http://www.55a.net/firas/photo/25428sleep.jpgالغدة الصنوبرية : الغدة الصنوبرية ، غدة صغيرة لا يزيد وزنها عن ( 120) ملغ ! لا تزيد عن ( 5ـ9) ملم طولاً ، و ( 3ـ 6) ملم عرضاً و (3ـ 5) ملم سماكة موجودة على الوجه الخلفي العلوي للبطين الثالث ، أحد الأجواف الموجودة في الدماغ ، أمام الحديبات التوأمية الأربعة ، عناصر موجودة في الدماغ هذه الغدة تقوم بوظيفة ناقل عصبي صماوي ، أي غدة صماء تلقي بمفرزاتها في الدم ، حيث أنها تتلقى معلومات دورية ، عصبية ودية ، تنشأ عن تأثير الضوء المحيطي على شبكية العينين ، و استجابة لهذه المعلومات . و نتيجة لعمل خميرة ( 5-Hydrox-Indol-o-Methyl Transferase) و التي توجد بكمية كبيرة ، فقط في هذه الغدة ، يتركب الميلانونين الذي لم يكتشف إلا في عام 1958م ، و يفرز في مجرى الدم أو السائل الدماغي الشوكي ، ليعمل على الدماغ ، مؤثراً على عدة أحداث فيزيولوجية . مثل : بدء البلوغ و الإباضة والنوم ، و قد يؤثر تأثيرات فيزيولوجية مباشر على الغدد التناسلية ، مثبطاً نضجها ووظائفها . فلقد وجد أنه عندما تزرع كميات ضئيلة منه في الناتئ المتوسط لتحت المهاد أو في تشكلات الدماغ المتوسط تتوقف الزيادة التي يحدثها " الإخصاء " عادة ، في الحاثة الخلالية النخامية . و كذلك يكبح الميلاتونين المحقون في السائل الدماغي الشوكي ، إفراز الحاثة الخلالية النخامية ، كما أنه يزيد من إفراز البرولاكتين أي هرمون اللبن . و من الممكن أن يكون له أيضاً تأثير مثبط على وظائف الغدة الدرقية ، و قشر الكظر . كما يؤثر أيضاً على السلوك . و على تخطيط الدماغ الكهربائي ... كما أن إعطاءه يغير من مستوى السيروتونين في الدماغ .... والسيروتونين مادة لها تأثير فيزيولوجي حيوي على الجسم .. لأنها تقبض العضلات الملساء في الأوعية الدموية ، والقصبات ، و الأمعاء ، كما تنبه أو تثير الدماغ ! و نتيجة لتبدل تأثير الضوء المحيطي ما بين ليل و نهار ، ظلمة و ضياء ... فإن إنشاء الميلاتونين و إفرازه يتبدل دورياً خلال الأربع و العشرين ساعة اليومية .. فالضوء المحيطي هو الذي يضبط تركيبه و إفرازه .. و هذا التغير في إفرازه يزود الجسم " بساعة منظمة " دائرية ، تخضع مباشرة للضوء في المحيط ..http://www.55a.net/firas/photo/03817sleeping_sammy.jpg فالضوء يزيد الـFSH [ أي الحاثة الجريبية التي تحرض نمو الجريبات في المبيض عند الأنثى ، مما يؤدي إلى نضج الجريب و حدوث الإباضة ، و إفراز الأستروجين .. و تؤدي عند الذكور إلى تحريض الأنابيب المنوية في الخصيتين لتكوين الحييات المنوية أو الأنطاف ، أيت تشكل النطف ] في النخامة .. بينما يزيد الظلام الـ LH [ أي الحاثة الخلالية ، و هي تساعد الحاثة الجريبية على الإباضة و إفراز الاستروجين . كما تحث على تكوين الجسم الأصفر ، الذي يفرز البروجسترون و الاستروجين ، عند الإناث . و عند الذكور تسمى ICSH، و هي في حالتي اليقظة و النوم ، لا يقتصر على الدماغ و الأطراف ، بل هو يشمل أجهزة الجسم المتعددة و أقسامه المختلفة و لذلك فإن رجحان " الميزان السرير" من جهة الرجلين أثناء النوم ، إنما يتم بتوزيع الدم بين جوف البطن و الأطراف ، و ليس نتيجة لزيادة الدم الآتية من الدماغ . أهم النظريات التي تحدثت عن أسباب النوم : نظرية النوم الكيماوية : يتم في أثناء اليقظة العديد من النشاطات الجسمية ، فهناك . . غدد تفرز و عضلات تتحرك و قلب يخفق ! فكر يعمل ، عين تبصر ، بول يفرز ! أمعاء تتقلص و طعام يهضم ! .. و هكذا .. و عشرات الوظائف الحيوية الفيزيولوجية تعمل ! و مئات بل آلاف من العمليات الكيمائية تتم !. و كأي عمليات كيميائية ، فلابد من نواتج عنها ، أو " فضلات " و " شوائب " يلزم طرحها و التخلص منها من أجل استمرارية هذه العمليات . فالجسم أثناء نشاطه هذا ، النشاط العضلي و النشاط العصبي ، في حالة اليقظة ، ومن خلال العمليات الكيماوية الحيوية ! و علميات الاستقلاب ( الأيض ****bolisim ) و احتراق الطاقات المختلفة ، ومن خلال هذه السلسلة من النشاطات و الفعاليات ، فإنه يتشكل فيه العديد من " الفضلات " و "السموم " ! هذه " الفضلات أو " المواد السامة " أو " المستقبلات الناهية " و تسمى أيضاً " سموم منومة " أو " مواد متعبة " ، تزداد تدريجباً في الدم ، و في السائل الدماغي الشوكي ، لاسيما لدى من يجبر على البقاء في حالة يقظة مدة طويلة ، و تتركز عند الدماغ و الجهاز العصبي ، لاسيما حذاء " التشكلات الشبكية " ، بمقدار يكبح نشاطهما .. فيشعر الإنسان بالخمول و النعاس ! .. ثم تزداد حتى تؤدي إلى " إنسمام " الدماغ ! فيحدث النوم . و أثناء النوم ، و هدوئه و سكونه ، و هموده و خموده !.. يتخلص الجسم من هذه النواتج الضارة عن طريق انحلالها ،وتأكسدها ، فيستعيد الجهاز العصبي نشاطه ، و عندها يستيقظ الإنسان و لكن ما هي هذه : المستقبلات الناهية " أو " السموم المنومة " !؟ إن متشينكوف ، تلميذ باستور ، يوضح لنا بعضاً منها ، حسب معارفه و علومه ! فيقول : " ارتأى ، بعض من درس هذا الموضوع ، أن عمل الأعضاء يولد مواد سماها " بوتوجين " تجلب الشعور بالنوم . و قال أنها تتجمع باليقظة ، و تنحل بالنوم بواسطة التأكسد . و أن " حامض اللبن " أهمها عملاً ، استناداً إلى أن هذا الحامض يساعد على النوم . و قام عالمان فرنسيان هما هنري بيرون و ليجدر و ذلك في عالم 1913 فقاما بالحلول بين عدد من الكلاب والنوم لفترة من النوم لفترة طويلة نسبياً ، بحيث يبدوا أنها قد أشرفت على الإجهاد و الإعياء ، و عند ذلك يعمدون إلى مصول دمائها فيأخذونها و يحقنون بها في أوردة كلاب أخرى ، قد أيقظت لتوها ، بعد أن نامت نوماً جيداً ، فبدت في حالة قوية ، نشطة ، و في حالة يقظة تامة ، فيجدون أن تلك الكلاب تستسلم فوراً للنوم عقب هذا الحقن ! و أعادوا التجارب بأشكال أخرى .... فبعد أن حرموا كلاباً من النوم لمدة عشرة أيام متتالية ، متتابعة ، أخذوا منها " السائل الدماغي الشوكي " ثم حقنوا هذا السائل المأخوذ ، في البطينات الدماغية ( التجاويف المخية ) لكلاب أخرى في حالة نشطة ، و في حالة يقظة تامة ، بعد أن نامت نوماً مريحاً فوجدوا أيضاً نفس النتيجة السابقة ، حيث استسلمت هذه الكلاب للنوم ، عقب ذلك الحقن فوراً . ونتيجة لهذه التجارب ، قرر العالمان الفرنسان ، أن النوم ، إنما يحصل بفعل نشوء " توكسينات النوم " أو " التوكسينات المخدرة " ، أي " المواد المنومة " و التي تتجمع في الدم و في السائل الدماغي الشوكي ، و تؤدي إلى " إنسمام " الدماغ؟ .. و بالتالي إلى النوم . و من جهة أخرى ، نرى أن العالم الفسيولوجي السويسري " إدوارد كلاباريد " يقول بنفس الرأي . و قام باحث أمريكي ، يعمل أستاذاً لعلم وظائف الأعضاء ( الفسيولوجيا ) في جامعة هارفرد الأمريكي ، هو الدكتور " جون بنهايمر " ، و معه من العلماء المساعدين هم : " مانفرد كارفسكي " ، و " جيمس كروجر" يجرون أبحاثاً علمية واسعة النطاق من أدل عزل " مادة النـوم الطبيعيـة " أو تلك " السموم " التي تحـدث عنهـا " بيرون ".. و عوضاً عن " كلاب بيرون المرهقة " فإنهم اتخذوا " الماعز " وسيلة للتجريب . و حرموها من النوم لمدة يومين ، و من السائل الدماغي الشوكي لها ، أخذوا كما فعل بيرون بكلابه ، مقادير صغيرة ، ثم حقنوا هذه المقادير في أدمغة بعض الأرانب و الفئران ، فنامت على الفور . و عندما أعيدت التجربة ، باستخدام مقادير من " السائل الدماغي الشوكي " لماعز أنفق ليله في النوم ، لم تكن لتلك المقادير ، أي تأثير على الأرانب و الفئران . فاستخلصوا من تلك التجارب أن " السائل الدماغي الشوكي " يحتوي على مادة تؤدي إلى النوم ، أطلقوا عليها اسم " عامل النوم " و اختصار العامل س . إلى هنا و " التجربة الأمريكية لا تختلف عن " التجربة الفرنسية .. سوى في الأسماء . و لكن الأمريكيين ، تابعوا المسيرة .. يريدون أن يعرفوا ، ما هي هذه المادة بالضبط . و ما هو تركيبها . و ما هي مقاديرها . و قضوا أربع سنوات و هم يجمعون السائل الدماغي الشوكي من الماعز المرهق المحروم من النوم ... و في نهاية السنوات الأربع ، لم يتجمع لديهم سوى جالون و نيف ، بالمقياس الأمريكي ، من السائل الدماغي الشوكي .. و هي كمية لا تكفي للتحليل و البحث و التنقيب . فانصرفوا عن " الماعز " إلى الأرانب .. و استمروا يجمعون تلك المادة ، من مخاخ " الأرانب " حتى وصوا إلى " 15 ألف أرنب .. و لكنهم فوجئوا بأن تلك الكمية ، قليلة أيضاً و لا تسمح بتحليلها كثيراً و لا قليلاً . و عندها تحولوا إلى " الإنسان " و بالتحديد إلى " بوله " لجمع المادة المطلوبة .. و بلغت الكمية التي استطاعوا عزلها من كمية " ألف جالون أمريكي من البول 30 ميكروغرم فقط ( أي يلزم 126مليون ليتر من البول [أي حوالي126ألف طن ] لنحصل على غرام واحد فقط من هذه المادة ). و على الرغم من ضآلة هذه الكمية .. إلا أنها كانت كافية لتحليلها ، و تحديد بنيتها الكيماوية . و هنا تفوق : الأمريكان على الفرنسيين .. إلا أنه كان تفوق التقدم العلمي و المسيرة العلمية ، السائرة أبداً نحو الأمام . و هكذا و مع مطلع عام 1982 و بعد أكثر من عقدين من الزمن ، من تجارب متكررة .. أكد فريق هارفرد ، و على رأسهم " جون ينهايمر كما ذكر أن " مادة النوم الطبيعية " قوامها أربعة أحماض و هي : Muramic Acide ، Diaminopimeli Acide ،Alanine ، Glutamin Acide و المادتين الأخيرتين ، معروفتان بوجودهما في البكتيريا ، أما وجودهما في جسم الإنسان ، فلم يكن معروفاً قبل ذلك : و عندما جربوا حقن " مادة النوم الطبيعية " هذه في الأرانب ،وجدوا أنها تضاعف مدة النوم التي تحتاجها هذه الأرانب ضعفين إلا ربعاً ! أي ( 1.75) .. فلو كانت مدة النوم هي 40% من ساعات اليوم ، لأصبحت 70% من تلك الساعات ، نتيجة لتناول مادة النوم هذه .. و ذلك دون التعرض للآثار الجانبية التي تحدثها مواد النوم الكيماوية ! حيث أنها تختلف عن " الحبوب المنومة" ، و ذلك على حد قول بنهايمر ، فهي لا تجبر حيوانات التجارب ، الأرانب هنا ، على النوم " فتأثير المادة لا يحدث إلا إذا كانت الحيوانات ، تشعر بالأمان و تمر بظروف عادية ، عند ذلك فإن الحيوانات تنام بشكل طبيعي بعد حقنها بهذه المادة "! النظرية الموضعية للنوم : (مركز النوم الدماغي ): في القرن الماضي كان جراحو الأعصاب يجرون عملياتهم الجراحية الدماغية ، دون الاستعانة بالتخدير ، و أثناء وجود المريض في حالة يقظة ! و خلال هذه العمليات ، شاهدوا أن مريضهم " الصاحي " يستسلم فجأة " للنوم " في حالات معينة ، عندما تمس أدواتهم الجراحية ( تجمعاً ) معيناً من الخلايا العصبية الموجودة في بعض المناطق العميقة ، داخل الدماغ ! و دفعتهم هذه المشاهدات ، و الملاحظات إلى افتراض وجود " مراكز للنوم " ! فلابد أن تكون تلك " التجمعات من الخلايا العصبية " مسؤولة عن النوم ، و مسيطرة عليه ! و إلا لماذا ينام هذا المبضوع " الصاحي " بمجرد أن تمس تلك " التجمعات " و إن افتراض وجود " مراكز للنوم " ليس بالأمر المستغرب . فالنوم عملية فسيولوجية ، و ظاهرة ذات شأن في حياة الإنسان ، ولا تقل أهمية ، بأي حال من الأحوال ، عن العمليات الفسيولوجية و الظواهر الأخرى المهمة في حياة الإنسان ، مثل التنفس و ضربات القلب ، والشهية ، و الإحساس بالعطش .. الخ ... و كل هذه العمليات و الظواهر ، معروف لها مراكز عصبية موجودة في الدماغ ، تنظمها و تسيطر عليها ! فما وجه الغرابة إذن في وجود مراكز للنوم في الدماغ ، يوجهه و يشرف عليه ، و يكون مسؤولاً عن حدوثة ، و يتحكم فيه ، و هو لا يقل ( أي النوم ) أهمية عن تلك الظواهر و العمليات التي لها " مراكز دماغية " ؟ و لقد كانت ، هناك دلائل ، و ملاحظات أخرى تدعم هذه " الفرضيات " في بدء ظهورها أو بالأحرى هي التي دعت إلى " افتراضها " . فلقد لاحظ عالم الفسيولوجيا النمساوي " أكونومو " أن المرضى الذين يموتون نتيجة بالتهاب الدماغ ، كانوا يبدون قبل وفاتهم اضطرابات في النوم ، مثل الوسن و النعاس و النوم المتواصل . و لما تم تشريح جثثهم .. وجد أن التغير المرضي الالتهابي ، إنما يكمن في أجزاء الدماغ القريبة من قاعدته . و لقد دعته هذه المشاهدات ، إلى أن يفترض وجود مركز للنوم في تلك الأجزاء هو الذي أدى نتيجة إصابته إلى اضطرابات النوم التي لوحظت قبل الوفاة ! كما أن العالم " موتنر " قد لاحظ نفس الملاحظات . و صرح في عام 1890م أن حالة النوم ن التي لوحظت و شوهدت ،خلال جائحة ، مرض النوم ( التهاب الدماغ النومي ) إنما تعود إلى تخريب بعض المناطق الدماغية ، نتيجة الآفات الالتهابية ..و حددها هذه المناطق في " المادة الرمادية " حول " بطيبنات الدماغ " ! و بعد موتنر ، كشف " هولزر " في إحدى وافدات التهاب الدماغ ، بؤرة تصلب متسعة تناولت قسماً من اللطخة السوداء من جهة ، و المنطقة الرمادية المحيطة بقناة " سيلفيوس " و القسم البطيني من البطين المتوسط من جهة أخرى . كما أن " بت " طرح في سنة 1923مشاهدة طريفة ، شاهدها في مصاب كان يدمن الكحول ، أصابه شلل عيني فجائي استولى على جميع العين اليمنى ، و كان شللاً ناقصاً في اليسرى ، و زاد عليه فرط ميل إلى النوم ، لا يغلب . و حين فتح جثته بعد موته ، كشف الفحص بؤرة تلين متسعة ، تمركزت في السويقة الدماغية ، بين اللطخة السوداء ، و قناة " سيلفيوس " و كانت النواة الحمراء في الأيمن سليمة ، أما في الأيسر ، فقد تناولتها الآفة بأجمعها ، و امتدت منها إلى السرير البصري الأيسر حتى الخط المتوسط . و ذكر لوكش مشاهدة تظاهرت بالميل إلى النوم ، كشف معها وجود بؤرة عقب إصابة المريض بالتهاب الشغاف خربت المادة السنجابية الكائية في القسم الخلفي من البطين المتوسط ، و تناولت معها أيضاً القسم الأوسط من جدار قناة " سيلفيوس " و قد امتدت استطالة صغيرة منها نحو النواة الأنسية من السرير البصري و الحديبة التوأمية اليمنى . و أثبت " بوغايرت " من جهة أخرى توضع آفة مخربة في المنطقة المجاورة لقلنسوة السويقة المخية ، سببت في المصاب ازدياد الميل إلى النوم ، مع فالج في الشق الأيسر ، و لقوة و شلل في العصب الاشتياقي في الشق الأيمن ، و رافقها تناذر ارتجاجي عضلي . أما عالم الفسيولوجيا السويسري ، فلقد كان من أنصار هذه النظرية " نظرية مركز النوم" أو بلأحرى من أشد القائلين بها ، حتى أنها كثيراً ما تقترب بإسمه و لقد أجرى تجارب خبرية عديدة ، لاثباتها ، و تداعيمها . فكان يخدر حيواناته المخبرية و هي القطط ، ثم يفتح في جماجمها ثقباً يدخل فيه قطبين كهربائيين هما عبارة عن سلكين معدنين دقيقين ، و معزولين ، إلا في نهايتها ، بحيث يلامسان موضعاً من مواضع الدماغ ، يحدده و يعرف مكانه التشريحي و بعد انتهاء من هذه العملية الدقيقة ، كان يخيط الجروح ، ثم يترك الحيوان حتى يشفى و " تندمل جراحه " فإذا كان الحيوان في " عافية " بعد ذلك ، عمد عندها ، إلى إمرار التيار الكهربائي في السلكين المغروسين في الدماغ ، منبهاً المنطقة المقصودة . و ملاحظاً ، و مسجلاً ما يطرأ على الحيوان من تغيرات .. و تبدلات. و من تبديل موضع " سلكيه" و تغير الأمكنة.. و تعدد التجارب .. و توصل إلى أنه إذا كان السلكان مغروزين في منطقة معينة من الدماغ تسمى " المخ الفاصل أو البيني أو العميق أو الدماغ المتوسط أو مضيق الدماغ أو سرير المخ . و تم التنبيه ، فإن القطة ، التي كانت في حالة يقظة ، تمر بجميع الخطوات و المراحل اللازمة للنوم . من البحث عن مكان مناسب ، و التقوس في الموضع المألوف المميز لها ، ثم تغلق عينيها ، و بعد دقائق قليلة ، تسغرق في النوم العميق . و في تجارب " حديثة " تبين أن التخطيط الدماغي الكهربائي ، المرافق لمثل هذه التجربة لا يختلف في نمط موجاته ، و إيقاعاته ، عن النمط الخاص بحالة من النوم الطبيعي . كما وجد أنه يمكن ، إيقاظ القطة " لحظياً " بواسطة منبهات مثل الصوت العالي أو رائحة اللحم على أنه إذا كان التنبيه مستمراً ، فإنها تميل ، لأن تعود إلى حالة النوم و لقد وجد هيس أن تخريب هذه المنطقة ، و إتلافها تجريبياً ، يؤدي أيضاً إلى حدوث النوم . أما عندما كان السلكان في مناطق أخرى من الدماغ ، فإن "بعث " التيار الكهربائي فيهما ، لم يؤدي إلى النوم . إذن لابد أن تكون هذه المنطقة هي المسؤولة عن النوم ، و هي مركزه هكذا رأى " هيس " و تجاربه لا غبار عليها . فلقد جرب بعض العلماء السوفيت مثل تجاربه ، و أفضوا إلى مثل نتائجها . و أنا أعتقد أن النوم يحدث نتيجة تكامل بين النشاط الغددي الكيماوي ، و المراكز الموضعية المركزية . النوم ضرورة حياتية : و ليس " عادة موروثة " فالإنسان ، و الحيوان ، إذا لم ينم ظهرت عليه .. علامات الإعياء و تضاءلت كمية عمله ، و نوعه ، و دقته ، كما ينقص وزنه .. لقد أجريت تجارب على الحيوان و الإنسان بحرمانه من النوم ، و معرفة تأثير ذلك عليه .. و هل النوم " ضرورة أم لا حادة له .. و هل يمكن الاستغناء عنه أم لا ...؟ لقد أخذت حيوانات ، كالكلاب مثلاً ، و أعطي فريق منها غذاءه الكامل و لكنه حرم من النوم .. و أما الفريق الثاني ، فقد حرم من الغذاء ، ولكنه ترك لينام كما يشاء .. فبعد خمسة أيام ، وجد ان الكلاب التي حرمت النوم ، لم يبق منها أحد على قيد الحياة . و ذلك بخلاف التي حرمت من الغذاء ، و تركت لتنام ، فقد قاومت الجوع عشرين يوماً .. و في تجارب أخرى ، استطاعت الكلاب المحرومة من النوم ، فقد قاومت الجوع عشرين يوماً ... و في تجارب أخرى ، استطاعت الكلاب المحرومة من النوم ، أن تقاوم حتى اليوم الثامن عشر ، أو العشرين ثم نفقت و هلكت .. رغم أن بعضها يأخذه النوم على الرغم من كل حائل دونه .. و لقد وجد العلماء ، تغيرات أساسية في خلايا قشر دماغها ، بد مدة حرمان من النوم ، تزيد على أسبوع .... و عند الإنسان ، وجدوا بالتجارب ، أنه لا يتحمل فقدان النوم ، أمداً طويلاً .. و هو عن فقدانه أعجز منه عن فقدان الطعام و الجوع .. فلقد أجريت تجارب على الإنسان ، منذ عام 1896لمعرفة ما يحدث للجسم ، سواء من الوجهة السلوكية ، أو الفسيولوجية ، أو البيوكيميائية ، عندما يحرم من النوم. و لقد وجد أنه عندما يحرم الإنسان من النوم لفترة قصيرة ، فإنه يشعر بالتعب العام ، و الإرهاق ، و ثقل في جفون العين ، و جمودها ... و عندما يكون الحرمان التجريبي من النوم ، بفقدانه لليلة واحدة ، وجد العلماء و علماء النفس ، أن الأعمال القصيرة الأجل لا تتأثر .... و أن النقص في الأداء لا يحدث إلا إذا تطلب العمل تركيز الفترة ، نصف ساعة أو أكثر .. كما وجدوا أن من العوامل الحاسمة في الموضوع ، نمط العمل أو النشاط الذي يقوم بـه المرء ... فالأعمال البسيطة نسبياً ، و الأعمال التكرارية ، تتأثر أكثر من غيرها ... مراقبة أجهزة عرض ، و ذلك لملاحظة حدوث أي إشارات ضئيلة عارضة ، و ذلك على نحو متصل .. كما هو الحال في عمل المراقبة من على ظهر السفينة مثلاً .. و كذلك اتخاذ القرارات التكرارية البسيطة ، كما هو الحال في تصنيف الحروف الأبجدية . و أما الأعمال التي تتطلب حساباً أو تعليماً ، فهي أقل تأثيراً بنقصان النوم .. فإذا وصلنا إلى الأعمال التي تتطلب اتخاذ قرارات معقدة ، أو حل مشكلات ، و التي يبذل فيها جهد عقلي كبير ، فإنها تظل دون أن تتأثر على الإطلاق ، حتى و لو استمرت لفترة ساعة أو أكثر .. و حتى لو مضى يومان أو ثلاثة دون نوم ..... و لعل الغريب في حالة عدم النوم ، هو ليس ، مقدار تعطيله للأداء ، و إنما درجة التغلب على تأثيره ، إذا كان العمل ، و بخاصة تعقيده ، على درجة كافية من إثارة الاهتمام و الاستثارة .. فهل يعني هذا ، أن الشخص المحروم من النوم ، لا يختلف عن الشخص العادي ، في مثل هذا غير صحيح .. ففي إحدى الدراسات طبقت مقاييس التوتر العضلي ن على مجموعة من الأشخاص ، الذين لا ينامون ، أثناء قيامهم ، بسلسلة من الأعمال الحسابية ، و لوحظ أن مستوى التوتر العضلي ، يظل عادياً ،عند أؤلئك ، عند الذين يتدهور أداؤهم .. و لكنه ارتفع ( أي التوتر العضلي ) عند أولئك الذين ظلوا يؤدون أداءً عادياً رغم فقدان النوم .. و معنى ذلك أن الأداء العادي ن عند المجموعة الأخيرة من المجرب عليهم ، لم يتم الوصول إليه ، إلا على حساب جهد فسيولوجي زائد .. و على ذلك ، فسواء من الوجهة السلوكية ، أو الفسيولوجية ، يبدوا أن الكفاءة تتناقص حينما يفقد النوم . يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع |
يتبــع موضوع ... ومن آياته منامكم بالليل و كذلك فإن المسائل الحسابية الذهنية و التي تزيد من النشاط الكهربائي للدماغ ، تترافق عادة بزيادة قليلة في الموجات العالية التوتر عند الشخص الطبيعي المرتاح ، بينما لا تحدث هذه الزيادة أبداً ، و لا تظهر عند الشخص المحروم من النوم !و عندما يكون الحرمان التجريبي من النوم ، لفترات أطول من 12 ساعة ، فإن هذا يسبب ، تبدلات فسيولوجية و نفسية ، و حركية ، و كيميائية حيوية .. هذه التبدلات يكون فيها .. النقصان عن الحد الطبيعي ، أكثر من الزيادة بحسب رأي العالم تيللر ... سعة العمل الشاق ، و المهارات النفسية الحركية أن تجري الاختبارات بدون حاجة للانتباه المدعوم ! ) و سكر الدم ، و المدخر القلوي ، و خضاب الدم ، و تعداد كريات الدم البيضاء و الحمراء ، ووزن الجسم ، و حرارة البدن ، والاستقلاب الأساسي ،و الاطرح البولي لمادة 17 ـ كيتوستيروثير ! و إلى جانب هذه التبدلات الكثيرة ، التي تأثرت " قيليلاً " من حالة الشدة الناجمة عن فقدان النوم ، فإنه تظهر عادة ، تبدلات هامة تتناول النشاط الكهربائي للدماغ ، مع اضطرابات نفسية عديدة . فمخطط الدماغ الكهربائي ، تبدأ بتدلاته ما بين الساعة 36 ـ 50 ( من الحرمان من النوم ) ، و تمتاز هذه التبدلات بشكل رئيسي ، بظهور زيادة في الزمن الذي تشغله الموجات العالية التوتر .. حتى إذا ما استمر الإنسان في حالة من اليقظة لمدة 72 ساعة ، و بقي محروماً من النوم ، فإن منشطاته و استجاباته ، تصبح ضعيفة ، فيزداد النسيان لديه .... و يقل التركيز ... و تبدوا الأشياء المرئية ، كما لو كانت مزدوجة .. و يعاني من رؤية الهلاوس ، بشكل متوسط حر .. و من الشائع حدوث تهيج عصبي .. و شكل من الجنون ، مثل جنون العظمة أو الشك . و بعضهم قد يعاني من أعراض هوس عقلي .. متمثل في السرحان ، و البعد عن الواقع المحيط به .... كما تزداد إمكانية حدوث نويات من الصرع ، فتمثل خطراً متزايداً .. فلقد تم في " مركز لأبحاث النوم " تابع لجامعة لوبرون للتكنولجيا في وسط انكلترا ، و على بعد 100 ميل شمالي لندن ... تم عمل تجربة لمعرفة أثر الحرمان من النوم على الإنسان ، لمدة ثلاثة أيام ، أي 72 ساعة كاملة .. و ذلك بهدف معرفة ما إذا كان النوم ضرورياً لأداء الوظائف الطبيعية المختلفة كل يوم ، أم أنه عادة لا ضرورة لها ... حيث كانت هذه التجربة ، تهدف إلى اختيار الذاكرة و المهارات اللغوية ، لهؤلاء " المتطوعين " الذي قبلوا الحرمان من النوم ، طوال فترة 72 ساعة " إكراماً لعيون " الطيب النفسي جيم هورني ! صاحب التجربة ، و في سبيل العلم . بدأت التجربة في الساعة الثامنة صباحاً من يوم الجمعة ، و استمرت حتى الثامنة صباحاً من يوم الإثنين . و كانت مواد التجربة ، تتألف من ... جولات يومية خمسة ، من الاختبارات : التأرجح على قضيب خشبي يشبه تمرينات الباليه ، و ذلك لاختبار التوازن ، و قياس الحرارة ، والتعرض لاختبار و يلكنسون لليقظة .... و أما خارج أوقات الاختبارات ، فكان المتطوعون يمضون الوقت في غرفة مشتركة ، مزودة بجهاز لألعاب الفيديو ، و بلعبة السهام ، و بعض ألعاب المائدة ( شطرنج و غيره ) و غيرها من وسائل التسلية .. و كان المتطوعون ، يستطيعون شرب القهوة و الشاي بكميات محددة ..... كما كانوا يشجعون بعضهم على الاستمرار في اليقظة ... في فجر يوم السبت كان الجميع يترنح من التعب .. إلا أنهم نشطوا نسبياً أثناء النهار ، وأمضوا يوم السبت ، بشكل معقول...... من حل أحد الألغاز ، و المشاركة في لعبة الفيديو و .... و في صباح يوم الأحد ، اشترك المتطوعون في لعبة تمثيلية ، مليئة بالحيوية ، و تعتمد على الذكاء ، وهي معرفة مقاطع ، كلمة معينة ، من خلال مشاهدة تمثيلية يؤدنها ... .و كانوا لا يزالون بخير .. و عندما تابعوا في خلال نهار الأحد . شعر أحدهم عندما وقف أمام جهاز اليقظة ، بأن أقدامه تلتوي تحت جسمه ، عند الصفارة رقم 28 ، و هوي نائماً بسرعة على المقعد .. و عندما كانوا ينقلون من جهاز اليقظة ليلعبوا بالفيديو ( مثل لعبة غزاة الفضاء أو الباك مان !) كان الجهازين ( جهاز اليقظة و جهاز الفيديو ، قد امتلطا في عقولهم .. فقد بدؤا يسمعون انفجارات القنابل في قيادة الصواريخ ( أصوات لعبة الفيديو) ، مختلطة بالصفير بالمتقطع لجهاز اليقظة . و مع انتهاء يوم الأحد ، ظهرت بعض الاضطرابات العقلية الأخرى . فشاهد أحدكم دخاناً ليس له وجود ينبعث من جهاز التلفزيون ... و أحس الأخر بأنه يرتدي قبعة ... و أما الثالث فقد صاح " لا أستطيع تثبيت عيني على أي شيء ، لم تعد لدي أي قوة باقية " ! و أما الثالث فقد صاح " لا أستطيع تثبيت عيني على أي شيء ، لم تعد لدي أي قوة . و في صباح يوم الاثنين كان الدوار ، قد حل بالجميع ، و أصبح جهاز اختيار اليقظة غير متحمل ... حيث أحد المتطوعين ضغط على الزر 11 مرة ، عوضاً عن الرقم المطلوب و هو 225 مرة ، و كانت إحدى المرات خاطئة أيضاً .. و عندما انتهت التجربة ، و تجارب أخرى مماثلة ، كان الأشخاص المتطوعين ، يذهبون في نوم عميق ، يستمر من 14 ـ 16 ساعة .... حيث أن الجسم عادة ما يعوض فقط ثلث عدد ساعات النوم الضائعة .. و كان قسماً كبيراً من هذه الساعات يقضى في مرحلة نوم حركة العين السريعة ( مرحلة الأحلام ) . و بعد الاستيقاظ من هذه النوم ، فإنه كانت تظهر دلائل اضطراب في وظائف أجهزة الجسم المختلفة ، بحيث لم تعد هذه الوظائف إلى طبيعتها ، إلا بعد انقضاء عشرة أيام على انتهاء التجربة .. كانت الفترات العصبية في هذه التجربة ، تمر على الرجال أكثر من النساء فقد كان بين المتطوعين فتاة .. يقول هورني " إن الرجال يمرون بأوقات عصبية أكثر من النساء ، في حالات الحرمان من النوم ! .. ربما لأن النساء لديهن طاقة أكبر مخزونة في الطبقة الدهنية من الجسم " ... و لكن .... لابد أن نتذكر أيضاً ، أن الفتاة المشاركة ، كانت صغيرة السن ، في العشرين من عمرها .. بينما كان الرجال ، لاسيما الذين غلبه النوم ، في الأربعين من عمره .. فلعل السبب يرجع أيضاً : إلى أن صغار السن أقدر على أحتمال الحرمان من النوم من الكبار .. فلقد أوضحت دراسات في جامعة فلوريدا أن الأشخاص عند سن الأربعين أو بعدها ، يقاسون من الحرمان من النوم ، أكثر مما يقاسي طلبة الجامعات ، أي الأشخاص صغار السن ، الشباب ... و لقد وجد أيضاً من خلال هذه التجربة ، و تجارب أخرى مماثلة ، أن المحرومين من النوم ( سواء كانوا رجالاً أو نساءً ) يأكلون بشراهة!.. و لقد أجريت تجارب مماثلة ، في عيادة لافايت بمدينة دترويت ، كانت تهدف إلى معرفة و تحديد نشاط أجهزة تحويل الطاقة في الجسم ، و هي الآليات المسؤولة عن تزويد الطاقة اللازمة لاستمرار النشاط العضلي و العصبي ، في حالة الحرمان من النوم و لمدة 100 ساعة متواصلة أي حوالي أربع أيام و زيادة ! لقد وجد أن نشاط هذه الأجهزة ، يتزايد زيادة هائلة .. حتى إذا ما زادت " الفترة الحرمانية " عن المائة ساعة ، ظهرت عندها " أساليب الطوارئ " التي لا تسخدم في الظروف العادية ... و هذا يشكل دليلاً واضحاً ، على حدوث قدرة من استنفاد المصادر العادية لطاقة الجسم ! حيث بناء على ذلك ،يمكن اعتبار الشخص الذي يصمد دون نوم ، و كأنه يشبه " محرك السيارة " ، في بعض نواحيه ، عندما يفقد كفاءاته ، بسبب الاستعمال الزائد عن الحد .. فقد " يتناقض الاداء " إلا أنه يظل من الممكن و في حدود معينة ، الوصول إلى مستويات ملائمة على حساب " الاستهلاك الزائد الزائد للوقود". و لقد وجد في تجربة ، أجريت بمعرفة " مركز أبحاث النوم " التاسع لجامعة أوهايو في أمريكا ، ثم تم خلالها حرمان بعض المتطوعين ، من النوم ، لمدة خمسة أيام متتالية ( 120ساعة ) . لقد وجد ، أنه ظهرت على هؤلاء " المتطوعين " علامات إعياء شديد و إنخفاض حاد في القدرة على التركيز و التفكير ... حتى إذا ما كان اليوم الخامس و الأخير من التجربة ، كان التطوعين ، في حالة عجز شبه كاملة ، عن الحركة .. و انخفضت قدرتهم علىالتفكير ، وضع القرارات إلى أدنى مستوى لها ..... و صدرت عنهم " هلوسة " شبيهة بهذيان المحموم. و لقد وجد في تجارب أخرى مماثلة ، تمت من خلالها محاولة حرمان المتطوعين ، من النوم ، لمدة تصل إلى 200 ساعة و أحياناً تزيد ( حوالي ثمانية أيام و زيادة ) لقد وجد من خلال هذه التجارب ، و بلا استثناء ، أنه ما أن تمر مدة 100 ساعة من الحرمان المتواصل من النوم ، أي بعد حوالي 4 أيام ، و هي النقطة التي تتحطم عندها أجهزة تحويل الطاقة ، كما ذكرت ، حتى يظهر تدريجياً سوءا لتكامل في الشخصية ، و في السلوك العقلي.. فيتصرف " المحروم من النوم" بما يشبه الثمل المتبرع .. فيتفوه بكلمات لا ضابط لها ن و تصدر عنه حركات أو أقوال ، لا يرتضيها في حالاته العادية ... كما تظهر أعراض الجنون الهذائي ( الهذياني ) .. حيث يتهم " المفحوص المتطوع " .. يتهم " العالم المجرب " بأنه يحاول تحطيم محاولته البقاء مستيقظاً ، طوال الفترة المحدودة . و لقد تمت أيضاً محاولة الاعتداء على المجرمين في حالتين .. و في نفس الوقت تضطرب قوى الإدراك العقلي .. فيرى المفحوص المجرب . و عـاد الشـبـاب فيحسبك النوم ... يريح و ينعش .. فلقد توصل بافلوف إلى استنباط طريقة لمعالجة الأمراض بالنوم .. وكان تفكيره يتجه أولاً ، إلى الأمراض الناشئة عن اضطرابات أو فقدان التوازن في الجهاز العصبي الإنباتي ( الودي و نظير الودي ) و ذل لما بين النوم و بين الجهاز من علاقة خاصة .. إلا أنه شاهد ، و إلى جانب النتائج الحسنة التي أحرزها في معالجة هذه الأمراض و شفائها ، أن النوم تأثيراً واضحاً في إعادة الشباب أيضاً . يرمي و يبني ...... يحفظ النضارة ، و يجدد الشباب .. فالكثير من الشيوخ الذي ما زالوا يؤدون في شيخوختهم ، أعملاً جبارة و بنجاح الشباب و نشاطهم .. إنما يعزوا ذلك كله إلى محافظتهم على نوم صحيح . " فشبابنا يتجدد بالمفهوم الحقيقي بعد كل نوم .. فنحن في الصباح أطول منا في المساء .. و أكثر مرونة إلى حد بعيد .. و كذلك أشد قوة و أغزر في عصارات الجسم ، و أقرب بذلك إلى الشباب .. و أما في المساء ، فأجسامنا أشد جفافاً .. و أحط قوى ، و أقرب بذلك إلى الشيخوخة .. ذلك ما قاله هوفيلاند الطبيب الألماني المختص.... و ذلك ما وجده كثير من العلماء .. و ما جربه بافلوف.. فلقد كان بافلوف يهيء للمريض فراشاً وثيراً دافئاً ، و بعيداً عن النور والضوضاء .. ثم يعطيه أدوية منومة بفترات و جرعات معينة ، يظل بعدها المريض في سبات عميق مستمر ، لمدة ثلاثة أسابيع ، لا تقطعه ، إلا فترات قصيرة من الصحو و اليقظة ، كافية لتناول الغذاء و إفراغ الفضلات من بول و براز .. حيث يعود بعدها المريض إلى النوم بإعطائه جرعة الدواء المنوم . و لقد لفت انتباه بافلوف ، ما أكده المرضى بعد شفائهم من المرض ، و عودتهم إلى الصحو : من أنهم يشعرون و كأنهم قد عادوا سنين إلى الوراء .. و لما كان بافلوف رجل علم ، و تجربة ، فإنه لم يكتف بهذا التأكيد من مرضاه ، و خشي أن يكون " الايحاء الذاتي " قد لعب دوراً فيما يدّعون من شعور .. و لذلك صمم على إجراء تجارب على " حيوان " فالحيوان لا يتأثر بالايحاء .. ولقد اختار لهذا الغرض كلباً مسناً ، بلغ من العمر 14 سنة ، و هو عادة أقصى ما يصل إليه الكلب من العمر ، و هذا يعادل عند الإنسان ، شيخاً في التسعين من عمره .. و كانت أعراض الشيخوخة و الهرم بارزة عند هذا الكلب المسن .. إذ كان لا يرى إلا قليلاً ، فهو شبه أعمى . و يسمع أقل من ذلك .. و كانت فروته باهته اللون ، و يخالطها شعرات رمادية .. و كان هذا الكلب المسن وصل إلى أرذل العمر ، غير مكترث أو منتبه إلى ما يحدث بالقرب منه ، و إلى ما يدور حوله ، بطيء الحركة يمضي أكثر أوقاته مستكيناً مستسلماً .. هذا الكلب المستكين ، الذي بلغ حافة القبر ..