ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى القرآن الكريم والتفسير (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=57)
-   -   تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=272987)

ابوالوليد المسلم 26-03-2022 08:05 PM

رد: تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله
 

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/10/35.jpg
تفسير "محاسن التأويل"

محمد جمال الدين القاسمي
سورة البقرة
المجلد الثالث
صـ 411 الى صـ 415
الحلقة (81)

القول في تأويل قوله تعالى:

[182] فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم .

فمن خاف أي: توقع وعلم، وهذا في كلامهم شائع، ويقولون: أخاف أن ترسل السماء، يريدون: التوقع والظن الغالب الجاري مجرى العلم: من موص جنفا ميلا عن الحق، بالخطأ في الوصية، والتصرف فيما ليس له: أو إثما أي: ميلا فيها عمدا: فأصلح بينهم أي: بينه وبين الموصى لهم - وهم الوالدان والأقربون - بإجرائهم على طريق الشرع.

قال ابن جرير: بأن يأمره بالعدل في وصيته، وأن ينهاهم عن منعه فيما أذن له فيه وأبيح له: فلا إثم عليه أي: بهذا التبديل، لأن تبديله تبديل باطل إلى حق!: إن الله غفور رحيم قال ابن جرير: أي: غفور للموصي - فيما كان حدث به نفسه من الجنف والإثم إذا ترك أن يأثم ويجنف في وصيته - فتجاوز له عما كان حدث به نفسه من الجور إذ لم يمض ذلك، رحيم بالمصلح بين الوصي وبين من أراد أن يحيف عليه لغيره أو يأثم فيه له..!.

تنبيه:

ما أفادته الآية من فرضية الوصية للوالدين والأقربين.

ذكر بعضهم: أنه كان واجبا قبل نزول آية المواريث. فلما نزلت آية الفرائض نسخت هذه، وصارت المواريث المقدرة فريضة من الله، يأخذه أهلوها حتما من غير وصية، ولا تحمل منة الموصي. ولهذا جاء في الحديث - الذي في السنن وغيرها - عن عمرو بن خارجة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب وهو يقول: « إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث » .

[ ص: 412 ] ونص الإمام الشافعي على أن هذا المتن متواتر، فقال: وجدنا أهل الفتيا ومن حفظنا عنهم من أهل العلم بالمغازي من قريش وغيرهم لا يختلفون في أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عام الفتح: « لا وصية لوارث » . ويأثرونه عمن حفظوه عنه ممن لقوه من أهل العلم، فكان نقل كافة عن كافة. فهو أقوى من نقل واحد.

قال الإمام مالك في " الموطأ ": السنة الثابتة عندنا التي لا اختلاف فيها: أنه لا تجوز وصية لوارث إلا أن يجيز له ذلك ورثة الميت.

وذهبت طائفة إلى أن الآية محكمة لا تخالف آية المواريث. والمعنى: كتب عليكم ما أوصاكم به من توريث الوالدين والأقربين من قوله تعالى: يوصيكم الله في أولادكم أو كتب على المحتضر: أن يوصي للوالدين والأقربين بتوفير ما أوصى به الله لهم عليهم، وأن لا ينقص من أنصبائهم! فلا منافاة بين ثبوت الميراث للأقرباء، مع ثبوت الوصية بالميراث عطية من الله تعالى، والوصية عطية ممن حضره الموت. فالوارث جمع له بين الوصية والميراث بحكم الآيتين. ولو فرض المنافاة، لأمكن جعل آية الميراث مخصصة لهذه الآية. بإبقاء القريب الذي لا يكون وارثا لأجل صلة الرحم. فقد أكد تعالى الإحسان إلى الأرحام وذوي القربى في غير ما آية، فتكون الوصية للأقارب الذين لا يرثون عصبة، أو ذوي رحم مفروضة..! قالوا: ونسخ وجوبها للوالدين والأقربين الوارثين لا يستلزم نسخ وجوبها في غيرهم..!.

ومما استدل به على وجوب الوصية من السنة: خبر الصحيحين عن ابن عمر قال: [ ص: 413 ] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده » . قال ابن عمر: ما مرت علي ليلة منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك إلا وعندي وصيتي..!. والآيات والأحاديث - بالأمر ببر الأقارب والإحسان إليهم - كثيرة جدا..

ظهر لي في آية: كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقينإلخ - وكان درسنا صباحا من البخاري في كتاب " الوصايا " - أن هذه الآية ليست منسوخة - كما قيل - بل هي محكمة بطريقة لا أدري هل أحد سبقني بها أم لا؟ فإني في تفسيري المسمى بمحاسن التأويل نقلت هناك مذاهب العلماء، ولا يحضرني الآن أن ما سأذكره مأثور أم لا؟ وهو أن هذه الآية مع آية: يوصيكم الله في أولادكم متلاقيتان في المعنى، من حيث إن المراد بالوصية: وصية الله في إيتاء ذوي الحقوق حقوقهم، وعدم الغض منها، والحذر من تبديلها، لما يلحق المبدل من الوعيد الشديد..! وخلاصة المعنى على ما ظهر:

كتب عليكم أي: فرض عليكم فرضا مؤكدا بمثابة المكتوب الذي لا يمحى ولا يعتوره تغيير: إذا حضر أحدكم الموت أي: قرب نزوله به، بأن قرب مفارقته الحياة: إن ترك خيرا أي: مالا يورث: الوصية أي: المعهودة، وهي وصية الله سبحانه وتعالى في إيتاء كل ذي حق حقه، على ما بينته تلك الآية: للوالدين والأقربين أي: في إبلاغهم فرضهم المبين في آية: يوصيكم الله في أولادكم فإنه أجمع آية: حقا على المتقين تأكيد للكتابة بأنها أمر ثابت لا يسوغ التسامح فيه بوجه ما: فمن بدله [ ص: 414 ] أي: هذا المكتوب الحق: بعدما سمعه أي: فعلم الحق المفروض فيه: فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم أي: فلا يخفى عليه شيء من حال الممتثل والمبدل. وقوله تعالى: فمن خاف من موص جنفا أي: ميلا عما فرضه تعالى: أو إثما أي: بقطع من يستحق عن حقه، لما لا تخلو عنه كثير من الأنفس التي لم يدركها نور التهذيب: فأصلح بينهم أي: بأمر رضي به الكل: فلا إثم عليه أي: لأن الصلح جائز، إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا، والله أعلم.اهـ المنقول من الدفتر.
القول في تأويل قوله تعالى:

[183] يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون

يا أيها الذين آمنوا كتب أي - فرض -: عليكم الصيام وهو الإمساك عن الطعام والشراب والوقاع من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.

واعلم أن مصالح الصوم لما كانت مشهودة بالعقول السليمة، والفطر المستقيمة شرعه الله لعباده رحمة لهم، وإحسانا إليهم، وحمية، وجنة..! فإن المقصود من الصيام: حبس النفس عن الشهوات، وفطمها عن المألوفات، وتعديل قوتها الشهوانية، لتسعد بطلب ما فيه غاية سعادتها ونعيمها، وقبول ما تزكوا به مما فيه حياتها الأبدية..!. ويكسر الجوع والظمأ من حدتها وسورتها، ويذكرها بحال الأكباد الجائعة من المساكين... وتضيق مجاري الشيطان من العبد بتضييق مجاري الطعام والشراب، وحبس قوى الأعضاء عن استرسالها لحكم الطبيعة فيما يضرها في معاشها ومعادها، ويسكن كل عضو منها وكل قوة عن جماحها، وتلجم بلجامه، فهو لجام المتقين، وجنة المجاهدين، ورياضة الأبرار والمقربين... وهو لرب العالمين من بين سائر الأعمال، فإن الصائم لا يفعل شيئا، إنما ترك شهوته وطعامه [ ص: 415 ] وشرابه من أجل معبوده، فهو ترك محبوبات النفس وتلذذاتها ; إيثارا لمحبة الله ومرضاته، وهو سر بين العبد وربه، ولا يطلع عليه سواه...
https://alashrafedu.com/up/uploads/w...5352161885.gif



ابوالوليد المسلم 26-03-2022 08:05 PM

رد: تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله
 
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/10/35.jpg
تفسير "محاسن التأويل"

محمد جمال الدين القاسمي
سورة البقرة
المجلد الثالث
صـ 416 الى صـ 420
الحلقة (82)

والعباد قد يطلعون منه على ترك المفطرات الظاهرة. وأما كونه ترك طعامه وشرابه وشهوته من أجل معبوده، فهو أمر لا يطلع عليه بشر. وذلك حقيقة الصوم..! وللصوم تأثير عجيب في حفظ الجوارح الظاهرة، والقوى الباطنة. وحميتها عن التخليط الجالب لها المواد الفاسدة، التي إذا استولت عليها أفسدتها. واستفراغ المواد الردية المانعة له من صحتها، فالصوم يحفظ على القلب والجوارح صحتها. ويعيد إليها ما استلبته منها أيدي الشهوات. فهو من أكبر العون على التقوى، كما قال تعالى في تتمة الآية: لعلكم تتقون وقال النبي صلى الله عليه وسلم: « الصوم جنة » . وأمر من اشتدت عليه شهوة النكاح ولا قدرة له عليه بالصيام، وجعله وجاء هذه الشهوة. وكان هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه أكمل الهدي، وأعظم [ ص: 416 ] تحصيلا للمقصود، وأسهله على النفوس. ولما كان فطم النفس عن مألوفاتها وشهواتها من أشق الأمور وأصعبها، تأخر فرضه إلى وسط الإسلام بعد الهجرة ; لما توطنت النفوس على التوحيد والصلاة، وألفت أوامر القرآن، فنقلت إليه بالتدريج. وكان فرضه السنة الثانية من الهجرة. فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد صام تسعة رمضانات. وفرض أولا على وجه التخيير بينه وبين أن يطعم عن كل يوم مسكينا. ثم نقل من ذلك التخيير إلى تحتم الصوم، وجعل الإطعام للشيخ الكبير والمرأة - إذا لم يطيقا الصيام - فإنهما يفطران ويطعمان عن كل يوم مسكينا - كما سيأتي بيانه - وكان للصوم رتب ثلاث:

أحدها: إيجابه بوصف التخيير.