أخذه بافلوف و عالجه بالنوم المستمر ، لمدة ثلاثة أشهر ، كان يعطيه خلالها جرعات من الدواء المنوم ( فينوبربيتال ) و لاشيء غير ذلك .. و دون أن يوقظ ، إلا في فترات معينة لتناول الطعام ، و فضاء الحاجة .. حيث يعود إلى النوم مرة أخرى . و هكذا لمدة ثلاثة أشهر .. و أنتهت المدة .. و انتهي العلاج .. وظهر على الكلب ، ما يدهش . لقد ظهرت عنده ، أعراض " عودة الشباب " إليه .. فها هو هذا الكلب المسكين المستكين " الذي كان " أصبح " الآن " يقفز ، و يهرول . و فروته الباهتة المختلطة ، بشعرات رمادية .... عاد إلهيا لونها و لمعانها في أيام الشباب ... و ما أحلى أيام الشباب .. و " ما أحلى الرجوع إليه " .. إلا أن " القطار " إذا تجاوز ، لا يعود .. و بعد سبع سنوات ، استمر بافلوف خلالها يراقب الكلب ، أعلنت هذه التجارب و نتائجها ، وكان الكلب ما زال حياً ... رغم أنه تجاوز العشرين . وهو ما يعادل عند الإنسان سن 135عاماً. فالكلب لم يتجاوز ضعفي ، ما يقدر لأمثاله من عمر فحسب ، بل إنه ظل بفضل معالجته بالنوم يحتفظ أيضاً " بقدرة " من " أعراض الشباب و صفاته " . . و لقد استعمل ، مثل هذه الطريقة الطبيب الألماني ( فايدنار ) .. حيث كان ينوم المريض نوماً متقطعاً ، لمدة ثلاثة أسابيع أو أكثر بفضل استعمال الأدوية المنومة ، و لا يوقظ إلا لتناول الطعام ،و إفراغ السبيلين . استعملها لمعالجة حالات مختلفة و سماها " النوم الشافي " . فقد عرف عن النوم ، أنه يساعد على الشفاء . .. و يقلل أيضاً من مضاعفات المرض ... و لهذا كثيراً ما ينصح به الطب ، و لاسيما في الأنفلونزا ، مثلاً و الاضطرابات العصبية .. كما أن النوم ، استعمل و بنجاح ، علاجاً لمرضى ارتفاع ضغط الدم في مراحله الأولى مع العقاقير .. و يستعمل أيضاً في علاج كثير من الأمراض الباطنية . كما أنه يعمل على زيادة الوزن ، في فترة النقاهة من الأمراض .. و ليس هذا فحسب فالنوم أيضاً علاج للقلق و الانزعاج. و لذلك فلا تتعجب ، إن سمعت أنه أقيمت في أمريكا ، " عيادة خاصة للنوم " لمعالجة حالات الأرق و الانزعاج .. فكلما استحوذ القلق على الإنسان ، هبت نوبة الكرى فوق جفونه .. فإذا بالنوم ، يزيل قلقه .. و يذهب خوفه .. و إذا الذي استيقظ كان أكثر أمناً ، و أهدأ حالاً منه قبل نومه. و إذا الذي استيقظ ، كان أكثر أمناً ، و أهدأ حالاً منه ، قبل نومه .. و ندرك مرة أخرى ، حكمة النعاس الذي غشي جنود المسلمين في غزوة بدر .. ثم غزوة أحد .. ففي بدر آتاهم النوم و أمناً .. و ربط على قلوبهم ، ليبعد عنهم القلق و الخوف . فلقد كانوا قلة أمام أعدائهم الكافرين .. فأمن بالنعاس خوفهم.. و جدد قواهم .. فانتصروا على أعدائهم .. " إذ يغشاكم النعاس أمنة منه ، و يننزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ، و يذهب عنكم رجز الشيطان و ليربط على قلوبكم و يثبت به الأقدام ." الأنفال : 11. " إن قصة النعاس الذي غشي المسلمين قبل المعركة ، هي قصة حالة نفسية عجيبة ، لا تكون إلا بأمر الله و قدرته و تدبيره .. لقد فزع المسلمون و هم يرون أنفسهم قلة في مواجهة خطر لم يحسبوا حسابه و لم يتخذوا له عدته .. فإذا النعاس يغشاهم .. لم يصحون منه و السكينة تغمر نفوسهم و الطمأنينة تفيض على قلوبهم ... لقد كانت هذه الغشية و هذه الطمأنينة ، مدداً من أمداد الله للعصبة المسلمة يوم بدر " الظلال .. و في أحد : " لقد أعقب هول الهزيمة و ذعرها ، و هرجها و مرجها ، سكون عجيب . سكون في نفوس المؤمنين الذين ثابوا إلى ربهم ، و ثابوا إلى نبيهم . لقد شملهم نعاس لطيف في نفوس المؤمنين الذين ثابوا إلى ربهم ، و ثابوا إلى نبيهم . لقد شملهم نعاس لطيف يستسلمون إليه مطمئنين ! و التعبير عن هذه الظاهرة العجيبة يشف و يرق و ينعم ، حتى ليصور بجرسه و ظله ذلك الجو المطمئن الوديع : " ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاساً يغشى طائفة منكم " آل عمران : 154. و هي ظاهرة عجيبة ، تشي برحمة التي تحف بعبادة المؤمنين ، فالنعاس حين يلم بالمجهدين ، المرهقين المفزعين ، و لو لحظة واحدة ، يفعل في كيانهم فعل السحر ، و يردهم خلقاً جديداً ، و يسكب في قلوبهم الطمأنينة ، كما يسكب في كيانهم الراحة ". الظلال . فالنوم ، يمحو من النفوس ، صدمات الكوارث في الحياة .. و يعيد إلى النفوس المتعبة القلقة .. التوازن .. تبدلات الجسم الفسيولوجية أثناء النوم : إذا نظرنا إلى القلب نجد أنه يتباطأ نبضه أثناء النوم ، و يغدوا أهدأ ، و صار أضعف و أبطأ ! و بين النبضة و النبضة ، يطول الوقوف و تصير الفترة أبعد و أطول . و الضغط الدموي ( التوتر الشرياني ) انخفض علوه بمقدار 20 ـ 25 ملم زئبق . و عادة يكون ذلك خلال النصف الأول من الليل. و أما التنفس ، فيصبح أبطأ حركة ، و أطول , أعمق . فعمقه يزداد ، و يميل إلى الانتظام و لاسيما عند الأطفال و الشيوخ .. و السبب في ذلك : نتيجة تثبط مركز التنفس في البصلة السيسائية ، بحيث تصبح قابليته لإثارة منخفضة .. حيث أن التحاليل الدموية و المخبرية .. تبين أن غاز الفحم في الدم ، يزداد ، كما يزداد داخل الأسنان الرؤية ، أيضاً ... و تحدث تبدلات في قدرة هدروجين الدم (أبي بأتش الدم ) فتنخفض ، و يصبح الدم أكثر حموضة . و قد يكون ، يعلل لنا عالم آخر .. هدوء القلب الضغط و عمق التنفس .. بسبب تنشط الجهاز نظير الودي أثناء النوم ، و الذي يفوق في نشاطه الجهاز الودي ، و يسيطر عليه ، سيطرة نسبية . و قد و جد أن 67% من مجموع الأوكسجين الضروري ، يمتصه الجسم أثناء النهار ، خلال 12 ساعة ، في مقابل 33% حلال ساعات الليل .. كما يخرج الجسم 58% من غاز ثاني أوكسيد الكربون في النهار و 42 % أثناء ساعات الليل . إن درجة الانخفاض ، يعلل بحدوث تثبط خفيف يصيب مراكز تنظيم الحرارة ، و بحدوث الاتخاء العضلي المرافق للنوم ، حيث أن التوتر العضلي في الحالات الطبيعية الناشطة ، ينتج حرارة ، و هذا بدوره يساعد على زيادة حرارة الجسم . و يتابع فيقول : و لذلك يحتاج النائم للغطاء أكثر من المستيقظ ! و يرد على " اندهاش و تساؤل " فيقول : و إذا كنا نلاحظ أن النائم ، حين يستيقظ يكون أدفأ ، حتى أن الفراش كله يصبح دافئاً ، فهذا يعود إلى : قلة الحركة أثناء النوم . و إلى الغطاء الذي يحفظ الحرارة من التبدل ، و التبدد. و إلى تمدد ، و انبساط لدى اللمس و أدفأ ن بعد أن تشبع بالدم ، و تورد.. مع أن حرارة الجسد العامة منخفضة بعض الشيء .. أما الثالث ، فلقد جرب و جرب .. ثم وجد: أن الحركان الحووية في الأمعاء و المعدة ( أي حركات الهضم ) تخف ، و تتباطأ أثناء النوم ، إلا أنها بلا شك تستمر ! كما أن العصارة المعوية و الهضمية يتناقص تكوينها ، و يقل إفرازها ..... فالغدد الهضمية و الكبد ، و المعثكلة ( البنكرياس ) ، كلها يتبدل نشاطها ، فينقص بعض الشيء . فالمعدة ، مثلاً ، تحتاج طعام دسم إلى نحو 7 ساعات ، و أما في حالة النوم ، فإنها لا تهضم هذا الهضم في أقل من 12 ساعة . و لذلك ، يتابع كلامه .. أنصح بعد النوم مباشرة بعد وجبة العشاء .. و أذكركم بالمثل القائل " تعش و اتمشى " فهو جيد .. و أما نحن فنتذكر ما قلناه سابقاً من الذهاب إلى المسجد و التمشي إليه و منه بعد العشاء .. حيث نعطي المعدة و الأمعاء فرصة .. فرصة لتفتيت الطعام و امتصاصه ، و تخزينه أو احتراقه .. و يخبرنا الرابع: أن نشاط بعض الغدد و لاسيما غدد الوجه ، يقل .. فيتناقص إفرازها .. و لذلك يقل اللعاب و يجف الفم ، كما تجف الجفوة و تحمر .. و لهذا يتابع الكلام .. نرى الأولاد حين يسيتيقظون ، بظهور راحاتهم الصغيرة أو قبضاتهم الغضة ، يحكون عيونهم ، لتنشيط الغدد الدمعية ، من أجل خضل أجفانهم ... و ثمة استثناء وحيد ، و هو الغدد العرقية .. فهذه يزيد نشاطها و يزداد إفرازها . و هذا الشيء بلا شك يمكن الجسم من تخفيف الدفء المفرط ، الذي ينجم عن تشبع الجلد بالدم .. بالإضافة إلى العمل الهام و الذي يعوض عن تباطؤ الكلية في عملها و نشاطها . . فيساعد في التعويض عن انخفاض نسبة الطرح و التخلص من الفضلات و المبتذلات ، و التي تحدث في الكليتين أثناء النوم .. و لذلك ، يتابع كلامه ، عندما ترون قطرات العرق تلمع على خدود الأطفال وهم نائمون ، و لاسيما في فصل الصيف ، و كأنها قطرات ندى ، على تويجات الأزاهير ! فلا تستعملوا المراوح الكهربائية .. فهذا الفعل ضار .. فالمراوح تنتج تيارات هوائية تبخر العرق ، فتنخفض حرارة الجسم و الجلد .. فتسبب الأمراض المختلفة .. و الخامس الذي بحث في عمليات التأكسد و الاستقلاب ( الأيض ) يقول ، أنها تنقص و تضعف .. فالإنسان يمر خلال نومه بحالة خفيفة جداً من "البيات الشتوي " إذ ينخفض معدل التمثيل الغذائي بمقدار يتراوح ما بين 10 ـ 15 % عن أقل معدل له في حالة اليقظة .. فالجسم النائم يستهلك 75 وحدة حرارية في الساعة ، مقابل المعدل البالغ 150 وحدة حرارية في الساعة أو أكثر في ساعات النهار ، فعمليات البناء تهبط بشكل عام ، إنما مع زيادة عمليات " استعادة البناء " عن عمليات " الهدم و التقويض " . أما السادس ، فلقد تأكد من أنه : يضعف إرواء الدم للكيتين فيقل إفرازهما من البول من مرتين إلى أربع مرات ( أي بمقدار الربع أو النصف أحياناً ) . كما تضعف القدرة على تكوين البول و إزالته ، و يصبح البول أكثر تركيزاً . و نتيجة لقلة طرح البول ، يصير الدم أكثر " مائية " . و السابع عرف بتجاربه أن : مقاومة الجلد للتيار الكهربائي تنخفض . كما أن الجلد يصبح أكثر نشاطاً أثناء النوم فها هو الأستاذ " وليم بالو " و يستطيع أن يحدث الإصلاح و الترميم . في أثناء النوم فقط . ففي أثناء نشاط الجلد هذا ، يتابع الباحث السابع كلامه .. يتحول الغليكوجين ( سكر الكبد ) المودع في الجلد ، إلى سكر ، و يتدفق في مجرى الدم . و أثناء النوم ، فإن بعض السكر في المجرى الدموي ، يعود إلى حالته الأولى ، أي تيحول ثانية إلى غليكوجين , يسكن في خلايا الجلد ، ليستعمل في أعمال الإصلاح و الترميم ، و في تجديد الخلايا ، و صنع الخلايا الجديدة ..... و لذلك فإن " الجراح " تندمل و تشفى في ساعات النوم ، عندما تتوفر ، مواد البناء و الترميم ، اللازمة لهذه العملية .. و الثامن الذي حلل .. الدم و السائل النخاعي الشوكي ! أخبر أن : مقدار الكالسيوم في الدم ينخفض . و تكثر في الدم أملاح المغنيزيوم ، و هذا مما يؤدي إلى كبت النشاط العصبي و العضلي في الجسم ، فيتوقف هذا النشاط مؤقتاً عن العمل . و تتناقص في الدم كمية الهرمونات ، و منها هرمونات الكظر ، باستثناء الأنسولين الذي يزداد .. و هذا يؤدي إلى تناقص الغلوكوز ( سكر العنب) في الدم . و في السائل الشوكي ، تزداد أملاح البوتاسيوم ! و يضيف معلقاً على نقصان مقدار الكالسيوم في الدم في سياق النوم الفسيولوجي الطبيعي ، أو المحدث بالمنومات ، يضيف فيقول : إن ذلك هو الذي يجعل العلماء يعتقدون ،بأن هذه الشاردة ( شاردة الكالسيوم ) ، تتكثف في الدماغ لتظهر قدرتها المركبة المركزية .. بينما تقوم شاردة البوتاسيوم ، حينما تعطى ، بمقادير خاصة ، بتأثير دماغي معاكس ، لتأثير شاردة الكالسيوم .. و يصف لنا تاسع ، ما وجده من استرخاء العضلات و انبساطها .. أو فعاليتها و انقباضها ، فيقول : ها هي عضلات العنق ، تسترخي ، فيهوم الناعس و ينود ! . و يسير الاسترخاء إلى عضلات أخرى ، و يزيد .. كلما تمشي النوم في الجسم ، و زاد ! .. فبتمشي النوم في الجسم ، تفقد سيطرة الإرادة على العضلات ( المخططة) ، فتسترخي ، و تقل فيها درجة التوتر العضلي ، إلا أنها تحفظ بشيء من الفعالية !. و من المعروف ، يتابع كلامه !. أن العضلات الهيكلية ( التي ترتكز على الهيكل العظمي ) ، تترتب في أزواج متعارضة ! تترتب في أزواج متعارضة ! فهناك عضلات للاستنباط ، و أخرى للانقباض .. و الذي يكون أدنى ما يكون أدنى ما يكون خلال الاسترخاء و النوم .. إلا أنه على كل حال يحتفظ بالقدر الكافي ، لحماية الكائن ، و تقلبه ، خلال النوم المصدر : كتاب : " النوم أسراره " الدكتور أنور حمدي |
من أسرار عالم النوم الدكتور حسان شمسي باشا رغم أننا نقضي ثلث عمرنا في النوم ، إلا أننا لا نعلم إلا القليل عن النوم . والفكرة السائدة بين العلماء هي أن للنوم وظيفة مرممة وشافية للدماغ . وليس الدماغ هو المستفيد الوحيد من النوم ، بل إن في النوم سكنا وراحة للجسم كله . قال تعالى : (( ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيها والنهار مبصرا )) النمل 86 . ولكن بعض الناس - وللأسف الشديد - يقلب ليله نهارا ، ونهاره ليلا وخاصة في رمضان. والحقيقة أن في الدماغ ما يسمى بالساعة البيولوجية التي تجعلنا نستيقظ من النوم في ساعة محددة كل صباح ، وتشعرنا بالنعاس في الوقت ذاته من كل مساء إذا ما اعتدنا على ذلك. ولا ينفرد الإنسان بوجود هذه الساعة بل هي موجودة عند الحيوانات أيضا . فمن المعروف أن الصراصير والبوم والخفاش والجرذان تنشط ليلا وتهجع في النهار ، بينما الحيوانات الأخرى يكون نشاطها الأعظم أثناء النهار . وقد تم نقل نحلات من منطقة باريس إلى نيويورك فلوحظ أنها تنطلق للحقول لجمع الرحيق في نيويورك عندما يحين موعد جمع الرحيق في باريس . وليس موعد الجمع في نيويورك ، إذ أن ساعتها البيولوجية ما زالت مبرمجة على توقيت باريس . ويعتقد الباحثون أن الغدة الصنوبرية التي تفرز الميلاتونين هي التي تمثل الساعة البيولوجية عنده . وعندما ينتقل أحدنا غربا إلى الجانب الآخر من الكرة الأرضية ، حيث يتأخر الوقت نحو 12 ساعة ، نلاحظ أنه ينشط عندما يحين منتصف الليل . فجسمنا مبرمج لأن نكون نشيطين في الساعة 12 ظهرا حسب توقيت بلادنا ، أي عندما ينتصف الليل في نصف الكرة الآخر ، والعكس صحيح . من أجل ذلك تضطرب حياة من يضطر بحكم عمله إلى الانتقال باستمرار شرقا وغربا ، كما هو الحال مع أطقم الطائرات ، وكذلك حياة من يضطرون للقيام بمناوبات ليلية ونهارية كالممرضات . وينطبق على ذلك من يحيلون ليلهم إلى نهار ونهارهم إلى ليل . فإذا عملت أثناء الليل أو سافرت لمسافة بعيدة بالطائرة ، فربما تتكيف ساعة الجسم مع التوقيت الجديد للنوم ، ولكن قد يحتاج ذلك إلى بضعة أيام . وقد يشكو هؤلاء خلال ذلك من بعض الأعراض التي تشمل الأرق والإعياء والصداع وضعف التركيز . وتشير الدراسات الأولية إلى أن استخدام حبوب الميلاتونين يمكن أن يفيد في التخفيف من أعراض السفر الطويل . وقد أكد الأطباء أن أهنأ نوم هو ما كان في أوائل الليل ، وأن ساعة نوم قبل منتصف الليل تعدل ساعات من النوم المتأخر ، ويقول الدكتور شابيرو في كتاب Body Clock : إن الذهاب إلى النوم في وقت محدد كل مساء والاستيقاظ في وقت معين كل صباح لا يحسن نشاط المرء في النهار فحسب ، بل يهيئ الشخص لنوم جيد في الليلة التالية . ويقول البروفسور أوزولد : " إذا كنت تريد أن تنام بسرعة حين تخلد إلى النوم فانهض باكرا في الصباح . وافعل ذلك بانتظام ، فبذلك تحصل على أفضل أنواع النوم . وتكون أكثر سعادة وأعظم نشاطا طوال النهار " . أليس هذا ما كان يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ! ألم يقل عليه الصلاة والسلام : (( إياك والسمر بعد هدأة الرجل ، فإنكم لا تدرون ما يأتي الله في خلقه )) . فلم يكن الصحابة يسهرون الليالي الطوال يتحادثون ويتسامرون ، بل كانوا ينامون بعد فترة قصيرة من العشاء . وفي ليالي رمضان يطيب قيام الليل لا بالحديث والسمر ، بل بالصلاة والتقرب إلى الله تعالى . وقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم عبادة داود عليه السلام فقال : (( أحب الصلاة إلى الله صلاة داود ، وأحب الصيام إلى الله صيام داود ، كان ينام نصف الليل ، ويقوم ثلثه ، وينام سدسه . ويصوم يوما ، ويفطر يوما )) متفق عليه . ولا شك أن في قيام الليل رياضة روحية وجسدية . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( عليكم بقيام الليل ، فإنه دأب الصالحين من قبلكم ، وهو مطردة للداء عن الجسد )) رواه أحمد والحاكم . فلنجعل من رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه قدوة لنا في رمضان نأخذ قسطا وافيا من النوم ، ثم نقوم لقيام الليل ، ونعمل في النهار بلا كسل ولا فتور . المصـدر : موقع الدكتور حسان شمس باشا |
ظاهرة شد الانتباه وتقليل الشعور بالألم قلم الدكتورة نها أبو كريشة باستخدام الاشعات الوظيفية للمخ تلك التي تظهر الارتواء الدماغي والتمثيل الغذائي للخلايا العصبية ثبت أنه أثناء استخدام جذب الانتباه يحدث انخفاض في مستوى نشاط أماكن معينة في المخ(تلك الاماكن التي يتم فيها استقبال الاحساس بالالم مثل منطقة المهاد،القشرة الحسية والتلفيف الحزامي انظر الصورة ) قال الله تعالىفَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَـذَا بَشَرًا إِنْ هَـذَا إِلاَّ مَلَك كَرِيمٌ( سورة يوسف في التفسير : لما رأت النسوة يوسف بهتن من جماله وجرحن أصابعهن بالسكاكين لفرط ذهولهن. (ابن كثير،الصابوني) كيف يعمل شد أو جذب الانتباه على تقليل الشعور بالالم؟ Distractionذهول (شرود الذهن) يدعى أحيانا تغيير التركيزالادراكي، وهي استراتيجية تغير اتجاه التركيز والانتباه لمؤثر آخر (بحيث يستغرق ادراك الشخص في المؤثر الآخر ) مما ينتج عنه عزل وحماية الشخص من الشعور بالألم.هذه المؤثرات قد تكون داخلية مثل احلام اليقظة أو خارجية مثل مشاهدة التلفاز. المؤثر الأكثر فاعلية هو ذلك المؤثر الرائع الاسثنائي المثير المتجدد الذي يثير معظم أو كل الحواس (السمع،الرؤية،التذوق ،اللمس، الشم) عند الشخص. تم إجراء تجربة استخدام العلاج بشد الانتباه برؤية مناظر خلابة من الطبيعة وسماع شريط يحتوي على أصوات رائعة من الطبيعة في التخفيف من الآلام أثناء عملية منظار الشعب الهوائية وذلك بالاضافة للعلاج المعتاد. وقورنت هذه المجموعة من المرضى بمجموعة أخرى ضابطة لم تتلق العلاج الاضافي بجذب الانتباه (تغيير التركيز الادراكي). وخلص هذا البحث الذي تم عمله في المستشفى التعليمي (جون هوبكينز) في بالتيمور و نشر في مجلة (Chest. 2003; 123:941-948.) أن العلاج بشد الانتباه مع العلاج التقليدي أدى الى تقليص الشعور بالالم بصورة ذات دلالة احصائية وأوصى البحث بأن يقوم الاطباء باستخدام الاجراءات الطبيعية بالاضافة الى المسكنات المعتادة. كما نشر موقع BBC[1] على شبكة الانترنت هذا البحث تحت عنوان العودة الى الطبيعة لتخفيف الالم وقد ذيل هذا بقول الطبيب جيل هانكوك (نحن نقوم بتعليم مرضانا الاسترخاء باستخدام المشاهد المناظر الخلابة والموسيقى الرائعة و هذا جزء أساسي في عملنا حيث أنه ثبت أن المناظر الخلابة تؤدي الى ازالة التوتر النفسي و البدني اللذين يسببان الالم. كيف يعمل شد الانتباه على التخفيف من الاحساس بالالم ؟ كما يحدث زيادة في نشاط الخلايا العصبية في المنطقة الرمادية حول مسال سيلفيوس و هذا النشاط يؤدي الى افراز مادة الاندورفين المسكنة للالم. المصادر العلمية: 1.Gregory B. Diette, MD, MHS; Noah Lechtzin, MD, MHS; Edward Haponik, MD, FCCP; Aline Devrotes, RN and Haya R. Rubin, MD Distraction Therapy with Nature Sights and Sounds Reduces Pain during Flexible Bronchoscopy* A Complementary Approach to Routine Analgesia, PhD (Chest. 2003;123:941-948.) © 2003. 2. Allport A: Visual attention. In Foundation of Cognitive Science. Edited by Posner MI. Hillside, NJ: Erlbaum; 1989:631–682. 3. Wickens CD: Processing resources in attention. In Varieties of Attention. Edited by Parasuraman R, Davies DR. Orlando: Academic; 1984:63–102. 4. Leventhal H: I know distraction works even though it doesn’t. Health Psychol 1992, 11:208–209. 5. McCaul KD, Mallott JM: Distraction and coping with pain. Psychol Bull 1984, 95:516–533. How Does Distraction Work in the Management of Pain? • Johnson 95 6.Fernandez E, Turk DC: The utility of cognitive coping strategies for altering pain perception: a ****-analysis. Pain 1989, 38:123–135. 7.McCaul KD, Monson N, Maki RH: Does distraction reduce pain-produced distress among college students? Health Psychol 1992, 11:210–217. 8.Johnson MH, Breakwell G, Douglas W, Humphries S: The effects of sensory detection distractors on different measures of pain: How does distraction work? Br J Clin Psychol 1998, 37:141–154. 9.Arntz A, De Jong P: Anxiety attention and pain. J Psychosom Res 1993, 37:423–432. 10.Bushnell CM, Villemure C, Duncan GH: Psychophysical and neurophysiological studies of pain modulation by attention. In Psychological Methods of Pain *******: Basic Science and Clinical Perspectives. Edited by Price DD, Duncan CM. Seattle: IASP Press; 2004:99–116. This chapter provides a good summary of the evidence for the modulation of physiologic and neurophysiologic activity by attention. 11.Morley S, Biggs J, Shapiro D: Attention management in chronic pain: a treatment manual. http://www.leeds.ac.uk/ medicine/psychiatry/attman/introduction.htm. Accessed September 5, 2004. This web site contains the entire treatment manual for attention manage- ment. The manual’s title indicates that it is suitable for chronic pain. However, the techniques provided also are appropriate for acute pain. 12. Morley S, Shapiro DA, Biggs J: Developing a treatment manual for attention management in chronic pain. Cogn Behav Ther 2004, 33:1–11. 13. Hayes RL, Dubner R, Hoffman DS: Neuronal activity in medullary dorsal horn of awake monkeys trained in a thermal discrimination task. II: behavioral responses to thermal and mechanical stimuli. J Neurophysiol 1981, 46:428–443. 14.Bandura A, O’Leary A, Taylor CB, et al.: Perceived self-efficacy and pain *******: opioid and nonopioid mechanisms. J Pers Soc Psychol 1987, 53:563–571. 15.Porro CA: Functional imaging and pain: behavior, percep- tion, and modulation. Neuroscientist 2003, 9:354–369. 16.Rainville P: Brain mechanisms of pain affect and pain modu-lation. Curr Opin Neurobiol 2002, 12:195–204. 17.Tracey I, Ploghaus A, Gati JS, et al.: Imaging attentional modu- lation of pain in the periaqueductal grey in humans. J Neuro- sci 2002, 22:2748–2752. 18.Davis KD, Taylor SJ, Crawley AP, et al.: Functional MRI of pain and attention-related activations in the human cingulated cortex. J Neurophysiol 1997, 77:3370–3380. 19.Bantick SJ, Wise RG, Ploghaus A, et al.: Imaging how attention modulates pain in humans using functional MRI. Brain 2002, 125:310–319. 20.Seminowicz DA, Mikulis DJ, Davis KD: Cognitive modulation of pain-related brain responses depends on behavioral strategy. Pain 2004, 112:48–58. 21.Tracey I, Ploghaus A, Gati JS, et al.: Imaging attentional modu-lation of pain in the periaqueductal grey in humans. J Neuro- sci 2002, 22:2748–2752. |
كتاب معجزة خلق الإنسان بقلم الكتاب التركي هارون يحيى المدخل : يعد جسم الإنسان أعقد آلة وأعقد جهاز على سطح الأرض، فنحن ـ طوال حياتنا ـ نرى بهذا الجسم ونسمع ونتنفس ونمشي ونركض ونتذوق طعم اللذائذ . ويملك هذا الجسم ـ بعظامه وعضلاته وشرايينه وأوردته وبأعضائه الداخلية ـ نظاماً وتخطيطاً دقيقاً، وكلما نزلنا إلى التفصيلات الدقيقة لهذا النظام ولهذا التخطيط قابلتنا حقائق مدهشة . وعلى الرغم من الاختلاف الذي يبدو للوهلة الأولى بين الأقسام والأجزاء المختلفة للجسم فإنها تتكون جميعها من اللبنة نفسها، ألا وهي الخلية . يتركب كل شيء في جسمنا من الخلايا التي يقارب حجم كل واحدة منها جزءاً من ألف جزء من المليمتر المكعب، فمن مجموعة معينة من هذه الخلايا تتكون عظامنا، ومن مجموعات أخرى تتكون أعصابنا وكبدنا والبنية الداخلية لمعدتنا وجلدنا وطبقات عدسات عيوننا . وتملك هذه الخلايا الخواص والصفات الضرورية من ناحية الشكل والحجم والعدد لأي عضو تقوم بتشكيله هذه الخلايا في أي قسم من أقسام الجسم . فمتى وكيف ظهرت هذه الخلايا التي تكلفت بالقيام بكل هذه المهمات والوظائف المختلفة ؟ إن الإجابة على هذا السؤال ستسوقنا إلى ساحة مملوءة بالمعجزات في ذرة منها . إن خلايا جسمك البالغ عددها مئة تريليون خلية قد نشأت وتكاثرت من خلية واحدة فقط، وهذه الخلية الواحدة ( التي تملك نفس خصائص خلايا جسمك الأخرى ) هي الخلية الناتجة عن اتحاد خلية بويضة والدتك مع خلية نطفة والدك . لقد ذكر الله تعالى في القرآن أن معجزات خلقه في السماوات والأرض وفي الأحياء نماذج من الأدلة على وجوده وعلى عظمته، ومن أهم هذه الأدلة هذا الدليل الذي ذكرناه، أي المعجزة الموجودة في خلق الإنسان نفسه. كثيراً ما توجه آيات القرآن نظر الإنسان لكي يلتفت ويتمعن ويتأمل في خلقه ونفسه : كيف وجد وكيف خلق، ما هي المراحل التي مر بها بالتفصيل، ومن هذه الآيات قوله تعالى :نحن خلقناكم فلولا تصدقون .. لقد تجمعت خلاصة ولب جسم الإنسان ( المتكون من ستين أو سبعين كيلوغراماً من اللحم والعظم ) في البداية في قطرة ماء واحدة . ولاشك أن تطور البنية المعقدة لجسم الإنسان ( الذي يملك عقلاً وسمعاً وبصراً .. ) من قطرة واحدة شيء محير وغير عادي . ومما لا ريب فيه أن مثل هذا التطور والتحول والنمو لم يكن نتيجة مراحل عشوائية ولا حصيلة مصادفات عمياء، بل كان أثراً لعملية خلق واعية وفي غاية الروعة . سيقوم هذا الكتاب بشرح تفصيلات معجزة خلق الإنسان، وهي معجزة مستمرة ومتكررة مع كل إنسان على وجه هذه الأرض . ومن الضروري بيان أن التفصيلات المقدمة في هذا الكتاب حول خلق الإنسان لا تشكل إلا جزءاً فقط من تفصيلات هذا الخلق المعجز .ولكن ما ورد في هذا الكتاب يكفي لكي يدرك الإنسان القدرة اللانهائية للخالق وعلمه اللانهائي المحيط بالكون، وهو يكفي لتذكير الناس أجمعين بأن الله تعالى هو أحسن الخالقين . قال تعالى : (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ {7} ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ {8} ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ {9} (السجدة). . النظام المعجز المخلوق لحياة جديدة :لا يمكن للإنسان المحافظة على حياته على وجه هذه الأرض إلا بعمل دقيق لنظام التناسل . ولأنظمة التناسل الموجودة في جسم المرأة وفي جسم الرجل آليات مختلفة في العمل، غير أن هذه الآليات المختلفة يكمل بعضها بعضاً بتناسق وبدقة ؟ أي أنها تعمل ضمن إطار نظام متكامل، وفي النتيجة يأتي مخلوق جديد إلى الدنيا . أي أن تكوين الإنسان وإخراجه من إنسانين مختلفين ومن جسدين مختلفين ومن جوهرين مختلفين يعد من أعظم المعجزات المتحققة .. وهي معجزة خلق الإنسان . ولكي تتحقق هذه المعجزة فإن التحضيرات اللازمة والضرورية تكون قد بدأت في جسم الإنسان قبل سنوات عديدة، لذا كان لا بد أولاً من تحول الخلايا التناسلية في جسم الرجل وفي جسم المرأة إلى طور فعال . وتستكمل هذه الفعاليات عند كل إنسان فيما يعرف ب" طور البلوغ " ولا شك أن النظام الهرموني هو أهم عنصر في تأمين الاتصال بين الخلايا، وهذا النظام يقع تحت إشراف وسيطرة الدماغ . لقد جعل الله تعالى جميع أنشطة وفعاليات النمو والتطوير في جسم الإنسان تحت نظم يسيطر عليها الدماغ، فالدماغ يقيم جميع الرسائل الآتية من مختلف أعضاء الجسم ثم يرسل أنسب الأجوبة وبأقصر وقت إلى الأماكن المناسبة، وهو يستخدم النظام الهرموني كوسيلة في التخابر وفي الاتصال . لقد خلق الله تعالى نظاماً وشبكة بريدية في غاية الروعة وتقوم جزيئات الهرمونات بوظيفة ساعي البريد، فكما يقوم ساعي البريد بالتجول في جميع أنحاء المدينة ناقلاً الرسائل إلى الأماكن المطلوبة، كذلك تقوم الهرمونات بنقل الأوامر الصادرة من الدماغ إلى الخلايا ذات العلاقة . وهكذا تتم في الجسم جميع الفعاليات الضرورية لحياة الإنسان . ولكن يجب ألا ننسى هنا أن الهرمونات لا تملك وعياً كما يملكه الإنسان، ولا تملك شعوراً ولا إدراكاً لكي تقوم بتعين الاتجاهات ومعرفة ما تحمله ولمن تحمله، فهي لم تتلق أي تدريب في هذا المجال ولم تملك هذه القابلية بعد سنوات من المران ومن التجارب . فالهرمونات ( التي نطلق عليها اسم " سعادة البريد " عبارة عن جزيئات معقدة جداً لا يمكن شرحها إلا بمعادلات ورموز كيميائية معقدة . إن قيام جزيء الهرمون بمعرفة ما تحمله من رسائل وإلى أي خلية تحملها، ومواصلة سيرها في الظلام الدامس للجسم (الذي يكبرها بمليارات المرات ) دون أن تضل طريقها، ثم قيامها بتنفيذ هذه الوظيفة على أحسن وجه ودون أي قصور، هذا كله عمل خارق ومعجزة مدهشة . ويكفي هذا المثال فقط لمعرفة مدى كمال وروعة الأنظمة التي أودعها الله تعالى في جسم الإنسان . تبدأ فعاليات هذا النظام الهرموني في العادة لدى الإنسان وهولا يزال جنيناً في رحم أمه، وتستمر حتى لحظة وفاته . والغدد التناسلية هي من الأعضاء التي تشرع في إبداء الفعاليات نتيجة تأثير الهرمونات . غير أن إفرازات الهرمونات المتعلقة بالغدد التناسلية تبدأ عند مرحلة البلوغ، وذلك خلافاً للهرمونات الأخرى . وعند مرحلة البلوغ يبدأ " الهايبوثولاموس " ويدعى بالعربية " ما تحت السرير البصري " الموجود في الدماغ ( والذي يعد مدير النظام الهرموني ) بإرسال الأوامر إلى الغدد النخامية ( وهي من الغدد المرتبطة به ) لكي تصدر أوامرها المحفزة للأعضاء التناسلية . من المفيد هنا الإشارة إلى معجزة أخرى، إن الهايبوثالامس((Hypothalamusيكون على علم بما يجري في جسم الإنسان فهو يعرف ـ مثلاً ـ العمر الذي وصل إليه الإنسان http://www.55a.net/images/16/body/p11.jpg يشاهد في هذه الصورة الهايبوثالاموس ( ما تحت السرير البصري ) الذي يعد رئيس النظام الهرموني، وموقعه في الدماغ بالنسبة إلى المراكز الأخرى وهل تم استكمال جميع الشروط المادية المواتية لبدء النظام التناسلي أولا، وهو يتصرف في ضوء هذه المعلومات . وبتعبير آخر فإنه يقوم بحساب العمر، وعندما يدرك أن ذلك الشخص قد وصل إلى مرحلة البلوغ يقوم بإصدار الأوامر الضرورية لغدد الإفرازات الأخرى، أي يقوم بإرسال الرسائل (أي الهرمونات ) الضرورية إلى الأعضاء التناسلية في أنسب الأوقات، فتتحقق بذلك التحولات والتطورات الضرورية لحفظ نسل الإنسان . ولا يقوم الهايبوثالامسبهذا لدى إنسان واحد، بل يقوم هذا العضو الموجود لدى مليارات الأفراد الموجودين حالياً ولدى الذين عاشوا من قبل بإنجاز هذه المهمة بكل دقة وكفاءة . ولا شك أن كون قطعة من اللحم بحجم بضعة سنتمترات مكعبة على وعي بالزمن وقيامها بتعبيرات معينة حسب السنوات المنصرمة أمر غريب يستدعي الوقوف عنده والتفكير به . فكيف يقوم الهايبوثالامسبمثل هذا الحساب ؟ أهناك من يقوم بتعليمه بما يجب عليه علمه، أم أنه قد أكتشف هذا الأمر بنفسه ؟ كيف عرف ـ يا ترى ـ بأنه من الضروري نمو وتطوير الغدد التناسلية لاستمرار نسل الإنسان ؟ وكيف حسب الزمن المناسب والملائم الذي يجب فيه البدء بإفراز الهرمونات ؟ وكيف يستطيع معرفة الهرمون المعين الذي يقوم بتحفيز النظام التناسلي في ذلك الوقت الملائم من بين الهرمونات العديدة التي يقوم الجسم بإفرازها ؟ وهل الخطط المستقبلية التي يقوم بوضعها والتدبيرات التي يتخذها في هذا الخصوص راجعة إلى رؤيته المستقبلية البعيدة المدى ؟ ولماذا ينتظر حتى يصل جسم الإنسان إلى الوضع المناسب من الناحية الفسيولوجية للتناسل ،وليس قبل هذا أو بعد هذا ؟ إن القدر التي تدير كتلة اللحم الصغيرة هذه التي لا تملك لا سمعاً ولا بصراً ولا عقلاً والتي تتصرف وكأنها كائن عاقل ... إن هذه القدرة قدرة عظيمة تجاوز كل خيالنا وتعلو عليه ،وهي قدرة لا مثيل لها ولا ندّ. ليست المصادفات ولا أي قوة أو مصدر آخر هو الذي يحيط الهايبوثالامسعلماً بالزمن وبمروره، إن الله تعالى هو المدبر لكل هذا، وهو الذي يهب هذا العضو كل هذه القابليات والخواص، أي هو الذي يلهم هذه الكتلة الصغيرة من اللحم ما يجب عليها عمله، وهو يخبرنا في كتابه العزيز : (لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً) (الأحزاب:52) لذا فمن المفيد أخذ هذه الحقيقة بعين الاعتبار عند قراءة المواضيع التي سنتناولها في الصفحات القادمة . الهرمونات التي تستطيع تمييز الجنس : يقوم الهايبوثالامس( ما تحت السرير البصري ) بالخطوة الأولى في افتتاح مرحلة البلوغ لدى الرجل ولدى المرأة بإرسال هرمون جونادوتروبين(ganadotropins) إلى الغدد النخامية عن طريق الدم، فتبدأ هذه الغدد بإفراز الهرمونات المحفزة للأعضاء التناسلية حسب الأوامر الصادرة من الهايبوتولاموس ،وهذه الهرمونات هي هرمونLHوهرمون FSHويتم إفراز هذين الهرمونين في الرجل وفي المرأة على السواء، غير أن تأثيرهما يكون مخلفاً فيهما[1] http://www.55a.net/images/16/body/Clip.jpg على الرغم من إفراز الهرمونات نفسها في الرجال وفي النساء فإن كون تأثيرهما مختلفاً اختلافاً كبيراً فيما بينهما يدعو إلى الدهشة، فمثلاً الهرمون المسمى FSHهو الهرمون المسؤول عن ظهور وتكوين البويضة في النساء بينما يكون الهرمون نفسه هو المسؤول عن تكوين الحيوانات المنوية في الرجال ! أما هرمون LH فهو الهرمون المسؤول عن جعل بويضة المرأة في حالة حرة، كما يساعد على إفراز هرمون البروجستيرونprogesteroneالذي يهيئ رحم المرأة لاستقبال الجنين . ولكن الهرمون نفسه يقوم بمهمة مختلفة جداً عند الرجال، لأنه يقوم بتحفيز الخلايا لإفرازهرمون تستوسيرون(testosterone )، وهو الهرمون الذي يساعد على ظهور خواص الرجولة وتكوين الحيوانات المنوية أيضاً . ولا شك أنه من المثير أن تكون لنفس الهرمونات تأثيرات مختلفة في الأجسام المختلفة . عندما يتم إفراز هرمون في جسد رجل يعلم هذا الهرمون أن هذه الخلايا تعود لرجل ،ويقوم بعمل تغييرات حسب هذا العلم مثلاً يؤدي هذا الهرمون إلى زيادة العضلات في جسد الرجل وغلظ الصوت ونمو اللحية . والهرمون نفسه والذي يفرز نتيجة التفاعلات الكيماوية نفسها نراه يقوم بتأثيرات مختلفة في جسد المرأة، بل مضادة تقريباً لتأثيراته في جسم الرجل، فهو يعطي صوت الرجل للرجل وصوت المرأة للمرأة ويتسبب في نمو الجسد حسب تغير الجنس . فإذا كان بمقدور الهرمون التمييز بين جسد المرأة وجسد الرجل فمعنى هذا أنه على علم بكيمياء جسد الرجل وبكيمياء جسد المرأة ويعلم تشريح هذين الجسدين، وهذا يستوجب أن يكون صاحب عقل ومتدرباً أيضاً !. إن معظم الناس لا يملكون أي معلومات حول الهرمونات المؤثرة في جسد الرجل وفي جسد المرأة، ولا حول العلاقات أو الفعاليات المختلفة الجارية فيهما ولا كيفية جريان هذه الفعاليات، وهم لا يعلمون شيئاً عن سلسلة القيادة وسلسلة الأوامر الصادرة ولا عن الرسائل العديدة الصادرة والواردة، ولا يعلمون أن نمو الجسم وتطوره مرتبط بهذه الرسائل العديدة الصادرة والواردة، ولا يعلمون أن نمو الجسم وتطوره مرتبط بهذه الأوامر الصادرة، ولا يدركون أن أي خلل ـ مهما كان ضئيلاً ـ في هذه المنظومات يؤدي إلى مشكلات حياتية كبيرة، وإضافة إلى هذا فهم لا يملكون أي سلطة أو قدرة في آلية هذه المنظومة وانسيابية عملها . وهذا شيء طبيعي جداً لمن لم يتلق تعليماً خاصاً في هذا الموضوع، ولكن الشيء الغريب والشيء غير الطبيعي أن تكون لمجموعة من الجزيئات مثل هذا العلم وهذه المعلومات وهذه المعرفة الواسعة ؟ والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو : من أين تملك الهرمونات (التي أدرجنا تركيبها الكيماوي هنا ) علم الكيمياء؟ ثم إنها لا تقتصر على معرفة كيمياء جسم الإنسان وحل رموزه ب لهي تتصرف وكأنها عالم كيمياء، فتصل إلى الأجزاء الضرورية في الجسم كما تقوم بتوجيه الخلايا الأخرى وتحفيزها لإنتاج الهرمونات اللازمة عند الضرورة . فكيف ملكت مجموعات الجزيئات هذه ( المحرومة من الشعور والإدراك ) مثل هذا العقل القادر على إنجاز كل هذه الأمور ؟ من الواضح أن مثل هذا العقل لا يعود طبعاً إلى هذه المجموعة من الجزيئات التي نطلق عليها اسم " الهرمونات " والحقيقة لا شك فيها أن مثل هذا النظام لم يظهر نتيجة المصادفات أو نتيجة تأثيرات وعوامل أخرى . يوجد تفسير واحد فقط لهذا الوضع الخارق وغير الاعتيادي، وهو أن هذا التعيير والتضبيط والتنظيم البيوكيمياوي الخاص في جسد الرجل والمرأة يشير إلى وجود تخطيط وتصميم وتخطيط واعٍ ومقصود، وهذا التصميم وهذا التخطيط يعود إلى الله تعالى وإلى علمه اللانهائي ومهمة الإنسان ـ في هذا المجال ـ في التفكير بعمق وتأمل هذا الفن الرفيع والباهر والاستسلام لربه الذي يحكم كل شيء في هذا الوجود . نمو الخلايا التناسلية : توجد أعداد معينة من " الإنسان الألي" ( الروبوت ) في كل مصنع يقوم بإنتاج الأجهزة والآلات التكنولوجية وجميع الأنظمة الكومبيوترية ونظم تشغيل هذه الربوتات وجميع المعلومات الضرورية للإنتاج موجودة في مركز السيطرة لهذا المصنع طول فترة الإنتاج، ومركز السيطرة هذا يشبه بنك معلومات خزنت فيه جميع المعلومات الضرورية حول مراحل الإنتاج والسيطرة النوعية وحول كيفية تعويض الخسائر ). فإن قمنا بتشبيه جسم الإنسان بمثل هذا المصنع (وهو ـ في الحقيقة ـ أكثر المصانع الموجودة على سطح الأرض دقة وأكثرها تعقيداً) نستطيع أن نقول إن جميع المعلومات الضرورية لإدارة عمل هذا المصنع موجودة ومخبوءة في جزئية DNA والتي تعين جميع خواص ذلك الإنسان في المستقبل مودعة في هذه الجزيئات والإنسان لا يزال عبارة عن بويضة ملقحة حديثاً، أي أن هذه المعلومات والخواص المتعلقة بالإنسان (بدءاً من لون العين إلى طول القامة إلى جميع الأمراض التي يكون قابلاً للإصابة بها في المستقبل ) كل هذه المعلومات محفوظة بعناية في جزء صغير من بدن الإنسان لا يمكن رؤيته إلا بالمجهر الإلكتروني . وجزيئات DNA موجودة في نواة كل خلية من خلايا جسمنا والبالغ عددها مئة ترليون خلية . ويبلغ متوسط قطر الخلية عشرة ميكرونات ( الميكرون يساوي وحداً من الألف من المليمتر ) . فإذا علمنا هذا دهشنا كيف أن معلومات غزيرة وكثيرة جداً قد سُجلت وخزنت في مثل هذا الحيز الصغير جداً . فإن شبهنا الـ DNA( الذي يضمن دوام الكائن الحي ضمن تخطيط وبرمجة معينة) بدائرة معارف ستكون الكروموسومات هي مجلدات وأجزاء دائرة المعارف هذه . تتخذ الكروموسومات أماكنها في جزيئة DNA أزواجاً أزواجاً، وهذا أمر مهم، ففي مرحلة خلق كل إنسان يأتي نصف هذه الكروموسومات من الأب والنصف الآخر من الأم . والكروموسومات الآتية من الأم ( وعددها 23 كروموسوماً ) تشكل أزواجاً مع الكروسومات الآتية من الأب (وعددها 23 كروموسوماً أيضاً ) . أي أن الكروموسومات الموجودة في نواة خلية كل إنسان ( والبالغ عددها 46 كروموسوماً ) تشكل 23 زوجاً من الكروموسومات . غير أن للكروسوم الثالث والعشرين وضعاً خاصاً، فغالباً ما يشار إلى الكروموسوم الثالث والعشرين إيما بإشارة Yأو بإشارة Xففي الرجال يكون أحد الكروموسومين في الزوج الثالث والعشرين من نوع Y والثاني من نوع X أما في النساء فكلا الكروموسومين في الزوج الثالث والعشرين من نوع XXوهنا يرد إلى الخاطر هذا السؤال : بما أن عدد الكروموسومات في كل خلية من خلايا كل إنسان هو 46 كروموسوماً فكيف يكون عدد كروموسومات الطفل الآتي إلى الدنيا من اتحاد خلايا الرجل مع خلايا المرأة 46 كروموسوماً أيضاً؟ فقد كان من المتوقع أن يكون عدد كروموسومات الطفل الوليد (الذي أخذ 46 كروموسوماً من والده و46كروموسوماً من والدته ) 92 كروموسوماً، أي يكون مخلوقاً شاذاً وغير اعتيادي . غير ان هذا لا يحدث ! إذن كيف يكون للطفل الوليد 46 كروموسوماً ؟ [1] Guyton&Hall, T›bbi Fizyoloji, Nobel T›p Kitabevleri, Istanbul, 1996, 9th ed., pp. |
هشاشة العظام حقائق علمية في إشارات قرآنية بقلم الدكتورة نها أبو كريشة مقدمة إن العظام في الحالة الطبيعية تشبه قطعة الإسفنجالمليء بالمسامات الصغيرة، وفي حالة الإصابة بهشاشة العظام يقل عدد المسامات وتكبر أحجامها، وتصبح العظام أكثر هشاشة وتفقد صلابتها ، وبالتالي فإنها يمكن أن تتكسر بمنتهىالسهولة. والعظام الأكثر عرضة للكسر في المرضى المصابين بهشاشة العظام هي الوركوالفخذ ، الساعد - عادة فوق الرسغ مباشرة - والعمود الفقري. وهذه الكسور الني تصيب عظام فقرات العمودالفقري قد تجعل الأشخاص المصابين بهشاشة العظام ينقصون في الطول ، وقد تصبح ظهورهممنحنية بشدة ومحدبة. إن عظامنا تتقوى في مقتبل حياتنا ، عندمانكون في مرحلة النمو. أما الكثافة العظمية فتصل إلى أعلى مستوياتهاعادة في أواخر سن المراهقة أو فيالعشرينات من العمر. بعد هذا الوقت ، تبدأ العظام بالترقق تدريجيا وتصبح أكثر هشاشةطوال الجزء المتبقي من عمرنا. ويمكن للأطباء أن يحصلوا على مؤشر جيد لقوة العظامبقياس الكثافة العظمية. وعلى الرغممن أن بعض الفقد العظمي هو جزء من عملية الشيخوخة الطبيعية ، فلا ينبغي أن تصبحالعظام هشة جداً حتى إنها لا تتحمل اجهادات الحياة اليومية العادية. فعندما يصابالإنسان بهشاشة العظام ، فإن قوة عظامه تنقص إلى الدرجة التي فيها يصبح أكثر عرضةلحدوث الكسور بشكل تلقائي لمجرد التعرض لإصابة بسيطة. ومخاطرةحدوث هشاشة العظام لدى أي إنسان تتأثر بكمية الكتلة العظمية المتكونة إلى حين وصولهذا الإنسان إلى ذروة كتلته العظمية ، وكمية الكتلة العظمية تنقص مع تقدمنا في السن، فإن مخاطرة حدوث هشاشة العظام تكون أعلى في الأشخاص المسنين. وعلى الرغم من أن تخلخل العظام شائع كثيراً لدى النساء المتقدمات في العمر إلا أنه يصيب أيضاً الرجال وقد يحدث في أي عمر . ففي عمر الثمانين يمكن لأي أمرأة من ثلاث نساء وأي رجل من خمسة رجال أن يتعرض لكسر نتيجة تخلخل العظام . بعض الحقائق العلمية 1- الخلايا التي تكون العظام تصاب أيضا بالشيخوخة لذا يقل إنتاج الكولاجين و تكوين العظام عند المسنين. 2- يقل تكوين فيتامين "د" النشط في الجلد مما يقلل من امتصاص الكالسيوم وهذا أيضا يسرع من عملية فقدان العظام (نتيجة زيادة افراز الغدة الجار درقية مما ينتج عنه زيادة في نشاط الخلايا التي تكسر العظام). 3- نقص هرمون الاستروجين في الرجال و النساء على حد سواء.حيث أن الاستروجين يمنع فقدان الكتلة العظمية ، حيث يحد من نشاط الخلايا التي تكسر العظام. وقد تبين حديثا أن الأستروجين ينظم إفراز مادة الأوستيبروتجرين المثبطة للخلايا المكسرة للعظام. 5- نقص افراز عامل النمو. صورة بأ شعة X تظهر هشاشة العظام في العمود الفقري في شخص مسن مع حدوث تقوس في الظهر كيف يتم تشخيص هشاشة العظام؟ مرض هشاشة العظام عادة لا يسبب ألماً في مراحله المبكرة وبالتالي فإن أناساًعديدين لا يعرفون أنهم مصابون به حتى تنكسر إحدى عظامهم. التشخيص الدقيق لهذا المرض يتطلب اختبارا لقياسكثافة العظام لديك. والاختبار الأكثر صدقا والأكثر شيوعا لهذا الغرض يسمى مقياسكثافة العظام bone densitometry وهو عبارة عن نوع خاص من الأشعة السينية لقياسكثافة العظام . وهي عملية خالية من الألم تماما وتتطلب منك الاستلقاء على ظهرك علىسطح يشبه سرير الأشعة السينية لمدة خمس إلى عشر دقائق حتى يتسنى للآلة أن تقومبالتصوير المسحي لجسمك. وهو اختبار مأمون لأنه يستخدم كمية ضئيلة جدا من الأشعةالسينية تبلغ 1.2 Rem m بينما الحد المسموح للإنسان هو أن يتعرض سنويا الى 500 Rem m وهذاالاختبار لا يحتاج الى تحضير أو الى حقنة بالوريد. ما هو حجم مشكلة هشاشة العظام؟ في عام 1990 قدرت نسبة كسور الورك بـ 1.7مليون على مستوى العالم وبحلول العام 2050 ستزداد إلى 6.3 مليون. وفي عام 1990 كانتنصف هذه الكسور في أمريكا الشمالية وشمال أوروبا. وبحسب التقديرات في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها فإن هشاشةالعظام تصيب أكثر من 25 مليون شخصاً . وكنتيجة لمرضهم فإن 250000 من هؤلاء الأشخاصقد يصابون بكسر في الورك ، و 240000 يصابون بكسر في الرسغ ، و 500000 يصابون بكسرفي العمود الفقري خلال سنة واحدة. ومع إضافة الكسور الأخرى الأقل شيوعا فإن 1.3مليون كسرا في العظام يحدث بسبب هشاشة العظام في بلد واحد في سنةواحدة. وكسور الورك الناتجة عن مرض هشاشة العظام ليست فقط مؤلمة ، وإنما قدتسبب الإعاقة الشديدة للأنشطة الأساسية جدا في الحياة الطبيعية. فإن حوالي 80 فيالمائة من الناس المصابين بكسر الورك يكونوا عاجزين عن السير بعد ستة شهور. والأخطرمن ذلك ما يصل إلى 20 في المائة من الناس يتوفون خلال سنة واحدة بعد تعرضهملكسر الورك. وبالإضافة إلى هذا ، فإن الكسور العديدة في الرسغ والورك الناتجة عنهشاشة العظام كل سنة تؤدي إلى آلام ومعاناة لا توصف، وتحد كثيرا من أنشطة الضحاياالمصابين. يقول سبحانه وتعالى على لسان سيدنا زكريا عليه السلام، بعدما كبُر سنُّه ورقَّ عظمُه واشتاق لولد يأنس به وتقر به عينه: {قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً }مريم4. في هذه الآية إشارة إلى ضعف ووهن العظام مع تقدم السن، فقد كان سيدنا زكريا عليه السلام شيخاً كبيراً ولم يعد لديه القدرة على إنجاب الأولاد. فدعا ربه بهذا الدعاء ليهبه غلاماً ليرثه وليكون مرضيَّاً. إن عبارة (وَهَنَ العَظْمُ) تعبر عن وجود ضعف في العظام نتيجة تقدم السن. وكلمة (وهن) تشير إلى نقصان متانة وصلابة العظام . وهذا ما رأيناه في الحقائق العلمية المتعلقة بعلاقة كثافة العظم مع العمر وتقدمه. فمن الذي أخبر محمداً صلى الله عليه وسلم بهذه الحقيقة العلمية ليستخدمها في صياغة قصص القرآن؟ ولو كان القرآن من صنع هذا النبي الأمي صلى الله عليه وسلم لم نجد فيه هذه الدقة في الاستخدامات العلمية للكلمات. وصدق الله القائل: {إِنَّ هَـذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ اللّهُ وَإِنَّ اللّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }آل عمران62. لذلك نجد إشارة للبنية الإسفنجية التي نراها في العظام الهشة في قوله تعالى على لسان المنكرين للبعث والحياة بعد الموت، فهم يقولون: {أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً نَّخِرَةً }النازعات11. في هذه الآية إشارة إلى النخر أو التي يسميها العلماء بالمسامات أو الفراغات في العظام الهشة والمتقدمة في العمر. وكلمة (نَخِرَة) تتضمن إشارة غير مباشرة للكثافة المنخفضة في هذه العظام. كذلك هنالك إشارة قرآنية إلى علاقة بين كبر السن وهشاشة أو وهن العظام وبين القدرة على الإنجاب. وقد رأينا في الحقائق العلمية أعلاه كيف تؤثر هشاشة العظام على نقص هرمون الاستروجين في الرجال و النساء على حد سواء. يقول تعالى في قصة زكريا عليه السلام: (كهيعص{1} ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا{2} إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيّاً{3} قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً{4} وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً{5} يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً{6} يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً{7} قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيّاً{8} قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً) مريم 1-9. بقلم الدكتورة نهى أبو كريشة راجعه المهندس عبد الدائم الكحيل Kassem M, Ankersen L, Eriksen EF: Demonstration of cellular aging and senescence in serially passaged long-term cultures of human trabecular osteoblasts. Osteoporos Int 1997; 7(6): 514-24[Medline]. www.emedicine.com.osteoporosis. Author: Ali Nawaz Khan, MBBS, FRCP, FRCR,November,2004. Sehha.com.osteoporosis Bilezikian JP. Osteoporosis in men. J Clin Endocrinol ****b 1999;84:3431-4. 1. Seeman E. Osteoporosis in men. Osteoporos Int 1999;(9 suppl 2): S97-S110. 2. Orwoll ES. Osteoporosis in men. Endocrinol ****b Clin North Am 1998;27:349-67 Amin S, Felson DT. Osteoporosis in men. Rheum Dis Clin North Am 2001;27:19-47 |
من أسرار الصلاة أثر الصلاة على استقرار الدماغ قال الله تعالى:(الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد: 28]. وقال أيضاً: (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا * وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا)الإسراء: 78-79. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (يا بلال أقم الصلاة أرحنا بها)[سنن أبي داود]. الدراسة العلمية لقد تبين بنتيجة العديد من الدراسات الأثر الكبير للصلاة والخشوع على آلية عمل الدماغ واستقراره، وقد تبين أن المؤمن الذي يؤدي الصلاة وهو في حالة خشوع تحدث في جسمه تغيرات عديدة أهمها ما يحدث في الدماغ من تنظيم لتدفق الدم في مناطق محددة. تأثير الصلاة على نشاط المخ تمت هذه الدراسة بواسطة د.نيوبرج (الأستاذ المساعد - قسم الاشعة- جامعة بنسيلفانيا- المركز الطبي) وذللك على مجموعة من المصلين المؤمنين بالله من ديانات مختلفة. و ذلكباستخدام أشعة"التصوير الطبقي المُحَوْسَب بإصدار الفوتون المفرد"الذي يظهر تدفق الدم فيمناطق المخ بألوان حسب النشاط فيها أعلاها الأحمر الذي يدل على أعلى نشاط بينما الأصفر والأخضر على أقل نشاط . الصورة الأولى: تظهر الصورة المخ قبل التأمل والصلاة (اليسار) و أثناء الصلاة (اليمين) حيث يظهر انه اثناء الاستغراق في الصلاة و التأمل فإن تدفق الدم في المخ زاد في منطقة الفص الجبهي. الفص الجبهي Frontal Lobe , و هو مسؤول عن التحكم بالعواطف و الإنفعالات في الإنسان و شخصيته , و كذلك مهم لتعلم و ممارسة المهارات الحسية الحركية المُعقدة. المصطلحات العلمية Meditation : التأمل. Frontal lobe : الفص الجبهي. Parietal lobe : الفص الجداري. الصورة الثانية: تظهر انخفاض تدفق الدم في الفص الجداري في المنطقة التي تشعر الإنسان بحدوده الزمانية و المكانية. استخلص من هذه النتائج أنه أثناء التفكر والتدبر و التوجه الى الله يختفي حدود الوعي بالذات وينشأ لدى الإنسان شعور بالسلام والتحرر وأنه قريب من الله . Powerful, spiritual force that seemed to lift you out of yourself) ) و أنه يستشعر أحساسا من السمو الروحي يعجز القول عن وصفه. آيات قرآنية كثيرة هي الآيات التي تحدثت عن أهمية الصلاة والخشوع وذكر الله تعالى. وقد ربط القرآن بين الصبر والصلاة للتأكيد على أهمية عدم الانفعال. يقول تعالى: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ)البقرة:45. وهنالك آيات ربطت بين الطمأنينة والصلاة، يقول تعالى: (فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا) النساء: 103. وآيات أخرى تربط بين الصلاة والخشوع، مثل قوله تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) المؤمنون: 1-2. نتائج يتضح من الآيات القرآنية والتجارب العلمية أهمية الصلاة في حياة المؤمن، وأهمية الخشوع فيها وأهمية الاطمئنان بذكر الله تعالى. ومن هنا تنبع الحكمة من تأكيد الإسلام على خطورة ترك الصلاة. وإذا كانت التجارب تبين استقرار عمل الدماغ في حالة الصلاة حتى بالنسبة لغير المسلمين، وهؤلاء لا يقرءون القرآن في صلاتهم، فكيف بمن يصلي ويتوجه بصلاته إلى الله ويقرأ كتاب الله؟ لا شك بأن الاستقرار سيكون أعظم! ونتذكر هذه الآية الكريمة والتي تؤكد على أهمية القنوت لله تعالى أي الخشوع والتوجه وتنقية القلب وتسليم الأمر لله تعالى، يقول الله تعالى: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) البقرة: 238. ونتذكر أيضاً دعاء سيدنا إبراهيم عليه السلام: رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ إعداد: الدكتورة نهى أبو كريشة راجعه وأضاف عليه: م.عبد الدائم الكحيل المراجع القرآن الكريم -Why God Won’t Go Away, (w/ Eugene G. d’Aquili, MD), 2001 -Drs. d'Aquili and Newberg entitled, "Religious and Mystical States : A Neuropsychological Substrate" (Zygon 28: 177-200, 1993). -Newsweek May 7, 2001 Religion And The Brain In the new field of "Neurotheology," scientists seek the biological basis of sprituality. Is God all in our heads? Author: Sharon Begley With Anne Underwood Edition: U.S. Edition Section: Science and Technology |
خوارق السايكولوجيا والقرآن العظيم الدكتور جمال نصار حسين لعل علم النفس هو أكثر فروع العلم المعاصر فشلاً في التعامل المعرفي الصائب مع هذا الواقع! فعلم النفس الذي بين ايدينا لا يُجاريه علمٌ آخر تخبطاً في مباحثه وعجْزاً عن فهم ما يحدث في ظواهره وكثرةَ ادعاء وقلة عمل! وهذا ليس تجنياً على علم النفس المعاصر بحالٍ من الاحوال. فعلم النفس قدَرُه ان يكون اكثر فروع العلم المعاصر اخطاءً مادامت الظاهرة الإنسانية هي مادة مباحثه نفساً لا جسماً ومادام تعامله مع الظواهر السايكولوجية يأبى ان يتخذ المنهج التجريبي-الاختباري أداته المعرفية الوحيدة استكشافاً لما يحدث في هذه الظواهر بعيداً عن شوائب التنظير والتفسير الوهمييَن لا محالة مادما عالقَين في وحل واقعٍ لا وجود له الا في أذهان صياغ النظريات السايكولوجية! فعلم الطب لم يكن حظه من الإنسان هذه النفس المتوارية خلف الظواهر السايكولوجية حتى يكون الفشل الذريع نصيبه! وعلم النفس لم يكن حظه من الإنسان منظومته البايولوجية حتى يكون النجاح الساحق قدَره! كما ان علم النفس انشغل بالتعليل لما يحدث في الظواهر السايكولوجية عوض الانشغال بهذه الظواهر واقعاً ملموساً مادام قد استحال عليه التطاول تلمساً لما هي عليه حقيقةً! الا ان علماء النفس لم يكن لَيحدوهم هدفٌ آخر غير رغبة محمومة في الوقوف بوجه كل مَن يروم التشكيك في مصداقية ومشروعية العلم الذي أسسوا له! فهم علماء كغيرهم على اي حال! وهم، ماداموا علماء، لا ينظرون الى الواقع بعين الباحث عن الحقيقة http://www.55a.net/firas/photo/82545Richard3_med.jpgبل بعين الباحث عن كل ما من شأنه ان يؤمن لهم مكانةً في المجتمع الإنساني؛ هذا المجتمع القائم على اساسٍ من تأليه الإنسان لمَن لا يُحسن غير التنطع بالباطل مادام في هذا تشديدٌ على عظمة الكائن البشري! ان علم النفس الذي بين ايدينا اليوم علمٌ ليس كغيره من فروع العلم المعاصر مادامت الظاهرة الإنسانية قد شغلته بجانبها الاكثر استعصاءً على التعامل المعرفي الصائب معه. فالنفس الإنسانية، وان كانت عبارة عن فعالية دماغية المادة ليس الا، لا تملك ما يجعل منها قابلةً للخضوع لمعايير التجريب والاختبار خضوع باقي الفعاليات البايولوجية الإنسانية الأخرى. وهذا الاستعصاء على الخضوع للشروط المختبرية قد تأتى لها بسببٍ من استخفائها لطافةً في المادة ودقة! فمادة النفس الإنسانية دماغية بكل تأكيد. الا ان هذا ليس بالضرورة بقادر على جعْلها في متناول ايدي البحث التجريبي-الاختباري. فمادامت المادة البايولوجية للنفس الإنسانية فائقة الدقة بالغة الصِغَر فان التعامل المختبري معها لن يكون كالتعامل مع المادة البايولوجية لأجزاء الإنسان الأخرى كالقلب أو الاسنان مثلاً. فمادة النفس الإنسانية هي هذا الدماغ. ولكن مهلاً، فهي ليست الدماغ بل مفردات منه تتشارك مع غيرها من باقي مفرداته في تكوينه. ان النفس التي يدرسها علمُ النفس هي فعاليات بالغة اللطافة فائقة الدقة تتخذ لها داخل مادة الدماغ الإنساني مسرحاً كيما تحدث. وهذا ما يجعل من مهمة رصْدها في بيئتها الواقعية امراً بالغ الخطورة على حياة الإنسان مادام حياً. وهذا ايضاً ما يجعل من هذه المهمة بالغة الصعوبة. فمفردات المادة البايولوجية الإنسانية التي يتعامل علم الطب معها مفردات عملاقة اذا ما قورنَت بمفردات مادة النفس الإنسانية. ان النفس التي يدرسها علم النفس عبارة عن فعاليات بايوالكترونية تحدث في مادة دماغ الإنسان، وهي لذلك عصية على التعامل المختبري معها مقارنةً بالفعاليات البايولوجية الأخرى والتي بمستطاع علم الطب التعامل معها بكل يُسر وسهولة مادامت مادتها ليست الكترونية فتستعصي على الملاحظة والملاحقة. ولكن اذا كان هذا هو قدَر علم النفس المفروض عليه بسببٍ من اختياره الانشغال بهذه النفس الخفية، فان هذا القدَر ابداً لن يكون له ان يُسوغ لعلماء النفس استعانتهم بنظريات سايكولوجية كهذه التي بين ايدينا والتي لا قيام لعلم النفس الا بها! لقد اتجه علماء النفس "لتعويض النقص" في المنظومة المعلوماتية السايكولوجية بقيامهم بصياغة نظريات توهموا معها انها قادرة على استكمال هذا النقص بموجودات من عندِياتها استعاضوا بها عن المنظومات البايوالكترونية التي لم ينجحوا في الوقوع عليها داخل مادة الدماغ الإنساني لاستحالة ذلك مادام الدماغ لا حياة له الا بها ومادام حصولهم عليها يتطلب، في حال توفر التقنيات اللازمة لذلك، التضحية بهذا الدماغ! ان النظريات السايكولوجية لا تقل خرْصاً بيناً عن اية نظريات علمية أخرى يُستعان بها تعويضاً للنقص المُلاحَظ في الظاهرة قيد الدرس "بموجودات نظرية" مادام قد استعصى على صائغيها الوقوع على مفردات واقعية لهذه الظاهرة لابد من اضافتها لباقي المفردات التي في اليد "استكمالاً للصورة" وتوطئة لفهْم ما يحدث فيها! الا ان علم النفس تفوَّق على كل فروع العلم المعاصر بقيامه على اساسٍ نظري لا وجه للمقارنة بينه وبين اي اساسٍ نظري آخر لأي علمٍ آخر من علوم العلم المعاصر. فعلم النفس علم نظريات لا علم وقائع الا قليلاً! وهذا الهَوَس المَرَضي بالنظريات هو الذي جعل من علم النفس الذي بين ايدينا أكثر فروع العلم المعاصر فشلاً! لقد كان يجدر بعلم النفس ان يُعرِض عن التنظير بدل هذا الانشغال المهووس به، وذلك بأن يقتصر تعامله مع الظواهر السايكولوجية على ما هي عليه واقعاً مادام قد استحال عليه الوقوع على ما هي عليه حقيقة وذلك لاستحالة تمكنه من التوغل عميقاً داخل المادة البايولوجية للدماغ الإنساني الحي مُلاحظةً وملاحَقةً لمفرداتها المسؤولة عن حدوث هذه الظواهر! فعلم النفس الصائب لابد من ان يكون علماً تجريبياً-اختبارياً فحسب. وهذا ما يؤمن له ان تكون منظومته المعرفية بعيدة، البعد كله، عن هذا الخَبال الذي لا قيام للنظريات السايكولوجية الا به! فاذا ما استحال على علم النفس ان يقع على أسباب حدوث الظواهر السايكولوجية فلماذا لا يقنع بما بين يديه من ظواهر لا حاجة لافتراض ما يُتوهم معه بأنه قادرٌ على التعليل لما يحدث فيها مادام هذا التعليل لن يقوده الى شيء ذي بال بشهادة فشله الذريع في علاج معظم الحالات المرَضية التي استُقدِم لعلاجها؟!! ان السبيل الوحيد لنجاة علم النفس من مشاكله المعرفية يكمن في التزامه الحرفي بالواقع السايكولوجي دون ابتعادٍ عنه وتجاوزٍ له تطاولاً لما ليس بالامكان الوقوع عليه مادام الحاجز بين عالِم النفس والظاهرة السايكولوجية حاجزاً قد شيدته الخصوصيةُ التي تفردت بها النفسُ الإنسانية بمادتها الدماغية التي لا تشابُه بينها وبين اية مادة بايولوجية أخرى على الاطلاق. فعلم النفس ابداً لن يتمكن من الاستعانة بنظرياته السايكولوجية في التعليل الصائب لما يحدث حقيقةً في الظواهر التي يدرسها تعليلاً يطال الأسباب الحقيقية وراء حدوث هذه الظواهر. فلا عُقداً نفسية لها ان تُعلل بنجاح لهذا الخَبال المُميز للنوع الإنساني برمته الا قليلاً! ان استعانة علم النفس الذي بين ايدينا بالماضي الإنساني تعليلاً لحاضره الشقي بأنواع الاضطرابات النفسية لن تجديه نفعاً حقيقياً مادام هذا الماضي لا يتجاوز سنوات الطفولة! فطفولة الإنسان، لا النوع الإنساني، هي المسؤولة، كما يظن علم النفس الذي بين ايدينا اليوم، عن أمراضه وعِلله النفسية! ان العودة الى الماضي الإنساني لها ان تُعين المتدبر في خَبالات النوع الإنساني على الوقوع على حقائق كثيرة ولكن شريطة ان تكون هذه العودة عودةً الى الماضي السحيق للنوع الإنساني قاطبةً وليس الى ماضي فرد، أو افراد من هذا النوع، يُظن بهم انهم وحدهم مَن التاثت منهم العقول لهذا السبب أو ذاك مما له علاقة بماضٍ طفولي كان له ان يجعل من واحدهم ملتاث العقل مضطربه! فاذا كان الواقع الإنساني عاجزاً عن ان يشهد لهذا الإنسان، كائناً مَن كان الا ما رحم ربي، الا بأنه لا يحيا في غياب الخَبال الدماغي، بتجلياته التي يصعُب حصرها لضخامة تنويعاتها تشعباً وتلوناً، فان هذا دليل، لا حاجة معه لدليل آخر، على ان الماضي الذي يتوجب علينا العودة اليه استعانةً به على فهم ما نراه في الواقع الإنساني من فنون الجنون، هو ماضي النوع الإنساني وليس الماضي الخاص بفرد ما، أو افراد على وجه التعيين! فالنوع الإنساني مُلتاث برمته الا قليلاً ممن رحم ربي! وهذه اللوثة الجَماعية لا يمكن للماضي الفردي لكل إنسان ان يكون المسؤول عن حدوثها الجَماعي هذا!! لذا فان على علم النفس ان يعود الى ماضي النوع الإنساني اذا ما هو اراد ان يكون صادقاً في بحْثه عن حقيقة ما يحدث لهذا الإنسان بتواجده مع الآخرين من أفراد نوعه أو لمفرده! الا ان عودةً الى الماضي كهذه تتطلب ان يكون لعلم النفس آلة زمن بوسعها ان تنقله الى زمانٍ بعيد جداً هو ذاك الذي شهد تشكل الماضي الإنساني. وهذه العودة الى ماضي النوع الإنساني ليس لأحد ان يكفلها لعلم النفس الا هذا القرآن. ولكن لماذا كان القرآن العظيم الوسيلة الوحيدة للوقوع على الحقيقة الكامنة وراء هذا الواقع الإنساني المُلتاث خَبالاً واضطراباتٍ نفسية لا تني تزداد ساعة فساعة بتسارُع ابتعاد الإنسان عن خالقه؟ اننا اذا ما تدبرنا هذا القرآن بعين عقلٍ سليم فاننا واقعون لا محالة على حقيقةٍ مفادها ان الله قد ضمن كتابه العزيز كل ما من شأنه ان يكشف النقاب عن الحقيقة الإنسانية؛ هذه الحقيقة التي يُجليها واضحةً كل الوضوح الواقعُ الإنساني الذي نُعاني كلنا جميعاً من قاسي سطوته علينا. فالقرآن العظيم يُبين لمُتدبره حقيقة هذا الإنسان الذي يريدنا مؤلهوه ان نُشاركهم خَرْصهم بشأنه اذ يرونه كائناً مثالي الخِصال كامل الاوصاف! ان الواقع الإنساني لَيوافق القرآن العظيم لا هؤلاء الذين لا يرون في الإنسان الا ما يؤكد صواب نظرتهم الرومانسية الحالمة اليه! لقد قالها هذا القرآن واضحةً جليةً اذ اسقط هذا القناع الرومانسي واَظهر الإنسان على حقيقته وبوجهه الذي نعرفه جيداً كما نعرف أبناءنا! فالإنسان كما نعرفه هو كما وصفه هذا القرآن اذ قال فيه: (وَاِذا مَس الإنسان اٌلضر دَعانا لِجَنْبِهِ أو قاعِداً أو قائِماً فَلَما كَشَفْنا عَنْهُ ضُرهُ مَر كَاَنْ لَمْ يَدْعُنا اِلى ضُر مَسهُ كَذلِكَ زُينَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (يونس:12)، (وَلَئِنْ اَذَقْنا الإنسان مِنا رَحْمَةً ثُم نَزَعْناها مِنْهُ اِنهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ. وَلَئِنْ اَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَراءَ مَستْهُ لَيَقُولَن ذَهَبَ اٌلسَيئاتُ عَني اِنهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ ) (هود: 9-10)، {وَآتاكُمْ مِنْ كُل ما سَاَلْتُمُوهُ وَاِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها اِن الإنسان لَظَلُومٌ كَفَّارٌ}(ابراهيم: 34)، (خَلَقَ الإنسان مِنْ نُطْفَةٍ فَاِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ) (النحل: 4)، (وَيَدْعُ الإنسان بِالشر دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكانَ الإنسان عَجُولاً)(الإسراء: 11)، (وَاِذا مَسكُمُ اٌلضر فِي الْبَحْرِ ضَل مَنْ تَدْعُونَ اِلا اِياهُ فَلَما نَجاكُمْ اِلى الْبَر اَعْرَضْتُمْ وَكانَ الإنسان كَفُوراً) (الإسراء: 67)، (وَاِذا اَنْعَمْنا عَلى الإنسان اَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ وَاِذا مَسهُ اٌلشر كانَ يَؤُساً) (الإسراء: 83)، (قُلْ لَوْ اَنْتُمْ تَمْلِكُونً خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبي اِذاً لَاَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الاِنْفاقِ وَكانَ الإنسان قَتُوراً) (الإسراء: 100)، (وَلَقَدْ صَرفْنا فِي هذا الْقُرْآنِ لِلناسِ مِنْ كُل مَثَلٍ وَكانَ الإنسان اَكْثَرَ شَئٍ جَدَلاً) (الكهف: 54)، (وَهُوَ الذي اَحْياكُم ثُم يُمِيتُكُمْ ثُم يُحْييكُمْ اِن الإنسان لَكَفورٌ) (الحج: 66)، (اِنا عَرَضْنا الاَمانَةَ عَلى اٌلسمواتِ وَالأرْضِ وَالْجِبالِ فَاَبَيْنَ اَنْ يَحْمِلْنَها وَاَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَها الإنسان اِنهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً) (الأحزاب: 72)، (اَوَ لَمْ يَرَ الإنسان اَنا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فاِذا هُوَ خَصيمٌ مُبِينٌ) (يس: 77)، (فَاِذا مَس الإنسان ضُر دَعانا ثُم اِذا خَولْناهُ نِعْمَةً مِنا قالَ اِنما اُوتِيتُهُ عُلى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلكِن اَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (الزُمَر: 49)، (لا يَسْأَمُ الإنسان مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ وَاِنْ مَسهُ اٌلشَر فَيَؤوسٌ قَنوطٌ. وَلَئِنْ اَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنا مِنْ بَعْدِ ضَراءَ مَستْهُ لَيَقولَن هذا لي وَما اَظُن اٌلساعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ اِلى ربي اِن لي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى فَلَنُنَبئَنَ اٌلذِينَ كَفَرُوا بِما عَمِلوا وَلَنُذيقَنهُمْ مِنْ عَذابٍ غَليظٍ. وَاِذا اَنْعَمْنا على الإنسان اَعْرَضَ وَنأى بِجانِبِهِ وَاِذا مَسهُ اٌلشَر فَذو دُعاءٍ عَريضٍ) (فُصلَت: 49-51)، (وَاِنا اِذا اَذَقْنا الإنسان مِنا رَحْمَةً فَرِحَ بِها وَاِنْ تُصِبْهُم سَيئَةٌ بِما قَدمَتْ اَيديهِم فَإن الإنسان كَفورٌ) (الشورى: من 48)، (وَجَعَلوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً اِن الإنسان لَكَفورٌ مُبينٌ) (الزخْرُف: 15)، (وَلَقَدْ خَلَقْنا الإنسان وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ اَقْرَبُ اِلَيهِ مِنْ حَبْلِ الْوَريدِ) (ق: 16)، (اِن الإنسان خُلِقَ هَلُوعاً. اِذا مَسهُ اٌلشر جَزُوعاً. وَاِذا مَسهُ الْخَيْرُ مَنوُعاً) (المَعارِج: 19-21)، (قُتِلَ الإنسان ما اَكْفَرَهُ. مِنْ اَي شَيْءٍ خَلَقَهُ. مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدرَهُ) (عَبَس: 17-19)، (يا أيها الإنسان ما غَركَ بِرَبكَ الْكَريمِ. اٌلذِي خَلَقَكَ فَسَواكَ فَعَدَلَكَ. فِي اَي صُورَةٍ ما شاءَ رَكبَكَ) (الإنفِطار: 6-8)، (فَاَما الإنسان اِذا ما ابْتَلاهُ ربه فَاَكْرَمَهُ وَنَعمَهُ فَيَقولُ ربي اَكْرَمَنِ. وَاَما اِذا ما ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقولُ ربي اَهانَنِ) (الفَجْر: 15-16)، (لَقَدْ خَلَقْنا الإنسان فِي كَبَدٍ. اَيَحْسَبُ اَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ اَحَدٌ) (البلد: 4-5)، (كَلا اِن الإنسان لَيَطْغى. اَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) (العَلَق: 6-7)، (اِن الإنسان لِرَبهِ لَكَنودٌ. وَاِنهُ عَلى ذلِكَ لَشَهيدٌ) (العادِيات: 7). لنتدبر جيداً، وجيداً جداً، ما ورد في هذه الآيات القرآنية الكريمة من حقائق لا يعجز الواقعُ الإنساني عن الشهادة لها بأنها الحق الذي ليس وراءه الا الباطل. فهل الإنسان كما نعرفه، وليس كما يريدنا مؤلهوه ان نتوهمه فلا نراه على حقيقته بل كما يتوهمون، هو بهذه الصفات التي فصلتها آياتُ القرآن العظيم وبما لا يدع مجالاً للشك بأن هذا القرآن هو من عند الله حقاً؟ فلو لم يكن القرآن من عند الله هل كنا لنقع فيه على هذا الخطاب الفاضح لعيوب الإنسان؟! ولو كان هذا القرآن من عند غير الله اما كنا لنجده خالياً من كل ما من شأنه ان يتعارض والنظرة الرومانسية للإنسان؛ هذه النظرة التي لا نجد الا القرآن العظيم مُعرضاً عنها كل الإعراض؟! ان هذا التطابق المذهل ما بين حقائق القرآن العظيم والواقع الإنساني كما نعرفه حق المعرفة لهو برهان لا يقطع الا بأن هذا القرآن لا يمكن ان يكون الا من عند الله الذي خلق الإنسان ويعلم عنه كل شيء. والآن، اذا كان القرآنُ العظيم صادقَ الوصف للإنسان كما يُجليه بوجهه الحقيقي واقعُه الذي نعرفه، واذا كان هذا الوصف بهذه الدقة المتناهية التي لم تغادر صغيرة ولا كبيرة الا وأحصتها في بيان تفصيلي لكامل اوصاف الإنسان، فهل لنا الا نخرج بنتيجة مؤداها ان هذا القرآن لابد وان يكون قد تضمن كل ما له ان يجعل من الظاهرة الإنسانية يُغادرها غموضُها والى الابد؟ ان القرآن العظيم يصف الواقع الإنساني كما لم يتجاسر احد من بني آدم على وصفه الا مَن كان منهم سائراً على الطريق الإلهي الى الله. فكيف لا نُصدقه فنكذب كل مَن لا قدرة له على شيء سوى الدعوة الى تأليه الإنسان على الرغم من هذا الواقع الإنساني البغيض الذي لا حياة للغالبية العظمى من بني آدم الا خوضاً حتى الاذنين في نتن ظُلُماته؟! إن من يملك هكذا تشخيص دقيق للإنسانية بوجهها الحقيقي كما يُجليه الواقعُ الإنساني، وكما لا تُبينه الوثيقةُ الرومانسية التي صاغتها ايادي مؤلهي الإنسان، لابد وان يكون صادقاً، كل الصدق، في كل ما يقول عن هذا الإنسان كما نعرفه! لذا فان العودة الى الماضي الإنساني لن يتم لنا القيام بها ما لم نستعن بهذا القرآن الذي وحده يملك مفاتح الغيب والذي وحده يملك ان يقول لنا كل ما له ان يجعل من الظاهرة الإنسانية تتجلى، أماماً من انظارنا، بأبعادها الحقيقية وجذورها الممتدة في عُمق الزمان. ان عودةً الى ماضي إنسان ما برجوعنا الى طفولته، أو الى ماضٍ وراثي حتم عليه وجوب الانطلاق النشوئي منه خروجُه من بين صُلب وترائب أبوين وأجداد مُعينين، لن تكفل لنا الخروج من ظلمات الجهالة الى نور الحقيقة مادام البشر كلهم سواء في واقعهم الإنساني البغيض الا ما رحم ربي وقليل ما هم! فالعودة الصائبة الى الماضي هي بالعودة الى ماضي النوع الإنساني مادام أفراده كلهم جميعاً مُلتاثة أدمغتهم الا قليلاً! ان شيئاً ما لابد وان يكون قد تسبب في هذه الجماعية المميزة للمشكلة الإنسانية. وهذا الشيء لا يمكن، على الاطلاق، ان يكون وليد ماضٍ فردي يخص هذا الفرد أو ذاك من افراد الجماعة الإنسانية ولا يخص هذه الجماعة بكامل ملاكها الا قليلاً! فاذا كان الواقع الإنساني بهذه البشاعة التي لم تغفل عن احد من افراد النوع الإنساني، الا قليلاً ممن رحم ربي، فكيف، بربك، يكون ماضي كل فرد من أفراد هذا النوع هو المسؤول عن وجهه الإنساني البشع ما لم يكن هذا الماضي ضارباً بجذوره عميقاً في الزمان امتداداً الى زمان ابتدائي مشترك تتوحد الإنسانية جمعاء بانبثاقها عنه؟! وهل لطفولة الإنسان ان تكون على هذه القدرة على تشويه وجهه؟! ان طفولة النوع الإنساني لا طفولة فردٍ من أفراده هي الماضي الذي يجب ان نعود اليه بحثاً عن السبب الجماعي في هذه النشأة المريضة لكامل أفراد الجماعة الإنسانية الا قليلاً. ولكن مَن يملك ان يعود بنا الى ذلك الماضي السحيق اِن لم يكن هذا القرآن الذي كشف النقاب عن الوجه الحقيقي لكل إنسان كما بوسع كل إنسان ان يراه لو انه نظر الى الواقع الإنساني على ما هو عليه لا كما يريده مؤلهو الإنسان ان يشاركهم نظرتهم الرومانسية الحالمة اليه؟! لِنعُد مع القرآن العظيم الى الماضي البعيد للإنسانية جمعاء وذلك بتدبرنا لما فصلته آياتُه البينات عن الذي حدث فجعل من كل إنسان بهذا الوجه البشع ما لم يُسارع من فوره الى القيام بما هو كفيلٌ بجعْله يحصل على وجه جديد لا نراه حوالَينا كل يوم! (وَقُـلْنا يا آدمُ اسْكُنْ اَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجنةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئتُما وَلا تَقْرَبا هذهِ اٌلشجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ اٌلظالِمِينَ. فَاَزَلهُما اٌلشيْطانُ عَنها فَاَخرَجَهُما مِما كانا فِيهِ وَقُـلْنا اهْبِطُوا بَعضُكُم لِبَعضٍ عَدُو وَلَكُم فِي الأرْضِ مُستَقَرٌ وَمَتاعٌ اِلى حِينٍ) (البقرة: 35-36). (وَيا آدم اسْكُنْ أنتَ وَزَوجُكَ الْجنة فَكُلا مِن حيثُ شئِتُما ولا تَقْرَبا هذهِ الشجرةَ فَتَكونا مِنَ الظالِمين. فَوَسْوَسَ لَهُما الشَيطانُ لِيُبديَ لَهُما ما وُرِيَ عَنهُما مِنْ سَوآتِهِما وَقالَ ما نَهاكُما رَبكُما عن هذهِ الشجرةِ اِلا اَنَ تكونا مَلَكَين أو تَكونا مِن الخالِدِين. وَقاسَمَهُما اِني لَكُما لَمِنَ اٌلناصِحِينَ. فَدَلاهُما بِغُرورٍ فَلَما ذاقا الشَجَرةَ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخصِفانِ عَلَيهِما مِن وَرَقِ الْجنة وَناداهُما ربهما اَلَمْ اَنْهَكُما عَنْ تِلْكُما الشَجَرةِ وَأقُلْ لَكُما اِن الشيطانَ لَكُما عَدوٌ مُبِينٌ. قالا ربنا ظَلَمْنا أنْفُسَنا وَاِنْ لَم تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكوننَ مِنَ الخاسِرينَ. قالَ اهْبِطوا بَعَضُكُمْ لِبَعضٍ عَدوٌ وَلَكُمْ فِي الأرضِ مُسْتَقَرٌ وَمَتاعٌ اِلى حينٍ) (الأعراف: 19-24). (وَاِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدمَ فَسَجَدُوا اِلا اِبْلِيسَ اَبى. فَقُلْنا يا آدمُ اِن هذا عَدُو لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنكُما مِنَ الْجنة فَتَشْقى. اِن لَكَ اَلا تَجُوعَ فيها وَلا تَعْرى. وَاِنكَ لا تَظْمَأُ فيها وَلا تَضْحى. فَوَسْوَسَ اِلَيْهِ اٌلشيْطانُ قالَ يا آدمُ هَلْ اَدُلكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لايَبْلى. فَاَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجنةِ وَعَصى آدمُ رَبهُ فَغَوى ثُم اجْتَباهُ ربه فَتابَ عَلَيهِ وَهدى. قالَ اهْبِطا مِنْها جَميعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُو فاِما يَأتِيَنكُمْ مِني هُدىً فَمَنِ اتبَعَ هُدايَ فَلا يَضل وِلا يَشْقى. وَمَنْ اَعْرَضَ عَنْ ذِكْري فَاِن لَهُ مَعيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْم الْقِيامَةِ اَعْمى) (طه: 116-124). اذاً هذا هو الذي حدث فجعل من الإنسانية جمعاء، الا قليلاً ممن فروا الى الله، مُلتاثة الدماغ كما لا يعجز الواقعُ الإنساني عن جعْل المتدبر فيه واجده لا محالة! ان القرآن العظيم بهذا الكشف المعرفي المعجز قد بين لنا السبب الحقيقي الذي جعل من كل إنسان إنساناً كما نعرفه! فاذا كان القرآن العظيم قد وافق الواقع الإنساني فيما يذهب اليه بخصوص بشاعة الظاهرة الإنسانية فانه قد جاءنا ايضاً بعلمٍ لا قدرة لهذا الواقع، ولا لأي واقع آخر مادام غير الهي، على ان يأتينا به! لقد عدنا الى الماضي الجماعي للنوع الإنساني بهذا القرآن وكان لنا ان نقع بواسطته على ما جعل من الإنسان، كل إنسان، إنساناً كما نعرفه، ولكن هل لهذا القرآن ان يُبين لنا السبيل للعودة الى المستقبل الذي كان سيكون هو المستقبل لو اننا لم نكن بهذا الماضي؟! نعم لقد بين القرآن العظيم كل ما ينبغي على الإنسان ان يقوم به اذا ما هو اراد حقاً ان ينجو من الآثار الكارثية التي جرَّها ماضيه عليه. فالقرآن العظيم جاءنا بطريقةٍ مثلى للعبادة فصلتها آياتُه البينات طريقاً وحيداً للنجاة من كل آثار ذلك الماضي الموغل في القدم. (قالَ اهْبِطا مِنْها جَميعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُو فاِما يَأتِيَنكُمْ مِني هُدىً فَمَنِ اتبَعَ هُدايَ فَلا يَضل وِلا يَشْقى. وَمَنْ اَعْرَضَ عَنْ ذِكْري فَاِن لَهُ مَعيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْم الْقِيامَةِ اَعْمى) (طه: 133-124). الا ان الإنسان لا يريد ان يبذل الجهد فيما ينفع حق النفع لا زائفه مادام هذا الجهد يصب في غير قناة تأليهه لذاته واتباعه لهوى نفسه المريضة جراء نشأته وانبثاقه عن ماضٍ لا يريد ان يغادره! ان الإنسان أسير ماضيه هذا لا محالة. وسيبقى الإنسان أسير ذلك الماضي مادام غير راغب في العودة اليه تصحيحاً لما حدث منه فيه يوم ان شارك أباه في أكله من تلك الشجرة! فكل إنسان كان سيحذو حذو أبيه آدم لو انه كان مكانه! فهل لنا ان نعجب حقاً لنشأتنا المشتركة وانبثاقنا الجماعي عن ذلك الماضي الآدمي؟! ان الحاضر الإنساني بهذا الواقع المقيت شهادة بأن ماضي الإنسانية لم يكن الا كما بيَّنه القرآن العظيم وكشف النقاب عنه. فلماذا لا نستعين بهذا القرآن على تأسيس علم نفسٍ جديد يأخذ بنظر الاعتبار هذه الحقائق التي تجلت امام العين عله ان يكون علمَ نفسٍ داعياً الى الله مادام يريد لنفسه ان يكون الحل العلاجي للمشكلة الإنسانية؟ ان الإنسان مريضٌ مادام واقعُه لا يشهد له الا بأنه ذو عقلٍ مُلتاث، فهل لعلم النفس الجديد هذا ان ينقذه من لوثته هذه وذلك بدعوته له للفرار الى الله؟ ان الإنسانية تعيش عيشاً ضنكاً بشهادة الآية القرآنية الكريمة (وَمَنْ اَعْرَضَ عَنْ ذِكْري فَاِن لَهُ مَعيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْم الْقِيامَةِ اَعْمى) وذلك لأنها قد أعرضت عن ذكر الله، لا لشيء آخر، فهل لعلم النفس الجديد ان يكون داعياً الى غير الله مادام الفرار الى الله هو وحده العلاج الناجع للإنسانية جمعاء؟! الدكتور جمال نصار حسين المملكة الاردنية الهاشمية |