والثانية: تحتمه، لكن كان الصائم إذا نام قبل أن يطعم حرم عليه الطعام والشراب إلى الليلة القابلة، فنسخ ذلك بالرتبة الثالثة، وهي التي استقر عليها الشرع إلى يوم القيامة..! كما أفاده ابن القيم في زاد المعاد.

وقوله تعالى: كما كتب على الذين من قبلكم تأكيد للحكم، وترغيب فيه، وتطييب لأنفس المخاطبين به، فإن الشاق إذا عم سهل عمله. والمماثلة إنما هي في أصل الوجوب لا في الوقت والمقدار، وفيه دليل على أن الصوم عبادة قديمة. وفي التوراة، سفر عزرا، الإصحاح الثاني، ص 750:

(21) وناديت هناك بصوم على نهر أهوا، لكي نتذلل أمام إلهنا لنطلب منه طريقا مستقيمة لنا ولأطفالنا ولكل مالنا.

وفي سفر إشعياء، الإصحاح الثامن والخمسون ص 1062:

(3) يقولون: لماذا صمنا ولم ننظر. ذللنا أنفسنا ولم نلاحظ. ها إنكم في يوم صومكم توجدون مسرة وبكل أشغالكم تسخرون.

(4) ها إنكم للخصومة والنزاع تصومون ولتضربوا بلكمة الشر. لستم تصومون، كما اليوم، لتسميع صوتكم في العلاء.

(5) أمثل هذا يكون صوم أختاره، يوما يذلل الإنسان فيه نفسه، يحني كالأسلة رأسه، ويفرش تحته مسحا ورمادا. هل تسمي هذا صوما ويوما مقبولا للرب؟... إلخ.

[ ص: 417 ] وفي سفر يوئيل، الإصحاح الأول، ص 1299:

* 14 * قدسوا صوما.

وفي الإصحاح الثاني، ص 1300:

* 12 * ولكن الآن يقول الرب: ارجعوا إلي بكل قلوبكم وبالصوم والبكاء والنوح.

* 13 * ومزقوا قلوبكم لا ثيابكم، وارجعوا إلى الرب إلهكم ; لأنه رؤوف رحيم بطيء الغضب وكثير الرأفة...

* 15 *.. قدسوا صوما نادوا باعتكاف.

* 16 * اجمعوا الشعب قدسوا الجماعة.

وفي سفر زكرياء، الإصحاح الثامن ص 1347:

* 19 * هكذا قال رب الجنود: إن صوم الشهر الرابع وصوم الخامس وصوم السابع وصوم العاشر يكون لبيت يهوذا ابتهاجا وفرحا وأعيادا طيبة. فأحبوا الحق والسلام.

وفي إنجيل متى، الإصحاح السادس ص 11:

* 17 * وأما أنت فمتى صمت فادهن رأسك واغسل وجهك.

* 18 * لكي لا تظهر للناس صائما، بل لأبيك الذي في الخفاء. فأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية.

الإصحاح السابع عشر ص 32:

لما رأى عيسى عليه الصلاة والسلام فتى وأخرج منه الشيطان قال لأصحابه:

* 21 * وأما هذا الجنس فلا يخرج إلا بالصلاة والصوم.

وفي الإصحاح الرابع ص 6:

* 2 * فبعد ما صام أربعين نهارا وأربعين ليلة جاع أخيرا أي: المسيح عليه السلام.

وفي رسالة بولس الثانية إلى أهل كورنثوس، الإصحاح السادس ص 295:

* 4 * بل في كل شيء نظهر أنفسنا كخدام الله في صبر كثير، في شدائد، في ضرورات، في ضيقات.

* 5 * في ضربات، في سجون، في اضطرابات، في أتعاب، في أسهار، في أصوام.

[ ص: 418 ] وفي الإصحاح الحادي عشر ص 301:

* 27 * في تعب وكد، في أسهار مرارا كثيرة، في جوع وعطش، في أصوام مرارا كثيرة، في برد وعري.

هذا، ومتى أطلق الصوم في كل شريعة، فلا يقصد به إلا الامتناع عن الأكل كل النهار إلى المساء، لا مجرد إبدال طعام بطعام.

وقوله تعالى: لعلكم تتقون أي: تجعلون بينكم وبين سخطه تعالى وقاية بالمسارعة إليه، والمواظبة عليه، رجاء لرضاه تعالى ; فإن الصوم يكسر الشهوة، فيقمع الهوى، فيردع عن مواقعة السوء.
القول في تأويل قوله تعالى:

[184] أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون .

أياما معدودات نصب على الظرف، أي: كتب عليكم الصيام في أيام معدودات، وهي أيام شهر رمضان، كما بينها تعالى فيما بعد، بقوله: شهر رمضان الذي أنـزل فيه القرآن فمن كان منكم مريضا أي: مرضا يضره الصوم، أو يعسر معه.

والمرض: السقم، وهو نقيض الصحة واضطراب الطبيعة بعد صفائها واعتدالها: أو على سفر أي: فافطر: فعدة أي: فعليه صوم عدة أيام المرض والسفر: من أيام أخر غير المعدودات المذكورة. وإنما رخص الفطر في حال المرض والسفر لما في ذلك من المشقة. وقد سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان في أعظم الغزوات وأجلها: في غزوة بدر، [ ص: 419 ] وغزوة الفتح. قال عمر بن الخطاب: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان غزوتين: يوم بدر والفتح، فأفطرنا فيهما.

تنبيهات:

الأول: ثبت أنه صلى الله عليه وسلم صام في السفر وأفطر، كما خير بعض الصحابة بين الصوم والفطر. ففي الصحيحين عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره في يوم حار، حتى يضع الرجل يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا ما كان من النبي صلى الله عليه وسلم وابن رواحة. وقوله: في بعض أسفاره: وقع في إحدى روايتي مسلم، بدله في شهر رمضان. وعن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صائم. وفي رواية: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فلما غابت الشمس قال لرجل: « انزل فاجدح لنا..! » فقال: يا رسول الله! لو أمسيت. قال: « انزل فاجدح لنا » . قال: « إن عليك نهارا » . فنزل، فجدح له، فشرب، ثم قال: « إذا رأيتم الليل قد أقبل من ههنا - وأشار بيده نحو المشرق - فقد أفطر الصائم » رواه الشيخان. واللفظ لمسلم.

[ ص: 420 ] وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة فصام حتى بلغ عسفان، ثم دعا بماء فرفعه إلى يديه ليريه الناس، فأفطر حتى قدم مكة، وذلك في رمضان.

فكان ابن عباس يقول: قد صام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفطر، فمن شاء صام، ومن شاء أفطر.
رواه الشيخان. واللفظ للبخاري.

وعن قزعة قال: أتيت أبا سعيد الخدري فسألته عن الصوم في السفر، فقال: سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ونحن صيام، قال: فنزلنا منزلا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إنكم قد دنوتم من عدوكم، والفطر أقوى لكم » . فكانت رخصة، فمنا من صام ومنا من أفطر.

ثم نزلنا منزلا آخر فقال: « إنكم مصبحو عدوكم والفطر أقوى لكم فأفطروا » . وكانت عزمة فأفطرنا. ثم قال لقد رأيتنا نصوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك في السفر،
رواه مسلم. وعن عائشة: أن حمزة بن عمرو الأسلمي قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أأصوم في السفر؟ - وكان كثير الصيام - فقال: « إن شئت فصم وإن شئت فأفطر » . رواه البخاري.

https://alashrafedu.com/up/uploads/w...5352161885.gif

ابوالوليد المسلم 26-03-2022 08:06 PM

رد: تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله
 

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/10/35.jpg
تفسير "محاسن التأويل"

محمد جمال الدين القاسمي
سورة البقرة
المجلد الثالث
صـ 421 الى صـ 425
الحلقة (83)

ورواه مسلم من طريق آخر، أنه قال: يا رسول الله أجد بي قوة على الصيام في السفر [ ص: 421 ] فهل علي جناح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « هي رخصة من الله، فمن أخذ بها فحسن، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه » .

وعن أنس بن مالك قال: كنا نسافر مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم. رواه الشيخان.

الثاني: لا يخفى أن جواز الصوم للمسافر إذا أطاقه بلا ضرر. وأما إذا شق عليه الصوم فلا ريب في كراهته، لما في الصحيحين: عن جابر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فرأى زحاما، ورجل قد ظلل عليه، فقال: « ما هذا؟ » فقالوا: صائم، فقال: « ليس من البر الصوم في السفر » . فلا ينافي هذا ما تقدم، كما لا يرد أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، لأن السياق والقرائن تدل على تخصيصه بمن شق عليه الصوم. وما تقدم في غيره.

قال ابن دقيق العيد: وينبغي أن يتنبه للفرق بين دلالة السبب والسياق والقرائن على تخصيص العام، وعلى مراد المتكلم ; وبين مجرد العام على سبب. فإن بين المقامين فرقا واضحا. ومن أجراهما مجرى واحدا لم يصب. فإن مجرد ورود العام على سبب لا يقتضي التخصيص به، كنزول آية السرقة في قصة رداء صفوان. وأما السياق والقرائن الدالة على مراد المتكلم فهي المرشدة إلى بيان المجملات، كما في هذا الحديث. انتهى. وهو استنباط جيد. وبالجملة: فالمريض والمسافر يباح لهما الفطر. فإن صاما صح، فإن تضررا، كره..!.