معجزة خلق الإنسان ـ تكون النطاف بقلم الكتاب التركي هارون يحيى وتتم في خلايا الجسم نوعان من الانقسام أحدهماالانقسام المتساوي أي انقسام الخلية غير المباشر، وهو يتم في جميع خلايا الجسم، ولا يحصل أي تغيير في عدد الكروموسومات في الخلايا نتيجة هذا الانقسام ،كما لا يحصل أي تغيير أو تشويه في الخلايا الجديدة حيث تكون كلها متشابهة. ومن المفيد هنا الإشارة إلى نقطة معينة : فلو كانت الخلايا التناسلية تنقسم بهذا الشكل لما كان من الممكن أن يبقى نسل الإنسان إنساناً، لأن مجيء 46 كروموسوماً، مما يتسبب في تخريب بنية الطفل تماماً. غير أن التصميم المدهش الموجود في أجسامنا يحول دون ذلك، لأن للانقسام الذي يحدث في أثناء تكوين الخلايا التناسلية ( والذي يسمى : " الانقسام التناسلي " أو " الانقسام المنصف " ) كيفية مختلفة . ففي هذا الانقسام ينزل عدد الكروموسومات في الخلايا التناسلية من 46 كروموسوماً http://www.harunyahya.com/images_boo...ratilis160.jpgيظهر في هذه الصورة الكيفية التي يتم من خلالها تكون النطاف إلى 23 كروموسوماً . ولا تعد الخلايا التناسلية خلايا ناضجة إلا بعد إكمال هذه الانقسامات، فهناك آلية خاصة في جسم الرجل وفي جسم المرأة تكمل إنضاج هذه الخلايا التناسلية ثم تعدها لرحلة صعبة . فالخلايا التي ينتجها النظام التناسلي عند الرجل تكون مهيأة تماماً للخلايا التي ينتجها النظام التناسلي عند المرأة مع أن هذين النظامين يختلفان عن بعضهما البعض من وجوه عديدة ولا علم لأحدهما عن الآخر . سنتناول تفصيلات هذا الموضوع في الصفحات القادمة، غير أن هنا نقطة هامة يجب الالتفات إليها، فمن اللحظة الأولى التي تبدأ فيها الخلايا التناسلية بالانقسام تتحرك ضمن سيطرة ورقابة معينة بعيداً عن أي تسيب أو عشوائية . فالخلايا تقوم بالانقسامات الضرورية وتكون قد حصلت على الأعداد المناسبة للكروموسومات، أي لا يوجد هنا أي تغير في سلسلة الأحداث والفعاليات ولا أي نقص ،فكل الأعضاء وكل الخلايا التي تكون هذه الأعضاء وكل الأجزاء التي تكون هذه الخلايا تعمل بانسجام وتوافق دقيقين، وبالاضافة إلى هذا فإن جزيئات الهرمونات والإنزيمات ( التي تعلب دوراً مهماً في تحقيق وتنفيذ الفعاليات المختلفة في الجسم ) والذرات ( التي تشكل وتكون هذه الجزيئات ) تعمل بوساطة منظومة دقيقة متى تبدأ بفعالياتها وأي تأثير يجب إجراؤه في أي عضو . ولا شك أن وجود مثل هذا التناغم والانسجام بين الخلايا والإنزيمات والهرمونات، وبالاختصار بين أجزاء الجسم وأقسامه، أمر يدعو إلى التأمل وإلى التفكير . إن قيام جزيئات والذرات المكونة لها بوضع تصميم معين، والتصرف حسب هذا التصميم وقيام بعضها بإصدار الأوامر وأتباع بعضها الآخر لهذه الأوامر وفهمها لها وتطبيقها حرفياً ..... كل هذا أمر خارق لا يمكن ظهوره مصادفة، كما أن تحقق هذا الأمر في أجساد مليارات الناس الذين عاشوا حتى الآن والذين يعيشون حالياً وتحقق هذا الانسجام والتلاؤم دون نقص أو قصور يزيد من درجة خارقية هذا الأمر . ولا شك أنه من الواضح أن المصادفات العشوائية لا يمكن أن تقوم بمنح الخلايا الصغيرة ( التي لا ترى بالعين المجردة والتي تتألف منها أجسامنا ) ومنح الهرمونات والإنزيمات التي تنتج هذه الخلايا كل هذه الصفات والخواص، لأن هذا الأمر يحتاج إلى عقل وإدراك وشعور خارق وغير اعتيادي . وغني عن البيان فإن كل مرحلة من مراحل النظم الرائعة التي تعمل في جسم الإنسان وكل جزء من أجزاء هذه النظم يحتاج في حركته وفعاليته إلى قدرة عقل لا مثيل له يتجاوز حدود المدارك البشرية . هذا العقل والعلم النهائي يعود إلى الله تعالى خالق الكون بأجمعه وبكل تفصيلاته الدقيقة والله تعالى يقرر لنا في كتابه العظيم أنه لا خالق سواه : (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) (البقرة:255). الجيش الخاص المتوجه نحو الهدف تصور جيشاً ضخماً مؤلفاً من ملايين الجنود، جيش يتقدم نحو هدف ولا يبالي بطول الطريق ولا بالعقبات الكبيرة أمامه ولا بالمخاطر المميتة التي تواجهه في تقدمه هذا، وليكن طول الطريق الذي يجب قطعه يزيد بمئات الآلآف من المرات على حجم أفراده، لا شك أن مثل هذا الجيش اللجب يحتاج ـ وهو في هذا الطريق الصعب أمامه ـ إلى مساعدين وإلى أدوات وإلى تجهيزات إضافية . هذا الجيش الذي يبلغ تعداده 300 مليون حيوان منوي في القذفة الواحدة وليس في جسم الرجل حيث يبلغ حجم السائل 3.5 مل وكل مل يحتوي من 50 إلى 100 حيوان منوي ،وأفراد هذا الجيش هم " النطف " أو (الحوينات ) أي الحيوانات المنوية ) . يبلغ طول كل حوين واحداً بالمئة من المليمتر الواحد، وهو يضطر لقطع طريق طويل للوصول إلى هدفه، أي إلى البويضة . تستطيع ألف نطفة من بين 300 مليون نطفة النجاح في الوصول إلى البويضة، ومن هذا الألف تنجح نطفة واحدة فقط في كسب مباراة السباق هذه فتقوم بإخصاب البويضة وقبل بدء النطف في الاشتراك في هذا السباق تعبر مراحل النضوج من خلال سفرة طويلة في الأعضاء التناسلية للرجل، مع وجود مساعدين عديدين لها وهي تعبر مراحل النضوج هذه . مراحل تكوين النطف : من أجل إخصاب البويضة يتم تهيئة ما بين مئتين وثلاثمئة مليون خلية تقريباً من الحُوينات وهذا العدد الكبير يلفت الانتباه، ولكن له سبباً مهماً، فكما سنبين لاحقاً بالتفصيل، فإن عدداً كبيراً من هذه الحُوينات الداخلة إلى جسم الأم يموت في الطريق، والعدد الذي ينجح يحول دون خطر فشل إخصاب البويضة . http://www.55a.net/images/16/body/Clip_8.jpg يتم إنتاج أفراد هذا الجيش الكبير من الحُوينات في عضو تناسلي في الرجال وهو الخصية، غير أن هذه النطف المخلوقة في الخصيتين، والتي تمر بمراحل نمو عديدة يجب أن تكون مصانة من الحرارة الزائدة، أي يجب أن يكون موضع إنتاجها بارداً نوعاً ما . وحرارة جسم الإنسان الاعتيادية تبلغ 37 درجة مئوية . وهي حرارة تهلك هذه النطف وتقضي عليها، لذا لا تستطيع هذه النطف العيش داخل جسم الإنسان . وميزة الخصيتين أنهما موجودتان خارج الجسم، وقد هيأ الله تعالى تصميماً خاصاً لجسم الرجل ليكون أفضل بيئة لإنتاج هذه النطف . تتكون الخصية من شبكة من القنوات، وبفضل هذه القنوات التي تملك مساحة واسعة نسبياً يمكن إنتاج الحُوينات بسرعة وخزنها بسهولة . ويمكن معرفة الحكمة من ضرورة الإنتاج السريع وخزن الإنتاج عندما نعلم أن العدد المطلوب لإخصاب بويضة واحدة يتراوح بين مئتين وثلاثمئة مليون نطفة . وإذا نظرنا إلى الخصيتين اللتين تعدان بمثابة مصانع نرى أن عدد هذه القنوات يبلغ ألف قناة تقريباً، ومجموع أطوالها يبلغ 500 متر تقريباً، تدعى هذه القنوات الصغيرة بالقنوات المنوية، ويبلغ الطول التقريبي لكل قناة خمسين سنتمتراً، وتوجد فيها الخلايا التي تقوم بصنع الحوينات.[1] تقع الخلايا الصانعة للنطف في جدار القنوات أو الأنابيب المنوية، وتتعرض هذه الخلايا التي تبدأ بالتكاثر إلى نوعين من الانقسام : انقسام من النوع الفتيلي ( الاعتيادي ) وانقسام من النوع المنصف ( وقد ذكرناهما سابقاً ) . وكما ذكرنا في السابق فمن الضروري أن ينزل عدد الكروموسومات الموروثة من الأب (قبل عملية الإخصاب ) إلى 23 كروموسوماً، أي إلى النصف، لذا يجب وقوع انقسام من النوع المنصف في خلايا النطف . تنشأ نيتجة هذه الانقسامات أربع خلايا ندعوها باسم " سبيرماتايد "( spermatid ) غير ان هذه الخلايا لا تملك قابلية الاخصاب . ولكي تكتسب هذه الخلايا ( وهي خلايا كروية الشكل تملك 23 كروموسوماً ) قابلية الإخصاب فإنها تحتاج إلى عمليات تغيير جديدة . لقد أخذت هذه الحاجات المهمة بعين الأعتبار في النظام التناسلي للذكر، لذا وضعت مجموعة من الخلايا المساعدة لتطوير خلايا " سرتولي " ( sertoili cell) في المكان المناسب . وبعد أسبوع أو أسبوعين من الانقسام تقوم هذه الخلايا المساعدة ( واسمها " خلايا سارتولي " وهي تحيط بخلايا " سبارماتيد " بإعطاء شكل جيدد وقوام جديد لخلايا " سبارماتيد " وفي نهاية مراحل هذا الانقسام تزود النطفة بالتراكيب التي تجعلها نطفة بحق، ومنها الذيل والنواة واكروزوم ( Acrosom)المملوء بالإنزيمات في القسم الرأسي للنطفة[2] . تتحقق جميع علميات إعطاء الشكل والقوام الجديد في الخلايا الموجودة في القنوات، وهذا التي تملك أذرعاً طويلة ( وهي امتدادات سايتوبلازمية ) كبيرة نوعاً ما . وتقوم خلايا " سرتولي" باحتضان خلايا " سايتوبلازم " بقوة بواسطة أذرعها وتغمرها ضمن ساريتوبلازمها، وهكذا يتم تأمين غذائها طوال فترة نموها وتطورها كما تضعها تحت رقابتها الدائمة[3] لا شك أن معجزة كبيرة تكمن في هذه العمليات التي قدمنا معلومات موجزة جداً عنها، فالنطف التي تديم نسل الإنسان وخلايا " سارتولي " تتركب جميعها من البروتينات ومن الأحماض الأمينية .و الآن لنفكر : أليس من الإعجاز قيام خلايا " ستارتولي " التي لا تملك لا عقلاً ولا شعوراً ولا دماغاً بوقف نفسها لتحقيق هذه الوظيفة ومثل هذا الهدف ؟ إن تحقيق هذا الحدث دليل واضح على أنها منقادة لذي عقل وإرادة ثم إن وجود هذه الخلايا في الموضع المناسب تماماً ( أي في القنوات المنوية التي تتطور فيها لنطف ) وتمتعها بالمواصفات والخواص المناسب تماماً ( أي في القنوات المنوية التي تتطور فيها النطف ) وتمتها بالمواصفات والخواص المطلوبة تماماً ( مثلاً كونها بحجم أكبر من خلايا (سبارماتيد) دليل واحد من ملايين الأدلة على كمال تصميم جسم الإنسان، فقد وزع الله تعالى خلايا جسم الإنسان (البالغ عددها مئة تريليون خلية تقريباً) كلاً في مكانها المناسب وأعطى كل واحد منها الصفات والخواص الضرورية لعلمها ولوظيفتها وألهمها كيفية القيام بمهامها وبأعمالها . وهو يخبرنا بهذا في القرآن الكريم فيقول : (إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ). (هود:56). نظام مترابط الأجزاء ذكرنا في الصفحات السابقة دور خلايا " سارتولي " في تحويل خلايا " سبارماتيد " إلى الحُوينات . فما التأثير المادي الذي يحفز هذه الخلايا للحركة ويكفل تغذية خلايا " سبارماتيد " والسيطرة على نموها كهدف وكوظيفة لها ؟ إن العامل المؤثر والذي يساعد على قيام هذه الخلايا بوظائفها هو هرمون يدعى " فوليكل ستيميوليتنج " ( وسمه المختصر FSH)وهو أختصار لعبارة ( Follicle Stimulating Hormone). فهذا الهرمون الذي يتم إفرازه من الغدة النخامية يقوم بتنبيه خلايا سارتولي، وفي حالة عدم إنتاج هذا الهرمون أو عدم وصوله إلى المكان المخصص فلا يمك إنتاج وتوليد هذا الهرمون أوعدم وصوله إلى المكان المخصص فلا يمكن إنتاج وتوليد الحُوينات .وعندما تتلقى خلايا " سارتولي " هذا التنبيه والتحفيز تقوم بإفراز هرمون ضروري لتوليد الحُوينات هو هرمون الإستروجين . وهناك نوع آخر من الخلايا تلعب دوراً مؤثراً في نمو الحُوينات وتطورها وهي خلايا " لايدج " الموجودة بين القنوات المنوية، ومهمة هذه الخلايا هي القيام بإفراز هرمون آخر يساعد على تطوير وتنمية النطف، وهو هرمون LH الذي يتم إفرازه من نسيج الغدة النخامية والذي ينبه خلايا " لايدج " فتقوم بتوليد هرمون التستسترون " وهو أهم هرمون في مجال تنمية الأعضاء التناسلية وتنمية مختلف الغدد في هذه الأعضاء وفي ظهور صفت الرجولة وفي توليد الحُوينات . ولخلايا " سارتولي " مهمات أخرى مثل توليد وإنتاج البروتين، ويقوم هذا البروتين بنقل هرمون الإستروجين وهرمون التستسرون إلى السائل الموجود في القنوات المنوية .http://www.55a.net/images/16/body/Clip_12.jpg نشاهد هنا مراحل نمو الحيامن في القنوات المنوية وتوجد الخلايا الجرثومية الذكرية حول جدران القنوات المنوية وبانقسام هذه الخلايا تتحول إلى خلايا تسمى (سيرماتيد ) وفي نهاية المراحل يتكون رأس وذنب الحيمن ) وبعد أنتهاء هذه العمليات المعقدة يتم نمو الحيمن الذي يحمل جميع المعلومات المتعلقة بذلك الشخص . ولخلايا " لايدج " وظيفة ثانية، فهي تمد خلايا النطف بحاجتها من الطاقة الضرورية من سكر الفركتوز (سنتناول في الفصول القادمة أهمية هذا الموضوع ) . وكما رأينا فإن النظام الهرموني يقوم بعمله في النظام التتناسلي ضمن تنظيم دقيق كدقة كدقة عمله في المناطق الأخرى من الجسم، فكل هرمون يعرف مضمون الرسالة التي يحملها أي هرمون آخر ويقوم بما يجب عليه القيام به، فمثلاً نرى أن الغدد النخامية الموجودة في الدماغ تعرف أنه قد آن الأوان المناسب فتقوم بإرسال الأوامر إلى مختلف الخلايا الموجودة في الخصية، وتحيط الأنسجة والأعضاء علماً بما يجب عليها جميعاً عمله . وهناك منطقة في الدماغ اسمها " الهايبوتولاموس " تقوم بتحفيز الغدة النخامية للحركة والنشاط . إن المرحلة الأولى من تكون الإنسان ونشأته مرتبطة بهذه المعلومات المنقولة بواسطة الهرمونات ثم العمل بموجبها ؟ وكيف تنتجح في فهم البنية الكيمياوية لبعضها البعض ؟ وكيف ومن أين تستطيع معرفة كيفية التأثير على هذه البنى ؟ لا شك أن قيام خلايا " سارتولي " وخلايا " لايدج " بالتعاون من أجل إنتاج الحُوينات وتكوينها، وقيامها بنشاطات معينة حسب أوامر الغدة النخامية البعيدة والمختلفة عنها، هذا كله أمر لا يمكن تفسيره بالمصادفات . ومن المستحيل اكتساب الهرمونات مثل هذه الخواص نتيجة المصادفات المتعاقبة ضمن شريط زمني لأن وقوع أي خلل في أي حلقة من حلقات هذا النظام سيؤدي إلى خلل النظام بأكمله . فمثلاً إذا لم تفهم خلايا " سارتولي " الأوامر التي أرسلتها الغدة النخامية بواسطة هرمون FSH ولم تقوم بإفراز مادة الإستروجين يصبح إنتاج الحُوينات مستحيلاً، وإذا لم تقم خلايا " لايدج " بإنجاز وظيفة توفير الفركتوز أو لم توفره بشكل كاف فإن الحُوينات ـ على الرغم من نضوجها من جميع النواحي ـ لن تجد الغذاء الضروري لها عند انتقالها إلى رحم الأم وسوف تموت أو تعجز عن إخصاب البويضة لفشلها في الوصول إليها . هذا الأمر يرينا حقيقة واضحة، وهي أن الله تعالى الذي يؤسس العلاقات بين الأعضاء وبين الخلايا وهو الذي يلهم الغدة النخامية والهايبوتولاموس وخلايا لايدج وسارتولي وكل عنصر أو عضو يساهم في تكوين الحوينات، ويجعل هذه الغدد والخلايا والأعضاء يفهم أحدها لغة الآخر، فكل شيء يتحقق بأمره سبحانه وتعالى . البنى والتراكيب الأخرى المساعدة للنطف في بلوغ هدفها : تكتسب خلايا الحُوينات ( الناضجة نوعاً ما ) قابلية الحركة وقابلية الإخصاب في جزء من أجزاء النظام التناسلي يدعى " قناة ابيديدمس " (Epididymis )وترتبط قناة ابيديدمس بشكل رخو مع القسم الخارجي للخصية، وهي منحنية وطولها نحو ستة أمتار وقطره حوالي ملم واحد . ويخزن قسم من الحُوينات ( قبل شروعها في رحلتها ) في هذه القناة لفترة من الوقت . وترتبط هذه القناة بقناة تدعى " القناة الدافقة "حيث تخزن الحُوينات في هذه القناة مدة طويلة دون أن تفقد قدرتها على الإخصاب، وعندما يحين الوقت تقذف هذه الحُوينات إلى جسد المرأة وتبدأ برحلتها الطويلة للقاء البويضية وإخصابها . [4] غير أن النطف تحتاج إلى مساعدين آخرين يعاونونها للبدء في عملية الإخصاب ولتوفير حاجاتها في رحلتها الشاقة . وكذلك لبقائها حية . أحد المعاونين لها في رحلتها الطويلة هو غدة البروستات . والثاني هو الغدد الإفرازية في الأكياس المنوية الموجودة على طرفي البروستات . وتبدأ هذه الغدد بوظيفتها هذه حالما تنتهي عملية إنتاج النطف، وتقوم بإنتاج سائل خاص يرافق النطف في رحلتها . يرافق هذا السائل الذي تفرزه البروستات النطف حالما تبدأ برحلتها، وهو يحتوي على أيونات السيترات والكالسيوم والفوسفات، وعلى إنزيم " فيبرونوليزين " ( وهو إنزيم للتخثر " إن الأعضاء التناسلية لدى المرأة تحتوي على خليط كثيف من الحوامض التي تمنع تكاثر البكتريات، ولخليط الحوامض هذا إضافة إلى كونه عائقاُ أمام حرية النطف تأثير مميت ومهلك للنطف، غير أن للسائل الذي تفرزه البروستات تأثيراً مهدئاً وبفضله تستطيع النطف السباحة بسهولة متوجهة نحو البويضة[5]. لنتوقف الآن قليلاً للتفكر والتأمل : إن غدة البروستات الموجودة في النظام التناسلي للرجل تتصرف وكأنها تعرف طبيعة البيئة الموجودة في جسد المرأة، أي أن غدة البروستات تعلم أن النطف سوف تصادف في خلال رحلتها بيئة حامضية وتعلم أن النطف لا تستطيع العيش في تلك البيئة . وفوق هذا فهي تعرف كيفية درء هذه المخاطر، لذا تقوم بإنتاج السائل الضروري لوقاية هذه النطف . لا شك أن معجزة كبيرة يتم تحقيقها هنا، فليس في الإمكان القول بأن غدة إفرازية في جسد الرجل على علم ببنية أخرى وبجسد آخر لا علاقة لها به، وأنها تتخذ بنفسها وبقرارها الخاص جميع الاحتياطيات والتدابير اللازمة . فكروا معي ! إن الإنسان المدرك العاقل وصاحب الشعور والوعي والذي يملك حواس البصر والسمع والذي يستطيع اتخاذ التدابير وحل المشاكل ومعالجة الصعوبات لا يستطيع تخمين الأخطار التي سيواجهها في بيئة يجهلها ولا يعلم ظروفها، فلا يستطيع القيام بالتخمين الصحيح لأخذ التدابير اللازمة لمواجهة هذه الأخطار، ولكن غدة البروستات ( وهي كتلة من اللحم مؤلفة من خلايا ) تستطيع إنجاز مثل هذا النجاح . وكما هو واضح فإن من العبث الادعاء بأن غدة البروستات هي التي اتخذت قرارها في هذا الشأن وهي التي نفذت هذا القرار، فالله تعالى هو الذي ألهم هذه الغدة القيام بمثل هذه الوظيفة لأنه يعرف كل صغيرة وكبيرة عن جسد الرجل وعن جسد المرأة، لأنه هو الذي خلقهما . وبالإضافة إلى ذلك فإن غدة البروستات ليست الغدة الوحيدة في جسد الرجل التي تفرز مواد حيوية لمساعدة النطف في رحلتها، لأن السائل الذي تفرزه الأكياس المنوية ( الموجودة بجوار غدة البروستات ) سائل مهم لا يمكن للنطف الاستغناء عنه في رحلتها الطويلة ويحتوي هذا السائل على كميات كبيرة من الفركتوز وغيرها من المواد الغذائية وعلى كمية كبيرة من " البوستاجلاندين" (prostaglandin ) و" الفيبرونوجين " . يقوم الفركتوز والمواد الغذائية الأخرى بتغذية النطف منذ دخولها إلى جسد المرأة وحتى قيامها بإخصاب البويضة، وتقوم مادة " البروستاكلاندين " الموجودة في هذا السائل بمساعدة النطف من زوايا أخرى في الوصل إلى البويضة . فإحدى وظائف هذه المادة هي الدخول في تفاعل مع الغشاء المخاطي الموجود في قناة الرحم لتوفير جو صالح لحركة النطف، أما وظيفتها الثانية فهي تأمين تقلص الرحم وقناة فالوب في اتجاه معاكس لتسهيل حركة النطف . وهنا تظهر أمامنا حالة إعجازية مهمة، فالسائل الذي تفرزه غدة البروستات لا يعرف فقط جسد الرجل الذي يتم إنتاجه فيه بل أيضاً بنية جسد المرأة بشكل دقيق وتفصيلي، فهو يعرف مسبقاً أن تقلص قنوات فالوب في رحم المرأة يساعد حركة النطف ويسهلها، لذلك فإنه، وبنظرة حكيمة ومستقبلية يضيف مادة " البروستاكلاندين " الكيماوية إلى جسد المرأة ولنتصور ـ للحظة ـ أننا طلبنا من أحد الكيميائيين تنفيذ هذه المهمة، فكيف كان سيتصرف ؟ كان سيقوم أولاً بفحص النطفة وتركيبها والبحث عن كيفية تحقيق الإخصاب وعن الظروف التي تحتاجها عملية الإخصاب هذه إلخ . ثم كان سيقوم بفحص جسد المرأة وهرموناتها والبويضة وقناة فالوب التي تنقل البويضة إلى الرحم، ثم سيفحص الرحم وأنسجته ونظام الأعصاب الموجودة فيه لمعرفة كيفية تحقيق عملية التقلص فيه، ثم سيحاول الاستفادة من درسته ومن تجاربه التي استمرت عدة سنوات للعثور على المادة التي تملك مثل هذا التأثير، ثم سيقوم بإجراء التجارب والبحث في الكتب للوصول إلى النسب الصحيحة لاتحاد هذه المواد . يحتاج الإنسان صاحب العقل والشعور إلى مثل هذه الدراسة الشاقة التي تحتاج إلى وقت طويل وجهد كبير للوصول إلى بعض النجاح في هذا الأمر، أما الذي يقوم حقيقة ـ بمثل هذا الإنتاج فليس عالم كيمياء صرف سنوات عديدة من عمره في هذا المجال ليصبح مختصاً فيه، بل هي أعضاء وأنسجة تتألف من جزيئات وذرات لا تملك شعوراً أو إدراكاً لذلك لا يمكننا القول بأنها تملك عقلاً ومعرفة تفوق عقل ومعرفة الكيميائين أو أنها تعمل كل هذا بإرادتها . لا شك أن هذا السائل المنتج في النظام التناسلي للرجل والمصمم لتوجيه النظام التناسلي لدى المرأة ( وكذلك الخلايا المكونة له)، كل هذا مخلوق ـ لا شك ـ من قبل الله تعالى. من الواضح استحالة تكون وتشكل هذه الأنظمة المترابطة بعضها مع البعض الآخر نتيجة المصادفات . وكل إنسان له شيء من عقل ومن إنصاف سيدرك فوراً بأن هذه الحوادث الخارقة التي تحدث حالياً ( والتي حدثت سابقاً ) في أجساد المليارات من الناس أثر ونتيجة لعلم ولقدرة لا نهائيتين، فيكون لله تعالى وحده صاحب هذا العلم وهذه القدرة . قال تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ) الشورى:29 [1] Guyton&Hall, T›bbi Fizyoloji, Nobel T›p Kitabevleri, Istanbul, 1996, 9th ed., p. 1003[2] Guyton&Hall, Human Physiology and Mechanisms of Disease, 6t ed., 1997, p. 649 [3] Guyton&Hall, T›bbi Fizyoloji, Nobel T›p Kitabevleri, Istanbul, 1996, 9th ed., p. 1004 [4] Vander, Sherman, Luciano, ‹nsan Fizyolojisi, Bilimsel ve Tekni Yay›nlar›اeviri Vakf›, 1994, p. [5] Guyton&Hall, T›bbi Fizyoloji, Nobel T›p Kitabevleri, Istanbul, 1996, 9th ed., p. 1006 |
معجزة خلق الإنسان ـ المني سائل معقد التركيب عندما تبدأ الحيوانات المنوية رحلتها يلتحق بها أولاً السائل الذي تفرزه غدة البروستات ثم السائل المفرز من الأكياس المنوية، وهكذا يكتمل تكوين المني . وتستمر النطف بالرحلة في جسد الأم، ولهذه السوائل ( كما ذكرنا سابقاً) وظيفة تأمين الوسط والبيئة الملائمة لحركة الحيوانات المنوية، وذلك بتوفير الغذاء والطاقة اللذين تحتاجهما النطف في رحلتها هذه من جهة، ومن جهة أخرى بقيامها ـ نتيجة طبيعتها القاعدية ـ بعملية تعادل للحوامض الموجودة في مدخل رحم المرأة . http://www.55a.net/images/16/body/Clip_2.jpg يطلق اسم " المني " على مجموعة هذه السوائل المقذوفة من جسد الرجل إلى جسد المرأة لغرض إخصاب البويضة، وهو يتكون من النطف ( الحُوينات ) ومن السوائل التالية بالنسب المحددة : 10% من القنوات المنوية، 60% من الأكياس المنوية ،30% من غدة البروستات، كما يحتوي السائل المنوي على سوائل أخرى تفرزها غدد أخرى ولكن بنسب قليلة . إن السائل المنوي سائل معقد يحتوي على مواد عديدة معقدة مثل : الفركتوز، والفوسفور نكلولين، والأركوفيرفوئين، وحامض الأسكوربيك، والفلادينات . والبروستاغلانات، وحامض الستريك، والكولسترول، والفوسفولبيرات، والفيبرونوليزين، والقصدير ،والفوسفات، والهيالوردنيداز، وعلي الحيوانات المنوية ! وهنا تظهر أمامنا معجزة أخبرنا بها القرآن الكريم .(1) لقد لفت القرآن الكريم الأظار في آيات عديدة إلى خلق الإنسان وحض على التأمل فيه وقد صادف العلماء الذين بحثوا ودرسوا هذه الآيات القرآنية حول خلق الإنسان العديد من المعجزات الكامنة فيه، فمثلاً اكتشف العلم بوسائله التكنولوجية أن المني عبارة عن مواد مختلطة عديدة ( أمشاج )، مع أن هذه المعلومة قد وضحت في القرآن قبل أكثر من ألف وأربعمئة سنة : (إِنَّا خَلَقْنَا الإنسان مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً) (سورة الإنسان:2). وضمن هذا السائل المعقد التركيب تملك الحيوانات المنوية وحدها قابلية الإخصاب . فبينما يظن الناس أن جميع أقسام مني الإنسان يملك هذه القابلية، تنحصر هذه القابلية في جزء صغير فقط من مني الإنسان وهو الحيوانات المنوية (الحُوينات ) . أي أن الإنسان يظهر للوجود ليس من السائل المنوي بأجمعه بل من الحيوانات المنوية فقط . حين يلتقي الزوجان يتم قذف عدد يتراوح بين مئتين وثلاثمئة مليون حيوان منوي، غير أن ألفاً من هذه الحيوانات فقط ينجح في الوصول إلى البويضة، ومن ضمن هذه الحُوينات الألف تختار البويضة واحداً . أي أن الإنسان ليس إلا نتيجة جزء صغير مختار من المني . وهذا الأمر الذي يملك عنه معظم الناس ( حتى في أيامنا الحالية ) معلومات خاطئة قد أخبرنا الله تعالى عنه في القرآن قبل أكثر من ألف سنة : قال الله تعالى : إعطاء معلومات فقط، بل البرهنة على حقيقة أن نشوء الإنسان ومجيئه إلى الدنيا عملية معقدة جداً ولا يمكن أن تتم بالمصادفة العمياء ( كما يزعم أنصار نظرية التطور ) .(أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى {36}أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى {37} ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى {38} فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى {39} أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى {40}. وهذا يبين لنا ـ بكل جلاء ـ أن القرآن هو كلام الخالق الذي يحيط علماً بكل دقائق وتفصيلات خلق الإنسان . تتمة وتكملة التحضيرات الأخيرة : إلى هنا تكون بنية الحيوان المنوي ( المدعم بسوائل المني ) قد تكاملت : الرأس، والعنق والذنب، ثم الجزء الأخير ولكل جزء من هذه الأجزاء وظيفته الخاصة به . ولا يتجاوز حجم رأس الحوين ( الذي يعد نواة له ) خمسة ميكرونات ( يساوي الميكرون الواحد جزءاً من مليون جزء من الملليمتر الواحد ) . http://www.55a.net/images/16/body/Clip_66.jpgوجميع المعلومات المتعلقة بجسم الإنسان، والتي تستطيع تحويل خلية واحدة إلى إنسان كامل وسوي، محفوظة وموضوعة في مثل هذا الجزء والحيز الصغير، وتنقل هذه العلبة الصغيرة المتكونة من 23 كروموسوماً والمحتوية على جميع هذه المعلومات إلى البويضة . أي أن جميع المعلومات المتعلقة بأعضاء جسم الإنسان وكيفية عمل هذه الأعضاء وتعيين أماكنها وفي أي وقت تقوم أي خلية بالنمو والتغير والتمايز، وباختصار فإن جميع المعلومات المتعلقة بكيفية تكون الإنسان وإنشائه محفوظة ومصانة بشكل جيد في نواة الخلية المجهرية للحوين . إلى جانب المعلومات الجينية الموجودة في رأس الحوين توجد تراكيب أخرى أيضاً، فمثلاً يوجد في الطبقة الخارجية قسم حافظ يدعى " الأكروزوم "، ويقوم الحوين باستعماله في القسم الأخير والأهم من رحلته. ويحتوي هذا "الأكروزوم " على الإنزيمات التي تمتلك القدرة على تفتيت الأنسجة وثقبها، ويقوم الحوين باستخدام هذه الإنزيمات لثقب غلاف البويضة للدخول فيها لإخصابها .(2) الجزء الثاني والمهم للحوين هو الذنب الذي يساعده على السباحة بسهولة في الوسط السائل . وحركة الذنب هي التي تعين اتجاه حركة الحوين وتساعده في الوصول إلى البويضة . حسناً ولكن من أين يحصل الحوين على الطاقة اللازمة للحركة الدائبة لذنبه ؟ لقد أخذ هذا الأمر أيضاً بعين الاعتبار وتم تأمين هذه الحاجة بشكل كامل ورائع، فالقسم الأوسط من جسم الحوين يعد مخزناً للوقود يمده بالطاقة طوال رحلته . فطوال هذه الرحلة وحتى وصوله إلى البويضة تقوم الميتوكوندريات الموجودة في هذا الجزء الوسطي بإمداده بالطاقة اللازمة، وتقوم الميتوكوندريات باستعمال علب الطاقة الموجودة أسفل عنق الحوين وتحرر الطاقة اللازمة التي تضمن حركة الحوين بسهولة .[3] كما رأينا فهناك تصميم رائع من جميع الوجوه في بنية وتركيب الحوين . فلو لم يكن له ذنب لما استطاع الحركة، ولو لم تكون هناك الميتوكوندريات في القسم الأوسط منه لما استطاع توليد الطاقة ولما استطاع الحركة أيضاً، ولو كان قسم الرأس عنده كاملاً ولكن دون وجود قسم " الأكروزوم " فيه لما كانت هناك أي فائدة في وصول الحوين إلى البويضة لعدم وجود الإنزيم الذي يستطيع به ثقب غلاف البويضة لتحقيق الإخصاب . لذا فإن الحوين لا يمكن أن يكون قد اكتسب خواصه هذه خطوة خطوة وبشكل تدريجي كما تدعي نظرية التطور، لأن من الضروري أن تكون جميع هذه الخواص متوفرة وموجودة بشكل كامل في الحوين منذ ظهور الإنسان الأول في هذه الدنيا، لأن نقص أي خاصية أو أي تركيب من تراكيبه معناه استحالة قيامه بعملية الإخصاب . ولو وجدت في الماضي حوينات غير كاملة الخواص ( كما يدعي أنصار نظرية التطور !) لا نقرض نسل الإنسان من هذه الدنيا قبل أن يتمكن من التكاثر . وهذا يثبت لنا أن الحُوينات قد وجدت في لحظة واحدة وبشكل كامل ،أي أنها قد خلقت، والتصميم الكامل والبديع الذي تملكه يعود إلى الله خالق كل شيء . النظم المخلوقة بعضها للبعض الأخر : عندما تفارق الحُوينات الموجودة في السائل المنوي جسد الرجل لا تكون في الحقيقة ـ مستعدة بعد لإخصاب البويضة، فبسبب بعض الإفرازات من الموضع الذي كان الحُوينات مخزونة فيه فإن حركتها تكون مقيدة ،ولهذا السبب فإنها لا تكون مستعدة ولا مهيأة تماماً لعملية الإخصاب عندما تصل إلى البويضةhttp://www.55a.net/images/16/body/Clip_4.jpg . إذن فكيف تحصل الحُوينات التي خرجت من جسد الرجل على قابلية إخصاب البويضة . لكي تتحقق عملية الإخصاب تهيئت نظم عديدة في جسد المرأة لهذا الغرض . هنا تعب السوائل المفرزة في العضو التناسلي للمرأة لمساعدة الحُوينات وزيادة قابلية الإخصاب عندها، ويمكن تلخيص التغيرات التي تطرأ على الحُوينات بعد وصولها إلى جسد المرأة كما يأتي : (1).السوائل التي يفرزها رحم المرأة وقناة فالوب هي سوائل تملك خواص كيماوية تزيل أثر العوامل التي كانت تقلص من حركة الحُوينات عندما كانت هذه الحُوينات موجودة في جسد الرجل . لذا نلاحظ زيادة قابلية الحركة عند الحُوينات التي وصلت إلى القناة التناسلية للمرأة . (2). نرى وجود الكوليسترول بنسبة كبيرة في الخصيتين ( اللتين كانت هذه الحُوينات موجودة فيهما ) نتيجة لورود مادة الكولسترول هذه من الأكياس المنوية فيها، وتأخذ مادة الكوليسترول مكانها في غشاء " الأكروزوم" الموجود في القسم الرأسي من الحوين وهذا الأمر يفيد في تقوية هذا الغشاء ويحول دول خروج الإنزيمات الموجودة فيه وانسكابها قبل أوانها، لأن هذه الإنزيمات تقوم بثقب جدار البويضة، لذلك كان على الحُوينات التخلص من هذه الخاصية. وهكذا نرى أن نظاماً قد تمت تهيئته لهذا الأمر، مثل آلاف التفصيلات الأخرى والمهيأة في المراحل المختلفة لتكوين الإنسان ونموه . بعد فترة من دخول الحُوينات جسد المرأة تمتزج مع السوائل التي يفرزها رحمها، وبعد هذا الاختلاط والامتزاج تخف نسبة الكوليسترول الموجودة في المني مما يؤدي إلى ضعف الغشاء الموجود في "الأكروزوم " وهكذا تستطيع الإنزيمات المغادرة إلى الخارج بسهولة عند وصول الحوين إلى البويضة، فتقوم هذه الإنزيمات بثقب غلاف البويضة لتحقيق عملية الإخصاب . (3). عندما تصل الحُوينات إلى جسد المرأة تزداد قابلية نفوذ أيونات الكالسيون في غشاء الرأس عندها . إن دخول كميات كبيرة من الكالسيون إلى خلية الحوين يزيد من قابليتها للحركة، ويبدأ الذنب ( وهو بشكل سوط يساعد الحوين على الحركة ) بحركة قوية بدلاً من حركته التموجية الضعيفة التي كانت في السابق، مما يساعد على الوصول بسرعة إلى البويضة[4]. ولاشك في وجود إشارات ودلائل ذات معانٍٍ للإنسان الذي يتأمل بعمق حجم الانسجام بين الحوين وبين جسد المراة وكيف أنهما قد خلقا بحيث يكمل أحدهما الآخر، فكل من جسد المرأة والحوين يبديان شعوراً وإدراكاً كبيراً مع أن كل واحد منهما مستقل عن الآخر ،فكأن جسد المرأة يعرف أن الحوين الذي دخل في هذا الجسد يشكو من نواقص فيدرك هذه النواقص ويقوم بتكلملتها وإفراز ما يلزم لهذه التكملة . لقد تمت تهيئة جو خاص جداً لخلية الحوين الصغيرة والتي لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة، وكأن جسد المرأة يعرف أن رحلة طويلة تنتظر هذا الحوين وأنه يحتاج إلى طاقة وإلى سرعة حركة لقطع مسافة هذه الرحلة، وكأنه يدرك أيضاً أي تركيب كيميائي يمكنه ثقب غلاف بويضته، وأن هناك بعض النواقص عند الحوين بسبب الكولسترول الذي يحمله، فيقوم بإفراز مادة لتخفيف نسبة الكوليسترول لتهيئة الجو لثقب غلاف البويضة بسهولة . وهو يعمل كل هذا بسبب القابلية التي تيمتع بها . ومن المفيد أن نذكر أن الأمثلة التي أعطيناها حتى الآن تشمل جزءاً صغيراً من الحوادث التي تبدأ بدخول الحوين إلى جسد المرأة وحتى قيامه بإخصاب البويضة، لأن ما ذكرناه يتحقق بعد حدوث الآلآف من العمليات الكيميائية المعقدة التي تشترك فيها العديد من البروتينات والإنزيمات والسوائل . ولكن علينا أن نذكر بأن هدفنا من إيراد هذه التفصيلات ليس وأن هذه العمليات المعقدة مسيرة في إطار عمل رائع لنظم معقدة ومنسجمة بعضها مع البعض الآخر انسجاماً كبيراً . فكيف يمكن لأي إنسان عاقل أن يصدق قصة نشوء إنسان كامل بطريق المصادفات إذا كان نشوء إنزيم واحد محفز لحركة الحوين أو نشوء جزيئة واحدة مستحيلاً عن طريق المصادفات العمياء ؟ بحثنا ـ حتى الآن ـ كيف أن خلية الحوين المنتجة في جسد الرجل تكتسب بمساعدة المواد الكيميائية الموجودة في جسد المرأة قابلية إخصاب البويضة . والآن لنقف هنا لنفكر : هل يمكن تكون مثل هذه الأنظمة ( كما تدعي نظرية التطور !) بشكل تدريجي ومرحلة إثر مرحلة ؟ لا شك أن هذا مستحيل، ولكن ـ مع هذا ـ لنطرح هذا السيناريو لفحصه وتدقيقه . هل يمكن أن يجد الحوين ( الذي تشكل في جسد الرجل مصادفة ) عندما يصل إلى جسد المرأة السوائل التي تكتسب قابلية الإخصاب جاهزة أمامه مصادفة ؟ أم تقوم الخلايا التناسلية في المرأة باتخاذ قرار بإنتاج المواد الكيميائية اللازمة والضرورية لأن الحوين الواصل لا يملك قابلية الإخصاب ؟ لا شك أن كل بديل من هذين البديلين يضادّ العقل والمنطق، وهما أمران خياليان لا يمكن أن يتحققا . وهذا المثال الذي ذكرناه يشير إلى حقيقة واحدة، وهي أن كل نظام من هذه الأنظمة الدقيقة الموجودة دليل على العلم غير المحدود لله تعالى الخالق المصور، الذي يخلق معجزات عديدة في أعماق الإنسان وفي أجزاء صغيرة لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة وهذه الأدلة الإيمانية التي يخلقها الله تعالى في جسم الإنسان خارجة عن إرادة الإنسان وعن علمه، والله ـ عز و جل ـ يذكّر الإنسان بأنه هو المتحكم في كل شيء ( بما في ذلك الإنسان نفسه ) . قال تعالى : (إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى)(لنجم: من الآية32). البويضة ودورها في تكوين إنسان جديد : التغيرات التي تحدث في جسم الرجل عند مرحلة البلوغ يتم مثيل لها في جسم المرأة . http://www.55a.net/images/16/body/Clip_19.jpg فإلى بجانب البويضة ( التي تعد خلية تناسلية أنثوية ) يتهيأ النظام التناسلي لدى المرأة بشكل مناسب ولائم لنظام التناسل عند الرجل . عند وصول النساء مرحلة البلوغ يدرك الهايبوثلامس كما هو الحال عند الرجال ـ بأن الزمن قد حان فيصدر أوامره إلى الغدة النخامية لإنتاج الهرمونات التي تنضج خلايا البويضات، وتقوم الغدة النخامية بتنفيذ هذه الأوامر فوراً وتبدأ بإنتاج الهرمونات الضرورية . وكما في الرجال أيضاً، فإن إنتاج الخلايا التناسلية في المرأة لا يكون مستمراً، فهذا الإنتاج يتم في فترات معينة، وتعيين هذه الفترات يقع ضمن وظائف الغدة النخامية . تقوم هذه الغدة في فترات معينة بإفراز هرمون لإنضاج الخلايا الأم للبويضات الموجودة في المبيض، ويعرف هذا الهرمون المكان الذي يذهب إليه جيداً، لذا نراه يتوجه نحو المبيض مباشرة ويعلمه بأنه قد حان الأوان لنضج البويضة . وتفهم خلايا المبيض فوراً هذا الأمر فتبدأ فعاليات نشطة في المبيض لإنضاج البويضة .[5] والآن لنتفحص هذه المعلومات بشكل أعمق، كيف يستطيع الهابوتولاموس ( وهو غدة صغيرة ) حساب الزمن ؟ كيف يقوم بهذا الحساب للزمن دون أي خطأ عند مليارات النساء اللائي عشن سابقاً واللائي يعشن حالياً ؟ تقع غدة الهايبوتولاموس في المنطقة الوسطى من الدماغ ولا تملك أي آلية لحساب الزمن، ولا تملك كذلك أي آلية لحساب الزمن، ولا تملك كذلك أي علاقة مع الدنيا في الحقيقة وهي مجرد قطعة لحم مؤلفة من خلايا . وليس قيام قطعة اللحم هذه بحساب الزمن بالأمر الذي يمكن أن يمر عليه الإنسان وكأنه أمر اعتيادي لا غرابة فيه، غير أن هذا التفصيل الصغير ليس إلا معجزة واحدة من المعجزات العديدة الجارية في جسم الإنسان . وتقع مثل هذه الحوادث التي تدهش الإنسان في جسمه ف يكل آن وفي كل ميللمتر مربع في جسمه دون توقف، فمثلاً نرى تحقق معجزة مدهشة في الغدة النخامية التي تتلقى الأمر من الهايبوتولاموس وتستطيع فك شيفرات هذا الأمر وفهمه، ثم القيام باتخاذ قرار لأنتاج المادة المطلوبة، ثم إرسالها ـ دون أي خطأـ إلى مكان بعيد عنها لم تره من قبل . والغدة النخامية أيضاً عبارة عن مجموعة من الخلايا، فكيف تستطيع مجموعة الخلايا هذه " فهم " الأوامر الآتية إليها ؟ إن مجرد فهم وتنفيذ هذه الأوامر بواسطة هذه الخلايا أمر خارق بحد ذاته، فبأي قدرة تستطيع هذه المجموعة من الخلايا " فهم " واستيعاب " و" استخراج النتائج " واتخاذ قرار " وتطبيق هذا القرار " ؟ . [1] Prof. Dr. Ahmet Noyan, Ya.amda ve Hekimlikte Fizyoloji, Ankara, Mar 1998, 10th ed., p. 1113 [2] Guyton&Hall, T›bbi Fizyoloji, Nobel T›p Kitabevleri, Istanbul, 1996, 9th ed., p 1005 [3] Guyton&Hall, Human Physiology and Mechanisms of Disease, 6th ed., 1997, p. 12; Gerard J. Tortora, Introduction to the Human Body The Essentials of Anatomy and Physiology, Biological Science Textbooks, 1997, p. 527 [4] Guyton&Hall, T›bbi Fizyoloji, Nobel T›p Kitabevleri, Istanbul, 1996, 9th ed., p. 1007 [5] Guyton&Hall, Human Physiology and Mechanisms of Disease, 6th ed., 1997, p. 659 |
معجزة خلق الإنسان ـ تكون البويضة داخل جسم الأم بقلم الكاتب التركي هارون يحيى هذا التجويف أنسجة ألياف غنية بالدم، وبفضل هذه الأنسجة يتم تأمين إنتاج خلايا البويضات وتغذيتها وحفظها بأمان . ويوجد في هذا العضو العديد من الحويصلات وتحتوي كل حويصلة على خلية أم لبويضة واحدة، وفي كل شهر تنضج بويضة واحدة في إحدى هذه الحويصلات وتترك خارج المبيض تمهيداً لإخصابها . تم إنتاج البويضات في عضو يدعى " المبيض " مصمم خصيصاً لهذا الأمر، ويوجد في كل امرأة مبيضان أحدهما في الجهة اليسرى والآخر في الجهة اليمنى . وفي كل مبيض يوجد فراغ يسمح بدخول وخروج الأوعية الدموية والأوعية اللمفاوية والأعصاب، وهناك في ولكن عملية الإنتاج هذه ليست عملية مؤلفة من مرحلة واحدة فقط، فإنضاج بويضة واحدة يستدعي إجراء وإتمام عمليات ذات مراحل متعاقبة ومتعددة . إن نضوج خلية أم لبويضة تحولها إلى خلية تناسلية يستدعي انقسام من النوع الفتيلي(Mitosis )وانقسامين من النوع المنصف ويجب ألا يحدث أي خطأ في توقيت وفي تسلسل هذه الانقسامات، لأن تغيراً سيحدث في عدد الكروموسومات الموجودة في الخلية التي تتحول إلى نوع آخر من الخلايا . وكما يحدث في الخلايا التناسلية في الذكور يقل هنا أيضاً الكروموسومات في خلية البويضة من 46 كروموسوماً إلى 23. وفي نهاية الانقسامات الفتيلية والمنصفة التي تحدث في خلية البويضة تنتج ثلاثة خلايا صغيرة وخلية واحدة كبيرة هي خلية البويضة الناضجة، وبينما تموت الخلايا الصغيرة بسبب نقص الغذاء تمر الخلايا الكبيرة ببعض التغيرات حتى تتحول إلى بويضة كاملة . ولو كان لجميع هذه الخلايا الحجم نفسه لتعذر تغذية البويضة المخصبة ـ فيما بعد ـ التغذية الكافية غير أن كون إحدى هذه الخلايا خلية كبيرة ولها مخزون غذائي أكبر يحول منذ البداية دون حدوث هذه المشكلة . ولا تكون عملية نضوج البويضة عملية تلقائية، فكما ذكرنا سابقاً فإن الغدة النخامية الموجودة في القسم السفلي من الدماغ هي التي تقود مراحل هذه العملية بواسطة الهرمونات التي تفرزها . يمكن تلخيص الهرمونات المؤثرة في المراحل المختلفة لنضوج البويضة كما يأتي : (1) المرحلة الحويصلية : وهي المرحلة التي تبدأ فيها خلية البويضة بالتكون، وتوجد الخلية الأم للبويضة ( كما ذكرنا سابقاً ) في أكياس صغيرة تدعى " الحويصلات " وتدوم هذه المرحلة 14 يوماً . ويأتي هرمون FSH ( وهو هرمون تفرزه الغدة النخامية ) إلى المبيض عن طريق الدم، ويقوم هذا الهرمون بعدة وظائف في المبيض منها تكوين الحويصلات وتطويرها وإنتاج البوضة من الخلية الأم، كما يتسبب هذا الهرمون في أفراز هرمون الإستروجين من الحويصلات الناضجة . وهرمون الاستروجين هرمون مؤثر على بنية الرحم خاصة، فهو يسرع الانقسامات الفتيلية لخلايا الرحم، مما يؤدي إلى زيادة سمك هذه المنطقة لتأمين التصاق الجنين على جدار ناعم ولين بعد إتمام عملية الإخصاب، كما يؤدي إلى زيادة ورود الدم إلى هذه المنطقة . وتتكرر هذه العمليات مرة كل شهر، فإن تم إخصاب البويضة استقرت البويضة المخصبة على هذا النسيج الميهأ لها وبدأت بالتغذية والنمو هنا . وكما هو حادث في كل مرحلة من مراحل نشوء الإنسان وتكونه في رحم أمه، فهنا أيضاً ـ نجد حادثة خارقة، حيث نرى أن خلايا النظام التناسلي الأنثوي تدرك مسبقاً حاجات الجنين المستقبلية وتتهيأ لها، وتعمل جاهدة على تأمين أفضل وأنسب جو ومحيط لنمو الجنين . فكيف تستطيع مجموعة من الخلايا تحقيق كل هذه العمليات التي تستدعي شعوراً ووعياً وإدراكاً كبيراً ؟ من المستحيل طبعاً القول بأن هذه الخلايا تملك كل هذا الوعي وهذا الإدراك ولكن الخلايا الموجودة في النظام التناسلي للمرأة (بل حتى الخلايا الغدية النخامية ) تستطيع تحقيق هذه العمليات التي تبدو مستحيلة، وتقوم مسبقاً بتهيئة أفضل جو ومحيط لحاجات الجنين الذي لم تعرفه من قبل . ويستحيل ـ طبعاً ـ على كل صاحب عقل ومنطق الادعاء بأن الخلايا تقوم بكل هذه العمليات بعقلها وشعورها وبقرار صادر من عندها، فهذه الأمور التي يعجز عن تحقيقها الإنسان العاقل لا يمكن عزوها إلى مجموعة من الخلايا المتكونة من ذرات غير عاقة، ومن يدّعي هذا يقع في تناقض منطقي صارخ، وهكذا فالحقيقة تظهر أمامنا واضحة وبينة، وهي أن هذه الخلايا تقوم بأداء هذه الوظائف بإلهام من خالقها، وأن هذه المعجزات تتكرر عند ولادة كل إنسان منذ ظهور الإنسان على وجه هذه الأرض . (2) مرحلة البويضة : في هذه المرحلة تنشق الحويصلات المحتوية علىالبويضة وتتحرر هذه البويضة ولكن هناك حاجة إلى مساعدة يتلقف خلية البويضة هذه المتروكة للفراغ، وإلا تعذر على البويضة التقدم نحو المكان الذي ستلتقي فيه بالحوين، أي تعذر مثل هذا اللقاء . وهنا يظهر دور قناة فالوب ( وهي قناة تصل ما بين المبيض والرحم ) في حل هذه المشكلة، فهذه القناة التي تملك أذرعاً ضخمة كأذرع الأخطبوط تقوم بتلقف خلية البويضة الخارجة من المبيض، وحسب وجود الحوين في قناة فالوب ( وهي الموضع الذي يتم فيه عملية الإخصاب ) أو عدم وجوده تتحدد المراحل القادمة . تتكون خلايا البويضة في المبيض داخل تراكيب تدعى الجريب ونشاهد في هذا الرسم التمثيلي مراحل تكون خلية بويضة واحدة وخروجها من الجريب ، وتتكرر كل هذه المراحل عند جميع النساء خلال فترة معينة ، ففي كل شهر تتكون خلية جديدة ويتكرر إفراز الغدد نفسها ، ويتهيأ جسم المرأة وكأنه ستم الإخصاب . ولكن اتجاه الاستعدادات في الجسم يتغير في المرحلة حسب وجود الحوين أو عدم وجوده ، وهذا الأمر معجزة واضحة من معجزات الخلق . يقوم هرمون LH( وهو هرمون تفرزه الغدة النخامية ) بتوجيه دفة هذه العمليات وبتحرر البويضة . ومن المفيد الإشارة إلى نقطة هامة تتعلق بهذا الهرمون، فعلمية انشقاقكيس الحويصلة" فوليكل "( الذي يحتوي على خلية البويضة ) وبدء خلية البويضة بالتقدم للقاء الحوين ،هذه العملية تحتاج إلى هذا الهرمون . وعدم وجوده يعني عدم نضوج كيس فوليكول وعدم الوصول إلى مرحلة وضع خلية البويضة، حتى وإن كانت جميع الهرمونات الأخرى متوفرة دون نقص . ولكن مثل هذه المشكلة لا تحدث، فقبل يومين من المرحلة الثانية ( مرحلة تحرير البويضة ) يلاحظ أن الغدة النخامية ـ ولسبب لا يزال مجهولاً حتى الآن وغير معروف من قبل العلماء ـ تبدأ بزيادة إنتاج هرمون LH، كما تظهر زيادة في إفراز هرمون FSH، وبتأثير من هذين الهرمونين تتحقق كل شهر وبانتظام عملية وضع البويضة . أي أن الغدة النخامية تقوم ـ هنا أيضاً ـ بحساب دقيق لا يخطئ للزمن، حيث تبدأ بإفراز الهرمون اللازم وبالمقدار الضروري وفي الوقت الملائم تماماً.! لا شك أنه لا يمكن توقع وقوع مثل هذا التصرف الواعي والعاقل من قبل الغدة النخامية أو من الخلايا التي تكونها، فإن كان لها عقل سامٍ وإرادة فلا شكل أن هناك صاحباً لهذا العقل ولهذه الإرادة ،وهذا العقل والإرادة الواضحة في جميع مراحل خلق الإنسان وجميع المعجزات المتجلية في هذه الحوادث تعود إلى الله تعالى صاحب العقل والقدرة اللانهائيتين . (3) مرحلة الجسم الأصفر: بعد خروج البويضة من كيس فوليكول وفراغه منها بملأ الدم هذا الفراغ، وتبدأ خلايا خاصة تحيط بهذه الأكياس ( تدعى "الخلايا الحبيبية " " granulose cell "بالتكاثر والحلول محل الدم المتخثر في هذه الأكياس ،وهذه الخلايا صفراء اللون وغنية بمادة الليبيد . وهكذا تتحول الحويصلة ( التي خرجت منها البويضة ) بالتمدد نتيجة هذا السائل الذي ملأها وتتحول إلى بنية وتركيب فعال يدعى " الجسم الأصفر". يلعب هذا الجسم الأصفر دوراً مهماً جداً في تحضير وتهيئة الرحم للجنين بشكل جيد ولكي يستمر الحمل بشكل جيد ودون مشكلات . ومن أهم مميزات هذه البيئة إفراز هرمون البروجسترون بتأثير وتحفيز من هرمون LH ويقوم هرمون البرجسترون (الذي يملك صفات ترطيبية ) بتنبيه جدار الرحم، وأهم تغير حاصل في الرحم يكون في طبقة " موكوزا "، فبتأثير هرمون الأوجستروجين والبروجسترون يزداد سمك جدار الغشاء المخاطي حتى تصل الشعيرات الدموية والغدد إلى سطح هذه الطبقة، ويأخذ جدار الرحم شكلاً متعرجاً وملتوياً، وتزداد فعاليات إفرازات الغدد . والغاية من هذه التغيرات هي تهيئة أفضل بيئة وأنسب وسط لاستقرار الجنين، كما يجبر الرحم عضلاته على الراحة من أجل استمرار الحمل . وإضافة إلى هذا يقوم هرمون البروجسترون بالتأثير في نمو وتوسعة الغدد الحليبية . إن قيام هرمون ما بالتأثير على هرمون آخر وفي الوقت المناسب تماماً وامتلاكه حدساً في هذا الخصوص أمرٌ لا يمكن تفسيره بالمصادفات . وهنا ترد عدة أسئلة على الخاطر : إذ كيف تستطيع جزئية متكونة من ذرات لا تعقل أن تملك حدساً إلى هذه الدرجة ؟ وكيف تبادر إلى تنظيم هذه الفعاليات بأفضل شكل وأكثره ملاءمة لراحة الإنسان ؟ من الواضح أن الجزيئات التي تشكل الهرمونات لا تملك لا عقلاً ولا شعوراً، وهذا الأمر يرينا أن قدرة فائقة هي التي خلقت هذه النظم المتكاملة بعضها مع البعض الآخر، وهي التي وهبتها هذه الخواص والمميزات . أي أن الله تعالى ـالذي خلق السماوات والأرض ـ هو الذي يلهم الجزيئات المكونة للهرمونات والذرات المكونة للجزيئات كيفية التصرف الواعي . تستمر هذه المرحلة بين اثني عشر يوماً وأربعة عشر يوماً، فإن لم تتم عملية الإخصاب في نهايتها ينحل الجسم الأصفر وتتكرر المراحل نفسها من جديد وبانحلال الجسم الأصفر يتوقف إفراز هرموني الأوجستروجين والبروجستروجين, غيرهما من الهرمونات (أي أن هذه الوظيفة تقع أيضاً على عاتق الغدة النخامية ) ثم تبدأ هذه الغدة مرة أخرى بأفراز هرمون FSH وهرمون LH مما يؤدي إلى نمو وزيادة حجم الحويصلات ،ولكن هذا النمو يكون محدوداً لأن عدم وجود هرموني الأستروجين والبروجسترون في الرحم يكون عاملاً في بدء مرحلة جديدة هي مرحلة الحيض . (4) مرحلة الحيض: وهي مرحلة التخلص من البويضة غير المخصبة وقذفها خارج الجسم . فبسبب عدم تحقق الإخصاب يتوتر جدار الرحم الذي كان قد تهيأ للجنين، وبانفصال العروق الشعرية تخرج البويضة خارج الجسم . وبعد هذه المرحلة يبدأ الجسم بالتهيؤ لتكرار هذه العمليات والمراحل مرة أخرى . تتكرر هذه المراحل عند جميع النساء بصورة متكررة لسنوات معينة من العمر، حيث يتم إنتاج خلية بويضة كل شهر وإفراز الهرمونات نفسها . وتتكرر هذه المراحل بعينها ويتهيأ جسد المرأة لعملية الإخصاب، ولكن يتغير اتجاه التحضيرات في المرحلة الأخيرة حسب وجود الحوين أو عدم وجوده . التحضيرات قبل عملية الإخصاب : تقع خلية البويضة على مسافة تتراوح بين عشرين وخمسة وخمسة وعشرين سنتمتراً من الحُوينات الواصلة إلى جسد المرأة، وتبلغ هذه المسافة 3000 ضعف حجم الحوين تقريباً، وهي تعد مسافة طويلة بالنسبة لحجمه ،ولذلك تحتاج الحُوينات إلى مساعدة جادة لقطعها . لذلك نرى أن تحضيرات معينة تبدأ في جسد الرجل وفي جسد المراة قبل تحقق التقاء الحوين مع البويضة، ومعظم هذه التحضيرات يستهدف مساعدة ومعاونة الحُوينات في رحلتها في جسد المرأة وتسهيل هذه الرحلة . مثلاً : تحدث تموجات من التقلصات في رحم المرأة، وهذه الحركات التي تحدث في الرحم وفي قناة فالوب بشكل متميز عن الأوقات الاعتيادية تقوم بتسهيل حركة الحُوينات نخو البويضة . والذي يلفت الانتباه في هذه الخصوص هوالمادة التي تسبب هذه الحركات التقلصية والتموجية، وتوجد هذه المادة التي تدعى (بروستاجلاندين" prostaglandin ") في السائل المنوي الذي تتحرك فيه الحُوينات المفرزة من جسد الرجل، أي ضمن السائل الذي يفرزه الكيس المنوي . وعلى الرغم من أنها تأتي من جسد آخر فإنها تعرف بنية رحم المرأة وتستطيع التأثير فيه لتسهيل رحلة الحُوينات وتقدمها .[1] ولا تنحصر التغيرات التي تحدث في الرحم لتحقيق الإخصاب على هذا، فالقنوات تتوسع في هذه المرحلة ،وبتأثير هرمون الإستروجين يزداد إفراز الرحم ( إفراز المادة المخاطية ) . وتقوم هذه المادة ( وكأنها تعرف ضرورة إغناء مادة كلوريد الصوديوم الموجودة فيها ) بتهيئة نفسها فتصبح مرنة وشفافة، وفي نهاية هذه التغيرات يظهر تركيب خاص وبنية خاصة في هذه المادة المخاطية بفجوات طويلة ومتوازنة ومستقيمة، ثم تتحول هذه البنية إلى شكل يسهل على الحوينات، فهذه القنوات تسمح فقط للحوينات ذات البنية الاعتيادية والطبيعية بالمرور خلالها، أي أنها تعمل عمل منخل ومصفات لأن الحُوينات تملك أحياناً شكلاً غير ملائم وبنية غير صالحة للإخصاب فتتم تصفيتها في هذه القنوات . وكما يتبين مما شرحناه حتى الآن : إن كل حركة في الرحم وفي المبيض تستهدف وصول الحوين إلى البويضة، فمثلاً بعد انتهاء عملية وضع البويضة وبعد أن يتم التقاء البويضة بالحوين تبدأ المادة المخاطية بعمليات عكسية، إذ يصبح لونها غامقاً ولا يعود شفافاً مما يحول دون عبور الحُوينات إلى الداخل . والتغيرات التي تحدث في النظام التناسلي للمرأة تستهدف وصول الحُوينات (الداخلة إلى جسد المرأة ) إلى البويضة ،وهذا أمر ـ كما قلنا في السابق ـ مثير ويلفت الانتباه لأن العناصر الموجودة في النظام التناسلي للمراة تقوم بمساعدة خلايا آتية من جسد آخر . كيف يتسنى لخلية أن تملك كل هذه المعلومات التفصيلية عن خلايا غير موجودة في محيطها ؟ وكيف تسنت لها معرفة حاجات تلك الخلايا ( مثل كيفية إكسابها سرعة الحركة ) ؟ لا شك بأن من المستحيل على الخلايا التي تقوم بإنتاج سائل الرحم معرفة الخصائص التي تملكها الحوينات، ويستحيل عليها أيضاً تهيئة الوسط المناسب لها . تتحقق هذه الفعاليات ( التي تم شرحها حتى الآن ) في جميع النساء بنفس التسلسل وبنفس الدقة ،وعندما تتأمل هذه الأنظمة التي تعمل بتوافق وانسجام مع بعضها البعض يظهر أمامنا وجود تخطيط واضح، فالحوين مصمم لجسد الأم، والنظام التناسلي للأم منظم لاستقبال الحوين، ولو حدث أي نقص في هذا التلاؤم ( مثلاً لو لم يكن للحوين ذنب مساعد لحركته أولم يملك الحوين السائل الذي يعادل المحيط الحامضي لجسد الأم ) لما تحقق التناسل. وهذا يبين بوضوح أن التلاؤم والتوافق الموجودين بين الخلايا التناسلية للرجل والخلايا التناسلية للمرأة ليسا سوى أثر لحظة خلق واعية، والذي يحقق هذا التلاؤم والتوافق هو الله رب العالمين الذي خلق الرحل والمراة وأودع هذا التلاؤم بينهما . وما على الإنسان إلا تأمل بديع خلق الله وتسليم نفسه لربه القادر على كل شيء قال تعالى: (وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (الجاثـية:4). التصرفات الواعية لقناة فالوب : كما ذكرنا سابقاُ فإن خلية البويضة الناضجة في المبيض حين تترك حرة في الفراغ تقوم قناة فالوب (التي تملك بنية خاصة ) بتلقفها، فإن لم تتلقفها هذه القناة سقطت البويضة بين الأعضاء الأخرى للمرأة فلا تستطيع لقاء الحوين . قناة فالوب هي مكان التقاء البويضة بالحوين، ولكي تنجح هذه القناة في أداء هذه المهمة تقوم بأداء حركتين : أولاهما استلام البويضة الناضجة من المبيض وإيصالها إلى مكان لقائها مع الحوين ،والثانية استلام الحوين من جوف الرحم وإيصاله إلى المكان الذي يلتقي فيه البويضة . التصرفات الواعية لقناة فالوب : كما ذكرنا سابقاً فإن خلية البويضة الناضجة في المبيض حين تترك حرة في الفراغ تقوم قناة فالوب (التي تملك بنية خاصة ) بتلقفها، فإن لم تتلقفها هذه القناة سقطت البويضة بين الأعضاء الأخرى للمرأة فلا تستطيع لقاء الحوين . قناة فالوب هي مكان التقاء البويضة بالحوين، ولكي تنجح هذه القناة في اداء هذه المهمة تقوم بأداء حركتين : أولاهما استلام البويضة الناضجة من المبيض وإيصالها إلى مكان لقائها مع الحوين، والثانية استلام الحوين من جوف الرحم وأيصالها إلى المكان الذي يلتقي فيه البويضة . خلايا لا تعود إليها ؟ لا شك أن أن قطعة لحم مساحتها بضعة سنتمترات مربعة لا يمكن أن تكون هي صاحبة مثل هذه القابلية ومثل هذه المعرفة والمعلومات، بل هي تتحرك (مثل غيرها من الأنسجة والخلايا ) حسب الإلهام الالهي لها، وهذا هو السبب في قيامها بهذه الوظيفة الصعبة بنجاح وبيسر دون ارتكاب أي خطأ . لذا تجد خلية البويضة فرصة لإخصابها في ظروف أربع وعشرين ساعة في أكثر تقدير . تحقق لقاء الحوين بالبويضة : بعد المرور في مراحل عديدة تقع البويضة الناضجة في قناة فالوب حاملة معها العديد من الخلايا المحيطة بها . أما الحوين الواصل إلى قناة فالوب فعليه أولاً تجاوز وتخطي هذه الخلايا المسماة بالغشاء المحبب ثم عليه ثقب الستار السميك المحيط بالبويضة . فكيف يستطيع الحوين تجاوز هذه الموانع والعراقيل؟ هنا أيضاً نلاحظ وجود تصميم واعٍ ورائع .كما هو معلوم يوجد أنزيمات بين الغشاء الخارجي والغشاء الداخلي للجسم القمي Acrosome هي هيالورونديز hyaluronidase وإنزيم مفكك الطبقة الشفافة zona lysine و إنزيم مخترق التاجية الشعاعية corona penetrating enzyme وإليك عمل كل واحد منها. أما وظيفة هذه الأنزيمات الثلاثة فهي : يعمل انزيم هيالورونديز hyaluronidase على تفكيك مادة حمض هيالوريك hyaluronicacid التي تربط خلايا الكتلة البيضية فيخترق الحيوان الموي هذا الغلاف . إنزيم مخترق التاجية الشعاعية corona penetrating enzyme يساعد في اختراق غلاف التاجية الشعاعية وإنزيم مفكك الطبقة الشفافة zona lysine (أكروسينacrosin ) يساعد الحيوان المنوي على اختراق المنطقة الشفافة zona pellicida بشكل افقي وهكذا يستطيع الحوين ـ بمساعدة هذين الإنزيمين ـ شق طريقه إلى داخل البويضة .[2] كيف يتسنى للحوينات المنتجة في جسد الرجل بعيدأ جداً عن البويضة أن تملك إنزيمات لها قابلية التأثير على بنية وتركيب البويضة ؟ من أوجد هذه المواد ؟ ومن الذي وضع هذه المواد في رأس هذه الحُوينات التي هي كائنات مجهرية، أي في أفضل مكان يمكن وضعها فيه ؟ ليست الحُوينات هي القائمة بهذا لأنه يستحيل عليها معرفة وجود حوامض يستطيع إنزيم الهيالورونيداس إزالة أثرها . وليس المطلوب فقط معرفة تركيب هذا الإنزيم، بل يجب أيضاً القيام بصنعه وإنتاجه، ولا شك أن من المستحيل على الحوين القيام بنفسه بوضع نظام في جسم الإنسان يقوم بهذا كله . إن الحُوينات تقوم بعمل لا يستطيع القيام به الإنسان الواعي وتملك مواد تساعدها على بلوغ هدفها وكأنها تعرف عن قرب جميع تراكيبها الكيميائية التي لا يستطيع الإنسان العادي معرفتها .ولا ريب أن الادعاء بان الحوين هو الذي يحقق وينجز هذه الأمور مما يرفضه العقل ويرفضه المنطق . فإن وضعنا جانباً مثل هذه الادعاءات المناقضة للعقل والمنطق سنرى أن امتلاك الحوين للإنزيمات المفككة لغشاء البويضة دليل من أدلة الخلق، فمثل هذا التلاؤم والتوافق البديعين لا يمكن إرجاعه إلى المصادفات . إن كون الحُوينات على علم بالتركيب الكيميائي لخلية أخرى في وسط آخر وقيامها بتحليل هذه المواد الكيميائية الضرورية لتفكيك تلك المواد لا يمكن تفسيره إلا بقيام الخالق بخلق الحُوينات المالكة لمثل هذه الخصائص . [1] Guyton&Hall, T›bbi Fizyoloji, Nobel T›p Kitabevleri, Istanbul, 1996, 9th ed., p. 1006 [2] Guyton&Hall, T›bbi Fizyoloji, Nobel T›p Kitabevleri, Istanbul, 1996, 9th ed., p. 1005 |
البصمة بين الاعجاز والتحدي.. القسم الأول بقلم الدكتــور محمد السقا عيد ملخص البحث على الرغم من أن الله سبحانه وتعالى خلق الناس جميعاً مشتركين في وحدة الخلق ووحدة البنية والتركيب ووحدة وظائف كيمياء الخلية فالناس جميعاً من لحم ودم وعظم ... أصلهم جميعاً من تراب، ومع هذا التطابق والتشابه في الخلق والصوت وشكل العظم والرائحة فقد انفرد كل منا فى تفاعله الكيماوي مع نفسه، لينفرد ببصماته التي يحملها وحده دون سائر البشر. وتعرف "البصمة" بصفة عامة بأنها ذلك الخاتم الإلهي الذي ميز الله تعالى به كل إنسان عن غيره بحيث أصبح لكل إنسان خاتمه (بصمته) المميزة له في الصوت والرائحة والعينين والأذن ... الخ. أما "بصمة الإبهام" فهي الخطوط البارزة التي تحيط بها خطوط مختفية تأخذ أشكالاً مختلفة على جلد أطراف الأصابع والكفين من الداخل، وهذه الخطوط تترك أثرها على كل جسم تلمسه، وعلى الأسطح الملساء بشكل خاص. وإن المثير للتأمل حقاً هو كيف تتنوع وكيف تتشكل البصمات، بل كيف تتنوع وتتشكل الوجوه والأجسام وكيف تتباين الألوان والصفات، فكلها آيات لله في خلقه ... ولست أقصد بالبصمة "بصمة الإبهام" فقط تلك التي تحدى الله تعالى بها البشر كافة حيث لا يمكن لبصمة الإبهام أن تتشابه أو تتماثل في شخصين في العالم حتى التوائم المتماثلة التي أصلها من بويضة واحدة "بلى قادرين على أن نسوى بنانه" سورة القيامة آية (4)، لكن أقصد كل أنواع البصمات الأخرى التي تحدث عنها البحث أو التي لم يتحدث عنها. تحدث البحث أيضاً عن "البصمة الجينية" تلك البصمة التي تلازم الإنسان طوال حياته ولا يمكن محوها أو التخلص منها بحال من الأحوال فهي تلازمك أخي المسلم حتى تُبعث بها من جديد بإذن الله تعالى يوم ينفخ في الصور فيعود كل إنسان كما كان لم يتغير منه شئ بإذن الله الواحد القهار. كما تناول البحث بالحديث (بصمة العين) ووضح أن هناك بصمة لقاع العين (الشبكية) وكذلك بصمة للقزحية وبصمة للانحراف الجنسي في العين ووضح أنه من المستحيل أن تتطابق بصمتان منهما حتى في نفس الشخص. تعرض البحث للحديث عن "بصمة العرق" ذلك النموذج الغريب من البصمات والتى أشار إليها القرآن الكريم فى قوله تعالى " إني لأجد ريح يوسف" يوسف 94 فقد عرف الأب ابنه من رائحة قميصه . أيضاً من أنواع البصمات التي تحدث عنها البحث "بصمة الصوت" فالأصوات كالبصمات لا تتطابق، فكل منا يولد بصوت فريد مختلف عن الآخر حتى التوائم المتماثلة رغم تشابههما فى كل شئ إلا أن لكل منهم صوت يميزه عن الآخر وتعرض البحث لكيفية استخدام هذه البصمات فى الكشف عن الجريمة. وخُتم البحث بالحديث فى نبذة مختصرة عن بصمة الشفاة، المخ، الأذن. إن الإنسان كله بصمات، فبصماته توجد فى اليد والقدم والشفتين والأذنين والدم واللعاب والشعر والعيون وغيرها ... لقد كانت البصمة ولا تزال سراً من أسرار عظمة الله عز وجل فى خلقه ليثبت قوله. (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ) (سورة النحل 88) فما أعظمها من آية تؤكد قدرة الخالق ! مقدمـــــة : يرى الناظر إلى الناس أنهم متشابهون في الشكل العام وفى التركيب الجسدي الخارجي والداخلي من أعضاء وأجهزة وأنسجة، وحركاتهم واحدة، وغرائزهم واحدة وحاجاتهم العضوية إلى الطعام والشراب وغيرها واحدة في كل الناس. ويدقق الناظر إلى وجوه الناس فيري الاختلاف البين بين تقاطيعهم وحركاتهم وأصواتهم وتصرفاتهم، فيستطيع الإنسان أن يميز فرداً من الأفراد من بين أعداد كبيرة جداً من الناس. وكثيراً ما نصادف وجوهاً يخيل إلينا أننا رأيناها من قبل فإذا بها وجوه أبناء لآباء أو لأمهات نعرفهم. وهكذا قد يشترك الأبناء مع الآباء في صفات جسدية ظاهرية أو في صفات أخرى داخلية، وقد يكون الشبه قوياً لدرجة يصعب معها أن نفرق بين أخوين أو توأمين مثلاً. ولذلك يقال فى الأمثال (يخلق من الشبه أربعين)، وأحياناً أكثر من أربعين، ويقصد بذلك الشبه في تقاطيع الوجه. فمن أين يأتي هذا التشابه ؟ وهل هو تشابه كامل في الصفات الظاهرة والتركيب الداخلي والصفات والتصرفات المختلفة أم لا ؟ ! ... الواقع أن المدقق يرى أن التشابه بين الأشخاص وبين الأخوة لا يكون تاماً أبداً، فهناك دائماً أوجه كثيرة للاختلاف ولكن معرفتها تحتاج إلى التدقيق الشديد أحياناً كما يحدث بين التوأمين المتشابهين. وحين تقدم العلم واتسعت دائرته وتنوعت طرق البحث والدراسة استطاع الإنسان أن يدرك أنه لا تشابه بين إنسان وآخر في ظاهره أو في داخله رغم اتحاد الناس جميعاً في التركيب الأساسي العام. أنواع البصمة : على الرغم من أن الله سبحانه وتعالى خلق الناس جميعاً مشتركين في وحدة الخلق ووحدة البنية والتركيب، ووحدة وظائف كيمياء الخلايا، فالناس جميعاً من دم ولحم وعظم ... أصلهم جميعاً من تراب، ومع هذا التطابق والتشابه في الخلق العام لا يتطابق إنسان مع غيره تطابقاً تاماً في كل التفاصيل الجزئية كالطباع والصوت وشكل العظم ... والرائحة، كما انفرد كل منا في تفاعله الكيماوي مع نفسه لينفرد ببصماته التي يحملها وحده دون سائر البشر. وهناك أنواع كثيرة للبصمة منها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي : 1- بصمة الإبهام : بصمة الإبهام هي خطوط بارزة في بشرة الجلد تجاورها منخفضات، وتعلو الخطوط البارزة فتحات للمسام العرقية، تتمادى هذه الخطوط وتتلوى وتتفرع منها تغصنات وفروع، لتأخذ في النهاية - وفي كل شخص – شكلاً مميزاً، وقد ثبت أنه لا يمكن للبصمة أن تتطابق وتتماثل في شخصين في العالم حتى التوائم المتماثلة التي أصلها في بويضة واحدة، وهذه الخطوط تترك أثرها على كل جسم تلمسه وعلى الأسطح الملساء بشكل خاص. http://www.55a.net/firas/photo/216725.jpg وتتكون بصمة الإبهام لدى الجنين في الأسبوع الثالث عشر (الشهر الرابع) وتبقى إلى أن يموت الإنسان، وإذا حفظت الجثة بالتحنيط أو في الأماكن الثلجية تبقى البصمة كما هي آلاف السنين دون تغيير في شكلها .... وحتى إذا ما أزيلت جلدة الأصابع لسبب ما، فإن الصفات نفسها تظهر في الجلد الجديد، كما أن بصمة الرجل تختلف عن بصمة المرأة ففي الرجل يكون قطر الخطوط أكبر منه عند المرأة بينما تتميز بصمة المرأة بالدقة وعدم وجود تشوهات تقاطعية. ولقد توصل العلماء إلى تقسيم بصمات الإبهام رغم اختلافها في التفاصيل وفق ما بها من خطوط متمازجة ووفق ما بها من أنشوطة مفتوحة وأخرى مغلقة إلى الآتي : • على شكل رؤوس أو دوامات متحدة المركز. • من الخبراء من جعل الأشكال ثمانية وقسموها إلى عدة أصناف ... والأقسام الثمانية هي : 1- البصمة ذات الأنشوطة الزندية. 2- البصمة ذات الأنشوطة (الكعبرة). 3- البصمة ذات الأنشوطة والدوامة البسيطة. 4- البصمة ذات الأنشوطة القوس. 5- البصمة ذات الأنشوطة العريضة. 6- البصمة ذات الأنشوطة الحبيبية المركزية. 7- البصمة ذات الأنشوطة المزدوجة. 8- البصمة ذات الأنشوطة القوس التى لها رأس خيمة. وفى عام 1886م قام العالم السير (فرنسيس غالتون) بتقسيم البصمات إلى أربعة أنواع هي : 1- تفرع خط إلى فرعين أو أكثر. 2- انتهاء خط باتجاه أعلى وأسفل. 3- وجود جزيرة أو نقطة. 4- وجود حلقة. وتسمى هذه بتفصيلات غالتون. ومن الذين اهتموا بدراسة البصمات الباحث الألماني (ج. س. أ. مايو) الذى أعلن بعد ذلك فى عام 1856 م أن الخطوط البارزة فى بنان الإنسان تبقى ثابتة لا تتغير ولا تتبدل منذ ولادته وحتى وفاته. ودلل على قوله هذا بتجربة عملية إذ أخذ طبعة بنانه الأيمن ثم عاد بعد مضى أربعين عاماً وأخذ طبعة نفس البنان ثانية فوجد أنه لا يزال كما هو لم يطرأ عليه شئ من التعديل أو التغيير. وكذلك فعل الحاكم الإنجليزي (هرتشل) فى مقاطعة البنغال عندما قارن بين بصمتين وعمرة 27 سنة و82 سنة فلم يلحظ أي تغيير يذكر. بصمة الإبهام واستخدامها فى الجريمة : كان الاستخدام العلمي للبصمات عام 1852م بواسطة الحاكم الإنجليزي (وليم هرتشل) عندما أمر بأن يطبع أشكال أكفهم فى نهاية العقود حتى يضمن عدم إنكار أطراف التصادق فى المقاضاة. وقبل أن تستعمل البصمات لإثبات مرتكبي الجريمة وقعت حوادث مفجعة من القتل والاغتصاب والسرقة، وكانت الوسيلة لإثبات الجريمة على الجاني هم الشهود أو الاعتراف من الجاني نفسه، وقد يؤخذ الجاني قهراً لاستجوابه تحت وسائل التعذيب المختلفة، وهنا يمس كرامة الإنسان كإنسان أولاً لا كمجرم، مما جعل البعض مما لهم ضمائر يستنكر هذه الوسائل ويندد بها، ومن هؤلاء (موريس غارسون) الذى يقول فى هذا الصدد (إن قيود هذه الطريقة تسئ إلى شرف العدالة فى البلاد المتمدنة) ولذلك منع وزير الداخلية البريطاني استعمال العقاقير المخدرة في الاستنطاق عام 1948م، ومنعها أيضاً وزير العدل الألماني عام 1949م. وقبل استعمال البصمات بصفة رسمية كانت شرطة باريس وإيطاليا تأخذ بمقاييس دقيقة للجسم حتى إذا ما عاد المجرم أمكن التعرف عليه ولكن هذا النظام أخذت الانتقادات تتجه إليه، مما جعل المجتمع ينبذه. لقد قام العلماء بتصنيف البصمات بما فيها من منحنيات وخطوط وثنيات، ومنخفضات ومرتفعات إلى أصناف عديدة، وجمعوها تحت أنواع رئيسية تتفرع عنها أنواع فرعية وذلك لسهولة تتبعها. وحين تُعرض عليهم بصمة ما فإنهم بذلك يستطيعون أن يرجعوها إلى ما لديهم من أنواع وبذلك يتعرفون على صاحبها بسهولة فإن كان مشتبهاً في جريمة ما، كانت دليلاً قوياً عليه لا يمكن إنكاره فهو صورته الشخصية وجسده الحي في مكان الجريمة. وقد اختلف فى عدد العلامات اللازمة التي يجب توافرها للمقارنة بين البرمجة المطبوعة الحقيقية من بلد إلى أخر، إلى أن جاء مؤتمر 1967م الدولي في باريس في نوفمبر حيث تم الاتفاق على توحيد عدد العلامات في مختلف دول العالم باثني عشرة علامة مميزة حتى لا يتاح للهاربين الإفلات بسبب الاختلاف العددي لأخذ البصمة من دولة لأخرى. وإذا ما تتبعنا التاريخ الرسمي لتبنى بعض الدول علم البصمات كشاهد ثابت يقيني فى كشف شخصية الإنسان يكون الترتيب كالآتي : الأرجنتين 1891م ثم إنجلترا عام 1901م فأمريكا 1902 ثم تركيا 1910 وأخيراً سوريا عام 1928م. بصمة الإبهام وتفردها فى عالم الأحياء : وضع العالم فرنسيس غالتون (F. Galeton)كتابه الخالد (بصمات الأصابع) الذى يعتبر مرجعاً أساسياً فى علم البصمات واعتمدته الحكومة البريطانية بعد ذلك فى عام 1901 بعد أن عدله العالم (إدوار هنرى). وفى نفس الوقت كان العالم (جوان مينوسيتش) يقوم بنفس الجهود فى الأرجنتين ووصل إلى نتائج متشابهة وإن كان البعض يفضلون طريقته، واعتمدت الأرجنتين (كأول دولة في العالم) نظام علم البصمات كشاهد يقيني لكشف شخصية الإنسان فى عام 1891 ميلادي. إذا أمعنا النظر في سطح الجلد الذي يكسو أصابع اليدين والقدمين وكذلك الكعبين وباطن القدمين نلاحظ أنه يتألف من خطوط بارزة تسمى بالخطوط الحليمية Papillary Ridges وأن هذه الخطوط تتوالى وتتمادى وتأخذ لنفسها أشكالاً مختلفة وتبدو منفصلة عن بعضها بخطوط أخرى منخفضة يطلق عليها اسم "الخطوط الأخدودية" Furrows ويمكن تشبيهها بالأخاديد التي تتركها سكة المحراث على الأرض. وإذا تأملنا الخطوط الحليمية ملياً بواسطة عدسة مجسمة نجد أن قممها تحتوى على صفوف من فتحات بالغة الصغر تظهر وكأنها فوهات براكين وتدعى المسام. يتبـــــــــــــــــــــــــــــــع |
يتبــع موضوع ... البصمة بين الاعجاز والتحدي.. القسم الأول ومزية البصمة الأساسية الثبات والفردية بشكل مطلق، وتبقى الخطوط الحليمية كما هي إلا في بعض الأمراض مثل الجذام في آخر مراحله والإفرنجي، ولذلك فإن البصمات لا تتكرر حتى في حالة التوأم ومن بيضة واحدة. وقد حاول عدد من المجرمين في الولايات المتحدة الأمريكية وفى مدينة شيكاغو بصورة خاصة محو هذا الخاتم الإلهي !! بمحو أو تغيير أو تحريف لأشكال الخطوط الحليمية في رؤوس أصابعهم مستخدمين طرقاً مختلفة ولكن محاولاتهم باءت جميعها بالفشل. وقد حصر غالتون أمر التعرف على بصمة الأصابع في نظام معين يقضى على أن لكل بصمة 12 ميزة خاصة، ومن الطريف أن من بين المليون الأول من البصمات التي حصلت عليها شرطة لندن لم يعثر على بصمتين متشابهتين في أكثر من سبع مميزات من بين المميزات الـ (الأثنى عشر). ولابد أن توجد فى كل بصمة أنواع من المميزات بأعداد متفاوتة وقد يتجاوز عددها في بصمة الإصبع الواحدة الخمسين. وقد يصل إلى المائة وربما وجدنا في مساحة صغيرة من الجزء الوسطي للإصبع أكثر من عشر منها. جاء في كتاب "الطب الشرعي" للأستاذ / زياد درويش ص 396 ما يلي ولكي نقرر أن البصمتين تعودان لشخص واحد يجب أن تتفقا فى الشكل (أقواس، منحدرات) وفى شكل الزاوية والمركز، وفى السعة، وفى وجود أي آثار لجروح أو ندبات، وفى الصفات الفرعية للخطوط المكونة للبصمة من حيث بداية هذه الخطوط وانتهاؤها وانحرافها وتفرعها أو إندغامها في خط آخر، أو تكون جزر في طريق الخط، ويكتفي غالباً بوجود أثنى عشرة نقطة اتفاق للقول بأن البصمتين متماثلتين وإن كان الحصول على عدد أكبر من نقاط الاتفاق ممكناً في أكثر الأحيان. أهـ. نظرية الاحتمال : طور هذه النظرية البروفيسور سايمون نيوكومب "Simon New Comb" وهى تعتمد على أساس متين كجدول الضرب أو أي قاعدة حسابية ولها صلة بمبدأ الريبة Principles of Uncertainty الذى صوره لنا العالم الألماني هايزنبرج""Heisenberg. ويقول بول كيرك Baul Kirk"" أستاذ العلوم الجنائية في جامعة كاليفورينا أن نظرية الاحتمال هي المفتاح الوحيد لتفسير الأدلة الطبيعية، ولنحاول تطبيق هذه النظرية على تطابق بصمتين تطابقاً كاملاً من حيث النوع والشكل والموضع، لنفرض أن أحدنا عمد لأخذ انطباع لإبهامه الأيمن والتقط صورة فوتوغرافية لهذا الانطباع ثم كبرها عدة مرات كي يستطيع تحديد الميزات الخطية في بصمته. ولنفرض أنه بعد أن قام بهذا العمل وجد فيها خمساً وأربعين ميزة، ترى ما هي فرصة العثور على بصمة أخرى سواء في بقية أصابعه العشرة أو أصابع يدي أي إنسان يعيش حالياً على وجه البسيطة تحتوى على نفس الميزات بالضبط من حيث العدد والأشكال والمواضع النسبية؟ أو بتعبير آخر فرصة وجود نسخة طبق الأصل من بصمته تلك ؟ أو بمعنى ثالث هل يمكن أن تتكرر نفس البصمة مرتين وفى وقت واحد مع ما فيها من تفاصيل ذاتية فريدة بالغة الدقة ؟ إن كل ذي خبرة فى الموضوع يستطيع الإجابة على هذه التساؤلات قائلاً بثقة تامة وبكل بساطة – أن فرصة تكرر بصمتين في آن واحد هي نفس فرصة العثور على حبة معينة من الرمال تقبع بمكان ما فى الصحراء الكبرى أو الربع الخالي. صحيح من الطبيعي أنه بمقدورنا أن نجد بصمة أخرى من نفس النوع أو الزمرة وقد نجد فيها نقطة زاوية أو مراكز مشابهة أو مماثلة أو أننا قد نجد كذلك النقطتين معاً وربما صادفنا ليس نفس العدد من الخطوط بين النقطتين آنفتى الذكر فحسب بل ونفس العدد من المميزات أيضاً أي خمس وأربعون ميزة. ولكن الشئ الذي يستحيل أن نصادفه وبالتأكيد هو نفس الميزات الحليمية من حيث المواضع النسبية. وعندما يستبعد الخبراء احتمال وجود بصمتين متطابقتين في آن واحد لهذه الدرجة من التطرف إنما يستندون إلى قوانين ونظريات ومن بينها نظرية الاحتمال المشار إليها أعلاه. وقد قدر غالتون أن هناك أقل من فرصة واحدة من 64 مليار لوجود بصمة واحدة مطابقة للأخرى، وهذا الرقم بالطبع أضعاف عدد سكان الكرة الأرضية في هذا اليوم. وقد بنى تقديره هذا على أساس الميزات الرئيسية الأربعة التي سبق التحدث عنها فإذا أخذنا الميزة الأولى من بصمة ما نجد أن احتمال وجود ميزة أخرى مطابقة لها في نفس الموضع هو = 1/16. وإذا تابعنا تقدير الاحتمالات يتضح لنا أن وجود بصمتين متطابقتين هي بعيدة جداً إن لم نقل مستحيلة. ولعل من أطرف الشروح المبسطة المتعلقة بتطبيق نظرية الاحتمال على البصمات وربما من أقربها للأذهان هو ذلك الشرح الذي كان نشره (بيرت وينوورث) في الثلاثينيات وسأحاول فيما يلي تقديم القسم الأكبر منه مع قليل من التصرف ... يقول البروفسور وينوورث : إذا قبلنا تقدير بلتازار بأن تكرار المميزة هو مرة واحدة في كل أربع مرات فإننا سنجد عندما نرفع الرقم (4) إلى القوة 45 بأن لدينا الرقم التالي وهو أكثر من سيبتليون :1.208.925.818.995.600.694.706.176 ولكي أبين ما يعني Septillion فإني أقدم الإيضاح التالي : لنفترض أن شخصاً حاول أن يعد السيبتليون بوضع جرات قلم على الورق بمعدل ثلاث جرات في الثانية فإنه في ظرف سنة واحدة سيتمكن من وضع ( 94.674.444) جرة فقط، وبما أن هذه المهمة شاقة جداً، لذا سيجد من الضرورة الاستعانة بجهد كل شخص على وجه الكرة الأرضية دون استثناء أحد إطلاقا وحتى الأطفال والمرضى سيضطر لإجبارهم على وضع جرات أقلامهم على الورق بمعدل ثلاث جرات في الثانية وذلك بدون توقف للنوم والراحة. ومع أن عدد سكان العالم يبلغ 1.5 مليار، وعلى الرغم من استخدام ذلك العدد الهائل من الصفوف البشرية فإن جهودهم المجتمعة لن تنهي المهمة إلا بعد ثمانية ملايين من السنين وبالتحديد بعد (8.512.862 سنة)(1)، وطبعاً يحاول بلتازار أن يظهر لنا بشكل نظري أنه يمكن العثور على بصمتين متطابقتين عند شخصين مختلفين ولكن فقط مرة في فترة أطول من تلك التي يقدرها الفلكيون لازمة لبرود الشمس، وبالتالي فإن العثور على مميزات متطابقة في انطباعين صادرين عن شخصين مختلفين كل منهما بنفس الموضع في هي استحالة مطلقة، وأني ألفت النظر قبل أن أتابع بحثي إلى أن هناك عدداً من النقاط المميزة في البصمة التي أتحدث عنها ولم أتمكن من الإشارة إليها بالأرقام كالعادة – لأن كمية الحبر كانت محدودة ولأن الضغط كان خفيفاً !! ولذا لم أستطع الدلالة إلا على خمس وأربعين ميزة فقط، وهي كافية على كل حال ... لقد قدر غالتون أن ثمة أقل من فرصة من أربع وستين ملياراً لتكرار بصمة واحدة مرتين في وقت واحد، ترى إذا قبلنا هذا التقدير، فماذا ستكون فرصتنا للعثور على مثيل مطابق لجميع بصمات الأصابع العشرة ؟ لقد تبين لي من الحساب أنه ستكون هناك فرصة واحدة من (1.152.291.904.606.846.976× 9010) وهذا الرقم يفوق جميع الإدراك البشري. ولقد اعتمد بلتازار في تقديره على الحقيقة المعروفة وهي أن المعدل الوسطي من التفاصيل الدقيقة في بصمة الإصبع الواحدة هو 100 ميزة، ومع وجود هذه الميزات المائة فإن فرصة تكرار إصبع واحدة تحمل مائة ميزة هي واحدة من رقم يتألف من 61 عدداً، وقد حسبت ذلك بصورة مفصلة فتبين لي أننا نستطيع أن نعبر عن فرصة التكرار بكسر يتألف من عدد واحد كصورة ومن الرقم التالي كمخرج. 1.606.974.174.171.729.761.809.705.564.167. 968.221.676.069.604.401.795.301.376 وإذا بلغ الفضول بأحدنا لمعرفة احتمالية تكرر جميع البصمات العشرية كمجموعة فما عليه ألا أن يضرب هذا الرقم بنفسه تسع مرات00أ. هـ 00 (عن كتاب علم البصمات للعقيد إبراهيم غازي بتصرف) وهذا الكلام يتناقض نظرية الاحتمال والصدفة، والحقيقية أنه ليست هناك صدفة ولكن هناك خلق وتصوير وتسوية بنان، ليست هناك صدفة ولكن هناك مشيئة الخالق الواحد الذى يعلم ولا نعلم من علمه إلا ما يشاء. جاء في الموسوعة البريطانية ما ترجمته : "قام المشرحون الأوائل بشرح ظاهرة الأثلام فى الأصابع، ولكن لم يكن تعريف البصمات معتبراً حتى عام 1880 عندما قامت المجلة العلمية البريطانية (الطبيعة : Nature) بنشر مقالات للإنكليزيين "هنري فولدز" و"وليم جايمس هرشل" يشرحان فيها وحدانية وثبوت البصمات، ثم أثبتت ملاحظتهم على يد العالم الإنكليزي "فرانسيس غالتون" الذي قدم بدوره النظام البدائي الأول لتصنيف البصمات معتمداً فيه على تبويب النماذج إلى أقواس، أو دوائر، أو عقد. لقد قام نظام "غالتون" خدمة لمن جاء بعده، إذ كان الأساس الذي بنى عليه نظام تصنيف البصمات الذي طوره "إدوارد هنري" والذي أصبح "هنري" فيما بعد المفوض الحكومي الرئيسي في رئاسة الشرطة في لندن". وذكرت الموسوعة البريطانية أيضاً :"أن البصمات تحمل معنى العصمة – عن الخطأ – فى تحديد هوية الشخص، لأن ترتيب الأثلام أو الحزوز في كل إصبع عند كل إنسان وحيداً ليس له مثيل ولا يتغير مع النمو وتقدم السن. بصمة الإبهام وتسوية البنان : يقول الله تعالى في سورة القيامة : "أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَجْمَعَ عِظَامَهُ * بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ" (القيامة : 3، 4). يقول المفسرون : أن القرآن الكريم يخاطب الكفار الذين أنكروا البعث والحياة الآخرة فيقول : أتظنون أننا غير قادرين على أن نجمع عظام الإنسان التى تحللت واختلطت بالتراب وصارت أجزاء منه : أتظنون أنكم باختلاط رفات أجسامكم بعد أن تموتوا بالأرض ... أن الله غير قادر على جمعها وإعادتها، حاشا لله. استمعوا إلى الرد القرآني ... إنه يتمثل في قوله تعالى "بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ" والبنان : هو نهاية الإصبع. والسؤال الآن : لماذا اختار الله في الرد عليهم التدليل على قدرته الفائقة بتسوية البنان، ولم يستدل على قدرته سبحانه مثلاً بخلق العظام أو إعادة المخ .... الخ، وهل البنان أشد تعقيداً من خلق أي عضو آخر ؟ قد يكون السر في هذا هو أن الله تعالى أراد أن يوقفك على حقيقة مادية علمية ثابتة في جسمك لم يكتشفها العلم إلا في العصر الحديث، وهى أن أطراف أصابعك في عددها وخطوطها البارزة تختلف من إنسان إلى إنسان وجد على هذه الأرض منذ أدم وحتى الآن، فلا يمكن للبصمة أن تتشابه وتتماثل في شخصيتين في العالم حتى التوائم المتماثلة التي أصلها من بويضة واحدة. فالإخبار بأن الله تعالى قادر على تسوية البنان كشف لحقيقة مادية وقدرة إلهية وإعجاز ربانى. وهذا بيان كافي وشافي لأن يؤمن الإنسان بأن الله حق وأن البعث حق كما أن الموت حق. إن ما يحدث بالنسبة لتكوين بصمات الأصابع شئ عجيب، إذ كيف تتنوع وتتشكل البصمات، بل كيف تتنوع وتتشكل الوجوه والأجسام، وكيف تتباين الألوان والصفات، فكلها آيات لله فى خلقه ... آيات أذن الله سبحانه .................................................. ........... (1) أصبح عدد سكان العالم اليوم حوالي 3.8 مليار وهذا يخفض ما يصل إليه إلى 2.5 مرة أي إلى ما بعد ثلاثة ملايين من السنين باعتبار أن عدد سكان العالم حينما وضع المؤلف إحصاءه كان 1.5 مليار نسمة |