[ ص: 422 ] الثالث: لم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم تقدير المسافة التي يفطر فيه الصائم بحد، ولا صح عنه في ذلك شيء. وقد أفطر دحية بن خليفة الكلبي في سفر ثلاثة أميال، وقال لمن صام: قد رغبوا عن هدي محمد صلى الله عليه وسلم..!. وكان الصحابة حين ينشئون السفر يفطرون من غير اعتبار مجاوزة البيوت، ويخبرون أن ذلك سنته وهديه صلى الله عليه وسلم. كما قال عبيد بن جبر: ركبت مع أبي بصرة الغفاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفينة من الفسطاط في رمضان، فلم نجاوز البيوت حتى دعا بالسفرة. قال: اقترب، قلت: ألست ترى البيوت؟ قال أبو بصرة: أترغب عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ رواه أبو داود وأحمد. ولفظ أحمد: ركبت مع أبي بصرة من الفسطاط إلى الإسكندرية في سفينة، فلما دفعنا من مرسانا أمر بسفرته فقربت، ثم دعاني إلى الغداء. وذلك في رمضان، فقلت: يا أبا بصرة! والله ما تغيبت عنا منازلنا بعد؟! فقال: أترغب عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقلت: لا! قال: فلم نزل مفطرين حتى بلغنا ماحوزنا، قيل: أي: موضعهم الذي أرادوه.

وقال محمد بن كعب: أتيت أنس بن مالك في رمضان - وهو يريد السفر - وقد رحلت راحلته، وقد لبس ثياب السفر، فدعا بطعام فأكل. فقلت له: سنة؟ قال: سنة. ثم ركب. قال الترمذي: حديث حسن. وقال الدارقطني فيه: فأكل وقد تقارب غروب الشمس..!. وهذه الآثار صريحة أن من أنشأ السفر في أثناء يوم من رمضان فله الفطر فيه. قاله في " زاد المعاد ".

وعلى الذين يطيقونه أي: الصوم، إن أفطروا: فدية أي: إعطاء فدية وهي: طعام مسكين و " الفدية ": ما يقي الإنسان به نفسه من مال يبذله في عبادة يقصر فيها، و " الطعام ": ما يؤكل وما به قوام البدن: فمن تطوع خيرا بأن أطعم أكثر [ ص: 423 ] من مسكين: فهو خير له لأنه فعل ما يدل على مزيد حبه لربه: وأن تصوموا أيها المطيقون: خير لكم من الفدية وإن زادت: إن كنتم تعلمون أي: فضيلة الصوم وفوائده، أو إن كنتم من أهل العلم.

وقد ذهب الأكثرون إلى أن هذه الآية منسوخة بما بعدها. فإنه كان في بدء الإسلام فرض عليهم الصوم ولم يتعودوه، فاشتد عليهم، فرخص لهم في الإفطار والفدية، كما روى مسلم عن سلمة بن الأكوع قال: لما نزلت هذه الآية: وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين كان من أراد أن يفطر ويفتدي، حتى نزلت الآية بعدها فنسختها. وأسند من طريق آخر عن سلمة أيضا قال: كنا في رمضان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من شاء صام، ومن شاء أفطر فافتدى بطعام مسكين، حتى أنزلت هذه الآية: فمن شهد منكم الشهر فليصمه . وفي البخاري. قال ابن عمر وسلمة بن الأكوع: نسختها: شهر رمضان الآية. ثم روي عن ابن أبي ليلى: حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: نزل رمضان فشق عليهم، فكان من أطعم كل يوم مسكينا ترك الصوم ممن يطيقه، ورخص لهم في ذلك، فنسخت وأمروا بالصوم. ثم أسند أيضا عن ابن عمر أنه قال: هي منسوخة.

هذا، وقد روى البخاري في " التفسير ": عن عطاء أنه سمع ابن عباس يقول في هذه الآية: ليست بمنسوخة، هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما، فليطعمان مكان كل يوم مسكينا.

[ ص: 424 ] هذا، وقد ذكر البخاري في " التفسير ": أن أنس بن مالك أطعم - بعد ما كبر - عاما أو عامين، كل يوم مسكينا، خبزا ولحما، وأفطر. رواه تعليقا، ووصله أبو يعلى الموصلي في " مسنده " ورواه عبد بن حميد في " مسنده " من حديث ستة من أصحاب أنس عن أنس، بمعناه وروى محمد بن هشام في فوائده عن حميد قال: ضعف أنس عن الصوم عام توفي، فسألت ابنه عمر بن أنس: أطاق الصوم؟ قال: لا..! فلما عرف أنه لا يطيق القضاء أمر بجفان من خبز ولحم فأطعم العدة أو أكثر...!.

ولما أبهم الأمر في الأيام عينت هنا بقوله تعالى:
القول في تأويل قوله تعالى:

[185] شهر رمضان الذي أنـزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون .

شهر رمضان لأن ذلك أفخم وآكد من تعيينه من أول الأمر.

وقال الراغب: جعل معالم فرضه على الأهلة ليبادر الإنسان به في كل وقت من أوقات السنة، كما يدور الشهر فيه من الصيف والشتاء والربيعين.

وفي رفع: شهر وجهان:

أحدهما: أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره: هي شهر، يعني الأيام المعدودات. فعلى هذا يكون قوله: الذي أنـزل نعتا للشهر أو لرمضان.

والثاني: [ ص: 425 ] هو مبتدأ.

ثم في الخبر وجهان:

أحدهما: الذي أنـزل

والثاني: إن: الذي أنـزل صفة، والخبر هو الجملة التي هي قوله: فمن شهد

فإن قيل: لو كان خبرا لم يكن فيه الفاء لأن شهر رمضان لا يشبه الشرط؟!.

قيل: الفاء - على قول الأخفش - زائدة. وعلى قول غيره: ليست زائدة، وإنما دخلت لأنك وصفت الشهر بـ: ( الذي ) ، فدخلت الفاء كما تدخل في خبر نفس الذي. ومثله: قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم فإن قيل: فأين الضمير العائد على المبتدأ من الجملة؟ قيل: وضع الظاهر موضعه تفخيما، أي: فمن شهده منكم. كذا في العكبري.

الذي أنـزل فيه القرآن أي: ابتدأ فيه إنزاله، وكان ذلك في ليلة القدر.

قال الرازي: لأن مبادي الملل والدول هي التي يؤرخ بها، لكونها أشرف الأوقات، ولأنها أيضا أوقات مضبوطة معلومة.

وقال سفيان بن عيينة: معناه: أنزل في فضله القرآن. وهذا اختيار الحسين بن الفضل. قال: ومثله أن يقال: أنزل الله في الصديق كذا آية، يريدون: في فضله.

وقال ابن الأنباري: أنزل - في إيجاب صومه على الخلق - القرآن، كما يقال: أنزل الله في الزكاة كذا وكذا، يريد في إيجابها، وأنزل في الخمر كذا يريد في تحريمها. والله أعلم.

قال الحرالي: أشعرت الآية أن في الصوم حسن تلق لمعناه، ويسرا لتلاوته، ولذلك جمع فيه بين صوم النهار وتهجد الليل، وهو صيغة مبالغة من القرء وهو ما جمع الكتب والصحف والألواح. انتهى.
https://alashrafedu.com/up/uploads/w...5352161885.gif



ابوالوليد المسلم 26-03-2022 08:06 PM

رد: تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله
 
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/10/35.jpg
تفسير "محاسن التأويل"

محمد جمال الدين القاسمي
سورة البقرة
المجلد الثالث
صـ 426 الى صـ 430
الحلقة (84)

[ ص: 426 ] وفي مدحه - بإنزاله فيه - مدح للقرآن به، من حيث أشعر أن من أعظم المقاصد بمشروعيته تصفية الفكر لأجل فهم القرآن، ليوقف على حقيقة ما اتبع هذا به من أوصافه التي قررت ما افتتحت به السورة، من أنه لا ريب فيه، وأنه هدى على وجه أعم من ذلك الأول. فقال تعالى: هدى للناس نصب على الحال وبينات من الهدى والفرقان عطف على الحال قبله. فهي حال أيضا. والظرف صفة. أي: أنزل حال كونه هداية للناس، وآيات واضحة مرشدة إلى الحق، فارقة بينه وبين الباطل. ولدفع سؤال التكرار في قوله: وبينات إلخ بعد قوله: هدى للناس حمل بعض المفسرين: الهدى الأول بواسطة النكرة على الهدى الذي لا يقدر قدره المختص بالقرآن، أعني هدايته بإعجازه. والثاني على الهدى الحاصل باشتماله على الواضحات من أمر الدين، والفرقان بين الحلال والحرام والأحكام والحدود والخروج من الشبهات.

وثمت وجه آخر نقله الرازي: وهو أن: الهدى الثاني المراد به التوراة والإنجيل، قال تعالى: نـزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنـزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس وأنـزل الفرقان فبين تعالى أن القرآن - مع كونه هدى في نفسه - ففيه أيضا هدى من الكتب المتقدمة التي هي هدى وفرقان، والله أعلم.

فمن شهد منكم الشهر فليصمه هذا إيجاب حتم على من شهد استهلال الشهر - أي: حضر فيه بأن كان مقيما في البلد حين دخل شهر رمضان، وهو صحيح في بدنه - أن يصوم لا محالة. ووضع الظاهر موضع الضمير للتعظيم والمبالغة في البيان. ثم أعيد ذكر الرخصة بقوله تعالى: ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر لئلا يتوهم من تعظيم أمر الصوم في نفسه وأنه خير، أن الصوم حتم لا تتناوله الرخصة بوجه، أو [ ص: 427 ] تتناوله ولكنها مفضولة. وفيه عناية بأمر الرخصة، وأنها محبوبة له تعالى كما ورد. وفي إطلاقه، إشعار بصحة وقوع القضاء متتابعا وغير متتابع: يريد الله بكم اليسر أي: تشريع السهولة بالترخيص للمريض والمسافر، وبقصر الصوم على شهر: ولا يريد بكم العسر في جعله عزيمة على الكل وزيادته على شهر.

قال الحرالي: اليسر: عمل لا يجهد النفس ولا يثقل الجسم. والعسر: ما يجهد النفس ويضر الجسم.

قال الشعبي: إذا اختلف عليك أمران، فإن أيسرهما أقربهما إلى الحق، لهذه الآية.

وروى الإمام أحمد مرفوعا: « إن خير دينكم أيسره، إن خير دينكم أيسره » .