البصمة بين الاعجاز والتحدي .. القسم الثاني بقلم الدكتــور محمد السقا عيد (2) بصمة الجينات : وبينما لا تزال البشرية في حالة من الدهشة والانبهار مما آلت إليه نتائج تقنية تطويع الجينات.. فاجأنا العالم الإنجليزي "إليك جيفرس" باكتشافه بعض طلاسم الجينات ليعرفنا من أنا ومن أنت ومن هم الآخرون؟! وذلك بما نحمله من جينات، أو بمعنى أدق بصمة الجينات. فما هي بصمة الجينات؟ وما هي القضايا التي تستطيع حسمها، وعجزت الوسائل التقليدية للطب الشرعي أن تجد لها حلاً؟ الأساس الجزيئي : الجينات التي تنقل الرسالة الوراثية من جيل لآخر، وتوجه نشاط كل خلية، هي عبارة عن جزيئات عملاقة تكوّن ما يشبه الخيوط الرفيعة المجدولة تسمى الحمض النووي الريبوزي المختزل DNA, وتحتوي http://www.55a.net/firas/photo/42783s3.jpgهذه الرسالة الوراثية على كل الصفات الوراثية، بداية من لون العينين حتى أدق التركيبات الموجودة بالجسم. وتترتب الجينات في خلايا الإنسان على 23 زوجًا من الكروموسومات في نواة الخلية، والكورموسومات مركبة من الحمض النووي وبروتينات، وهذه البروتينات تلعب دورًا مهمًا في المحافظة على هيكل المادة الوراثية، وتنظم نشاط تعبير الجينات الذي يؤدي إلى تكشف وتكوين الفرد الكامل من خلية الزيجوت. وتوجد بعض الجينات في "الميتوكوندريا"، وتورث عن طريق الأم. وتكمن المعلومات الوراثية لأي خلية من تتابع الشفرة الوراثي (تتابع القواعد النيتروجينية الأربعة التي وهبها الله للحياة، وهي الأدينين (A) والجوانين (G) والسيتوزين (C) والثيامين (T)) التي تكون المادة الوراثية في صورة كلمات وجمل تقوم بتخزين المعلومات الوراثية في لوح محفوظ مسئول عن حياة الفرد. حديثًا تمكن "إليك جيفرس" في جامعة لستر بالمملكة المتحدة من اكتشاف اختلافات في تتابع الشفرة الوراثية في منطقة "الأنترون Intron" متمثلة في الطول والموقع. وقد وجد أن هذه الاختلافات ينفرد بها كل شخص تمامًا مثل بصمة الإصبع، لذلك أطلق عليها بصمة الجينات، باستثناء نوع نادر من التوائم المتطابقة الناشئة عن انقسام بويضة مخصبة واحدة MZT. وبحساب نسبة التمييز بين الأشخاص باستخدام بصمة الجينات.. وجد أن هذه النسبة تصل إلى حوالي 1: 300 مليون؛ أي أن من بين 300 مليون شخص يوجد شخص واحد فقط يحمل نفس بصمة الجينات. وقد وجد أيضًا أن بصمة الجينات تورث طبقًا لقوانين مندل الوراثية. المقصود ببصمة الجينات: بصمة الجينات هي اختلافات في التركيب الوراثي لمنطقة "الإنترون"، وينفرد بها كل شخص تمامًا وتورث، أي أن الطفل يحصل على نصف هذه الاختلافات من الأم، وعلى النصف الآخر من الأب، ليكون مزيجًا وراثيًا جديدًا يجمع بين خصائص الوالدين، وخصائص مستودع وراثي متسع من قدامى الأسلاف. وقد وجد أيضًا أن بصمة الجينات تختلف باختلاف الأنماط الجغرافية للجينات في شعوب العالم. فعلى سبيل المثال.. يختلف الآسيويون (الجنس الأصفر أو المغولي) عن الأفارقة. تعيين بصمة الجينات : كل ما هو مطلوب لتعيين بصمة الجينات هو عينة صغيرة من الأنسجة التي يمكن استخلاص الحمض النووي الريبوزي المختزل DNA منها. فعلى سبيل المثال نحتاج : • عينة من الدم في حالة إثبات بنوة. http://www.55a.net/firas/photo/51439s4.jpg• عينة من الحيوان المنوي في حالة اغتصاب • قطعة جلد من تحت الأظافر أو شعيرات من الجسم بجذورها في حالة وفاة بعد مقاومة المعتدي. • دم أو سائل منوي مجمد أو جاف موجود على مسرح الجريمة. • عينة من اللعاب. وحديثًا تمكن العالمان الأستراليان "رولند فان" و"ماكسويل جونز" في عام 1997 من عزل المادة الوراثية من الأشياء التي تم لمسها مثل المفاتيح والتليفون والأكواب بعد استخلاص المادة الوراثية، حيث يتم تقطيعها باستخدام إنزيمات التحديد Restrection enzymes, ثم تفصل باستخدام جهاز الفصل الكهربائي Electrophoresis ثم تنقل إلى غشاء نايلون، ثم باستخدام مسابر خاصة Probes يتم تعين بصمة الجينات على فيلم أشعة. الصراع بين العلم والجريمة : (2) تحت هذا العنوان كتب أ.د السيد سلامة السقا في أحد أعداد مجلة "منار الإسلام" الظبيانية يقول: ويستمر الصراع بين العلم والجريمة وينطلق العلماء بأجهزتهم إلى أعماق الإنسان فى محاولات للاستزادة مما فيه من أسرار ومجهولات لا تنتهي، فتكتشف بصمات الصوت المميزة لكل شخص عن غيره ... ويستمر الصراع ... وتأتى المفاجأة من داخل الخلية من عالم الصبغيات (الكروموسومات) من الحمض النووي القابع في غرفة العمليات المحكمة داخل نواة الخلية، تأتى المفاجأة من ترتيب مناطق الجينات داخل الحمض النووي، تلك الجينات القادمة من الأب ومن الأم معاً لتشترك فى بناء نووي جديد ذي تركيب مختلف عن أحماض الأب والأم فى ظاهره ولكن تتابع ترتيب جيناته يدل ويشير إلى أصلها من الأب ومن الأم معاً ... بل يؤكد انتماءها إلى أب بعينه وإلى أم بعينها دون غيرها من البشر ... فكان ذلك ما عرف باسم (البصمة الجينية) الذي اعتبره العلماء قفزة علمية كبيرة لما لها من أهمية فى عالم الطب الشرعي وعالم الحياة بشكل عام ... تلك البصمة الجينية التي لا يمكن محوها ولا يمكن رؤيتها إلا بعد استخدام وسائل غاية فى التعقيد، وهى بصمة تعكس بشكل ما شخصية صاحبها وتحدده، وتميزه عن سائر البشر إلى يوم القيامة. وعند مقارنة ترتيب المناطق المذكورة بسلاسل الحمض النووي المأخوذ من الأب ومن الأم فإنه يمكن ببساطة تحديد المناطق القادمة من الأب والمناطق القادمة من الأم، وبالتالي يمكن الجزم بأن الحمض النووي للأب والحمض النووي للأم رغم الاختلاف البين بين تسلسل المناطق المصبوغة على سلاسل الأحماض الثلاثة (الأب والأم والابن) ... إنها بصمة الأب وبصمة الأم داخل بصمة الابن تختلف داخل الرحم بأمر الخالق عز وجل "ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ" (آل عمران 34) بصمة تلازم الإنسان طوال حياته ولا يمكن محوها أو التخلص منها بحال من الأحوال ... وبها يبعث من جديد بإذن الله، يوم ينفخ في الصور فيعود كل إنسان كما كان لم يتغير منه شئ بإذن الواحد القهار. إن هذا الإنجاز الرائع في عالم الأحياء سيكون له شأن كبير بإذن الله فى نواحي كثيرة من العلم والبعث فى سبيل الوصول إلى معرفة المزيد من مظاهر الحياة الإنسانية ... فمثلاً سوف تستقر مشكلة تحديد الأبوة والبنوة وتتم بدقة لا يدخلها أي شك، وسوف يتأكد كل من حصل على ابن عن طريق التلقيح الصناعي (أطفال الأنابيب) إن كان المولود ابنه وابن زوجته دون شك أو خطأ، وقد يختفي مرتكب إحدى الجرائم تاركاً بعض قطرات من دمه أو بعضاً من خلايا جلده أو أنسجته عالقة بأظافر المجني عليه أو مسرح الجريمة، أو يعتدي السفاح على إحدى ضحاياه تاركاً حيواناته المنوية فكلها خلايا تحمل هويته وصورته الشخصية التي لا يستطيع تزويرها وتوقيعه في آلاف البطاقات الدالة عليه، فكل خليه نسخة مستقلة وصورة مكررة من صورة الشخصية ولا مجال للإنكار .... هنا تشهد الجلود والدماء والخلايا على المجرم. شهادة حق من شهود عدول... إن دراسة (البصمات الجينية) قد فتحت مجالات عديدة للبحث مازال معظمها فى أول الطريق فهناك علاقتها بالأمراض الموروثة والمكتسبة، وعلاقاتها بالمناعة وقدرة الجسم على مقاومة مختلف التحديات، وهناك علاقتها بشخصية الإنسان وقدراته العقلية والجسدية واستعداداته النفسية وغير ذلك مما يصعب حصره. وكلما بدأ البحث فى مجال بدت للباحثين مجالات أخرى كثيرة وآيات من آيات الله لم تكن تخطر لهم على بال مصداقاً لقوله تعالى : "سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ" (فصلت 53) وتدبر معي قول الحق تبارك وبالتالي : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُم ْعَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ) (سورة الأعراف 172، 173) وإنها حجة على العباد وشهادة مطبوعة داخل خلاياهم ومبرمجة عليها ذرات أجسامهم، فكيف ينكرونها وهى تنتقل من فرد إلى من يخلفه وحتى يرث الله الأرض ومن عليها، لذلك كان السؤال الاستنكاري "كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ" (سورة البقرة 28) فهذا هو الإيمان مطبوع داخلكم مطبوع فى خلقكم وفى حقيقة لا يعلم كيفيتها إلا الله سبحانه وتعالى: " أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ" (سورة الملك 14) وقد أكدت أوراق المؤتمر الذي عقدته المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية بعنوان :"مدى حجية البصمة الوراثية في إثبات البنوة"، والذي شارك فيه عدد من أبرز العلماء والأطباء المتخصصين فى هذا المجال أن كل إنسان ينفرد بنمط خاص في ترتيب جيناته ضمن كل خلية من خلايا جسده، ولا يشاركه فيها أي إنسان آخر فى العالم، وهو ما يعرف بـ "البصمة الوراثية" وأكد أحد الباحثين أن هذه البصمة تتضمن البنية التفصيلية التي تدل على كل شخص بعينه، ولا تكاد تخطئ في التحقق من الوالدية البيولوجية، فضلاً عن تعرف الشخصية وإثباتها. وقد جاءت البصمة الوراثية بالمشاهدة الحقيقية للصفات الوراثية القطعية دونما كشف للعورة، أو مشاهدة لعملية الجماع بين الزوجين ودونما تشكك في ذمم الشهود أو المقربين أو القيافة ؛ لأن الأمر يرجع إلى كشف آلى مطبوع مسجل عليه صورة واقعية حقيقية للصفات الوراثية للإنسان، والتي تتطابق في نصفها مع الأم الحقيقية ونصفها الآخر مع الأب الطبيعي، فهل بعد ذلك يجوز أن نلتجئ لأدلة الظن ونترك دليل القطع ؟ إن وسائل إثبات النسب ليست أموراً تعبدية حتى نتحرج من إهمالها بعد ظهور نعمة الله تعالى بالبصمة الوراثية، ولن نهملها في الحقيقية ؛ لأنها حيلة المقل، فإذا لم تتيسر الإمكانات لتعميم البصمة الوراثية فليس أمامنا بد من الاستمرار فى تلك الوسائل الشرعية المعروفة. إن اعتماد "البصمة الوراثية " دليلاً قطعياً للفراش الحقيقي ينشئ دعوى جديدة يمكن أن نطلق عليها "دعوى تصحيح النسب" لم يكن لها من قبل ذيوع، وإن كان أصلها فى الكتاب والسنة. يقول الله تعالى " وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءكُمْ أَبْنَاءكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ * ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ" (سورة الأحزاب : 4-5). وهكذا أوجدت لنا "البصمة الوراثية" نوعاً جديداً من الدعاوى، وفتحت باباً جديداً للتنازع يجب أن نسلم بواقعه وهو ضريبة التقدم التقني والتفوق الطبي. وإذا كان الفقهاء قد نصوا على استحباب اتخاذ السجلات لقيد الحقوق والأحكام، ونص بعضهم على وجوب ذلك إذا تعلق بحق ناقص الأهلية أو عديمها فمن الضروري استصدار قرار إدارى يمنع استخراج شهادة بقيد ميلاد طفل إلا بعد إجراء "البصمة الوراثية" لترفق وتلصق بتلك الشهادة، على أن تكون بصمة الطفل مطابقة لبصمة الأبوين اللذين ثبتت علاقتهما الشرعية فى وثيقة الزواج. وهذا الأمر يستوجب باليقين أن تسجل البصمة الوراثية لكل من الزوجين بمجرد العقد وقبل الدخول، وتقرن تلك البصمة الخاصة بالزوجين معاً بقسيمة الزواج الرسمية، حتى إذا ما رزقهما الله بمولود توجها لتسجيل اسمه مع بصمته الوراثية التي يجب أن تتطابق مع بصمة والديه الثابتة على قسيمة الزواج. إن في مثل هذا القرار مسايرة للعصر وأخذاً بالحقائق العلمية وله نتائج اجتماعية عظيمة ؛ حيث سيضيق الخناق على المنحرفين والمزورين دونما طفرة أو هزة. إن هذا هو أقل حق يمنح لطفل القرن الحادي والعشرين الميلادي الخامس عشر الهجري الذي ولد في ظل الثورة المعلوماتية. إننا نخدع أنفسنا في أحيان كثيرة، كالحمل في حال غياب الزوج وسفره للعمل بالخارج أو في حال مرضه الجنسي والنساء اللاتي عرفن بسوء السلوك والانحراف الأخلاقي مستغلين ضعف الأزواج وغفلتهم، والنساء اللاتي تسرقن المواليد لعقمهن من أجل بقاء رباط الزوجية ... إن من حق الطفل أن يدفع عنه العار بانتمائه إلى والدين حقيقيين، كما أن من حقه أن ينتفع بتقنية عصره، كما أن من حق الزوج ألا ينسب إليه إلا من كان من صلبه. ومن الضروري أيضاً استصدار قرار مثيل للأطفال اللقطاء ومجهولى النسب للبحث عن والديهم أو لمعرفة أمهاتهم على الأقل إن كانوا أبناء خطيئة، وذلك لانتسابهم إليها شرعاً، وما يتعلق بذلك من أحكام شرعية كالميراث وبيان المحرمات والأرحام ..، وبذلك تنعدم أو تقل ظاهرة انتشار دور الأيتام من اللقطاء الذين يشبون حاقدين كارهين للمجتمع، إن تنسيبهم للأم الحقيقية سيخفف بالتأكيد من حدة تلك الكراهية، بدلاً من فكرة الأم البديلة، وحتى تشارك الأم المخطئة في الإصلاح كما شاركت في الفاحشة، قال تعالى " وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ". (سورة هود : الآية 114). ............................. (2) السيد سلامة السقا ، البصمة ... من آيات الله فى خلق الإنسان ، أبو ظبى ، مجلة منار الإسلام ، العدد السادس ، ص 44 |
البصمة بين الاعجاز والتحدي .. القسم الثالث بقلم الدكتــور محمد السقا عيد 3- بصمة العين : http://www.55a.net/firas/photo/44827s5.jpgإن بصمة العين التى اكتشفها الأطباء منذ خمس سنوات وتستخدمها الولايات المتحدة وأوروبا حاليا فى المجالات العسكرية هي أكثر دقة من بصمة أصابع اليد لأن لكل عين خصائصها فلا تتشابه مع غيرها ولو كانت لنفس الشخص. وفي المستقبل القريب سوف تُستخدم بصمة العين في مجالات متعددة من أهمها تأمين خزائن البنوك مثلما تؤمنها حاليا بالبصمة الصوتية حيث يضع عميل البنك عينيه فى جهاز متصل بكمبيوتر فإذا تطابقتا مع البصمة المحفوظة بالجهاز فتحت الخزينة المطلوبة على الفور. وبصمة العين التى يمكن رؤيتها مكبرة 300 مرة بالجهاز الطبي "المصباح الشقي" يحددها أكثر من 50 عاملا تجعل للعين الواحدة بصمة أمامية وأخرى خلفية وباللجوء إليهما معا يستحيل التزوير. وقد بدأت بالفعل دولة الإمارات العربية المتحدة بتطبيق مشروع بصمة العين في كافة منافذها الجوية والبرية والبحرية لتكون بذلك أول دولة في العالم تطبق هذا النظام للتعرف على هوية القادمين والمغادرين. أ- بصمة الشبكية : الشبكية هى : الطبقة العصبية الحساسة للعين وتكون الجزء الداخلي لجدار العين وتلى المشيمية وتبتدئ فى المكان المقابل لانتهاء الجزء المسطح من الجسم الهدبى حيث تظهر وتسمك فجأة مكونة ما يسمى بالعروة المسررة Ora Serrata وهى كما يتبين من معنى الاسم فتحة تشبه عروة الزرار، ثم تمتد إلى الخلف مسيرة لانحناء جدار العين ومغطيه طبقة المشيمية حتى القطب الخلفي Posterior Pole ، وهناك تخرج منها الألياف المكونة للعصب البصري، ويبلغ قطر رأس العصب البصري Optic Nerve Head حوالي 1.5 مليمتر ويبعد عنه إلى الجهة الطارفة منه Temporal بحوالي 3 مليمتر المكان المسمى بالماقوله الصفراء Macula Lutea المتخصص في الرؤية المركزية، وهو مكان خال من الأوعية الدموية يبلغ قطرة 1.5 مليمتر أبضاً، وبمنتصف هذا المكان يوجد إنخساف صغير يدعى البؤرة المركزية Fovaa Centralis ينعكس الضوء على جنباتها فتظهر ذات بريق أصفر، ويخترق منتصف رأس العصب البصري (حلمه العصب البصري Optic Nerve Papilla) الأوعية الدموية Vessels المسماه الشريان الشبكي المركزي والوريد الشبكي المركزي، والشريان الشبكي يعتبر شريانا نهائياً End Artery متفرع من الشريان العيني Ophthalmic Artery وينقسم الشريان الشبكي إلى فرعين، علوي Superior وسفلي Inferior ثم ينقسم كل منهما إلى فرعين : طرفي ووسطي Temporal and nassal or Lateral and Medial http://www.55a.net/firas/photo/60507ss7.jpghttp://www.55a.net/firas/photo/35074s6.jpg وبذلك يكون لدينا أربعة فروع علوي طرفي Upper Temporal وسفلي طرفي Lower Temporal ، وعلوي وسطي Upper Medial ، وسفلي وسطى Lower Medial كل منها يغذي الربع الشبكي المقابل له وذلك بمتابعة إنقسامه زوجياً حتى يصل إلى نهاية الشبكية عند العروه المسرره، ويتبع الرجوع الوريدي الشبكي نظاماً مماثلاً إلى أن تضم الفروع الوريدية الأربعة إلى وريدين علوي وسفلي ثم يتحدان في وريد شبكي مركزي واحد ينقل الرجع الوريدى إلى الأوردة العينية العلوية والسفلية Superior and inferior Ophthalmic Veins اللذين يصبان في الصيان الكهيفي Cavernous Sinus على جانبي الحفرة النخامية Pitutary Fossa . http://www.55a.net/firas/photo/31320ss8.jpgويرى الناظر والمدقق لمسار الأوعية الدموية بالشبكية أنها تختلف من شخص لآخر فى شكلها ومكانها وفى تفرعاتها الأربعة وكذلك تفرعاتها الثانوية، وليس ذلك فحسب بل تختلف أيضاً فى نفس الشخص، فمسار الأوعية الدموية للشبكية فى العين اليمنى تختلف عن العين اليسرى، هذا فى العين الطبيعية ... ناهيك عن أن كل عين تختلف عن الأخرى من حيث حجمها وقوة إبصارها وهذا أيضاً يوسع دائرة الاختلاف بين العينين، فهذه عين حجمها صغير مصابة بطول نظر وتلك عين حجمها كبير مصابة بقصر نظر ... وهذا ذكر وتلك أنثى، وهذا صغير وذاك كبير ... الخ. وبالمثال يتضح المقال، فهذه صورة لشبكية عين طبيعية، يبدو فيها مسار الأوعية الدموية المركزية للشبكية. وهذه أمثلة أخرى لمجموعة من الأشخاص الطبيعيين يظهر بكل مثال صورة لشبكية العين اليمنى وأخرى للعين اليسرى. ويرى المدقق والملاحظ لهذه الصورة عدم تطابق بل استحالة وجود صورتين متطابقتين تماماً ... فليس هناك مجال للصدفة أو التشابه. http://www.55a.net/firas/photo/17796ss13.jpghttp://www.55a.net/firas/photo/90684ss9.jpghttp://www.55a.net/firas/photo/59067ss10.jpghttp://www.55a.net/firas/photo/81273ss11.jpgب- بصمة القزحية (3) : وداعاً لبصمة الإبهام ... مرحباً بالقزحية : لقد اجتذبت العيون عالم الحاسوب "جون دوجمان" من جامعة كمبردج البريطانية، فاستجاب لسحرها ولكن بطريقته الخاصة مستخدماً آلة ساحرة "أيضاً هي الحاسوب لكشف أسرار العيون ولايفل السحر إلا السحر .http://www.55a.net/firas/photo/50778ss15.jpg وقد اعتمد "دوجمان" على حقيقة تشريحية تقول أن القزحية الجزء الملون فى العين والذي يتحكم فى كمية الضوء النافذة من خلال البؤبؤ أو إنسان العين – تتركب من نسيجين عضليين وتجمعات من ألياف مرنة وأن هذه الألياف تتخذ هيئتها النهائية فى المرحلة الجينية ولا تتبدل بعد الميلاد. واستخدم "دوجمان" آلة تصوير تعمل بالأشعة تحت الحمراء، صور بها توزيع هذه الألياف العضلية ثم عالج الصور المتحصل عليها ببرنامج الحاسوب وحول الصور بيانات رقمية (وهذه الآلة تختلف عن الجهاز الذى يستخدمه أطباء العيون فى الكشف على العين). وأجرى "دوجمان" 30 مليون عملية مقارنة بين صفات قزحيات العيون التى صورها مترجمة إلى بيانات رقمية فلم يعثر على قزحتين متطابقتين. الأكثر من ذلك أن عدم التطابق ينسحب على العينين اليمنى واليسرى لنفس الشخص، والأهم والمثير للعجب – أن نظام توزيع الألياف فى القزحية يختلف بين التوائم، وهذا يعنى أن طريقة دوجمان توفر لنا وسيلة أكثر دقة حتى من الحمض الوراثى (D. N. A.) ناهيك عن بصمات الأصابع فى التحقق من شخصيات الأفراد ويرفع من قيمة الوسيلة أن البرنامج الحاسوبى الخاص بها يمكنه مراجعة صفات مائة ألف (بصمة قزحية) فى ثانية واحدة. بصمة الانحراف الجنسي فى العين (4) : هناك مرض يصيب العين وله علاقة تكشفه ويسمى "أفر نجى العصب الثالث" أو (زهري العصب الثالث) وفى هذه الحالة تبقى حدقة العين بشكل نقطة صغيرة وتمنع التفاعل مع النور في القرب أو البعد. ويقول الأطباء : إن هذا الموضوع من نواتج الزنا والحوادث الجنسية المشبوهة حيث تتسبب بشكل مباشر فى نقل هذا المرض، وكأن تضيق الحدقة يعتبر بصمة الانحراف على عينيه ؟ أو هي ضيق الرؤية أمام ناظريه كعلامة لضعف البصيرة. كما يلاحظ بعض العلامات الخاصة على الإفرنجي الولادى Congenital Syphilisوالخاصة بالعين من أمثال كثافة القرنية حيث لا يستطيع الرؤية وكأنها التعبير العضوي عن عمى البصيرة الذي حمله المجرم الأول أعلنت عنه العضوية في صورة الجنين. وكما أن الموت يبطل فعاليات التوازن جميعها فتتسع الحدقة. ولا تستجيب فإن هذا المرض يضيق الحدقة فيمنعها من التوازن والاتساع وعدم الاستجابة للنور فاستجابة العين للتوازن والنور والرؤية دليل على صلاحيتها، أما بقاؤها ضيقة أو اتساعها على الدوام فهذا علامة إما على الموت أو على المرض. 4- بصمة العرق : (5) لكل إنسان بصمة لرائحته المميزة التي يتفرد بها وحده دون سائر البشر في أجمعين، والآيات تدل على ذلك قال تعالى "اذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَـذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ {93} وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ" سورة يوسف آية (93، 94). ففي هاتان الآيتان تأكيداً لبصمة رائحة سيدنا يوسف عليه السلام والتي تميزه عن كل البشر فقد عرف الابن ابنه من رائحة عرقه على القميص، ونظراً لزيادة الإجرام والمجرمين وتطور طرق القتل والسرقة والاغتصاب في عصرنا الحاضر، نجد عدداً من العلماء يتابعون البحث عن وسائل أخرى تساعد القضاء الجنائي في إثبات الجريمة على مقترفيها دون أن يمكنه التهرب من قبضة العدالة مهما حاول تضليلها، وخاصة أن مكافحة الإجرام أصبحت علماً له رواده ومفكروه ووسائله المتطورة جداً، كما أن القتل يعد مشكلة علمية، وقد أدى البحث لبعض العلماء إلى اكتشاف عدة سمات سواء للإنسان أو الحيوان، فكانت بصمة العرق التي أشار إليها القرآن الكريم. واليوم يستخدم جهاز قياس الرائحة وتسجيل مميزاتها بأشكال متباينة ومخططات علمية لكل شخص، وهى تعتمد على أن لكل شخص رائحته الخاصة التى لا تتفق مع غيره والتى تبقى مكانه حتى بعد مغادرته لهذا المكان، وعليها قامت فكرة "الكلاب البوليسية المدربة" فالكلب المدرب يستطيع أن يميز بين رائحة توأمين متطابقين تماماً. يقول الدكتور اندرو درافنيكس Andrew Drafinx - من معهد شيكاغو التكنولوجى والذي عمل على تطويرها: ومع أنها مازالت بطور الاختبار فإنها لاقت اهتماماً كبيراً من الأوساط المعنية". وتعتمد الطريقة المذكورة على جهاز لقياس (الرائحة) وتسجيل مميزاتها بشكل مخططات فريدة بالنسبة لكل شخص. وظهر أيضاً فى السنوات الأخيرة طريقة جديدة لإثبات الشخصية وهى من ابتكار يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـع |
يتبــع موضوع ... البصمة بين الاعجاز والتحدي .. القسم الثالث http://www.55a.net/firas/photo/89355ss18.jpghttp://www.55a.net/firas/photo/28438ss19.jpg(ل، ج، كيرستا) L. G. Kersta أحد مهندسي مختبرات شركة بيل للهواتف فى الولايات المتحدة، ولقد وجد هذا المهندس أن جميع الترددات التى تنجم عن نطق مقطع واحد تعطى صورة طيفية Spectrogram أو صوتية Sonogram تبدو كميزة فريدة للشخص، وبذلك يمكن التعرف على الأصوات بهذه الطريقة بقدر كبير من الثقة، وأبعد من ذلك كله فإن تحليل (طيف الحمض الأمينى) فى المادة العرقية نفسها يكشف عن نواحي نوعية تتعلق بالشخص الواحد ويقول البورفيسور (وولتر نيوهاوس) من جامعة "ايرلانجن" بألمانيا : إن كل خطوة قدم عارية لإنسان بالغ تترك على الأرض كمية من العرق تقدر بحوالى أربعة أجزاء من بليون جزء من الجرام، ورغم ضآلتها وعجز أية وسيلة متاحة لاكتشافها إلا أنها كافية لأنف الكلب المدرب لتتبع مسارها. 5- بصمة الصوت : يحدث الصوت في الإنسان نتيجة اهتزاز الأوتار الصوتية في الحنجرة بفعل هواء الزفير بمساعدة العضلات المجاورة التي تحيط بها 9 غضاريف صغيرة تشترك جميعها مع الشفاه واللسان والحنجرة لتخرج نبرة صوتية تميز الإنسان عن غيره، وفي الآية الكريمة : (حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ)- النمل: آيه 18. فقد جعل الله بصمة لصوت سيدنا سليمان جعلت النملة تتعرف عليه وتميزه، كذلك جعل الله لكل إنسان نبرة أو بصمة صوته المميزة. والأصوات كالبصمات لا تتطابق فكل منا يولد بصوت فريد مختلف عن الأخر، والأغرب من ذلك أن التوائم على الرغم من تطابقهم في كل شئ ليس فقط الصعيد المادي المحسوس، ولكن أيضاً في الشكل والطول ولون الشعر والعينين والصعيد المعنوي أيضاً إلا أنه تختلف أصواتهم. هناك قصة شهيرة لتوأمين أمريكيين انفصلا بعد ولادتهما عن بعضهما لتتولى تربيتهما عائلتان مختلفتان وفى ولايتين أيضاً تبعد الأولى عن الثانية عدة أميال، وبعد عمر طويل تلاقيا ليكتشفا أن كلاً منهما مر بنفس الظروف النفسية واتخذ نفس المهنة وتزوجا فتاتين تحملان نفس الاسم. ومن المدهش أنه على الرغم من التشابه الكبير إلا أن لكل منهما صوتاً مختلفاً يميزه عن الآخر. إنه إعجاز رباني يفوق تخيل العقل البشرى المحدود. الصوت والكشف عن الجريمة : وقد استغل البحث الجنائي هذه البصمة في تحقيق شخصية الإنسان المعين، حيث يمكنهم تحديد المتحدث حتى ولو نطق بكلمة واحدة ويتم ذلك بتحويل رنين صوته إلى ذبذبات مرئية بواسطة جهاز تحليل الصوت "الإسبكتروجراف"، وتستخدمها الآن البنوك في أوروبا حيث يخصص لبعض العملاء خزائن، هذه الخزائن لا تفتح إلا ببصمة الصوت. لذلك بدأت أجهزة الشرطة في الاستفادة بذبذبات الصوت للكشف عن المجرمين وخاصة فى حالات البلاغات المجهولة التي تتم عن طريق الهاتف، ويتم ذلك عن طريق رسم بياني للصوت يحدد ثلاثة أبعاد : (الوقت – القوة – الذبذبات) كما أنه يوجد مدى صوتى مثلما يوجد مدى حيوي، فإذا حدث وفتح باب مطعم مثلاً نجد جميع الحاضرين وعلى الطاولات المختلفة يخفضون أصواتهم بطريقة أتوماتيكية. http://www.55a.net/firas/photo/80545ss122.jpgويؤكد مهندسو اتصالات فلسطينيون أن (بصمة الصوت) هي السبب في نجاح سياسة الاغتيالات الاسرائلية للناشطين من الفلسطينيين في الفترة الأخيرة حيث يستطيعون عن طريق الحصول على بصمة صوت الشخص المطلوب تحديد من يتحدث معهم ويتحدثون معه وكذلك تحديد موقعه وبالتالي تسهل عليهم مهمة اغتياله. 6- بصمة الشفاة : كما أودع الله بالشفاه سر الجمال أودع فيها كذلك بصمة صاحبها، ونقصد بالبصمة هنا تلك العضلات القرمزية التي كثيرًا ما تغنَّى بها الشعراء وشبهها الأدباء بثمار الكريز، وقد ثبت أن بصمة الشفاه صفة مميزة لدرجة أنه لا يتفق فيها اثنان في العالم، وتؤخذ بصمة الشفاه بواسطة جهاز به حبر غير مرئي حيث يضغط بالجهاز على شفاه الشخص بعد أن يوضع عليها ورقة من النوع الحساس فتطبع عليها بصمة الشفاه، وقد بلغت الدقة في هذا الخصوص إلى إمكانية أخذ بصمة الشفاه حتى من على عقب السيجارة. 7- بصمة المخ : ابتكر "لورانس فارويل" تقنية جديدة تعرف باسم" بصمة المخ" يمكن أن يتحدد من خلالها مدى علم المشتبه به بالجريمةhttp://www.55a.net/firas/photo/78440ss21.jpg مما يمكن المحققين من التعرف على مرتكبي الجرائم. وتعمل تقنية فارويل الجديدة بقياس وتحليل طبيعة النشاط الكهربائي للمخ في أقل من الثانية لدى مواجهة صاحبه بشيء على علم به. وعلى سبيل المثال إذا ما عرض على قاتل جسم من موقع الجريمة التي ارتكبها لا يعرفه سواه يسجل المخ على الفور تعرفه عليه بطريقة لا إرادية. وتسجل التقنية ردود أفعال المخ بواسطة أقطاب كهربية متصلة بالرأس ترصد نشاط المخ كموجات. أما الشخص الذي لم يكن في موقع الجريمة فلن يظهر على مخه أي رد فعل. 8- بصمة الأذن يولد كل إنسان وينمو حاملاً بصمة أذنه المميزة والتي لا تتغير منذ ولادته وحتى مماته ولا تتشابه بين شخصين على ظهر الأرض، وتهتم بعض الدول بدراسة هذه البصمة وقد تكشف لنا السنوات القليلة القادمة عن تقنيات جديدة لاستخدامها في علم الجريمة واقتفاء الأثر في ظل هذا التطور العلمي المذهل. خاتمــــــة إن الإنسان كله بصمات، فبصماته توجد فى اليد والقدم والشفتين والأذنين والدم واللعاب والشعر والعيون ... وغيرها . وتخدم البصمات في إظهار هوية الشخص الحقيقية بالرغم من الإنكار الشخصي أو افتراض الأسماء، أو حتى تغير الهيئة الشخصية من خلال تقدم العمر أو المرض أو العمليات الجراحية أو الحوادث". كذلك يمكن اقتفاء أثر الإنسان من مشيه وخطواته، أو أياديه وأصابعه، أو حتى أحياناً في رائحته الخاصة التي تتعرف عليها الكلاب البوليسية، والسؤال هنا كيف يتم تفرد الإنسان حتى رائحته الخاصة بحيث يميز الكلب البوليسي بين رائحة إنسان وآخر، بل وحتى يطبع الإنسان مكان وجوده وبعد تركه له برائحته الخاصة الثابتة التي لا تتغير ؟!! قد نفهم أو يقترب إلينا الفهم عندما يتحدث القرآن عن نطق من نوع غير النطق المعروف. "لْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ" فالنطق أنواع فقد يكون بالبيان المبين، أو شهادة الجلد، أو أثر البصمة أو رائحة الجلد ... لقد كانت البصمة ولا تزال سراً من أسرار عظمة الله عز وجل فى خلقه ليثبت قوله "صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ" (سورة النحل 88) فما أعظمها من آية تؤكد قدرة الخالق ! المصــــادر 1. تأملات فى العلم والإيمان أ. نجيب غالب 2. الطب محراب للإيمان ح2 د. خالص حلبي 3. 3- مختارات من الإعجاز الطبي فى القرآن د. محمد السقا عيد (تحت الطبع) 4. علم البصمات عقيد إبراهيم غازي. 5. التصرف الزين في مناجزة سقم العين. أ.د. محمد عبد العزيز محمد مطابع الأهرام التجارية بالقاهرة الطبعة الأولى 1983م. 6. مجلة "العربي" الكويتية العدد (485) أبريل 1999. 7. مجلة "منار الإسلام" العدد الأول – السنة الثالثة والعشرين محرم 1418 – مايو 1999 وأعداد أخرى. 8. مجلة "الأزهر" القاهرية عدد يونيه 1998 – صفر 1419 هـ الجزء الثانى – السنة الحادية والسبعون. 9. http://www.islam-online.net/iol-arabic/dowalia/scince15-2-00/scince-a.asp 10. http://www.mmsec.com/stamps.htm 11. http://www.alriyadh-np.com/Contents/17-10-2003/RiyadhNet/News_2426.phpمهم 12. http://www.b7or.net/article.php?articleid=37 13. http://www.alwatan.com/graphics/2003/02feb/13.2/heads/ft12.htm 14. http://www.islam-online.net/iol-arabic/qadaya/tech-4.asp 15. http://www.islamonline.net/Arabic/contemporary/01/2000/article7.shtml |
معجزة خلق الإنسان ـ الحوين يواصل طريقه بقلم الكاتب التركي هارون يحيى عندما يصل الحوين إلى الطبقة الخارجية للبويضة يرتبط الغشاء الخارجي لرأس الحوين ببروتين خاص يعرفه، ومع بدء هذا الارتباط يبدأ غشاء الغلاف الحافظ (الأكروزوم ) بالذوبان، وفي الوقت نفسه يبدأ غشاء البويضة بإفراز مادة اسمها " نروتيزيلين " لجذب الحُوينات إليها ،وهذه المادة تزيد من قابلية حركةhttp://www.55a.net/images/16/body/Clip_68.jpg الحُوينات لتأمين تفاعلها مع غشاء البويضة كما تزيد من تأثير الأكروزوم الموجود في رأس الحوين . بملامسة الحوين غشاء البويضة تدخل مواد أخرى دائرة العمل فتحقق فعاليات جديدة . يقوم بعد ملامسته للبويضة بإفراز مادة اسمها " أنتي ـ فرتيزيلين " ( أي مضاد الفرتيزيلين ) وهدفها تحييد مادة الفرتيزيلين وإزالة أثرها، وبهذا يوقف أول حوين يصل إلى البويضة وصول الحُوينات الأخرى إليها . بعد ثانيتين فقط من دخول الحوين إلى البويضة يقوم الغشاء المحيط بالبويضة بتحديد نفسه، فلا يسمح أبداً لأي حوين آخر بالدخول . ولقد لوحظ في التجارب التي أجريت على البويضات أنه في حالة رفع هذا الغشاء فإن عدة حوينات تدخل إلى البويضة، لذا كان من الضروري تكوين غشاء الإخصاب بسرعة كبيرة . وبعد تكون هذا الغشاء لا يستطيع أي حوين آخر الدخول إلى البويضة أي أننا نستطيع ـ هنا ـ تشبه حال البويضة ببناء تحت حراسة مشددة، لأن الغشاء الخارجي للبويضة يتصرف كمراقب يقظ لهذا البناء ويقوم بحفظ المعلومات القيمة الموجودة فيه فلا يسمح لأحد بالدخول إليه . عند ملامسة الحوين لغشاء البويضة يظهر أولاًنتوء في نقطة التلامس هذه ثم يدخل رأس الحوين في أقرب طبقة للبويضة، وبعد ثلاثين دقيقة يتحد الحوين والبويضة تماماً . وفي نهاية هذه الفعاليات يقوم الحوين بنقل المعلومات الجينية التي يحملها إلى البويضة . [1] هنا توجد نقطة مهمة، وهي أن ثلاثمئة من الهرمونات المفرزة من قبل الحوين ومن قل البويضة تحقق جميعها الالتحام بين الحوين والبويضة . إن بويضة كل نوع من الكائنات الحية تفرز مادة " فرتيليزين " خاصة بذلك النوع، وهذا ترتيب يحول دون وصول حوينات نوع آخر إلى البويضة، فهو عند الإنسان : يمنع اقتراب حوينات من نوع آخر غير النوع الإنساني إلى بويضة الإنسان . أي أن هذا التدبير يتخذ للحفاظ على النوع من التشوه ومن التفسخ، وهكذا يتم منع اتحاد الحوين مع البويضة بين الأنواع المختلفة من الأحياء (مثلاً بين القط والفرس أوبين الإنسان وأي نوع آخر )[2]. وإضافة إلى الإنزيمات تلعب الشحنة الكهربائية للبويضة وللحوين دوراً في عملية الإخصاب، فالبويضة تحمل شحنة سالبة على الدوام، بينما يحمل كل حوين من الحُوينات شحنة موجبة . وبما أن الشحنات المتضادة تتجاذب فإن البويضة تجذب إليها جميع الحوينات، ولكن ما أن ينجح أحد الحُوينات في الدخول إلى البويضة حتى تتغير الشحنة الكهربائية، فتتحول شحنة البويضة لتصبح شحنة موجبة ( أي نفس الشحنة التي تحملها الحُوينات ) . وبما أن الشحنات المتشابهة تتنافر فإن الذي يحصل بعد أن يتم الاتحاد بين الحوين والبويضة أن البويضة تبدأ بدفع وطرد الحُوينات الأخرى . المرحلة النهائية لعملية الإخصاب : عند دخول الحوين إلى البويضة ينفصل عنه ذنبه ويبقى في الخارج . ونستطيع أن نشبه هذا الأمر بقيام مركبة الفضاء بفصل خزان الوقود بعد الانفلات من جاذبية الأرض . http://www.55a.net/images/16/body/Clip_30.jpg فكما هو معلوم فإن المركبات الفضائية ـ بعد أنتهاء وظيفة خزان الوقود في إيصالها خارج الغلاف الجوي ـ تقوم بفصل هذا الخزان وتركه في فراغ الفضاء، فهذه الخزانات لا يعود لها أي دور أو مهمة بعد أن تفرغ من وقودها لذا كان من الضروري التخلص منها في الوقت المناسب، كذلك تقوم الحُوينات بترك أذنابها ( التي منحتها القدرة على الحركة ) عند دخولها إلى البويضات . عندما نتأمل عملية الإخصاب نجد أن هناك نظاماً محسوباً بعناية تامة، فالسائل الموجود حول البويضة يذيب درع الحوين تدريجياً ،وفي هذه الأثناء يكون الحوين قد اقترب من البويضة . وفي اللحظة التي ينثقب فيها الدرع تخرج الإنزيمات التي تقوم بإذابة غلاف البويضة وثقبه لمساعدة الحوين في العبور إلى داخلها . وفي هذه الأثناء تتغير الشحنة الكهربائية ويتم طرد الحُوينات الأخرى،أي يتم حفظ البنية الجديدة من دخول غير المرغوبين فيهم . ولو لم تخلق مثل هذه النظم المتناغمة والمتسقة بعضها مع البعض الآخر، ولو لم تحفظ هذه الأنظمة وتصان بشكل جيد لما كان بالإمكان تحقق لقاء الحوين بالبويضة . لو لم يكن هناك السائل الذي تفرزه خلية البويضة والذي يدل ويرشد إلى طريق اللقاء لاستحال على الحوين (الموجود على مسافة بعيدة بالنسبة إليه ) الوصول إلى البويضة . لو لم تكن الحُوينات تملك درعاً وقياً لذابت في سائل البويضة مثل سائل المجهريات الأخرى . http://www.55a.net/images/16/body/Clip_31.jpg يملك الحوين درعاً حول رأسه وتحت هذا الدرع يوجد درع ثاني ، وتحت هذا الدرع الثاني يقع الحِمل الذي ينقله الحوين ، يحفظ هذا الدرع الحِمل الثمين الذي يحمله الحُوين من المواد الضارة وهذا الدرع الذي يملك بنية قوية جداً يمتلك تصميماً يسمح له بالإنفتاح بسهولة فمثلاً ينفتح هذا الدرع الواقي الموجود حول رأس الحوين في أثناء عملية إخصاب البويضة وتتحرر الإنزيمات التي تملك قابلية التفتيت وهذا التصميم الرائع الموضوع في خلية صغيرة مجهرية مثال من أمثلة بديع خلق الله . لو لم توجد تحت الدرع الواقي للحوين إنزيمات مذيبة لما استطاعت الحُوينات الواصلة إلى البويضة القيام بثقب غلافها، أي لعجزت عن الدخول إليها . لو لم تكن شحنات البويضة والحوينات مختلفة، أي لو كانت متشابهة، لطردت البويضة جميع الحُوينات ولما استطاعت الحُوينات الاقتراب من البويضة . وكما يظهر مما سبق فإن هناك حسابات وتوازنات دقيقة حتى في أمر واحد وهو اتصال الحوين بالبويضة . والأهم من هذا أن هذه الحسابات والتوازنات لم تحدث مرة واحدة فقط بل هي قد تكررت مليارات المرات منذ بدء ظهور الإنسان في هذه الدنيا وحتى الآن . إن مرحلة واحدة فقط من مراحل هذه الفعاليات المدهشة والإعجازية لا يمكن أن تظهر نتيجة للمصادفات، وهي تشير إلى أن الإنسان قد خلق من قبل الله سبحانه تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (الروم:27) . تعين جنس الطفل : حتى زمن قريب كان الناس يعتقدون أن خلايا الأم هي التي تقوم بتعيين جنس الجنين، أو يتصورون ـ على الأقل ـ أن الخلايا الآتية من الأب تتعاون مع خلايا الأم في هذا الأمر . غير أن القرآن أعطى معلومات مختلفة في هذا الصدد، حيث أخبرنا بأن الذكر والأنثى يختلفان من المني المقذوف في الرحم ( وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى، من نطفة إذا تمنى ) النجم 45 وقد تم تصديق هذه المعلومات التي قدمها القرآن علمياً بعد تقدم العلوم الجينية والميكروبيولوجية، فالجنس يتعين من قبل حوين الذكر، وليس للبويضة في هذا الأمر أي دور . الكروموسومات هي التي تحدد الجنس، ومن بين 46 كروموسومات يوجد كروموسومان أثنان يحددان الجنس . ويعرف هذان الكروموسومان عند الذكر بالرمز "XY" وعند الأنثى " XX" ( ويعود السبب في هذه التسمية إلى شبه الكروموسومات بهذه الأحرف اللاتينية ) . يحمل كروموسوم "Y" جينات الذكر ويحمل كروموسوم "X" جينات الأنثى، ويبدأ تكون الإنسان باتحاد أحد هذين الكروموسومين مع الآخر . وتنقسم الخلية إلى خليتين متشابهتين في الأنثى عند وضع البويضة، وتحمل كلتا الخليتين كروموسوم X، بينما ينتج عند الانقسام الخلوي لدى الذكر نوعان من الحوينات، نوع يحمل كروموسوم X ونوع يحمل كروموسوم Y فإن التقى كروموسوم X الذي تحمله الأنثى مع حوين يحمل كروموسوم X كان الوليد بنتاً، وإذا التقى حويناً يحمل كروموسوم Y كان الوليد ذكراً . أي أن جنس الوليد مرتبط بنوع الحوين الذي سيخصب بويضة الأنثى . ولا شك أن هذه المعلومات لم تكن معروفة حتى تقدم العلوم الجينية في القرآن العشرين، حيث كان لاعتقاد الشائع لدى العديد من الأمم أن المرأة هي التي تحدد جنس الوليد، بل كثيراً ما كان النساء يقعن تحت اللوم لإنجابهن الإناث . ولكن القرآن أعطى أربعة عشر قرناً معلومات ترد هذا الاعتقاد الشائع الباطل وقال إن مني الرجل هوالذي يحدد جنس الوليد : (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) (صّ:29) . خلق الإنسان من خلية واحدة بدء التغيير المراحل الثلاث للجنين في الرحم : لقد رأينا ـ فيما ذكرناه حتى الآن ـ معجزة في كل أمر تفصيلي في أثناء التقاء البويضة بالحوين، وكذلك طوال الفترة التي سبقت هذا اللقاء وفي كل مرحلة من هذه المراحل . والتغيرات التي ستظهر بعد التقاء هاتين الخليتين وكذلك التحضيرات الشاملة التي تحدث في جسد المرأة ستجعلنا أمام معجزات أخرى مختلفة . تقوم البويضة التي خصبها الحوين كل يوم، بل كل ساعة، بعمليات انقسام سريعة . ومن المعلوم اليوم أن هذا التطور الجنيني الذي يحدث في رحم المرأة ينقسم إلى ثلاث مراحل، غير أن هذه المعلومات التي توصلنا إليها بعد سنوات من البحث وبمساعدة من التكنولوجيا المعاصرة قد أخبرنا بها القرآن قبل قرون كثيرة، فقد تمت الإشارة إلى هذه الحقيقة العلمية في القرآن كما يأتي : ( يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقاً من بعد خلق في ظلمات ثلاث . لو تأملنا هذه الآية لرأيناها تشير إلى أن الإنسان يخلق في بطن أمه في ثلاث مراحل مختلفة . والحقيقة أن علم الأحياء المعاصر قد بين بأن نمو الجنين في بطن أمه يتحقق (مثلما ذكر القرآن الكريم ) في ثلاث مراحل، ويندرج هذا الموضوع اليوم في جميع كتب علم الأجنة المقررة في كليات الطب ضمن المعلومات الأساسية فيها . جاء في كتاب " الأساس في علم الأجنة " ما يأتي حول هذه الحقيقة : " تتشكل الحياة في الرحم في ثلاث مراحل : مرحلة ما قبل الجنين ( حتى منتصف الأسبوع الثالث) ومرحلة الجنين الأولي ( لنحو نهاية الأسبوع الثامن ) ثم المرحلة الجنينية ( ما بعد الأسبوع الثامن حتى الولادة ) . وتحتوي هذه المراحل على الأدوار المختلفة لتطور الجنين، وأهم صفات هذه المرحلة هي : (1)مرحلة ما قبل الجنين : وفيها تتكاثر خلية البويضة المخصبة بعمليات الانقسام، وبعد أن تصبح في الأسابيع الثلاثة الأولى كتلة من الخلايا تغمر نفسها في جدار الرحم . وبينما تستمر الخلايا في الانقسام تتحول إلى جسم بثلاثة طبقات. (2)مرحلة الجنين الأولي : تستغرق المرحلة الثانية نحو خمسة أسابيع ونصف الأسبوع، وخلال هذه المدة يطلق اسم " الجنين " على كتلة الخلايا هذه . وفي هذه المرحلة يبدأ ظهور النظم والأعضاء الرئيسية للجسم من طبقات هذه الخلايا . (3)المرحلة الجنينية : تبدأ هذه المرحلة اعتباراً من الأسبوع الثامن للحمل وتستمر حتى الوضع . والخاصية التي تميز الجنين في هذه المرحلة هي بدء وضوح الملامح الإنسانية فيه من وجه ويدين ورجلين إلخ .. أي تظهر جميع الأعضاء في هذا الجنين الذي يكون بطول 3 سنتمترات في بدء هذه المرحلة . وتستمر هذه المرحلة ثلاثين أسبوعاً ويستمر النمو حتى أسبوع الوضع والولادة . سنتناول هذه المراحل ( التي أجملناها أعلاه ) ببعض التفصيل في الصفحات القادمة . بدء الخلية الأولى بالتكاثر: الخلية الأولى المتكونة من البويضة المخصبة بالحوين والتي تملك 46 كروموسوماً هي الخلية الأولى للوليد وللإنسان الذي سيولد بعد تسعة أشهر ويطلق اسم Zygote( أي البويضة المخصبة ) على هذه الخلية الأولية التي تحتوي على جميع خطط وبرامج ذلك الوليد الجديد . تبدأ الخلية الأولى المخصبة بالانقسام بعد 24 ساعة من إتمام عملية الإخصاب، والخليتان الناشئتان من عملية الانقسام هذه متشابهتان . وهكذا يبدأ أول يوم من أيام الحمل الذي يستمر تسعة أشهر في رحم الأم، فلم تعد هناك خلية واحدة في الرحم بل خليتان، ثم تصبحان أربع خلايا، وهكذا تتضاعف عمليات الانقسام وتستمر .[3] يطلق اسم الجنين على الخلية المخصبة النامية . وبينما يستمر الجنين الموجود في قناة فالوب بالنمو بعلميات الانقسام يتوجه إلى الموضع الذي سيقضي فيه تسعة أشهر . هذا الموضع هو رحم الأم . http://www.55a.net/images/16/body/Clip_303.jpg في هذه الأثناء تكون تحضيرات معينة قد بدأت في الرحم أيضاً، حيث يهجم الدم إلى الرحم ليحفظه في وضع مريح ونشط، كما يزداد إفراز الجسم الأصفر ويتم إرسال رسائل إلى الجسم لإخباره بأن الحمل قد بدأ . كما تبدأ الخلية المخصبة المتكونة من كومة من الخلايا بالتوجه سباحة نحو الرحم مع إرسال إشارات بيوكيمائية تؤكد : " إنا موجود هنا " . وهذه الإشارات والرسائل تهيئ جسم الأم للقيام بتزويد الجنين بالأملاح والحديد والدم والفيتامينات الضرورية لها، كما تسبب هذه الإشارات البيوكيميائية وصول هرمون hcg إلى مبيض الأم، وهنا يبدأ إفراز هرمون آخر يقوم بمنع بدء مرحلة تكوين بويضة أخرى[4].تبين الصورة مراحل تكون الجنين في الرحم أضغط على الصورة لتكبيرها إن قيام الخلية المخصبة المتكونة من مجموعة من الخلايا بإدراك موضع وجودها وإرسالها إشارات ورسائل حول بدء مرحلة الحمل (التي تستمر تسعة أشهر ) أمر في غاية الغرابة، فمن أين تعرف هذه الخلية المخصبة لمن ترسل هذه الإشارة ؟ وكيف تعرف الأعضاء الأخرى التي تستلم هذه الإشارات أنها صادرة من قطعة لحم مجهرية الصغر مع أنها لم تصادفها في حياتها ولا تملك حولها أي معلومات ؟ وكيف تستجيب لها هذه الخلايا التي يصل إليها الهرمون الذي تفرزه البويضة المخصبة ما يريده هذا الهرمون ولأي هدف جاء ؟ من الممكن لإنسان وصلته رسالة بلغة يفهمها قراءة هذه الرسالة ومعرفة ما فيها ثم اتخاذ قرار حولها، ولكن الرسالة موضوع البحث هنا عبارة عن هرمون متكون من مجموعة من الجزيئات، والجهة التي أرسلت هذه الرسالة عبارة عن مجموعة من الخلايا، والمستلم للرسالة عبارة عن مجموعة أكير من الخلايا . ولا شك أن قدرة الخلايا على قراءة الرسائل ( أي الهرمونات ) الواصلة إليها وفهمها لها كقراءة وفهم الإنسان الواعي للرسائل أمر خارق ومعجزة كبيرة . ثم كيف تدرك هذه البويضة المخصبة المواد الضرورية لها في أثناء نموها ؟ فمثلاً : فكروا في أنفسكم، أنتم لا تستطيعون معرفة المواد الغذائية والمعادن التي تكسب أجسامكم مناعة وقوة إلا بقراءة الأبحاث العلمية المكتوبة في هذا المجال ،ولا تعرفون حاجة أجسامكم من البوتاسيوم وكيفية تأثير هذه المعادة في أجسامكم ولا من أي الأغذية تستطيعون الحصول عليها ومتى وبأي نسبة يجب عليكم تناولها إلا بعد الرجوع إلى الأخصائيين في هذا المجال . وبينما لا تستطيعون الوصول إلى النتيجة المرجوة إلا بعد مساعدة هؤلاء ( مع أنكم أشخاص لكم قابلية التفكير والرؤية والتكم والسمع )، فكيف ـإذن ـ تستطيع مجموعة من الخلايا معرفة المواد التي تحتاجها ومدى ضرورتها لها ومعرفة من يقوم بإنتاجها ؟ وكيف تعرف أنه لكي يبدأ هذا الإنتاج عليها أن ترسل إشارات خاصة ؟ وكيف امتلكت علماً بالكيمياء مع أن عمرها لا يتجاوز بضعة أيام ؟؟ وكيف أخذتا في حسبانها أن الأعضاء الأخرى للجسم سوف تفهم إشاراتها هذه ورسائلها ؟ لا شكل أنه يستحيل علينا القول بأن هذه المجموعة من الخلايا أحاطت علماً بكل هذه الأمور وأنها ـ انطلاقاً من هذا العلم ومن هذه المعلومات ـ قامت بوضع الخطط . لا شك في وجود قدرة خارقة هي التي تملي على هذه الخلايا إنجاز كل هذه المعجزات، ويه التي تهب مثل هذه القابليات الخارقة لهذه الخلايا . وصاحب هذه القدرة هو الله تبارك وتعالى رب السماوات والأرض وهو ـ بإلهامه هذه المجموعة من الخلايا المجهرية التي لا ترى بالعين المجردة والمحرومة من الوعي ومن العقل لإنجاز كل هذه الأعمال المعقدة بدرجة الكمال ـ إنما يرينا البراهين على قدرته اللانهائية . مجموعة الخلايا تتحرك : يستمر الجنين ( المتحرك نحو الموضع الآمن له ) بالانقسام وبالنمو، حيث تنقسم خلاياه مرة كل ثلاثين ساعة . وتتكاثر الخلايا على نحو مطرد : 2.4.8.. وبعد فترة يتحول إلى مجموعة من الخلايا متوجهة مع الحُوينات الأخرى التي فشلت في عملية الإخصاب من قناة فالوب نحو الرحم ببطء . لو قمنا بتكبير قناة فالوب لفحصها لمعرفة ما يجري فيها ونظرنا إليها لخيل إلينا أننا ننظر إلى قاع محيط من المحيطات، فهذه المجموعة من الخلايا ( أي هذا الجنين ) تتحرك في قناة فالوب وتواصل رحلتها بفضل التموجات الحاصلة في هذه القناة، وهذه الحركة التموجية التي دفعت الحوين نحو البويضة لإخصابها تدفع البويضة المخصبة الآن نحو الرحم . فالشعيرات الموجودة على سطح خلايا قناة فالوب ( والمسمات بخلايا" سيليا" ) تتحرك نحو الاتجاه نفسه، وهكذا تحمل هذه الشعيرات البويضة المخصبة (وكأنها حمل ثمين جداً ) نحو الجهة الصحيحة . هنا نرى أن جميع الأجزاء تعمل لتحقيق هدف معين وكأنها قد تلقت أمراً بهذا الخصوص من مركز معين . وهذا أمر له طبيعة خاصة، إذ يبدو أن أقساماً مختلفة جداً من الجسم تدركه في الحال وتضعه موضع التنفيذ. http://www.55a.net/images/16/body/Clip_34.jpg تقطع مجموعة الخلايا هذه العديدة من مراحل الانقسام في قناة فالوب وتدخل إلى الرحم وقد أصبحت كتلة من الخلايا يبلغ عددها مئة خلية تقريباً . غير أنه من الضروري تغذية هذه الخلايا لكي تتحقق وتستمر عملية الانقسامات . ولم يتم نسيان هذه الحاجة التي تشكل هذه صورة التقطت بالمجهر الإلكتروني للزغب في قناة فالوب "سيليا" ركناً أساسياً في معجزة خلق الإنسان، فقد خلق الله تعالى قناة فالوب بشكل مناسب وببنية مناسبة لتأمين هذه الحاجة للجنين، ففي أثناء فترة الانتظار في قناة فالوب تنقلب خلايا الشعيرات التي تغطي الوجه الداخلي للقناة إلى خلايا تدعى " سكرتوار " . ومن خصائص هذه الخلايا أنها تفرز جزيئات عضوية وأيونات وماء جواباً على أن تنبيه أو تحفيز، وهذه السوائل المفرزة تقوم بتغذية مجموعة الخلايا هذه ( أي أنها تقوم بتغذية الجنين )[5] إلى هنا أوضحنا كيف يتسع الرحم لاستيعاب الجنين وكيف تقوم قناة فالوب بالفعاليات اللازمة لتغذية خلايا هذا الجنين، واستخدمنا جملاً مشابهة لشرح كيفية قيام بعض الأعضاء والأنسجة بصيانة الجنين الذي لا يزال عبارة عن مجموعة صغيرة من الخلايا . وكيف تقوم باتخاذ التدابير اللازمة لتغذيتها وتسهيل كل الأمور المتعلقة بها . ويجب لخلايا معينة أن تكون علىعلم وعلى وعي بحاجات خلايا أخرى ؟ وكيف يتسنى لها التعرض لتغيرات معينة في سبيل تغذية الجنين وصيانته ؟ عندما نفكر في هذه الآسئلة قد يكون أول جواب يخطر على البال هو أن هذه الخلايا توجه من قبل عقل يسيطر عليها وينظمها ويوجها، ولا يخطر على عقل أي إنسان قصص خرافية من أمثال أن هذه الخلايا قد تغيرت نتيجة مصادفة من المصادفات ثم أصبحت ـ بسبب ظروف وعوامل نجهلها ـ خلايا تقوم بإنتاج الغذاء اللازم للجنين !! يحق لكل إنسان أن يشك في عقل وفي منطق كل من يسوق هذا الكلام إن قيام الرحم بتهيئة الظروف والجو المناسب لاستقبال الجنين، وكذلك امتلاك قناة فالوب لقابلية تغذية هذا الجنين، لا يمكن تحققه إلا ضمن علم الله تعالى وإرادته، وكل هذه الأمور والفعاليات الخارقة ليست إلا دليلاً على خلق الله الذي خلق كل شيء فأحسن خلقه ولكي يستمر الحمل بشكل صحي وآمن كان من الضروري استقرار مجموعة الخلايا . [1] Guyton&Hall, T›bbi Fizyoloji, Nobel T›p Kitabevleri, Istanbul, 1996, 9th ed., p. 1007 Solomon, Berg, Martin, Villee, Biology, Saunders Colleg Publishing, USA 1993, p.Solomon, Berg, Martin, Villee, Biology, Saunders College Publishing, USA 1993, p. 1066 Geraldine Lux Flanagan, Beginning Life, A Dorling Kindersley Book, London, 1996, p. 28 Guyton&Hall, T›bbi Fizyoloji, Nobel T›p Kitabevleri, Istanbul, 1996, 9th ed., p |
معجزة خلق الإنسان ـ رحم الأم أفضل مكان للجنين وأكثره أماناً الرحم عضو مجوف له جدار مكون من عضلات متينة، ولا يزيد حجمه عن خمسين سنتمتراً مكعباً . ولاشك أن مثل هذا الحجم لا يكفي لنمو الطفل واستيعابه على الرغم من جميع التحضيرات المهيأة له، لذا كان من الضروري تغير بنية الرحم أيضاً . وهكذا يزداد حجم الرحم على الدوام طوال فترة الحمل حتى يصل إلى 1100 سنتمترا مكعب . لذلك كان الرحم بفضل خاصيته هذه أفضل مكان لنمو البويضة المخصبة حتى تحولها إلى طفل كامل الملامح والأعضاء جاهز للخروج إلى الدنيا . وعلاوة على هذا فإن وجود الرحم في وسط عظم الحوض للمرأة يجعل هذا الرحم ملاذاً وملجأ أمنا للبويضة المخصبة حيث تتم صينانتها وحفظها طوال نموها وتطوره [1] http://www.harunyahya.com/images_boo...ratilis175.jpgقال تعالى .. ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين .. ( أي الجنين الأولي ) في مكان مناسب، ويجب أن يكون هذا المكان مختاراً بعناية وأن يكون مكاناً مصاناً وصالحاً أيضاً لتحقيق الولادة بعد تسعة أشهر، ويكون ـ علاوة على هذا ـ في مكان قريب من الأوعية الدموية للأم التي تحمل الغذاء إلى الجنين . إن الجنين الموجود في قناة فالوب والمتوجه إلى الرحم يتصرف وكأنه على علم بهذه الأمور، ولذلك فإنه لا يحاول الالتصاق بأي نقطة أو موضع في قناة فالوب طوال الأيام التي يوجد فيها والتي تتراوح بين ثلاثة أيام وأربعة لأنه يعرف بأنه إن التصق أو انغرز في أي نقطة قبل وصوله إلى الرحم فإن هذا يعني نهاية وجوده، لذا يتقدم نحو الرحم ويفتش هناك عن موضع تكثر فيه الأوعية الدموية ويلتصق به . وعلى مثال البذور المنثورة في التربة والتي تنمو من جانب فوق سطح الأرض وتمد جذورها من جانب آخر إلى أعماق التربة، نرى أن الجنين يستمر في النمو وفي نفس الوقت فإنه ينغرز أكثر فأكثر في أعماق النسيج الذي يوفر له الغذاء، حيث يجد أوعية دموية جديدة تمده بغذاء جديد. من المفيد هنا الإشارة إلى نقطة هامة، وهي أن قيام الجنين باختيار أفضل موضع له يعد ـ بحد ذاته ـ معجزة، فقد أشار فلاناغان، مؤلف كتاب " بداية الحياة " إلى هذا الأمر العجيب قلائلاً : " إن قيام مجموعة من الخلايا ( أي الجنين في مراحله الأولى ) يمثل هذا الأختيار الدال على نظرتها المستقبلية الحكيمة أمر يدعو على الدهشة " [2] النقطة التي يشير إليها فلاناغان مهمة جداً، ومن أجل فهم هذه الأهمية نعطي مثالاً . تصوروا أننا وضعنا طفلاً صغيراً بدأ بالمشي أمام بناية لم يرها من قبل وهي أكبر منها بملايين المرات، ثم انتظرنا أن يجد هذا الطفل غرفة هيئت فيها جميع متطلباته وحاجاته . فهل يستطيع مثل هذا الطفل الصغير أن يجد هذه الغرفة ؟ طبعاً لا يستطيع . وكما يستحيل على طفل صغير لم يبلغ العمر الذي يعقل فيه هذه الأمور ولم يملك بعد الخبرة والتجربة الكافية لإنجاز هذا الأمر، كذلك يستحيل على قطعة لحم حجمها بضعة سنتمترات ومتروكة في فراغ مظلم في الجسد أن تجد أفضل موضع لها والأكثر أماناً وحفظاً، بل إن الاستحالة لتبدو هنا أكبر . وفوق هذا فإن الجنين لم يصبح بعد إنساناً، وعلينا ألا ننسى أن الجنين يكون آنذاك عبارة عن بضع مئات من الخلايا فقط، أي أنه لا يملك لا أذناً ولا عيناً ولا يداً ولا ذراعاً ولا دماغاً، بل هو مجرد قطعة صغيرة من اللحم، ولكننا نرى أنه يقوم بإبداء قابلية عجيبة ومدهشة في التعرف على أفضل موضع وأفضل مقر له . و لا تنتهي المعجزات في خلق الإنسان بهذا، ففي كل مرحلة من مراحل هذا الخلق نحد سلسلة من المعجزات متداخلة الواحدة بالأخرى . إلى هنا ذكرنا كيفية تكاثر البويضة المخصبة ،و كذلك كيفية اهتدائها إلى أفضل موضع لإدامة نموها وتطورها . غير أن سؤالاً يظهر أمامنا في هذه المرحلة، وهو : كيف تستطيع مجموعة من الخلايا المتشابهة تماماً والتي لا تملك أي خطاف ( أو كلاب أو صنارة أو أي عضو مشابه ) أن تلتصق وتتعلق بجدار الرحم ؟ إن الأسلوب الذي يستعمله الجنين في الالتصاق والتعلق بجدار الرحم أسلوب معقد جداً ويدعوا إلى التأمل تقوم الخلايا الموجودة في الطبقة الخارجية من الجنين بإفراز إنزيم يدعى " هيالورنديز"ومن مزايا هذا الإنزيم أنه ـ كما ذكرنا في موضوع الحُوينات ـ يستطيع تفتيت الطبقة الحامضية ( المتألفة من حامض الهيالورونيك ) الموجودة في جدار الرحم، كما يساعد هذا الإنزيم خلايا الجنين على اختراق غشاء الرحم والدخول إليه . http://www.55a.net/images/16/body/Clip_37.jpg تقوم كومة الخلايا المسمات حوصلة الارومة blastocyst والتي وصلت إلى الرحم بمساعدة قناة فالوب بالاتصاف بجدار الرحم . وإن نجاح هذه المجموعة أو الكومة من الخلايا الكروية الشكل والتي لا تملك أي صنارة أو كلاب أو خطاف أو أ ي نتوء .. إن نجاح مجموعة الخلايا هذه في التعلق بجدار الرحم يعد معجزة من معجزات الخلق وتدين هذه المجموعة بهذا النجاح إلى الإنزيمات التي تفرزها الارومة المغذية trophoblast الموجودة على سطحها الخارجي . وبفضل ذلك تستطيع بعض خلايا الجنين التهام بعض خلايا الرحم والتوغل فيه، فينغرز الجنين في جدار الرحم بشكل قوي ومتين . يحتاج الجنين إلى الأوكسجين وإلى الغذاء على الدوام لكي يبقى حياً ولكي ينمو، وهكذا نرى أن هذا الجنين الذي نشأ من خلية واحدة مخصبة سيتزود بجميع حاجاته من هذا الموضع طوال تسعة أشهر . إن قيام الجنين بالاهتداء إلى أفضل موقع له تم معرفته بأن من الضروري له الالتصاق بهذا الموضع وانغرازه فيه يعد ـ كما قلنا من قبل ـ أمراً محيراً ومدهشاً لأن هذه الكتلة الصغيرة من اللحم المؤلفة من مجموعة من الخلايا ترينا ـ بتصرفها هذا ـ أنها تملك القدرة على معرفة وعلى حساب حاجاتها وأنها تتصرف في ضوء هذه المعرفة . غير أن معرفة الجنين كيفية الالتصاق والانغراز وامتلاك بعض خلاياه قابلية خاصة لتحقيق هذا الأمر يعد أمراً محيراً ومدهشاً بنسبة أكبر، لأن من المستحيل تماماً قيام الجنين باستخدام العقل والإرادة وتحليل حامض الهبالورونيك الموجود في جدار الرحم ثم الإيعاز إلى بعض خلاياه للقيام بإفراز إنزيم هيالورنديز الذي يفك هذا الحامض ويفتته . وكما ذكرنا سابقاً فإن أي إنسان لم يدرس الكيمياء دراسة خاصة يعجز عن معرفة هذه الأمور، بينما نرى أن بعض خلايا الجنين على علم بهذه الكيمياء ! وعلاوة على هذا العلم فهي تقوم ـ استناداً إلى هذا العلم ـ بإنتاج مواد كيميائية أيضاً للإبقاء على وجودها . ونحن لا نجد هذه القابلية المدهشة في جنين واحد بل في جميع الناس الذين عاشوا في السابق والذين يعيشون حالياً، حيث إن الجنين ( الذي يعد المرحلة الأولى لنشأة الإنسان ) ينجح بشكل خارق في الاهتداء إلى الموضع الصحيح وفي الالتصاق به . وكما يظهر مما شرحناه حتى الآن حول تكوين الجنين والتغيرات الحاصلة في الخلايا الحاضنة له، فإن هناك خطة واعية بشكل ظاهر لكل مرحلة . ففي اللحظة المناسبة تماماً تحدث تغيرات في الخلايا المكونة لقناة فالوب، وفي اللحظة المناسبة أيضاً تقوم الخلايا الخارجية للجنين بإفراز إنزيم الهيالورونيداس . إن وجود مثل هذا التخطيط الواعي في جسم الإنسان يشير بحق إلى أن هذه الفعاليات كلها تقع تحت سيطرة قدرة إلهية خارقة : قال تعالى : (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (آل عمران:6). التصاق وتعلق الجنين في الرحم معجزة قرآنية : عند التدقيق في الآيات القرآنية حول موضوع استقرار الجنين في الرحم والتصاقه به تظهر معجزة قرآنية مهمة، فعندما يذكر الله تعالى بدء نمو الجنين في رحم الأم يشبه هذا الجنين بالعلق : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ {1} خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ {2} اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ {3} الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ {4} عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ {5}) العلق 1ـ3 والجنين يتعلق بجدار الرحم تماماً كما ورد في الآية الكريمة أعلاه . واستعمال القرآن منذ أكثر من ألف سنة هذه الكلمة في أيراد هذه الصفة للجنين النامي في بطن الأم والكشف عن هذه المعلومات قبل عدة عصور وفي عهد لم يكن مستوى العلم يسمح بالوصول إلى هذه الحقيقة يعد بلا شك إحدى معجزات القرآن . المهمات المختلفة التي تنجزها الخلايا : في اليوم الثامن من نمو الجنين تبدأ خلاياه بالتمايز حتى تظهر فيه ط طبقتان : الطبقة الداخلية والطبقة الخارجية . خلايا الطبقة الداخلية ( واسمها " أمبريوبلاست" ) هي الخلايا الدائمة للجنين طوال حياته، أما خلايا الطبقة الخارجية ( تروفوبلاست ) فهي الخلايا المساعدة التي بتقى مع الجنين حتى الولادة، أي خلال تسعة أشهر فقط . وبعد هذه المدة تقوم خلايا الطبقة الداخلية بفصل نفسها عن خلايا الطبقة الخارجية التي استخدمتها خلال التسعة الأشهر ولا تبقى إلا المنطقة التي سيظهر منها الحبل السري الذي يربط ما بين الجنين والمشيمة في المستقبل . وهنا تأخذ خلايا أمبريوبلاست شكلاً قرصياً وتدعى " الأقراص الجنينية " . يتم النمو التالي بشكل متناظر حول طرفي هذين القرصين . وتعد هذه العمليات بداية عمليات التنظيم في الجسم، ففي طرفي هذا الخط المستقيم تبدأ خلاياه جديدة بالتشكل، وهي خلايا إكتوديوم وخلايا إندوديرم وبينما خلايا ميزوديرم وكل طبقة من هذه الطبقات الثلاث ستشكل في المستقبل الأقسام المختلفة لجسم الطفل. [3] تقوم الخلايا الخارجية ( خلايا إكتوديرم ) بإنشاء الأعضاء والغدد والأنسجة الداخلية، ومن هذه الأنسجة ينشأ الدماغ والحبل الشوكي وأعضاء الحواس وعدسات العينين، كما تقوم هذه الخلايا بإنشاء الجلد الخارجي والغدد العرقية وميناء الأسنان والشعر والأظافر . أما الطبقة الداخلية من الجنين ( خلايا الإندوديرم ) فتقوم بتكوين أعضاء الجهاز الهضمي والتنفسي ( أي بتكوين الكبد والرئتين والنبكرياس .. الخ ) وكذلك الأنسجة العائدة لهذين الجهازين ( كالغدة الدرقية والغدة السعترية .. ) أما الطبقة الثالثة ( الميزوديرم ) فتتكون بين هاتين الطبقتين، ومن هذه الطبقة ينشأ الدم والأنسجة الدهنية والأنسجة الرابطة، كما تنشأ من هذه الأنسجة الغضاريف والعضلات والأوعية الدموية والهيكل العظمي وأجهزة الدورة الدموية، وكذلك الأنسجة الداخلية التي تغطي الأقسام الداخلية للأعضاء . فجميع خلايا الأنسجة الموجودة في الجسم تنشأ من هذه الخلايا الأصلية . من المهم جداً فهم الجملة الأخيرة والتفكير فيها وتقييم المعلومات الواردة فيها بشكل صحيح، إذ لا يمكن إدراك ومعرفة وفهم الأمر الخارق لظهور الإنسان إلا بهذه الطريقة . إن تكون بنية الإنسان بأجمعها ( الأغشية والأنسجة والأنظمة والأوعية والدم ..) من هذه الطبقات الثلاث التي تكون الجنين سيسوق كل إنسان مفكر ومتأمل إلى البحث عن جواب حول كيفية ظهور هذا العقل الخارق الظاهر في خلايا الإنسان . وفي هذه الأثناء يجب عدم إهمال العديد من التفصيلات التي تزيد من إعجازية هذه التغيرات، فمثلاً يلاحظ وجود تفاهم وتناسق كاملين بين هذه الطبقات الثلاث من الخلايا، فنشوء أكثر من مئتي نوع من أنواع الجسم من ثلاثة أنواع رئيسية يحتاج ـ طبعاً ـ إلى ترتيب وتسلسل زمني معين . فمثلاً يوجد فرق واضح في الترتيب بين التغير الحاصل عند تشكل خلايا الجلد وهذا الوضع الخارق والمعجز يجلب معه أسئلة عديدة . كيف تتحقق الفعالية المخططة للخلايا التي تعطي الشكل لجسمك ؟ لو تتبعنا الخلايا في هذه المرحلة فسوف نرى حركة مواصلات كثيفة بينهما . فالخلايا المتشابهة تماماً تبدأ بعد فترة بالتكاثر بعمليات الانقسام لتشكل بنى وتراكيب مختلفة فيما بينها، ولا يفهم سر حركة المواصلات والتنقلات هذه آنذاك، ولكن بمضي كل يوم يتضح أكثر فأكثر بأن حركات التنقل هذه ضرورية جداً لتحقيق الفعاليات بشكل مخطط ودقيق وضرورية لإنشاء جسم الإنسان. فالخلايا تتحرك كمجموعات مثل مجموعات العمال الذين يتوزعون في ساحة العمل، ثم تتجمع الخلايا التي تكون العضو نفسه معاً وتلتصق مع بعضها البعض وتتضاعف عدداً وتتهيأ لتكوين ذلك العضو، وفي نهاية هذه الفعاليات تتحول بعض الخلايا إلى عظام وبعضها الآخر إلى جلد وأخرى إلى عضلات . تتجمع خلايا العظام في المواضع التي توجد فيها العضلات، وتتجمع خلايا أخرى في الأقسام الداخلية من الجسم لتكوين الأحشاء والأعضاء الداخلي في الإنسان، فبعضها بشكل الدماغ وبعضها العينين وأخرى الأوعية الدموية، وبمرور الوقت تلتحق بهذه المرحلة مراحل أخرى، مثل هجرة الخلايا إلى جهات مثبتة ومعينة وإنشاء الأعضاء بواسطة إهلاك مخطط لبعض الخلايا .. إلخ . والخلاصة أن استراتيجية كاملة ودقيقة تطبق في أثناء عمليات التغيير هذه، حيث تتحرك الخلايا وتتصرف ضمن خطة معينة . وفي أثناء هذه التحضيرات تكون كل مجموعة من الخلايا قد ألهمت على حدة بكيفية تصرفها . إن المعلومات المسجلة في جزئ DNA لكل خلية هي نفس المعلومات في جميع الخلايا، ولكن تقوم كل مجموعة من الخلايا باستعمال هذه المعلومات ضمن إطار الخطة الملهمة الها . لذا يحصل كل عضو على البنية الخاصة به والتي تساعده على أداء مهمته الموكلة إليه . وبينما تتمايز الخلايا بهذا الشكل ـ من جهة ـ يزداد عددها بعمليات الانقسام من جهة أخرى . لا يوجد في هذا التنظيم الدقيق مكان لأي فوضى، وبفضل هذه التحضيرات لتكوين القلب والعين والدماغ والذراع والساق وسائر الأعضاء الأخرى يبدأ جسم الإنسان بالتشكل شيئاً فشيئاً حسناً ولكن من الذي يعطي هذا الأمر لهذه الخلايا الناشئة كلها من خلية واحدة مخصبة وكيف تستطيع هذه الخلايا المحرومة من العقل ومن الشعور فهم هذا الأمر وكيف تستطيع تطبيقه وتنفيذه ؟ قام العلماء بملاحظة أن الخطة الموضوعة لتحقيق تمايز الخلايا وحلولها في المواضع الواجب وجودها فيها مخزونة بشكل شيفرات في جزيئات DNAوهنا يواجهنا سؤال آخر وهو : من الذي وضع هذه الخطة الكبيرة والوسعة وبهذا الأسلوب الكامل والبديع في بنك المعلومات المجهرية في نواة الخلية بشكل جزيئات .؟ وحتى لو كانت هذه الخطة مدرجة ومكتوبة في جزئ الـ DNA فما هو العامل المؤثر الذي يمكن الخلايا من قراءة هذه الخطة هذه القراءة الدقيقة الخالية من الأخطاء ؟ كيف تستطيع خلية من مليارات الخلايا الموجودة في الجسم قراءة هذه المعلومات الهائلة الموجودة في بناء المعلومات في الـ DNA واستخراج كل خلية المعلومات الخاصة بها والقيام ـ بعد ذلك ـ بتغيير بنيتها حسب هذه المعلومات والأوامر ؟ فمثلاً : كيف تستطيع الخلايا الصانعة للعين معرفة أين تقف عند عمل شبكية العين وفي أي بنية أو تركيب تقوم بالإنتاج وفي أي مرحلة عليها أن تقف ؟ كيف تستطيع معرفة كل هذا ؟ أو لنأخذ الخلايا الصانعة للكبد والكلية والبنكرياس .. كيف تعرف خصائص هذه الأعضاء التي لم تعرفها من قبل . وكيف تغير نفسها وبنيتها حسب هذه الخصائص؟ وبالإضافة إلى ذلك فإن هذه الخلايا عند قيامها بتكوين هذه الأعضاء عليها أن تضع أموراً عديدة نصب أعينها . فمثلاً عندما تتغير إحدى الخلايا كي تصبح خلية في الدماغ عليها أن تعرف وأن تضع في اعتبارها مسألة وجوب تغذية الدماغ والنظام العصبي وعملية تبادل الأوكسجين ووجوب اتصال الدماغ بكافة أنحاء الجسم بواسطة الأعصاب، منطقة ً منطقة ً وموضعاً موضعاً، وأن الدماغ ينقسم إلى مناطق عديدة منها منطقة للرؤية وأخرى للسمع وأخرى للإحساس أي يجب معرفة كل خواص الدماغ ووظائفه، كما على الخلايا الأخرى أن تحتاط ضد احتمال أي ضرر يصيب الدماغ، لذا تقوم بالإحاطة به وتكوين تركيب وبنيته يحفظ هذا الدماغ من أي ظروف سيئة عند الولادة . ولكن كيف تستطيع هذه الخلايا أن تكون صاحبة مثل هذه النظرية البعيدة للمستقبل ؟ . كل هذه الأسئلة تظهر بشكل واضح كيف أن ولادة أي إنسان معجزة كبيرة . ومن هنا نرى أن نظرية التطور ( التي تدعى أحياناً "نظرية النشوء والارتقاء " قد دخلت في مأزق، لأن أنصار نظرية التطور لا يستطيعون تقديم أي تفسير حول التعاون الجماعي المشترك الخارق للجينات الموجودة في الـ DNA عندما تقوم الخلايا بتكوين الأعضاء وتشكيل الجسم، لأن قيام الجينات (التي هي عبارة عن مجموعات من الذرات ) بمثل هذه الأعمال المنظمة والواعية عن طريق المصادفات مستحيل استحالة تامة . وبسبب هذه الحقيقة الواضحة نرى أن التطوريين يفضلون عدم التطرق إلى هذا الموضوع ! يقول العالم التطوري الألماني هوبمارفون ديتفورث حول التطور المدهش والمعجز الحاصل في بطن الأم : كيف أمكن ظهور كل هذه الأعداد الكبيرة من الخلايا المختلفة نتيجة انقسام خلية البويضة الواحد؟ إن الظهور التلقائي للاتصالات والعمل الجماعي المشترك والمنظم بين هذه الخلايا هو في مقدمة الألغاز التي تشغل عقول العلماء " [4] ويضع فلاناغان، مؤلف كتاب " بداية الحيارة " إشارات واستفهامات عديدة فيقول : " كيف يمكن النجاح في وضع مثل هذا التنظيم الصعب ؟ فما الذي يعين أين ستذهب هذه الخلايا وإلى ماذا ستتحول وماذا ستعمل ؟ وما الذي يجعلها تفهم وتعقل ما تفعله ؟ وما الذي يجعلها تعمل باتساق وتلاؤم مع الخلايا الأخرى ؟[5] أما الجواب الذي أورده هذا الكاتب على أسئلته هذه فقط كان بعيداً عن أي تفسير لهذه الفعاليات الإعجازية ،فقد حاول تفسير هذه الفعاليات كما يأتي : " إن هذه الأسئلة تقودنا إلى أصغر جزيئة في الدنيا مختبئة بين الخلايا والتي تقوم بتكوين الجينات وتصنيع البرنامج والتخطيط الجيني . وبتقدم علم الأحياء فقط تم ولأول مرة إظهار بعض هذه الفعاليات وتفسيرها . لقد انفتح فجأة كتاب الحياة، ولكن مجرد بعض الصفحات المثيرة منه، فنحن لا نزال بعيدين جداً عن معرفة كامل القصة . من الواضح أن الخلايا تعمل بتناسق كبير فيما بينها، وهي تتكيف حالاً مع التعليمات الجينية ضمن هذا الحوار . وهذه التعليمات مخبوءة في الجينات على شكل شيفرات، ويظهر البرنامج الجيني في اليوم الأول من اتحاد خلية الأم مع خلية الأب، ثم يتم ـ بعد ذلك ـ استنساخ ونقل هذه البرنامج عند صنع أي خلية جديدة، لذا تحمل كل خلية في الجسم الجينات نفسها وتحتوي على البرنامج الجينيي نفسه . ولو كان هذا البرنامج فعالاً في كل وقت لقامت كل خلية باستنساخ خلايا تحمل صفاتها، ولكن ليست جميع الخلايا فعالة على الدوام . ويمكنكم تخيل هذا الأمر كما يأتي : لنفرض أن هناك مجموعة من الناس يشتركون في تخطيط معقد لبناية كبيرة جداً . ولا بد من تعاونهم في هذا الأمر . كل شخص فيهم يعرف التخطيط الأساسي ويعطي إشارات من الآخرين، ويستطيع كذلك الإجابة عليها لتأمين تنفيذ التخطيط بشكل جماعي .[6] من الواضع مما اقتبسناه أن المؤلف يقول بأن الخلايا تبدأ بالتمايز والاختلاف عن بعضها البعض، حيث تتصدى كل مجموعة منها لوظائف مختلفة، وأن البرنامج الجيني هو الذي يوفر الحركة الانسيابية والانسجام فيما بينها ضمن خطة معينة . وهذا صحيح، فقد أدمج داخل كل خلية برنامج كامل لا نقص فيه . ولكن المهم هو : من الذي عمل هذا البرنامج الكامل الخالي من القصور وزرعه داخل الخلايا ؟ لأن البرنامج المذكور هنا ليس برنامج عادياً كبرامج الحاسبات، فهو برنامج تطبقه خلايا تعمل ـ في النهاية ـ على تشكيل إنسان يملك مليارات الخلايا ونظماً معقدة متداخلة فيما بينها ،إنسان له تركيب معقد يرى ويسمع، ويشعر ويفكر ويتخذ القرارات، ويسعد ويتألم، ويحس بالجمال ويتذوقه، ويستطيع هذا الإنسان فحص جزيئات DNA العائدة إليه والتواصل إلى نتائج معينة . ثم إن قيام خلية مشكلة من مجموعة من البروتينات بفهم مثل هذا البرنامج المعقد والشعور بضرورة التصرف حسب هذا البرنامج وتنفيذ كل مرحلة من مراحل بحذافيرها يعد ـ بحد ذاته ـ معجزة كبيرة . لذى نرىأن أحد أنصار نظرية التطور المعروفين ( وهو رتشارد داروكنز ) يبدو بلا حول ولا قوة أمام العمل الجماعي المشترك للجينات التي تحمل البرنامج الجيني للإنسان حين يقول : " عند نمو الجنين نرى وجود شبكة من العلاقات العديدة المعقدة بين الجينات بحيث نرى من الأفضل عدم التطرق إليها أو المساس بها .[7] لقد أدرك داوكنز بأن العلاقات الموجودة بين الجينات الموظفة في أثناء معجزة خلق الإنسان والقابليات المدهشة والخارقة التي تظهرها هذه الجينات لا يمكن وجودها عن طريق المصادفات، كما لا يمكن تفسير مثل هذا النظام المعقد والمتشابك بآلية التطور، ولذا اضطر إلى مثل هذا الاعتراف . غير أنه يتجاهل نقطة مهمة، وهي أن استحالة المصادفات هنا لا تظهر فقط في سلسلة المعجزات الجارية في أثناء نمو الجنين بل تظهر حتى عند تكون عضو واحد، بل حتى في خلية واحدة فقط . إن خلية واحدة متكونة في رحم الأم تتحول في ظروف تسعة أشهر إلى إنسان يرى ويسمع ويشعر ويتنفس ويفكر، ويتحقق كل تفصيل من تفصيلات هذا التحول ضمن خطة كاملة وبديعة والشيء المثير أن هذه المعجزة مستمرة منذ ملايين السنوات بنفس الكمال والدقة . أما أنصار التطور يدَّعون أن هذه العملية الإعجازية تتم بقرارات صادرة من الذرات العديمة الشعور التي كّونت خلايا الإنسان عن طريق المصادفات، ففي أحد الأيام ( كما يتخيلون ) صدر قرار من هذه الذرات بالتجمع معاً وكونت أعضاء لم تشهدها ولم تعرفها من قبل ! وقد استغرقت هذه الادعاءات غير المنطقية واستولت على أفكارها إلى درجة أنهم لا يستبعدون قيام هذه الذرات غير الواعية بتقاسم الأعمال ومعرفة كل ذرة منها إلى أي مكان في الجسم يجب التوجه إليه لتكوين أعضاء جسم الإنسان، وأنه لم يحصل هنا أي تدخل خارجي بل ثم كل شيء تلقائياً ونتيجة المصادفات العمياء، وأن الذرات والخلايا تعرف كيفية إنجاز كل عملية على أحسن وجه وتتخذ قراراتها بنفسها وتستطيع تكوين وإنشاء الجسم الكامل للإنسان دون أي خطأ أو قصور . ومع أنهم لا يوافقون على وصفنا هذا لمزاعمهم، إلا أن الادعاءات التي يسوقونها تنتهي ـ في الحقيقة ـ في نهاية المطاف إلى هذا المفهوم وإلى هذا المعنى . وهنا يظهر كيف أن التطوريين يواجهون في هذه النقطة هزيمة منطقية كبيرة . إن كل جزئية وكل تفصيل من التفصيلات التي أوردناها حتى الآن والتي سنوردها فيما بعد تثبت وتبرهن ـ خلافاً لادعاءات التطورين ـ استحالة تكون وتحقق أي مرحلة من مراحل الإنسان وتكامله عن طريق المصادفات . ففي هذه العمليات الخارقة لا يمكن التحدث عن جهود الخلايا أو الجزيئات والذرات التي تكون هذه الخلايا، بل تتم هذه العمليات وأجمعها بأمر " كُن" الصادر من الله تعالى صاحب القدرة اللانهائية : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمّىً وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (غافر:67) [1] Guyton&Hall, T›bbi Fizyoloji, Nobel T›p Kitabevleri, Istanbul, 1996, 9th ed., p. 1039 [2] Geraldine Lux Flanagan, Beginning Life, A Dorling Kindersley Book, Londra, 1996, s. 33 [3] Geraldine Lux Flanagan, Beginning Life, A Dorling Kindersley Book, London, 1996, p. 38 [4] Hoimar Von Ditfurth, Dinozorlar›n Sessiz Gecesi 2, Alan Yay›nc›l›k, 1997, p.126 [5] Geraldine Lux Flanagan, Beginning Life, A Dorling Kindersley Book, London, 1996, p. 42 [6] Geraldine Lux Flanagan, Beginning Life, A Dorling Kindersley Book, London, 1996, pp. 42-43 [7] Richard Dawkins, The Selfish Gene, Oxford University Press, New York, 1976, p. 37 |