وروى أيضا: «إن دين الله في يسر. ثلاثا » .

وفي الصحيحين: أن رسول الله صلى الله عليه قال لمعاذ وأبي موسى، حين بعثهما إلى اليمن: « يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا، وتطاوعا ولا تختلفا » .

وفي السنن والمسانيد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « بعثت بالحنيفية السمحة » .

أي التي [ ص: 428 ] لا إصر فيها ولا حرج كما قال تعالى: وما جعل عليكم في الدين من حرج

ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون علل لفعل محذوف مدلول عليه بما سبق تقديره. ولهذه الأمور شرع ذلك. يعني جملة ما ذكر من أمر الشاهد بصوم الشهر، وأمر المرخص له بمراعاة عدة ما أفطر فيه، ومن الترخيص في إباحة الفطر. فقوله: {لتكملوا } علة الأمر بمراعاة العدة: ولتكبروا علة ما علم من كيفية القضاء، والخروج عن عهدة الفطر: ولعلكم تشكرون علة الترخيص والتيسير. وهذا نوع من اللف لطيف المسلك، لا يكاد يهتدي إلى تبينه إلا النقاب المحدث من علماء البيان!. وإنما عدي فعل التكبير بحرف الاستعلاء لكونه مضمنا معنى الحمد. كأنه قيل: [ ص: 429 ] ولتكبروا الله حامدين على ما هداكم. ومعنى: ولعلكم تشكرون وإرادة أن تشكروا. ويجوز عطفها على اليسر، أي: يريد بكم لتكملوا... إلخ، كقوله تعالى: يريدون ليطفئوا إلخ. والمراد بالتكبير: تعظيمه تعالى والثناء عليه. كذا أفاده الزمخشري.

قال الحرالي: وفي لفظ: ولتكبروا الله إشعار لما أظهرته السنة من صلاة العيد، وأعلن فيها بالتكبير. وكرر مع الجهر فيها لمقصد موافقة معنى التكبير الذي إنما يكون علنا. وجعلت في براح من متسع الأرض لمقصد التكبير، لأن تكبير الله إنما هو بما جل من مخلوقاته. انتهى ملخصا.

وقال ابن كثير: وقوله تعالى: ولتكبروا الله أي: ولتذكروا الله عند انقضاء عبادتكم، كما قال: فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا وقال: فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون وقال: وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ومن الليل فسبحه وأدبار السجود ولهذا جاءت السنة باستحباب التسبيح والتحميد والتكبير بعد الصلوات المكتوبات.

[ ص: 430 ] وقال ابن عباس: ما كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بالتكبير.

ولهذا أخذ كثير من العلماء مشروعية التكبير في عيد الفطر من هذه الآية. حتى ذهب داود بن علي الأصبهاني الظاهري إلى وجوبه في عيد الفطر، لظاهر الأمر في قوله: ولتكبروا الله على ما هداكم وفي مقابلته مذهب أبي حنيفة رحمه الله: أنه لا يشرع التكبير في عيد الفطر. والباقون على استحبابه. انتهى.

وفي " زوائد المشكاة " عن عبد الله بن عمر أنه كان إذا غدا يوم الأضحى ويوم الفطر يجهر بالتكبير حتى يأتي المصلى. ثم يكبر حتى يأتي الإمام. وفي رواية: رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، رواه الدارقطني. وعن نافع أن ابن عمر كان يغدو إلى المصلى يوم الفطر إذا طلعت الشمس، فيكبر حتى يأتي المصلى، ثم يكبر بالمصلى حتى إذا جلس الإمام ترك التكبير. رواه الشافعي.

قال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الرافعي: حديث أنه صلى الله عليه وسلم كان يخرج يوم الفطر والأضحى رافعا صوته بالتهليل والتكبير حتى يأتي المصلى، رواه الحاكم والبيهقي من حديث ابن عمر من طرق مرفوعا وموقوفا، وصحح وقفه. ورواه الشافعي موقوفا أيضا.

وفي الأوسط عن أبي هريرة مرفوعا: زينوا أعيادكم بالتكبير. إسناده غريب. انتهى.

وفائدة طلب الشكر في هذا الموضع، هو أنه تعالى، لما أمر بالتكبير، وهو لا يتم إلا بأن يعلم العبد جلال الله وكبرياءه وعزته وعظمته، وكونه أكبر من أن تصل إليه عقول العقلاء، وأوصاف الواصفين، وذكر الذاكرين. ثم يعلم أنه سبحانه - مع جلاله وعزته واستغنائه عن جميع المخلوقات، فضلا عن هذا المسكين - خصه الله بهذه الهداية العظيمة - لا بد وأن يصبر ذلك داعيا للعبد إلى الاشتغال بشكره، والمواظبة على الثناء عليه بمقدار قدرته وطاقته، فلهذا قال: ولعلكم تشكرون أفاده الرازي.
https://alashrafedu.com/up/uploads/w...5352161885.gif




ابوالوليد المسلم 26-03-2022 08:07 PM

رد: تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله
 

https://majles.alukah.net/imgcache/2020/10/35.jpg
تفسير "محاسن التأويل"

محمد جمال الدين القاسمي
سورة البقرة
المجلد الثالث
صـ 431 الى صـ 435
الحلقة (85)

القول في تأويل قوله تعالى:

[186] وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون .

وإذا سألك عبادي عني فإني قريب قال الراغب: هذه الآية من تمام الآية الأولى. لأنه لما حث على تكبيره وشكره على ما قيضه لهم من تمام الصوم، بين أن الذي يذكرونه ويشكرونه قريب منهم، ومجيب لهم إذا دعوه، ثم تمم ما بقي من أحكام الصوم.

قال الرازي: إن السؤال متى كان مبهما، والجواب مفصلا، دل الجواب على أن المراد من ذلك المبهم هو ذلك المعين. فلما قال في الجواب: فإني قريب علمنا أن السؤال كان عن القرب والبعد بحسب الذات، أي: كما صرحت به الرواية السابقة. والقريب من أسمائه تعالى الحسنى. ومعناه القريب من عبده بسماعه دعاءه، ورؤيته تضرعه، وعلمه به، كما قال: ونحن أقرب إليه من حبل الوريد وقال: وهو معكم أين ما كنتم وقال: ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم

[ ص: 432 ] قال الإمام تقي الدين ابن تيمية، عليه الرحمة، في عقيدته الواسطية:

ودخل - فيما ذكرناه من الإيمان بالله - الإيمان بما أخبر الله به في كتابه، وتواتر عن رسوله صلى الله عليه وسلم، وأجمع عليه سلف الأمة. من أنه سبحانه فوق سماواته على عرشه، علي على خلقه. وهو معهم سبحانه أينما كانوا. يعلم ما هم عاملون. كما جمع بين ذلك في قوله: هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينـزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير وليس معنى قوله: وهو معكم أين ما كنتم أنه مختلط بالخلق، فإن هذا لا توجبه اللغة. وهو خلاف ما أجمع عليه سلف الأمة، وخلاف ما فطر الله عليه الخلق. بل القمر - آية من آيات الله - من أصغر مخلوقاته، وهو موضوع في السماء، وهو مع المسافر أينما كان. وهو سبحانه فوق العرش رقيب على خلقه، مهيمن عليهم، مطلع إليهم، إلى غير ذلك من معاني ربوبيته، وكل هذا الكلام الذي ذكره الله من أنه فوق العرش، وأنه معنا - حق على حقيقته لا يحتاج إلى تحريف، ولكن يصان عن الظنون الكاذبة. ودخل في ذلك: الإيمان بأنه قريب من خلقه، كما قال تعالى: وإذا سألك عبادي عني فإني قريب الآية. وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: « إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته » . وما ذكر في الكتاب والسنة - من قربه ومعيته - لا ينافي ما ذكر من علوه وفوقيته..! فإنه سبحانه ليس كمثله شيء [ ص: 433 ] في جميع نعوته. وهو علي في دنوه، قريب في علوه...!. انتهى كلامه رحمه الله تعالى.

وقوله تعالى: أجيب دعوة الداع إذا دعان تقرير للقرب وتحقيق له، ووعد للداعي بالإجابة. وقد قرئ في السبع بإثبات الياء في الداع ودعان في الوصل دون الوقف، وبالحذف مطلقا.

تنبيهات:

الأول: في معنى الدعاء.

قال في القاموس وشرحه: الدعاء: الرغبة إلى الله تعالى فيما عنده من الخير، والابتهال إليه بالسؤال، ويطلق على العبادة والاستغاثة.

الثاني: فيما فسر به قوله تعالى: أجيب دعوة الداع

قال ابن القيم في " زاد المعاد " في هديه صلى الله عليه وسلم في سجوده ما نصه: وأمر يعني النبي صلى الله عليه وسلم بالدعاء في السجود، وقال: إنه قمن أن يستجاب لكم. وهل هذا أمر بأن يكثر الدعاء في السجود؟ أو أمر بأن الداعي إذا دعا في محل فليكن في السجود؟ وفرق بين الأمرين.! وأحسن ما يحمل عليه الحديث، أن الدعاء نوعان: دعاء ثناء، ودعاء مسألة. والنبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر في سجوده من النوعين. والدعاء الذي أمر به في السجود يتناول النوعين. والاستجابة - أيضا - نوعان: استجابة دعاء الطالب بإعطائه سؤاله، [ ص: 434 ] واستجابة دعاء المثني بالثواب. وبكل واحد من النوعين فسر قوله تعالى: أجيب دعوة الداع إذا دعان والصحيح أنه يعم النوعين. انتهى.

الثالث: فيمن هو الداعي المجاب:

قال الراغب: بين تعالى - في هذه الآية - إفضاله على عباده، وضمن أنهم إذا دعوه أجابهم، وعليه نبه بقوله تعالى: ادعوني أستجب لكم إن قيل: قد ضمن في الآيتين أن من دعاه أجابه، وكم رأينا من داع له لم يجبه؟! قيل: إنه ضمن الإجابة لعباده، ولم يرد بالعباد من ذكرهم بقوله: إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا وإنما عنى به الموصوفين بقوله: إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين وقوله: وعباد الرحمن الآيات. وللدعاء المجاب شرائط وهي: أن يدعو بأحسن الأسماء، كما قال تعالى: ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ويخلص النية، ويظهر الافتقار، ولا يدعو بإثم، ولا بما يستعين به على معاداته. وأن يعلم أن نعمته فيما يمنعه من دنياه كنعمته فيما خوله وأعطاه. ومعلوم أن من هذا حاله فمجاب الدعوة..!

وقال ابن القيم، عليه الرحمة، أيضا في أول كتابه: " الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء [ ص: 435 ] الشافي " ما نصه، بعد جمل: وكذلك الدعاء، فإنه من أقوى الأسباب في دفع المكروه وحصول المطلوب. ولكن قد يتخلف عنه أثره، إما لضعفه في نفسه، بأن يكون دعاء لا يحبه الله لما فيه من العدوان. وإما لضعف القلب وعدم إقباله على الله وجمعيته عليه وقت الدعاء، فيكون بمنزلة القوس الرخو جدا. فإن السهم يخرج منه خروجا ضعيفا. وإما لحصول المانع من الإجابة من أكل الحرام والظلم ورين الذنوب عن القلوب واستيلاء الغفلة والسهو واللهو وغلبتها عليه، كما في صحيح الحاكم من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: « ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يقبل دعاء من قلب غافل لاه! » . فهذا دواء نافع مزيل للداء. ولكن غفلة القلب عن الله، تبطل قوته. وكذلك أكل الحرام يبطل قوته ويضعفها، كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أيها الناس! إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم وقال: يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ثم ذكر: الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يده إلى السماء: يا رب يا رب! ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك..؟! » . وذكر عبد الله بن أحمد في كتاب " الزهد " لأبيه: أصاب بني إسرائيل بلاء، فخرجوا مخرجا، فأوحى الله عز وجل إلى نبيهم أن أخبرهم: أنكم تخرجون إلى الصعيد بأبدان نجسة، وترفعون إلي أكفا قد سفكتم بها الدماء، وملأتم بها بيوتكم من الحرام، الآن حين اشتد غضبي عليكم؟! ولن تزدادوا مني إلا بعدا..!.

https://alashrafedu.com/up/uploads/w...5352161885.gif



ابوالوليد المسلم 26-03-2022 08:07 PM

رد: تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله
 
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/10/35.jpg
تفسير "محاسن التأويل"

محمد جمال الدين القاسمي
سورة البقرة
المجلد الثالث
صـ 436 الى صـ 440
الحلقة (86)


ثم قال ابن القيم رحمه الله: والدعاء من أنفع الأدوية. وهو عدو البلاء، يدافعه، ويعالجه، ويمنع نزوله، ويرفعه، أو يخففه إذا نزل، وهو سلاح المؤمن. كما روى الحاكم في " [ ص: 436 ] صحيحه " من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم الله وجهه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « الدعاء سلاح المؤمن وعماد الدين، ونور السماوات والأرض» ، وله مع البلاء ثلاث مقامات: أحدها: أن يكون أقوى من البلاء فيدفعه. الثاني: أن يكون أضعف من البلاء فيقوى عليه البلاء فيصاب به العبد، ولكن قد يخففه وإن كان ضعيفا. الثالث: أن يتقاوما ويمنع كل واحد منهما صاحبه....

وقد روى الحاكم في " صحيحه " من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لا يغني حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وإن البلاء لينزل فيلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة» !. وفيه أيضا، من حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل. فعليكم عباد الله، بالدعاء » !.

وفيه أيضا: من حديث ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم: « لا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر، وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه.. » !.

ثم قال ابن القيم رضي الله عنه: ومن أنفع الأدوية الإلحاح في الدعاء. وقد روى ابن ماجه في " سننه " من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من لم يسأل الله يغضب عليه » ! وفي " صحيح الحاكم " من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم: « لا تعجزوا في الدعاء فإنه لا يهلك مع الدعاء أحد » . وذكر الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إن الله يحب الملحين في الدعاء » ؟ وفي كتاب " الزهد " للإمام أحمد عن قتادة قال: قال مورق: ما وجدت للمؤمن مثلا إلا رجل في البحر على خشبة، فهو يدعو: يا رب! لعل الله عز وجل أن ينجيه..!.

[ ص: 437 ] ثم قال ابن القيم نور الله ضريحه: ومن الآفات التي تمنع ترتب أثر الدعاء عليه، أن يستعجل العبد ويستبطئ الإجابة، فيستحسر ويدع الدعاء. وهو بمنزلة من بذر بذرا أو غرس غرسا، فجعل يتعاهده ويسقيه، فلما استبطأ كماله وإدراكه تركه وأهمله..!. وفي البخاري من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي» !. وفي صحيح مسلم عنه: « لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل» ! قيل: يا رسول الله ما الاستعجال؟ قال: « يقول: قد دعوت وقد دعوت فلم أر الله يستجيب لي، فيستحسر عند ذاك ويدع الدعاء » . وفي مسند أحمد من حديث أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لا يزال العبد بخير ما لم يستعجل» . قالوا: يا رسول الله! كيف يستعجل؟ قال: « يقول: قد دعوت لربي فلم يستجب لي » .

ثم قال:

فصل

وإذا اجتمع مع الدعاء حضور القلب وجمعيته بكليته على المطلوب، وصادف وقتا من أوقات الإجابة الستة وهي: الثلث الأخير من الليل، وعند الأذان، وبين الأذان والإقامة، وأدبار الصلوات المكتوبات، وعند صعود الإمام يوم الجمعة على المنبر حتى تقضى الصلاة، وآخر ساعة بعد العصر من ذلك اليوم، وصادف خشوعا في القلب، وانكسارا بين يدي [ ص: 438 ] الرب، وذلا وتضرعا ورقة، واستقبل الداعي القبلة، وكان على طهارة، ورفع يديه إلى الله تعالى، وبدأ بحمد الله والثناء عليه، ثم ثنى بالصلاة على محمد عبده صلى الله عليه وسلم، ثم قدم بين يدي حاجته التوبة والاستغفار، ثم دخل على الله وألح عليه في المسالة وتملقه ودعاه رغبة ورهبة، وتوسل إليه بأسمائه وصفاته وتوحيده، وقدم بين يدي دعائه صدقة ; فإن هذا الدعاء لا يكاد يرد أبدا. ولا سيما إن صادف الأدعية التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها مظنة الإجابة، أو أنها متضمنة للاسم الأعظم. فمنها ما في السنن، وفي صحيح ابن حبان من حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد..!. فقال: « لقد سألت الله بالاسم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب » !. وفي لفظ: « لقد سألت الله باسمه الأعظم» . وفي السنن و " صحيح ابن حبان " أيضا من حديث أنس بن مالك أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا ورجل يصلي، ثم دعا: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: « لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى» . وأخرج الحديثين أحمد في " مسنده " وفي " جامع الترمذي " من حديث أسماء بنت يزيد، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « اسم [ ص: 439 ] الله الأعظم في هاتين الآيتين: وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم وفاتحة آل عمران: الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم » . قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وفي " مسند أحمد " و " صحيح الحاكم " من حديث أبي هريرة وأنس بن مالك وربيعة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام» . يعني: تعلقوا بها والزموها وداوموا عليها. وفي " جامع الترمذي " من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أهمه الأمر رفع رأسه إلى السماء فقال: « سبحان الله العظيم » وإذا اجتهد في الدعاء قال: « يا حي يا قيوم.. » ! وفيه أيضا من حديث أنس بن مالك قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كربه أمر قال: « يا حي يا قيوم! برحمتك أستغيث» .

وفي صحيح الحاكم من حديث أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « اسم الله الأعظم في ثلاث سور من القرآن: البقرة وآل عمران وطه » .

https://alashrafedu.com/up/uploads/w...5352161885.gif



ابوالوليد المسلم 26-03-2022 08:08 PM

رد: تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله
 
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/10/35.jpg
تفسير "محاسن التأويل"

محمد جمال الدين القاسمي
سورة البقرة
المجلد الثالث
صـ 441 الى صـ 445
الحلقة (87)

قال القاسم: فالتمستها فإذا هي آية الحي القيوم. وفي " جامع الترمذي " و " صحيح الحاكم " من حديث سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط، إلا استجاب الله له» . قال الترمذي: حديث صحيح. وفي " صحيح الحاكم " أيضا من حديث سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم: « ألا أخبركم بشيء إذا نزل برجل منكم أمر مهم فدعا به يفرج الله عنه؟! دعاء ذي النون» . وفي " صحيحه " أيضا عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 440 ] وهو يقول: « هل أدلكم على اسم الله الأعظم؟ دعاء يونس» . فقال رجل: يا رسول الله! هل كان ليونس خاصة؟ فقال: « ألا تسمع قوله: فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين فأيما مسلم دعا بها في مرضه أربعين مرة فمات في مرضه ذلك، أعطي أجر شهيد. وإن برأ، برأ مغفورا له! » . وفي الصحيحين من حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: « لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض رب العرش الكريم » . وفي " مسند الإمام أحمد ": من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل بي كرب أن أقول: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله وتبارك الله رب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين. وفي " مسنده " أيضا من حديث عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك. أسألك اللهم بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو علمته أحدا من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ; أن تجعل القرآن العظيم [ ص: 441 ] ربيع قلبي، ونور بصري، وجلاء حزني، وذهاب همي.... إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرحا» فقيل: يا رسول الله! ألا نتعلمها؟ قال: « بل ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها» .

وقال ابن مسعود: ما كرب نبي من الأنبياء إلا استغاث بالتسبيح.

ثم قال ابن القيم: وكثيرا ما نجد أدعية دعا بها قوم فاستجيب لهم، فيكون قد اقترن بالدعاء ضرورة صاحبه وإقباله على الله، أو حسنة تقدمت منه، جعل الله سبحانه إجابة دعوته شكرا لحسنته. أو صادف الدعاء وقت إجابة، ونحو ذلك، فأجيبت دعوته. فيظن الظان أن السر في لفظ ذلك الدعاء، فيأخذه مجردا عن تلك الأمور التي قارنته من ذلك الداعي. وهذا كما إذا استعمل رجل دواء نافعا في الوقت الذي ينبغي على الوجه الذي ينبغي، فانتفع به، فظن غيره أن استعمال هذا الدواء بمجرده كاف في حصول المطلوب كان غالطا. وهذا موضع يغلط فيه كثير من الناس. ومن هذا، قد يتفق دعاؤه باضطرار عند قبر فيجاب. فيظن الجاهل أن السر للقبر. ولم يعلم أن السر للاضطرار وصدق اللجأ إلى الله. فإذا حصل لك في بيت من بيوت الله كان أفضل وأحب إلى الله...

ثم قال ابن القيم: والأدعية والتعوذات بمنزلة السلاح. والسلاح بضاربه لا بحده فقط! فمتى كان السلاح سلاحا تاما لا آفة به، والساعد ساعد قوي، والمانع مفقود، حصلت به النكاية في العدو..! ومتى تخلف واحد من هذه الثلاثة، تخلف التأثير..! فإن كان الدعاء في نفسه غير صالح، أو الداعي لم يجمع بين قلبه ولسانه في الدعاء، أو كان ثم مانع من الإجابة ; لم يحصل التأثير..!.

ثم قال ابن القيم: وهنا سؤال مشهور، وهو: أن المدعو به إن كان قد قدر لم يكن بد من وقوعه، دعا به العبد أو لم يدع، وإن لم يكن قد قدر لم يقع، سواء سأله العبد أو لم يسأله. فظنت طائفة صحة هذا السؤال، فتركت الدعاء وقالت: لا فائدة فيه! وهؤلاء - مع فرط جهلهم وضلالهم - يتناقضون. فإن طرد مذهبهم يوجب تعطيل جميع الأسباب.

[ ص: 442 ] فيقال لأحدهم: إن كان الشبع والري قد قدر لك فلا بد من وقوعهما. أكلت أو لم تأكل. وإن لم يقدرا لم يقعا. أكلت أو لم تأكل. وإن كان الولد قدر لك، فلا بد منه، وطأت الزوجة والأمة أو لم تطأهما، وإن لم يقدر لم يكن. فلا حاجة إلى التزويج والتسري. وهلم جرا... فهل يقال: هذا عاقل أو آدمي؟ بل الحيوان البهيم مفطور على مباشرة الأسباب التي بها قوامه وحياته. فالحيوانات أعقل وأفهم من هؤلاء الذين هم كالأنعام بل هم أضل سبيلا.

وتكايس بعضهم، وقال: الاشتغال بالدعاء من باب التعبد المحض. يثيب الله عليه الداعي من غير أن يكون له تأثير في المطلوب بوجه ما..! ولا فرق - عند هذا الكيس - بين الدعاء والإمساك عنه بالقلب واللسان في التأثير في حصول المطلوب. وارتباط الدعاء عندهم به كارتباط السكوت، ولا فرق.... وقالت طائفة أخرى أكيس من هؤلاء: بل الدعاء علامة مجردة نصبها الله سبحانه أمارة على قضاء الحاجة، فمتى وفق العبد للدعاء كان ذلك علامة له، وأمارة على أن حاجته قد قضيت... وهذا كما إذا رأيت غيما أسود باردا في زمن الشتاء. فإن ذلك دليل وعلامة على أنه يمطر.... قالوا: وهكذا حكم الطاعات مع الثواب، والكفر والمعاصي مع العقاب، هي أمارات محضة لوقوع الثواب والعقاب، لا أنها أسباب له..! وهكذا - عندهم - الكسر مع الانكسار، والحرق مع الإحراق، والإزهاق مع القتل، ليس شيء من ذلك سببا البتة، ولا ارتباط بينه وبين ما يترتب عليه إلا بمجرد الاقتران العادي لا التأثير السببي. وخالفوا بذلك، الحس والعقل والشرع وسائر طوائف العقلاء. بل أضحكوا عليهم العقلاء.... والصواب أن ههنا قسما ثالثا غير ما ذكره السائل، وهو: إن هذا المقدور قدر بأسباب، ومن أسبابه الدعاء، فلم يقدر مجردا عن سببه ولكن قدر بسببه، فمتى أتى العبد بالسبب وقع المقدور، ومتى لم يأت بالسبب انتفى المقدور. وهذا كما قدر الشبع والري بالأكل والشرب، وقدر الولد بالوطء، وقدر حصول الزرع بالبذر، [ ص: 443 ] وقدر خروج نفس الحيوان بذبحه. وكذلك قدر دخول الجنة بالأعمال، ودخول النار بالأعمال. وهذا القسم هو الحق، وهذا الذي حرمه السائل ولم يوفق له. وحينئذ، فالدعاء، من أقوى الأسباب. فإذا قدر وقوع المدعو به بالدعاء، لم يصح أن يقال: لا فائدة في الدعاء، كما لا يقال: لا فائدة في الأكل والشرب، وجميع الحركات والأعمال ; وليس شيء من الأسباب أنفع من الدعاء ولا أبلغ في حصول المطلوب! ولما كان الصحابة رضي الله عنهم أعلم الأمة بالله ورسوله وأفقههم في دينه، كانوا أقوم بهذا السبب وشروطه وآدابه من غيرهم. وكان عمر رضي الله عنه يستنصر به على عدوه، وكان أعظم جنده، وكان يقول للصحابة: لستم تنصرون بكثرة وإنما تنصرون من السماء! وكان يقول: إني لا أحمل هم الإجابة ولكن هم الدعاء، فإذا ألهمت الدعاء فإن الإجابة معه....

فمن ألهم الدعاء فقد أريد به الإجابة، فإن الله سبحانه يقول: ادعوني أستجب لكم وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان وفي " سنن ابن ماجه" من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من لم يسأل الله يغضب عليه » . وهذا يدل على أن رضاه في سؤاله وطاعته، وإذا رضي الرب تبارك وتعالى فكل خير في رضاه، كما أن كل بلاء ومصيبة في غضبه... وقد ذكر الإمام أحمد في كتاب " الزهد " أثرا: أنا الله لا إله إلا أنا، إذا رضيت باركت وليس لبركتي منتهى. وإذا غضبت لعنت ولعنتي تبلغ السابع من الولد، وقد دل العقل والنقل والفطرة وتجارب الأمم - على اختلاف أجناسها ومللها ونحلها - على أن التقرب إلى رب العالمين، وطلب مرضاته، والبر والإحسان إلى خلقه، من أعظم الأسباب الجالبة لكل خير ; وأضدادها من أكبر الأسباب الجالبة [ ص: 444 ] لكل شر... فما استجلبت نعم الله واستدفعت نقمة الله بمثل طاعته والتقرب إليه والإحسان إلى خلقه. وقد رتب الله سبحانه حصول الخيرات في الدنيا والآخرة، وحصول السرور في الدنيا والآخرة - في كتابه - على الأعمال، ترتب الجزاء على الشرط، والمعلول على العلة، والمسبب على السبب. وهذا في القرآن يزيد على ألف موضع، فتارة يرتب الحكم الخبري الكوني والأمر الشرعي على الوصف المناسب له، كقوله تعالى: فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين وقوله: فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين وقوله: والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا وقوله: إن المسلمين والمسلمات - إلى قوله -: والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما وهذا كثير جدا..!

وتارة ترتبه عليه بصيغة الشرط والجزاء: كقوله تعالى: إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم وقوله: وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا [ ص: 445 ] وقوله: فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ونظائره...

وتارة يأتي بلام التعليل: كقوله: ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب وقوله: لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا

وتارة يأتي بأداة كي التي للتعليل، كقوله: كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم

https://alashrafedu.com/up/uploads/w...5352161885.gif


ابوالوليد المسلم 26-03-2022 08:09 PM

رد: تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله
 
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/10/35.jpg
تفسير "محاسن التأويل"

محمد جمال الدين القاسمي
سورة البقرة
المجلد الثالث
صـ 446 الى صـ 450
الحلقة (88)

وتارة يأتي بباء السببية كقوله تعالى: ذلك بما قدمت أيديكم وقوله: ( بما كنتم تعملون ) ، [ ص: 446 ] و: بما كنتم تكسبون وقوله: ذلك جزاؤهم بأنهم كفروا بآياتنا

وتارة يأتي بالمفعول لأجله ظاهرا أو محذوفا، كقوله: فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى وكقوله تعالى: أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين وقوله: أن تقولوا إنما أنـزل الكتاب على طائفتين من قبلنا أي: كراهة أن تقولوا.

[ ص: 447 ] وتارة بفاء السببية كقوله: فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم وقوله: فعصوا رسول ربهم فأخذهم أخذة رابية وقوله: فكذبوهما فكانوا من المهلكين ونظائره.

وتارة يأتي بأداة لما الدالة على الجزاء، كقوله: فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين ونظائره.

وتارة يأتي بإن وما عملت فيه، كقوله: إنهم كانوا يسارعون في الخيرات وقوله في ضد هؤلاء: إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين

وتارة يأتي بأداة لولا الدالة على ارتباط ما قبلها بما بعدها، كقوله: فلولا أنه كان من المسبحين في بطنه إلى يوم يبعثون

وتارة يأتي بـ " لو " الدالة على الشرط، كقوله: ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم

[ ص: 448 ] وبالجملة: فالقرآن - من أوله إلى آخره - صريح في ترتب الجزاء بالخير والشر والأحكام الكونية والأمرية على الأسباب، بل ترتب أحكام الدنيا والآخرة ومصالحهما ومفاسدهما على الأسباب والأعمال. ومن تفقه في هذه المسألة، وتأملها حق التأمل، انتفع بها غاية النفع، ولم يتكل على القدر جهلا منه وعجزا وتفريطا وإضاعة ; فيكون توكله عجزا، وعجزه توكلا..! بل الفقيه - كل الفقيه - الذي يرد القدر بالقدر، ويدفع القدر بالقدر، ويعارض القدر بالقدر. لا يمكن للإنسان أن يعيش إلا بذلك..! فإن الجوع والعطش والبرد وأنواع المخاوف والمحاذير هي من القدر. والخلق كلهم ساعون في دفع هذا القدر.... وهكذا من وفقه الله وألهمه رشده يدفع قدر العقوبة الأخروية بقدر التوبة والإيمان والأعمال الصالحة... فهذا وزن القدر المخوف في الدنيا وما يضاده، فرب الدارين واحد، وحكمته واحدة، لا يناقض بعضها بعضا، ولا يبطل بعضها بعضا. فهذه المسألة من أشرف المسائل لمن عرف قدرها، ورعاها حق رعايتها... والله المستعان.

ولكن يبقى عليه أمران بهما تتم سعادته وفلاحه:

أحدهما: أن يعرف تفاصيل أسباب الشر والخير ويكون له بصيرة في ذلك بما شهده في العالم، وما جربه في نفسه وغيره، وما سمعه من أخبار الأمم قديما وحديثا.

ومن أنفع ما في ذلك: تدبر القرآن، فإنه كفيل بذلك على أكمل الوجوه، وفيه أسباب الخير والشر جميعا مفصلة مبينة ; ثم السنة، فإنها شقيقة القرآن وهي الوحي الثاني. ومن صرف إليهما عنايته اكتفى بهما من غيرهما، وهما يريانك الخير والشر وأسبابهما، حتى كأنك تعاين ذلك عيانا... وبعد ذلك، فإذا تأملت أخبار الأمم، وأيام الله في أهل طاعته وأهل [ ص: 449 ] معصيته، طابق ذلك ما علمته من القرآن والسنة، ورأيته بتفاصيل ما أخبر الله به ووعد به. وعلمت من آياته في الآفاق ما يدلك على أن القرآن حق، وأن الرسول حق، وأن الله ينجز وعده لا محالة..! فالتاريخ تفصيل لجزئيات ما عرفنا الله ورسوله من الأسباب الكلية للخير والشر... انتهى.

وقوله تعالى: فليستجيبوا لي أي: إذا دعوتهم للإيمان والطاعة، كما أجيبهم إذا دعوني لمهماتهم: وليؤمنوا بي أمر بالثبات على ما هم عليه: لعلهم يرشدون أي: راجين إصابة الرشد وهو الحق.

تنبيهان:

الأول: قال الراغب: أوثر فليستجيبوا على فليجيبوا للطيفة، وهي: أن حقيقة الاستجابة طلب الإجابة، وإن كان قد يستعمل في معنى الإجابة. فبين أن العباد متى تحروا إجابته بقدر وسعهم فإنه يرضى عنهم. إن قيل: كيف جمع بين الاستجابة والإيمان، وأحدهما يغني عن الآخر، فإنه لا يكون مستجيبا لله من لا يكون مؤمنا؟ قلنا: استجابته ارتسام أوامره ونواهيه التي تتولاه الجوارح، والإيمان هو الذي تقتضيه القلوب. وأيضا فإن الإيمان المعني ههنا هو الإيمان المذكور في قوله: إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله الآية.

الثاني: قدمنا عن الراغب سر وصل هذه الآية بما قبلها، ووجه التناسب. وثمت سر آخر قاله الحافظ ابن كثير، وعبارته:

وفي ذكره تعالى هذه الآية الباعثة على الدعاء، متخللة بين أحكام الصيام، إرشاد إلى الاجتهاد [ ص: 450 ] في الدعاء عند إكمال العدة، بل وعند كل فطر. كما روى أبو داود الطيالسي في " مسنده " عن عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « للصائم عند إفطاره دعوة مستجابة » . فكان عبد الله بن عمرو إذا أفطر دعا أهله وولده ودعا. وروى ابن ماجه عن عبد الله بن عمرو قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: « إن للصائم عند فطره دعوة ما ترد... » وكان عبد الله يقول إذا أفطر: اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي... وروى الإمام أحمد، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم يرفعها الله دون الغمام يوم القيامة، وتفتح لها أبواب السماء، ويقول: بعزتي لأنصرنك ولو بعد حين » .
https://alashrafedu.com/up/uploads/w...5352161885.gif


ابوالوليد المسلم 26-03-2022 08:09 PM

رد: تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله
 
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/10/35.jpg
تفسير "محاسن التأويل"

محمد جمال الدين القاسمي
سورة البقرة
المجلد الثالث
صـ 451 الى صـ 455
الحلقة (89)

القول في تأويل قوله تعالى:

[187] أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون

.

[ ص: 451 ] وقوله تعالى: أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم إرشاد إلى ما شرعه في الصوم - بعد بيان إيجابه على من وجب عليه، وحاله معه حضرا أو سفرا، وعدته من إحلال غشيان الزوج ليلا. وكأن الصحابة تحرجوا عن ذلك ظنا أنه من تتمة الصوم، ورأوا أن لا صبر لأنفسهم عنه، فبين لهم أن ذلك حلال لا حرج فيه.

وقد روى البخاري عن البراء رضي الله عنه قال: لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كله، وكان رجال يخونون أنفسهم، فأنزل الله: علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم

إيذانا بأنه أحله ولم يحرمه ; إذ لم يشرع من فضله ما فيه إعنات وحرج.

و " الرفث ": أصله قول الفحش. وكنى به هنا عن الجماع وما يتبعه، كما كنى عنه في قوله: فلما تغشاها وقوله: فأتوا حرثكم فالله تعالى كريم يكني. وإيثار الكناية عنه - هنا - بلفظ الرفث الدال على معنى القبح - عدا بقية الآيات - استهجانا لما [ ص: 452 ] وجد منهم قبل الإباحة، كما سماه اختيانا لأنفسهم. والكناية عما يستقبح ذكره بما يستحسن لفظه من سنن العرب. وللثعالبي في آخر كتابه " فقه اللغة " فصل في ذلك بديع.

ثم إن المستعمل الشائع: رفث بالمرأة - بالباء - وإنما عدي هنا بإلى لتضمنه معنى الإفضاء، كما في قوله: وقد أفضى بعضكم إلى بعض

هن لباس لكم وأنتم لباس لهن قال الراغب: جعل اللباس كناية عن الزوج لكونه سترا لنفسه ولزوجه أن يظهر منهما سوء، كما أن اللباس ستر يمنع أن يبدو منه السوأة. وعلى ذلك كنى عن المرأة بالإزار، وسمي النكاح حصنا لكونه حصنا لذويه عن تعاطي القبيح.

وهذا ألطف من قول بعضهم: شبه كل واحد من الزوجين - لاشتماله على صاحبه في العناق والضم - باللباس المشتمل على لابسه، وفيه قال الجعدي:


إذا ما الضجيع ثنى عطفها تثنت فكانت عليه لباسا


وقال الزمخشري: فإن قلت: ما موقع قوله: هن لباس لكم ؟ قلت: هو استئناف كالبيان لسبب الإحلال، وهو أنه إذا كانت بينكم وبينهن مثل هذه المخالطة والملابسة، قل صبركم عنهن، وصعب عليكم اجتنابهن ; فلذلك رخص لكم في مباشرتهن.

علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم استئناف آخر مبين لما ذكر من السبب، وهو اختيان النفس، أي: قلة تصبيرها من نزوعها إلى رغيبتها. ومنه: خانته رجلاه، إذا لم يقدر على المشي. أي: علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم، لو لم يحل لكم ذلك [ ص: 453 ] فأحله رحمة بكم ولطفا، وفي الاختيان وجه آخر وهو: أنه عنى به مخالفة الحق بنقض العهد، أي: كنتم تظلمونها بذلك - بتعريضها للعقاب - لو لم يحل ذلك لكم. قالوا: والاختيان أبلغ من الخيانة - كالاكتساب من الكسب - ففيه زيادة وشدة.

ثم أشار تعالى إلى لطفه بالمؤمنين بتخفيفه ما كان يغلهم ويثقلهم ويخونهم لولا رحمته، بقوله: فتاب عليكم أي: عاد بفضله وتيسيره عليكم برفع الحرج في الرفث ليلا: وعفا عنكم أي: جاوز عنكم تحريمه، فالعفو بمعنى التوسعة والتخفيف: فالآن باشروهن قال أبو البقاء: حقيقة الآن: الوقت الذي أنت فيه ; وقد يقع على الماضي القريب منك، وعلى المستقبل القريب وقوعه، تنزيلا للقريب منزلة الحاضر وهو المراد - هنا - لأن قوله: فالآن باشروهن أي: فالوقت الذي كان يحرم عليكم الجماع فيه من الليل قد أبحناه لكم فيه ; فعلى هذا " الآن " ظرف ل " فباشروهن ". وقيل: الكلام محمول على المعنى، والتقدير: فالآن قد أبحنا لكم أن تباشروهن. ودل على المحذوف لفظ الأمر الذي يراد به الإباحة. فعلى هذا الآن على حقيقته.

وأصل " المباشرة " إلصاق البشرة بالبشرة. كني بها عن الجماع الذي يستلزمها: وابتغوا ما كتب الله لكم تأكيد لما قبله، أي: ابتغوا هذه الرخصة التي أحلها لكم. و " كتب " هنا، إما بمعنى جعل كقوله: كتب في قلوبهم الإيمان [ ص: 454 ] أي: جعل، وقوله: فاكتبنا مع الشاهدين فسأكتبها للذين يتقون أي: أجعلها. أو بمعنى قضى، كقوله: قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا أي: قضاه، وقوله: كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز وقوله: لبرز الذين كتب عليهم القتل أي: قضي.

قال الراغب: في الآية إشارة في تحري النكاح إلى لطيفة. وهي: أن الله تعالى جعل لنا شهوة النكاح لبقاء نوع الإنسان إلى غاية! كما جعل لنا شهوة الطعام لبقاء أشخاصنا إلى غاية! فحق الإنسان أن يتحرى بالنكاح ما جعل الله له على حسب ما يقتضيه العقل والديانة. فمتى تحرى به حفظ النفس وحصن النفس على الوجه المشروع، فقد ابتغى ما كتب الله له. وإلى هذا أشار من قال: عنى الولد.

[ ص: 455 ] وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر أباح تعالى الأكل والشرب - مع ما تقدم من إباحة الجماع - في أي الليل شاء الصائم إلى أن يتبين ضياء الصباح من سواد الليل. وشبها بخيطين: أبيض وأسود، لأن أول ما يبدو من الفجر المعترض في الأفق وما يمتد معه من غبش الليل، كالخيط الممدود. قال أبو دؤاد الإيادي:


فلما أضاءت لنا سدفة ولاح من الصبح خيط أنارا
https://alashrafedu.com/up/uploads/w...5352161885.gif


ابوالوليد المسلم 26-03-2022 08:10 PM

رد: تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله
 
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/10/35.jpg
تفسير "محاسن التأويل"

محمد جمال الدين القاسمي
سورة البقرة
المجلد الثالث
صـ 456 الى صـ 460
الحلقة (90)

وقوله: من الفجر بيان للخيط الأبيض. واكتفى به عن بيان الخيط الأسود، لأن بيان أحدهما بيان للثاني. وقد رفع بهذا البيان الالتباس الذي وقع أول أمر الصيام. كما روى الشيخان وغيرهما عن سهل بن سعد قال: أنزلت: وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ولم ينزل: من الفجر [ ص: 456 ] وكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجله الخيط الأبيض والخيط الأسود، ولا يزال يأكل حتى يتبين له رؤيتهما، فأنزل الله بعده: من الفجر فعلموا إنما يعني الليل والنهار، ورويا أيضا. واللفظ لمسلم - عن عدي بن حاتم قال: لما نزلت: حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر قال له عدي: يا رسول الله! إني أجعل تحت وسادتي عقالين: عقالا أبيض وعقالا أسود، أعرف الليل من النهار. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إن وسادك لعريض، إنما هو سواد الليل وبياض النهار» .

قال ابن كثير: ومعنى قوله: إن وسادك لعريض أي: إن كان يسع تحته الخيطين المرادين من هذه الآية ; فيقتضي أن يكون بعرض المشرق والمغرب..! وجاء في بعض هذه الألفاظ: « إنك لعريض القفا » ففسره بعضهم بالبلادة - وهو ضعيف بل يرجع إلى هذا ; لأنه إذا كان وساده عريضا فقفاه أيضا عريض، والله أعلم. انتهى.

وفي الإتيان بلفظ التفعل في قوله تعالى: حتى يتبين إشعار بأنه لا يكفي إلا التبين الواضح لا تباشير الضوء. وقد روى مسلم عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لا يغرنكم من سحوركم أذان بلال ولا بياض الأفق المستطيل هكذا حتى يستطير هكذا » . وحكاه حماد بيديه، قال: يعني معترضا. وفي لفظ آخر عنه: « لا يغرنكم نداء بلال ولا هذا البياض حتى يبدو الفجر - أو قال: - حتى ينفجر الفجر » . وروى الإمام أحمد عن قيس بن طلق عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « ليس الفجر المستطيل [ ص: 457 ] في الأفق، ولكنه المعترض الأحمر» . ورواه الترمذي بلفظ: « كلوا واشربوا ولا يهيدنكم الساطع المصعد، وكلوا واشربوا حتى يعترض لكم الأحمر» . قال: وفي الباب عن عدي بن حاتم وأبي ذر وسمرة.

ثم قال: حديث طلق بن علي حديث حسن غريب من هذا الوجه. والعمل على هذا - عند أهل العلم - أنه لا يحرم على الصائم الأكل والشرب حتى يكون الفجر الأحمر المعترض، وبه يقول أهل العلم. انتهى.

قال بعضهم: المراد بالأحمر: الأبيض، كما فسر به حديث: « بعثت إلى الأحمر والأسود» . وقال شمر: سموا الأبيض أحمر تطيرا بالأبرص. حكاه عن أبي عمرو بن العلاء. ويظهر أنه لا حاجة إلى هذا، فإن طلوع الفجر يصحبه حمرة. وفي " القاموس" الفجر: ضوء الصباح، وهو حمرة الشمس في سواد الليل. فافهم.

وقال الحافظ عبد الرزاق في " مصنفه ": أخبرنا ابن جريج عن عطاء: سمعت ابن عباس يقول: هما فجران: فأما الذي يسطع في السماء فليس يحل ولا يحرم شيئا، لكن الفجر الذي يستنير على رؤوس الجبال هو الذي يحرم الشراب. وقال عطاء: فأما إذا سطع سطوعا في السماء - وسطوعه أن يذهب في السماء طولا - فإنه لا يحرم به شراب للصائم ولا صلاة، ولا يفوت به الحج. ولكن إذا انتشر على رؤوس الجبال حرم الشراب للصيام، وفات الحج.

قال ابن كثير: وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس وعطاء. وهكذا روي عن غير واحد من السلف. رحمهم الله. انتهى.

[ ص: 458 ] ثم أتموا الصيام أي: صوم كل يوم: إلى الليل أي: إلى ظهور الظلمة من قبل المشرق. وذلك بغروب الشمس. وكلمة إلى تفيد أن الإفطار عند غروب الشمس، كما جاء في " الصحيحين " عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إذا أقبل الليل من ههنا، وأدبر النهار من ههنا، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم » .

قال ابن القيم: أي: أفطر حكما وإن لم ينوه، أو دخل في وقت فطره، كما في: أصبح وأمسى.

وقد كان صلى الله عليه وسلم يعجل الفطر ويحض عليه، كما في " الصحيحين ": « لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر» . وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: « يقول الله عز وجل: إن أحب عبادي إلي أعجلهم فطرا » . ورواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب. وعن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي على رطبات، فإن لم تكن رطبات فتميرات، فإن لم تكن تميرات حسا حسوات من ماء. رواه الترمذي، [ ص: 459 ] وقال: حسن غريب. وروى الإمام أحمد عن ليلى امرأة بشير بن الخصاصية قالت: أردت أن أصوم يومين مواصلة، فمنعني بشير وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنه وقال: « يفعل ذلك النصارى، ولكن صوموا كما أمركم الله ثم أتموا الصيام إلى الليل، فإذا كان الليل فأفطروا» .

ولهذا ورد في الأحاديث الصحيحة، النهي عن الوصال. وهو: أن يصل يوما بيوم ولا يأكل بينهما شيئا. ففي " الصحيحين " عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « لا تواصلوا...! » قالوا: إنك تواصل، قال: « لست كأحد منكم، إني أطعم وأسقى - أو إني أبيت أطعم وأسقى » . قال الترمذي: وفي الباب عن علي، وأبي هريرة، وعائشة وابن عمر، وجابر، وأبي سعيد، وبشير بن الخصاصية. أي: فالنهي عنه قد ثبت من غير وجه. نعم من أحب أن يواصل إلى السحر فله ذلك، كما في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لا تواصلوا، فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر» [ ص: 460 ] قالوا: فإنك تواصل يا رسول الله قال: « لست كهيئتكم، إني أبيت لي مطعم يطعمني وساق يسقيني » . أخرجاه في " الصحيحين ". والمراد بهذا الطعام والشراب: ما يغذيه الله به من المعارف، وما يفيض على قلبه من لذة مناجاته، وقرة عينه بقربه، وتنعمه بحبه، والشوق إليه، وتوابع ذلك من الأحوال التي هي غذاء القلب، ونعيم الأرواح، وقرة العين، وبهجة النفوس والروح والقلب ; بما هو أعظم غذاء، وأجوده، وأنفعه. وقد يقوي هذا الغذاء حتى يغني عن غذاء الأجسام مدة من الزمان.

ومن له أدنى تجربة وشوق يعلم استغناء الجسم بغذاء القلب والروح عن كثير من الغذاء الحيواني، ولا سيما المسرور الفرحان الظافر بمطلوبه الذي قد قرت عينه بمحبوبه، وتنعم بقربه والرضاء عنه، وألطاف محبوبه وهداياه وتحفه تصل إليه كل وقت. ومحبوبه حفي به، معتز بأمره، مكرم له غاية الإكرام، مع المحبة التامة له. أفليس في هذا أعظم غذاء لهذا المحب؟! فكيف بالحبيب الذي لا شيء أجل منه، ولا أعظم، ولا أجمل، ولا أكمل، ولا أعظم إحسانا، إذا امتلأ قلب المحب بحبه، وملك حبه جميع أجزاء قلبه وجوارحه، وتمكن حبه منه أعظم تمكن؟ وهذا حاله مع حبيبه.

أفليس هذا المحب عند حبيبه يطعمه ويسقيه ليلا ونهارا؟ ولهذا قال: « إني أظل عند ربي يطعمني ويسقيني » . ولو كان ذلك طعاما وشرابا للفم - كما قال - لما كان صائما، فضلا عن كونه مواصلا. كذا في " زاد المعاد ".

وقد روى ابن جرير عن عبد الله بن الزبير وغيره من السلف، أنهم كانوا يواصلون الأيام المتعددة. وحمله منهم على أنهم كانوا يفعلون ذلك رياضة لأنفسهم لا أنهم كانوا يفعلونه عبادة. والله أعلم.

قال ابن كثير: ويحتمل أنهم كانوا يفهمون من النهي أنه إرشادي من باب الشفقة. كما جاء في حديث عائشة: رحمة لهم. فكان ابن الزبير وابنه عامر ومن سلك سبيلهم يتجشمون ذلك ويفعلونه ; لأنهم كانوا يجدون قوة عليه.


https://alashrafedu.com/up/uploads/w...5352161885.gif




الساعة الآن : 05:36 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 128.00 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 127.50 كيلو بايت... تم توفير 0.50 كيلو بايت...بمعدل (0.39%)]