معجزة خلق الإنسان ـ الوعي الظاهر في خلايا البويضة بقلم الكاتب التركي هارون يحيى يقوم الجسم برفض الأنسجة والأعضاء الغريبة عنه عندما يراد زرعها فيه، لذلك بقي عدم رفض جدار الرحم للخلايا التي تبدأ بالتهيؤ للاستقرار فيه سراً منذ أمد بعيد لأنها خلايا مختلفة من الناحية الجينية عن خلايا الأم . ويحاول الدكتور فلانارغان الإجابة على هذا اللغز فيقول : " نستطيع أن نقول إن مجموعة من الخلايا ترسل إشارات نستطيع وصفها بأنها " إشارات وشيفرات كونية "، وهذه الشيفرات تكون نفسها لدى جميع الناس، حتى إن الأم عندما كانت عبارة عن مثل هذه المجموعة من الخلايا قد قامت بالتعبير عن نفسها هذه الشيفرات أيضاً.لذا لا تقوم خلايا الأم بالدفاع عن نفسها ضد هذه الخلايا الجديدة، لأنها من الناحية البيولوجية لا تعد هذه الخلايا أعداء لها بل خلايا كونية صديقة . [1] من المفيد هنا الإشارة إلى نقطة هامة جداً . إن مجرد قيام مجموعة من الخلايا بإرسال شيفرات أو رسالة كونية ( حسب تعبير فلاناغان ) وقيام مجموعات أخرى من الخلايا بفهم هذه الرسالة وأنها غير صادرة عن عدو بل عن صديق يعد معجزة كبيرة، إذ يجب ألا يغرب عن البال أننا لا نتحدث هنا عن مجموعة من الناس الواعين بل نتحدث عن مجموعة من الخلايا، عن مجموعة متكونة من ذرات وجزيئات وبروتينات لا تملك لا عيناً ولا أذناًَ ولا دماغاً ولا شك أن توقع صدور أي وعي أو شعور من هذه الخلايا سيكون منطقياً غريباً، والحقيقة التي تظهر أمامنا هي أن استقرار الجنين بكل سهولة ويسر في رحم الأم واستمرار وجودها هذا الكيان هناك لا يتحقق إلا برحمة الله خالق هذا الجنين وأمه ونظم الدفاع في جسم الإنسان . قال تعالى : (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (لقمان:34). النظم الخاصة المهيأة للجنين : تستمر الخلايا المنغرزة في رحم الأم بالتغذية والنمو في هذا الجو الآمن . ولكن هذا وضع محير إلى درجة كبيرة، ذلك لأن هذا الجنين النامي بسرعة في بطن الأم كان من المفروض ـ في الظروف الاعتيادية ـ أن يجابه خطراً كبيراً، وهذا الخطر هو النظام الدفاعي الموجود في جسم الأم . يهاجم هذا النظام الدفاعي أي جسم عضوي غريب يدخل إلى الجسم لأنه يعده عدواً ويعد الجنين الذي يحمل معلومات جينية مختلفة عن المعلومات الجنينة لجسم الأم جسماً غريباً، لذلك نرى أن الخلايا الدفاعية في دم الأم ما إن تشعر بوجود هذا الجسم العضوي الغريب حتى تبدأ بالاستنفار والتوجه نحو الرحم، ولو لم تتخذ احتياطات خاصة لقامت خلايا الدفاع هذه بالقضاء على الجنين لا محالة . قبل أن يتعلق الجنين برحم الأم ويلتصق به تقوم خلايا (الأورمة المغذية trophoblast)التي تتكون قرب رحم الأم بتشكيل مصفاة من نوع خاص بين الأوعية الدموية للأم وبين الجنين، ولا تستطيع الخلايا الدفاعية عبور هذه المصفاة، وبذلك يصان الجنين من بطش الخلايا الدفاعية التي تكون آنذاك في حالة استنفار بسبب إعلان حالة الطوارئ في الجسم بل يقوم بعض هذه الخلايا الدفاعية بمساعدة نقل وتوصيل المواد الغذائية والأوكسجين إلى الجنين . والآن لنتفحص بنية هذه الخلايا الخاصة . القابلية الهندسية لخلايا تروفوبلاست : ذكرنا سابقاً أنه على الرغم من نشوء وتكاثر خلايا ترفوبلاست من خلية البويضة فإنها تنفصل عن خلايا الجنين وتأخذ على عاتقها مهمة تقديم جميع أنواع المساعدات للجنين النامي في رحم الأم وفي اليوم السابع للحمل تبدأ هذه الخلايا بالنمو وبتكوين امتدادات لها في جميع الاتجاهات، وغاية هذا التغير هي المساعدة الخلايا للنفاذ إلى الداخل من خلال جدار الرحم . وفي أثناء هذا الدخول تتواجه مع الشعيرات الدموية للأم فتقوم باختراق سطحها الخارجي، وهكذا يكون نسيج الجنين قد ارتبط بدم الأم في خلال اليوم السابع واليوم الثامن من أيام الحمل . تقوم بعض خلايا تروفوبلاست بتمزيق جدران الخلايا الدموية الشعرية الموجودة في جدار الرحم منتجة بعض الإنزيمات، وهكذا تقوم بتخفيض ضغط دم الأم عن الجنين وتتصرف خلايا الأورمة المغذية trophoblast وكأنها على علم مسبق بهذا الخطر المحتمل فتتخذ التدابير التي تصون بها الجنين من الموت . ولو لم تقوم هذه الخلايا بهذا التغيير لكان ذلك سبباً في دخول دم الأم إلى الداخل بضغط مرتفع، ولكانت النتيجة المتوقعة لمثل هذه الحالة تطبيق دم الأم ضغطاً عالياً علىالجنين من الخارج مما كان سيؤدي إلى إيقاف الدورة الدموية للجنين . وبتقدم الأسابيع تقوم بعض هذه الخلايا الخاصة بتكوين سد أمام دم الأم . ولهذا السد الذي يدعى المشيمة بنية خاصة جداً، فعندما ندقق عن قرب نرى أن خلايا ترفوبلاست بتكوينها هذا السد تقوم بوظيفة حاجز أمام دم الأم . وهذه نقطة هامة جداً، لأن الجنين أصبح الآن في اربتاط وثيق مع أنسجة الأم ويتغذى بالمواد الموجودة في دمها، فيجب أن تدخل المواد الغذائية، ولكن يجب ألا تصل معها الخلايا الدفاعية الموجودة في دم الأم . لذا يقوم هذا السد ( أي المشيمة ) بمنع خلايا الدفاع الموجودة في دم الأم من الوصول إلى الجنين، ولكن كيف تتم تغذية الجنين الذي حيل بينه وبين وصول دم الأم إليه ؟ جواب هذا السؤال يرينا كمال التصميم الموجود في الخلايا، فالفجوات الدقيقة الموجودة بين خلايا هذا السد لها الحجم الكافي لمرور المواد الغذائية الموجودة في بلازما دم الأم إلى الجنين الذي هو في حاجة ماسة إلى هذه المواد . فالأوكسجين والمواد الغذائية والمعادن تجتاز هذه الفجوات وتصل إلى الجنين، ولكن خلايا الدفاع لا تستطيع المرور من خلال هذه الفجوات لأنها أكبر منها حجماً . وعندما نتأمل هذا الجسر الذي يصل بين الأم والجنين نرى أن هذا العمل الذي تنجزه خلايا "تروفوبلاست " يستوجب معرفة هندسية دقيقة وكاملة، لأن النظم المقامة من قبل هذه الخلايا تكون قد أرست قواعد "جسر الحياة " بين الأم وجنينها . فهي ـ من جانب ـ تكون سداً منيعاً أمام المواد المهلكة للجنين، ومن جهة أخرى تترك فجوات ومسالك لوصول المواد الضرورية إليه . ما ذكرناه آنفاً ليس إلا جزء قليلاً من خواص ووظائف خلايا تروفويلاست، ولكنه يكفي للاستدلال على كمال التصميم ولا شك أنه من الواضح جداً أن هذا التركيب والبنية التي تقوم بتكوين فجوات ومسالك بمقياس منضبط ومعير تماماً لمرور المواد النافعة إلى الداخل ومنع مرور المواد الخطرة والضارة للجنين لا يمكن أن تظهر نتيجة المصادفات أبداً . تشاهد في هذه الصورة الجنين في مرحلة البلاستولا وهو منغرس في جدار الرحم . فالجنين يعثر على منطقة تكثر فيها الأوعية الدموية وتلتصق بها . وكما تنمو البذرة المزروعة في الأرض وتصعد إلى أعلى من جهة وتمد جذورها إلى باطن التربة من جهة أخرى ، كذلك ينمو الجنين من جهة ومن جهة أخرى يتقدم نحو عمق النسيج الذي يستمد منه الغذاء ليجد له أوعية دموية جديدة . والتي تقوم بهذا العمل الجديد . والتي تقوم بهذا العمل وخلايا خاصة تسمى خلايا الجرثومة الغذائية Trophoblast الموجودة خارج الجنين . ومن يعتقد بأن جميع هذه المواصفات والخواص الخارقة قد ظهرت عن طريق المصادفات العشوائية يعجز عن الإجابة عن الأسئلة الآتية : من أين تعرف هذه الخلايا المواد الضرورية لنمو الجنين ؟ كيف تستطيع تمييز المواد الضرورية للجنين من بين المواد العديدة جداً الموجودة في الدم ؟ كيف تعلمت أن خلايا الدفاع تكون مهلكة وضارة للجنين ؟ كيف استطاعت معرفة حجم المواد الضارة والخطرة ؟ كيف عقلت ضرورة إقامة شبكة تمنع مرور هذه المواد الخطرة، وتسمح في الوقت نفسه بمرور المواد النافعة . كيف عرفت أن خلايا الدماغ ضارة وخطيرة بالنسبة للجنين ؟ كيف وصلت منذ البداية إلى معرفة أحجام المواد الخطرة . كيف عقلت وأدركت كيفية بناء شبكة تقوم بمنع المواد الخطرة للجنين وتسمح في الوقت نفسه للمواد الضرورية النافعة بالمرور؟ من الضروري ـ من أجل حفظ نسل الإنسان، ـ عدم وجود أي خطأ في هذا النظام وكل من عنده مسحة من عقل وإنصاف يعرف أن المصادفات العشوائية لا تستطيع أن تكسب الخلايا مثل هذه القابلية والمواصفات لا تستطيع إيجاد نظام ثم تأمين عمل هذا النظام عينه في جميع البشر . لا شك بأن الله تعالى هو خالق خلايا تروفوبلاست وهو الذي أكسبها هذه القابليات وهذه الصفات التي تساعد علىنشوء الإنسان، وهذا مثال واحد فقط من بديع صنع الله وخلقه : قال تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (الاحقاف:4). المشيمة جسر الحياة بين كائنين حيين : عندما نقارن الأجهزة المساعدة لحيارة الإنسان التي تبلغ أسعارها ملايين الدولارات والتي توجد في أحدث المستشفيات التي تستخدم آخر ما وصلت إليه التكنولوجيا العصرية مع قطعة لحم لا تزن إلا بضعة كيلوغرامات تبدو هذه الأجهزة أمامها كأجهزة بدائية متخلفة عنها كثيراً . قطعة اللحم هذه هي خلايا المشيمة التي يطلق عليها بحق اسم " البطل الحقيقي للولادة " [2] أضغط على الصورة لتكبيرها المشيمة هي الجهاز الوحيد الذي يقوم بحساب الحاجات المتغيرة للجنين وكيفية إشباع هذه الحاجات دون أي نقص، فالحلايا الموجودة على السطح الخارجي للمشيمة تكّون نوعاً من جهاز تصفية بين الأوعية الدموية للأم وبين الجنين ، فمثلاً بينما يقوم بالسماح للمواد الغذائية بالمرور نراه يمنع مرور عناصر الدفاع في الدم من المرور فيه . والمشيمة تتكون أيضاً من الخلايا ، فمن أين تستطيع هذه الخلايا معرفة حاجات الجنين ؟ وكيف تفهم نوع الخلايا التي يجب حماية الجنين منها ؟ وكيف تستطيع تمييز وانتخاب المواد التي يحتاجها الجنين من بين ملايين الجزيئات ؟ من الذي أعطى هذا العقل الخارق للمشيمة التي هي عبارة عن مجرد قطعة لحم مكونة من خلايا ؟ لا شك أن الله وحده هو الذي اتخذ جميع الدابير اللازمة لصيانة حياة الجنين ووضع النظم الكفيلة لتحقق هذا في الجسم ، إنه على كل شيء قدير . يبدأ الجنين بعد مرحلة معينة بأخذ الغذاء والأوكسجين والمواد الأخرى اللازمة لنموه من دم الأم، وللمشيمة التركيب والبنية التي يتحقق بها هذا الأمر، وهي تقوم بوظيفة الجسر في تجهيز هذه المواد وتوصيلها وتبادلها بين الأم وبين الجنين، فلقد خلقت المشيمة لمواجهة وتلبية حاجات الجنين النامي ومتطلباته . هذه المشيمة مملوءة بأوعية دموية لينة تقوم من خلال نفاذها من بين خلايا ترفوبلاست بنقل المواد الغذائية إلى الجنين . http://www.harunyahya.com/images_boo...n/ultrason.jpg صورة للطفل داخل بطن الأم صورت بالأمواج فوق الصوتية تقوم المشيمة أولاً بنقل جميع المواد الغذائية الآتية من الأم والأوكسجين والمعادن الضرورية (كالحديد والكالسيون ) إلى الحبل السري ومنه إلى الشعيرات الدموية للجنين . ولا تكتفي المشيمة بنقل الأغذية الضرورية للتمثيل الغذائي للجنين، بل تقوم باختيار الأغذية اللازمة لتكوين الأنسجة الجديدة وتوصلها إلى الجنين [3] حيث يجب قيام الجنين باستخدام جميع الأحماض الأمينية من أجل صنع مختلف التراكيب (الدهن والكاربوهيدرات والأحماض النووية .. إلخ ) . وتختار المشيمة هذه المواد من دم الأم، وتنجز ذلك عادة بواسطة حاملات معينة، حيث تقوم بخزنها واستعمال ما تحتاج إليها، ثم ترسل القسم الآخر منها إلى الدورة الدموية للجنين . وبالإضافة إلى الأغذية تمر الأيونات أيضاً من خلال المشيمة . يوجد نوعان من الأيونات مهمان جداً للجنين ويجب خزنهما بكثرة، أحدهما أيونات الحديد، فهي ضرورية لزيادة حجم الدم، والأخرى أيونات الكالسيوم، وهي ضرورية لنمو العظام . ويتم نقل هذه الأيونات بصورة متلاحقة ومستمرة، فإن كان مقدار الحديد الذي تأخذه الأم قليلاً قامت المشيمة بامتصاص المقدار الضروري لها من الحديد من دم الأم ( مهما كانت النتيجة ) استجابة إلى حاجة الجنين للقيام بحفظه من كل نوع من أنواع المخاطر .[4]وتقوم المشيمة بالعملية المعاكسة أيضاً، أي تقوم بجميع فضلات الجنين ونقلها إلى الدم الأم بكل مهارة . ولا ننسى أن المشيمة التي ننسب إليها أفعالاً مثل " تأخذ" أو " تنقل " أو " تختار " إنما هي عبارة عن نسيج متكون من الخلايا أيضاً، أي أن المشيمة القائمة بكل هذه الأعمال، والتي تعرف حاجة الجنين للحديد وتستطيع سحب ذرات الحديد من بين مواد كثيرة موجودة في الدم وتعرف كيفية استعمالها ... هذه المشيمة ليست سوى نسيج مؤلف من مجموعة من الخلايا، والخلايا المكونة للمشيمة تدرك ما تحتاجه من المواد وتستطيع اختيارها . إن معرفة خلية من الخلايا لنوعية ذرة ما أعجوة كبيرة بلا شك. وبجانب معرفتها هذه الذرات فإن قيامها بأخذ هذه الذرات بالمقدار المناسب ونقله عمل خارق وغير اعتيادي، لذا يجب تقييم المعلومات المقدمة حتى الآن والتي سوف يتم تقديمها فيما بعد من زواية هذه النطفة على الدوام . إن الفعاليات التي تشكل خلق الإنسان موجودة في التصرفات والفعاليات الواعية التي تقوم بها الخلايا والذرات والجزيئات التي تكون هذه الخلايا، ولا يعود هذا الوعي بلا ريب إليها بل إلى الله الذي ألهم كل واحدة منها واجباتها . وكل التفصيلات التي سنتناولها فيما بعد أدلة واضحة على الخلق . الواجبات الحيوية الأخرى للمشيمة : للجبل السري ( الذي يملك بنية حبل طويل يربط الجنين بالمشيمة ) ثلاثة عروق دموية، يدعى أحدها " العرق الجامع للسرة"وهو ينقل الغذاء والأوكسجين الموجود في الدم من المشيمة إلى الجنين، والعرقان الآخران هما " العرقان النابضان للسرة " ويقومان بنقل ثاني أكسيد الكربون وفضلات الغذاء الأخرى من دم الجنين إلى المشيمة . لا يلتوي الحبل السري على نفسه ولا يلتف ولا يلتف بسهولة، وذلك بفضل تركيبه المرن والمتين . وهذه الخاصية مهمة جداً للحيلولة دون حدوث أي موانع أو عوائق في موضوع نقل الدم، كما أن تركيبه المرن يسمح بحركة الطفل في أنسب شكل . عندما نتأمل وظائف المشيمة نرى أنها قد تكون أحياناً بمثابة رئة للجنين وأحياناً بمثابة معدة أو كبد وأحياناً بمثابة كلية . ولا تقوم المشيمة بأداء هذه الوظائف على نسق واحد مطرد بل حسب الحاجات المتغيرة للطفل، فمثلاً الأغذية التي يحتاجها الجنين وهو في الشهر الأول وفي الشهر الثاني تختلف عن الأغذية التي يحتاجها وهو في الشهر الثامن وفي الشهر التاسع . ولكن المشيمة تقوم بتعيير هذه الحاجات بشكل متوازن ودقيق وتختار أسهل الأغذية وتقدمها للجنين . ومن أهم وظائف المشيمة إفراز الهرمونات الضرورية كهرموناتالإستروجين و البروجستيرون، ويقوم الهرمون الأخير خاصة بتنشيط رحم الأم لمساعدة الجنين من الناحية المادية وتكوين أفضل بيئة لنمو الجنين في يسر وراحة، كما يقوم أيضاً بتنشيط الخلايا الحليبية في صدر الأم لتكوين مهيأة للإرضاع عند حلول وقت الإرضاع . وبجانب هذا يقوم هذا الهرمون بالمساعدة في زيادة كفاءة عمليات الأيض في جسم الأم، وبذلك يساهم في بقاء الأم في صحة وفي راحة . إن إفراز هذا الهرمون بشكل كامل وغير ناقص وبالمقدار المطلوب مهم من ناحية جعل الرحم مكاناً آمناً ومريحاً للجنين، وهو مهم أيضاً لولادة الطفل بشكل صحي . كما تقوم هذه الهرمونات بتهيئة رحم الأم للولادة . وبحانب جميع هذه الوظائف تقوم المشيمة أيضاً في الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل بزيادة مناعة الجنين ضد الالتهابات المحتملة . كل ما شرحناه حتى الآن ليس سوى بعض الوظائف التي تقوم بها المشيمة في أثناء نمو الجنين، وكل موضوع من المواضيع التي شرحناها يحتوي على تفصيلات كثيرة ودقيقة إلى درجة لا يتصورها عقل الإنسان، وكل نظام يستند إلى تحقق العديد من الفعاليات والتفاعلات الكيميائية المعقدة. وكل بحث جديد حول نمو الجنين يكشف عن وظيفة جديدة للمشيمة تقوم بها لأجل صحة الجنين ونموه، ولكن توجد صفة مشتركة بين جميع هذه الوظائف وهي قيام المشيمة بربط الجنين مع أمه في تناسق وتلاؤم كاملين . وهذا التلاؤم مهم جداً، لأن أي خلل في أي توازن من التوازنات التي تحققها الآليات الموجودة في جسم الأم سيؤدي إلى استحالة بقاء الجنين حياً. لا شك أن قيام نسيج من الأنسجة يتألف من مجموعة من الخلايا بمعرفة حاجات كائن حي وفهم ما ينقصه وما يلزمه وكيفية إزالة هذه النواقص وإنتاج المواد الضرورية واللازمة وبالمقدار الصحيح واللازم واختيار المواد من الخارج ( وباختصار : القيام بكل هذه الأعمال والفعاليات التي تستلزم شعوراً ووعياً ) ليس أمر نابعاً من المشيمة نفسها ولا يمكن أن يكون كذلك . ولو طلب من إنسان القيام بهذه الوظائف والفعاليات لاستحال عليه ذلك ولعجز عنه، فمن المستحيل على أي شخص لم يتلق تعليماً وتدريباً طبيين معرفة حاجات الجنين في كل لحظة واتخاذ التدابير اللازمة حسب هذه الحاجات واختيار المواد الضرورية وسحب الفضلات التي يخلفها الجنين، بل يستحيل حتى على الشخص المتدرب طبياً القيام بهذه المهمات ليل نهار دون أي راحة أوتوقف ودون أي قصور أو خلل. ولكن المشيمة ( التي هي عبارة عن قطعة من النسيج ) تستطيع إنجاز جميع هذه الوظائف المهمة دون أي خلل دون أي نقص . وفوق ذلك فإن المشيمة تقوم بهذه الفعاليات والأعمال الواعية وبكفاءة عالية منذ آلاف السنوات وعند مليارات من النساء اللاتي عشن حتى الآن . ولاشك أن هذا الكمال في بنية المشيمة وأعمالها الواعية هذه ليست إلا نيتجة خلق الله لها بهذه المواصفات والخصائص وإدِّعاء العكس خروج من من دائرة حدود العقل . إن الله تعالى بهذه التصاميم الرائعة التي خلقها في جسم الإنسان إنما يعرض أمام أنظارنا صعنته التي لا مثيل ولا نظير لها، ويأمرنا في آياته أن نتفكر ونتأمل هذه الحقائق : قال تعالى: (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً) (مريم:65). وعند قراءة المواضيع القادمة يجب ألا ننسى نقطة مهمة، وهي أننا لا حظنا ـ في الأمثلة المقدمة حتى الآن ـ أن الذي يقوم بجميع هذه الأعمال ضمن مخطط مرسوم، والذي يقوم بتغيير وظيفته عندما يحين وقت معلوم، والذي يعرف متى يتوقف، والذي لا يترك موضع وظيفته عندما يحين وقت معلوم، والذي يعرف متى يتوقف، والذي لا يترك موضع وظيفته، والذي يعمل ضمن كادر جماعي والذي يستطيع أن يختار حسب الحاجة، والذي ينتج المواد اللازمة في اللحظة المناسبة .. كل هذه الأعمال الباهرة تنجز من قبل الخلايا الموجودة في الجسم، وكما سنستعرض بالتفصيل في الصفحات القادمة، فهناك عقل واضح في تصرفات هذه الخلايا وفي فعالياتها، ولا يمكن أن يكون هذا العقل راجعاً لهذه الخلايا، كما لا يمكن أن تكون للخلايا (المتكونة من ذرات لا حياة فيها ولا شعور ) خصائص التفكير والقدرة على اتخاذ القرارات، إن هذه المعجزات دليل على خلق الله عز وجل، ويجب ألا ننسى هذه الحقيقة أبداً لأنها وسيلة لشهور القدرة اللانهائية لله تعالى . [1] Geraldine Lux Flanagan, Beginning Life, A Dorling Kindersley Book, London, 1996, p. 34 [2] Intimate Universe, The Human Body, Volume 1, 1998 British Broadcasting Corporation. [3] Guyton&Hall, T›bbi Fizyoloji, Nobel T›p Kitabevleri, Istanbul, 1996, 9th ed., p. 1035 [4] Geraldine Lux Flanagan, Beginning Life, A Dorling Kindersley Book, London, 1996, pp. 118-119 |
معجزة خلق الإنسان ـ أهمية التخطيط بين الخلايا بقلم الكاتب التركي هارون يحيى ندقق النظر في نمو الجنين نرى تناسقاً وتوازناً تامين في هذا النمو . وفي نهاية الشهر الأول نرى بدء ظهور العينين والأذنين والأنف والفك والوجنتين في الجنين . في أثناء هذا النمو المتناسق يكون من المهم استمرار النمو من جهة والتشكل ( أي أخذ الأعضاء شكلاً معيناً ) من جهة أخرى، مع استمرار التغير البنيوي . http://www.55a.net/images/16/body/98.jpg ويشترط أن تجري هذه التغيرات في جميع أجزاء الجسم بشكل متناسق، لأن جميع الأعضاء في جسم الإنسان تملك تراكيب معقدة غاية التعقيد . فمثلاً يوجد في العين وحدها أربعون جزءاً مستقلاً، ولكن تقوم العين بوظائفها يجب أن يتحقق بين هذه الأجزاء نمو متناسب وأن توجد رابطة قوية فيما بينها، وأن يكون كل جزء في المكان المخصص له تماماً، وإلا عجزت العين عن القيام بوظائفها .والشيء نفسه ينطبق عند تشكل الذراع، إذ يجب تشكل العظم والعضلات في الوقت نفسه . ويظهر من هذا ان جميع خلايا الجنين تتحرك بتناسق وتناغم وكل خلية على علم بالخطة العامة للجسم، وكل خلية من هذه الخلايا ترسل بعض إشارات شيفرية وتظهر رد فعل على الإشارات الشيفرية التي تتلقاها . أي أن خلايا الجنين بأجمعها تعمل ضمن نسق واحد، وتقوم هذه الخلايا ـ وكأنها بينها تفاهماً جماعياًـ بالاستفادة من المعلومات الموجودة في جزيئات DNA وتستعمل ما تحتاج إليه من هذه المعلومات وتكتسب مواصفات وخصائص يختلف بعضها عن البعض الآخر . ولكن كيف تعرف كل خلية المكان الذي يجب عليها الذهاب إليه ؟ وكيف تعرف أي عضو ستقوم بتشكيله ؟ وكيف تنجح في إظهار كل هذه التناسق مع الخلايا الأخرى التي تعمل معها ضمن إطار واحد؟ ومن الذي يقرر كيفية استعمال المعلومات الجينية الموجودة في الخلايا ؟ ومن الذي يقرر كيفية تمايز الخلايا وتنوعها ؟ لا يوجد عضو ناقص ولا عضو زائد في أجسامنا . إن النقص في أعضائنا يكون أحياناً مميتاً، أو سبباً لعاهة في ادنى الحالات . أما حالة الزيادة فإن العضو الزائد يشكل حملاً وعبئاً لا داعي له . لذا وجب تعيين عدد أعضاء الجسم منذ البداية، ولكن كيف يتم تعيين هذا العدد ؟ ؟ فعندما تبدأ مجموعة من الخلايا بتشكيل وصنع عضو ما كيف لا تقوم مجموعة أخرى بتشكيل وصنع العضو نفسه ؟ انصار نظرية التطور يزعمون أن جزيئة DNA مسؤولة عن هذه الوظيفة وهم يطلقون هذا الزعم الغريب للتخلص من هذه المشكلة . ولكن هذا مجرد خداع، لأن النقطة التي يجب الوقوف عندها هنا هي : من الذي أودع كل هذه المعلومات في جزيئة DNA ؟ والأهم من هذا : من الذي يقرر استعمال هذه المعلومات في المكان الفلاني وفي الوقت الفلاني وكيف يستعملها ؟ لا يملك التطوريون جواباً على هذه الأسئلة، فلا تملك الذرات التي تؤلف هذه الخلايا، ولا الأنسجة أو الدماء الجارية فيها، ولا الكائن الحي ولا أي مادة أخرى القدرة على إصدار مثل هذا القرار . إن الله سبحانه وتعالى هو وحده الذي وضع هذه الخطة الرائعة في الخلايا بشكل شيفرات، وهو الذي يلهم الخلايا واجباتها ويعلمها كيفية تحقيق هذه الخطة وتطبيقها ،لأنه هو القادر على كل شيء . معجزة خلق العين : عندما يبلغ عمر الجنين أربعة أسابيع يظهر تجويفان في جانبي الرأس، ومع أن الأمر يبدو غير قابل للتصديق فإن العينين ستصنعان في هذين التجويفين . تبدأ العين بالتكون في اليوم 22 على هيئة أخدود بصري optic groove في يوم 28 تتكون الحوصلة البصرية optic vesicle ثم تغلظ العدسة lens placode وفي الاسبوع السابع يتكون بؤبؤ العين pupil، حيث تبدأ الخلايا بصنع الأجزاء المختلفة من العين طوال عدة أشهر ضمن خطة خارقة لا يتصورها العقل، فبعض الخلايا يقوم بصنع قرنية العين وبعضها بؤرة العين وبعضها عدسة العين، وعندما تصل الخلية إلى حدود نهاية ذلك القسم تتوقف عن العمل . كل خلية تعمل لصنع جزء من العين، ثم يتم الاتحاد بين هذه الأجزاء بشكل رائع . ولا يحدث أي اختلاط بين هذه الأجزاء، فلا تتكون مثلاً طبقة أخرى من الخلايا في موضع بؤرة العين ولا في موضع قرنية العين أو عضلاتها . كل قسم وكل جزء يكون في مكانه الصحيح بدقة متناهية وتستمر هذه العمليات، وأخيراً يتم إكمال صنع العين ( المتكونة من طبقات عديدة ) بشكل معجز وكامل . هنا نسأل أنفسنا بعض الأسئلة : من أين تعرف هذه الخلايا أن عليها إنشاء طبقات مختلفة ؟ وكيف تقرر بدايات هذه الطبقات ونهاياتها ؟ ليس لهذه الأسئلة إلا جواب واحد، وهو أن هذه الخلايا تتحرك حسب الإلهام الإلهي، ولذلك تستطيع التصرف بوعي . أما أنصار التطور الذين يعزون نشوء الإنسان إلى المصادفات فلا يملكون جواباً شافياً . ومن التطوريين الذين يشرحون الخطط الرائعة الموجودة في جسم الإنسان العالم هو بمرفون ديتفورث، ففي كتابه "الليل الهاديء للدينصورات " يتحدث عن نمو الجنين ونشوء الإنسان بالتفصيل، وهو يعترف بأن نظرية التطور لا تستطيع الإجابة على أسئلة مثل : كيف ؟ ولماذا؟ يقول : " عند إنشاء الأبنية فإن كل خطة ـ مهما كانت جيدة ـ محكومة عليها بالفشل إن لم يكن معروفاً أين ومتى سيبدأ البناء ,إن لم يوجد تخطيط لمراحل هذا البناء وتسلسل الأعمال فيه، فنحن نعلم أن أي بناء يبدأ العمل فيه من أسسه وبعد أنتهاء الجدران يوضع السقف، وأنت لا تستطيع القيام بأعمال الدهان في البناء قبل أكمال الأعمال الكهربائية والصحية .. الخ .. وإلى جانب وجود تسلسل معين في مراحل البناء كذلك يجب أن تتبع عملية البناء تنظيماً زمنياً معيناً . وهذا الأمر يجري مثله في الأبنية التي تقوم الطبيعة ببنائها، ومنها الخلايا، ولكننا لا نكاد نعرف أي شيء عن كيفية تحقيق علاقات التقديم والتأخيرعلى مستوى الخلايا . ولم يجد علماء الأحياء حتى الآن الجهة التي توعز للخلايا بعمل وتنفيذ أي جزء من الخطة وتوقيت هذا العمل . فبينما يتم تعويق بعض الجينات في اللحظة المناسبة وفي التوقيت الصحيح نرى أن بعضها الآخر يسمح له بالعمل . وأسئلة مثل : من الذي يعطي أوامر الخطر لبعض الجينات وأوامر السماح لجينات أخرى مثل هذه الأسئلة يلفها الظلام حتى الآن . وفي تكوين العين ( التي تعد أفضل آلة تصوير في العالم ) نرى أن الخلايا المحرومة من الشعور ومن الوعي تتصرف وكأنها تملك شعوراً ووعياً وعقلاً لا حدود له، والنتيجة هي أن يتم صنع عيني الجنين في بطن الأم من لا شيء تقريباً . لا شك أن إنجاز هذا العمل لا يعود إلي الخلايا لأن هذه الخلايا إنما تتحرك بإلهام من قبل العليم الخبير والله تعالى يخبرنا في احدى الآيات بأنه هو المصور ( المشكل ) وهو الذي يقوم بهذا كله : (هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (الحشر:24). اكتساء العظام بالعضلات : حتى وقت قريب كان يعتقد أن العظام والعضلات تظهران وتنموان معاً، غير أن البحوث الأخيرة أظهرت حقيقة مختلفة تماماً لم يكن أحدٌ ينتبه إليها، وهي أن نسيج الغضاريف في الجنين يتحول إلى عظام أولاً، ثم يتم اختيار خلايا العضلات من الأنسجة الموجودة حول العظام لتتجمع هذه الخلايا وتلف العظام . غير أن هذه الحقيقة التي كشفها العلم حديثاً قد أخبرنا ربنا عز وجل بها في القرآن قبل 1400 سنة : (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) (المؤمنون:14). هذه الحقيقة العلمية التي وردت في هذه الآية قبل قرون يتم شرحها في كتاب علمي حديث اسمه " نشوء الإنسان " كما يأتي : " في الأسبوع السادس وكاستمرار للتغضرف ( أي التحول إلى غضاريف ) تتم أول عملية تحول إلى عظام في عظم الترقوة، وفي نهاية الأسبوع السابع يبدأ التعظم (أي التحول إلى عظم ) في العظام الطويلة . وبينما تستمر العظام بالتكون يتم اختيار خلايا العضلات من النسيج المحيط بالعظم حيث تبدأ العضلات بالتكون، ويبدأ نسيج العضلات بالانقسام حول العظم إلى مجموعة أمامية ومجموعة خلفية .[1] والخلاصة أن مراحل نشوء الإنسان المذكورة في القرآن الكريم منسجمة تماماً مع مكتشفات علم الأجنة الحديثة، وقد أخبر الله رب العالمين الناس بهذه الحقيقة قبل قرون طويلة من الزمان . التحضيرات المتخذة للعالم الخارجي : بينما تنمو أعضاء الجنين تدريجياً وتدبّ فيها الحركة تكون هناك عمليات تحول بانتظام الجنين، لأن من الضروري تهيئة الجنين للعيش في ظروف مختلفة تماماً عن ظروف المستقر الآمن الموجود فيه في الرحم . لذا يجب البدء بالتحرك تدريجياً وتشغيل أعضاء الجنين الناشئة حديثاً . ولا شك أن هذا الموضوع يتم حله بشكل كامل، حيث يبدأ سائل خاص بالدوران داخل الغشاء الذي يفصل الجنين عن الرحم، وتقوم كلية الجنين ورئته والغشاء السلي ( وهو الغشاء الداخلي الذي يحيط بالجنين مباشرة ) ورحم الأم بصنع هذا السائل بشكل مشترك ء[2]. السائل السلي : سائل الحياة للجنين : هذا السائل المحضر بشكل خاص للطفل يسهل استعمال الأعضاء فيما بعد الولادة . ويقوم الطفل بنوع من التمرينات في هذا السائل للتهيؤ للعالم الخارجي والتكيف له، فيشرب هذا السائل بشكل منتظم، وهكذا يتعود لسانه على تذوق المالح والمر والحلو والحامض وبعد مرة تنشط غدده اللعابية أيضاً . كما أن السائل السلي الذي يشربه الجنين يساعد على تهيئة الأمعاء لعمليات الامتصاص من جهة، ومن جهة أخرى يهيئ الكليتين للقيام بامتصاص هذا السائل من الدم على الدوام أي يعمل على تشغيل الكليتين . والسائل الممتص من قبل الكليتين يرجع مرة أخرى إلى السائل السلي، ولكن هذه العملية لا تلوث السائل السلي لأن الكليتين ـ خلافاً لطريقة عملهما الحالي ـ تجعلان السائل الذي يشربه الطفل معقماً عندما تقومان برشحه، وهما تملكان بنية مؤهلة لهذا العمل . ثم إن هذا السائل يتم تنظيمه على الدوام بمعونة سوائل أخرى مثلما يتم تنظيف حوض ماء . وبجانب هذه التطورات تبدأ سوائل الهضم في المعدة بالإفراز لتهيئة جهاز الهضم وجعله على أهبة الاستعداد [3]كما تقوم الخلايا الموجودة في أمعاء الطفل باكتساب قابلية التمييز بين الأملاح وبين السكر، وبعد مدة ترسل فضلات هذه المواد إلى دم الأم، وبهذا تكون الأمعاء والكليتان قد تحولت إلى وضع فعال . ويتم امتصاص السائل السلّي من قبل أمعاء الجنين كل ثلاث ساعات ( أي ثماني مرات في اليوم ) ويرسل عن طريق الدم إلى دم الأم ويقوم رحم الأم، وكذلك رئتا الجنين وكليتاه، بإنتاج وصنع الكمية نفسها من هذا السائل الممتص وترسل إلى حوض السائل السلي، وهكذا يتم الحفاظ على كمية هذا السائل الحيوي بالنسبة للطفل . وبفضل عمل هذه المنظومة يقوم الجنين بتشغيل جهازه الهضمي دون أن يصاب بأي ضرر . يزداد مقدار السائل السلّي باطراد متوازن مع نمو الجنين، ففي الأسبوع العاشر يبلغ مقدار 30ملغم، وتزداد هذه الكمية إلى 350 ملغم في الشهر الخامس، ثم تبلغ لتر واحدا في الشهر السابع. أما عند الولادة فتنقص هذه الكمية إلى النصف [4] http://www.harunyahya.com/images_boo...on/einolu1.jpg ولا يقتصر عمل هذا السائل على تهيئة الجهاز الهضمي للطفل لما بعد الولادة، بل يساعد الجنين على الحركة بسهولة في رحم أمه، فيسبح وكأنه زورق مربوط برصيف ميناء أي أنه يتحرك بكل أمان في رحم أمه . كما أن هذا السائل يحفظه من جميع الضربات صورة لرأس الجنين داخل الرحم التي قد تأتيه من الخارج، لأن أي ضغط مطبق على السوائل يتوزع إلى جميع الاتجاهات، وبهذا يحفظ الجنين من أي تأثيرات سلبية . فمثلاً لو ركضت الأم فلا يتأثر الجنين من أي اهتزازات، وهذا يشبه عدم تحرك قطعة الفلين الموضوعة داخل إناء عندما ترج هذا الإناء . لقد تم اتخاذ جميع التدابير مسبقاً ضد جميع الأخطاء المتوقعة، وبذلك يكون الجنين محاطاً بنظام حماية فعالة . ووجود هذا السائل وبقاء الجنين سابحاً داخله مهم من ناحية صحة الأم كذلك . فهذا السائل يملأ فراغات الرحم، وبهذه الوسيلة فإن الجنين الذي ينمو على الأيام لن يلقى ثقلاً كبيراً على الرحم . ولو لم يكن هذا السائل موجوداً لزاد ضغط الجنين علىالرحم بإزدياد نموه، ولو حصل هذا لكان رد الفعل الذي يحدثه جدار الرحم على الجنين مانعاً له من النمو الطبيعي . والشيء الحيوي الآخر الذي يقدمه هذا السائل للجنين هو توفير حرارة ثابتة له . فكما هو معلوم فإن السوائل توزع الحرارة بشكل متساو، وهذا السائل الذي يبدل على الدوام له حرارة معينة، وهو يوزع هذه الحرارة التي يحتاجها الجنين في أثناء النمو إلى جميع الجهات بشكل متساو. ولو حدث أي خلل في أثناء صنع هذا السائل أو في تنظيفه المستمر أو في مقداره لاختل نمو الجنين . فمثلاًً لو كان مقدار هذا السائل أقل من المطلوب أو لو لم يتوفر أصلاً لظهرت سلسلة من التشوهات، حيث تقصر الأعضاء وتتشوه وتكون المفاصل قطعة واحدة ويزداد سمك الجلد، ونتيجة للضغط يتشوه الوجه . أما أهم مشكلة فتظهر في بنية الرئة وفي هذه الحالة يموت الطفل حال الولادة[5]. http://www.harunyahya.com/images_boo...eation/yuz.jpg صورة لوجه الطفل في شهره الرابع قال الله تعالى في كتابه : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ {12} ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ {13} ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِين) كل هذه المعلومات ترينا أن صنع وإنتاج هذا السائل الحيوي مستمر بشكل صحيح ودون نقص منذ وجود أول إنسان حتى الآن، لأنه يستحيل نمو الجنين في بطن أمه دون وجود هذا السائل . وهذا ينقض تماماً دعوى التطورين بأن الإنسان قد تطور بمراحل بطيئة ضمن شريط زمني طويل . فلو اختلت أي مرحلة من مراحل نشوء إنسان جديد (مثلاً لو نقص إنتاج أو صنع هذا السائل الذي شرحناه باختصار ) لاستحالت الولادة ولفني النسل الإنساني قبل أن يتكون . ولذلك فالقول بأن هذا السائل لم يتم صنعه إلا بعد زمن وبعد إحساس الحاجة إليه قولً ينافي الحقيقة والواقع، لأن هذا السائل يجب أن يوجد مع الطفل حتماً وبشكل مترافق، ومن المستحيل الزعم بأنه ـ وهو يحمل عبء مثل هذه المهمات الكبيرة والضرورية ـ قد ظهر نتيجة للمصادفات العمياء وفي لحظة واحدة . التحضيرات للتنفس الأول : عملية التنفس هي أهم عملية للطفل بعد الولادة، فعلى الرئتين ( اللتين لم تعرفا حتى لحظة الولادة الهواء ولم تتعاملا معه أبداً ) أن تمتلئا بالهواء وأن تبدأ بعملية التنفس . تبدأ الرئتان بعلمية التنفس بشكل طبيعي مع أنهما لم تجربا من قبل هذه العملية لأن على الجنين ( الذي كان يتزود بالأوكسجين من دعم أمه ) أن يأخذ حاجته من الأوكسجين من الهواء بواسطة رئتيه من الآن فصاعداً . إن الله تعالى الذي هيأ كل شيء للطفل الذي خلقه قد أتم جميع التحضيرات الضرورية في تكوين رئتيه أيضاً . وقد أوكل إلى الحجاب الحاجز ( الذي يربط القفص الضدري بالبطن ) مهمة تهيئة الرئتين للتنفس . يبدأ الحجاب الحاجز بالعمل وعمر الجنين يقارب ستة أشهر، فيبدأ أولاً ببعض حركات التقلص والانبساط في الساعة الواحدة وعلى فترات متقاربة، ولكنه يستمر في هذه العملية بعد الولادة بشكل دائم . من هذه الأمثلة نعلم أن الطفل يكون تحت رعاية خاصة . ويجب ألا ننسى أن هذه وجميع الرعاية لا تعود إلى الأم، فبينما يستمر الجنين بالنمو تكون الأم مستمرة في حياتها العادية، وجميع التغيرات الحادثة في جسمها تكون خارج إرادتها وخارج سيطرتها ولا تستطيع التدخل في هذه العمليات حتى وإن أرادت ذلك . وجميع هذه العمليات والفعاليات تحدث بفضل القدرة اللانهائية لرب العالمين . وجميع التفصيلات الضرورية لنمو الطفل إلى إنسان سوي وطبيعي في الحياة يتم خلقها بأفضل صورة، وهكذا تتم الاستجابة لجميع متطلبات الطفل وهو جنين في بطن أمه من جهة، وتتخلص الأم من جهة أخرى من التفكير في كيفية المحافظة على حياة جنينها وطفلها . وحتى لو فكرت الأم بما يجب عليها عمله فإنها لن تستطيع عمل أي شيء فمثلاً لا تستطيع أي ام القيام بنقل فضلات المواد من جسم جنينها إلى كليتيها لإتمام عملية التنظيف والتخلص منها بطرحها خارجاً، فالله تعالى وحده الذي يعرف جميع حاجات كل وليد جديد وهو الذي يضع وينشئ المنظومات التي تستجيب لهذه الحاجات والمتطلبات . [1] Keith L. Moore, The Developing Human - Clinically Oriented Embryology, W. B. Saunders Company, 1983, Canada, p. 374 [2] Geraldine Lux Flanagan, Beginning Life, A Dorling Kindersley Book, London, 1996, p. 74 [3] Geraldine Lux Flanagan, Beginning Life, A Dorling Kindersley Book, London, 1996, p. 74 [4] Keith L. Moore, The Developing Human - Clinically Oriented Embryology, W. B. Saunders Company, 1983, Canada, p. 126 [5] Geraldine Lux Flanagan, Beginning Life, A Dorling Kindersley Book, London, 1996, pp. 112- |
الساعة الآن : 11:21 AM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour