الاعجاز في القران
فأخرجنا منه خضراً الدكتور نظمي خليل أبو العطا أستاذ النبات في جامعة عين الشمس سابقاً مدير مركز ابن النفيس للخدمات الفنية في البحرين حالياً نتحدث عن الإعجاز النباتي من خلال آية من أعظم آيات القرآن الكريم والقرآن كنه عظيم ومعجز ـ آية بها من العلم والحكمة والإعجاز ما يكفي لإنشاء كلية علمية في النبات، هدفها الأول البحث في معاني تلك الآية الكريمة : فسيولوجيا النبات، والنبات الضوئي وعوامله وأهميته، وتصنيفه وتكشف النبات وإزهاره وإثماره، وصفاته الظاهرية والداخلية فضلاً على الأسلوب التربوي العظيم الحادث عند دراسة الصفات والعوامل المرتبطة بها . (وَهُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)[1].هذه الآية هي الآية رقم 99 من سورة الأنعام والتي قالفيها ربنا سبحانه وتعالى : قال المفسرون في معاني الكلمات : خضراً : شيئاً أخضر غضاً . حبا متراكباً : كسنابل الحنطة ونحوها. طلعها : هو أول ما يخرج من ثمر النخل. قنوان : عذوق وعراجين كالعناقيد تنشق عنها الكيزان دانية : متدلية ينعه : حال نضجه وإدراكه ونعرض عليكم في الصفحات التالية التفسير العلمي للآية السابقة : أولاً : فأخرجنا به نبات كل شيء : الماء شرط أساسي وضروري لعلمية الإنبات، تلك العملية المعقدة والتي تحدثنا عنها بإسهاب في موضوع (ما كان لكم أن تنبتوا شجرها ) وهذه الآية تقول إن الماء عندما تنزل على الأرض فإن : 1. جراثيم البكتيرا تنبت وتخرج http://www.55a.net/firas/ar_photo/9/...Coli_NIAID.jpg 2. جراثيم الفطريات تنبت وتخرجعند هطول المطر من السماء تنشط بعض البكتريا 3. جراثيم وعضيات الطحالب تنبت وتخرج 4. جراثيم الحزازيات وعضياتها تنبت وتخرج 5. جراثيم النبات التريدية ومنها السراخس تنبت وتخرج 6. بذور وحبوب النباتات تنبت وتخرج 7. البصلات والبصيلات والريزومات والكورمات والدرنات حتى البراعم الساكنة في النبات تنبت وتخرج. 8. البويضات والبيضات ببعض الحيوانات تنبت وتخرج. إذا كل شيء قابل للإنبات عندما ينزل عليه الماء فإنه ينبت ويخرج وهذا مصداقاً لقوله تعالى :( وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء ). ثانياً : فأخرجنا منه خضراً : بعض الكائنات الحية السابقة والتي تنبت بالماء لا تعطى مطلقاً الخضر مثل معظم أنواع البتكيريا وجميع الفطريات، وبعض النباتات الزهرية المتطفلة أو المريضة أو التي أبعدت عن الضوء، والحيوان منها. البعض الآخر من الكائنات الحية (طحالب خضراء مزرقة، الطحالب الأرضية حزازيات ـ اليخضور ـ بذوريات ) تعطي بعد الإنبات بمدد متفاوتة اللون الأخضر(فالخضر ـ اليخضور ـ الكلورفيل) ويبدأ ظهور الخضر. ويتحكم أيضاً في ظهور الخضر بعض العوامل الخارجية وأهمها الضوء، والنباتات غير المتطفلة التي تفشل في تكون الخضر لأسباب وراثية تموت فور نفاذ الغذاء المدخر في بذورها أو حبوبها أو عضياتها الأخرى بعد خروج الخضر وظهوره يبدأ في القيام بعملية البناء الضوئي وتحول الطاقة الضوئية وثاني أكسيد الكربون الجوي إلى مواد غذائية ثم يزهر النبات ويثمر ويخرج منه الحب. ثالثاً : تخرج منه حباً متراكبة: كلمة ( منه) هذه إذاً عادت على النبات فهو الذي يصنع الحب بإذن الله تعالى وإذا عادت على الخضر فهو الوسيلة الحيوية الرئيسية التي هيأها الله سبحانه وتعالى لصنع الغذاء وإنتاج الحب المتراكب، وإذا عادت على بعض النباتات فهذا حق لأنه بعض النباتات تخرج الحب المتراكب مثل القمح والشعير، وبعضها لا يخرج الحب المتراكب بل يخرج ثماراً وبذور غير متراكبة وهذه العمليات الحيوية العظيمة القدر والقيمة تتم بإذن الله تعالى في النبات البسيط غير العاقل، ونحن العقلاء http://www.55a.net/firas/ar_photo/8/...atFlower11.jpg أصحاب البحوث العلمية ومختبرات الفضاء والذرة إذا أردنا صنع حبة قمح واحدة وأقمنا مصنعاً بمساحة قارة لعجزنا عن صنع هذه الحبة من مكوناتها الأولية. القمح ينتج الحب المتراكب (الصورة فوق صورة لسنبلة من القمح) جميع العلميات الحيوية السابقة تقف في غياب الماء، وكل عمليات الحياة تتوقف إذا لم يتكون الخضر قال تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ)[2]. وقال تعالى : (الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُون)[3]. فولا الخضر لما ثبت البنات ولا بعض الكائنات الحية الخضراء الطاقة الشمسية ولولا الخضر ما تكونت أي مادة غذائية على الأرض ولولا الخضر ما كان على الأرض ناراً ولا خشباً ولا فحماً ولا بترولاً ولا كهرباءً ولا حياة. الشمس هي أصل الطاقة على الأرض واليخضور (الخضر) هو المثبت الأصلي للطاقة الشمسية من يوم أن خلق الله سبحانه وتعالى النبات الأخضر . فهل كان هناك من يعلم أن اللون الأخضر هو سبب وجود النار والطاقة على سطح الكرة الأرضية ؟ فالورقة الخضراء : أقدم وأعظم وأضخم مصنع للطاقة في العالم.
http://www.55a.net/firas/ar_photo/9/blasteed.JPG فهل رأيتم إعجازاً مثل هذا الإعجاز ؟الأوراق الخضراء أقدم وأعظم مصنع للطاقة في العالم حيث تتم فيه أعقد العمليات العمليات الكيميائية (الشكل التالي يوضح العمليات الكيميائية التي تتم داخل البلاستيدة الخضراء من أجل تحويل الطاقة الضوئية إلى غذاء فمن علم النبات كل هذه المعادلات والعمليات المعقدة) رابعاً : (وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) تحدثنا عن النخل بإسهاب في موضوع ( النخل في القرآن الكريم والعلم الحديث ) وتكلمنا عن الزيتون في موضوع عن ( الزيتون في القرآن الكريم والعلم الحديث ) أما مشتبها وغير متشابه فقد تحدثنا عنها في موضوع (ومن النبات أزواج) ألم أقل في بداية الكلام إن هذه الآية تصلح منهجاً دراسياً متكاملاً لكلية للنبات والزراعة http://www.55a.net/firas/ar_photo/8/...onut_palm1.jpg قال تعالى : (وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا منه خضراً نخرج منه حباً متراكباً ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب والزيتون والرمان مشتبهاً وغير متشابه انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه إن في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون ) صدق الله العظيم ونحن على ذلك من الشاهدين . صورة لشجرة نخيل تحمل ثمار التمر ولي مع هذه الآية الكريمة قصة طريفة أحب أن أقصها عليكم . . فقد كنت مشرفاً على معامل النبات في كلية التربية جامعة عين شمس، وسمعت أحد المعيدين جزاه الله خيراً يشرح للطلاب ويقرأ هذه الآية، فكاد قلبي أن ينخلع من هول ما فهمت من الآية أثناء قراءته لها، ووضعه لها في موضعها الصحيح من الدرس، ومن يومها عزمت على الحديث عن آيات النبات في القرآن الكريم وتفسيرها وبيان ما فيها من آيات، وكان اهتمامي بالتفسير والإعجاز النباتي في القرآن الكريم وقد وفقني الله بإعداد وتقديم برنامج الإعجاز النباتي في القرآن الكريم في تلفزيون دولة البحرين ودولة قطر ودولة الإمارات العربية المتحدة ، وإصدار كتاب إعجاز النبات في القرآن الكريم وهذا الكتاب فلله الحمد والمنة. |
عذب فــرات وملح أجاج بقلم الدكتور محمد السقا عيد لقد سمّى الله تعالى ماء الأنهار والماء المختزن تحت الأرض والذي نشربه بالماء الفرات، أي المستساغ الطعم، بينما سمّى ماء البحر بالأجاج للدلالة على ملوحتهالزائدة. يقول الله تعالى: (وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌفُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ)(فاطر12). وسمى ماء المطر بالماء الطهور، قال تعالى : (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا)[الفرقان: 48. وبذلك يكون القرآن أول كتاب يتحدث عن أنواع المياه بدقة فائقة ويعطينا تصنيفاً علمياً لها ويصنفها بما يتناسب مع درجة نقاوتها. فالماء الذي نشربه من الأنهار والينابيع والآبار ماء عذب ومستساغ المذاق لأنه يحوي كمية من المعادن مثل الحديد الذي يجعل طعم الماء حلواً. وهذا يناسبه كلمة (فُراتاً)، و(الماء الفرات) في اللغة هو الماء المستساغ المذاق كما في المعاجم اللغوية. http://www.55a.net/firas/ar_photo/8/222px-Regnbyge.jpg http://www.55a.net/firas/ar_photo/6/222px-Raindrops.jpg الماء النازل من السماء هو ماء مقطر يمتلك خصائص التعقيم والتطهير بينما الماء النازل من السماء هو ماء مقطر يمتلك خصائص التعقيم والتطهير وليس له طعم! لذلك وصفه البيان الإلهي بكلمة (طَهوراً). فعندما ينزل الماء من السماء يكون طهوراً ثم يمتزج بالمعادن والأملاح في الأرض ليصبح فراتاً. وحتى عندما يتحدث القرآن عن مياه الأنهار نجده يستخدم كلمة (فراتاً) ولا يستخدم كلمة (طَهوراً) لأن ماء النهر العذب يحتوي على كثير من المعادن المحلولة فيه(1) يقول تعالى: (وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ) [فاطر: 12] والسؤال الآن :لماذا أعطى الله تعالى لكل نوع من هذين النوعين صفتين:عَذْبٌفُرَات ومِلْحٌ أُجَاجٌ.؟ وما حكمة هذا التكرار في القرآن ؟ إن علماء المياه عندما يتعاملون مع الماء لايكتفون بإطلاق صفة العذوبة أو الملوحة على الماء. فكل المياه التي نراها على الأرض سواء في الأنهار أو البحيرات أو مياه الآبارجميعها تحوي أملاحاً بنسبة لا نكاد نشعر بها، ولكنها لا تغيب عن الله تعالى وهوخالقها. لذلك جاء البيان الإلهي بصفة ثانية وهي(فرات)أيمستساغ المذاق بسبب انحلال بعض المعادن والغازات فيه والتي تعطي الماء طعمهالمعروف. وبالمقابل نجد أن صفة(ملح)لا تكفي لوصف ماءالبحر بشكل دقيق فأتبعها الله تعالى بصفة ثانية وهي(أجاج)أي زائد عن الحد، وهذه الكلمة من فعل)تأجّج(أي زاد وبالغ كما في معاجم اللغة العربية. ولو تأملنا حديث القرآن عن ماء البحر نجد كلمة(أجاج) للدلالة على الملوحة الزائدة فيه. والقرآن لا يكتفيبإطلاق صفة الملوحة على ماء البحر، أي لم يقل ربنا سبحانه(وهذا ملح(بل قال): وهذا ملحأجاج)لأننا من الناحية العلمية إذا قلنا إن هذا الماء يحوي أملاحاً فإنهذا لا يعني شيئاً لأن كل المياه على الأرض فيها أملاح بنسبة أو أخرى،ولذلك يجبأن نحدد نسبة الملوحة فيه،وهذا ما فعله القرآن. هنالك شيء آخر وهو أن القرآن أول كتاب تحدث عن خاصية التطهير الموجودة في ماءالمطر أو الماء المقطر، وهذه الصفة كما قلنا لم تُستخدم في القرآن إلا مع ماء السماء. بينما نجدكتب البشر لا تفرق بين الماء العذب والماء الطهور والماء الفرات، بينما القرآن ميز بينها ووضع كل كلمة فيمكانها الدقيق. فسبحان الذي أحكم آيات كتابه وكلماته وكل حرف من حروفه! والسؤال الذي نودّ أننوجهه لأولئك المشككين بإعجاز القرآن: لو كان القرآن من تأليف بشر هل استطاع التمييز بين هذهالكلمات في ذلك العصر؟ إذن نستطيع القول بأن القرآن تحدث عن مواصفات وخصائص الماء قبل أن يكتشفها علماءالفيزياء بقرون طويلة. أي أن القرآن هو أول كتاب يفرّق بين أنواع المياه، أليس هذا دليلاً مادياًعلى أن القرآن صادر من الله تبارك وتعالى؟؟(2) بقى أن نعلم أن قطرة الماء الواحدة تحوي خمسة آلاف مليون جزيء ماء!!! فكم تحوي بحار الدنيا من هذه الجزيئات؟ |
وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ http://www.55a.net/firas/photo/400px...esize34904.jpg بقلم محمد إسماعيل عتوك قال الله عز وجل:﴿وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ *وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ*وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾(الذاريات:47- 49)أستاذ في اللغة العربية ـ سوريا تُعَدُّ هذه الآيات الكريمة من أقوى الدلائل على قدرة الله تعالى، ووحدانيته، ومن أشدها تحذيرًا من عقابه وعذابه. وقد سبقتها آيات، تحدثت عن أخبار الأمم الطاغية المكذبة بالبعث، وهلاكها، فجاءت هذه الآيات عقبها؛ لتؤكد قدرة الله تعالى على الخلق، والإعادة، وأنه واحد، لا شريك له، يستحق العبادة، والتوحيد؛ ولهذا صدر الأمر منه تعالى لعباده على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم بعبادته سبحانه وحده، وتوحيده، وإلا فمصيرهم كمصير من سبقهم من الأمم؛ وذلك قوله تعالى عقب الآيات السابقة:﴿فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ*وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ﴾(الذاريات:50- 51) وأَوَّلُ ما يلفت النظر في هذه الآيات الكريمة، ويدعو إلى التفكر والتدبر مجيئُها على هذا الترتيب البديع: بناء السماء بقوة، والتوسُّع المستمر في بنائها أولاً. ثم فرش الأرض، وتمهيدها لساكنيها ثانيًا0 ثم خلق زوجين من كل شيء ثالثًا. والسر في ذلك- والله تعالى أعلم- هو أنه لمَّا كان الغرض الإخبار عن قدرة الله تعالى، ووحدانيته، وإقامة الدليل على ذلك، قدَّم سبحانه ما هو أقوى في الخلق. وما كان أقوى في الخلق، كان أقوى في الدلالة، وأظهر في الإفادة.. ومعلوم أن الله تعالى خلق السماوات والأرض، ثم خلق بعدهما جميع المخلوقات، وما خُلِق ابتداءً، كان خَلْقُهُ أشدَّ، وإن كان الكل عند الله تعالى في الخَلْقِ سَواء. وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى: ﴿ أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا* رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا * وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا * وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا ﴾(النازعات:28-30) ﴿فََاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَم مَّنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لَّازِبٍ﴾(الصافات:11) ويشير قوله تعالى:﴿السَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ ﴾إلى أن السماء بُنِيَت بإحكام، على شكل قبَّة مبنية على الأرض، وأن بناءها باقٍ إلى يوم القيامة، لم يُعْدَمْ منه جزءٌ، خلافًا للأرض؛ لأنها في تبدُّل دائم وتغيُّر مستمر، وخلافًا للمخلوقات؛ لأن مصيرها إلى الهلاك والفناء؛ ولهذا قال تعالى في السماء:﴿بَنَيْنَاهَا﴾، وقال في الأرض:﴿فَرَشْنَاهَا﴾، وقال في كل شيء:﴿خَلَقْنَا﴾. فالخَلْقُ يبلَى ويفنَى، والفَرْشُ يُطوَى ويُنقَل. أما البناءُ فثابتٌ باقٍ، وإليه الإشارة بقوله جل وعلا:﴿وََبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً﴾(النبأ:12) والبناءُ في اللغة نقيضُ الهدم، ومعناه: ضَمُّ شيء إلى شيء آخر. ومنه قولهم: بَنَى فلانٌ على أهله.. والأصل فيه: أن الداخل بأهله كان يضرِب عليها قبة ليلة دخوله بها. ومن هنا قيل لكل داخل بأهله: بَانٍ. والعامة تقول: بَنَى الرجل بأهله. والصوابُ هو الأوَّلُ؛ ولهذا شُبِّهَت السماء بالقبة، في كيفية بنائها. وفي تقديم كل من﴿السَّمَاءِ ﴾، و﴿ الْأَرْض ﴾، و﴿ كُلِّ شَيْءٍ﴾على فعله دليلٌ آخر على أن الخالق جل جلاله واحدٌ أحدٌ، لا شريك له في خلقه، لأن تقديم المفعول يفيد معنى الحصر، فإن تأخر عن الفعل، احتمل الكلام أن يكون الفاعل واحدًا، أو أكثر، أو أن يكون غير المتكلم. أما تأخير المفعول في نحو قوله تعالى:﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ﴾(الأنعام: 73) فإن الكفار ما كانوا يشكُّون لحظة في أن الله تعالى هو الذي خلق السماوات والأرض. وهذا ما أشارت إليه الآية الكريمة:﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ﴾(لقمان:25) ثم إن قوله تعالى:﴿وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ﴾يشير بوضوح وجلاء إلى أن الله تعالى بنى هذا الكون، وأحكم بناءه بقوة، وأن هذا البناء المحكم، لم يتوقف عند هذا الحد، وإنما هو في توسُّع دائم، وامتداد إلى ما شاء الله تعالى وقدر. دلَّ على ذلك التعبير بالجملة الاسمية، المؤكدة بـ( إن ) و( اللام )، وهي قوله تعالى:﴿وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ﴾. ثم إن في إطلاق الخبر﴿مُوسِعُونَ ﴾، دون تقييده بالإضافة، دلالة أخرى على ما أراد الله تعالى أن يخبر عنه، وأكده العلم الحديث. فقد ثبت للعلماء منذ الثلث الأول للقرن العشرين أن هذا الجزء المرئي من الكون مُتَّسِعٌ اتِّساعًا، لا يدركه عقل، وأنه في اتِّساع دائم إلى اليوم. بمعنى أن المجرَّات فيه تتباعد عن مجرتنا، وعن بعضها البعض بسرعات هائلة. http://www.55a.net/firas/ar_photo/7/...pansion_ar.png فقد ثبت للعلماء منذ الثلث الأول للقرن العشرين أن هذا الجزء المرئي من الكون مُتَّسِعٌ اتِّساعًا، لا يدركه عقل، وأنه في اتِّساع دائم إلى اليومصورة تبين توسع السماء بعد خلق الكون |
تتمة ماسبق
وهذه الحقيقة المكتشفةأكدتها حسابات كل من الفيزيائيين النظريين والفلكيين, ولا تزال تقدم المزيد من الدعم والتأييد لهذه الحقيقة المشاهدة، التي تشكل إعجازًا علميًا رائعًا من إعجاز القرآن! وفي قوله تعالى:﴿وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ﴾إعجاز آخر من إعجاز القرآن؛ حيث كان الظاهر أن يقال:﴿فَنِعْمَالْفَارِشُونَ﴾، بدلاً من قوله تعالى:﴿فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ﴾. ولو قيل ذلك، لكان بليغًا؛ ولكنه لا يؤدِّي المعنى المراد؛ لأن الأرض خُلِقتْ؛ لتكون موضع سكن واستقرار. ولا يمكن أن تكون كذلك إلا إذا مُهِدَت بعد فرشها. فاختار سبحانه وتعالى للمعنى الأول لفظ ( الفرش )، لِمَا فيه من دلالة على الراحة والاستقرار، واختار للمعنى الثاني لفظ (التمهيد )، لِمَا فيه من دلالة على البَسْط والإصلاح. وكونُ الأرض مفروشة، وممهدة لا ينافي كونها كروية، بل ينسجم معه تمام الانسجام؛ لأن الكرة إذا عَظُمَتْ جِدًا، كانت القطعة منها كالسطح في إمكان الاستقرار عليه. وفَرْشُ الأرض يعني: تذليلها بعد أن كانت ناتئة صلبة. وكما تُذَلَّلُ الأنعام. أي: تفرَش؛ ليُركَب عليها، كذلك تفرَش الأرض؛ ليُسْتقَرَّ عليها.. وأما تمهيد الأرض فهو تهيئتُها، وتسويتها، وإصلاحها؛ لينتفع بها. وأما قوله تعالى:﴿ وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ فيشير إلى أن الله تعالى خلق زوجين من كل شيء، ممَّا نعلم، وممَّا لا نعلم، وجاء العلم الحديث؛ ليكتشف تباعًا ظاهرة الزوجية، في هذا الكون الفسيح، وتمكن العلماء أخيرًا من رؤية هذه الظاهرة، في الحيوان المنوي الذكر. والزَّوْجُ من الألفاظ المتَضَايفَة، التي يقتضي وجودُ أحدهما وجودَ الآخر. وهذا الآخر يكون نظيرًا مُماثلاً، وهو المِثْلُ، ويكون ضِدًّا مُخالفًا، وهو النِّدُّ . وما من مخلوق إلا وله مِثْلٌ، ونِدٌّ، وشِبْهٌ، والله جل وعلا وحده هو الذى لا مِثْلَ له، ولا نِدَّ، ولا شِبْهَ؛ لأنه واحد أحد، وفرد صَمَد،﴿فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّميعُ البَصيرُ ﴾(الشورى:11) ولهذا لا يستحق أحد أن يُسَمَّى خالقًا وربًّا مطلقًا، وأن يكون إلهًا معبودًا إلا الله جل وعلا؛ لأن ذلك يقتضى الاستقلال والانفراد بالمفعول المصنوع، وليس ذلك إلا لله وحده سبحانه، وتعالى عمَّا يقول الظالمون عُلُوًّا كبيرًا.. والحمد لله الذي خلق الإنسان، وعلمه البيان، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا محمد إسماعيل عتوك |
الاعجاز العددي في سورة الفاتحة واليوم ونحن نعيش عصر التكنولوجيا الرقمية تتجلى معجزة القرآن بلغة العصر الأرقام لتكون شاهداً على صدق كلام الحق عزَّ وجلَّ، ودليلاً على أن القرآن لم يُحرَّف. مقدمة سورة الفاتحة هي أول سورة في القرآن، وهي السورة التي نقرأها في كل ركعة من صلاتنا فلا صلاة لمن لم يقرأ بها، وهي سبع آيات، وسماها الله تعالى السبع المثاني، فلابد أن نجد فيها الكثير من التناسقات القائمة على الرقم سبعة. ودليلنا إلى هذا النوع الجديد من الإعجاز هو أول سورة في القرآن وهي أعظم سورة وهي أمُّ القرآن، لنكتشف فيها توافقات مذهلة مع الرقم سبعة. وهذا ليس غريباً، فهي السورة التي سماها الله بالسبع المثاني. لذلك فإن جميع الحقائق الرقمية الواردة في هذا البحث جاءت من مضاعفات الرقم سبعة وهذا يدل على أن خالق السماوات السبع سبحانه هو الذي أنزل القرآن وحفظه إلى يوم القيامة. يقول عز وجل في محكم التنزيل: (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) (الحجر:87). وفي تفسير هذه الآية الكريمة يقول صلى الله عليه وسلم: (الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته) [رواه البخاري]. ونبدأ هذا البحث بسؤال ما هو سرّ تسمية هذه السورة بالسبع المثاني؟ سورة الفاتحة سمّاها الله السبع المثاني، ولذلك فإن عدد آياتها سبع، وعدد الحروف التي تتألف منها عدا المكرر 21 حرفاً أي 7×3 وعدد حروف لفظ الجلالة (الله) أي الألف واللام والهاء هو 49 حرفاً أي 7×7 ، ولو قمنا بعد الحروف المشددة نجد 14 حرفاً أي 7×2، ولو قمنا بعد النقط على الحروف نجد 56 نقطة أي 7×8، وهنالك مئات التناسقات السباعية في هذه السورة العظيمة، فهل ندرك من خلال هذه الحقائق الرقمية سر تسمية هذه السورة بالسبع المثاني؟!! من خلال الحقائق الواردة في هذا البحث سوف نبرهن على وجود معجزة رقمية في سورة الفاتحة يعجز البشر عن الإتيان بمثلها: أساس هذه المعجزة هو الرقم سبعة. ونبدأ هذه الرحلة التدبرية بالحقيقة الأولى مستجيبين لنداء المولى تبارك شأنه:(أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) (النساء:82). الحقيقة الأولى لجهنم سبعة أبواب وتكررت كلمة (جهنم)في القرآن 77 مرة أي 7 × 11 الحقيقة الثانية عدد حروف لغة القرآن هو 28 حرفاً = 7 × 4 عدد الحروف الأبجدية في سورة الفاتحة هو 21 حرفاً = 7 × 3 الحقيقة الثالثة عدد الحروف المقطعة في القرآن (عدا المكرر) هو 14 حرفاً = 7 × 2 عدد الحروف المقطعة في سورة الفاتحة (عدا المكرر) هو 14 حرفاً = 7 × 2 عدد الحروف المقطعة في سورة الفاتحة (مع المكرر) هو 119 حرفاً = 7 × 17 الحقيقة الرابعة عدد حروف الألف واللام والهاء في سورة الفاتحة هو 49 حرفاً = 7 × 7 الحقيقة الخامسة حرف الألف حرف اللام حرف الميم 22 22 15 تكرار حروف (الــم)في الفاتحة هو 22 22 15 = 7 × 21746 حرف الألف حرف اللام حرف الميم 3 4 3 تكرار حروف (الــم)في البسملة هو 343 = 7 × 7× 7 الحقيقة السادسة حرف الألف حرف اللام حرف الراء 7 4 1 تكرار حروف (الـر)في آية السبع المثاني هو 147 = 7 × 7 × 3 حرف الألف حرف اللام حرف الراء 22 22 8 تكرار حروف (الـر)في سورة السبع المثاني: 22 22 8 = 7×7×1678 عدد كلمات سورة السبع المثاني عدد كلمات آية السبع المثاني 31 9 عدد كلمات سورة السبع المثاني وآية السبع المثاني هو 31 9 = 7×7× 19 |
الحقيقة السابعة من عجائب أمّ القرآن أنها تربط أول القرآن بآخره، ويبقى الرقم 7 هو أساس هذا الترابط المذهل، فأول سورة في القرآن هي الفاتحة ورقمها 1، وآخر سورة في القرآن هي سورة الناس ورقمها 114، هذان العددان يرتبطان مع بعضها ليشكلان عدداً مضاعفات السبعة: رقم أول سورة وآخرسورة في القرآن هو 1 114 = 7 × 163 الحقيقة الثامنة العجيب أيضاً ارتباط أول كلمة مع آخر كلمة من القرآن بشكل يقوم على الرقم 7. فأول كلمة في القرآن هي (بسم) وآخر كلمة فيه هي (الناس). ولو بحثنا عن تكرار هاتين الكلمتين في القرآن كله نجد أن كلمة (اسم) قد تكررت 22 مرة، أما كلمة (الناس) فقد تكررت في القرآن 241 مرة، ومن جديد العدد المتشكل من صفّ هذين العددين من مضاعفات الرقم سبعة: تكرار أول كلمة وآخر كلمة في القرآن: 22 241 = 7 × 3446 الحقيقة التاسعة أول آية وآخر آية في القرآن ترتبطان مع الرقم سبعة أيضاً. فكما نعلم أول آية من القرآن (وهي الآية الأولى من سورة الفاتحة) هي (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) (الفاتحة:1)، عدد حروف كل كلمة هو: 3 -4-6-6 حرفاً: العدد المتشكل من صفّ هذه الأرقام هو 6643 من مضاعفات الرقم سبعة: مصفوف حروف أول آية من القرآن هو 6643 = 7 × 949 ولكي لا يظن أحد أن هذه النتيجة جاءت بالمصادفة نذهب إلى آخر آية من القرآن الكريم (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) (الناس:6)، عدد حروف كل كلمة هو: 2 - 5 - 1 - 5 حرفاً، والعدد المتشكل من صف هذه الأرقام هو 5152 من مضاعفات الرقم سبعة: مصفوف حروف آخر آية من القرآن هو 5152 = 7 × 736 إذن الرقم سبعة يربط أول سورة بآخر سورة، أول كلمة بآخر كلمة، أول آية مع آخر آية، والسؤال: هل جاءت جميع هذه التوافقات بالمصادفة؟ الحقيقة العاشرة هذا الترابط والتماسك الرقمي لايقتصر على أول القرآن وآخره، بل تجده في أول الفاتحة وآخرها أيضاً. فأول آية من الفاتحة هي (بسم الله الرحمن الرحيم) عدد حروفها 19حرفاً، وآخر آية من الفاتحة هي: (صرط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) عدد حروفها 43 حرفاً. العجيب أن العدد الناتج من صفّ هذين العددين 19 – 43 من مضاعفات السبعة: حروف أول آية وآخر آية من الفاتحة 4319 = 7 × 617 ولكي ننفي أي مصادفة عن هذه الحقيقة نحصي عدد الحروف الأبجدية التي تركبت منها أول آية و آخر آية من الفاتحة لنجدها: 10 و 16 حرفاً، وهنا من جديد يتجلى الرقم سبعة ليربط بين هذين العددين: الحروف الأبجدية في أول وآخر آية من الفاتحة: 10 16 = 7 × 230 بقي أن نشير إلى أن عدد كلمات أول آية هو 4 وآخر آية هو 10 ومجموع هذين العددين هو من مضاعفات الرقم سبعة: مجموع كلمات أول آية وأخر آية من الفاتحة: 4 + 10 = 14 = 7 × 2 الحقيقة الحادية عشرة في هذه الحقيقة نجيب عن سؤال: لماذا قسَّم الله تعالى سورة الفاتحة سبع آيات؟ ولماذا جاءت نهاية كل آية بكلمة محددة؟ والجواب عن هذا هو وجود إعجاز مذهل! ففي سورة الفاتحة لدينا سبع آيات كل آية ختمت بكلمة وهذه الكلمات هي: (الرحيم – العلمين - الرحيم – الدين – نستعين – المستقيم – الضالين) وقد سميت هذه الكلمات قديماً فواصل السورة فهي التي تفصل بين الآيات. العجيب والعجيب جداً أن حروف هذه الكلمات السبع جاءت بنظام يقوم على الرقم سبعة لخمس مرات متتالية. فلو قمنا بعدّ حروف هذه الكلمات السبع نجدها على الترتيب 6-7-6-5-6-8-7 حرفاً، إن العدد المتشكل من صف هذه الأرقام هو 7865676 من مضاعفات السبعة خمس مرات!!! مصفوف حروف فواصل السورة هو 7865676 = 7×7×7×7×7×468 الحقيقة الثانية عشرة كل سورة في القرآن تتميز برقمين: رقم السورة وعدد آياتها. ومن عجائب أمّ القرآن هو ارتباط أرقامها مع أرقام السور العظيمة في القرآن ومنها السورة التي تعدل ثلث القرآن وهي سورة الإخلاص. إن رقم الفاتحة 1 وآياتها 7 ورقم الإخلاص 112 وآياتها 4، والعدد الناتج من صفّ هذه الأعداد 1-7-112-4 من مضاعفات السبعة: رقم وآيات سورتي الفاتحة والإخلاص هو 411271 = 7× 58753 الحقيقة الثالثة عشرة من السور العظيمة التي كان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يكثر من قراءتها المعوذتين: سورة الفلق وسورة الناس وهما آخر سورتين في القرآن، والعجيب جداً هو ارتباط سورة الفاتحة مع هاتين السوريتن بالمعادلة ذاتها: رقم سورة الفاتحة 1 وآياتها 7 ورقم سورة الفلق 113 وآياتها 5، والعدد الذي يمثل هذه الأرقام 1-7-113-5 من مضاعفات السبعة: رقم وآيات سورتي الفاتحة والفلق هو 511371 = 7× 73053 رقم سورة الفاتحة 1 وآياتها 7 ورقم سورة الناس 114 وآياتها 6، والعدد الذي يمثل هذه الأرقام 1-7-114-6 من مضاعفات السبعة مرتين! وهذا يؤكد وجود النظام المحكم للرقم سبعة: رقم وآيات سورتي الفاتحة والناس هو 611471 = 7 × 7 × 12479 إذن ترتبط الفاتحة التي هي أم الكتاب مع آخر ثلاث سور من الكتاب بنفس الرباط القائم على الرقم سبعة دائماً، وهنا نتساءل: هل يوجد كتاب واحد في العالم يحتوي على مثل هذا النظام العجيب والفريد؟ الحقيقة الرابعة عشرة يرتبط رقم وآيات الفاتحة مع كلمات الفاتحة، فرقم السورة 1 وآياتها 7 وكلماتها 31 والعدد الناتج من هذه الأرقام هو: 1-7-31 من مضاعفات السبعة: رقم وآيات وكلمات سورة الفاتحة هو 1 7 31 =7× 453 وكما نرى جميع الأعداد الناتجة من القسمة على سبعة هي أعداد صحيحة ليس فيها فواصل أو كسور. الحقيقة الخامسة عشرة من أعجب عجائب هذه السورة كما رأينا سابقاً أن عدد حروف لفظ الجلالة فيها هو بالتمام والكمال 7×7 حرفاً. ولكن كيف توزعت هذه الأحرف التسعة والأربعين على كلمات السورة؟ لنكتب سورة الفاتحة كاملة كما كتبت في كتاب الله تعالى: (بسم اللـهالرحمن الرحيم * الحمد للـهرب العلمين * الرحمن الرحيم * ملك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين* اهدناالصرط المستقيم * صرط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولاالضالين). إذا أخرجنا من كل كلمة حروف الألف واللام والهاء، أي ماتحويه كل كلمة من حروف لفظ الجلالة (الله) نجد العدد: 4202202120223020022012230322240 هذا العدد على ضخامته من مضاعفات الرقم سبعة! من عجائب هذا النظام المحكم أنه يبقى قائماً مع البسملة أو من دونها. وهذا يوافق بعض قراءات القرآن التي لا تعد البسملة آية من الفاتحة! إذن: تتعدد القراءات ويبقى النظام واحداً وشاهداً على وحدانية الله عزَّ وجلَّ. وبالنتيجة نجد أن عدد حروف الألف واللام والهاء في (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) (الفاتحة:1) هو 2240 وهذا العدد من مضاعفات السبعة: توزع حروف لفظ الجلالة في كلمات البسملة هو 2240 = 7 × 320 أليس هذا النظام هو بمثابة توقيع من الله جل وعلا على أنه هو الذي أنزل هذه السورة؟ الحقيقة السادسة عشرة إن الإعجاز المُحكَم يشمل جميع حروف هذه السورة! فكما رأينا سورة الفاتحة تتركب من 21 حرفاً أبجدياً، نكتب هذه الحروف مع تكرار كل منها في السورة حسب الأكثر تكراراً. أي نرتب حروف الفاتحة مع عدد مرات ذكر كل حرف وذلك الأكبر فالأصغر لنجد: ا ل م ي ن ر ع هـ ح ب د و س ك ت ص ط غ ض ق ذ 22 22 15 14 11 8 6 5 5 4 4 4 3 3 3 2 2 2 2 1 1 إن العدد الناتج من صفّ هذه التكرارت لجميع حروف الفاتحة هو: 11222233344455681114152222 وهذا العدد الضخم من مضاعفات السبعة!!! وهنا نتوجه بسؤال لكل من بشك بهذا القرآن: هل كان لدى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو النبي الأميّ حاسبات إلكترونية متطورة لمعالجة مثل هذه الأعداد الضخمة |
الحقيقة السابعة عشرة الحرف: ل م أ ر ح ب س هـ ن ي تكراره: 4 3 3 2 2 1 1 1 1 1 الحقيقة الثامنة عشرة رقم الآية: (1) (2) (3) (4) (5) (6) (7) عدد الحروف المشدَّدة: 3 2 2 1 2 1 3 معجزة أم مصادفة؟! ففي أي نص أدبي احتمال وجود عدد من مضاعفات السبعة هو 1/7. ولكي نجد عددين من مضاعفات السبعة في نفس النص فإن احتمال المصادفة هو 1/7 × 7 وهذا يساوي 1/49. حتى نجد ثلاثة أعداد تقبل القسمة على سبعة في نفس النص فإن حظ المصادفة في ذلك هو 1/7×7×7 أي 1/343 وكما نرى تضاءلت المصادفة بشكل كبير مع زيادة الأعداد القابلة للقسمة على سبعة. وفي سورة الفاتحة رأينا أكثر من ثلاثين عملية قسمة على سبعة! إن احتمال المصادفة رياضياً لهذه الأعداد هو: 1/7 ×7×7...... ثلاثين مرة ، وهذا يساوي أقل من واحد على عشرين مليون مليون مليون مليون!! فهل يمكن تحقيق مثل هذا الاحتمال الشديد الضآلة؟ إن كل من لا تقنعه هذه الأرقام نقول له كما قال الله تعالى: (فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين) [الطور: 52/34]. إذن الاحتمال المنطقي لوجود هذا النظام المعجز في كتاب أنزل قبل أربعة عشر قرناً هو أن الله تعالى هو الذي أنزل القرآن وقال فيه: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) (الاسراء:88). الحقيقة التاسعة عشرة عندما نكتب سورة الفاتحة كما كتبت في القرآن ونكتب تحت كل كلمة عدد حروفها نجد عدداً من مضاعفات السبعة: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 3 4 6 6 الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَلَمِينَ 5 3 2 7 الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 6 6 مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ 3 3 5 إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ 4 4 5 6 اهْدِنَا الصِّرَطَ الْمُسْتَقِيمَ 4 5 8 صِرَطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ 3 5 5 5 3 7 5 3 7 73573555385565445336672356643 73573555385565445336672356643 = = 7 × 10510507912223635048096050949 الحقيقة العشرون الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَلَمِينَ 5 3 2 7 الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 6 6 مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ 3 3 5 إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ 4 4 5 6 اهْدِنَا الصِّرَطَ الْمُسْتَقِيمَ 5 5 8 صِرَطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ 3 5 5 5 3 7 5 3 7 7357355538556544533667235 = = 7 × 1051050791222363504809605 الحقيقة الحادية والعشرون بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 3 4 6 6 6643 = 7 × 949 صِرَطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ 3 5 5 5 3 7 5 3 7 735735553 = 7 × 105105079 |
الحقيقة الثانية والعشرون عدد حروف أول آية عدد حروف آخر آية 19 43 4319 = 7 × 617 الحقيقة الثالثة والعشرون عدد كلمات الآية الأولى من الفاتحة عدد كلمات الآية الأخيرة من الفاتحة 4 9 الحقيقة الرابعة والعشرون 29 + 20 = 49 كلمة وهذا العدد هو سبعة في سبعة!!!! الحقيقة الخامسة والعشرون 4 + 3 = 7 بالتمام والكمال الحقيقة السادسة والعشرون 73573555385565445336672356643 = = 17 × 4327856199150908549216020979 الحقيقة السابعة والعشرون كلمات تتألف من 2 حرفين. كلمات تتألف من 3 أحرف. كلمات تتألف من 4 أحرف. كلمات تتألف من 5 أحرف. كلمات تتألف من 6 أحرف. كلمات تتألف من 7 أحرف. كلمات تتألف من 8 أحرف. أي لدينا سبعة أنواع، والفاتحة هي سبع آيات، فتأمل! والعجيب أن مجموع هذه الأرقام هو: 2+3+4+5+6+7+8 = 35= 7×5 الحقيقة الثامنة والعشرون وأخيراً لا نملك إلا أن نقول: سبحان الله العظيم الذي نظم كل شيء في هذا الكتاب، وقال فيه: (وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا)[الجن: 28]. خاتمة وتأمل معي قوله تبارك وتعالى: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (يونس:38) . فكل من لديه شك بمصداقية هذا القرآن نقول له: هل تستطيع أن تأتي بسورة لا تتجاوز السطرين كسورة الفاتحة وتـنظِّم حروفها وكلماتها بمثل هذا النظام المعجز؟ بالتأكيد سوف تفشل كل محاولات تقليد هذا النظام الرقمي لسبب بسيط وهو أن طاقة البشر محدودة. ويبقى القانون الإلهي: (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (البقرة:23). المرجع لهذا البحث: القرآن الكريم. ـــــــــــــــ بقلم عبد الدائم الكحيل |
أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون الدكتور نظمي خليل أبو العطا أستاذ النبات في جامعة عين الشمس سابقاً مدير مركز ابن النفيس للخدمات الفنية في البحرين حالياً في السطور التالية سنعيش مع بعض الجوانب العلمية في قول ربنا سبحانه وتعالى: (أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ {64} لَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ) سورة الواقعة. قال المفسرون في معاني الكلمات : ما تحرثون : الذر الذي تلقونه في الأرض تزرعونه : تنبتونه حتى يشتد ويبلغ الغاية حطاماً : هشيماً متكسراً لا ينتفع به . تفكهون : تتعجبون من سوء حاله ومصيره . في الآيات السابقات من سورة الواقعة يذكرنا الله سبحانه وتعالى ببعض نعمه الجليلة علينا في إنبات الحبوب والبذور ونموها، وإعطائهما الجذور والسيقان والأوراق والمعاليق والأشواك والأزهار والثمار والحبوب والبذور والنشويات والدهون والبروتين والفيتامينات والهرمونات والروائح الشذية والألوان المختلفة ، وغيرها من الخصائص النباتية المترتبة على إبنات النبات واشتداده حتى يبلغ الغاية، وأنه سبحانه وتعالى لو أراد بقدرته أن يسلبنا تلك النعمة لجعل كل ذلك حطاماً ولعجبنا أشد العجب من ذلك ولوقفنا حيارى عاجزين . وفيما يلي سنورد بعض الجوانب العلمية في الآيات التي بين أيدينا ، لنعيش في ظلالها ولنرى عظمة الخالق سبحانه وتعالى في إبنات النبات ونموه إلى أن يبلغ غايته لنشكره على نعمه علنيا . أولاً: الأرض وشقها وتمهيدها للنبات: إذا نظرنا إلى الأرض الزراعية ، التي هيأها الله سبحانه وتعالى لإنبات البذور ونمو النبات لوجدنا العجب العجاب والإعجاز العلمي في هذه الأرض ، حيث كانت في البداية صخرية صلدة لا تنبت زرعاً ولا تمسك ماء ولا يقوى النبات على اختراقها، ولكن الله سبحانه وتعالى بقدرته وعظمته وحلمه بعباده ، شق هذه الصخور الصلدة وفتتها وجعلها لينة سهلة، يستطيع الجذير الضعيف الرقيق أن يشقها ويخترقها وأن يتوغل فيها ، وأن ترفعها الرويشة الضعيفة الناعمة مصداقاً لقول ربنا سبحانه وتعالى: (ثم شققنا الأرض شقاً فأنبتنا فيها حباً ).http://www.55a.net/firas/photo/6356452.jpg ولو شاء الله سبحانه وتعالى لجعل هذه الأرض صلدة قوية غير قابلة للتفتيت أو الذوبان أو التأين، بحيث يعجز الفولاذ أو الماس على قطعها ، والأحماض عن إذابتها، والماء عن تشققها ، وحينئذ تعجز كل البذور والحبوب عن الإنبات والخروج من التربة والتثبيت فيها والاستفادة بمعادنها وأملاحها . وما كان هناك أي نوع من النبات سواء مائي أو أرضي أو حتى هوائي . ثانياً : البذور وإنباتها : الله سبحانه وتعالى هو الذي خلق البذور والحبوب، وهيأها لحفظ النباتات البذرية، فالبذوره أو الحبة هي الجنين الصغير الناتج من تخصيب حبة اللقاح المذكرة للبويضة المؤنثة، وهذه البذور أو الحبوب هي التي تحمل جميع الصفات الوراثية من النباتات الأبوية إلى الأجيال البنوية وفي هذه البذور أو الحبة كتب الله سبحانه وتعالى بقدرته جميع الصفات الظاهرية والتشريحية والوظائف (الفسيولوجية) للنباتات المستقبلية الجديدة ، من المخلوقات يستطيع أن يضع في بذرة أو حبة في حجم نقطة على حرف من حروف تلك الصفحة التي نقرأها، أن يضع فيها شفرة تحمل صفات الجذر ونوعه وتشريحه ووظائفه ، والساق وشكله وطوله ، وسمكه وتشريحه ووظيفته والأوراق وعددها ونوعها ولونها ونوع الغذاء المدخر فيها ، وألوانها وروائحها والثمار ومتى تعقد وحجمها وتركيبها الكيميائي الحيوي. كل هذه الصفات ومثلها آلاف المرات أودعها الله سبحانه وتعالى تلك البذرة أو الحبة غير العاقلة والصغيرة والتي تحمل من التعليمات الوراثية ما يزيد عن الكلمات الموجودة في الموسوعة البريطانية عشرات المرات وما يعجز القلم عن كتابته في عشرات السنين . فبذرة الطماطم تشابه في شكلها الخارجي بذرة الباذنجان، ولكن هذه تعطي ثمار طماطم ذات لون وطعم وتركيب تختلف تماماً عن ثمار الباذنجان في اللون والطعم والتركيب وبذرة التوت تشابه بذرة الجرجير، وهذه تعطي شجرة توت عملاقة وتلك تعطي نباتاً حولياً صغيراً . هذه البذور إذا مات جنينها أو دخل في دور السكون (أو الكمون ) أو غاب عائله كما في النباتات الزهرية المتطفلة فإنه لا ينبت من فعل هذا ؟ أإله مع الله ؟ ! الطبيعة الصماء، والصدف العمياء !! أم أنه الله سبحانه وتعالى رب كل شيء ومليكه، الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى. ولو سلب الله سبحانه وتعالى تلك الصفات من البذور أو الحبوب وحولها إلى حبة رمل هل يستطيع كل الماديين اللادينيين أن يعيدوها إلى طبيعتها الأولى؟ هل لو سخن الجنين حتى مات في البذرة أو الحبة تستطيع أبحاث الدنيا كلها أن تنبت تلك الحبة أو البذرة التي سلبت حيويتها ؟ ثالثاً : خروج النبات وتكشفه : فدائماً الجذير، ثم الجذر يتجه كل منهما نحو التربة والماء حتى ولو زرعنا النبات مقلوباً. أما الرويشات ثم الساق فيتجهان نحو الهواء ولو حدث العكس لهلك النبات، فالجذر خلق أصلاً لتثبيت النبات في التربة وامتصاص الماء والأملاح منها لذلك فهو ميسر لما خلق له، ويتجه إلى التربة ولكن هناك بعض الجذور العرضية لها وظائف أخرى مثل التسلق والتنفس، مثل نبات القرم (ابن سينا ـ او الشوري ) فإن جذوره التنفسية تتجه بعيداً عن التربة وتصعد إلى أعلى طلباً للهواء وتحقيقاً للتنفس، وجذور النباتات الصحراوية عادة تكون طويلة تتعمق في التربة بحثاً عن المياه الجوفية. http://www.55a.net/firas/photo/17112105.jpg أما الساق فهو دائماً يتجه إلى الهواء، لأن مهمته حمل الأوراق والأزهار والثمار بعيداً عن التربة ، ووضعها في الوضع الأمثل للقيام بوظيفتها التي خلقها الله سبحانه وتعالى لها . ومع ذلك فبعض السيقان عندما تغيرت وظيفتها تغيرت هيئتها واختلف سلوكها فظلت تحت الأرض مثل الريزومات والسيقان الأرضية الأخرى، من فعل هذا ؟؟؟ أإله مع الله أم أنه الواحد الأحد الفرد الصمد ؟ وإذا نظرنا إلى ساق النبات لوجدنا ما يأخذ بألباب العلماء ويجعلهم أشد خشية لله، فالأوراق الخضراء الرقيقة المفلطحة تخرج من الساق المصمت الصلد ، وهي تخرج بطريقة منسقة ومنظمة ومرتبة تجعلها في الوضع الأمثل للقيام بوظائفها الحيوية وبحيث لا تحول دون قيام باقي الأوراق على نفس النبات والنباتات المجاورة بوظائفها الحيوية هي الأخرى. وهذه الأوراق بعضها مفلطح يصل قطره إلى مليمترات وإبرى الشكل وبعضها حرشفي أثري. وبالأوراق أصباغ لاقتناص الطاقة الضوئية، وثقوب لدخول ثاني أكسيد الكربون وأوعية لتوصيل المياه ومسارات لحمل الغذاء المتكون بالورقة، والورقة أعظم مصنع للطاقة في العالم ولو توقف لهلكت البشرية واختلت جميع النظم الحيوية على كوكب الأرض. بعض النباتات يصل ارتفاعها إلى 180 متراً ومحيطها 50 متراً والدائرة التي تغطيها أوراق وأغصان تلك السيقان يصل قطرها إلى 600 متر في بعض الأشجار. ومع ذلك تصل المياه إلى كل برعم على الساق حتى البرعم الطرفي وإذا توقف امداد المياه هلك النبات. من فعل هذا أإله مع الله ؟ الطبيعة الصماء ؟ أم أنه تدبير العليم الخبير ؟ رابعاً : الأزهار والثمار : بعد مدة من نمو النباتات الزهرية ، تبدأ البراعم الزهرية في إنتاج الأزهار والتي تعطي بدورها الثمار، والثمار من أجمل الأجزاء في النبات مع العلم أن الزهر علمياً عبارة عن ساق من النبات خلق وهي للقيام بعملية التكاثر الجنسي وإنتاج الثمار والبذور، وإذا فشلت معظم النباتات الزهرية في إنتاج الأزهار والثمار والبذور فإن مآلها إلى الهلاك . فكما قلنا في أول الكلام أن البذرة تحمل جميع الصفات المطلوبة في الأجيال القادمة للنبات الواحد. وتتحكم في صفة الأزهار العديد من الخواص الحيوية ـ الكيماوية ولولا إنتاج الأزهار والثمار ما كان في الدنيا حبوب ولا بذور وما أكلنا رغيف خبز ولا أنتجنا حبة قمح ولا ثمرة فاكهة. والأزهار عالم عجيب ومعجز، ألوانها عظيمة ورائحتها غريبة وتركيبها دقيق، ولها سلوكيات غاية في الإتقان، فبعضها يغلق بتلاته ليلاً ويفتحها نهاراً ولها أماكن لتخزين الرحيق وأعضاء غاية في الدقة والأتقان وما يعلمه القاصي والداني عن الأزهار ليس بالقليل. أما الثمار فهي عالم عجيب مليء بالمواد الغذائية والروائح الزكية والألوان العظيمة وماذا بعد: ماذا يحدث لو أن الله سبحانه وتعالى أمر بقدرته العمليات الحيوية من تلك النباتات هل نستطيع زرعها وإنباتها. وماذا يحدث لو أن الله سبحانه وتعالى أمر بقدرته العمليات الحيوية أن تقف، والحشرات والفطريات والبكتيريا والفيروسات أن تهاجم تلك النباتات وأن لا تتكاثر تلك الآفات بجميع المبيدات وأن تستعصي على جميع المقاومات ومنع عنها الماء، وصّلب الأرض وأرسل عليها حاصباً من السماء وجعلها حطاماً، هل تستطيع البشرية بكل علمها أن تنقذها ؟ وصدق رب العزة عندما قال (أفرأيتم ما تحرثون. أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون، لو نشاء لجعلناه حطاماً فظلتم تفكهون ) صدق الله العظيم .. ونحن على ذلكم من الشاهدين . |
تأملات في آية المشكاة أستاذ فيزياء ـ سوريا ـ دمشق تأملات علمية في آية المشكاة (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ......) بقلم: حسن يوسف شهاب الدين ... أستاذ فيزياء. قال الله تعالى في سورة النور :( اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {35} [سورة النور]. المشكاة: المشكاة عمود القنديل الذي فيه الفتيلة. وقال مجاهد: هي القنديل. وقال "في زجاجة" لأنه جسم شفاف، والمصباح فيه أنور منه في غير الزجاج. والمصباح: الفتيل بناره "كأنها كوكب دري" أي في الإنارة والضوء. قال ابن جبير وجمهور المفسرين : المشكاة هي الكوة في الحائط غير النافذة، وهي أجمع للضوء، والمصباح فيها أكثر إنارة منه في غيرها، وأصلها الوعاء يجعل فيه الشيء. والمشكاة وعاء من أدم كالدلو يبرد فيها الماء؛ وهو على وزن مفعلة كالمقراة والمصفاة. قال الشاعر: كأن عينيه مشكاتان في حجر قيضا اقتياضا بأطراف المناقير (كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة) هي القنديل والمصباح السراج أي الفتيلة الموقدة والمشكاة الطاقة غير النافذة أي الأنبوبة في القنديل (الزجاجة كأنها) والنور فيها (كوكب دري) مضيء بكسر الدال وضمها من الدرء بمعنى الدفع لدفعها الظلام وبضمها وتشديد الياء منسوب إلى الدر اللؤلؤ. الزجاجة: ما هو الغرض من استخدام زجاجة المصابيح التقليدية؟ لقد استخدم الناس الشعلة لأجل الإضاءة على مدى آلاف السنين, دون اللجوء للاستفادة من الزجاج في هذا المجال ثم جاء العبقري ليوناردو دافينشي(1452-1519), وقام بهذا العمل المهم لتطوير المصباح, ولكن لم يضع الشعلة باسطوانة زجاجية, بل وضعها باسطوانة معدنية, وقد مرت ثلاثة قرون من الزمن, قبل أن يتوصل الإنسان إلى استبدال الاسطوانة المعدنية باسطوانة من الزجاج الشفاف. كما يتضح لنا فان زجاجة المصباح هي عبارة عن اختراع عملت على إيجاده عشرات الأجيال من البشر. http://www.55a.net/firas/ar_photo/6/lamp.jpg صورة مصباح الزيت القديم www.theartisticshop.com 1- حماية الشعلة من الرياح لكي لا تنطفئ وهذا هو الدور الثانوي للزجاجة. 2- أما الدور الرئيسي لها فيتمثل في زيادة تألق الشعلة بالنسبة للناظر. الزجاجة هي القنديل من البِلَّوْر، جعل فيها المصباح لأن الضوء في الزجاج أظهر وأبين منه في كل شيء عندما يكون نقيا لامتلاكه قرينة انكسار (النسبة بين سرعة الضوء في الخلاء إلى سرعة الضوء في الزجاج) مناسبة يجعل الضوء النافذ منه يسير منكسرا في جميع الاتجاهات. ووجه ذلك أن الزجاج جسم شفاف يظهر فيه النور أكمل ظهور. 3- تعجيل عملية الاحتراق إن دور الزجاجة هو نفس دور مدخنة الفرن أو المصنع, المتمثل في تقوية تيار الهواء المندفع نحو الشعلة. مما يؤدي إلى زيادة سحب الهواء. وتحدث هذه العملية كما يلي: إن الشعلة تسخن عمود الهواء الموجود داخل الزجاجة أسرع بكثير من تسخينها للهواء المحيط بالمصباح عندما يسخن الهواء ويصبح نتيجة لذالك أخف مما هو عليه, وبموجب قانون ارخميدس, يطرد إلى الأعلى من قبل الهواء الثقيل البارد, الذي يدخل من الأسفل من خلال الفتحات الموجودة في قاعدة فتيلة المصباح . وبهذا الشكل يتكون تيار دائم من الهواء, يتجه من الأسفل إلى الأعلى ويعمل باستمرار على سحب نواتج الاحتراق إلى خارج الزجاجة وإدخال الهواء النقي إليها, وبزيادة الفرق بين وزني عمودي الهواء ا لساخن والبارد وتزداد بذالك شدة اندفاع تيار الهواء النقي وبالتالي تزداد سرعة الاحتراق وهذا هو نفس العامل الذي يفسر لنا سبب إنشاء المداخن العالية جدا في المصانع الحديثة. وجاء في سنن الترمذي - بَابُ مَا جَاءَ في تخميِر الإناءِ وإطفاءِ السِّراجِ والنَّارِ عند المنام,ِ حَدَّثَنَا قُتَيبةُ عن مالكٍ عن أبي الزُّبيرِ عن جابرٍ قال: قَالَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وسَلَّم: (أغلقوا البابَ وأوكِئوا السِّقاءَ وأكفئُوا الإناءَ أو خمِّروا الإناء َوأطفئُوا المصباحَ فإنَّ الشَّيطانَ لا يفتحُ غُلقاً ولا يحلُّ وكاءً ولا يكشفُ آنيةً فإنَّ الفُويسقَةَ تُضرمُ على الناسِ بيتهُم). وهنا نجد تحذير من النبي محمد صلى الله عليه وسلم من الغازات والأبخرة الناتجة عن احتراق الزيت في قوله (أغلقوا الباب ... وأطفئوا المصباح ). لأنه إذا بقي المصباح مشتعلاً أطلق الغازات الناتجة في جو الغرفة المغلقة ملوثاً هواءها وهذا من شأنه التأثير سلبا على صحة الإنسان النائم , وحفاظا على صحتنا أوصانا أكرم الخلق وخاتم الرسل بإطفاء المصباح. الغرض من استخدام الزجاجة حول المصابيح الكهربائية الحديثة. تطور أسلوب الإنارة منذ اكتشاف النار واستخدامها للتدفئة ونشر الضوء إلى المصابيح الكهربائية الحديثة بكافة أنواعها وأشكالها, التي تشترك جميعا بوجود الزجاجة حول المصباح الذي يبعث الضوء والنور, ولكن ما الغرض من هذه الزجاجة ؟ قام العالم أديسون مخترع المصباح الكهربائي بوضع سلك من التنغستين (سلك معدني لولبي الشكل يسمى سلك الإضاءة ), ليكون المصباح (الفتيلة) الذي يستمد الطاقة من المنبع الكهربائي فيتوهج مصدرا الضوء, وتتم هذه العملية كما يلي: عندما يمر التيار الكهربائي عبر السلك يسخّنه بشدة حتى يشعّ و يتغيّر لونه إلى الأحمر أو الأصفر. http://www.55a.net/firas/ar_photo/5/1-edison.jpg و ما هذا الضوء الذي تستمع به وتستفيد منه سوى نتيجة احمرار السلك وتوهّجه .. صورة لأديسون ومصباحه الكهربائي www.mall-usa.com لذلك يتم اختيار معدن السلك بحيث يكون شديد و سريع التوهج وبما أن هذا السلك يحترق بوجود الأوكسجين كان على أديسون تخلية جو الزجاجة التي تحيط بالمصباح من الهواء لكي لا يحترق السلك الذي يعتبر مصدر الضوء. ما الحكمة من اختيار الزجاج كمادة تحيط بالسلك؟ الزجاج من المواد الشفافة, لان الضوء ينفذ من خلاله بانكسار بسيط يحدد بدرجة نقاء الزجاج وينشر الضوء في جميع الاتجاهات, وبذالك تصبح زجاجة المصباح وكأنها المصباح نفسه لأنها تمتلك خاصية التألق. بعض أنواع المصابيح الكهربائية: مصباح الفلوريسنت - المصابيح المملوءة بغاز الأرغون الخامل – مصابيح النيون - المصباح المملوء ببخار الزئبق - مصابيح الكسينون الذي يستخدم في الملاعب والساحات العامة - مصابيح التنغستن مع إضافة مادة هالوجينية كاليود في الحوجلة الزجاجية للمصباح ويستخدم بشكل واسع في مصابيح السيارات. ونلاحظ أن جميع المصابيح تشترك بالزجاجة التي تحضن المصباح. (الزجاجة كأنها كوكب درّي) مصادر الضوء تقسم عادة إلى نوعين: مصادر مباشرة كالشمس والنجوم والمصباح والشمعة وغيرها , ومصادر غير مباشرة كالقمر والكواكب و هي الأجسام التي تستمد نورها من مصدر آخر مثل الشمس ثم تعكسه علينا . أما الشمس والمصباح فهما يشتركان في خاصية واحدة وهي أنهما يعتبران مصدرا مباشرا للضوء ولذلك شبه الخالق الشمس بالمصباح الوهاج ولم يشبه القمر في أي من الآيات بمصباح . كذلك سمي ما تصدره الشمس من أشعة ضوءا, أما القمر فلا يشترك معهما في هذه الصفة فالقمر والزجاجة مصدر غير مباشر للضوء فهو يعكس ضوء المصباح الوهاج إلينا فنراه ونرى أشعته التي سماها العليم الحكيم نورا. والمصباح هو السراج، وأصله من الضوء، ومنه الصبح. وما انعكس من شعاعه وسطوعه على الأجسام الصقيلة المعتمة هو نوره.. قال الله تعالى (وجعلنا سراجا وهاجا) النبأ(13). أي مضيئا وقد وهجت النار توهجا , والوهج: حصول الضوء والحر من النار, وتوهج الجوهر: تلألأ . يسمى الجسم الذي يولد الضوء سراج (مصباح). و يسمى الجسم الذي يستمد الضوء من السراج جسما منير. فالشمس والنجوم والمصابيح (نجوم فتية) هي المصابيح التي تشع الضوء. والكواكب نوعين: 1 – كواكب دريّة (مضيئة )كالزهرة والمشتري كما قال الضحاك: الكوكب الدري هو الزهرة. التي تستمد نورها من المصابيح فتتلألأ في السماء السوداء المظلمة لتزينها كما تفعل النجوم. قال الله تعالى( إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ {6}) سورة الصافات وقال سبحانه {تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا}. الآية: 61 سورة الفرقان. (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا {16}) سورة نوح. وورد في رياض الصالحين الحديث رقم: قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ: (أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أشد كوكب دريّ في السماء إضاءة، لا يبولون ولا يتغوطون ولا يتفلون ولا يمتخطون، أمشاطهم الذهب ورشحهم المسك ومجامرهم الألوّة (عود الطيب) أزواجهم الحور العين، على خلق رجل واحد على صورة أبيهم آدم ستون ذراعاً في السماء) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. يبين لنا الحديث الشريف أن الكوكب الدري هو الكوكب المضيء. 2 – كواكب غير دريّة مثل الأرض التي ترى من الفضاء على شكل نقطة زرقاء باهتة. زيت الزيتون يكفيه ليضيء القليل من الضوء الخافت لأن لونه له خاصة فسفورية http://www.55a.net/firas/ar_photo/6/200435126-001.jpg ويكون المعنى أن الزجاجة لصفاء جوهرها، وحسن منظرها، كأنها كوكب دريٌّ. أي: كوكب مضيء متلألئ، يشبه الدرَّ في صفائه، ولون نوره.وأهدأ النور، وأجمله هو ذو اللون الدرِّيِّ. وذهب الجمهور إلى أن المراد بالكوكب الدري- هنا- كوكب من الكواكب المضيئة . (يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ) من مبدأ السببية (لكل سبب مسبب أدى لحدوثه) فسبب اشتعال السراج (الزيت ) كما ورد في الآية الكريمة , والسراج يوقد من زيت شجرة الزيتون المباركة , ( مباركة ): لاحتوائها على عناصر تحوي في طياتها الفوائد الجمة في كل المجالات تقريبا وخاصة الفائدة الصحية لما فيها من الحموض والأصباغ والدهون والتركيبات المعقدة, وهي شجرة معمرة دائمة الخضرة شكلها جميل وجذاب . (لا شرقية ولا غربية ): نفهم من هذه الكلمات الربانية أن شجرة الزيتون تنمو وتعيش في جو خاص . |
الدراسة العلمية لأماكن تواجد شجر الزيتون.
نبذة تاريخية عن الزيتون وزيته: قال الله تعالى: (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاء تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ {20} ) و قال تعالى: (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ {1} وَطُورِ سِينِينَ {2} وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ) والتين والزيتون : (قسم) بمنبتيهما من الأرض المباركة وقد قال معظم المفسرين أن المقصود هنا هو الموضع والمكان وليس النبات نفسه والله أعلم يعود منشأ الزيتون إلى ماض سحيق من تاريخ البشرية والى أزمان موغلة في القدم حيث وجد المهتمون صعوبة في تحديد مكان وزمان بداية زراعة الزيتون لكنه من المسلم به اختلاط تاريخ الزيتون بتاريخ حوض البحر المتوسط وأنه يشكل جزءاً هاماً من حضارة وثقافة شعوب هذه المنطقة . ولقد قدست الديانات السماوية والحضارات الإنسانية شجرة الزيتون . قال ابن عباس رضي الله عنه: دعا لشجرة الزيتون سبعون نبيا بالبركة منهم إبراهيم الخليل ونبينا محمد صلى اله عليه وسلم فإنه يقول :(اللهم بارك في الزيت والزيتون). تعتبر الشواطئ المتوسطية لسوريا وفلسطين موطناً أصلياً ومهداً لنشأة شجرة الزيتون ومنها انتشرت إلى بقية بلدان العالم. من المؤكد أن شجرة الزيتون وجدت منذ العصر الحجري أي قبل أكثر من /12/ ألف عام وأصبح جلياً كذلك أنه في الألف الثالث قبل الميلاد كانت في كل من سوريا وفلسطين مزارع زيتون مستثمرة. كما اكتشفت أغصان و بذور زيتون في آثار إيبلا تعود لأكثر من 2500 عام قبل الميلاد ،كما وجدت في قبور الفراعنة بمصر وتعود لأكثر من 1500 عام فبل الميلاد وهنالك دلائل أكيدة أيضاً على وجودها في تلك الفترة في الواحات الليبية و على ضفاف بحر إيجة في تركيا و اليونان. يقر المختصون بأن الزيتون قد استوطن في البداية أراضي سوريا الكبرى قبل أن ينتشر إلى باقي أراضي حوض المتوسط , ووصلنا. الظهور الأول لهذه الشجرة المباركة أنه كان في مدينة ايبلا القديمة , وتقع مملكة ايبلا عند ضواحي حلب السورية . وقد بلغت أوج عظمتها (2600- 2240 ق . م ) وسيطرت على شمال سوريا ولبنان وأجزاء من بلاد الرافدين الشمالية , وكانت رائدة في العلاقات التجارية والدبلوماسية مع البلدان المجاورة ومصر وايران وسومر, مما أدى لانتشارها في المناطق البعيدة. وقد وُجد التوثيق الرسمي الأول حول أشجار الزيتون في ألواح طينية تم الحفاظ عليها بصورة ممتازة بعد أن تعرضت للنيران التي دمرت القصر. تدور مواضيع العديد من هذه الألواح حول قضايا إدارية ومالية. ومنها اثنتي عشرة وثيقة يعود تاريخها لعام 2400 قبل الميلاد وتصف الأراضي المزروعة بأشجار الزيتون والتي تعود ملكيتها للملك والملكة. يؤكد الأرشيف أن العائلة المالكة وحاشيتها كانت تمتلك 4000 جرة من زيت الزيتون، و7000 جرة من أجل الشعب. http://www.55a.net/firas/ar_photo/5/...dan_resize.jpg شجرة الزيتون من الأشجار المباركة التي تعيش في حوض البحر المتوسط http://en.wikipedia.org وبما أن كل جرة تتسع لنحو 60 كغ من الزيت، وهذه الكميات كبيرة جدا مما يجعل من زيت الزيتون الصناعة الرئيسية في ذلك الوقت.إن العبارة المستخدمة في اللغة العربية لتسمية تلك الثمرة (زيتون) تشابه كثيراُ العبارة الأكّادية (زيرتون) والتي تعني زيتون. تعتبر الجرار الضخمة التي وجدت في مدينة إيبلا القديمة إحدى أقدم المكتشفات التاريخية عن زيت الزيتون حيث كانت مليئةً بزيت الزيتون وقد استخدمت للتجارة مع مصر عبر مرفأ مدينة أوغاريت. الجو المناسب لشجرة الزيتون: تعتبر منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط من أفضل المناطق لزراعة أشجار الزيتون، حيث تتميز بشتاء بارد ممطر وصيف حار جاف. ولا تثمر أشجار الزيتون إثمارا تجاريا ما لم تتعرض لكمية مناسبة من البرودة شتاءً تكفى لدفع الأشجار للإزهار. فسبحان الله الذي أخبر نبيه محمد صلى الله عليه وسلم عن منبت هذه الشجرة وعلمه فوائد زيتها وثمرها. وبتحليل الزيت وجد أنه يحتوي الأحماض الدهنية التالية : 1. حمض الأولييك Oleic Acid 2. حمض البالمتيك Palmitic Acid 3. حمض الينولييكLinoleic Acid 4. حمض الاستياريك stearic Acid 5 . حمض الميرستيكMyrisitic Acid وزيت الزيتون قابل للاشتعال لتوفر الحموض الدهنية فيه . ( يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ) هذه إشارة إلى صفاء الزيت وكمال استعداده للاشتعال, ولون زيت الزيتون أخضر داكن يكاد يضيء دون أن تمسه نار ويكفيه ليضيء القليل من الضوء الخافت لأن لونه يمتلك الخاصة الفسفورية. واللون الفسفوري عند تسليط الضوء عليه تظن أنه يشعه. أوجه الإعجاز: الإعجاز العلمي: علمنا الله نور السماوات والأرض سبحانه كيف يصبح المصباح لماعاً ومتألقا بوضع الزجاجة حولها لما للزجاج من الخواص التي تمكنه من نشر الضوء في كل الاتجاهات ومنها – شفافيته بالنسبة للضوء الذي ينفذ من خلاله. – وقرينة انكساره . لأن الغرض من المصباح كما هو معلوم الحصول على الإنارة . واحتواء زيت الزيتون على مواد قابلة للاشتعال. ووصية رسول الله صلى الله عليه وسلم والتحذير من ترك المصباح مشتغلا عند النوم في المكان المغلق لأنه ينتج من احتراق الزيت نقص في غاز الأكسجين وغازات ضارة تلوث الهواء . الإعجاز التاريخي: أخبرنا الله عالم الغيب والشهادة عن مواطن نشأة شجرة الزيتون والأماكن التي زرعت فيها قبل علماء الآثار والنبات, بقوله سبحانه في القرآن الكريم (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاء تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ {20}. و قوله تعالى:(وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ {1} وَطُورِ سِينِينَ {2} وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ {3}) سورة التين و قوله تعالى:(يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ) النور الإعجاز اللغوي التمييز بين الضوء والنور والدلالة العلمية بالأسلوب البلاغي المعجز عندما وصف الله سبحانه الشمس بالسراج الوهاج والقمر بالمنير ووصف الزجاجة بالكوكب الدري ليعلمنا الفرق بينهما, قال الله تعالى:(تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منبرا) سورة الفرقان(61). وقال الله تعالى (وجعلنا سراجا وهاجا) النبأ(13). والله أعلم. |
مثل الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ http://www.55a.net/firas/photo/skd285203sdc33667.jpgبقلم الأستاذ محمد باحث لغوي في الإعجاز البياني للقرآن الكريم ومدرس للغة العربية قال الله تعالى:﴿ مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ﴾ (إبراهيم 18) ضرب الله تعالى هذه الآية الكريمة مثلاً، شبَّه فيه الأعمال التي تكون لغير الله تعالى برماد،اشتدت به الريح في يوم عاصف، فطيرته، وفرقت أجزاءه في جهات هبوبها، ولم تبق له على أثر، ولا خبر. كذلك تعصف رياح الكفر، والأهواء الفاسدة بالأعمال، التي تبنى على أساس غير صحيح، فتفسدها، وتجعلها مع أصحابها طعمة للنار. ومناسبة هذه الآية لما قبلها أن الله تعالى، لمَّا ذكر أنواع عذاب الكافرين في الآية المتقدمة، بين في هذه الآية أن الأعمال، التي لا يقصد بها وجه لله تعالى هي أعمال باطلة، لا ينتفع أصحابها بشيء منها في الآخرة. وعند هذا يظهر كمال خسرانهم؛ لأنهم لا يجدون إلا العقاب الشديد، وكل ما عملوه في الدنيا يجدونه ضائعًا باطلاً، وذلك هو الخسران المبين. ولفظ ﴿ مَثَلٍ ﴾عند الزمخشري وغيره مستعار للصفة، التي فيها غرابة. وارتفاعه في مذهب الجمهور على الابتداء، خبره محذوف، تقديره عند سيبويه والأخفش: فيما يتلى عليكم، أو يقصُّعليكم. وجملة﴿أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ ﴾مستأنفة على تقدير سؤال؛ كأنه قيل: كيف مثلهم؟ فقيل: أعمالهم كرماد. وعليه يكون تقدير الكلام: صفة الذين كفروا بربهم، أعمالهم كرماد. كقولك: صفة زيد، عِرْضُه مَصُونٌ، ومالُه مَبذولٌ. ومذهب الفراء: أن﴿ مَثَل ﴾مبتدأ، خبره﴿ كَرَمَادٍ ﴾. والتقدير عنده: مثل أعمال الذين كفروا كرماد. وفي تفسير ذلك والتعليل له قال الفرَّاء:” وقوله:﴿مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ﴾أضاف المَثَل إليهم، ثم قال:﴿أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ ٱشْتَدَّتْ بِهِ ٱلرِّيحُ ﴾. والمَثَل للأعمال “. وحكى ابن عطية عن الكسائي والفراء أن المعنى على إلغاء لفظ ﴿ مَثَل ﴾، وأن أصل الكلام: ﴿الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْأَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ ﴾، بإسقاط لفظ ﴿ مَثَل ﴾، فيكون كقوله تعالى:﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ ﴾(النور:39). ولكن ظاهر قوله تعالى:﴿مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ ﴾يقتضي أن يكون للَّذِينَ كَفَرُوابربهممَثلٌ. ومَثَلُهم هو المماثلُ لهم في تمام أحواهم وصفاتهم. أي: المطابق، أو المساوي. وهو كقولنا: مَثَلُ زيد، عملُه قبيحٌ. فالعمل القبيح- هنا- لا يعود على زيد؛ وإنما يعود على مَثلِ زيد. وهذا يعني أن لزيد مثلاً يماثله في تمام أحواله وصفاته. وهذا المَثَلُ قد يكون عمروًا، أو بكرًا، أو غيرهما. وكذلك قوله تعالى:﴿مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ ﴾يقتضي أن يكون للَّذِينَ كَفَرُوابربهممَثلٌ، يماثلهم في تمام أحواهم وصفاتهم. وعليه تكون الأعمال المشبهة بالرماد في قوله تعالى:﴿أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ ﴾هي أعمال مَثَلِ الذين كفروا بربهم، لا أعمالهم هم، خلافًا للأعمال، التي في قوله تعالى:﴿أَعْمَـالُهُمْ كَسَرَابٍ﴾من آية النور. ويمكن ملاحظة الفرق بين الآيتين من خلال المقارنة بينهما: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ ﴾(النور:39) ﴿مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ ﴾(إبراهيم 18) فالأعمال المشبهة بالسراب في آية النور هي أعمال الذين كفروا. والأعمال المشبهة بالرماد في آية إبراهيم هي أعمال مَثَل الذين كفروا بربهم. وهذا واضح جلي، وهو أحد أوجه الفرق بين الآيتين الكريمتين. ولو كانتا سيَّان، لمَا كان لذكر لفظ ﴿ مَثَل ﴾في مطلع آية إبراهيم أيَّ معنى، ولكان زائدًا، دخوله في الكلام، وخروجه منه سواء- كما حكِيَ ذلك عن الكسائي والفراء- وهذا ما يأباه نظم القرآن الكريم وأسلوبه المعجز، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه! وعليه يكون قوله تعالى:﴿مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ ﴾مبتدأ، خبره جملة:﴿أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ ﴾من المشبه، والمشبه به. وهذا من أحسن ما قيل في إعراب هذه الآية الكريمة. وأما الفرق الثاني بين الآيتين فإن المراد بقوله تعالى:﴿وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾-في آية النور- العموم، ويندرج في عمومه كل من كفر من الأمم السابقة، والأمم اللاحقة إلى يوم يبعثون. أماقوله تعالى:﴿ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ ﴾-في آية إبراهيم-فالمراد بـهم الكفار من الأمم السابقة؛ ولهذا جاء ذكرهم مقيدًا بقوله تعالى:﴿بِرَبِّهِمْ ﴾، تمييزًا لهم من غيرهم. فأولئك مثل لهؤلاء، وقد ورد ذكر بعضهم في سورة إبراهبم قبل هذه الآية على لسان موسى- عليه السلام- وذلك في معرض خطابه لقومه، يخوفهم بمثل هلاك من تقدمهم من الأمم المكذبة: ﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ ﴾(إبراهيم:8- 9) وبعد أن حكى الله تعالى عن الرسل- عليهم السلام- اكتفاءهم في دفع شرور هؤلاء الكفار بالتوكل على ربهم، والاعتماد على حفظه ورعايته، حكى سبحانه وتعالى عن بعض المتمردين في الكفر أنهم بالغوا في السفاهة، فكان مصيرهم الهلاك في الدنيا، ونار جهنم في الآخرة؛ وذلك قوله تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ *وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ*وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ *مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ*يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ ﴾(إبراهيم:13-17) وفي ظل هذا المصير، الذي انتهى إليه هؤلاء الكفار من الأمم الغابرة جاء التعقيب مثلاً، يصوِّر الله تعالى فيه أعمالهم على طريقة القرآن المبدعة بصورة رماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، فقال سبحانه: ﴿ مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ ﴾(إبراهيم:18) فجمع بين أعمالهم، وأعمال من جاء من بعدهم من الذين كفروا بربهم في هذا التمثيل العجيب؛ إذ بأولئك الكفار الغابرين تضرَب الأمثال لكل من ماثلهم ممَّنْ جاء بعدهم من الكفار اللاحقين، في كفرهم بالله سبحانه وبآياته، وإنكارهم للبعث، ومحاربتهم لرسله- عليهم السلام- وصدهم عن سبيله، ولكل مَنْ كانت أعماله مماثلة لأعمالهم من غير الكافرين بربهم. |
ومن المعلوم أن الكفار المتأخرين قد سلكوا في الكفر والتكذيب مَسْلك من كان قبلهم، ومنهم كفار مكة، الذين أخبر الله تعالى في قوله مخاطبًا نبيه صلى الله عليه وسلم:
﴿وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ ﴾(فاطر:25) وكما حكى الله تعالى عن الفئة الضالة من الأمم السابقة قولهم لرسلهم: ﴿لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ ﴾(إبراهيم:13) كذلك أخبر سبحانه عن كفار مكة، فقال تعالى مخاطبًا نبيه عليه الصلاة والسلام: ﴿وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأَرْضِ لِيُخْرِجوكَ مِنْهَا وَإِذاً لاَّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ (الإسراء:76) ثم بين سبحانه وتعالى أن ذلك سنته في رسله وعباده، فقال: ﴿سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا ﴾(الإسراء:76) وتقتضي سنة الله تعالى في عباده أن يحكم على الفرع بحكم الأصل، فيما تكون فيه المماثلة. فإذا كان الأصل محكومًا عليه بالهلاك، وعلى أعماله بالفساد، فكذلك الفرع. وهذا ما أشار إليه سبحانه وتعالى بقوله لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ ﴾(الأنفال:38) فقوله تعالى:﴿فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ ﴾عبارة تجمع الوعيد والتهديد، والتمثيل بمن هلك من الأمم في سالف الدهر بعذاب الله. والمعنى المراد: مضت سنة الله تعالى فيمن سلف من الكافرين بالهلاك، فيصيب الآخرين مثل ما أصاب الأولين. وكما يطلق لفظ { المَثَل }على الفرع، كذلك يطلق على الأصل، ومن ذلك قوله تعالى في حق كفار مكة: ﴿فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُم بَطْشاً وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ﴾(الزخرف:8) أي: مضى حالهم، الذي كانوا عليه من الكفر والتكذيب والإهلاك، وخلفه حال مماثل له؛ هو حال كفار مكة، وغيرهم. والأول أصل، والثاني فرع، والعلة الجامعة بينهما: الكفر والتكذيب، والحكم: الهلاك. والمعنى: أن كفار مكة سلكوا في الكفر، والتكذيب مَسْلك من كان قبلهم، فليحذروا أن ينزل بهم من الخزي مثل ما نزل بهم. ونظير ذلك قوله تعالى في حق فرعون وجنوده: ﴿فَلَمَّا آَسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ*فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآَخِرِينَ ﴾ (الزخرف:55-56) أي: فلما أغضبوا اللهسبحانه بأعمالهم القبيحة، انتقم منهم، بأن أغرقهم أجمعين. وهذا الانتقام قد جعله سلفًا يتعظ به الغابرون، ومثلاً يعتبر به المتأخرون، ويقيسون عليه أحوالهم.وقد قال الله تعالى محذِّرًا: ﴿ أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ*ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآَخِرِينَ *كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ ﴾(المرسلات:16- 18) وإذا كان الأولون محكومًا عليهم بالهلاك، فمن باب أولى أن تكون أعمالهم محكومًا عليها بالفساد وعدم النفع. تأمل ذلك في قوله تعالى: ﴿وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ*إِنَّ هَؤُلَاءِمُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (الأعراف:138-139) أي: هم وما يعبدون هالك لا محالة، وأعمالهم ذاهبة مضمحلة. وهؤلاء القوم- على ما قيل- كانوا من العمالقة، الذين أمر موسى- عليه السلام- بقتالهم. وقال قتادة: كانوا من لَخْمٍ، وكانوا نزولاً بالرَّقَّة. وقيل: كانت أصنامهم تماثيل بقر؛ ولهذا قالوا: ﴿ يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ ﴾ فأخرج لهم السَّامِرِيُّ عجلاًُ. ونظير قولهم هذا قول جهال الأعراب لرسول الله صلى الله عليه وسلم- وقد رأوا شجرة خضراء للكفار تسمَّى: ذات أنواط، يعظمونها في كل سنة يومًا- فقالوا:”يا رسول الله! اجعل لنا ذات أنواط؛ كما لهم ذات أنواط. فقال عليه الصلاة والسلام: الله أكبر! قتلتم- والذي نفسي بيده- كما قال قوم موسى: ﴿اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴾ لتركبن سنن من قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى إنهم لو دخلوا حجر ضب لدخلتموه “. وكان هذا في مخرجه صلى الله عليه وسلم إلى حنين. ونظير هؤلاء المنافقون، الذين قال الله تعالى فيهم: ﴿قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ *وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ ﴾(التوبة:53- 54) وغير هؤلاء كثير. وقوله تعالى:﴿أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ ﴾الأعمال فيه جمع: عمل. والعمل يطلق على كل فعل، يكون من الإنسان بقصد، فهو أخصُّ من الفعل؛ لأن الفعل قد ينسب إلى الإنسان، الذي يقع منه فعل بغير قصد. وقد ينسب إلى الجماد. والعمل قلما ينسب إلى ذلك؛ ولهذا قال تعالى:﴿أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ ﴾، ولم يقل سبحانه:﴿أَفْعَالُهُمْ كَرَمَادٍ ﴾. أما الرماد فهو ما بقي بعد احتراق الشيء. وفي لسان العرب:”الرمادُ: دُقاقُ الفحم من حُراقة النار، وما هَبَا من الجمر فطار دُقاقًا. وفي حديث أم زرع: زوجي عظيم الرماد. أي: كثير الأضياف؛ لأن الرماد يكثر بالطبخ“. ولهذا كان تنكيره في الآية منبِئًا عن ضآلته وخفته، بخلاف ما لو كان معرَّفًا. وتشبيه الأعمال بهذا الرماد الضئيل الخفيف ينطوي على سرٍّ بديع من أسرار البيان القرآني؛ وذلك للتشابه الذي بين أعمالهم، وبين الرماد في إحراق النار، وإذهابها لأصل هذا وهذا؛ فكانت الأعمال التي لغير الله، وعلى غير مراده طعمة للنار، وبها تسعر النار على أصحابها، وينشىء الله سبحانه لهم من أعمالهم الباطلة نارًا وعذابًا؛ كما ينشىء لأهل الأعمال الموافقة لأمره ونهيه، التي هي خالصة لوجهه من أعمالهم نعيمًا وروحًا. فأثرت النار في أعمال أولئك، حتى جعلتها رمادًا، فهم وأعمالهم وما يعبدون من دون الله وقود النار. ولو شبهت هذه الأعمال بلفظ آخر غير الرماد، كالتراب مثلاً، فقيل:﴿أَعْمَالُهُمْ كَتُرَابٍ ﴾، لما أفاد ذلك ما أفاده لفظ الرماد من معنى الخفة، والاحتراق، وعدم الانتفاع، والعجز عن الاستدراك. وتأمل هذه الكاف في قوله تعالى:﴿كَرَمَادٍ ﴾، كيف جعلت هذه الأعمال في مرتبة أدنى من مرتبة ذلك الرماد الضئيل في حقيقته وصفاته، ووراء ذلك ما وراءه من إزراء لها، واستخفاف بأصحابها. ولو قيل:﴿أَعْمَالُهُمْ مِثْلُ رَمَادٍ ﴾، لما أفاد التشبيه هذا المعنى، الذي ذكرناه؛ لأن لفظ المِثْل يجعل الممثَّل، والممثَّل به في مرتبة واحدة؛ لأنه لفظ تَسْوِيَة، فيقتضي المساواة بينهما في تمام الصفات. |
أما قوله تعالى:﴿اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ ﴾فهوكناية عن سرعة هذه الريح وقوتها. يقال: اشتدَّت الريح. أي: أسرعت بقوة. وتعدية الفعل بالباء، دون تعديته بعلى يفيد أن هذه الريح حملت الرماد، وأسرعت الذهاب به، وبددته في جهات هبوبها؛ بحيث لا يقدر أحد على الإمساك بشيء منه، بخلاف قولنا: اشتدت عليه؛ فقد تشتد الريح عليه، وهو ثابت في مكانه، لا يتبدد.
ومشهدالرماد تشتد به الريح في يوم عاصف مشهود معهود, يجسم به السياق معنى ضياعالأعمالسدى, لا يقدر أصحابها على الإمساك بشيء منها, ولا الانتفاع به أصلاً..يجسمهفي هذا المشهد العاصف المتحرك, فيبلغ في تحريك المشاعر له ما لا يبلغهالتعبير الذهني المجرد عن ضياع الأعمال وذهابها بددًا.فكما تعصف الريح الشديدة بالرماد، وتذهب به في جهات هبوبها؛ كذلك تعصف رياح الكفر والنفاق بالأعمال، التي تكون لغير الله جل وعلا، وعلى غير طاعة الرسل عليهم الصلاة والسلام؛ ولهذا قال الله تعالى في آية أخرى: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً ﴾(الفرقان:23) و﴿الرِّيحُ ﴾- على ما قيل- هي الهواء المتحرك، وتجمع على: أرواح ورياح. وعامة المواضع، التي ذكر فيها لفظ ﴿الرِّيحِ ﴾بصيغة المفرد في القرآن، فعبارة عن العذاب. وكل موضع ذكر فيه بصيغة الجمع فعبارة عن الرحمة؛ إلا في قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ ﴾(يونس:22) ورويَ عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول، إذا هبَّت الريح:”اللهم اجعلها رياحًا، ولا تجعلها ريحًا “. وذلك لأن ريح العذاب شديدة ملتئمة الأجزاء؛ كأنها جسم واحد. وريح الرحمة متقطعة؛ فلذلك هي رياح.. وأفردت مع الفلك في آية يونس؛ لأن ريح إجراء السفن إنما هي ريح واحدة متصلة، ثم وصفت بالطِّيب، فزال الاشتراك بينها، وبين ريح العذاب. أما العَصْفُ في قوله تعالى:﴿فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ ﴾ فهو اشتداد الريح، ووَصْفُ اليومِ به- وهو زمانُ هبوبها- من إضافة الموصوف إلى صفته. والعصْف، وإن كان للريح، فإن اليوم قد يوصف به؛ لأن الريح تكون فيه، فجاز أن يقال: يوم عاصف؛ كما يقال: يوم بارد، ويوم حار، والبرد والحر فيهما. وقرأ ابن أبي اسحق وإبراهيم بن أبي بكر عن الحسن:﴿فِي يَوْمٍ عَاصِفِالرِّيْحِ﴾، على الإضافة. وذلك- عند أبي حيان- من حذف الموصوف، وإقامة الصفة مقامه، والتقدير: في يوم ريح عاصف. وقيل: إن عَاصِفًا صفة للريح، إلا أنه جُرَّ على الجِوار. وفيه أنه لا يصِحُّ وصفُ الريح به، لاختلافهما تعريفًا وتنكيرًا. وقرأ نافع وأبو جعفر:﴿فِي يَوْمٍ عَاصِفِالرِّيَاحِ﴾،على الجمع، وبه يشتد فساد الوصفية. والعَصْفُ يقال لحطام النبت المتكسر. وقيل: هو ساق الزرع. وقيل: هو ورق الزرع. وبهما فسر قوله تعالى:﴿وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ ﴾(الرحمن:12). وقال تعالى:﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ ﴾(الفيل:5)، تشبيهًا بذلك. وقيل: العَصْفُ: السرعةُ. وعصفت الريح تعصِف عَصْفًا. أي: اشتدَّ هبوبُها. وهي ريحٌ عاصِفٌ وعاصِفةٌ. أي: شديدة الهبوب. وعصفت بهم الريح، تشبيهًا بذلك. أي: ذهبت بهم، وأهلكتهم. ومثل ذلك قولهم: الحرب تعصف بالقوم. وقوله تعالى:﴿فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفاً ﴾(المرسلات:2)يعني الرياح الشديدة القاصفة للشجر وغيره. فتأمل هذه الألفاظ الثلاثة:( الرماد، والريح المشتدَّة، واليوم العاصف ) التي تتكوَّن منها عناصر الصورة في المشبه به، تجد كل لفظ منها يجسم به السياق معنى ضياعالأعمالسدى, لا يقدر أصحابها على الإمساك بشيء منها, ولا الانتفاع به. يضاف إلى ذلك ما ينطوي عليه لفظ الرماد من معنى الاحتراق. وقوله تعالى:﴿لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ﴾ تبيينٌ لوجه الشبه، واستحضار للكافرين جميعًا؛ ليشهدوا هذا الموقف، الذي يتعرَّون فيه من كل شيء.فإذا ما قدموا على ربهم يوم القيامة، لا يقدرون على الانتفاع بشيء مما كسبوا في الدنيا من أعمالهم عند حاجتهم إليه. أي: لا يجدون له أثرًا من ثواب، أو تخفيف عذاب؛ كما لا يقدر أحد على الانتفاع بشيء من ذلك الرماد، الذي اشتدت به الريح في اليوم العاصف، وكان جزاؤهم النار؛ كما أخبر تعالى عن ذلك بقوله: ﴿أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾(هود:16) وقيل: المراد بقوله تعالى﴿لاَّ يَقْدِرُونَ﴾:التعميم. أي: لا يقدرون في الدنيا والآخرة على شيء مما كسبوا. ويؤيده ما ورد في الصحيح عن عائشة- رضي الله عنها- أنها قالت: يا رسول الله إن ابن جدعان في الجاهلية يصل الرحم، ويطعم المسكين، هل ذلك نافعة؟ قال:”لا ينفعه؛ لأنه لم يقل: ربي اغفر لي خطيئتي يوم الدين“. وقال تعالى فيالبقرة: ﴿لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا ﴾(البقرة:264)، وقال هنا: ﴿لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ﴾ فقدَّم﴿ عَلَى شَيْءٍ ﴾في الأول، وأخرَّه في الثاني، لأهمية كل منهما في آيته؛ وذلك ظاهر لمن له أدنى بصيرة. وقال تعالى:﴿ مِمَّا كَسَبُوا ﴾، فعبَّر عن العمل بـالكسب؛ لأن كسب الرجل هو عمله، وعمله هو كسبه. روي أنه قيل للنبي صلى الله عليه وسلم:”أي الكسب أطيب؟ فقال:عمل الرجل بيده“، فعبر عن كسب الرجل بعمله. والكسب- كما قال الراغب في مفردات القرآن- هو ما يتحرَّاه الإنسان، ممَّا فيه اجتلاب نفع، وتحصيل حظٍّ؛ كاكتساب المال. وقد يستعمل فيما يظنُّ الإنسان أنه يجلب منفعة، ثم استُجلِب به مضرَّة. أما قوله تعالى:﴿ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ﴾فهوإشارة إلى ضلالهم. أي: ما دل عليه التمثيل دلالة واضحة، من ضلالهم، مع حسبانهم أنهم على شيء، هو الضلال البعيد عن طريق الحق والصواب. وهو تعقيب يتفق ظله مع ظل الرماد المتطاير في يوم عاصف إلى بعيد؛ حيث يستحيل العثور على شيء منه !! وفي وصف الضلال بالبعيد إشارة إلى كفرهم؛ وهو كقوله تعالى في الآية الثانية والثالثة من سورة إبراهيم: ﴿وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ*الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآَخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ ﴾(إبراهيم:2-3) والضلال هوالعدول عن الطريق المستقيم، والمنهج القويم؛ عمدًا كان، أوسهوًا. قليلاً كان، أو كثيرًا، ويضادُّه الهدى. فإذا كان عن عمد وقصد- وإن كان قليلاً- فهو كفر، وحينئذ يوصف بالبعيد.. تأمل ذلك في القرآن، تجده على ما ذكرنا، إن شاء الله! محمد إسماعيل عتوك |
وجعلنا من الماء كلّ شيء حيّ جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية لقد ذكرنا في مقالتين سابقتين نشرتا على هذا الموقع وهما مقالة "خلق الأرض في يومين" ومقالة "وقدّر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين" إن الحياة على هذه الأرض لم يكن لها لتظهر لو لم يتم تصميم جميع أجزاء هذا الكون بتقدير بالغ في جميع مراحل خلقه حيث أن خللا بسيطاﹰ في تصميم مرحلة ما من هذه المراحل قد يحول دون أن تكون الأرض بالشكل والمواصفات التي هي عليها الآن. وذكرنا كذلك بأن الأرض قد تم تصميمها بتقدير بالغ لكي تكون مؤهلة لظهور الحياة عليها وذلك من حيث تحديد بعدها عن الشمس التي تمدها بالطاقة وسرعة دورانها حول نفسها وحول الشمس وكذلك إمالة وتأرجح محورها وشدة مجالها المغناطيسي وسمك قشرتها. وبما أن الكائنات الحية تحتاج لبناء أجسامها إلى عدد كبير من العناصر الطبيعية فقد تم توفير جميع العناصر التي أنتجتها نجوم هذا الكون في قشرة هذه الأرض بنسب متفاوتة. وأما تضاريس الأرض فقد تم تشكيلها بشكل بارع بحيث يكون فيها مناطق منخفضة لاستيعاب مياه الأرض فيها ومناطق مرتفعة لا يمكن للمياه أن تغمرها وذلك لتكون مناسبة لظهور مختلف أشكال الحياة عليها. أما جو الأرض فقد تم تصميمه بحيث أن محتوياته عند بداية تكونه تختلف عن محتوياته عما هي عليه الآن وذلك لأن جو الأرض الأولي المكون من غازات الهيدروجين والأمونيا والميثان وبخار الماء قد لعب دوراً بالغ الأهمية في تكون المواد العضوية البسيطة التي تلزم لظهور الحياة لاحقا. ونظرا للدور البالغ الأهمية الذي يلعبه الماء في ظاهرة الحياة على الأرض فقد لزم أن نفرد له مقالة خاصةنبين فيها بعض الحقائق العلمية المتعلقة بخصائص الماء وكذلك الدور الذي يلعبه في ظاهرة الحياة على الأرض مصداقاﹰ لقوله تعالى "وجعلنا من الماء كلّ شيء حيّ أفلا يؤمنون" الأنبياء 30. يقدّر علماء الجيولوجيا كمية الماء الموجودة على الأرض بستة عشر بليون كيلومتر مكعب أو ما يساوي ستة عشر بليون بليون طن أي أن نسبة كتلته إلى كتلة الأرض تبلغ خمسة وعشرون بالألف. ويوجد القسم الأكبر من هذه الكمية والتي تقدر بثلاثة عشر بليون كيلومتر مكعب في طبقات الأرض الواقعة تحت القشرة الأرضية وهي موجودة على شكل بخار ماء مضغوط وذلك بسبب الحرارة العالية لباطن الأرض. أما الكمية المتبقية والتي تقدّر بثلاثة بلايين كيلومتر مكعب فإن نصفها يدخل في تركيب الصخور والمعادن الموجودة في القشرة الأرضية بينما يوجد النصف الآخر في المحيطات والبحار والأنهار. ويتجمع معظم الماء الموجود على سطح الأرض في محيطات وبحار الأرض إلا أن هناك ما يقرب من مائة مليون كيلومتر مكعب من الماء موجودة على اليابسة في تجاويف القشرة الأرضية وفي البحيرات والأنهار والتربة على شكل سائل وفي المناطق الجبلية والجليدية على شكل جليد. ويعتقد العلماء أن الماء الموجود على سطح الأرض قد خرج من باطنها فبعد أن تكونت القشرة الأرضية الصلبة بدأ الماء يخرج من باطن الأرض على شكل بخار مع الحمم التي تقذفها البراكين من باطن الأرض إلى سطحها وذلك مصداقا لقوله تعالى "والأرض بعد ذلك دحاها أخرج منها مائها ومرعاها" النازعات 30-31. ويقدّر علماء الجيولوجيا كمية الماء الذي يخرج من باطن الأرض في السنة الواحدة بحوالي كيلومتر مكعب واحد أو ما يعادل ألف مليون طن ويعتقدون أن هذه الكمية كافية لتشكيل الاحتياطي الإجمالي للماء على سطح الأرض بمرور بلايين السنين على نشأة الأرض. لقد كان هذا الماء عند أول نشأة الأرض على شكل بخار يملأ جو الأرض الأولي بسبب ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض في تلك الحقّبة من الزمن وبعد أن برد هذا السطح بدأ بخار الماء بالتكثف ليسقط على شكل أمطار غزيرة لعبت دوراً كبيرا في تشكيل بعض تضاريس الأرض كالأودية والسهول الغنية بالتراب. ولو أن جميع ما في الأرض من ماء قد خرج من باطنها واستقر على سطحها لما وسعته المحيطات ولوصل ارتفاع الماء فوق سطح الأرض إلى ثلاثين كيلومتر ولكن من لطف الله بالناس أن تسعين بالمائة من هذا الماء لا زال محبوساً كبخار تحت القشرة الأرضية. ويقوم هذا المخزون الضخم من الماء المحبوس تحت القشرة الأرضية بتعويض كمية الماء الموجودة على السطح إذا ما نقص بسبب هروب بعضه إلى الفضاء الخارجي أو اتحاده بشكل دائم مع بعض العناصر والمركبات الأرضية. ولو أن الأرض بقيت على شكل كرة ملساء كما كان حالها عند بداية خلقها لغطت كمية الماء الموجودة على سطحها فقط جميع سطح الأرض بارتفاع ثلاثة كيلومترات. ولكن بتقدير من الله عز وجل وبسبب ضغط الماء الهائل على قشرة الأرض التي كانت طرية ورقيقة عند بداية تكونها فقد بدأ جزء من سطح الأرض بالانخفاض تحت وطأة هذا الضغط ممّا جلب مزيداً من الماء لهذا الجزء الذي واجه مزيداً من الانخفاض. وقد توالت هذه العملية حتى تجمع الماء في جهة واحدة من سطح الأرض وانحسر عن الجزء المتبقي من السطح الذي ارتفع مستواه بسبب الضغط المعاكس على القشرة من داخل الأرض مكونا اليابسة. ولقد تأكدت هذه الحقيقة بعد اكتشاف علماء الجيولوجيا أن المحيطات الحالية كانت محيطا واحدا وكذلك القارات التي كانت قارة واحدة ولكن وبسبب حركة الصفائح التي تتكون منها القشرة الأرضية بدأت القارة الأولية بالانقسام إلى عدة قارات بشكل بطيء جدا بما يسمى ظاهرة انجراف القارات. وتغطي المحيطات الآن ما يقرب من سبعين بالمائة من سطح الأرض بينما تشكل اليابسة ثلاثين بالمائة من سطحها ويبلغ متوسط ارتفاع اليابسة عن سطح البحر ما يقرب من كيلومتر واحد بينما يبلغ متوسط انخفاض المحيطات عن سطح البحر أربعة كيلومترات تقريباً. إن تحديد نسبة مساحة سطح اليابسة إلى مساحة سطح المحيطات لم يتم بطريقة عشوائية بل تم تقديره بشكل بالغ حيث بينت دراسات العلماء أن أية زيادة أو نقصان فيها قد يحول دون ظهور الحياة على الأرض. فمتوسط درجة حرارة سطح الأرض سيختلف عن الرقم الحالي البالغ خمسة عشر درجة فيما لو تغيرت هذه النسبة وذلك بسبب الاختلاف الكبير في الحرارة النوعية لكل من تراب اليابسة وماء المحيطات. وستتغير كذلك كمية ثاني أكسيد الكربون الموجود في الغلاف الجوي بسبب تفاوت نسب امتصاص البر والبحر لهذا الغاز الذي يعتبر مصدر الغذاء الرئيسي لجميع الكائنات الحية وكذلك فإن كمية الماء التي ستسقط على اليابسة ستزداد أو تنقص تبعاً لقيمة النسبة بين مساحة كل من البر والبحر. وقد يقول قائل أن كمية الماء الهائلة الموجودة في المحيطات قد تكون أكبر ممّا تحتاجه الكائنات الحية وأن محيطات بمتوسط عمق أقل من ذلك قد تكون كافية لهذا الغرض. ولكن هنالك حكمة بالغة وراء تقدير تلك الكمية من الماء حيث أن مياه الأمطار التي تعود للمحيطات من خلال الأنهار تحمل معها كميات كبيرة من أملاح تراب اليابسة ممّا يزيد من ملوحتها مع مرور الزمن. إن زيادة ملوحة المحيطات عن حد معين سيؤدي حتما إلى موت جميع الكائنات الحية فيها وأكبر دليل على ذلك الحال الذي هو عليه البحر الميت في الأردن. ولكن بتقدير من الله وبفضل منه وبسبب هذه الكمية الهائلة من المياه في المحيطات فإن ملوحتها لا زالت دون الحد الذي يمنع عيش الكائنات الحية فيها رغم أن أنهار الأرض تلقي فيها كميات كبيرة من الأملاح منذ ما يزيد عن أربعة آلاف مليون سنة وصدق الله العظيم القائل "وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كل تأكلون لحماً طرياً وتستخرجون حلية تلبسونها" فاطر 12. http://www.55a.net/firas/ar_photo/5/water_earth.jpgإن تحديد نسبة مساحة سطح اليابسة إلى مساحة سطح المحيطات لم يتم بطريقة عشوائية بل تم تقديره بشكل دقيق حيث بينت دراسات العلماء أن أية زيادة أو نقصان فيها قد يحول دون ظهور الحياة على الأرض |
ويتفرد كوكب الأرض من بين جميع كواكب المجموعة الشمسية بوجود هذه الكمية الضخمة من الماء على سطحه وذلك يعد أن تأكد للعلماء من خلال إرسال مركبات فضائية إلى كواكب المجموعة الشمسية أن سطوحها تخلو تماماً من الماء. ولا زال العلماء يتساءلون عن مصير الماء الذي كان موجوداً على هذه الكواكب حيث أنها قد تكونت بنفس الطريقة التي تكونت بها الأرض ولا بد والحال هذا أن جميعها قد أخذ نصيبه من الماء وكذلك من بقية العناصر والمركبات الطبيعية. ومن الخطأ أن نعتقد أن الماء إذا ما توفر في كوكب ما فلابد أن يشكل محيطات وبحار على سطحه كما هو الحال مع الأرض وذلك لأن الظروف التي يتشكل خلالها الكوكب هي التي تحدد الطريقة التي سيكون عليها حال الماء على سطحه. وهذا يعني أن ضمان ظهور الماء على سطح الكوكب يحتاج لتقدير بالغ في تحديد تسلسل الأحداث التي يمر بها تشكل الكوكب عند نشأته وأن حدوث خطأ بسيط في تسلسل هذه الأحداث قد يحول دون ظهور الماء عليه. ولو قمنا بتقصي الأسباب التي قد تحول دون ظهور الماء على سطح كوكب ما، على الرغم من توفر الماء في جوفه لما أحصيناها عدداً. فعلى سبيل المثال،فمن الممكن أن الكواكب التي هي أبعد من الأرض عن الشمس قد تكونت قشرتها بشكل أسرع ممّا حدث على الأرض ممّا حالت دون خروج الماء من باطنها إلى ظاهرها من خلال البراكين. ومن الممكن أن هذا الماء قد تجمد بكامله في الكواكب الأبعد من الأرض عن الشمس بسبب البرودة الشديدة وتجمع في طبقات قشرة الكوكب أو عند أقطابه. ومن الممكن أنه قد تسرب إلى الفضاء الخارجي مع مرور الزمن وخاصة في الكواكب القريبة من الشمس بسبب ارتفاع درجة حرارة سطحها. ومن الممكن أيضا أن تكون قشرة الكوكب من السماكة بحيث أن الماء قد غار في طبقاتها المختلفة ولم يصل إلى باطن الكوكب الحار الذي يستطيع أن يخرجه كبخار مع البراكين وصدق الله العظيم القائل " وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا علي ذهاب به لقادرون ".
إن عملية نقل الماء من المحيطات وتوزيعها على اليابسة تتم بآليات بالغة الإتقان حيث تستخدم الطاقة الشمسية لتبخير الماء من المحيطات بدون أن يتم رفع درجة حرارة الماء إلى درجة الغليان. ويقدّر العلماء كمية الماء المتبخر من المحيطات في السنة الواحدة بأربعمائة ألف كيلومتر مكعب ومن اليابسة بستين ألف كيلومتر مكعب وتحتاج هذه الكمية الهائلة من الماء المتبخر من المحيطات إلى كمية هائلة من الطاقة تقدّر بمائتين وخمسين مليون بليون كيلواط ساعة في السنة الواحدة. http://www.55a.net/firas/ar_photo/5/rain01.jpgتستخدم الطاقة الشمسية لتبخير الماء من المحيطات بدون أن يتم رفع درجة حرارة الماء إلى درجة الغليان. وتتكفل الشمس بتوفير هذه الكمية الهائلة من الطاقة لعملية تبخير الماء من خلال الإشعاع الذي يصل إلى الأرض على شكل أمواج ضوئية وحرارية. ومن حسن التقدير أن طاقة التبخير هذه لا تذهب هدراً بل يتم الاستفادة منها عندما يتكثف بخار الماء في الجو فتنطلق هذه الطاقة لتسخن جو الأرض وخاصة أثناء الليل. وبعد أن يصعد هذا الماء المتبخر إلى طبقات الجو العليا مع التيارات الهوائية الصاعدة يبدأ البخار بالتكثف على شكل غيوم بسبب البرودة الشديدة لطبقات الجو العليا وصدق الله العظيم القائل "وهو الذي يرسل الرياح بشراً بين يدي رحمته حتّى إذا أقلّت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميّت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كلّ الثمرات كذلك نخرج الموتى لعلّكم تذكّرون" الأعراف 57. إن رفع هذا الكمية الهائلة من الماء إلى ارتفاع عدة كيلومترات فوق سطح البحر يحتاج إلى كمية هائلة من الطاقة لا تقل عن كمية الطاقة التي لزمت لتبخيرها. وتقوم الشمس أيضا بتوفير هذه الطاقة من خلال تسخين الهواء الملامس لسطح الأرض والذي يرتفع إلى الأعلى حاملاً معه بخار الماء وذلك بسبب أن كثافة الهواء الساخن أقل من كثافة الهواء البارد. إن هذه الطاقة تعاد بكاملها إلى الأرض عند نزول الماء على شكل أمطار من خلال تحول طاقتها الوضعية إلى طاقة حركية ويتحول جزء كبير من هذه الطاقة الحركية إلى طاقة حرارية عند ارتطام قطرات الماء بسطح الأرض أماالجزء المتبقي فيبقى كطاقة حركية تنقل مياه الأنهار والسيول والجداول من أعالي الجبال إلى المحيطات والبحار والبحيرات. ويستفاد من هذه الطاقة الحركية في مياه الأمطار لنقل التراب من رؤوس الجبال الشاهقة إلى السهول المنبسطة الصالحة للزراعة.ولولا هذا التقدير لخلت هذه السهول مع مرور الزمن من العناصر والمركبات اللازمة للحياة. وقد استفاد الإنسان في العصور الماضية من هذه الطاقة الحركية في تشغيل النواعير لرفع الماء من الأنهار والطواحين لطحن الحبوب وفي هذا العصر في توليد كميات كبيرة من الطاقة الكهربائية. وبعد أن يرتفع بخار الماء إلى طبقات الجو المختلفة يبدأ بالتكثف ليكون الغيوم التي تسوقها الرياح إلى مناطق اليابسة حيث تبدأ حبيبات الماء بالتكون لتسقط على شكل أمطار وثلوج وبرد وصدق الله العظيم القائل "ألم تر أن الله يزجي سحاباً ثمّ يؤلّف بينه ثمّ يجعله ركاماً فترى الودق يخرج من خلاله وينزّل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار يقلّب الله الليل والنهار إنّ في ذلك لعبرة لأولي الأبصار" النور 43-44. http://www.55a.net/firas/ar_photo/5/cloudes.jpgوصف الله سبحانه السحاب أنه ثقيل (أقلّت سحاباً ثقالاً) كشف العلم الحديث أنه كل عام تهطل أمطار حجمها حوالي 460.000كم3 أما ثقلها فيقدر بآلاف ملايين الأطنان فمن أخبر محمد أنها ثقيلة ولو قدر لهذه الكمية الهائلة من الماء المتبخر أن تنزل دفعة واحدة على سطح جميع القارات لوصل ارتفاع الماء إلى عشرة أمتار ولكن من لطف الله بعباده أن 370 ألف كيلومتر مكعب منها ينزل على المحيطات بينما ينزل على اليابسة فقط 90 ألف كيلومتر مكعب.ولو وزع هذا الرقم الأخير على جميع مناطق اليابسة بالتساوي لكان نصيب كل متر مربع من الأرض مترا مكعبا واحدا من الماء. ومن لطف الله بالناس أن هذا الماء ينزل على مدى عدة أشهر وإلا فان نزول مثل هذه الكمية خلال يوم أو حتى أسبوع قد يتسبب في حدوث كوارث لا تحمد عقباها وصدق الله العظيم القائل "وأنزلنا من السماء مآء بقدر فأسكناه في الأرض وإنّا على ذهاب به لقادرون فأنشأنا لكم به جنّات من نخيل وأعناب لكم فيها فواكه كثيرة ومنها تأكلون وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للأكلين" المؤمنون 18-20. وإن ما حل بقوم سيدنا نوح عليه السلام من دمار وعذاب كان بسبب زيادة سقوط المطر عن الحدود التي قدرها الله وقد صور القران الكريم هذا المشهد العجيب بقوله سبحانه "ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر وفجّرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد ٌقدر وحملناه على ذات ألواح ودسر تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر" القمر 11-14.إن كمية الماء التي تسقط على اليابسة والتي تقدّر بتسعين ألف كيلومتر مكعب تعود في النهاية إلى المحيطات والبحار حيث يعود ثلاثون ألف كيلومتر مكعب منها بشكل مباشر بواسطة الأنهار بينما تعود الستين ألف المتبقية بطريقة غير مباشرة من خلال عملية التبخر وذلك بعد أن يتم الاستفادة منها من قبل الكائنات الحية المختلفة وخصوصا النباتات التي تستهلك الجزء الأكبر من هذه الكمية بامتصاصها من التربة. ومن الجدير بالذكر أن مجموع ما يستهلكه البشر سنوياً من الماء للأغراض الزراعية والمنزلية والصناعية يقدّر بثلاثة آلاف كيلومتر مكعب أي ما يساوي ثلاثة آلاف بليون متر مكعب فقط.إن عملية توزيع مياه الأمطار على جميع مناطق اليابسة لا تتم بشكل متساوي بسبب التفاوت الكبير لتضاريس اليابسة ومقدار بعدها عن المحيطات حيث تسقط الأمطار بكميات كبيرة على المناطق الساحلية وتقل تدريجياً كلما ابتعدنا عن شواطئ المحيطات والبحار.ومن فضل الله على الناس أن قام بتوفير آليات مختلفة لتزويد المناطق التي لا تسقط عليها كمية كافية من الأمطار بما يكفيها من الماء الذي يبعث فيها الحياة.فقد سخّر الله الأنهار التي تحمل الماء من المناطق الغنية به إلى المناطق الصحراوية الجافة كنهر النيل الذي يجلب الماء من الحبشة إلى السودان ومصر وكنهري دجلة والفرات التي تجلب الماء من تركيا إلى سوريا والعراق وكذلك الحال مع بقية أنهار الأرض وصدق الله العظيم القائل "أمّن جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهاراً وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا أءلهٌ مع الله بل أكثرهم لا يعلمون" النمل 61.ومن عجائب تصميم الأنهار أن ميلان الأرض قد تم تقديره بشكل بالغ الدقة بحيث أن الماء ينساب بشكل طبيعي من منابع الأنهار إلى مصابها رغم أنها تجري لآلاف الكيلومترات وصدق الله العظيم القائل " وهو الذي مدّ الأرض وجعل فيها رواسي وأنهاراً ومن كلّ الثمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشي الليل النهار إنّ في ذلك لآيات لقوم يتفكّرون " الرعد 3. وبما أن الأمطار لا تسقط إلا في أشهر محددة من السنة في معظم أرجاء اليابسة فقد وفر الله وسائل عدة لحفظ مياه هذه الأمطار لتزود الكائنات الحية بالماء على طول أشهر السنة. ومن هذه الوسائل الثلوج التي تغطي قمم الجبال الشاهقة والتي تذوب في الصيف لتمد الأنهار والينابيع وبحيرات الماء العذب بكميات كبيرة من الماء وكذلك طبقات الصخور التي تختزن كميات كبيرة من المياه الجوفية فتخرج على شكل ينابيع لا تكاد تخلو منها أيّ منطقة علىهذه اليابسة. ومن عجائب التقدير أن هذه الينابيع قد تتفجر في مناطق قاحلة لا يسقط عليها المطر أبداً فيأتيها الماء من أماكن بعيدة على شكل أنهار تجري عبر طبقات الصخور وصدق الله العظيم القائل "ألم تر أنّ الله أنزل من السماء مآء فسلكه ينابيع في الأرض ثمّ يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ثمّ يهيج فتراه مصفرا ثمّ يجعله حطاما إنّ في ذلك لذكرى لأولي الألباب" الزمر 21 والقائل سبحانه "وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء مآء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين" الحجر 22. وبما أنه لا يمكن لكثير من الكائنات الحية أن تعيش بدون الماء لفترات لا تتجاوز عدة أيام فإن من فضل الله عليها أن قام بتوزيع مصادر الماء في كل ركن من أركان هذه الأرض لكي ينتشر البشر وبقية الكائنات الحية في جميع أرجاء الكرة الأرضية وصدق الله العظيم القائل "وهو الذي أرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء مآء طهورا لنحيي به بلدة ميتا ونسقيه ممّا خلقنا أنعاما وأناسيّ كثيرا ولقد صرّفناه بينهم ليذّكروا فأبي أكثر الناس إلاّ كفورا" الفرقان 48-50. وإذا كان الله سبحانه وتعالى قد مكن الحيوانات من الحركة لتصل إلى مصادر الماء والغذاء لتأخذ منهما حاجتها فقد صمم آليات معقدة لتوفير الماء للنباتات التي لا يمكنها الحركة على الإطلاق. فقد تم تهيئة تراب الأرض وتشكيل الصخور التي تحتها بحيث تحتفظ بماء الأمطار لفترات طويلة ولكي تتمكن النباتات بمختلف أنواعها من الحصول على حاجتها من الماء في فترات انقطاع المطر عنها. وقد زود الله هذه النباتات بجذور يمكنها الغوص في أعماق التراب والصخور لكي تصل إلى أماكن الماء وصدق الله العظيم القائل "وأنزلنا من السماء مآء بقدر فأسكناه في الأرض وإنّا على ذهاب به لقادرون فأنشأنا لكم به جنّات من نخيل وأعناب لكم فيها فواكه كثيرة ومنها تأكلون" المؤمنون 18-19. |
ومن البدهي أن يثار التساؤل حول السبب الذي جعل الماء أحد أهم عناصر الحياة التي لا يمكن لها أن تظهر على الأرض ولا على أيّ كوكب آخر بدونه. وللإجابة على هذه التساؤل لابد من التذكير بحقيقة مهمة عن طبيعة الحياة وهي قدرة الكائنات الحية على أن تصنع نسخاً عن نفسها بنفسها من العناصر والمركبات الموجودة على الأرض. فجميع أنواع الكائنات الحية تبدأ عملية تصنيعها من خلية واحدة يحتوي شريطها الوراثي على جميع مواصفات جسم الكائن الحي ويتم تصنيع الكائن من خلال التعليمات التي يصدرها هذا الشريط لبعض مكونات الخلية. وتحتاج الكائنات الحية لبناء أجسامها إلى مواد مختلفة بمواصفات محددة وهذه المواد يتم تصنيعها من تراب هذه الأرض الذي يحتوي على جميع العناصر الطبيعية التي أنتجتها نجوم هذا الكون. وبما أن عملية تصنيع الكائنات الحية وما تحتاجه من مواد عضوية تتم بدون تدخل أيّ قوة خارجية فعلى هذه المواد أن تصنع نفسها بنفسها وأن تأخذ مواقعها في جسم الكائن من تلقاء نفسها. وبما أن هذه المواد ليس لها أيدي تمسك بها أو أرجل تمشي عليها فمن المستحيل أن تقوم بهذه المهمة إذا ما بقيت في أماكن تواجدها في تراب هذه الأرض. إن الطريقة الوحيدة التي تسهل حركة هذه المواد هو من خلال إذابتها في سائل ما يسمح لجزيئاتها بالحركة من خلال ظاهرة طبيعية وهي ظاهرة الانتشار. وفي مثل هذا السائل يمكن لجزيئات المواد المختلفة أن تتحرك بحرية ممّا يساعدها على الالتقاء ببعضها البعض وقد يؤدي هذا الالتقاء إلى حدوث التفاعلات الكيميائية بين هذه المواد لإنتاج مواد أكثر تعقيداً. إن وجود مثل السائل هو أول شرط من شروط ظهور الحياة في أيّ مكان في هذا الكون فالمواد في حالتها الصلبة وخارج هذا الوسط السائل تحتاج إلى من يخلطها باستمرار لكي يحدث التفاعل فيما بينها أما في حالة وجودها مذابة في السائل فإن هذه المواد ستتحرك من تلقاء نفسها بسبب خاصية الانتشار.
http://www.55a.net/firas/ar_photo/5/water.jpgجعل الله الماء أحد أهم عناصر الحياة التي لا يمكن لها أن تظهر على الأرض ولا على أيّ كوكب آخر بدونه ويؤكد العلماء على أن الحياة ظهرت على الأرض بسبب الخصائص الفريدة والعجيبة للماء فبدون هذه الخصائص لا يمكن للحياة أن تظهر أبداً. وممّا أثار استغراب العلماء أن جميع خصائص الماء الفيزيائية والكيميائية هي خواص شاذة أيّ أنها تختلف عن خواص مركبات مشابهة لها في التركيب ممّا حدا بعالم الكيمياء الفيزيائية الروسي "إيغور بتريانوف"بأن يصفه بأنه أغرب مادة في هذا الكون وذلك في كتابه "الماء تلك المادة العجيبة". لقد اثبت العلماء أن الماء هو السائل الوحيد من بين جميع السوائل الطبيعية الذي يصلح لأن يكون وسطاً مناسباً لحدوث التفاعلات الكيميائية التي تلزم لتصنيع المواد التي تحتاجها أجسام الكائنات الحية. فقد وجد العلماء أن الماء هو أفضل المذيبات على الإطلاق بسبب ارتفاع ثابت عزله الكهربائي وهذه الخاصية بالغة الأهمية للحياة حيث أن الكائنات الحية تحتاج لآلاف الأنواع من الجزيئات التي يجب أن تصنع في داخل هذا الماء وهذا لا يمكن أن يتم إلا إذا كانت هذه الجزيئات قابلة للذوبان في الماء. ويستطيع الماء إذابة مختلف أنواع العناصر والمركبات العضوية وغير العضوية وسواء أكانت هذه المواد في حالتها الصلبة أو السائلة أو الغازية. أما الخاصية الثانية التي لا تقل أهمية عن الأولى فهي أن الماء له القدرة على تأيين أنواع مختلفة من الجزيئات الضرورية للحياة أيّ أن الجزيء يتفكك إلى أيونات موجبة وأخرى سالبة وهذا شرط ضروري لحدوث التفاعلات الكيميائية بين المواد المختلفة. بل الأعجب من ذلك أن الماء له القدرة على تأيين بعض جزيئاته وهذه الظاهرة ضرورية لإتمام كثير من التفاعلات الكيميائية التي تجري في داخل الخلايا الحية. فجزيء الماء المتأين ينتج أيون الهيدروجين الموجب والمسؤول عن ظاهرة الحموضة وأيون الهيدروكسايد السالب المسؤول عن ظاهرة القاعدية. وقد وجد العلماء أن بعض الأنزيمات لا تعمل إلا عند درجات محددة من الحموضة أو القاعدية في الماء.أما الخاصية الثالثة فهي قدرة الماء العالية للالتصاق بالأشياء التي يلامسها وهذه الخاصية تساعد في انتشار الماء بكل سهولة في أجسام الكائنات الحية بحيث يمكنه الوصول لكل خلية من خلايا أجسامها التي لا يمكن لها أن تعيش بدونه. وبما أن الماء لا يقوم بدوره هذا إلا وهو في الحالة السائلة فهذا يتطلب أن يكون الماء في هذه الحالة السائلة على مدى نطاق واسع من درجات الحرارة. وقد وجد العلماء أن الماء يتميز على جميع المركبات السائلة الأخرى في وجود فرق كبير بين درجة تجمده ودرجة غليانه فهو يتجمد عند درجة الصفر ويغلي عند درجة مائة درجة مئوية أيّ بفارق مائة درجة. وبهذه الخاصية فإن الماء يشذ شذوذا كبيرا عن بقية هيدرات العناصر الأخرى فدرجة تجمده كان يجب أن تكون مائة درجة تحت الصفر ودرجة غليانه كان يجب أن تكون ثمانين درجة تحت الصفر إذا ما قورن مع مركبات مشابهة له في التركيب. ومن عجائب التقدير في خلق الأرض أن التفاوت في درجة حرارة معظم مناطق سطحها يقع ضمن المدى الذي يكفل بقاء الماء في حالته السائلة ولهذا نرى أن معظم الماء الموجود على سطح الأرض هو في الحالة السائلة. ومن العجيب أن الكائنات الحية التي تعيش في مناطق تهبط فيها درجات الحرارة إلى ما دون درجة تجمد الماء قد تم تزويدها بآليات تمنع الماء الموجود في أجسامها من التجمد على الرغم من أن الماء يشكل ما يزيد عن ثمانين بالمائة من أجسامها. أما الخاصية الرابعة للماء فهي خاصية عجيبة لا يمكن أن توجد فيه إلا إذا كان الذي صنع هذا الماء من عناصره يعلم علم اليقين أن هذا الماء سيلعب دورا بالغ الأهمية في ظهور الحياة على الأرض. وتتلخص هذا الخاصية في أن أكبر كثافة للماء تحدث عندما تكون درجة حرارته أربع درجات مئوية أيّ أن الماء في حالته الصلبة أخف منه في حالته السائلة وهذا على عكس جميع السوائل الأخرى التي تزيد كثافتها كلما قلت درجة حرارتها. وهذه الخاصية ضرورية جدا لبقاء معظم الماء على سطح الأرض في حالته السائلة فلو كان حال الماء كحال بقية السوائل لتحولت جميع محيطات وبحار الأرض إلى جليد باستثناء طبقة رقيقة سائلة على سطوحها المعرضة للشمس. ولكن بسبب هذه الخاصية العجيبة فإن الماء عند سطح المحيطات إذا ما تعرض لدرجات حرارة منخفضة فإنه يهبط للأسفل إذا ما بلغت درجة حرارته أربع درجات مئوية ويتم استبداله بماء أسخن منه من أسفل المحيطات ممّا يحول دون تجمد السطح. وإذا ما بلغت درجة حرارة جميع ماء البحر أربع درجات مئوية فإن أول ما يبدأ بالتجمد ماء السطح ممّا يشكل طبقة عازلة تحول دون تجمد بقية ماء البحر وبهذا وفرت هذه الآلية العجيبة حياة آمنة لجميع الكائنات الحية البحرية في مياه البحار والمحيطات وعند درجة حرارة لا تقل عن أربع درجات مئوية فسبحان القائل "وخلق كلّ شيء فقدّره تقديرا". أما الخاصية الخامسة للماء التي لا تقل في الأهمية عن سابقاتها فهي ارتفاع حرارته النوعية حيث يمتلك أعلى حرارة نوعية من بين جميع العناصر والمركبات الموجودة على الأرض وقد تصل الحرارة النوعية للماء إلى مائة ضعف الحرارة النوعية لكثير من المعادن. والحرارة النوعية مقياس لكمية الطاقة التي تختزنها كمية محددة من المادة عندما ترتفع درجة حرارتها بمقدار درجة مئوية واحدة فعند يتم تسخين المواد فإن كمية الطاقة التي تختزنها تتناسب مع كتلتها ومقدار الزيادة في درجة حرارتها وكذلك حرارتها النوعية. وعندما تبرد هذه المواد فإنها تشع جميع الطاقة التي اختزنتها إلى الجو المحيط بها إذا ما هبطت درجة حرارتها إلى نفس الدرجة التي كانت عليها قبل تسخينها. إن الحرارة النوعية العالية للماء هي التي وفرت للكائنات الحية درجات الحرارة المناسبة لعيشها على سطح الأرض فلولا وجود الماء بهذه الكميات الكبيرة على سطح الأرض لهبطت درجة حرارة سطح الأرض إلى درجات متدنية جدا بسبب تدني الحرارة النوعية للمواد المكونة للقشرة الأرضية. ولكن مياه المحيطات التي تغطي سبعين بالمائة من مساحة سطح الأرض تقوم بامتصاص كميات كبيرة من الطاقة الشمسية خلال النهار ومن ثم تقوم أثناء الليل بإشعاع هذه الحرارة إلى جو الأرض لكي يحافظ على درجة حرارة سطح الأرض ضمن الحدود المسموح بها. وأما الخاصية السادسة للماء فهي شفافيته للضوء حيث أنه يسمح بمرور الضوء المنبعث من الشمس من خلاله بأقل فقد ممكن وهذه خاصية بالغة الأهمية لدوام حياة الكائنات في بحار ومحيطات الأرض فحياة جميع الكائنات البحرية تقوم على ما تنتجه الطحالب من مواد عضوية. وهذه الطحالب تقوم بتصنيع المواد العضوية من العناصر والمركبات الذائبة في الماء بوجود الطاقة الشمسية من خلال عملية التركيب الضوئي. ولو لم يكن الماء شفافا للضوء لما تمكنت أشعة الشمس من الوصول إلى الطحالب التي تعيش في الطبقات العليا من مياه المحيطات ولتوقفت عملية تصنيع المواد العضوية التي تتغذى عليها جميع الكائنات البحرية. وتساعد شفافية الماء الكائنات الحية البحرية على رؤية الأشياء من حولها من خلال نظام الإبصار التي زودها الله بها وتساعد كذلك الإنسان والحيوان على كشف وجود شوائب ضارة في الماء قبل أن تقوم بشربه. وأما الخاصية السابعة للماء فهي إمكانية تحوله إلى بخار الماء عند درجات حرارة أقل بكثير من درجة الغليان وبكميات كبيرة من خلال عملية التبخر المعروفة. وهذه الخاصية تقوم عليها حياة جميع الكائنات الحية التي تعيش على بر الأرض فبخار الماء المتكون على سطوح المحيطات تحمله تيارات الحمل إلى طبقات الجو الباردة فتحوله إلى غيوم تسوقها الرياح إلى اليابسة فتسقط أمطارا توفر الماء الذي يلزم لحياة الكائنات الحية البرية. http://www.55a.net/firas/ar_photo/5/formation3.jpg "وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته حتّى إذا أقلّت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميّت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كلّ الثمرات كذلك نخرج الموتى لعلّكم تذكّرون" الشكل فوق يبين كيفية سوق الماء إلى الصحارى (الأرض الميتة كما وصفها القرآن). |
وأما الخاصية الثامنة فهي أن درجة تجمده تقل عن الصفر المئوي في حالة وجود مواد ذائبة فيه وهذه خاصية بالغة الأهمية لحياة الكائنات الحية حيث أنها تتعرض في المناطق الباردة إلى درجات حرارة تقل عن الصفر في كثير من الأحيان. ولكن الماء في أجسام هذه الكائنات لا يتجمد بسبب المواد الذائبة فيه ولو كان الحال غير ذلك لماتت الكائنات الحية بمجرد تعرضها لدرجات حرارة تقل عن الصفر لفترة قصيرة من الزمن. وأما الخاصية التاسعة فهي الخاصية الشعرية والناتجة عن التوتر السطحي العالي للماء وتساعد هذه الخاصية الماء على الارتفاع في الأنابيب الشعرية بدون الحاجة لقوة تضخه إلى أعلى رغم وجود الجاذبية الأرضية وبهذه الخاصية يصل الماء من جذور الأشجار إلى معظم أجزاءها رغم ارتفاعها الكبير عن سطح الأرض. بل إن هذه الخاصية هي التي تعمل على حفظ الماء في خلايا جميع الكائنات الحية بنفس النسبة رغم تفاوت ارتفاع مواقعها في جسم الكائن ولولا هذه الخاصية لتجمع الماء في الأجزاء السفلى من جسم الكائن بسبب فعل الجاذبية الأرضية. وأما الخاصية العاشرة فهو أن الماء لا طعم له ولا رائحة ولو كان الحال غير هذا لطغى طعمه ورائحته على طعم ورائحة جميع المواد التي يدخل في تركيبها وخاصة تلك الموجودة في أجسام الكائنات الحية كثمار وأزهار النباتات ولحوم وألبان الحيوانات.
ولا يقتصر دور الماء في ظاهرة الحياة على كونه السائل الوحيد الذي يسهل التفاعلات الكيميائية بين جزيئات المواد التي تلزم لبناء أجسام الكائنات الحية بل إنه يدخل في تركيب المواد العضوية التي تنتجها الخلايا الحية. فالمواد العضوية تتكون بشكل رئيسي من أربعة عناصر وهي الكربون والهيدروجين والأوكسجين والنيتروجين وكميات قليلة من بقية العناصر الأرضية كالكالسيوم والمغنيسيوم والبوتاسيوم والحديد والفوسفور واليود. إن المصدر الرئيسي للكربون والأوكسجين هو ثاني أكسيد الكربون الموجود في الهواء أو المذاب في الماء وأما مصدر الهيدروجين فهو الماء وأما مصدر النيتروجين فهو الهواء الذي تقوم الكائنات الحية الدقيقة بتثبيته في تراب الأرض ومياهها. إن عملية تصنيع المواد العضوية من مكوناتها الأساسية أو موادها الخام تبدأ أولا بتصنيع سكر الجلوكوز في خلايا النباتات والطحالب ومن ثم يستخدم هذا السكر لاحقا لتصنيع مختلف أنواع المواد العضوية. ويتم تصنيع سكر الجلوكوز من ثاني أكسيد الكربون والماء في داخل البلاستيدات الخضراء الموجودة في خلايا النباتات والطحالب بوجود الطاقة الشمسية من خلال عملية التركيب الضوئي. وفي هذه العملية تتحد ستة جزيئات من ثاني أكسيد الكربون وستة جزيئات من الماء لتنتج جزيئاواحدامن سكر الجلوكوز وستة جزيئات من الأوكسجين. إن عملية إنتاج سكر الجلوكوز من الماء وثاني أكسيد الكربون من التعقيد بحيث أن علماء هذا العصر لا زالوا يقفون عاجزين عن تقليد هذه العملية رغم توفر التكنولوجيا المتقدمة في مختبراتهم ومصانعهم. ويقدّر العلماء كمية الماء الذي تمتصه النباتات من الأرض والطحالب من البحر بأربعمائة وعشرة بلايين طن وكمية ثاني أكسيد الكربون التي تأخذه النباتات من الهواء والطحالب من البحر بخمسمائة بليون طن وكمية الطاقة التي تستمدها من ضوء الشمس بجزء من ألفي جزء من مجموع الطاقة الشمسية التي تصل إلى الأرض وذلك في السنة الواحدة. وفي المقابل تنتج البلاستيدات الموجودة في النباتات والطحالب ثلاثمائة وواحد وأربعين بليون طن من سكر الجلوكوز ومائتين وخمسة بلايين طن من الماء وثلاثمائة وأربعة وستون بليون طن من الأوكسجين. ومن عجائب التقدير أن سكر الجلوكوز عند تحلله بعد الاستفادة من الطاقة المخزنة فيه يعيد هذه الكميات الضخمة من الماء وثاني أكسيد الكربون إلى الطبيعة ليعاد استخدامها من جديدولولا هذا التقدير لنفدت جميع الكميات الموجودة على الأرض من الماء وثاني أكسيد الكربون منذ زمن بعيد. ويشكل الماء نسبه عالية من وزن أجسام الكائنات الحية حيث تتراوح هذه النسبة بين خمس وستين بالمائة وتسعين بالمائة وتذكرنا هذه النسبة بنسبة مساحة سطح المحيطات إلى مساحة سطح الأرض الكلية والتي تبلغ ما يقرب من سبعين بالمائة.وقد ذكرنا سابقا أن هذه النسبة كانت ضرورية لحفظ درجات حرارة سطح الأرض ضمن حدود تناسب الكائنات وذلك بسبب الحرارة النوعية العالية للماء. وهذا أيضا ما ينطبق على أجسام الكائنات الحية فإن كمية الماء العالية في أجسامها تساعد نظام حفظ الحرارة على حفظ حرارة أجسامها عند درجات حرارة محددة وذلك لأن درجة حرارة الماء لا تستجيب بسرعة للتغيرات في درجة حرارة الجو المحيط به بسبب ارتفاع حرارته النوعية. http://www.55a.net/firas/ar_photo/5/spring.jpg "ألم تر أنّ الله أنزل من السماء ماءًَ فسلكه ينابيع في الأرض " ونظرًا للدور البالغ الأهمية الذي يلعبه الماء في ظاهرة الحياة على سطح هذه الأرض فقد أكثر القرآن الكريم من ذكره فتحدث عن أهميته وطرق تكونه وتوزيعه على مناطق الأرض ووسائل تخزينه في الأرض ودوره في خلق الحياة الأرض ودوره في حياة الكائنات الحية. فقد أكد القرآن الكريم أنه لا يمكن للحياة أن تظهر بدون الماء مصداقاﹰ لقوله تعالى "أولم ير الذين كفروا أنّ السموات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كلّ شيء حيّ أفلا يؤمنون" الأنبياء 30. وأكد على أن جميع الكائنات الحية قد خلقت من هذا الماء مصداقاﹰ قوله تعالى "والله خلق كلّ دآبّة من مآء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع يخلق الله ما يشاء إنّ الله على كلّ شيء قدير" النور 45وقوله تعالى "ألم تر أنّ الله أنزل من السماء مآء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها" فاطر 27. وبين كذلك طرق توزيع الماء على جميع أرجاء الأرض كما في قوله تعالى "أولم يروا أنّا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون" السجدة 27. وأشار كذلك إلى طرق تخزينه في بحيرات على ظاهرها وأحواض في باطنها ومن ثم إخراجه على شكل أنهار وينابيع كما في قوله سبحانه "ألم تر أنّ الله أنزل من السماء مآء فسلكه ينابيع في الأرض ثمّ يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ثمّ يهيج فتراه مصفرا ثمّ يجعله حطاما إنّ في ذلك لذكرى لأولي الألباب" الزمر 21. ونبه القرآن البشر إلى أنه من السهل أن يغور الماء الذي ينزل على الأرض في أعماق القشرة الأرضية لولا أن الله قد صمم الطبقات العليا لقشرة الأرض بشكل بارع لكي تحتفظ بالمياه وعلى مسافات قريبة من سطح الأرض لقوله تعالى "وأنزلنا من السماء مآء بقدر فأسكناه في الأرض وإنّا على ذهاب به لقادرون" المؤمنون 18وقوله تعالى "قل أرءيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين" الملك 30. وأكد القرآن كذلك على أن الماء على اليابسة قد تم توزيعه على جميع أرجائها بحيث يضمن الحياة لكل كائن حي على ظهرها مصداقاﹰ لقوله تعالى "وهو الذي أرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء مآء طهورا لنحيي به بلدة ميتا ونسقيه ممّا خلقنا أنعاما وأناسيّ كثيرا ولقد صرّفناه بينهم ليذكروا فأبى أكثر الناس إلا كفورا" الفرقان 48- 50. وأكد القرآن الكريم على أن كمية الماء التي تسقط على اليابسة قد تم تقديرها بشكل بالغ حيث أن الزيادة في كمية الأمطار الساقطة على الأرض قد تؤدي لتدمير الحياة عليها وذلك مصداقاﹰ لقوله تعالى "والذي نزّل من السماء مآء بقدر فأنشرنا به بلدة ميتا كذلك تخرجون" الزخرف 11وقوله تعالى "أنزل من السماء مآء فسالت أودية بقدرها" الرعد 17. وأكد على الدور المهم الذي تلعبه الرياح في نقل السحاب المحمل بالماء ومن ثم توزيعه على جميع مناطق اليابسة كما في قوله تعالى "وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته حتّى إذا أقلّت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميّت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كلّ الثمرات كذلك نخرج الموتى لعلّكم تذكّرون" الأعراف 57 وقوله سبحانه "وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء مآء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين" الحجر 22. وأشار القرآن الكريم كذلك إلى أن حصول خطأ بسيط في مكونات جو الأرض أو تراب الأرض قد يحول الماء العذب إلى ماء حامض أو مالح فقال عز من قائل "أفرءيتم الماء الذي تشربون ءأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون لو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون" الواقعة 68-70. ولقد أكد القرآن الكريم على أن الحياة منذ نشأتها الأولى احتاجت إلى الماء كعامل أساسي لظهورها حيث ذكر أن الطين كان أول مراحل خلق الكائنات الحية والطين هو التراب المعجون بالماء فقال عز من قائل "الذي أحسن كلّ شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين" السجدة 7. إن الدور المهم الذي يلعبه الماء في حياة الكائنات الحية يمكن أن ندركه عندما نقارن حال الأرض قبل وبعد نزول الماء عليها فهي جرداء قاحلة في غياب الماء وخضراء يانعة بعد نزوله عليها وصدق الله العظيم القائل "وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كلّ زوج بهيج" الحج 5 والقائل سبحانه "ألم تر أنّ الله أنزل من السماء مآء فتصبح الأرض مخضرّة إنّ الله لطيف خبير" الحج 63 والقائل سبحانه "هو الذي أنزل من السماء مآء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كلّ الثمرات إنّ في ذلك لآية لقوم يتفكّرون" النحل 10-11. الكاتب: الأستاذ الدكتور منصور ابراهيم أبوشريعة العبادي قسم الهندسة الكهربائية-جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية، اربد – الأر |
وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا دكتور/ أحمد مليجي أستاذ مساعد في مجال الجيولوجيا البيئية قسم العلوم الجيولوجية - المركز القومي للبحوث- الدقي- القاهرة قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا﴾ [سورة الأعراف]. أقوال المفسرين في الآية : في تفسير تأويل قوله تعالى «وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ» [سورة الأعراف:58]. ذكر الطبري: القول في تأويل قوله تعالى « وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ»، أي والبلد، الطيبة تربته العذبة مشاربه، يخرج نباته إذا أنزل الله الغيث، وأرسل عليه الحيا بإذنه، طيبا ثمره في حينه ووقته، وقوله تعالى «وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا» أي والذي خبث فردؤت تربته وملحت مشاربه لا يخرج نباته إلا نكدا. وجاء في تفسير القرطبي: قوله تعالى « وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا »، أي التربة الطيبة والخبيثة التي في تربتها حجارة أو شوك؛ وقيل: معناه التشبيه، شبه تعالى السريع الفهم بالبلد الطيب، ومتبلد الفهم بالذي خبث؛ وقيل: هذا مثل للقلوب؛ فقلب يقبل الوعظ والذكر، وقلب فاسق ينبو ويعرض عن ذلك. وذكر ابن كثير: « وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ » أي والأرض الطيبة يخرج نباتها سريعا حسنا، وقوله تعالى « وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا » قال مجاهد وغيره كالسباخ ونحوها، وقال علي ابن أبى طلحة عن ابن عباس في هذه الآية هذا مَثل ضربه الله ليبين الفروق بين المؤمن والكافر. وجاء في فتح القدير: قوله تعالى « وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ »، أي التربة الطيبة يخرج نباتها بإذن الله وتيسيره إخراجا حسنا تاما وافيا ، « وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا » أي والتربة الخبيثة لا يخرج نباتها إلا نكدا، أي لا خير فيه، قيل ومعنى الآية التشبيه، شبه الله تعالى السريع الفهم بالبلد الطيب، والبليد بالبلد الخبيث، ذكره النحاس وقيل: هذا مثل للقلوب فشبه القلب القابل للوعظ بالبلد الطيب والنائي عنه بالبلد الخبيث ، قاله الحسن. وقيل: هو مثل لقلب المؤمن وقلب المنافق، قاله قتادة ، وقيل: هو مثل للطيب والخبيث من بني آدم. وجاء في تفسير الظلال: بأن الله عز وجل شبه قلب الإنسان بالتربة الزراعية، حيث تنبت المشاعر والأحاسيس والنوايا والاتجاهات في قلبه، لذلك فالقلب الطيب ينبت فيه الخير، مثل الأرض الطيبة التي تنبت الثمار الناضجة، والقلب الخبيث ينبت فيه الشر، مثل الأرض الخبيثة التي لا تنبت إلا هشيما. فالقلب الطيب يهدي لله ويعمل بما جاء في كتابه وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، والقلب الخبيث كالأرض البور يصد عن ذكر الله، ولا يخرج منه إلا نكدا على نفس صاحبه وعلى المحيطين به من البشر. الدلالات اللغوية: من التأملات اللغوية في دلالات بعض الألفاظ القرآنية الواردة في الآية الثامنة والخمسين من سورة الأعراف كما يلي: أولا: قوله تعالى: (الطيب): جاء في المعاجم: الطَّيِّبُ: أي كل ما تستلذه الحواس أو النفس: و كل ما خلا من الأذى والخبث ، ومن تخلى عن الرذائل وتحلى بالفضائل ، فيقال فلان طيب القلب: أي طاهر الباطن ، وبلدة طيبة: أي كثيرة الخير آمنة أو مأمونة من الآفات، وتربة طيبة: أي جيدة طاهرة تصلح للنبات. و طُعمة طيبة: حلال ، و ريح طيبة: لينة، و نكهة طيبة: ذكية الرائحة لا نتن فيها. ثانيا: قوله تعالى: (خبث): جاء في المعاجم: خَبُثَ: الشئُ – خُبثـَا، وخَباثَةً، وخَباثـيةً أي صار فاسدا رديئا مكروهَا. وفلان: صار ذا خُـبْثٍ فهو خبيثٌ وجمعها خٌبَثَاء ، وخُبُـثٌ ، وخَبَثَـة ، وأخباثُ. (جج) الأخير: أخابيث: وهي خبيثة، (ج) خبائث. ثانيا: قوله تعالى: (نكدا): فالنكد: العسر بشدته الممتنع من إعطاء الخير على وجه البخل ، تقول: نكد ، ينكد، نكدا. و"نكدا" بفتح الكاف، هو مصدر بمعنى ذا نكد، وجاء في المعاجم أيضا: النَكِدُ: الشحيح والقليل النفع ، والنَّكَـدُ: أي كل شئ جر على صاحبه شرا ، ويقال أرض نكدة أي قليلة الخير. من الدلالات العلمية: في قوله تعالى « وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ » [سورة الأعراف:58]. أولا: خروج النبات طيبا: تشير الآية الكريمة من قوله تعالى « وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ.....» إلى أن البلد، الطيبة تربته، العذبة مشاربه (كما جاء في تفسير الطبري)، يخرج نباته بإذن الله وتيسيره إخراجا حسنا تاما وافيا في حينه ووقته (كما جاء في تفسير فتح القدير). كما يشير قوله تعالى « وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ » إلى خروج النبات طيبا – بحول الله وقدرته – من خلال وسط بيئي موزون ، كما أشار المولى عز وجل إلى ذلك في موضع آخر قائلا « وأنبتنا فيها من كل شئ موزون » [سورة الحجر:19]. ويعتبر هذا التقدير الدقيق هو الأصل في خلق الله عز وجل للنبات الطيب ، وهو الظاهرة العامة في توازن الوسط البيئي كما بين المولى سبحانه وتعالى «وكل شئ عنده بمقدار » [سورة الرعد:8]، وقال عز من قائل: « إنا كل شئ خلقناه بقدر » [سورة القمر:49]، وقال عز وجل « وإن من شئ إلا عندنا خزائنه و ما ننزله إلا بقدر معلوم » [سورة الحجر:21]. ولقد وضح الله عز وجل خطوات إخراج النبات في صورته البهيجة في تسلسل علمي غاية في الدقة، و هذا ما أشارت إليه الآية الخامسة من سورة الحج ، حيث قال عز من قائل: «وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ و َأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ «، حيث تشير هذه الآية إلى عملية إنزال المطر، ثم يليها عملية اهتزاز التربة، و ما يتبعها من عملية ربُوّ التربة و زيادتها، وذلك نتيجة نشاط عمليات التجوية الجيوكيميائية و ما يصاحبها من انفصال العناصر المغذية للنبات، وأخيرا يخرج النبات طيبا بهيجا. ولقد تناول الباحث بإسهاب الإعجاز العلمي في هذه الآية الكريمة في المؤتمر العالمي السابع للإعجاز العلمي في القرآن والسنة بدبي 2004 م، موضحا التسلسل الدقيق و التوازن البديع لخروج النبات طيبا بهيجا، في وسط طيب جميل ، من أجل الإنسان. فقد بين الله عز وجل في موضع آخر تتابع عملية الإنبات من خلال الإشارة القرآنية المعجزة في الآيات الكريمات التي جمعت بين صب الماء، وشق الأرض، والإنبات في تسلسل دقيق معجز يقول ربنا (تبارك وتعالى): « فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ، أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبًّا، ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا ، فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا، وَعِنَبًا وَقَضْبًا، وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا، وَحَدَائِقَ غُلْبًا، وَفَاكِهَةً وَأَبًّا، مَّتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ« [سورة عبس:24-32]. وهذا التسلسل المعجز في تسع آيات قصار ، تشكل الطعام الرئيسي المتنوع في محتوياته ومكوناته المغذية لكل من الإنسان والأنعام، ولذا خُتمت بقول الحق (تبارك وتعالى): «مَّتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ«. ومن هنا أكد الله عز وجل في موضع آخر من سورة السجدة (آية:27) على أهمية الزرع لكل من الحيوان والإنسان قائلا « أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاء إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ «. وتشير هذه الآية الكريمة إلى أهمية الزرع لكل من الأنعام والإنسان ، ولذا نجد من خطورة التلوث أنه يصيب كل من النبات والحيوان والإنسان ويدمر الجميع. وتقديم الأنعام على الإنسان في قوله تعالى « فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ « يشير إلى أهمية النظام الغذائي للحيوان الذي يعتمد على النبات كمصدر وحيد للغذاء ، أما الإنسان فيعتمد في طعامه على كل من الإنتاج النباتي والحيواني. ولكن عندما اخترق الإنسان هذه السنة الكونية، و أصبح يُطعم الأنعام طحينا حيوانيا من أجل زيادة الإنتاج الحيواني في وقت وجيز، فكانت الكارثة الكبرى بظهور مرض جنون البقر وأمراض أخرى عديدة مما أدى إلى هلاك الملايين من رؤوس الماشية ، ولذلك عقـََّب الله، سبحانه وتعالى، هذه الآية بـ «أفلا يبصرون« أي اعتبروا أيها الناس بهذا المنهج الرباني ولا تخالفوه. ثانيا: خبث الوسط: يُعرّف علماء البيئة خبث الوسط البيئي، بأنه: تغيير في الخواص الطبيعية والكيميائية والبيولوجية المحيطة بالإنسان – من ماء وتربة وهواء – و الذي قد يسبّب أضرارا لحياة الإنسان أو غيره من الكائنات الحية الأخرى. وقبل أن نوضح أسباب خبث الوسط البيئي، نجد أنه من الأهمية بمكان، أن نعرّف باختصار شديد مكونات الوسط البيئي وكيفية توازنه الرائع بقدرة الخالق سبحانه وتعالى، وذلك كمدخل لمعرفة تحول الوسط البيئي من الحالة الطيبة التي خلقها الله بقدرته من أجل الإنسان، إلى الحالة الخبيثة التي فعلها الإنسان بيديه. فما هي المكونات الأساسية للوسط البيئي؟ المكونات الأساسية للوسط البيئي المكون الأساسي الأول للوسط البيئي: الماء الماء هو أصل الحياة. ولا يمكن الاستغناء عنه، وصدق الحق – عز وجل – حين قال في محكم كتابه :« وجعلنا من الماء كل شيء حي « [سورة الأنبياء:30]. فالماء معجزة من معجزات الخالق سبحانه وتعالى، وهو النعمة المهداة من الخالق العظيم إلى جميع مخلوقاته، حتى تستمر الحياة إلى ما شاء الله لها أن تكون. وقال تعالى « هُوَ الَّذي أَنزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآء لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُون، يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَْعْنابَ وَمِن كُلِّ الَّثمَراتِ إِنَّ في ذلِكَ لأَيَةً لِّقَوْم يَتَفَكَّرُون « [سورة النحل: 10-11]. و يتكون الماء من أجسام متناهية الصغر، تسمى "جزيئات". و قطرة الماء الواحدة تحتوي على الملايين من هذه الجزيئات، وكل جزيء من هذه الجزيئات يتكون من أجسام أصغر تسمي ذرات، ويحتوي جزيء الماء الواحد على ثلاثة ذرات مرتبطة ببعضها برابطة تساهمية (Covalent Bond)، هما ذرتي الهيدروجين والأكسجين وتشكلان زاوية مقدارها 105 درجات. وتركيبه الكيميائي كما هو معروف (H2O) (شكل 1). ولذلك كان من بديع صنع الله الخالق – سبحانه وتعالى– و روائع حكمته أن جعل هذا البناء الجزيئي الفريد للماء ما يميزه عن غيره من السوائل والمركبات الهيدروجينية، ويتضح ذلك في قطبيته الكهربية الواضحة التي جعلت منه أقوى مذيب على سطح الأرض، وجعلت لجزيئاته قوة تلاصق وتماسك عالية جدا فيما بينها، وذلك لترابط جزيئات الماء فيما بينها برابطة تعرف باسم الرابطة الهيدروجينية. شكل (1): يبين تركيب جزئ الماء. وبالإضافة إلى ذلك فإنه من فضل الله على عباده ورحمته ولطفه بهم أنه ينزل ماء المطر من السماء خاليا من الشوائب، وفي غاية النقاء والصفاء عند بدء تكوينه، ويظل الماء نقيا إلى أن يصل إلى سطح الأرض، كما قال تعالى « وأنزلنا من السماء ماءا طهورا« [سورة الفرقان: 48]. ومن خصائصه أنه سائل لا لون و لا طعم و لا رائحة له، إذا كان نقيا، وهو متعادل (أي ليس بحمضي ولا قلوي)، إذا كان في حالته النقية ، فقيمة مقياس رقمه الهيدروجيني هي 7 – سبحان الله – وإذا تدخل الإنسان وغيَّر من هذه الخصائص فإنه يتحول من حالته المتعادلة، ليصبح حمضيا أو قاعديا ، كما سيأتي ذكره، مسببا مشاكلا بيئية كثيرة، تؤدي إلى خبث الوسط البيئ |
المكون الثاني للوسط البيئي: التربة التربة هي خليط مختلف التراكيب من معادن نتجت من عمليات التجوية Weathering الفيزيائية والكيميائية والحيوية للصخور والرواسب المكونة لمادة الأصل Parent material ، ومواد عضوية نتجت من النشاط الحيوي للكائنات الحية بأنواعها المختلفة. هذه المواد المعدنية والعضوية تكونان معا الطور الصلب Solid phase من نظام التربة، ويمثل الطور الصلب حوالي 50 ٪ من حجم التربة (45٪ مواد معدنية ، 5٪ مواد عضوية). والمكونات الأخرى لنظام التربة هما الطور السائل Liquid phase والطور الغازي Gaseous phase ، وكلاهما معا يكونان حوالي نصف حجم نظام التربة، و تختلف نسبة كل منهما للآخر، حسب الظروف المناخية، و ظروف الري و الصرف، و امتصاص الماء بواسطة النبات. و تتكون التربة الأرضية في قطاعها العلوي أساساً من: معادن الصلصال، و السيلت، و حبات الرمل. و تختلف أنواع التربة بتعدد أنواع الصخور التي تنشأ منها، و على الرغم من ذلك تبقى المعادن الصلصالية من أهم المعادن التي يعتمد عليها النبات، حيث تنفصل منها العناصر المغذية للنبات، مثل البوتاسيوم، و الكالسيوم، و الماغنسيوم. و ذلك في معظم أنواع الترب الأرضية. كما تعتبر المعادن الصلصالية الموجودة في التربة أكثر شراهة للماء، فإذا وصلها الماء امتصته بسرعة، فتتميأ، مما يؤدي إلى زيادة حجمها، ثم تهتز و تربو إلى أعلى، لتفسح طريقا آمنا لسويقة النبتة المنبثقة من داخل البذرة المدفونة في التربة. و التربة بذلك تعتبر وسطا رئيسيا لخروج النبات طيبا نقيا، و ذلك ما لم يتدخل الإنسان بإفسادها و تغيير هذا الوسط، و ذلك بتغيير مقياس الرقم الهيدروجيني. فعندما يقل الرقم الهيدروجيني عن سبعة يصبح وسط التربة حمضيا، و إذا زاد الرقم الهيدروجيني عن سبعة يتحول إلى وسط قاعدي. و في كلا الحالتين تحدث مشاكل عديدة للنباتات المتواجدة تحت هذه الظروف. المكون الثالث للوسط البيئي: الهواء يحتوي الهواء على نسبة كبيرة تمثل (99 ٪ تقريبا ) من غازي النيتروجين (N2)، و الأكسجين (O2)، و يعتبر غاز النيتروجين صاحب النصيب الأوفر من هذه النسبة، حيث يمثل (78 ٪)، و هو غاز خامل لا يساعد على الاشتعال و غير قابل للذوبان في الماء. و من آيات الله سبحانه و تعالى، أن نسبة غاز النيتروجين العالية مقدرة تقديرا دقيقا من قبل الخالق العليم الخبير. إذ لو كانت نسبته أقل من ذلك و حدث أن سقطت شرارة كهربائية من الفضاء الخارجي نحو الأرض، لاحترق كل شئ على سطح الأرض. أما الأكسجين فيمثل (21٪) و هو غاز نشيط يساعد على الاشتعال، و قابل للذوبان في الماء من أجل الأحياء المائية، التي تعتمد أساسا في حياتها على الأكسجين المذاب في الماء، و الذي يتجدد من خلال قدرة الماء على امتصاصه و احتوائه. أما النسبة الباقية (1٪) فيمثلها عدد كبير من الغازات، منها غاز الأرجون (0.94 ٪)، و ثاني أكسيد الكربون (0.3 ٪) و الهيدروجين (0.01 ٪)، إضافة إلى: أول أكسيد الكربون، و ثاني أكسيد الكبريت، و الهيليوم، و الميثان، و الأوزون، و الكربيتون، و النيون، و الزينون، و غيرها. و النسبة الضئيلة جدا من ثاني أكسيد الكربون (0.3 ٪)، مقدرة تقديرا دقيقا من قبل الله عز و جل، و هي بمثابة صوبة الأرض، حيث أودع الله فيها خاصية امتصاص الموجات الحرارية الأرضية (الأشعة تحت الحمراء)، و الاحتفاظ بها في الغلاف الجوي بما يعطي لهذا الغلاف هذه الدرجة المناسبة من الحرارة التي تسمح بوجود الحياة. و هناك مصادر عديدة تؤدي إلى تلوث الهواء، منها : انبعاث الغازات السامة من المصانع و المركبات و استخدام الطاقة. و قد تبين للعلماء أن تزايد نسبة ثاني أكسيد الكربون لا ترجع فقط إلى تزايد استهلاك مصادر الوقود الأحفوري (الفحم، النفط، الغاز الطبيعي)، و إنما ترجع أيضا نتيجة التدهور و الدمار الذي أصاب الغطاء النباتي، و هو المختزل الرئيسي لثاني أكسيد الكربون. أهم أسباب خبث الوسط البيئي: يشير قوله تعالى «... وَالَّذِي خَبُثَ...» إلى خبث الوسط البيئي الذي يحيط بالمحتوى الحيوي، فإذا تأثر هذا الوسط بأي من ملوثات التربة أو الماء أو الهواء، فإنه يؤثر تأثيرا سلبيا على نوعية خروج النبات، فيحوله من نبات طيب إلى نبات نكد، و هذا يؤكد ما جاء في تفسير الطبري (رحمه الله) والذي خبث، فردؤت تربته وملحت مشاربه، لا يخرج نباته إلا نكدا. ومن أهم أسباب خبث الوسط البيئي هي: عملية التمليح، عملية الصودية، عملية التحميض، التلوث بالفلزات الثقيلة. و التي نتناولها بشئ من التفصيل في السطور التالية. 1. عملية التمليح (Salinization) تـُعرف التربة الملحية عادة على أن توصيلها الكهربائي لعجينة التربة المشبعة أكبر من المدى 4 مليموز/ سم ، والنسبة المئوية للصوديوم المتبادل (ESP) أقل من 15 ، ونسبة الصوديوم المدمَص (SAR) أقل من 13. و الكاتيونات الهامة التي توجد في التربة الملحية هي: الصوديوم (Na+)، و الكالسيوم (Ca2+)، والماغنسيوم (Mg2+)، و البوتاسيوم (K+). أما الأيونات الأساسية فهي: أيونات الكلور (Cl-)، و الكبريتات (SO4--)، و البيكربونات (HCO3-)، و الكربونات (CO3--)، و النيترات (NO3-)، ويتواجد أيون البيكربونات نتيجة لتفاعل ثاني أكسيد الكربون مع الماء، ويكون مصدر ثاني أكسيد الكربون إما الهواء أو نتيجة لتنفس جذور النبات وميكروبات التربة. وعادة ما يتواجد أيون الكربونات فقط عند الرقم الهيدروجيني (pH) أعلى أو يساوي 9.5. وعند تجمع الأملاح الذائبة نجد أن أيون الصوديوم يصبح هو الأيون السائد على مقعد التبادل، و يؤدي إلى تفريق حبيبات التربة، و هذا بالتالي يؤدي إلى عديد من المشاكل الفيزيائية في التربة، مثل: سوء الصرف، والنفاذية. وسيادة عنصر الصوديوم في عملية التبادل الكتيوني يؤدي إلى إحلال الصوديوم محل الكالسيوم و الماغنسيوم المتبادل في التربة، و ترسيب أيونات الكالسيوم و الماغنسيوم على صورة كربونات كالسيوم و ماغنسيوم. 2. عملية الصودية (Sodication) و من مظاهر خبث الوسط البيئي كذلك عملية الصودية، و هي تعني زيادة نسبة الصوديوم، حيث يكون فيها النسبة المئوية للصوديوم المتبادل (ESP) أعلى من 15 ، والتوصيل الكهربائي لمستخلص عجينة التربة المشبعة أقل من المدى 4 مليموز/سم ، و الحد الأدنى لنسبة الصوديوم المدمص (SAR) في مستخلص عجيبة التربة المشبعة هو 13 ، و ينحصر مدى الرقم الهيدروجيني (pH) للتربة الصودية بين 8.5 – 10، ويعزى ذلك إلى تحلل كربونات الصوديوم (Na2CO3). وتتواجد أيونات الكلوريد و الكبريتات و البيكربونات في محاليل التربة الصودية بكميات كبيرة و بدرجة أقل من الكربونات. و نتيجة ارتفاع الرقم الهيدروجيني و وجود الكربونات يحدث ترسيب لأيونات الكالسيوم و الماغنسيوم، و بالتالي تكون كمية الكالسيوم و الماغنسيوم في المحلول الأرضي قليلة. و تتميز الأراضي القلوية بالخواص الطبيعية السيئة، مثل: سوء التهوية، و النفاذية، و الرشح، التي ترتبط ارتباطاً مباشراً بسيادة كاتيون الصوديوم على مقعد التبادل، بالإضافة لوجود سيليكات الماغنسيوم المترسبة خلال تكوين الأراضي القلوية. 3. عملية التحميض (Acidification) و تعرف عمليات التحميض بأنها زيادة ثاني أكسيد الكبريت (SO2) والذي يسبب تكون حمض الكبريت (H2SO4)، و أكاسيد الآزوت المختلفة الذي يؤدي إلى تكون حمض الآزوت (HNO3)، و من هنا يتبين لنا أن الأمطار الحمضية تتشكل نتيجة لتلوث أجواء البلاد الصناعية بالغازات الحمضية، كثاني أكسيد الكبريت و أكاسيد الآزوت المختلفة كما يتضح من (شكل 2)، و التي يعطي تفاعلها مع الرطوبة الموجودة في الغيوم قطرات الحموضة مع الأمطار أو الثلوج، لتضاف إلى المحتوى المائي على سطح الأرض كالبحيرات والأنهار و النباتات، مما يؤدي إلى تلوثها. http://www.55a.net/firas/ar_photo/5/...ion_resize.jpg شكل (2) : يبين سقوط الأمطار الحمضية نتيجة لتلوث أجواء البلاد الصناعية بالغازات الحمضية كثاني أكسيد الكبريت وأكاسيد الآزوت المختلفة. 4. التلوث بالفلزات الثقيلة (Heavy ****ls) تعتبر الفلزات الثقيلة، مثل: الرصاص، و الزئبق، و الكادميوم، و الزرنيخ، و السيلنيوم، من أخطر المواد السامة التي تلوث التربة و الماء و الهواء، مسببة أضرارا فادحة بالإنسان و الحيوان و النبات. و من أهم مصادر هذا التلوث: مخلفات و نفايات المصانع، و صهر المعادن، و احتراق الفحم، و عوادم المركبات. و يتم انتقال العناصر الثقيلة من الجزء الصلب (التربة) إلى قمة النبات عن طريق خمس خطوات أساسية، و تعرف باسم العمليات التي تتحكم في صلاحية العناصر (Availability of elements) و هي كما يلي: أ) ذائبية وتحرر العناصر (Desorption or dissolution): و هذه الخطوة قد تكون سريعة أو بطيئة و يتوقف ذلك على العنصر نفسه، و تقل صلاحية العنصر للنبات إذا ما كان انطلاق وتحرر العنصر من الصورة الصلبة ضعيفا، أو درجة ذوبان الصورة الصلبة ضعيفا. ب) الانتشار (Diffusion) و هذه الخطوة تكون بطيئة جدا للعناصر الصغرى و ذلك لأن انخفاض تركيز هذه العناصر في المحلول الأرضي ينتج عنه صغر كمية الأيونات التي تتحرك بواسطة الانتشار. أما بالنسبة للعناصر الأخرى التي تتواجد بتركيزات كبيرة في المحلول فيكون الانتشار هاما جدا وسريعا. جـ) الامتصاص أو الترسيب (Sorption or precipitation) يحتمل أن يحدث امتصاص على حبيبات التربة بعد تحرره و انطلاقه و ذلك قبل أن يصل إلى الجذر. و هذه العملية قد تحد من حركة صور بعض العناصر في التربة التي تحتوي على مستويات عالية من الطين و الهيومس. د) الامتصاص بواسطة الجذور (Absorption by roots ) يتوقف امتصاص العناصر بواسطة الجذور على تركيز هذه العناصر في المحلول الأرضي القريب من الجذور، و ينشأ ما يسمى تأثير منطقة الجذور (Rhizosphere effect). و يتم ذلك عن طريق تغيير خواص التربة في هذه المنطقة، مثل: درجة الحموضة pH، و جهد الاختزال (Redox potential). هـ) انتقال العنصر داخل النبات (Trans******** in plant) انتقال العناصر من الجذور إلى قمة النبات يعتبر الخطوة الأخيرة في صلاحية العناصر. و هي عملية بيولوجية تخرج عن نطاق كيمياء التربة. و سلوك انتقال العناصر داخل النبات يعتبر عملية معقدة، و لكن أفضل ما يشار إليها علميا هي اختلاط الماء بأنسجة النباتات و خلاياه. ثالثا: خروج النبات نكدا: تشير الآية الثامنة والخمسين من سورة الأعراف التي نحن بصددها في قوله تعالى « وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا» إلى تأثر النبات بما يحيط به من وسط، و عند خبث الوسط يتبعه ظهور النبات نكدا، و كما جاء في تفسير القرطبي في قوله تعالى «نَكِدًا» و هو العسر الممتنع من إعطاء الخير. و مما لاشك فيه، فإن جميع ما ذكرناه من ظواهر بيئية، ( كالتمليح، وزيادة الصودية، و التحميض، و زيادة تركيزات العناصر الثقيلة )، تؤدي جميعا إلى تحول الوسط الطيب الجميل إلى وسط خبيث، يُخرج نباتا نكداَ. و سوف نحاول – بإذن الله – في الفقرات القادمة توضيح بعض الدراسات الميدانية للدور الذي تلعبه الظواهر البيئية، السابق ذكرها، في خبث الوسط وخروج النبات نكدا، وذلك كما يلي: 1. تأثير التمليح و الصودية على نكد النباتات: تؤثر ملوحة و صودية التربة بدرجة كبيرة على نمو النبات كما في (شكل 3). فالصودية يمكن أن تسبب سُمّية النباتات، بالإضافة إلى مشاكل التغذية المعدنية مثل نقص الكالسيوم. ولقد قام الباحث باستخدام معايير قياس الصودية بواسطة نسبة الصوديوم المدمص (SAR) في منطقة بهتيم (شمال القاهرة). ولقد أكدت الدراسة على زيادة نسبة الصودية في التربة نتيجة لزيادة كل من ملوثات صرف المصانع، ومعدل انفصال الصوديوم من عملية التجوية الجيوكيميائية. و لتقييم مدى خصوبة التربة، أدخلت النتائج الجيوكيميائية المتكاملة التي حُصل عليها في نموذج ديناميكي (نموذج البروفيل)، و ذلك لحساب معدلات التجوية الكيميائية. و لقد وجد أن انفصال العناصر المغذية للتربة في المنطقة الصناعية الملوثة، يقدر بحوالي (6.47 كيلومكافئ/هكتار/سنة)، و كانت معدلات انفصال العناصر الرئيسية المغذية للتربة تشير بارتفاع تركيزات الصوديوم كالتالي: صوديوم ( 3.29 كيلومكافئ/هكتار/سنة)، كالسيوم (1.63 كيلومكافئ/هكتار/سنة)، ماغنسيوم (1.39كيلومكافئ/هكتار/سنة)، بوتاسيوم (0.16 كيلومكافئ/هكتار-سنة). شكل (3) : يبين تأثير الملوحة والصودية على النبات . أما في التربة الملحية، فإن وجود تركيزات عالية من الأملاح الذائبة، مثل: أملاح الكلوريد، والكبريتات، والبيكربونات، والصوديوم، والكالسيوم، وأحيانا البوتاسيوم، يؤثر تأثيرا سيئا على النبات نتيجة لخفض الجُهد الأسموزي. و لذا نجد في أماكن متعددة بمصر حيث تتحول الأراضي من تربة خصبة، فيها نباتات مثمرة، إلى تربة ملحية، تظهر بها نباتات نكدة، كما يتضح من (شكل 4 ). أ) المنطقة جيدة ب) المنطقة تأثرت جـ) المنطقة بعد زيادة قبل زيادة الملوحة جزئيا بالملوحة الملوحة و ظهور و بداية تدمير النبات نباتات نكدة شكل (4): خطوات زيادة الملوحة في منطقة الفيوم بمصر وظهور نباتات نكدة. |
. تأثير المطر الحمضي على نكد الغابات: لقد أثبتت كذلك دراسات الباحث منذ ما يزيد عن عشر سنوات ، أن سقوط الأمطار الحمضية على الغابات في الجمهورية التشيكية أخذت تتزايد، لدرجة أنها بدأت تؤثر على المحيط الحيوي برمته، و تهدد الغابات و الأشجار و تصاب بظاهرة الموت التراجعي "Dieback" ، حيث تموت الأشجار واقفة كما يقولون، إذ تتلف الأوراق العلوية المعرضة مباشرة للمطر الحمضي، والذي يقتل المادة الخضراء فيها، ثم ينتقل التأثير بعد ذلك إلى الأوراق التحتية كما في (شكل ). و لقد أكدت الدراسات أن مساحة كبيرة من الغابات تقدر بنحو 560 ألف هكتار أي حوالي 7‚7٪ من مجموع مساحات الغابات في ألمانيا قد دمرت أو أتلفت بدرجات متفاوتة، نتيجة المطر الحمضي والضباب الحمضي. و يشكل إنتاج الغابات نحو 15٪ من الإنتاج الكلي للمادة العضوية على سطح الأرض. و يكفي أن نتذكر أن كمية الأخشاب التي يستعملها الإنسان في العالم تزيد عن 2.4 مليار طن في السنة، كما إن غابات الحور المزروعة في واحد كيلومتر مربع تطلق 1300 طن من الأكسجين، و تمتص نحو 1640 طنا من ثاني أكسيد الكربون خلال فصل النمو الواحد. و مما لاشك فيه أن هذا الدمار الكبير يحدث نتيجة تزايد الأمطار الحمضية، و يؤدي إلى جعل الغابات نكدة لما لها من تأثير مخل للنظام البيئي. شكل (5): يوضح أثر المطر الحمضي على نكد الغابات. كذلك تؤثر الأمطار الحمضية في النباتات الاقتصادية ذات المحاصيل الموسمية، فهي تجرد الأشجار من أوراقها، وبالتالي تجعل الامتصاص يضطرب في الجذور، و هذه النتيجة تؤدي لحدوث خسارة كبيرة في المحاصيل، علما بأن أكثر الأشجار تأثرا بالأمطار الحمضية هي الصنوبريات في المرتفعات الشاهقة، نظرا لسقوط أوراقها قبل أوانها، مما يفقد الأخشاب جودتها، و بذلك تؤدي إلى خسارة اقتصادية تتمثل في تدمير الغابات وتدهورها. 3. تأثير الفلزات الثقيلة على نكد الزروع: قد تظهر النباتات يافعة وجميلة. و لكن للأسف الشديد تكون أكثر فتكا وهلاكا إذا نمت وأينعت في وسط بيئي خبيث مليء بالعناصر الثقيلة، الناتجة من مخلفات و نفايات المصانع و غيرها. و هذه النباتات الملوثة بالعناصر الثقيلة تعتبر مثل القنبلة الموقوتة، فإذا ما أكلها الإنسان فتكت بأحشائه مسببة له مشاكل صحية عديدة. فمثلا زيادة تركيزات الرصاص، داخل المحاصيل الزراعية، تسبب إصابة الإنسان بأمراض في الجهاز العصبي والهضمي والكلى والدم، فضلا عن مرض الأنيميا. و يعد الرصاص من أهم العناصر الثقيلة التي تساهم في التأثير على مخ الأطفال خاصة والكبار عامة. كما يعتبر الزئبق من المعادن التي قد تختلط مركباته بالتربة و الماء ، و يسبب التلوث بمركبات الزئبق في إصابة الإنسان بالأمراض السرطانية واضطرابات في الجهاز العصبي المركزي والتهاب اللثة والكلى. و يعتبر مثيل الزئبق (Methyl Mercury) من أحد مركباته العضوية، والتي لها قدرة كبيرة على الذوبان في الشحم و الأعصاب المحيطة، و ينتقل عبر مشيمة الحامل إلى الجنين مسبباً تشوهات خلقية و عقلية. و يعتبر الكادميوم من المعادن التي تلوث التربة و الماء و المحاصيل الزراعية. و لقد دلت الدراسات على إن تلوث التربة و الماء بالكادميوم يؤدي إلى إصابة الإنسان بأمراض الكلى والرئة و القلب والعظام. المبادرات الدولية تجاه المشاكل البيئية إن موضوع خبث الوسط البيئي وخروج النباتات نكدة، من الموضوعات الخطيرة، ولذا نجد أن العالم قد توجّه إلى محاولة حل كثير من المشاكل البيئة ودراسة أسباب خبث الوسط البيئي. و لقد عُقدت العديد من الندوات والمؤتمرات العلمية في هذا الشأن، نذكر بعضها بإيجاز: · ففي عام 1954م عقد مؤتمر دولي لمنع تلوّث البحار بالنفط. · وفي عام 1968م عقد مؤتمر للبيئة من قبل الجمعية العامّة للأممّ المتّحدة للبحث عن حلول لمشكلات التلوّث وغيرها. · وفي عام 1972م عقد مؤتمر للأمم المتحدة في مدينة استوكهلم السويدية وحضرته كافّة الدول. · وفي عام 1975م عقدت ندوة عالميّة للتربية البيئية والبحار في بلجراد. · وفي عام 1978م عقدت ندوة في مدينة تبليس في جورجيا للتعليم البيئي والتوعية البيئيّة. وفي نفس العام أصدرت الجمعية العامة للأمم المتّحدة قراراً حول البيئة. · وفي عام 1992م عقد مؤتمر الأمم المتّحدة للبيئة والتنمية في البرازيل ، عرف بقمّة الأرض ، وشاركت فيه 178 دولة. · وفي عام 1995م عقد المؤتمر العالمي للمناخ في برلين الألمانية. وأخيراً شارك الباحث في المؤتمر السابع لتحميض الأمطار 2005 ، في مدينة براغ، وذلك لحماية المكونات البيئية المختلفة من تلوث الأمطار الحمضية والذي يحول النبات إلى نبات نكد. و هذا ما تمت مناقشته في المؤتمر وأخذت من أجله التوصيات في ختام المؤتمر و كأن حال المؤتمريين يتمحور في الحفاظ على النظام البيئي وعناصره من هواء و تربة و ماء على هدي ما قاله الله عز و جل : « ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ» [سورة الروم : 41]. هدي الإسلام في رعاية البيئة النباتية: نستطيع أن نقول أن الزراعة من أهم الموارد الأساسية التي تحمي بيئة الأرض، و أن حياة جميع الكائنات مرهونة بالورقة الخضراء و لذا أولاها الإسلام عناية متميزة. ولقد نهى الإسلام عن الفساد وإتلاف الزرع والحرث بقطعه أو حرقه لغير منفعة، فقال الحق، عز وجل، : « وإذا تولى سعى في الأرضِ ليُفسدَ فيها ويهلكَ الحرثَ والنسل واللهُ لا يحبُ الفساد» [سورة البقرة: 20]. ولقد حضت السنة النبوية الشريفة كذلك على الاهتمام بالنباتات ورعايتها. فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يغرس غرساً، أو يزرع زرعاً؛ فيأكل منه طير، أو إنسان، أو بهيمة، إلا كان له به صدقة) رواه البخاري، وعن أنس أيضا، كما أخرجه مسلم في كتاب [المساقاة]، باب (فضل الغرس والزرع)، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها) رواه ابن عدي. ولا شك أن تلوث النبات هو ضرر يحيق بالبيئة الزراعية، وينتقل أثره بالتالي إلى كل الكائنات الحية التي تعتمد في غذائها على النباتات بما في ذلك الإنسان. و لقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التسبب في وقوع الضرر وإلحاقه بالآخرين ، فقال في الحديث الشريف الذي رواه عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « لا ضرر و لا ضرار» – رواه ابن ماجه والإمام مالك في الموطأ. والقاعدة الفقهية تقول: (درء المفسدة مقدم على جلب المنفعة)، بمعنى أن منع الضرر و الفساد مقدم على أي منفعة عند استغلال البيئة. و الحقيقة أن هذه الآيات العظيمة والأحاديث النبوية الشريفة هي دعوة صريحة تربي فينا الحس البيئي الإسلامي والسلوكيات البيئية الإيجابية نحو الاهتمام بزيادة المساحات الخضراء في كل مكان. فالإسلام دستور يتمتع بنظرة أعمق و أوسع للبيئة، حيث طالب الإنسان و حثه أن يتعامل مع البيئة من منطلق أنها ملكية عامة يجب المحافظة عليها حتى يستمر الوجود. فقال تعالى: » وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ« [الأعراف / 85]. و من ثم جاءت العقوبة العادلة الإصلاحية من الله عز وجل إذا تمادينا في الفساد، لعلنا نفيق و نقلع عما نحن فيه، في قول الحق تبارك وتعالى: «ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ» [سورة الروم : 41]. فالآية تشير بجلاء ووضوح إلى التلوث الذي يفسد البر والبحر، نتيجة ً لما تصنعه يد الإنسان و ما يمارسه من تدخل في إفساد جمال وروعة الكون وطبيعته. فعدل الله في هذه الآية، أن العقاب من جنس العمل. و هي تشير أيضا إلى الضرر البالغ الذي يحل بالإنسان نتيجة عمله هذا و ممارسته غير الراشدة، حيث قال تعالى : « ليذيقهُم بعض الذي عَمِلوا». فإذا فسد الناس تركهم الله سبحانـه وتعالى وشأنهم حتى يذوقوا بعض نتائج أعمالهم، لعلهم يرجعون وينتهون عما يغضب الله سبحانه وتعالى. وجه الإعجاز: تناول هذا البحث توضيح الإعجاز العلمي في الآية 58 من سورة الأعراف، قوله تعالى: «وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ». حيث تشير هذه الآية بإعجاز علمي بالغ الدقة، عن أهم عوامل تغيير نعمة الله علينا، و تحول النباتات الطيبة البهيجة، إلى نباتات نكدة لا فائدة منها، و ذلك نتيجة لخبث الوسط البيئي الذي كانت تعيش فيه. كما يبطن، في هذه الآية الكريمة، التوجيه الإلهي العظيم نحو المحافظة على الوسط البيئي نظيفا، حتى يخرج لنا نباتا طيبا بهيجا. و لقد توجهت حكومات دول العالم منذ النصف الثاني من القرن العشرين إلى الاهتمام بالمحافظة على الوسط البيئي و الحفاظ عليه نظيفا، فعقدت من أجل ذلك العديد من الندوات و المؤتمرات، و لقد سبق للقرآن الكريم إقرارها قبل و قوعها بأربعة عشر قرن أو يزيد. فطالب الإنسان بأن يتعامل مع البيئة من منطلق أنها ملكية عامة يجب المحافظة عليها حتى يستمر الوجود، كما قال تعالى : « وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ« [الأعراف / 85]. ولا يمكن لعاقل أن يتصور مصدرا لتلك الإشارة القرآنية الباهرة غير الله الخالق (تبارك و تعالى). و لتبقى هذه الومضة القرآنية الباهرة شهادة صدق بأن القرآن الكريم هو كلام الله عز و جل، و أن سيدنا و نبينا محمد صلى الله عليه و سلم كان موصولا بالوحي و أن القرآن الكريم وهو معجزته الخالدة إلى قيام الساعة. |
http://www.55a.net/firas/photo/6_resize78822.jpgالأستاذ الدكتور مهندس/مصطفي محمد الجمال
أستاذ– كلية الهندسة-جامعة الإسكندرية-مصر العربية ما أحوجنا الآن أكثر من أي عصر مضى إلي الرجوع إلى الله والحكم بشريعة كتابه والعمل على التمسك بأهداف قرآنه، وأن نتدبر آياته قراءة وفعلا. أهم الآيات التي أشارت إلى الحديد وخصائصه وسبائكهقال الله تعالى: (آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً )[الكهف : 96] إنها آية واحدة وصفت لنا في إبداع الخالق ما نقوم نحن أساتذة الجامعات بتدريسه لطلاب كليات الهندسة في عدد سبعة عشر علماً تنطق جميعها وتنبئنا بعظيم التقنيات والتي إن كنا قد تنبهنا إلى ذكرها في حينها لكان لنا شأن آخر في هذا العالم الذي لا يوجد فيه سوى الأقوياء، لقد كان ينبغي على أمة الإسلام وبخاصة جمهور العلماء أن ينتبهوا إلى ما وراء بعض أهم ما جاء من إشارات علمية وتقنيات عالية في القرآن الكريم، إذ لو تم الكشف عنها عن طريق المتخصصين من المسلمين في حينها، لكان حال أقوام المسلمين أفضل ولساهمنا مساهمة فعالة في إثراء الحياة العلمية في الكون كله مثلما كان يفعل أوائل المسلمين في عهد بداية وإنتشار الإسلام الأولى، إلا أننا نسينا أن نقرأ كتاب الله وأن نعمل بهدي سنة نبيه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وأخذنا بمبدأ الدنيا فهانت علينا أنفسنا وهانت علينا كرامتنا، وفرطنا في دنيانا وأصبحنا شيعا وأحزاباً، والجميع يبحث في أمور دنيوية أبعدته كثيراً عن شاطئ النجاة الأبدية، وأغرقته في تيارات الحياة المادية، فتهنا وتاهت معنا الحقائق العلمية. يوضح الجدول الآتي أهم الآيات التي تناولت ذكر الحديد وسبائكه في القرآن الكريم. كما يوضح الخواص التي تشير إليها هذه الآيات والتي نمر عليها مر الكرام دون التأمل ودون التدبر لما تحتويه من كم وزخم العلوم والمعرفة التي إذا ما كنا قد تنبهنا إليها في حينه لكان لنا السبق هندسياً في امتلاك التقنيات. رقم مسلسلبيان نص الآية واسم السورة ورقم الآيةالخاصية والإستخدامات التي تناولاتها الآيات1(قُلْ كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً) [سورة: الإسراء - الأية: 50]مادة قاسية متماسكة صلبه2(آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتّىَ إِذَا سَاوَىَ بَيْنَ الصّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُواْ حَتّىَ إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِيَ أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً) [سورة: الكهف - الأية: 96]سبيكة الحديد المغطي بطبقة رقيقة من القطر سبيكة منيعة ضد الصدأ ومعمرة3(وَلَهُمْ مّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ) [سورة: الحج - الأية: 21]المطارق ومعدات الدرفلة وآلات الثني والقطع يتم تصنيعها من الحديد4(وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنّا فَضْلاً يَجِبَالُ أَوّبِي مَعَهُ وَالطّيْرَ وَأَلَنّا لَهُ الْحَدِيدَ) [سورة: سبأ - الأية: 10]يمتاز الحديد المطروق والفولاذ بالليونة والممطولية لدرجة مكنت داود عليه السلام من تصنيع الدروع5(لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزْلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنّ اللّهَ قَوِيّ عَزِيزٌ) [سورة: الحديد - الأية: 25]نزول الحديد وتكوينه في مدارات بعيدة عن الأرض ومن يمتلك صناعة وتقنيات الحديد فهو قد إمتلك أداة النصر كما أن الحديد فيه منافع كثيرة مثل تصنيع الطائرات والسفن والمنشأت الضخمة والإستراتيجية سوف يتم التركيز في المقال التالي على آية واحدة شملت الكثير من العلوم الهندسية وذات تطبيقات عالية التقنية نقوم بتدريسها في عدد سبعة عشر علما من قمم العلوم الهندسية في كليات الهندسة مثل : - علوم السبائك المعدنية وعلوم تشكيل المعادن. - علوم قطع المعادن وهندسة اللحام. - علوم الفلزات والتعدين. - خواص المواد وإختبارها. - علوم فحص الوصلات وتحديد درجات الجودة ودرجات التوكيد. - علوم التحاليل الكيميائية. - علوم التقسية للمعادن. - علوم زحف المعادن. - علوم تغطية المعادن بمعادن أخري. - علوم تصنيع الحديد الزهر. - علوم تصنيع الفولاذ. - علوم تسييل وصهر وسباكة الحديد. - علوم الصدأ. - علوم تقنيات مقاومة الصدأ. - علوم تقنيات المواد. - علوم كلل وحساب أعمار التشغيل الآمن للمنشأت الهندسية. - حساب مكائن الشروخ وكيفية تقليل الإنهيار الهش المفاجئ والشروخ. والحكمة تتجلى حينما تعلم يا أخي المؤمن أن كل مادة تحتوي علي كم يصل الي ألاف من الكتب وتناولتها الأبحاث البشرية حتى وصل تقدير عدد الأوراق في الموضوع الواحد بما يتعدي مئات الألاف وبما يغلف الكون كله عدة مرات، ولما لا والله سبحانه وتعالي القائل في سورة الكهف :"قل لو كان البحر مدادا لكلمـــــــت ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمــت ربي ولو جئنا بمثله مددا" صدق الله العظيم. إعجاز الآيات في كلمات وصف أهم خصائص السبائك المعدنية الحديدية. إنها الآينين رقم 96 ورقم 97 من سورة الكهف والتي تقول: بسم الله الرحمن الرحيم:"آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتّىَ إِذَا سَاوَىَ بَيْنَ الصّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُواْحَتّىَ إِذَاجَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِيَ أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً[96] فَمَا اسْطَـــــــــــعُوَاْ أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَـــــــــــــعُواْ لَهُ نَقْباً [97]" صدق الله العظيم. ومن عجب القول أن نمتلك هذا الكنز من المعرفة والعلوم ونعطي لجهلاء الإسلام الفرصة تلو الفرصة كي يطعنوا بديننا الحنيف ويصنفونه بأنه دين تخلف ودين يحض علي القتل وسفك الدماء مما يتعارض ويتناقض مع حقيقة الدين الإسلامي والذي أول مبادئه هو نشر السلام والطمأنينة والأمان فيما بين جميع الطوائف والملل والشعوب، ويحترم حقوق الآخرين في العيش الآمن والدعوة لدين الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ويكفي أن نذكرفي هذا المقام أن تحية الإسلام هي "السلام عليكم"، وأن أحاديث رسول الله صلي الله عليه وعلي أله وصحبه وسلم أجمعت علي حسن معاملة الجارالأجنبي عن الدين وأوصي الرسول صلي الله عليه وعلي أله وصحبه وسلم خيرا بالجار الجنب وهو الجار الذي يعتنق دين أخرغير دين الإسلام. أهم التفسيرات لمحتوي الآيتين الكريمتين. أجمعت كتب التفاسير ومنها الجلالين وابن كثير والطبري والقرطبي والبيضاوي والميسر وغيرهم من أن المقصود بزبر الحديد هو قطع الحديد السابق إستخدامها وهو ما يعرف باسم الحديد المطروق لما له من خواص ميكانيكية أهمها أنه عند إختزاله داخل أحد الأفران فإنه يتحول إلى الفولاذ أي الصلب وهو مادة متينة وقوية ومعمرة، أما حافتي الصدفين فالمقصود بهما حافتي الجبلين أي حافتي اللوحين وعملية المساواة بين حافتي الجبلين أو اللوحين هي ضرورة من الضرورات الهندسية وهذا هو مانعرفه نحن الآن بإسم "شطف حافتي اللوحين" وهذا هو أحد البديهيات المستخدمة في عمليات اللحام. وعن ضرورة مساواة حافتي اللوحين في منطقة اللحام في حالة أن يكون اللوحين أي الجبلين غير متساويين فيحب مساواة الحواف بعضهم بالبعض حتى يكون البناء قوياً ولا يحدث فيه شروخ أو يحدث فيه إنحرافاً يؤدي إلى تكون ظاهرة الإجهادات المتبقية مما يجعل من المنشأ الهندسي بناءا هشا وضعيفا، وتتجلي مقدرة الله عز وجل في إعطاء هذا الجسم البالي مناعة خالدة في أن ذي القرنين أتى بالقطر وصبه وهو سبيكة النحاس المنصهر-كما جاء بتفسير الطبراني وإبن كثيروالميسر وغيرهم - والذي يحتوي علي تسعة وثلاثين عنصرا كيميائيا مثل القصدير والنيكل والفانديوم والثورميوم والنيوبيوم والكروم والتيتانيوم وغيرها من العناصر الكيميائية وجميعها عناصر تعطي السبيكة المناعة والقوة وتكسبها الخواص اللازمة لمقاومة الصدأ. وهذه في حد ذاتها معجزة أخري سنتناولها ببعض التفصيل في هذا المقال العلمي الديني الثقافي. والله سبحانه وتعالي أعلم. يقول تفسير الجلالين في تفسير الآية رقم (96) :"( آتوني زبر الحديد) قطعة على قدر الحجارة التي يبنى بها فبنى بها وجعل بينها الحطب والفحم (حتى إذا ساوى بين الصدفين) بضم الحرفين وفتحهما وضم الأول وسكون الثاني أي جانبي الجبلين بالبناء ووضع المنافخ والنار حول ذلك (قال انفخوا) فنفخوا (حتى إذا جعله) أي الحديد (نارا) أي كالنار (قال آتوني أفرغ عليه قطرا) هو النحاس المذاب تنازع فيه الفعلان وحذف من الأول لاعمال الثاني فأفرغ النحاس المذاب على الحديد المحمي فدخل بين زبره فصار شيئا واحدا" ويقول التفسير الميسر:" أعطوني قطع الحديد، حتى إذا جاؤوا به ووضعوه وحاذوا به جانبي الجبلين، قال للعمال: أجِّجوا النار، حتى إذا صار الحديد كله نارًا، قال: أعطوني نحاسًا أُفرغه عليه." وعن تفسير الأية رقم (97) فيقول تفسير الجلالين : "(97 - (فما اسطاعوا) أي يأجوج ومأجوج (أن يظهروه) يعلوا ظهره لارتفاعه وملاسته (وما استطاعوا له نقبا) خرقا لصلابته وسمكه" بينما يقول تفسير الميسر: "فما استطاعت يأجوج ومأجوج أن تصعد فوق السد؛ لارتفاعه وملاسته، وما استطاعوا أن ينقبوه من أسفله لبعد عرضه وقوته." نقول تعالوا بنا نصطحبكم في رحلة الحياة العلمية مبهورين بعظمة الآيات القرأنية وما أعطاه الله لنا من نعيم القيم الخارقة والتي نسينا الله في خضم الحياة فأنسانا الله أنفسنا، وأنه لا مرد الآن سوي الرجوع إلي أحضان الله سبحانه وتعالي كي ننال رضاءه ونستعين بأياته. والله سبحانه وتعالى أعلم. أهم ما توصل إليه علماء الحاضر من تقنيات خصائص لحام وصدأ الحديد وسبائكه والعلاقة بينهما. نبذة تاريخية عن إكتشاف عصر لحام المعادن الحديدية. أُكُتْشِفَ اللحام بالصدفة في نهاية القرن التاسع عشر حينما كان أحد عمال المطاط البريطانيين يقوم بإعداد كوبا من الشاي في ورشته ، حيث اعتاد أن يوصل ملفا كهربائيا بمسمار ويضع الملف داخل كوبا من الماء، وماأن إستخدم كوبا معدنيا بدلا من الكوب الخزفي الذي إعتاد أن يستخدمه ونسي أن يفصل الملف عن الكهرباء ، وما أن غلي الماء حتي رفع الملف دون فصل التيار ، فإذا به يلاحظ أن هناك شرارة تولدت عند قمة رأس المسماروأحدثت إنصهارا لجزء من المسمار. وظل هذا الموضوع في طي النسيان حتي عام 1921 حينما قام أحد أساتذة الرياضيات بالجامعة الإمبراطورية بلندن من وضع تفسير رياضي ومعادلات قام بوضع صيغتها العالم "دافيد روزنتال" الأب والتي كانت بالصعوبة بمكان مما جعل "دافيد روزنتال" الإبن الي تبسيط معادلات والده وزاد عليها حساب معدل التبريد وعلاقته بالتغيرات الميتاليرجية وكان ذلك خلال عام 1938. وما أن بدأت الحرب العالمية الثانية خلال عام 1939 حتي حدث نقصا شديدا في عنصر الرجال والذين حملوا السلاح ولم يبقي سوى عنصر السيدات. ولما كانت الحاجة الي بناء عدد ثمانية آلاف من السفن ضرورية ولما كانت السفن آنذاك يتم تصنيعها بطريق البرشام والذي يشكل عبئا ثقيلا علي السيدات نتيجة تكوينهم الجنسي وضعف حيلتهم في رفع وزن ثقيل يتمثل في وزن المطرقة والتي تصل الي 30 كيلوجراما في الرقعة الواحدة ، لذلك فلم يكن هناك من بديل سوي إستخدام اللحام كوسيلة من وسائل بناء السفن. وظلت التصميمات الهندسية كما هي دون حدوث تغيير بما يتناسب مع حقيقة الموقف الهندسي آنذاك. وماأن تم بناء الثمانية آلاف من هذه السفن والتي تم إطلاق إسم "سفن الحرية" عليها بعدد ثلاثة آلاف سفينة لنقل البضائع الجافة كالطعام والذخيرة وعدد خمسة آلاف كسفن لنقل السوائل مثل النفط والوقود فيما بين دول الحلفاء حتي كان يحدث صوتا شديدا ثم يعقب هذا الصوت حدوث إنشطار الوحدة ثم غرقها، وكان منطقيا آنذاك أن يتم إلقاء اللائمة على الألمان وحلفائهم، لدرجة أن الظنون كانت تشير الي أعمال تخريب وأعمال إرتطام بألغام بحرية أو نتيجة إطلاق طوربيد من أحد الغواصات المتواجدة في المنطقة، ولم يدري بخلد الحلفاء ودول المحور علي حد سواء أن يكون بنهاية الحرب العالمية الثانية وخلال عام 1944 من أن عدد السفن الباقية كان ثلاثة سفن فقط من جملة الثماني آلاف التي كان قد تم بناؤها. |
تطابق كلمات الله القرآنية مع الحقائق التكنولوجية وما أن جاء عام 1948 حتي شهد العالم فاجعة هندسية تتمثل في حدوث أنفصال في أحد السفن والتي سبق وأن بنيت بنفس التصميم وبإستخدام طريقة اللحام ، والتي كان مقدرا إنزالها وتدشينها يوم 19 أغسطس عام 1948 ، وقبل أن تذهب ولية العهد – والتي أصبحت فيما بعد ملكة إنجلترا- كي ترطم مقدمة السفينة بزجاجة الشمبانيا وتقول لها "سيري علي بركة الله"، حتي حدث ظهر اليوم السابق لعملية التدشين أن حدث صوت يشبه الرعد ومن شدة الصوت وهوله فقد إنفصل الجزء الخلفي عن الجزء الأمامي لذات السفينة يوم 18 أغسطس عام 1948. وغرق النصف الأخير من السفينة بينما ظل النصف الأمامي كما هو علي رصيف البناء. مما حدا الهيئات البريطانية والأمريكية آنذاك ونتيجة تكرارنفس الظاهرة ولكن في الولايات المتحدة الأمريكية هذه المرة حيث إنقسمت السفينة الناقلة "شيناكتادي" وهي مازالت علي رصيف التجهيزات بميناء بورتلاند بولاية أوريجون الي إختيار عالم وأستاذ المواد بالجامعات البريطانية كي يدلي بالحقيقة المذهلة وهي ضرورة أن يتم مساواة حافتي اللوحين في منطقة اللحمة والتي أشارت إليها الآيات الكريمة ب "حتى إذا ساوي بين الصدفين" أي الحافتين ، كما أشار البروفيسور موت الي عدة حقائق وتوصيات جميعها يتماشي مع ماتم ذكره في طي كلمات الآية منها علي سبيل المثال: 1- ضرورة تقليل معدل التبريد والتحكم في درجات الإنتقال وعدم حدوث إنحراف ومن ثم تقليل ظاهرة تكون الشروخ وحدوث الإجهادات المتبقاة [نراها في قوله تعالى "حتى إذا جعله نارا"]، والله أعلم. 2- ضرورة عمل تدريج في منطقة اللحمة فيما بين سمكي المعدنين المختلفي السمك مع ضرورة أن تكون وصلة اللحام من النوع التناكبي وليس من النوع التراكبي ، حيث أن الوصلة الملحومة في حالة التراكب تصبح في حالة قص واللحام ضعيف المقاومة لمثل هذا النوع من التحميل [نراها في قوله تعالي :"حتى إذا ساوي بين الصدفين"] فلفظ "حتي" هنا يعني من الناحية الهندسية ضرورة عمل هذا التدريج حتي تصبح الوصلة الملحومة متينة وقوية ويعطي الوصلة مناعة ضدحدوث الشروخ، والله أعلم. 3- ضرورة عمل نظام وقائي لحماية المعدن المنصهر من عوامل الجو مثل الصدأ وزيادة تفاعله مع المعدن المصهورمن مادة البنية الأساسية لمعدن اللوحين بما يؤدي الي عملية تزاوج بين المعدنين [نراه في قوله تعالي"أفرغ عليه قطرا"] ، والله أعلم. 4- ضرورة التحكم في معدلات التبريد والتخلص من الجيوب الهوائية والعيوب الداخلية في الوصلة الملحومة وكذلك ضرورة تقليل آثار التحول الفلزي عند درجات الحرارة الحرجة ، [نراها في قوله تعالي "قال أنفخوا" ، "حتى إذا جعله نارا"] ، والله أعلم. وهكذا فإن التقنيات الحديثة نراها وقد تجلت في ثنايا كلمات الله، ونرى هذه الكلمات تحمل الخير لكافة البشر علي صنوف ألوانهم وتباين لسانهم وإختلاف علومهم وما يمتلكونه من تقنيات حسب ما يتاح لهم، ونجد الآيات في طي هذه الكلمات تثبت حقيقة علمية مؤكدة وهي إستخدام الصلب المغطي بطبقة من القطر نظرا لمناعة هذا السبيكة ضد عوامل الكسر والإنهيار المفاجئ من ناحية ولشدة متانتها الكبيرة من ناحية أخري. لذلك فقد تم تطوير وإستخدام سبيكة الصلب بسمك يصل الي 5ر9 مم ووضع طبقة قشرة خارجية من القطر أعلي السطح بسمك يصل الي 5ر0 مم ليكون الناتج من هذه السبيكة هو 10مم ، وتتمتع هذه السبيكة المعدنية بمقدرة هندسية خارقة من ناحية متانة الكسر حيث كانت خمسمائة ضعف النحاس و250 مرة قدر متانة الصلب. وهذا تصفه الآية الكريمة بلفظ "فما أسطـــــــعوا أن يظهروه" فالتاء هنا قد تم إختزالها تتيجة ماتتمتع به هذه السبيكة من متانة خارقة وقوة معمرة لايضاهيها في هذه الخواص أي مادة هندسية أخري. فقد يكون ظهور الشئ يعني والله أعلم إخضاعه لجبروت القوي القوية وجبروت القوي الطاغية الباغية كقوله تعالي : "إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدكم في ملتهم ولن تفلحوا إذن أبدا". كما جاء بتفسير البيضاوي من أن ظهور الشئ يعني قهره وإخضاعه للقوة الطاغية وهذا أقرب الي تفسير أن الظهور يعني هنا والله أعلم إخضاع السبيكة لحدوث الخضوع الذي يؤدي إلي الإنهيار والكسر. فالملاحظ من بيان القرآن أن الآية التي تتعلق بذكر الإنسان وما يحيط به من ظواهر ومظاهر الحياة نراها وقد تكررت في أكثر من موقع بيانا وتفسيرا لما قد يكون قد خفي عن التفسير والتأويل، ونراه يؤكد الحقيقة القرآنية ، لهذا فالآية القرآنية ذات الحدث الذي يمت للإنسان بصلة نجدها وقد تم ذكرها في موضع آخريفسر لنا الموضع الأول ومالمقصود منه في صيغة الماضي المضارع والمستقبل معا. إذن فليس ظهور الشئ قد يعني والله أعلم الصعود عليه كما كان بعض الفقهاء يظنون، حيث ثبت الآن ومع ظهور التقنيات الحديثة معاني جديدة كانت خافية عن عيون وبصيرة العلماء حتى وقت قريب فالمعني هنا قد يكون والله أعلم قهر وتحطيم المعدن نتيجة تعرضه لقوي عاتية تزيد عن حد الخضوع للمادة وتحول المادة الي الحالة اللدنة لتجاوز حدود مراحل المرونة، مما يفقدها خاصية التواصل وتنعدم معها إستمرارية الإستخدام. بعض أهم التطبيقات الهندسية الحديثة لسبيكة الصلب المغطي بالقطر من هنا فقد تم تطبيق إستخدام هذه السبيكة في قاع الزوارق السريعة والتي نعرفها نحن الآن باسم سفن السطح المتأثر والتي يتطلب فيها أن تكون مقاومة البدن لقوي تصادم الأمواج كبيرة ونتيحة الضغوط واجهادات التلهث وإجهادات الدق الرأسية والتي تتولد نتيحة الطفرة في زيادة السرعة من 35 عقدة الي أن تصبح 120 عقدة وأكثر عند نفس القدرة المحركة وبعد حدوث الوسادة الهوائية والتي تضخ الهواء أسفل قاع المقدم مما يعني ضرورة إستخدام مواد قوية وخفيفة في ذات الوقت، وهذا لا يتأتي سوي بإستخدام هذه المادة لما تتمتع به من خواص المقاومة الديناميكية. http://www.55a.net/firas/ar_photo/9/1e.jpgشكل يوضح أحد أهم التطبيقات الحديثة لسبيكة الصلب المغطي بطبقة من القطر في قاع وجوانب القشرة الخارجية من زوارق السطح المؤثر ”Surface Effect Ships" وهكذا فإن التقنيات الحديثة تشير الي إستخدام الصلب المغطي بطبقة من القطر نظرا لمناعة هذا المعدن ضد عوامل الكسر والإنهيار المفاجئ من ناحية ولشدة متناته الكبيرة من ناحية أخري. فقد تم نطوير وإستخدام سبيكة الصلب إذن فليس ظهور الشئ يعني الصعود عليه كما كان بعض الفقهاء يظنون لملاسة سطح المعدن بل نتيجة أسباب هندسية أصبحت معروفة لدي جميع المهندسين علي إختلاف تخصصاتهم ، حيث ثبت الآن ومع ظهور التقنيات الحديثة معاني جديدة كانت خافية عن عيون وبصيرة العلماء حتي وقت قريب. ثم نأتي الآن الي المعجزة القرآنية في وضع المعايير الهندسية الخاصة بمقاومة الصدأ في قوله تعالي: "وماأستطــــــــــــــعوا له نقبا" فالصدأ وهو المقصود به هنا النقب والله أعلم كي يحدث نقرا في المعدن نجده وقد بدأ عند نقطة نواة علي السطح ثم يبدأ في الإنتشار في إتجاه السمك حتي يحدث ثقبا ويصبح المعدن في حالة من الوهن والضعف بحيث أن المنشأ ينهار نتيجة حدوث ظاهرة التسريب والتسرب من خلال إختراق سمك المعدن مما يعني ضرورة إستخدام مواد قوية وخفيفة في ذات الوقت وتقاوم إنتشار الصدأ ، وهذا لا يتأتي سوي بإستخدام هذه المادة. وعلي النحو الذي تناولته جملة الأشكال الآتية.أشكال توضيحية لبعض أهم أنواع الوصلات التناكبية المستخدمة في اللحام اليدوي http://www.55a.net/firas/ar_photo/9/2.jpg أشكال توضيحية للوصلات السابق إستخدامها في اللحام أثناء وبعد الحرب العالمية الثانية http://www.55a.net/firas/ar_photo/9/4.jpgصورة توضح السفينة "شيناكتادي" وقد انقسمت الي شطرين وهي مازالت راسية علي رصيف حوض التجهيزات بأحد ترسانات بناء السفن بالولايات المتحدة الأمريكية http://www.55a.net/firas/ar_photo/9/5.jpgصورة توضح مدي تأثير الصدأ وإنتشاره في المواد المعدنية الحديدية. http://www.55a.net/firas/ar_photo/9/7.jpgصورة توضح أثار التلف الناجم عن صدأ الأنابيب المعدنية في أحد مصانع البتروكيماويات المصنعة من مواد فولاذية غير قابلة للصدأ خصائص الصدأ وتأثيره الخطير علي تجهيزات ومعدات الحياة البشرية المصنعة من السبائك الحديدية لماذا يحدث الصدأ؟ نتحدث الآن عن مشكلة الصدأ وأسباب حدوثه فنقول أن الصدأ يحدث نتيجة حدوث ظاهرة فقد للألكترونات من سطح القطب الأعلي فرقا للجهد وهو المصعد الي القطب الأدني فرقا للجهد وهو المهبط شريطة وجود وسط سائل بينهما يعرف بإسم المحلول الكهربائي ، ويؤدي حدوث هذه الظاهرة الي إستفحال وزيادة النقص في مساحة مقطع المصعد وهو عادة مايكون من الحديد ويحدث النقر مسببا ظهور وسط أكثر عدوانية يعرف بإسم "الهيدروكسيل" وهو مايؤدي الي هلاك المعدن الحديدي وخروج المنشأ الهندسي خارج الخدمة التجارية حتي يتم إصلاحه بتكاليف باهظة ، أو بناء وحدة جديدة نتيجة إهلاك وإستهلاك المنشأ الهندسي نتيجة حدوث الصدأ. وتوضح مجموعة الأشكال الآتية والصور المرفقة بعض أهم أسباب الصدأ في المنشآت الهندسية المختلفة وتأثير ظاهرة الصدأ عليها وعلي أداءها ومن ثم كفاءتها. http://www.55a.net/firas/ar_photo/9/10.jpg http://www.55a.net/firas/ar_photo/9/9.jpgصور توضح إحدي الطائرات الكوميت والتي حدث لها حوادث السقوط والإنهيار في الجو نتيجة ضعف المتانة وحدوث إنهيارات بالبدن من النوع المفاجئ الهاش. الخلاصة والخاتمة http://www.55a.net/firas/ar_photo/9/13.jpgصورة توضح تأثير الصدأ علي سطح أحد المسامير المجلفنة ضد الصدأ ويظهر فيه التآكل الشديد خاصة في منطقة التقلووظ من المسمار. - أن القرآن الكريم يحتوي علي معجزات لا تحصي ولا تعد. - أن التدبر في معاني كلمات الله هو اللامحدود بلا حدود حيث ينتفع البشر كافة من سعادة وهناء من فيض رحمة كلمات الله الواسعة والتي ليس لها أي حدود. أهم المصادر والمراجع العلمية |
http://www.55a.net/firas/photo/44425color.jpgد. محمد السقا عيد ماجستير وأخصائى طب وجراحة العيون تمتلىء اللغة العربية بتعبيرات وكتابات تستخدم اللون فيها …فمثلا نقول فلان ضحكته صفراء …ونقول فلان يتطاير الشرر الأحمر من عينيه …وهذا لأن وجهه يحتقن بالدم ويبدو أحمر …واللون الأحمر يعني الفعل القوي …فإذا خف ونقص تأثيره أصبح وردياً دلالة على الحياة السعيدة النشطة اللطيفة ، فيقال " حياة وردية " يعني السعادة …أما الأسود فيعني انعدام اللون والضوء ويرمز للحزن والموت … ·ما هــــو اللـــون ؟ اللون هو ذلك التأثير الفيزيولوجي الناتج على شبكية العين …سواء كان ناتجاً عن المادة الصباغية الملونة أو عن الضوء الملون …فهو إحساس إذن وليس له وجود خارج الجهاز العصبي للكائنات الحية …ولكن المصورون والمشتغلون بالصباغة وعمال المطابع يقصدون بكلمة اللون المواد التى يستعملونها لمادة التلوين . أما علماء الطبيعية فيقصدون بكلمة لون نتيجة تحليل الضوء ( الطيف الشمسي ) أو طول موجة الضوء ، وفى الحقيقة يوجد كل من المادة الملونة أى المادة الصباغية وكذا الشعاع الملون أى الضوء الملون . وقد حدد علم الطبيعة اللون بالدلالات الطبيعية الثلاثة الآتية : (1) طــول الموجــة : إن الإشعاعات التى تؤلف ضوء الشمس مثلاً يمكن أن تشتت بالاستعانة بمنظور ثلاثي إلى ألوان الطيف ( بنفسجي ، أزرق ، أخضر ..) التى تتميز بحسب أطوال أمواجها إذ أن لكل لون طول خاص للموجة ، وبعض الإشعاعات لا تستطيع العين أن تميزها مثل موجات تحت الحمراء وموجات فوق البنفسجية … (2) النقـــــاء : أى النسبة بين اللون وبين كمية الأبيض الموجودة . (3) عامل النصوع : أى كمية الضوء المنقولة أو المنعكسة من اللون وبذلك يمكن لعيوننا أن تسجل وتدرك هذه الألوان السبعة (بنفسجي –نيلي –أزرق –أخضر - أصفر –برتقالي –أحمر ) ومشتقاتها ودرجاتها المختلفة . oإدراك أو حس اللون : نحن لا نستطيع إدراك الأشياء الملونة إلا بواسطة الضوء الواقع عليها والذي ينعكس جزء منه إلى عيوننا –ولذلك فأي شئ ملون إذا ما سلط عليه ضوء قوي فإنه يعكس إشعاعاً أكثر وبالتالي يظهر أكثر نصوعاً أما إذا وقع هذا الشيء الملون تحت ضوء خافت فإنه يعكس قليلاً ويظهر غير واضح . وقد برهن العالم " نيوتن " أن الضوء هو أصل اللون " إن الضوء الأبيض يمكن تحليله إلى ألوانه الأصلية كما يمكن تجميع هذه الألوان لنحصل على الضوء الأبيض إذن ، فإذا وجد الضوء وجدت ألوان . وتبع ذلك أن طبيعة الضوء تؤثر على طبيعة الألوان ، فنجد أن الألوان تختلف فى مظهرها تحت ضوء النهار عنها تحت الإضاءة الصناعية ، ويمكنك التأكد من ذلك من ملاحظة لون قماش معروض داخل معرض مضاء بالضوء الصناعي ، ولون ذات القماش فى ضوء النهار العادي ·لماذا نرى الأشياء ملونة ؟ ان أى جسم معرض للضوء يمتص الإشعاعات ويعكس البعض الآخر ، ولون هذا الجسم هو لون الإشعاع المنعكس منه …فالفستان أحمر لأنه امتص كل إشعاعات الضوء الساقطة عليه وعكس إلى عيوننا الإشعاعات الحمراء ، وتنقل العين هذه الاحساسات إلى المخ عن طريق مجموعة الأقماع الشبكية الخاصة باللون الأحمر وبذلك يتكون الإحساس باللون الأحمر ، وكذلك فالمياه تبدو زرقاء لأن ضوء الشمس يعاني الانعكاسات الانكساريه وأثناء مروره فى طبقات الجو المختلفة فى رحلته إلى الأرض . بحيث تصل إلينا الإشعاعات الزرقاء فقط …ولهذا السبب أيضاً يبدو البحر أزرق اللون ، بينما تبدو أمواج البحر بيضاء بسبب إحتوائها على فقاقيع الهواء التى تعكس كل الأشعة الضوئية ولا تمتص منها شيئاً . والعين على درجة كبيرة من الحساسية خاصة اللون الأخضر ، وتنعدم هذه الحساسية عند نهايتي الأحمر والبنفسجي ، فالعين قادرة على إدراك أقل اختلاف فى اللون ويمكنها أن تميز من 200 إلى 250 لون . وتميز العين بسهولة الألوان البنفسجية والحمراء ولا تستطيع بسهولة أن تقدر فروق درجات الألوان الصفراء ، وكذلك فمن الصعب على عامل " الديكو" عمل ترميم لسيارة باللون الأصفر . ويريح العين الضوء الموحد خاصة الضوء الأبيض. ·كيف تحس العين بالألوان ؟ يعتقد العلماء أن هناك ثلاثة أنواع من النهايات العصبية الموجودة بشبكية العين ( الأقماع ) وهي :- ×المجموعة الأولي : ذات حساسية خاصة لتأثير الموجات الطويلة أو اللون الأحمر . ×المجموعة الثانية : ذات حساسية خاصة للموجات المتوسطة أو اللون الأخضر . ×المجموعة الثالثة : ذات حساسية خاصة للموجات القصيرة أو اللون البنفسجي . وعلى هذا فاللون الأحمر يؤثر بقوة على المجموعة الأولي وله تأثير ضعيف على المجموعتين الأخيرتين ، وهكذا كل لون يثير مجموعة أو مجموعات مختلفة من هذه النهايات . فإذا أمكن إثارة المجموعات الثلاث فى وقت واحد وبنفس القوة نتج الإحساس باللون الأبيض ، وإذا لم تثر هذه المجموعات إطلاقا نتج الإحساس بالأسود . عمى الألوان بعض الناس يرون الأجسام بغير ألوانها الطبيعية ، فالألوان الحمراء يرونها سوداء أو الصفراء يرونها أكثر خضرة ومنهم من لا يستطيع التمييز بدقة بين اللونين الأزرق والبنفسجي وهذه العلة وراثية فى الغالب ، وقد تكون مكتسبة بعد بعض أمراض الشبكية والعصب البصري . والنوع الوراثي :يحدث أكثر فى الذكور ( 3 –4 % من الذكور ) ويندر حدوثه فى الإناث ، وإن كانت العلة تورث بواسطة الإناث إلى الذكور . والعمي الكلي للألوان نادر الحدوث وفيه لا يمكن للشخص تمييز أى لون . فجميع الألوان تبدو له رمادية ولكن ذات بريق مختلف . أما عمي الألوان الجزئي فأكثر انتشارا وفى أغلب الأحوال لا يستطيع الشخص التمييز بين الألوان الحمراء والخضراء . ومن هنا يتضح خطورة قيام مثل هذا الشخص ببعض الأعمال مثل سائق ، بحار ، طيار ، ولا علاج لهذه العلة سواء طبي أو جراحي … و لا علاقة بين حدة الإبصار والقدرة على تمييز الألوان …فقد تكون قوة الإبصار 6/6 ولا يمكن تمييز الألوان …كما أن العكس صحيح ، إذ قد تميز الألوان جيداً ويكون البصر ضعيفاً . الألوان فى الظلام : لا يمكن للعين أن تميز الألوان فى الظلام … وعند حلول الظلام ( الغروب مثلاً ، أو خبو الضوء الكهربائي ) …لا يمكن تمييز اللون الأحمر عن الأخضر …ثم تقل قدرة العين على تمييز الألوان الآتية بالترتيب : " البنفسجي ، الأزرق ، الأصفر ثم أخيراً الأخضر ، أى أن اللون الأخضر يعتبر أكثر الألوان وضوحاً أثناء الليل ) بينما اللون الأصفر هو أكثرها وضوحاً أثناء النهار . واللون الأحمر لا يثير الشبكية المكيفة للرؤية فى الظلام كما أنه لا يثير التفاعلات الكيماوية الحساسة للضوء … ولذا يستعمل اللون الأحمر فى الحجرات المظلمة الخاصة بتحميض الأفلام الحساسة . الألوان في القرآن لقد خلق الله تعالي كل ما فى الكون وسخره لخدمة الإنسان ولتحقيق راحته وهنائه ، وحرصت القدرة الإلهية على أن تكون المخلوقات جميلة مع كونها نافعة ، فيفيد الإنسان وينتفع ، وفى الوقت ذاته يسر بجمال الأشكال وتعدد الألوان …ذلك الجمال الرائع المنبث فى لوحه الكون . وإذا غفلت عيوننا البشرية عن الالتفات إلى مشاهد الجمال ذكرنا القرآن الكريم بها . ومن بين آيات الجمال التى يوقفنا القرآن عندها وأمامها كثيراً جمال الألوان . الألوان ماثلة فى الجبال :- إنك تجد الجبال ألواناً عدة ، وكان فى مقدرة الخالق سبحانه أن يجعلها لوناً واhttp://www.55a.net/firas/ar_photo/7/red_mountain4.jpgحداً ، لكن السرور البشري يتحقق فى تعدد الألوان ، لذا وجدنا فى الجبال طرائق بيض وحمر وذات ألوان أخرى. يقول الحق سبحانه وتعالى: ) ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود ( سورة فاطر آية 27 وكلمــة الجــدد : تعني الطرائق ومفردها جدة . أما الغرابيب السود : فهي الجبال السود الطوال وعندما ندير أبصارنا من الجبال المتعددة الألوان إلى الجبل الأسود الغربيب أو منه إلى الجبال ذات الألوان المتعددة نستشعر تقابلاً فينبعث السرور كما فى استخدام المقابلة والطباق فى الشعر والأدب . وهذه الآية تذكر اللون الأبيض واللون الأحمر ، أما بقية الألوان وما أكثرها وما أشد اختلافها وتعددها فيذكرها إيجازاً وتركيزاً قوله تعالي )مختلف ألوانها ( إن فى تعدد ألوان الأحجار وامتزاج أحدها بالآخر لجمالاً يبهر العين تماماً كما تبهرها ألوان الشعب المرجانية فى قاع البحر الأحمر … |
والقرآن الكريم يذكر عبارة " مختلف ألونها " بعد قوله تعالي " بيض وحمر " وكان فى هذا إشارة إلى أن اللونين الأساسيين هما الأبيض والأحمر أما ما عداهما من ألوان مختلفة فهي مركبة من هذين اللونين .
oوفي الأنعــــــــام : فمن تعدد جلود الأنعام يتحقق ذلك الجمال الذى أشارت إليه تلك الآية الكريمة . )ولكم فيها جمال حين تريحون وحhttp://www.55a.net/firas/ar_photo/7/f%20sheeps.jpgين تسرحون( سورة النحل آيه (6) ونجد تعدد ألوان الأنعام فى قوله تعالي :- )ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك( سورة فاطر آيه (28) أي فيهم الأحمر والأبيض والأسود وغير ذلك وكل هذا - فيما يعبر الإمام القرطبي - دليل على صانع مختار . وكلمة ( كذلك ) فى الآية السابقة لها دلالتها على تذكير الإنسان بأن تعدد الألوان وراد ليس فى الجبال فحسب ، وإنما فى الكائنات الحية المتميزة بالروح والإحساس ( الناس والدواب والأنعام ) وذكر " الأنعام " بعد " الدواب " من باب عطف الخاص على العام . وإقرار " الأنعام" لأهمية جمال ألوان الأنعام لنا لكونها أكثر من غيرها حضوراً بيننا ، فالأغنام مثلاً فى الحقول أما الثعالب والذئاب والأفيال ففي الغابات وربما تتعذر رؤيتها على كثيرين . ·اللون الأخضر ( لون النباتات والزروع ) :- نشاهد فى حياتنا اليومية كثيراً من الألوان المختلفة ، لعل أكثرها انتشارا وأعظمها شأناً هو اللون الأخضر الذى يبعث فى نفس الإنسان كثيراً من البهجة والسرور وخصوصاً إذا كان هذا اللون يكسو الأرض فى مساحات شاسعة كما هي الحال فى الحدائق والبساتين و الحقول المترامية الأطراف أو فى الوديان التى تمتد عبر الصحراء حيث تكسوها الأعشاب والنباتات الخضراء بعد هطول الأمطار عليها وهو ما تشير إليه الآية الكريمة التالية : )ألم تر أن الله أنزل من السماء ماءً فتصبح الأرض مخضرة ( ونقرأ قوله تعالي : )فأخرجنا منه خضراً نخرج منه حباً متراكباً( سورة الأنعام (99) قيل الخضر ههنا : الزرع الأخضر ، وشجرة خضراء أى غضه ، وأرض خضرة ويخضور كثيرة الخضرة وخضر الزرع خضراً : نعم وأخضره الري. oوأفضل الألوان كلها وأشرفها لون الخضرة وذلك لأمرين : ¨الأمـــر الأول : هو أن الله سبحانه وتعالي وصف فى كتابه العزيز أهل جنته المخصوصين بتقريبه ومزيته بلباس الثياب الخضر . فقال تعالي فى وصفهم )عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق ( سورة الإنسان آيه (21) وقال سبحانه فى موضع آخر )ويلبسون ثياباً خضراً من سندس وإستبرق( سورة الكهف ( 31) فلو كان فى الألوان أفضل من الخضرة لوصفهم الله سبحانه بذلك . ¨الأمر الثاني : ما فى لون الخضرة من تقوية للنظر والزيادة فى حاسة البصر ، وسبب ذلك فيما يقوله أهل الطب أن اللون الأخضر يجمع الروح الباصر جمعاً رفيقاً مستلذا غير عنيف وإن كان اللون الأسود يجمع الباصر أيضاً لكنه يجمعه بعنف واستكراه على ضد ما يجمعه اللون الأخضر . يقول تعالى : )فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ( النمل آية ( 60 ) http://www.55a.net/firas/ar_photo/7/perennials.jpgيقول صاحب الظلال –رحمه الله –فى تفسير هذه الآية فى الجزء الخامس ص 62252 –الطبعة الحادية عشرة لدار الشروق . حدائق بهيجة ناضرة حية جميلة مفرحة ……ومنظر الحدائق يبعث فى القلب البهجة والنشاط والحيوية . وتأمل هذه البهجة والجمال الناضر والحى الذى يبعثها كفيل بإحياء القلوب ، وتدبر آثار الإبداع فى الحدائق كفيل بتمجيد الصانع الذى أبدع هذا الجمال العجيب . وإن تلوين زهرة واحدة وتنسيقها ليعجز عنه أعظم رجال الفنون من البشر . وإن تموج الألوان وتداخل الخطوط وتنظيم الوريقات فى الزهرة الواحدة ليبدو معجزة تتقاصر دونها عبقرية الفن فى القديم والحديث فضلاً عن معجزة الحياة النامية فى الشجر وهى السر الأكبر الذى يعجز عن فهمه البشر . ويرجع هذا اللون الأخضر الذى ينتشر فى النباتات على اختلاف أنواعها وأشكالها وأحجامها ( وخصوصاً فى أوراقها الخضراء ) إلى مادة كيميائية معقدة التركيب يطلق عليها علماء النبات اسم اليخضور أو الكلوروفيل (Chlorophyll) وكان المعتقد فى بادئ الأمر أن الكلوروفيل عبارة عن مادة واحدة ولكن وجد بعد تقدم البحوث النباتية وعمل التحليلات الدقيقة أنها تتركب فى واقع الأمر من أربع مواد مختلطة بعضها ببعض وتلك هى (كلوروفيل أ ) و ( كلوروفيل ب) ولونهما أخضر بالإضافة إلى مادتين أخريين وهما ( الكاروتين ) و(الزانثوفيل ) وهما صبغان نباتيان لونهما أصفر . إن هذا الكلوروفيل المعقد الذى يغلب عليه اللون الأخضر هو أحد المعجزات الحقيقية التى أوجدها الله سبحانه وتعالى فى دنيا النبات إذ أنه يلعب فى تكوين الأغذية النباتية دوراً يفوق كل خيال ، فالنبات على سبيل المثال يمتص من التربة التى يترعرع فيها كمية من الماء كما يمتص ثاني أكسيد الكربون من الهواء الجوى الذى يحيط بنا فى كل مكان . ومن هاتين المادتين البسيطتين ( الماء وثاني أكسيد الكربون ) يستطيع الكلوروفيل إنتاج المواد الكربوهيدراتية البسيطة أو المعقدة مثل الأنواع المختلفة من السكر ومنها سكر الجلوكوز وسكر الفواكه وسكر القصب وسكر البنجر وأيضاً الأنواع المختلفة من النشا مثل النشا الموجود فى حبوب القمح أو الذرة أو الأرز أو الشوفان أو فى بعض الأجزاء النباتية الأخرى مثل درنات البطاطا والبطاطس وغيرها . ولا يتم إنتاج مثل هذه المواد الغذائية الهامة إلا فى وجود الأشعة الضوئية ، ويطلق على تلك العملية اسم عملية التمثيل الضوئي Photosynthesis)) . ويمكن تلخيص تلك العملية فىالمعادلة البسيطة التالية . ثاني أكسيد الكربون + ماء واد كربوهيدراتية مواد كربوهيدراتية + أكسجين ينتج عنها مركب سكري +أوكسجين ويعيش الإنسان وكذلك جميع الحيوانات التى تدب على سطح الأرض على تلك المنتجات النباتية التى لا يستطيع أى منها إنتاجها من المواد الخام على الإطلاق كما تفعل النباتات الخضراء ، وبذلك يكون الكلوروفيل هو المادة المنتجة لجميع الأغذية النباتية أو الحيوانية على حدٍ سواء . وبالإضافة إلى تلك المادة الخضراء ( الكلوروفيل ) تحتوى النباتات على مواد أخري كثيرة لها ألوان متباينة ومنها الصبغ الأزرق والصبغ الأصفر والصبغ الأحمر والصبغ البني وغيرها . وتشاهد مثل تلك الألوان فى كثير من الأجزاء النباتية وخصوصاً الأزهار والثمار ، كما يتضح من الآية الكريمة : - ) فأخرجنا به ثمرات مختلفاً ألوانها (سورة فاطر آيه ( 27) |
اللون الأصفر:
ورد فى القرآن الكريم السرور - سرور الإنسان - عقب ذكر اللون الأصفر الفاقع على جلد بقرة . قال تعالي :- )قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين(سورة البقرة آيه (69). قيل : (فاقع لونها ) شديد الصفرة تكاد من صفرتها تبيض http://www.55a.net/firas/ar_photo/7/Clip_9.jpgوقيل صافية اللون ، وهي تسر الناظرين لأنك إذا نظرت إلى جلدها تخيلت أن شعاع الشمس يخرج من جلدها . وعن اللون الأصفر بصفة عامة وكونه باعثاً للسرور، قال إبن جرير عن ابن عباس : " من لبس نعلا صفراء لم يزل فى سرور ما دام لابسها " ويرفض المفسرون أن يفهم قول القرآن ( فاقع لونها ) بمعني تسود من صفرتها ويجعلونه قولاً غريبا. ويري القرطبي أنه لا يستعمل مجازاً إلا فى الإبل . قال تعالي )كأنه جمالة صفر (سورة المرسلات آيه ( 33) وذلك أن السود من الإبل سوادها صفرة ، ولو أراد سبحانه وتعالي السواد فى حديثة عن البقرة - لما أكده بالفقوع فالفقوع نعت أو صفة مختص بالصفرة ولا يوصف به السواد تقول العرب: أسود حالك وحلكوك ودجوجي غربيب وأحمر قانيوأخضرناضر وأبيض ناصع وساطع وأصفر فاقع . ويقول الكسائي . فقع لونها إذا خلصت صفرته . oوقد ذكر القرطبي : قال ابن عباس "الصفرة تسر النفس" ، وحض على لباس النعال الصفر حكاه عنه النقاش ، وقال على بن أبي طالب رضي الله عنه : من لبس نعلي جلد أصفر قل همه لأن الله تعالي يقول : )صفراء فاقع لونها تسر الناظرين (حكاه عن الثعلبي ونهي ابن الزبير ومحمد بن أبي كثير عن لباس النعال السود لأنها تهم ( أي تبعث الهم فى النفس ) ولا غرابة فى نهي ابن الزبير وابن كثير عن لبس النعال السوداء ولا فى حث ابن عباس وعلي ابن أبي طالب رضي الله عنه على لبس النعل الأصفر ، فقد غدت دراسة الألوان والتأثير الخاص بكل لون على النفس ، ودراسة وتشخيص النفوس من واقع اهتمامها الفعلي وإحساسها بالألوان وحب ألوان معينة غدا هذا أمراً معروفا فى عصرنا ، والمحك عند القدماء والمحدثين كليهما هو التجربة والنظر أحوال النفس ونفوس الآخرين فى حالات متعددة ثم تقرير نتائج وأحكام ، فلا يجب أن نرفض حكماً قديماً لمجرد كونه قديماً أو نصفق لجديد لمجرد كونه جديداً ، وإنما نعود - مثلاً - إلي تجاربنا الخاصة ونحكم عقولنا ونحتكم إلى أذواقنا . قال لبيد فى الأصفر الفاقع: سدم قديم عهده بأنيسه من بين أصفر فاقع ودخان لقد كان أسلافنا أهل ذوق رفيع ، فها هو الشيخ شرف الدين أبو نصر محمد بن أبي الفتوح البغدادي وشهرته ( ابن المرة ) فى كتابه ( مفرح النفس ) وفي باب جعل له عنواناً : فى اللذة المكتسبة للنفس عن طريق حاسة البصر يقول : ( النفس تبتهج بما كان من الأجسام له اللون الأحمر والأخضر والأصفر إما بسيطاً أو مركباً بعضها من بعض فنظر هذه يوجب راحة النفس ولذة القلب وسرور العقل ونشاط الذهن وتوفر القوي وانبساط الروح …… وأنظر إلى حكمته - سبحانه - كيف جعل هذه الألوان الأربعة المذكورة - أعني الأصفر والأبيض والأحمر والأخضر فى أعظم الأجساد وأشرفها وأبهجها وأحسنها منظراً وهي الذهب الأصفر واللؤلؤ الأبيض والزمرد الأخضر والياقوت الأحمر ، ولم يجعل شيئاً من الأحجار أعز منها ولا أشرف ، وجعل غاية كل واحد منها أن يكون بهذا اللون المذكور )فتبارك الله أحسن الخالقين (.( نقلا عن بشر فارس ((سر الزخرفة الإسلامية |
الرتق والفتق نظرة علمية قرآنية http://www.55a.net/firas/photo/180px-WMAP299400.jpg بقلم الأستاذ محمد إسماعيل عتوك باحث لغوي في الإعجاز البياني قالَ اللهُ عزَّ وجلَّ:﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾ (الأنبياء:30)للقرآن الكريم ومدرس للغة العربية تشير هذه الآيةالكريمة إلى حقيقتين من حقائق هذا الكون، تدلان على إلهية الله تعالى، ووحدانيته، وأنه لا مبدع، ولا خالق سواه: الأولى منهما تتعلق بوحدة هذا الكون العجيب الصنع.والثانية تتعلق بسرِّ الحياة في هذا الكون الفسيح. والخطاب في الآية الكريمة يراد به عموم الذين كفروا، وإن كان في حقيقته موجهًا لليهود؛ لأنهم المعنيون به، فهم الذين كفروا بوجوده سبحانه، وبقدرته، وسرِّ صُنعه؛ ولهذا أنكر الله تعالى عليهمكفرهم بآياته، في أول الآية بقوله:﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾، ثم وبَّخَهم على كفرهم في آخرها بقوله:﴿أَفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾، فجاء آخر الآية مُطابقًا لأولها. أي: أفلا يكفِهم ذلكدليلاً على الإيمان!! أما الحقيقة الأولى فيشير إليها الشِّقُّ الأول من الآيةالكريمة؛ وهو قوله تعالى:﴿ أََوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا ﴾ أي: أولم يرَ هؤلاء أن السموات والأرض، كانتا منضمتين إلى بعضهما. أي: ملتحمتين، لا فضاء بينهما، ففصلناهما عن بعضهما. أي: كانتا كرة واحدة، ثم انفصلتا بإرادة الله وقدرته! أخرج الطبري عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال:”كانتا ملتصقتين “. وعن عبيد بن سليمان، قال:”سمعت الضَّحَّاك يقول في قوله:﴿ أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا ﴾، كان ابن عباس يقول: كانتا ملتزقتين، ففتقهما الله “. وقالالبَغَوِيُّ:”قال ابن عباس- رضي الله عنهما- وعطاء وقتادة: كانتا شيئًا واحدًا ملتزقتين، ففصلنا بينهما بالهواء “. والرَّتْقُ في اللغة: السَّدُّ. والفَتْقُ: الشَّقُّ. يقال منه: رَتَقَ فلان الفَتْقَ: إذا سَدَّه، فهو يرتقه رَتْقًا ورُتًوقًا، ومن ذلك قيل للمرأة التي فرجُها ملتحمٌ: رَتْقَاءُ. وقوله تعالى:﴿ أََوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾استفهام إنكاري، الغرض منه التنبيه، أو التذكير. وكوْنُه كذلك يقتضي أن ما بعده قد وقع، وعلم به الناس إما عن طريق المشاهدة، أو عن طريق السماع؛ نحوقوله تعالى﴿أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ ﴾﴾(يس:77). فهذا تنبيه وتذكير للإنسان ممسوق لبيان بطلان إنكارهم البعث بعدما شاهدوا في أنفسهم ما يوجب التصديق به. وقيل في تفسير قوله تعالى:﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بٍأًصْحَابِ الْفِيلِ﴾(الفيل:1):”الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم، وهو، وإن لم يشهد تلك الوقعة، لكن شاهد آثارها، وسمع بالتواتر أخبارها، فكأنه رآها “. وكذلك قوله تعالى:﴿ أََوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا ﴾يقتضي أن الذين كفروا رَأَوْا هذه الظاهرة العجيبة، إماعن طريق المشاهدة، أو عن طريق السماع. ولو لم يكونوا قد شاهدوها حقًّا، لما جاز خطابهم بهذا الخطاب، الذي يقتضي أن ما بعده قد وقع، وأنهم شاهدوه، أو شاهدوا آثاره، وسمعوا به. قال الفخر الرازي عند تفسير هذه الآية الكريمة:”اليهود، والنصارى كانوا عالمين بذلك؛ فإنه جاء في التوراة: إن الله تعالىخلق جوهرة، ثم نظر إليها بعين الهيبة، فصارت ماء، ثم خلق السموات، والأرض منها، وفتق بينها. وكان بين عَبَدَةِ الأوثان، وبين اليهود نوع صداقة بسبب الاشتراك في عداوةمحمد صلى الله عليه وسلم، فاحتج الله تعالى عليهم بهذه الحجة بناء على أنهم يقبلونقول اليهود في ذلك “. والخطاب في الآية الكريمة لم يكن مقتصرًا على الكفار في عصر النبوة من اليهود، والنصارى، وغيرهما؛ لأن المراد به العموم، فيشمل الكفار في كل زمان ومكان. فإن لم تكن الرؤية قد تحققت للكفار في العصور القديمة، فقد تحققت لهم في عصرنا هذا، فرأوا بأعينهم هذه الظاهرة العجيبة، التي أخبر الله تعالى عنها منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة مضت. ومذهب المفسرين أن الاستفهام في الآية الكريمة للتقرير؛ ولهذا قال الزمخشري:”فإن قلت: متى رأوْهما رَتقًا، حتى جاء تقريرهم بذلك؟ قلت: فيه وجهان: أحدهما: أنه واردٌ في القرآن، الذي هو معجزة في نفسه، فقام مَقام المَرْئِيِّ المُشاهَد. والثاني: أن تلاصق الأرض والسماءوتباينهما، كلاهما جائزٌ في العقل؛ فلا بدَّ للتباين دون التلاصق من مخصِّص؛ وهو القديم سبحانه “. وحَمْلُ هذا الاستفهام على التقرير لا يستقيم مع المعنى المراد من الآية الكريمة؛ لأن التقرير هو حَمْلُ المخاطب على أمر قد استقرَّ عنده، وعلم به، ثم جَحَدَه. وهؤلاء لم يَجْحَدوا ما علموا به، ولم ينكروا ما رأوه؛ ولكنهم بدلاً من أن يؤمنوا كفروا عنادًا واستكبارًا. وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ (البقرة:89) وهذا ما أنكره الله تعالى عليهم بقوله:﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا.. ﴾؟ لأن المتوقع ممن رأى هذه الظاهرة الكونية أن يعترف بوحدانية الخالق جل وعلا، وقدرته، وأن يؤمن به، ولا يشرك به أحدًا من خلقه؛ ولهذا أنكر عليهم سبحانه وتعالى كفرهم به، ثم وبخهم عليه في نهاية الآية بقوله:﴿أَفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾؟ http://www.55a.net/firas/ar_photo/8/...imeline300.jpg توصل علماء الفلك أن الكون كله كان مركزاً في كتلة صغيرة بحجم البيضة تم تسميتها بالبيضة الكونية ثم أنفجر هذا الكون لينتج عنه هذا الكون الفسيح وهذا أقرب ما يكون للتفسير القرآني لنشأة الكون ونحو ذلك قوله تعالى لإبراهيم عليه السلام:﴿أَوَلَمْ تُؤْمِن ﴾(البقرة:260). أي: قد ثبت إيمانك بإحياء الموتى، فلمَ تسأل ؟ مشيرًا بذلك إلى قوله:﴿رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى ﴾(البقرة:260)؟ فأنكر سبحانه وتعالى عليه سؤاله عن كيفية الإحياء؛ ولهذا أجاب إبراهيم عليه السلام بقوله:﴿بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ﴾(البقرة:260). وهذا الاستفهام لا يجوز حمله على استفهام التقرير، لما ذكرنا من أن التقرير هو حمْل المخاطب على الإقرار والاعتراف بأمر قد علمه، واستقرَّ عنده، ثم جحد به عنادًا واستكبارًا. يبين ذلك قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاءتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ *وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً﴾(النمل:14). |
ويؤكِّد العلماء المعاصرون من الكفار خاصة في أبحاثهم على أن الكون كله كان شيئًا واحدًا متصلاً من غاز، ثم انقسم إلى سَدائمَ، وأن عالمَنا الشمسي كان نتيجة لتلك الانقسامات. والسَّدائمُ جمع سَديمٍ، يراد به السحب،ويطلق فَلَكِيًّا على مجموعة هائلة من النجوم.
ويؤيدون أقوالهم بأنهم استدلوا على أن الشمس تتألف من سبعة وستين عنصرًا من عناصر الأرض، وأن عناصر الأرضتبلغ اثنين وتسعين عنصرًا، وسيزيد المستدل عليه من العناصر في الشمس، إذا ما ذللت الصعوبات، التي تقوم في هذا الشأن. ومن هذه العناصر: الهيدروجين، والهليوموالكربون، والآزوت، والأوكسجين، والفسفور، والحديد.. الخ. وقد استدلوا على ذلك كله بالتحليل الطيفي؛ وهو الذي يستدل به الكيمّاويون اليوم في معاملهم، على ماتحتويه المواد الأرضية من عناصر، يكشفون عن نوعها ومقدارها. فالعناصر، التي فيالشمس هي عينها في الأرض، والشمس نجم، يتمثل فيه سائر النجوم, والنجوم هي الكون. وهذا يعني: أن العناصر، التي بُنِيَ فيها الكون على اختلافها هي عناصر واحدة.. هذامن جهة. ومن جهة أخرى فإن النيازك هي الأشياء الملموسة الوحيدة، التي حصل عليهاالعلم من الفضاء الخارجي؛ فقد لاحظ العلماء أن أكثر العناصر شيوعًا في الأرض هيالعناصر الشائعة في النيازك الحجرية. وأما الحقيقة الثانية- وهي سِرُّ الحياة- فقد أشار إليها الشق الثاني من الآية الكريمة؛ وهو قوله تعالى:﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾. أي: أوجدنا من الماء كل شيء حيٍّ، وكوَّناه بقدرتنا. وقال تعالى:﴿وَجَعَلْنَا ﴾، ولم يقل:﴿خَلَقْنَا ﴾؛ لأن{جَعَلَ }لفظ عام في الأفعال. ولمَّا كان قوله تعالى:﴿ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾مرادًا به عموم المخلوقات، ناسب التعبير عنهبفعل يدلُّ على العموم. وقال تعالى- هنا-:﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾، وقال في سورة النور:﴿وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِن مَّاء ﴾(النور:45)، فعرَّفلفظ﴿الْمَاء﴾ في الأول، ونكَّره في الثاني. أما تعريفه في الأول فلأن المعنى: أن أجناس الحيوان كلها مخلوقة من هذا الجنس، الذي هو الماء، فجاء ذِكْرُ الماءِ- هنا- معرَّفًا بأل الجنسية؛ ليشمل أجناس المخلوقات المختلفةالأنواع. وأما تنكيره في الثاني فلأن المعنى: أن الله سبحانه خلق كل دابة من نوع مخصوص من الماء؛ وهو النطفة، ثم خالف بين المخلوقات، بحسب اختلاف نطفها: فمنهاهوامٌ، ومنها ناسٌ، ومنها بهائمٌ.. ﴿فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ ﴾(النور:45). وتحرير الفرق بين القولين: أن الغرض من الأولإظهار الآية بأن أشياء متفقة في جنس الحياة، قد تكونت بالقدرة من جنس الماء المختلف الأنواع. أما الغرض من الثاني فهو إظهار الآية بأن شيئًا واحدًا، قد تكونت منه بالقدرةأشياء مختلفة.. فتأمل أسرار الله تعالى في خلقه، وفي كلامه، الذي سجد لبلاغته وفصاحته البلغاء والفصحاء. محمد إسماعيل عتوك |
مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى الدكتور صالح محمد عوض أستاذ الجيوكيمياء في قسم علوم الأرض - كلية العلوم – جامعة بغداد – العراق هدف البحث: يهدف البحث إلى إثبات أن الأرض التي ذكرت في القرآن الكريم هي الأرض التي نحبا عليها الآن وليس المقصود منها أي من الكواكب الأخرى. وإثبات عدم ملائمة ظروف الكواكب السيارة والقمر للحياة أي بمعنى أخر انعدام الحياة على غير الأرض, (الحياة المشار إليها في هذا البحث لا تشمل الملائكة والجن والشياطين), والتأكيد على أن النجوم والكواكب هي زينة السماء الدنيا, وحفظاً لكوكب الأرض, وعلامات دالة للمواقيت والأماكن كما جاء في القرآن الكريم.كما أن أحد أهداف البحث هو الدعوى إلى اكتشاف الحقائق العلمية الرصينة الواضحة في القرآن والتصريح بها مبكراً إي قبل أن يكتشفها غير المسلمين. المقدمة: بدأت وقبل عشرات السنين عمليات غزو الفضاء لفك رموزه وسبر أغواره, إذ حاول العلماء جاهدين إيجاد إي نوع من الحياة على سطح القمر أو بعض كواكب المجموعة الشمسية (الكواكب السيارة), ورغم كل ما حققه العلم من نجاح في مجال دراسة الفضاء إلا أنهم فشلوا في مهمتهم الأساسية التي هي محاولة البحث عن الحياة في كواكب غير الأرض, والبحث عن مخلوقات فضائية كما يزعمون أنها تزور الأرض باستمرار ثم تختفي لما تملكه من تقنيات وحضارة متقدمة. يزودنا القرآن الكريم بمعلومات دقيقة ومتكاملة عن مراحل الخلق. لقد خلق الله الأرض وما فيها, وخلق أسباب الحياة كاملةً قبل أن يخلق الأنسان كما تشير الآية الكريمة: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ( البقرة -29).خلق الله تعالى سيدنا أدم عليه السلام من تراب والتراب أحد مكونات الأرض:إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (أل عمران: 59), وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ (الروم :20), إذ أن سيدنا آدم هو أول إنسان خلقه الله تعالى بعد أن حاور الله سبحانه وتعالى ملائكته وأخبرهم بشأن خلق الإنسان الذي سيكون خليفةً في الأرض, وليس في مكان أو كوكب أخر, وكما صرحت بذلك الآية الكريمة الآتية:وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ( البقرة-30). على ضوء أهداف مشاريع علماء الغرب وطموحاتهم وما يسعون إليه جاهدين للبحث عن حياة جديدة على كوكب جديد. أحاول من خلال هذا البحث أن أوضح الخطوط العريضة بمفهوم الدين الإسلامي لأسئلة كثيرة منها: هل هنالك حياة على كواكب أخرى, هل توجد حضارة متقدمة لسكان أسموهم بسكان الفضاء أو المخلوقات الفضائية التي تحدث عنها عنها شهود عيان, وتحدثت عنها بعض كتبهم ومجلاتهم, وترزخ أفلامهم عبر القنوات الفضائية للترويج لمثل هذه الأفكار المستوحاة من خيالهم العلمي. ثم هل يمكن نقل الحضارة من أمنا الأرض (التي منها خلقنا وفيها نموت ومنها نبعث أحياءً مرة أخرى) إلى كواكب مجاورة بحثاً عن مصادر الطاقة والتقدم والرقي. من أجل هذا كله, ولغرض فهم جميع جوانب الوضوع ذات العلاقة سوف أستعرض أهم خصائص القمر والكواكب وطبيعتها وظروفها مستلاً معظم المعلومات من تقارير علماء الغرب ونشرياتهم ووكالاتهم الفضائية, ومقارناً إياها بما ورد قي قرأننا الكريم قبل أكثر من 1400 سنة, لأوفر عليهم عناء ومشقة المغالاة في التفكير.مع التأكيد عدم شمول الملائكة والجن والشياطين بهذا البحث. الخصائص الطبيعية وظروف القمر وكواكب المجموعة الشمسية 1-القمر The Moon يبلغ قطر القمر 3484 كم, وتبلغ كتلته 1/18 من كتلة الأرض, إذ تبلغ قوة جذبه 1/6 قوة جذب الأرض. أي أن الشخص الذي وزنه 60 كغم على سطح الأرض يصبح وزنه 10 كغم على سطح القمر. من هنا يتبين عدم كفاءة حقل جادبية القمر في تكوين غلاف غازي حوله. يدور القمر أهليليجياً حول الأرض ويكمل دورة واحدة حول نفسه خلال شهر قمري واحد يستغرق 29.53يوماً. وهذا يعني أن اليوم القمري يساوي 29.53يوماً من أيامنا, أي أن معدل طول فترة النهار تساوي 14.7يوم وكذلك الليل. أثبت رواد الفضاء انعدام الماء على سطح القمر وانعدام الغلاف الغازي, يبلغ معدل درجة حرارة النهار على سطح القمر107 درجة مئوية, فيما يبلغ معدل درجة http://www.55a.net/firas/ar_photo/5/...005_resize.jpg حرارة الليل -153 درجة مئوية. في ظروف إختزال الجاذبية إلى سدس جاذبية الأرض مع انعدام الأوكسجين والغلاف الغازي, وانعدام الماء, وتطرف درجات الحرارة بين الليل والنهار ما بين الغليان وتحت الإنجماد بكثير, فضلاً عن التضاريس غير المعهودة على سطح الأرض, إذ أن سطحة عرضة لضربات نيزكية شديدة. يرجح استحالة الحياة على سطح القمر.يرجحالعلماءاستحالة الحياة على سطح القمر صورة للقمر من على الأرض 2-عطارد Mercury هو أقرب الكواكب إلى الشمس, وأصغرها حجماً, يكمل دورانه في مداره حول الشمس أسرع من جميع الكواكب الأخرى, إذ يستغرق 88 يوماً فقط وهذا يعني إن سنته تساوي 88 يوماً , ويحتاج إلى 59 يوماً ليكمل دورته حول نفسه. من هنا يتبين إن يوماً واحداً على سطح عطارد يعادل 59 يوماً من أيامنا المعروفة. بسبب قلة جاذبيته فهو لا يمتلك غلاف غازي, تغير ويتغير سطحه بسبب القصف النيزكي الشديد والمستمر, سطحه مرصع بالفوهات البركانية الكبيرة والحفر النيزكية العملاقة المخيفة. تبلغ درجة حرارة سطحه في جانب النهار 467 درجة مئوية, فيما تنخفض في جانب الليل لتصل إلى -183 درجة مئوية.من هنا يتضح استحالة الحيلة على سطح هذا الكوكب. 3-الزهرة Venus تمتلك كتلة أكبر من الارض بقليل, يحيط بها غلاف غازي كثيف عالي الأنعكاسية, لذلك فهو يعكس ضوء الشمس الساقط عليه بنسبة عالية, إذ لا يمكن مشاهدة سطحها بشكل مباشر بسبب كثافة الغلاف الغازي الغيمي المحيط بها. هي أقرب جيران الأرض وتشبه الأرض إلى حد ما من حيث الحجم والكتلة والكثافة. تدور عكس دوران الارض بسرعة بطيئة جداً, فهي تكمل دورانها حول نفسها في 243 يوم من أيامنا, لذلك فأن يوم الزهرة يساوي 243 يوم http://www.55a.net/firas/ar_photo/7/...Venus-real.jpg من أيامنا, فيما تكمل دورانها في مدارها حول الشمس في 223 يوم من أيامنا, أي أن سنة الزهرة تساوي 223. وهذا يبين أن يوم الزهرة أطول من سنتها, وهذا لا يتفق مع ناموس الحياة. يتكون سطحها من تضاريس غاية في الوعورة, إذ يتشكل من السلاسل الجبلية الشاهقة والوديان العميقة الخانقة والفوهاة البركانية والحفر النيزكية. يتكون غلافها الغازي من ثاني أوكسيد الكربون بنسبة 97% ومن النتروجين صورة لكوكب الزهرة والهليوم بنسبة 1-2%, والباقي يمثل الهليوم والهيدروجين والأركون وقليل جداً من بخار الماء والأوكسجين وبخار حامض الكبريتيك. يبلغ الضغط الجوي على سطح الزهرة بقدر90 مرة من الضغط الجوي على سطح الأرض.تبلغ حرارة سطح الكوكب 457 درجة مئوية. إن استحالة الحياة واضحة هنا. |
-الأرض The earth
الأرض هو كوكب الحياة الأوحد, تكمل دورتها حول نفسها خلال 23 ساعة و56 دقيقة, وتكمل دورانها في مدارها حول الشمس في 365.26يوم. أي أن يومها يساي 24 ساعة تقريباً وسنتها تساوي 366 يوماً تقريباً. في الوقت الذي تدور فيه الأرض حول الشمس في مدار بيضوي فأنها تدور حول نفسها حول محور مائل بدرجة 23 درجة و27 دقيقة, وهذا ما أكسبها تنوع مناخي لطيف. لها مجال جذبي معتدل فهو يمسك بغلاف غازي فيه كل أسباب الحياه وحمايتها, حيث يتولد المجال المغناطيسي بفعل دوران لب الأرض الداخلي الصلب المكون أساساً من الحديد الذي يدور ضمن لب الأرض الخارجي السائل . تشكل المياه 3/4 من مساحة سطح الأرض تقريباً والباقي يمثل اليابسة. يبلغ معدل درجة الحرارة على سطح الأرض 25 درجة مئوية, إذ أن هذه الدرجة منعشة للحياة مع وجود التنوع الحراري في أرجاء الأرض المختلفة والتنوع الفصلي والتنوع بين الليل والنهار, والتنوع البيئي, وكلها من أسباب الحياة وليس من أسباب فنائها. من أبرز مقومات الحياة وديمومتها هو الألفة والتنناغم الطبيعي بين الحيوان والنبات والجماد وفق قوانين الهداية: قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (طه:50). هذا التناغم يمكن إبرازه على سبيل المثال لا الحصر بدورة الأوكسجين, وثاني أوكسيد الكربون, والماء في الطبيعة. http://www.55a.net/firas/ar_photo/8/...391_resize.jpg وهي على العكس من بقية الكواكب. بما أن الجمال من العناصر المهمة في الحياة, إذ ذكره الله تعالى في الآية الكريمة: وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (النحل:6), ونحن نعيش على سطح الأرضكم بوسعنا أن ندرك جمال المخلوقات من حولنا, إذ نستشعره ونحس به ونراه على سطح الأرض في الإنسان والحيوان والنبات والجماد, وفي كل عناصر البيئة الطبيعية, فضلاً عن ما بنته الحضارة الإنسانية وعمرت بها الأرض. أما من الفضاء فإن الأرض تبدو بلون أزرق موشح بالبياض بسبب مياه المحيطات وغيوم بخار الماء. لا يوجد مثل هذا الجمال على سطح أي من الكواكب التي وطأها الإنسان, لكن الكواكب في غاية الجمال حين تنظر اليها من الأرض لا حين تطأ سطحها, لأنها زينة السماء الدنيا إذ أشار القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة:يتبين أن الأرض هي المقر المفضل والوحيد للحياة الدنيا وأن كل ما في الكون مسخر بمشيئة الله سبحانه وتعالى لخدمة الإنسان وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (الملك:5). من هنا يتبين أن الأرض هي المقر المفضل والوحيد للحياة الدنيا وأن كل ما في الكون مسخر بمشيئة الله سبحانه وتعالى لخدمة الإنسان وفائدته, وليودي رسالته التي خلقه الله من أجلها. 5-المريخ Mars يمتلك كتلة أكبر من كتلة الأرض بقليل, لكن كثافته أقل من كثافة الأرض, مغطى بالجليد عند منطقة القطب, إذ رصدت أحد التلسكوبات هذه المناطق البيضاء التي تنمو وتكبر وتذوب وتتكسر بحسب الظروف المناخية الفصلية. للمريخ غلاف غازي غير سميك تبلغ كثافته 1/100 من من كثافة الغلاف الغازي المحيط بالأرض, يتكون من غاز ثاني أوكسيد الكربون بالدرجة الأساس فضلاً عن وجود الأركون الذي يشكل نسبة 20%, ونسبة قليلة جداً من النتروجين وبخار الماء. يسمح غلافه الغازي بنفاذ الإشعاعات الكونية المختلفة ومنها فوق البنفسجية التي تصل إلى سطحه. يكمل دورانه حول نفسه في 24 ساعة, أي أن يومه يساوي يومنا على الأرض. يكمل دورانه http://www.55a.net/firas/ar_photo/5/...3mars-full.jpg في مداره حول الشمس في 688 يوم من أيامنا, إي أن سنة المريخ تعادل 688 يوم من أيامنا. يحلم العلماء بوجود الحياة على سطح المريخ ويأملون ذلك. إذ فسروا الصور التي أظهرت تغيرات لونية مع الفصول على أنها نباتات. وفسروا المناطق البيضاء على أنها ثلوج, وفسروا المناطق البرتقالية على أنها صحاري. ولكن بالحقيقة هذا لا يكفي للحياة حتى صورة لكوكب المريخ وان كان تفسيرهم دقيقاً وصحيحاً, لأن معوقات الحياة أكثر من مسبباتها على سطح الكوكب, فمثلاً درجة الحرارة على سطح المريخ -50 درجة مئوية. إي أن كل شيء على سطحة متجمد. ويزعم العلماء أن الثورات البركانية تسبب ذوبان الثلوج ورفع درجة الحرارة نسبياً. لكن الحقيقة نحتاج إلى ثورات بركانية في معظم أرجاء المريخ لتعديل حررة السطح, وهذا بدوره يؤدي إلى تلوث الكوكب بالغازات والأبخرة السامة المنبعثة مع الحمم البركانية, ومن ثم قتل الحياة إن وجدت. أشارت بعض الدراسات إلى وجود حياة بدائية, ووجود مستحاثات ضمن سطح المريخ إلا أن وكالة الفضاء الأمريكية ناسا (NASA)نفت صحة مثل هذه النتائج في عام 1996. 6-المشتري Jupiter http://www.55a.net/firas/ar_photo/6/240px-Jupiter.jpg هو أكبر كواكب المجموعة الشمسية, إذ تفوق كتلتة كتلة الأرض بمقدار 318 مرة, لكن كثافته أقل من كثافة الأرض. يكمل دورته حول نفسه في 9.6ساعة بسبب سرعة دورانه الشديدة, وهذا هو طول اليوم على المشتري, وهوصورة لكوكب المشتري أقصر من يومنا المعروف. يكمل المشتري دورانه في مداره حول الشمس في 11.86سنة, وهذه هي سنة المريخ. من هنا نستنتج إن عدد أيام سنة المشتري هو 10852 يوم من أيام المشتري, وأن سنته تساوي 4341 يوماً من أيامنا. التركيب الداخلي للمشتري غير معروف, توجد العديد من الطفوح البركانية على سطحه شاهقة الارتفاع تصل إلى 250 كم علواً. رصد أكثر من 100 بركان نشط على سطحه. معظم سطحة مغطى بغازات غيمية الهيئة, كثيفة القوام, ملونة. تبلغ درجة الحرارة على سطحه -130 درجة مئوية. معظم غلافه الغازي هو هيدروكربون ( إيثان وأستلين). 7-زحل Saturn أن كثافة هذا الكوكب أقل من كثافة الماء, إذ تبلغ (0.7) غم/سم3, وكتلته تفوق كتلة الأرض 95 مرة. معظم الكوكب يتكون من غاز الهيدروجين, الذي يحاط بغلاف غازي غني بالهيدروجين, ويحتوي على كتل ضخمة من الغيوم التي تدور بسرعة مكونة عواصف على سطح الكوكب. http://www.55a.net/firas/ar_photo/8/...et29_large.jpg يحزم الكوكب حلقة من جزيئات ثلجية ضخمة الحجم. المناطق المحيطة بخط إستواءه متكونة من الأمونيا المنجمدة. يكمل دورته في مداره حول الشمس في 30 سنة , وهذا يعني أن سنة زحل تساوي 30 سنة من سنواتنا المعروفة.سريع البرم, إذ يكمل دورتة حول نفسه خلال 9.6ساعة وهذا هو مقدار يومه. من هنا نستنتج أن عدد أيام سنة زحل تساوي 26956 يوم. سطحة قارص البرد, إذ تبلغ درجة حرارة سطحه -185 درجة مئوية.إن هذه الظروف تؤكد إستحالة الحياة على سطح زحل. صورة لكوكب زحل 8-أورانوس Uranus تفوق كتلته 15 مرة كتلة الأرض. يدور بإتجاه معاكس لدوران الكواكب الأخرى, إذ ينفرد مع كوكب الزهرة في هذه الصفة وذلك لأن محور دورانه يميل بزاوية 98 درجة عن الخط الشاقولي. سريع البرم, إذ يكمل دورانه حول نفسه خلال 11 ساعة, لذا فأن طول يومه هو 11 ساعة. يكمل دورانه في مداره حول الشمس خلال 84 سنة, وهذا يعني أن سنته تساوي 84 سنة من سنواتنا المعروفة. من هنا نستنتج أن عدد أيام سنة أورانوس تساوي 73786 يوم. يتالف غلافه الغازي بصورة رئيسة من الميثان, إذ أن الغيوم الكثيفة على سطحه ما هي إلا عبارة عن ثلوج متراكمه من الميثان. تهب عواصف عملاقة وسريعة جداً على سطح الكوكب تحيط بالكوكب حلقة نحيفة , وضيقة , معتمة اللون. سطح الكوكب بارد ومتجمد, حيث تبلغ درجة الحرارة على سطحه -200 درجة مئوية. قلو وجد الأوكسجين على هذا الكوكب لاحترق الكوكب من أول اصطدام نيزكي لأن غلافه الغازي عبارة عن غاز الميثان. إن هذه معلومات الكوكب وحرارة سطحه البالغة -200 درجو مئوية تتحدث عن نفسها مشيرةً إلى استحالة الحياة. 9-نبتون Neptune أكبر من الأرض, إذ تفوق كتلتة 17 مرة كتلة الأرض. تبلغ كثافتة 1.6من كثافة الماء. سريع البرم, يكمل دورانه حول نفسه خلال 14.4ساعة أي أن يومه 14.4 ساعة. أما دورته حول الشمس فيكملها في 165 سنة, لذا فإن عدد أيام سنة نبتون يساوي 100650. له غلاف غازي يتكون معظمه من الميثان, سطحه شديد البرودة إذ تبلغ حرارته -215 درجة مئوية. إن مصير أمل العثور على الحياة على سطح هذا الكوكب على ضوء هذه المعلومات أمرا مستحيلاً. 10-بلوتو Pluto هو أصغر الكواكب السيارة, إذ يبلغ حجمه 2/3 من حجم القمر. يتوقع العلماء أن له غلاف غازي قليل http://www.55a.net/firas/ar_photo/5/...ystem_2006.jpg الكثافة يتكون معظمه من الميثان. سطحه يتكون من المثان المتجمد, تبلغ درجة حرارة سطح الكوكب -230 درجة مئوية. بلوتو الكوكب الوحيد الذي يدور في أكبر مدار أهليليجي لا يقع في المستوي الذي يضم مدارات كواكب المجموعة الشمسية, حيث ينحرف17 درجة. إن أمل اكتشاف الحياة على هذا الكوكب مطابق لأمل الحياة في أخوانه الكواكب الأخرى. صورة لكوكب بلوتو ملخص الخصائص والظروف الطبيعية لكواكب المجموعة الشمسية يمكن وصف الظروف الطبيعية على سطح القمر والكواكب السيارة بكونها ظروفاً غير مألوفة وقاسية بل أنها مميته وقاتلة, حيث أن بعض هذه الكواكب يتمتع بحقل جذبي ضعيف ينتج عنه انعدام للغلاف الغازي الذي يسمح للأشعاعات الكونية بالوصول إلى السطح مثل الأشعة فوق البنفسجية, كما يلعب دور كبير في تنظيم مقدار الضغط الجوي بالتناغم مع مقدار الجاذبية, وبعضها تمتاز بحقل جذبي شديد وغلاف غازي كثيف ذا طبيعة غيمية تعيق الرؤيا والحركة. كما يتميز الغلاف الغازي في بعض الكواكب السيارة بتكونه من غازات خانقة أو سامة كالأمونيا والميثان والأستيلين والهيدروجين والنتروجين وبخار حامض الكبريتيك وثاني أوكسيد الكربون وثاني أوكسيد الكبريت, ومن بين كل هذه المكونات لم نجد ذكراً واضحاً لوجود الأوكسجين والماء على الكواكب الأخرى, علماً انهما عنصرا الحياة الأساسيين: أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (الأنبياء:30). كما أن اختلاف نسب وجود هذه المكونات يعد معوقاً للحياة حتى في حالة افتراض وجود الأوكسجين والماء, هذا فضلاً عن العواصف شديدة السرعة الكثيفة القوام التي تهب على سطح بعض الكواكب السيارة, إذ تعد ظاهرة مدمرة بحد ذاتها. أن التضاريس غير المألوفة كالسلاسل الجبلية الشاهقة الشديدة الوعورة, والوديان العميقة, والحفر النيزكية العميقة الممتدة مئات الكيلومترات, والمخاريط والفوهات البركانية المنتشرة, والثورات البركانية المستمرة في بعض الكواكب السيارة هي طبيعة تتنافى مع منطق المعيشة. تتميز الكواكب السيارة القريبة من الشمس مثل عطارد والزهرة بارتفاع حرارة السطح إلى ما يفوق الغليان, بينما تتميز الكواكب البعيدة عن الشمس مثل المريخ والمشتري وزحل وأورانوس ونبتون وبلوتو بانخفاض شديد في درجات الحرارة إلى ما دون الصفر بعشرات ومئات الدرجات, هذا فضلاً عن الفارق الكبير في درجات الحرارة بين ليل ونهار الكوكب. إذا ما نظرنا إلى طبيعة اليوم في كل كوكب من ناحية طول نهاره وليله فإننا نجد في بعض الكواكب أياماً لا تتجاوز 10 ساعات كما في المشتري وزحل, بينما نجد أيامنا على سطح كواكب أخرى طويلة جداً كما في عطارد الذي يبلغ طول يومة 59 يوم من أيامنا, وفي الزهرة التي يبلغ طول يومها 243 يوم من أيامنا, هذا فضلاً عن الطبيعة غير المألوفة على سطح الكوكب إذ يكون اليوم أطول من السنة كما في كوكب الزهرة كما أسلفت. إذ أن طول يومها يساوي 243 يوم, أما سنتها فتعادل 223 يوم من أيامنا المعروفة على الأرض, حيث يعني هذا حدوث جميع التقلبات الفصلية في يوم واحد, وهذا يخرق القوانين المنطقية للحياة التي أوجدها الله لنا. بعض الكواكب محاطة بغازات سريعة الاحتراق مثل الهيدروجين والميثان والأستيلين. http://www.55a.net/firas/ar_photo/6/...lanets2006.jpg شكل توضيحي للمجموعة الشمسية وهي تدور حول الشمس |
-الأرض The earth
الأرض هو كوكب الحياة الأوحد, تكمل دورتها حول نفسها خلال 23 ساعة و56 دقيقة, وتكمل دورانها في مدارها حول الشمس في 365.26يوم. أي أن يومها يساي 24 ساعة تقريباً وسنتها تساوي 366 يوماً تقريباً. في الوقت الذي تدور فيه الأرض حول الشمس في مدار بيضوي فأنها تدور حول نفسها حول محور مائل بدرجة 23 درجة و27 دقيقة, وهذا ما أكسبها تنوع مناخي لطيف. لها مجال جذبي معتدل فهو يمسك بغلاف غازي فيه كل أسباب الحياه وحمايتها, حيث يتولد المجال المغناطيسي بفعل دوران لب الأرض الداخلي الصلب المكون أساساً من الحديد الذي يدور ضمن لب الأرض الخارجي السائل . تشكل المياه 3/4 من مساحة سطح الأرض تقريباً والباقي يمثل اليابسة. يبلغ معدل درجة الحرارة على سطح الأرض 25 درجة مئوية, إذ أن هذه الدرجة منعشة للحياة مع وجود التنوع الحراري في أرجاء الأرض المختلفة والتنوع الفصلي والتنوع بين الليل والنهار, والتنوع البيئي, وكلها من أسباب الحياة وليس من أسباب فنائها. من أبرز مقومات الحياة وديمومتها هو الألفة والتنناغم الطبيعي بين الحيوان والنبات والجماد وفق قوانين الهداية: قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (طه:50). هذا التناغم يمكن إبرازه على سبيل المثال لا الحصر بدورة الأوكسجين, وثاني أوكسيد الكربون, والماء في الطبيعة. http://www.55a.net/firas/ar_photo/8/...391_resize.jpg يتبين أن الأرض هي المقر المفضل والوحيد للحياة الدنيا وأن كل ما في الكون مسخر بمشيئة الله سبحانه وتعالى لخدمة الإنسان وهي على العكس من بقية الكواكب. بما أن الجمال من العناصر المهمة في الحياة, إذ ذكره الله تعالى في الآية الكريمة: وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (النحل:6), ونحن نعيش على سطح الأرضكم بوسعنا أن ندرك جمال المخلوقات من حولنا, إذ نستشعره ونحس به ونراه على سطح الأرض في الإنسان والحيوان والنبات والجماد, وفي كل عناصر البيئة الطبيعية, فضلاً عن ما بنته الحضارة الإنسانية وعمرت بها الأرض. أما من الفضاء فإن الأرض تبدو بلون أزرق موشح بالبياض بسبب مياه المحيطات وغيوم بخار الماء. لا يوجد مثل هذا الجمال على سطح أي من الكواكب التي وطأها الإنسان, لكن الكواكب في غاية الجمال حين تنظر اليها من الأرض لا حين تطأ سطحها, لأنها زينة السماء الدنيا إذ أشار القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة: وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (الملك:5). من هنا يتبين أن الأرض هي المقر المفضل والوحيد للحياة الدنيا وأن كل ما في الكون مسخر بمشيئة الله سبحانه وتعالى لخدمة الإنسان وفائدته, وليودي رسالته التي خلقه الله من أجلها. 5-المريخ Mars يمتلك كتلة أكبر من كتلة الأرض بقليل, لكن كثافته أقل من كثافة الأرض, مغطى بالجليد عند منطقة القطب, إذ رصدت أحد التلسكوبات هذه المناطق البيضاء التي تنمو وتكبر وتذوب وتتكسر بحسب الظروف المناخية الفصلية. للمريخ غلاف غازي غير سميك تبلغ كثافته 1/100 من من كثافة الغلاف الغازي المحيط بالأرض, يتكون من غاز ثاني أوكسيد الكربون بالدرجة الأساس فضلاً عن وجود الأركون الذي يشكل نسبة 20%, ونسبة قليلة جداً من النتروجين وبخار الماء. يسمح غلافه الغازي بنفاذ الإشعاعات الكونية المختلفة ومنها فوق البنفسجية التي تصل إلى سطحه. يكمل دورانه حول نفسه في 24 ساعة, أي أن يومه يساوي يومنا على الأرض. يكمل دورانه http://www.55a.net/firas/ar_photo/5/...3mars-full.jpg صورة لكوكب المريخ في مداره حول الشمس في 688 يوم من أيامنا, إي أن سنة المريخ تعادل 688 يوم من أيامنا. يحلم العلماء بوجود الحياة على سطح المريخ ويأملون ذلك. إذ فسروا الصور التي أظهرت تغيرات لونية مع الفصول على أنها نباتات. وفسروا المناطق البيضاء على أنها ثلوج, وفسروا المناطق البرتقالية على أنها صحاري. ولكن بالحقيقة هذا لا يكفي للحياة حتى وان كان تفسيرهم دقيقاً وصحيحاً, لأن معوقات الحياة أكثر من مسبباتها على سطح الكوكب, فمثلاً درجة الحرارة على سطح المريخ -50 درجة مئوية. إي أن كل شيء على سطحة متجمد. ويزعم العلماء أن الثورات البركانية تسبب ذوبان الثلوج ورفع درجة الحرارة نسبياً. لكن الحقيقة نحتاج إلى ثورات بركانية في معظم أرجاء المريخ لتعديل حررة السطح, وهذا بدوره يؤدي إلى تلوث الكوكب بالغازات والأبخرة السامة المنبعثة مع الحمم البركانية, ومن ثم قتل الحياة إن وجدت. أشارت بعض الدراسات إلى وجود حياة بدائية, ووجود مستحاثات ضمن سطح المريخ إلا أن وكالة الفضاء الأمريكية ناسا (NASA)نفت صحة مثل هذه النتائج في عام 1996. 6-المشتري Jupiter http://www.55a.net/firas/ar_photo/6/240px-Jupiter.jpg صورة لكوكب المشتري هو أكبر كواكب المجموعة الشمسية, إذ تفوق كتلتة كتلة الأرض بمقدار 318 مرة, لكن كثافته أقل من كثافة الأرض. يكمل دورته حول نفسه في 9.6ساعة بسبب سرعة دورانه الشديدة, وهذا هو طول اليوم على المشتري, وهو أقصر من يومنا المعروف. يكمل المشتري دورانه في مداره حول الشمس في 11.86سنة, وهذه هي سنة المريخ. من هنا نستنتج إن عدد أيام سنة المشتري هو 10852 يوم من أيام المشتري, وأن سنته تساوي 4341 يوماً من أيامنا. التركيب الداخلي للمشتري غير معروف, توجد العديد من الطفوح البركانية على سطحه شاهقة الارتفاع تصل إلى 250 كم علواً. رصد أكثر من 100 بركان نشط على سطحه. معظم سطحة مغطى بغازات غيمية الهيئة, كثيفة القوام, ملونة. تبلغ درجة الحرارة على سطحه -130 درجة مئوية. معظم غلافه الغازي هو هيدروكربون ( إيثان وأستلين). 7-زحل Saturn أن كثافة هذا الكوكب أقل من كثافة الماء, إذ تبلغ (0.7) غم/سم3, وكتلته تفوق كتلة الأرض 95 مرة. معظم الكوكب يتكون من غاز الهيدروجين, الذي يحاط بغلاف غازي غني بالهيدروجين, ويحتوي على كتل ضخمة من الغيوم التي تدور بسرعة مكونة عواصف على سطح الكوكب. http://www.55a.net/firas/ar_photo/8/...et29_large.jpg صورة لكوكب زحل يحزم الكوكب حلقة من جزيئات ثلجية ضخمة الحجم. المناطق المحيطة بخط إستواءه متكونة من الأمونيا المنجمدة. يكمل دورته في مداره حول الشمس في 30 سنة , وهذا يعني أن سنة زحل تساوي 30 سنة من سنواتنا المعروفة.سريع البرم, إذ يكمل دورتة حول نفسه خلال 9.6ساعة وهذا هو مقدار يومه. من هنا نستنتج أن عدد أيام سنة زحل تساوي 26956 يوم. سطحة قارص البرد, إذ تبلغ درجة حرارة سطحه -185 درجة مئوية.إن هذه الظروف تؤكد إستحالة الحياة على سطح زحل. 8-أورانوس Uranus تفوق كتلته 15 مرة كتلة الأرض. يدور بإتجاه معاكس لدوران الكواكب الأخرى, إذ ينفرد مع كوكب الزهرة في هذه الصفة وذلك لأن محور دورانه يميل بزاوية 98 درجة عن الخط الشاقولي. سريع البرم, إذ يكمل دورانه حول نفسه خلال 11 ساعة, لذا فأن طول يومه هو 11 ساعة. يكمل دورانه في مداره حول الشمس خلال 84 سنة, وهذا يعني أن سنته تساوي 84 سنة من سنواتنا المعروفة. من هنا نستنتج أن عدد أيام سنة أورانوس تساوي 73786 يوم. يتالف غلافه الغازي بصورة رئيسة من الميثان, إذ أن الغيوم الكثيفة على سطحه ما هي إلا عبارة عن ثلوج متراكمه من الميثان. تهب عواصف عملاقة وسريعة جداً على سطح الكوكب تحيط بالكوكب حلقة نحيفة , وضيقة , معتمة اللون. سطح الكوكب بارد ومتجمد, حيث تبلغ درجة الحرارة على سطحه -200 درجة مئوية. قلو وجد الأوكسجين على هذا الكوكب لاحترق الكوكب من أول اصطدام نيزكي لأن غلافه الغازي عبارة عن غاز الميثان. إن هذه معلومات الكوكب وحرارة سطحه البالغة -200 درجو مئوية تتحدث عن نفسها مشيرةً إلى استحالة الحياة. 9-نبتون Neptune أكبر من الأرض, إذ تفوق كتلتة 17 مرة كتلة الأرض. تبلغ كثافتة 1.6من كثافة الماء. سريع البرم, يكمل دورانه حول نفسه خلال 14.4ساعة أي أن يومه 14.4 ساعة. أما دورته حول الشمس فيكملها في 165 سنة, لذا فإن عدد أيام سنة نبتون يساوي 100650. له غلاف غازي يتكون معظمه من الميثان, سطحه شديد البرودة إذ تبلغ حرارته -215 درجة مئوية. إن مصير أمل العثور على الحياة على سطح هذا الكوكب على ضوء هذه المعلومات أمرا مستحيلاً. 10-بلوتو Pluto هو أصغر الكواكب السيارة, إذ يبلغ حجمه 2/3 من حجم القمر. يتوقع العلماء أن له غلاف غازي قليل http://www.55a.net/firas/ar_photo/5/...ystem_2006.jpg صورة لكوكب بلوتو الكثافة يتكون معظمه من الميثان. سطحه يتكون من المثان المتجمد, تبلغ درجة حرارة سطح الكوكب -230 درجة مئوية. بلوتو الكوكب الوحيد الذي يدور في أكبر مدار أهليليجي لا يقع في المستوي الذي يضم مدارات كواكب المجموعة الشمسية, حيث ينحرف17 درجة. إن أمل اكتشاف الحياة على هذا الكوكب مطابق لأمل الحياة في أخوانه الكواكب الأخرى. ملخص الخصائص والظروف الطبيعية لكواكب المجموعة الشمسية يمكن وصف الظروف الطبيعية على سطح القمر والكواكب السيارة بكونها ظروفاً غير مألوفة وقاسية بل أنها مميته وقاتلة, حيث أن بعض هذه الكواكب يتمتع بحقل جذبي ضعيف ينتج عنه انعدام للغلاف الغازي الذي يسمح للأشعاعات الكونية بالوصول إلى السطح مثل الأشعة فوق البنفسجية, كما يلعب دور كبير في تنظيم مقدار الضغط الجوي بالتناغم مع مقدار الجاذبية, وبعضها تمتاز بحقل جذبي شديد وغلاف غازي كثيف ذا طبيعة غيمية تعيق الرؤيا والحركة. كما يتميز الغلاف الغازي في بعض الكواكب السيارة بتكونه من غازات خانقة أو سامة كالأمونيا والميثان والأستيلين والهيدروجين والنتروجين وبخار حامض الكبريتيك وثاني أوكسيد الكربون وثاني أوكسيد الكبريت, ومن بين كل هذه المكونات لم نجد ذكراً واضحاً لوجود الأوكسجين والماء على الكواكب الأخرى, علماً انهما عنصرا الحياة الأساسيين: أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (الأنبياء:30). كما أن اختلاف نسب وجود هذه المكونات يعد معوقاً للحياة حتى في حالة افتراض وجود الأوكسجين والماء, هذا فضلاً عن العواصف شديدة السرعة الكثيفة القوام التي تهب على سطح بعض الكواكب السيارة, إذ تعد ظاهرة مدمرة بحد ذاتها. أن التضاريس غير المألوفة كالسلاسل الجبلية الشاهقة الشديدة الوعورة, والوديان العميقة, والحفر النيزكية العميقة الممتدة مئات الكيلومترات, والمخاريط والفوهات البركانية المنتشرة, والثورات البركانية المستمرة في بعض الكواكب السيارة هي طبيعة تتنافى مع منطق المعيشة. تتميز الكواكب السيارة القريبة من الشمس مثل عطارد والزهرة بارتفاع حرارة السطح إلى ما يفوق الغليان, بينما تتميز الكواكب البعيدة عن الشمس مثل المريخ والمشتري وزحل وأورانوس ونبتون وبلوتو بانخفاض شديد في درجات الحرارة إلى ما دون الصفر بعشرات ومئات الدرجات, هذا فضلاً عن الفارق الكبير في درجات الحرارة بين ليل ونهار الكوكب. إذا ما نظرنا إلى طبيعة اليوم في كل كوكب من ناحية طول نهاره وليله فإننا نجد في بعض الكواكب أياماً لا تتجاوز 10 ساعات كما في المشتري وزحل, بينما نجد أيامنا على سطح كواكب أخرى طويلة جداً كما في عطارد الذي يبلغ طول يومة 59 يوم من أيامنا, وفي الزهرة التي يبلغ طول يومها 243 يوم من أيامنا, هذا فضلاً عن الطبيعة غير المألوفة على سطح الكوكب إذ يكون اليوم أطول من السنة كما في كوكب الزهرة كما أسلفت. إذ أن طول يومها يساوي 243 يوم, أما سنتها فتعادل 223 يوم من أيامنا المعروفة على الأرض, حيث يعني هذا حدوث جميع التقلبات الفصلية في يوم واحد, وهذا يخرق القوانين المنطقية للحياة التي أوجدها الله لنا. بعض الكواكب محاطة بغازات سريعة الاحتراق مثل الهيدروجين والميثان والأستيلين. http://www.55a.net/firas/ar_photo/6/...lanets2006.jpg شكل توضيحي للمجموعة الشمسية وهي تدور حول الشمس |
معنى الأرض التي ذكرت في القرآن الكريم
وردت كلمة الأرض في القرآن الكريم 281 مرة, موزعة ما بين الأرض وأرض وأرضاً, وكلها تشير إلى أن المقصود بها هي الكرة الأرضية التي نحيا عليها الآن, وليس أرض إي كوكب أخر أو جرم سماوي أخر. فقد صرح القرآن الكريم بخمسة أسماء فلكية عدا السموات, وهي الأرض والقمر والشمس والنجوم والكواكب وكذلك ذكر الشهب (شهاباً). فقد أطلق الله تعالى في كتابه المجيد تسمية الأرض على الكرة الأرضية بدليل آيات كثيرة منها: وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ( هود:44), أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (النمل-61). تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ( الشورى:5) وردت كلمة الشمس في القرآن الكريم 20 مرة, وكلها تشير إلى أن المقصود بها هو شمسنا المعروفة وليس شموس أخرى في مجرات أخرى. خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ ( الزمر:5) َلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هذا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (الأنعام:78), فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (طه:130) وردت كلمة القمر في القرآن الكريم 5 مرات وكلها أشارات واضحة إلى تابع الكرة الأرضية وهو قمرنا المعروف, ومن هذه الآيات الكريمات الأتي: هوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (يونس:5), وَخَسَفَ الْقَمَرُ (القيامة:8), فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ(الأنعام:77). وردت كلمة الكواكب في القرأن الكريم خمس مرات ما بين كوكب وكوكباً والكواكب, نورد منها ما ورد في الآيتين الكريمتين: وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ (الانفطار:2), إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (الصافات:6), قد يحتمل الأمر أن تشمل الأرض بهذا المعنىلأن الأرض هي كوكب في هذا الكون. وردت كلمة النحوم 6 مرات نورد منها الآيتين الكريمتين الأتيتين:فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (الواقعة:75), هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (الأنعام:97), ووردت كلمة النجم مرتين: النَّجْمُ الثَّاقِبُ(الطارق:3),وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى(النجم:1), والمرة الثالثة وردت كلمة النجم ولكن بمعنى مختلف عن موضوع البحث كما في الآية الكريمة:وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ(الرحمن :6). بعد التمعن الدقيق بمعان الآيات الكريمات اللاتي احتوين على كلمة الأرض التي وردت في القرآن الكريم, تبين أن الكرة الأرضية هي المقصودة أو ما يتعلق بسطحها, أي بمعنى أن كلمة الأرض لم تطلق على كوكب أخر غير الكرة الأرضية, وهذا يفهم من سياق الكلام كما في يا أرض إبلعي ماءك. كما تبين أن لفظة الشمس التي أشار إليها القرآن الكريم في مواقع متعددة تشير إلى شمسنا المعروفة وليس إلى شمس أخرى في مجرة أخرى والمعنى في الآية فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (طه:130) يشرح هذا بيسر. كما دلت لفظة القمر في القرآن الكريم على قمر الأرض وهو قمرنا المعروف ( قمر الأرض) وليس أي قمر أو جرم سماوي أخر. الأرض موطن الإنسان بعد أن تبين أن المقصود بكلمة الأرض التي وردت في القرآن الكريم هي الكرة الأرضية أو ما يتعلق بسطحها.فإن القرآن الكريم يشير وبوضوح إلى أنالكرة الأرضية التي نحيا عليها الآن هي موطن الحياةومستقر الإنسان إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها: إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ (مريم:40).سوف أسرد بعض الآيات القرآنية التي تبين العلاقة الصميمية بين الأرض ووجود الإنسان وحياته عليها: وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا ( نوح-17), قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ( الملك-24), قَالَ اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (الأعراف-24), قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( العنكبوت-20), قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (الأنعام-11),هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (الملك-15),اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاء بِنَاء وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (غافر -64), يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ(ص-26), قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (يوسف-55), وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ (هود-61), وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُواْ الأَرْضَ فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا (الإسراء: 104), وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ (الأعراف-74), لَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ (يونس-99), وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ (الأعراف-10), هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارًا ( فاطر-39). وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُون (الأنعام-38), وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (الأنعام-165), ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (يونس-14), أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ (النمل-62), ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (يونس-14), وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (هود-6), وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاء وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنتُمْ تَخْرُجُونَ (الروم-25), يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ (ق-44).وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ ( المعارج:43). تبين الآيات الكريمات في أعلاهكيف أنبت الله ألإنسان من الأرض, وكيف ذرأه فيها, وكيف مكن الله الإنسان من العيش على الأرض, وأمره أن يسكن عليها, ويسير فيها ويأكل من رزقها, وكيف جعل الناس والأمم خلائف فيها, وكيف وعدهم بأن يعيدهم فيها بعد موتهم, وكيف يخرجهم منها مرةً أخرى ساعة الحشر بعد أن تشقق الأرض عنهم, ثم يرث الله الأرض ومن عليها. |
جمال الكواكب دليل على انعدام الحياة فيها
تبدو الكواكب جميلة, فهي تمتلك جمالاً ساحراً عند النظر إليها من بعيد بالعين المجردة أثناء الليل, ومن خلال المراصد الفلكية العملاقة أيضاً, فقد تغنى الكثير من الشعراء بجمال الكواكب, وسمى الرومان عطارد بالإله الرسول الذي يسافر إلى السماوات في سرعة عظيمة على حد تعبيرهم لأنه يظهر كأنه مرافق للشمس, أفضل وقت لرؤيته في الشرق هو قبل شروق الشمس, وفي الغرب بعد غروب الشمس. سمى الرومان كوكب الزهرة بآلهة الحب والجمال بسبب شدة لمعانها, إذ تفوق شدة لمعانها المع النجوم ب50 مرة. أما بالنسبة للمريخ فلا متعة تضاهي متعة النظر إلى المريخ حسب رأي علماء الفلك, حيث يمتلك قمرين يدوران حوله. أما المشتري فتحيط به مجموعة حلقات خافتة وله 16 قمراً, وبسبب كتلته العظيمة فهو يسحب النيازك نحوه ويحمي الأرض. زحل من أجمل الكواكب ويسمى الكوكب الحلقي, إذ يحيط به طوق مائل عن الأفق بشكل حلقة تحزم الكوكب ويدور حوله23 قمر. أما أورانوس فله 15 قمر, يبدو غلافه الغازي بلون أخضر مائل الى الزرقة, أما نبتون فيمتلك 8 أقمار وبلوتو يمتلك قمراً واحداً. وقد تحدث القرآن الكريم عن هذا الموضوع وكما تبينه الآيتين الكريمتين: إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (الصافات:6), وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (الملك:5). من خلال هاتين الآيتين الكريمتين يتبين أن الكواكب والنجوم التي سماها القرآن الكريم بالمصابيح هي زينة السماء الدنيا, والسماء هو كل ما علاك, إذاً كل ما يسفلنا هو أرض, وبما أننا نعيش على الأرض (الكرة الأرضية), إذاً السماء هي سماء للأرض إذاً فهي تعلوها, وبما أن الأرض كروية الشكل وتسبح في الفضاء, إذاً فالسماء الدنيا تغلف الأرض وتحيط بها من كل الجهات بدليل الآيات الكريمات: أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ (ق:6), وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاء بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (الحجر:16), الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (البقرة:22),قل لَّوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلآئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاء مَلَكًا رَّسُولاً (الإسراء:95). وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ مِّنَ السَّمَاء وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ (يس:28) , إن عدد السماوات هي سبعة كما ورد في القرآن الكريم, تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (الإسراء:44). وهذا يعني أن السماء الدنيا هي السماء الأقرب إلى الأرض وهي التي يمكن رؤية الكواكب والنجوم فيها, وهي سماء للكرة الأرضية, والزينة لا بد أن تكون لناظر,إذاً الكواكب هي زينة لسكان الأرض الذين ينظرون إليها كل ليل. هذا الكوكب الجميل عندما يطأه الإنسان يفقد جماله وزينته, حيث ذكر رواد فضاء كثيرون أن الكواكب مخيفة حين تقترب منها وحين تصل إلى سطجها, على خلاف الأرض التي يشعرون بالطمانينة عند الاقتراب وتزداد طمأنينتهم كلما إقتربو منها حتى تسيطر عليهم السكينة بعد الهبوط عليها, إذ تتميز بجمال طبيعة سطحها. من هذا كله نستنتج أن هذه الكواكب تمتلك جمالاً ساحراً عند النظر إليها في الليل من الأرض أو أثناء النظر إليها من خلال المراصد الفلكية, بما أن جمالها لا يتحقق إلا أذا تم النظر اليها من مسافات بعيدة, وان القرآن أنزل لكل الناس, فهذه إشارة إلى أن الناس موجودون على سطح الكرة الأرضية حصراً. فضلاً عن كون الكواكب زينة السماء الدنيا فهي تمثل دروع واقية لحماية الأرض من القصف النيزكي العنيف, ومساهمتها الكبيرة في حفظ التوازن الجذبي, وفضلاً عن كونها رجوماً للشياطين, فقد وصفها القرآن الكريم على إنها حفظاً كما في الآية الكريمة: فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (فصلت:12). فهذا يعني أن الكواكب تتحمل الضربات النيزكية جراء اصطدام الأجرام السماوية المتنوعة بها, وتتحمل الإشعاعات الكونية المختلفة لتحمي الأرض وتقيها, وهذه إشارة إلى انعدام الحياة فيها. كل هذا يشير إلى وجود الحياة على سطح الكرة الأرضية ويؤكد انعدامها على غيرها. المناقشة والاستنتاجات من دراسة ملخص الخصائص الطبيعية للقمر ولكواكب المجموعة الشمسية المستقاة من الأبحاث العلمية التي المتخصصين والمعنيين بالفضاء ووكالات الفضاء العالمية مثل ناسا, ومن خلال التمعن في نتائج هذه الدراسات وربطها مع بعضها ومقارنتها مع الظروف الطبيعية الإعتيادية الملائمة لحياة الإنسان, وهي بلا شك ظروف الكرة الأرضية من حيث توفر عنصري الحياة وهما الماء والأوكسجينبالدرجة الإساس: أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (الأنبياء:30), تبين أن عناصر الحياة متوفرة على الكرة الأرضية ولم تتوفر على غيرها من الكواكب قيد الدراسة. وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ (الحجر:22), حيث أن الرياح في الأية الكريمة تدل على كل مكونات الغلاف الغازي المحيط بالأرض بنسبها المعروفة حيث أن الأوكسجين أحد مكوناته. إن من أشكال الحياة وضرورة ديمومتها هو التنقل والحركة هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (الملك:15) والذلولكما ورد في مختار الصحاح بمعنى الدابةوكذلك تأتي بمعنى الجاهزية وهذا مأخوذ من معنى الأية الكريمة: وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا (الإنسان:14), أي سويت عناقيدها ودليت.والأرض الذلول هي بمثابة الدابة الجاهزة والنافعة التي يركبها الإنسان وهذا المعني يبين إن الأرض متحركة وليس ساكنة, لأن ركوب الدابة (الذلول) الساكنة أو الواقفة بلا حركة لا ينفع, ولا يمكن أن يفعله أحد, لكن غاية الركوب هي الحركة, من هذا يتبين أن القرآن هو أول من أخبر بحركة الأرض, كما أخبر عن دورانها حول نفسها من خلال تعاقب الليل والنهار في أيات كثيرة قبل أكثر من 1400 سنة. كما أخبر بأن الأرض هي أفضل الكواكب في جاهزيتها للعيش والحياة. رغم كون الأرض كروية إلا أنها تبدو لساكنيا وكأنها منبسطة تسهل الحركة والانتقال لكل المخلوقات المائية والبرية والطائرة, إذ يمكن الحركة والانتقال براً وبحراً وجواً. وأن الله تعالى قد ذلل الأرض لنا حيث بسطها ومدها ومهدها, إذ قال الله تعالى: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا (نوح-19). وقال سبحانه وتعالى: وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (الرعد-3).وقال تعالى: الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (الزخرف-10). ومعنى المهاد هو الفراش كما جاء في مختار الصحاح, ومهد بمعنى بسط, وتمهيد الأمور تعني تسويتها وإصلاحها. لذا فأن هذه الأية الكريمة تشير إشارة صريحة إلى أن الله سبحانه وتعالى قد بسط الأرض وسواها وأصلحها لتكون المكان المناسب الذي أختاره الله للحياة. أن درجات الحرارة والرياح والضغط الجوي وتوزيع اليابسة والماء واختلاف المناخ خلال الفصول الأربعة ووجود النبات والحيوان بتناغم حياتي رائع, ونوعية الغلاف الغازي وطبقاته وكثافته, وتنوع البيئات المائية (البحرية والنهرية- المالحة والعذبة- العميقة والضحلة) وتنوع البيئات على اليابسة ( السهول والوديان والجبال والهضاب وكذلك الغابات والصحاري),وهبوب الرياح ونزول المطركلها آيات تؤدي دورها من أجل ديمومة الحياة وتذليل مصاعبها.إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ.(البقرة-164).كل هذه المتغيرات ما هي إلا أعضاء متعاونة تعمل بانسجام دقيق من شأنها أن توفر نسيجاً متكاملاً لتؤدي رسالتها التي أوجدها الله من أجلها: قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (طه:50). إن مثل هذا الانسجام والتناغم الحاصل بين عناصر الحياة المتنوعة غير موجود على كواكب أخرى. يبلغ طول اليوم الواحد على سطح الأرض 24 ساعة بمعدل 12 ساعة لكل من الليل والنهار وهذا هو أفضل توقيت للعمل في النهار والاستراحة في الليل. إن اعتدال ساعات النهار بما يتلائم مع قابلية الإنسان على العمل وما يساويها تقريباً من ساعات الليل لتكون كافية لراحة الإنسان وإزالة التعب لما لحق به من عناء في النهار, جسدها القرأن في الآية الكريمة: وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا. وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا ( النبأ:10-11). حيث أن مثل هذه الظروف لم تتوفر في كواكب أخرى. فهل من المعقول أن يعمل الإنسان متواصلاً لمدة 121 يوماً وهو ما يعادل نهار الزهرة , ثم بعدها يأتيه الليل لينام 121 يومأً وهو ما يعادل ليل الزهرة. أو هل من المعقول أن ينام الإنسان 5 ساعات (التي هي تمثل ليل المشتري وزحل وأورانوس وبلوتو) بعد كل 5 ساعات عمل (التي هي تمثل نهار المشتري وزحل وأورانوس وبلوتو). أن طبيعة خلق الإنسان مصممة من قبل الخلاق العظيم لتنسجم وتتوافق مع طبيعة الأرض وظروفها. إن إمكانية تطبيق شريعة الله في الأرض واستحالة إمكانية تطبيقها في كواكب الأخرى تدعو وبكل يقين إلى أن الأرض هي المكان الأوحد الذي يمكن أن تؤدى عليه فرائض الله. فرض الله عبادات على البشر كالصلاة والصوم والحج ولكل منها مواقيت معلومة. فرض الله خمس صلوات في اليوم هي صلاة الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء وكل من هذه الصلوات لها وقت معلوم. فكيف نستطيع أن نتصور أن يصلي أنساناً على سطح أحد الكواكب الذي يطول يومه الواحد إلى 243 يوم من أيامنا ( تخيل كم يوم بين صلاة وصلاة بل كم شهر), ثم كيف له أن يعرف مواقيت الصلاة, وكيف يتجه إلى القبلة التي هي موقعها المعروف على سطح الأرض, ثم هل يستطيع أن يبقى الإنسان يقظاً لمدة 243 يوم ثم يأتيه الليل لينام مدة 243 يوم. وكذا الحال إذما قصر الوقت في كواكب أخرى. أما بالنسبة إلى فريضة الصوم (صوم رمضان) التي هي شهر واحد, فإذا كان طول اليوم الواحد على أحد الكواكب التي فتش العلماء عن الحياة فيها يساوي 243 يوم من أيامنا, إذاً الشهر على ذلك الكوكب يساوي 243 X30 = 7290 يوم أي ما يعادل 20سنة تقريباً من سنيننا المعروفة, فهل يستطيع الإنسان أن يصوم لمدة 20 سنة متتالية, علماً أن طول سنة هذا الكوكب أقصر من يومه إذ تساوي 223 يوماً, ( معادلة غير معقولة), ثم كم هو عمره ليشهد رمضان القادم الذي سوف يحل عليه بعد 20 x11= 220 عاماً تقريباً, أم يكون صومه بحسب طول سنة الكوكب التي هي أقل من طول يومه وبالتالي فلا قيمة لليوم هناك ولا لتعاقب الليل مع النهار, ثم كيف يعرف ميقات الأشهر على الكواكب الأخرى, علماً إن هذه المواقيت معلومة لدينا على سطح الأرض بدقة متناهية وهي محكومة بالأوضاع المختلفة للأرض والقمر نسبةً إلى الشمسوقد أخبرنا القرآن الكريم بهذه الحقائق:هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ( يونس:5). يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(البقرة:189). |
أما الحج فلا يمكن تأديته في أي كوكب أخر لأن البيت الحرام والكعبة المشرفة في مكة المكرمة التي هي على سطح الأرض. فلو كانت الحياة ممكنة على أي من الكواكب غير الأرض ولو توفرت عناصرها وأسبابها لفرضت عبادات على أهل الأرض قابلة للتطبيق في تلك الكواكب لأن خالق الكون ومالكه هو الله الذي لا إله إلا هو وهو بكل شيء خبير. أخبرنا القرأن أن النجوم بصورة عامة هي العلامات الإرشادية الثابتة للإتجاهات والمواقع والتي يمكن مشاهدتها من قبل كل الناس وفي كل أرجاء الأرض, :هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (الأنعام-97).
الشمس هي مصدر الطاقة والضوء في عالمنا, والقمر يستمد نوره منها ويعكسه إلينا وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (نوح:16)لنراه, لأن رؤية القمر من ضرورات الحياة, فهو يولد هلالاً ثم يكبر تدريجياً ويتغير شكله ليصبح بدراً بعد 13.66يوم, ثم يعود ليصغر ويصبح هلالاً بعد 27.32من ولادته, ومن ثم يختفي فيصبح محاقاً. إن هذه الدقه المتناهية ما هي إلا ناتج عمليات عظيمة لحركة كتل ضخمة كالشمس والأرض والقمر في مدارات خطط لها بعناية فائقة. حيث أشار القرأن الكريم إلى هذه الحقيقة من خلال الآية الكريمة: لا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (يس:40).وما أشكال القمر المختلفة على مدار الشهر إلا انعكاس لمقدار الضوء الساقط مباشرة من الشمس على القمر حيث تؤدي الأرض دورها في إظهار شكل القمر الذي ينبغي أن يكون علية في كل لحظة من خلال اعتراضها لمسار ضوء الشمس, من هنا يتبين إن الشمس مصدر الطاقة والإضاءة, وأن القمر جندي من جنود الله شانه شأن المخلوقات الأخرى, يؤدي رسالته في هذه الحياة وكما قال الله تعالى في محكم كتابه: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ. ( يونس:5).أي ليعلم الناس مواقيتهم من خلال رؤيتهم لمنازل القمر إي أشكاله المتنوعة خلال الشهر القمري الواحد, وتبين الأية ضمناً أن لولا ضياء الشمس لما كان للقمر منازل وهذه حقيقة علمية فلكية راسخة. وبما أن القمر المشارإليه في الأية الكريمة هو تابع الأرض إي قمرنا المعروف, لذا فأن الخطاب موجه لسكان الكرة الأرضية في قوله لتعلموا عدد السنين والحساب.إذاً القرآن يخاطب أهل الأرض. ربط القرأن الكريم بين الأهلة وبين الحج في خطاب موجه للناس من خلال الأية الكريمة: َيسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.(البقرة:189),علماً ان الحج أحد العبادات المرتبطة بزمان ومكان فأما الزمان فيرتبط بقمر الأرض, وأما المكان فيرتبط بالأرض وتحديداً مكة المكرمة والكعبة المشرفة وما حولها. بما أن القرآن أخبرنا بكل هذه الحقائق وهو خاتم الكتب السماوية ونزل هدايةً للبشرية جمعاء, فأن إمكانية تطبيق تعليماته تشير إلى أن الكرة الأرضية هي المكان الأوحد المناسب لحياة الناس, لذا يمكن أن نستبعد حياة أخرى في كواكب أخرى لأن كل ما في الكون مسخر لخدمة الإنسان, فما فائدة حياة بدائية مثلاً لأحادية الخلية في المريخ على سبيل المثال. أما إذا ما ناقشنا طبيعة التضاريس وظروف المناخ على غير الأرض فهي في غاية القسوة, وإنها لا تلائم العيش إطلاقاً فكيف يعيش إنساناًً في درجات حرارية تفوق درجة غليان الماء بكثير وأن خلايا جسمة تتكون بنسبة 80% من الماء, وكيف يعيش إنساناً في درجات حرارية منخفضة جداً تتصلب فيها حتى الغازات.إن بعض الكواكب يتكون غلافها الغازي من غازلت سريعة الاشتعال مثل الميثان والأستيلين والهيدروجين,إذ يمكن لأي نيزك يضرب هذا الكوكب أن يحرقه بأكمله, إلا أن هذا لم يحدث بسبب غياب الأوكسجين ( عنصر الحياة). فإذا غاب عنصر الحياة غابت الحياة ذاتها. من الشواهد على استحالة الحياة في الكواكب الأخرى غير الأرض هو متطلبات رحلة السفينة الفضائية, فهي تصنع بدقة من مواد خاصة كما أن ملابس روادها تصنع من مواد خاصة ويتزودون بمقومات الحياة التي يأخذونها من الأرض كزاد لهم يمدهم بالحياة لفترة قصيرة بمشيئة الله, وإن كل رحلة فضائية لها تكاليفها الباهضة. إن ضعف الحقل الحذبي وشدة الحقل الجذبي نسبة لحقل الأرض الجذبي عاملان يشيران باتجاه قلة احتمالية وجود حياة على كواكب غير الأرض بل يشيران إلى انعدامها. ينتج عن ضعف الحقل الجذبي غلاف غازي قليل الكثافة أو معدوم وهذا يعرض سطح ذلك الكوكب للقصف الإشعاعي القادم من كل صوب فلنتأمل ثقب طبقة الأوزون في منطقة ضيقة فوق القطب الجنوبي وما عرض الكرة الأرضية للأخطار الناجمة من نفاذ الأشعة فوق البنفسجية, ومدى التثقيف والدورات والمؤتمرات التي عقدت في هذا المجال لإيجاد الحلول المناسبة والمحافظة على طبقة الأوزون. أما شدة الحقل الجذبي في بعض الكواكب فقد يتسبب في إنشاء غلاف غازي كثيف وضغط عالي, ويكون سطح ذلك الكوكب مرتع للقصف النيزكي بكل أشكاله, ومن ثم فهو مدمر للحياة حتى وإن توفرت أسبابها. تشير الصور الواردة من مختلف هذه الكواكب إلى أن سطوحها عرضة للقصف النيزكي فهي مليئة بالحفر النيزكية الضخمة التي تصل إلى مئات الكيلومترات, في حين نجد أن القرأن الكريم قد أشار إلى هذه الحقيقة من خلال آيات كريمات وردت في متن هذا البحث وأوضحت أن هذه الكواكب هي مصابيح وحفظاً. خاتمــة بعد استعراض الحقائق العلمية التي توصل إليها علماء الغرب من أجل العثور على الحياة خارج كوكب الأرض والتي كلها باءت بالفشل, واستعراض بعض آيات القران الكريم. تبين أن الكرة الأرضية هي كوكب الحياة الأوحد الذي تتوفر فيه عناصر الحياة وسبل العيش على أفضل وجه. وأن النجوم والكواكب غير صالحة للحياة, ولا يمكن تطبيق أهم العبادات عليها, بل هي زينة السماء الدنيا, التي هي أقرب سماء إلى الكرة الأرضية, حيث قال بعض رواد الفضاء في وصفهم لسطح الكواكب بأنه مخيف, وهذا دليل على أن الكواكب تبدي زينتها من بعيد في إنارتها للأرض وعكسها لضوء الشمس, وتفقد هذه الزينة عند النزول على سطحها, وكما أخبر القرأن بذلك. وأن كل ما نراه من كواكب ونجوم على مد بصرنا يقع ضمن نطاق السماء الدنيا, وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ( الذريات:47), وهذا يشير إلى سعة الكون. أن الكواكب هي دروع واقية وحافظة للحياة على الأرض وأنها تؤدي مهمتها في التوقيت والاهتداء وكما أخبر القرآن الكريم. وما هذا كله إلا بعض نعم الله علينا. فلنتأمل كل شيء حولنا, فهو مسخر لنا كما تنص الآية الكريمة: أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ(لقمان:20). إن هذا البحث لا يعترض على دراسة الفضاء لأن قرأننا الكريم هو أول من صور قوانين الفلك وسعة الكون ونشوءه, وأول من دعا إلى النفاذ إلى الفضاء بحسب الآية الكريمة: يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (الرحمن:33). إنما هو محاولةلإبراز حقائقعلمية واضحة في القرآن الكريم, فلنقولها نحن المسلمون قبل أن يتفوه بها غير المسلمون لسببين هما :عل تأثيرها يكون أقوى, ولأننا نحن المسلمون لدينا كتاب الله (القرآن الكريم) فيه تبيان لكل شيء:(وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ)(النحل: 89).إذ لا يخفى علينا جميعاً كم من الحقائق العلمية في الطب والفيزياء والكيمياء والجيولوجيا والفلك والنبات والوراثة والأجنة وغيرها, بل النظريات والقوانين التي تدرس الآن في جامعات عالمية رصينة والتي دلائلها واضحة في قرأننا العظيم, والتي لم يصرح بها المسلمون إلا تباعاً بعد أن يكتشفها غير المسلمون ثم يكون دورنا تعليقاً لاحقاً بعد اكتشافهم لا سابقاً لاكتشافهم. يؤكد هذا البحث وبقوة على استحالة نقل الحضارة من الأرض وهجرها إلى أي من الكواكب الأخرى, كما يشير إلى عدم وجود مخلوقات فضائية تغزونا من خارج الأرض لأن القرآن لم يصرح بذلك. أن غزو الفضاء لغرض استزادة العلم النافع هو مشروع واقعي وفي غاية الأهمية, ولكنه لا يجدي نفعاً إذا كان باتجاه هجر الأرض والبحث عن كوكب أخر لعمرانه والعيش عليه, فهذا هدر للجهد والمال وإضاعة للوقت, لأن الله تعالى قال:(مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى) (طه:55). أي أننا خلقنا من الأرض وفيها نعاد إي نموت وندفن ومنها نخرج مرةً أخرى بعد أن ينفخ في الصور في يوم الوعيد (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُون)(يس:51). والله الذي يملك مفاتح الغيب إعلم: (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ) (الأنعام:59). والْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. |
وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ http://www.55a.net/firas/photo/306540-00184001.jpgبقلم محمد إسماعيل عتوك أستاذ في اللغة العربية ـ سوريا قال الله تعالى:﴿ أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ * وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحيِي العِظام وَهِيَ رَمِيم * قُلْ يُحْييها الّذي أَنْشَأَها أَوّلَ مَرّةٍ وَهُوَ بِكُلّ خَلْقٍ عَلِيم ﴾(يس:77ـ 79) أولاً-هذه الآيات الكريمة، جاءت في خاتمة سورة ( يس )، وفيها ذكر شُبْهَةِ مُنكري البعث والنشور، والجواب عنها بأتمِّ جواب وأحسنه وأوضحه، في صورة حوار، والغرض منها تثبيت أمر البعث عند منكريه، ومعارضيه بعقولهم. وقد استُهِلت بقوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ﴾(يس:71) وهو كلام مستأنف مسوق لبيان بطلان إنكار الكافرين البعث،بعدما شاهدوا في أنفسهم أوضح دلائله، وأعدل شواهده؛ كما أن ما سبق من قوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا ﴾(يس:71) كلام مستأنف مَسوقٌ لبيان بطلان إشراكهم بالله تعالى بعدما عاينوا فيما بأيديهم ما يوجب التوحيد والإسلام. والغرض من الاستفهام في كل منهما إنكار ما هم عليه من الشرك، والتكذيب بالبعث، وتنبيههم إلى ما كانوا قد شاهدوه بأعينهم في الآفاق من خلق الأنعام وتذليلها لهم، وما كانوا قد عاينوه في أنفسهم من خلقه تعالى لذواتهم، وتذكيرهم به. وقيل: الجملة الثانية هي عين الأولى، أعيدت تأكيدًا للنكير السابق، وتمهيدًا لإنكار ما هو أحق منه بالإنكار، لما أن المنكَر هناك عدم علمهم بما يتعلق بخلق أسباب معايشهم. وههنا عدم علمهم بما يتعلق بخلق أنفسهم. ولا ريب في أن علم الإنسان بأحوال نفسه أهم، وإحاطته بها أسهل وأكمل، فإنكار الإخلال بذلك أدخل؛ كأنه قيل: أولم يروا خلقه تعالى لأسباب معايشهم، مع كونه آيةمشهودة منظورة بين أيديهم على وحدانيته تعالى، وعبادته وحده ؟ثم قيل: أولم يروا خلقه تعالى لأنفسهم أيضًا، مع كونه آية مشهودة منظورة في واقعهم، وخاصة نفوسهم، وهي في غاية الظهور ونهاية الأهمية على معنى: أن المنكر الأول بعيد قبيح، والثاني أبعد وأقبح؛ فإن الإنسان قد يغفل عن الأنعام وخلقها عند غيبتها، ولكن لا يغفل هو مع نفسه، متى ما يكون، وأينما يكون. فما بال هذا الجاحد يغفل عن خلقه من نطفة مهينة، ولم يك من قبل شيئًا؟! وما باله لايتذكر ذلك، ولا ينتبه إلى وجه دلالته, ولا يتخذ منه مصداقًا لوعد الله تعالى ببعثه ونشوره بعد موته ودثوره؟!وهل خلقه من نطفة ميتة إلا إحياء بعد موت وعدم حياة؟!أليس في ذلك من الدليل على البعث والنشور ما يكفي لأن يتذكر، ويترك خصومته؟! ولكن أنَّى له الذكرى، وقد لجَّ في الخصام والجدل الباطل! ومذهب سيبويه، وجمهور النحويين أن الاستفهام في قوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍفَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ﴾ للتقرير، وأن الواو لعطف ما بعدها على ما قبلها؛ وإنما جيء بها بعد الهمزة، وكان القياس تقديمها عليها هكذا: ﴿وَأَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ﴾ كما قدِّمت على﴿هَلْ ﴾في قوله تعالى: ﴿وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى ﴾(طه:9) لأنه لا يجوز أن يؤخر العاطف عن شيء من أدوات الاستفهام؛ لأنها جزء من جملة الاستفهام، والعاطف لا يقدم عليه جزء من المعطوف. وإنما خولف هذا في الهمزة دون غيرها؛ لأنها أصل أدوات الاستفهام، فأرادوا تقديمها تنبيهًا على أنها الأصل في الاستفهام. وعلى ذلكيكون قوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍفَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ﴾(يس:77) معطوفًا على قوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا ﴾(يس:71) على أن الواو متقدمة على الهمزة في الاعتبار، وأن تقدُّم الهمزة عليها، لاقتضائها الصدارة في الكلام. والزمخشري اضطرب كلامه في ذلك، فتارة جعل الهمزة متقدمة على الواو؛ كما هو مذهب الجمهور، وتارة جعلها داخلة على جملة محذوفة، عُطِف عليها الجملة، التي بعدها، فقدَّر بينهما فعلاً محذوفًا،يقتضيه المقام، مستتبعًا للمعطوف، تعطف الواو عليه ما بعدها. وعليه يكون تقدير الكلام في الجملة الأولى:{ أغفلوا، ولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعامًا... }؟ وفي الجملة الثانية:{ أغفل الإنسان، ولم ير أنا خلقناه من نطفة...}؟ والتحقيق في هذه المسألة الخلافيَّة: أن الواو في قولنا:﴿أَوَلَمْ ﴾مسلوبة الدلالة على العطف، وأصل الكلام:﴿ أَلَمْ ﴾، وهو تركيب يفيد معنى الإثبات، ويجرى في لسان العرب مجرى التنبيه والتذكير؛ كقوله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴾(الشرح:1) قال مكي في(مشكل إعراب القرآن):”الألف نقلت الكلام من النفي، فردته إيجابًا “. والإيجاب: إثبات، وهو ضدُّ النفي. والغرض منه: التذكير، والمعنى: شرحنا لك صدرك. وهذا ما نصَّ عليه الزمخشري، فقال:”استفهم عن انتفاء الشرح على وجه الإنكار، فأفاد إثبات الشرح وإيجابه؛ فكأنه قيل: شرحنا لك صدرك، فنبَّه على ذلك، وذكَّر به “. ولا يجوز حمل هذا الاستفهام على استفهام التقرير؛ لأن التقرير- باتفاقهم جميعًا- هو حمل المخاطب على أمر قد استقر عنده، وعلم به، ثم جحده. وحاشا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون جاحدًا لشرح الله تعالى صدره؛ وإنما مراد الله تعالى من هذا الاستفهام هو مجرد التنبيه والتذكير. ونحو ذلك قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ﴾(الحج:63) سأل سيبويه أستاذه الخليل عن هذه الآية، فقال:”هذا واجب، وهو تنبيه؛ كأنك قلت: أتسمع؟“. وفي النسخة الشرقية من كتاب سيبَوَيْهِ:”انتبهْ! أنزل الله من السماء ماء، فكان كذا وكذا “. فهذا استفهام يراد به الإثبات، والغرض منه التنبيه، أو التذكير، خلافًا لمن ذهب إلى أن الغرض منه التقرير. وبيان ذلك: أنك إذا قلت: أليس زيد قائمًا ؟ فإن ذلك يحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون الاستفهام على أصله من طلب الفهم. فيجاب بـ{ نعم } في الإيجاب، وبـ{ لا } في النفي. والثاني: أن يكون مرادًا به الإثبات؛ لأن الهمزة للنفي، ونفي النفي إثبات؛ وحينئذ يكون الغرض منه: التنبيه، والتذكير، أو الإنكار، ويجاب بـ{ بلى } في الإيجاب، وبـ{ نعم } في النفي.. وقد يكون الغرض منه أيضًا: العتاب، أو التحذير، أو السخرية والتهكم، أو التوقُّع والانتظار.. أو نحو ذلك من المعاني، التي يخرج إليها الاستفهام. وعلى هذا الوجه يحمل قوله تعالى: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴾(الشرح:1) ﴿أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ﴾(هود:78) فالغرض من الأول: التنبيه، والتذكير. والغرض من الثاني: الإنكار. ولو كان المتكلم- هنا- غير الله تعالى، لاحتمل الاستفهام في كل منهما أن يكون حقيقيًّا، الغرض منه: طلب الفهم. |
فإذا قلت: أليس زيد بقائم، كان المراد به الإثبات، والغرض منه: التقرير، لا غير، بدليل دخول الباء على خبر المنفي. ويجاب بما أجيب به الوجه الثاني من الاستفهام الأول، إيجابًا، ونفيًا. وعلى ذلك يحمل قوله تعالى:
﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ ﴾(التين:8) ﴿أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى ﴾(العلق:14) فالغرض من هذا الاستفهام في هاتين الآيتين، وأمثالهما لا يكون إلا تقريرًا، بقرينة وجود الباء في كل منهما. ثم تدخل { الواو } بين الهمزة، و{ لم }، فتشير إشارة خفيَّة إلى حدوث فعل مغاير لما بعدها، ما كان ينبغي أن يحدث؛ كقوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ اللّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ﴾(الإسراء:99) فهذا استفهام يراد به الإثبات، ويفيد أن ما بعده قد وقع فعلاً، والغرض منه التنبيه، والتذكير؛ لأن المخاطبين به على علم بأن الله تعالى هو الخالق لذواتهم، ولكل شيء في هذا الوجود؛ ولكنهم نسوه وغفلوا عن ذلك، أو تناسوه عنادًا، ومكابرةً، فأنكروا قدرة الله تعالى على بعثهم ونشورهم بعد موتهم ودثورهم. ولو أنهم تنبهوا، وتذكروا، أو لم يكابروا، لما وقع منهم ذلك الإنكار. أما قوله تعالى: ﴿أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ﴾(يس:80) فقد ورد في معرض التقرير لقدرة الله تعالى على الإعادة، ردًّا على اعتراض المشركين والملحدين، الذي تعدَّى الإنكار إلى الجحود؛ ولهذا أدخلت الباء في خبر المنفي.ومثل ذلك قوله تعالى: ﴿أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى﴾(القيامة:40) وعلى الآية الأولى من هذه الآيات الثلاثة يحمل قوله تعالى هنا: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ﴾ أي: قد رأى الإنسان أنا خلقناه من نطفة؛ لكنه غفل عن مبدأ خلقه، فأنكر إحياء العظام الرميمة، فذكَّره تعالى بمبدأ خلقه؛ ليدله به على النشأة الثانية. وهذا المعنى الثاني- أعني: إنكار إحياء العظام الرميمة- هو الذي أشارت إليه الواو، التي أدخلت بين الهمزة، وأداة النفي، وهو معنى مغاير لما رأوه من خلق الله تعالى لأنفسهم. ولو كانت هذه الواو للعطف، لما دلت الآية على هذا المعنى. وفرق كبير بين أن يقال في معنى الآية: أغفل الإنسان، ولم يرَ، وبين أن يقال: قد رأى؛ ولكنه غفل، أو نسي، أو تناسى. وكوْنُ هذا الاستفهام في معنى الإثبات يقتضي- كما ذكرنا- أن ما بعده قد وقع، وعلم به الناس، إما عن طريق المشاهدة؛ كما في قوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ﴾. أو عن طريق السماع؛ كما في قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بٍأًصْحَابِ الْفِيلِ﴾(الفيل:1) قيل في تفسيره: الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم. وهو، وإن لم يشهد تلك الوقعة، لكن شاهد آثارها، وسمع بالتواتر أخبارها؛ فكأنه رآها. ولقائل أن يقول: قال الله تعالى: ﴿أَوَ لَمْ يَرَوْاْ كَيْفَ يُبْدِىء الله الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ ﴾(العنكبوت:19) فعلق الرؤية بكيفية الخلق، لا بالخلق، والكيفية غير معلومة، فكيف جاز أن يقال:﴿أَوَ لَمْ يَرَوْا ﴾؟فالجواب عن ذلك: أن هذا القدر من الكيفية معلوم، وهو أن الله تعالى خلق الإنسان، ولم يكن شيئًا مذكورًا، وأنه خلقه من نطفة، هي من غذاء، هو من ماء وتراب، وهذا القَدْرُ كافٍ في حصول العلم بإمكان الإعادة؛ فإن الإعادة مثله. وقال تعالى:﴿أَوَلَمْ يَرَ ﴾، ولم يقل:﴿أَوَلَمْ يَنْظُر ﴾؛ لأن حقيقة النظر هي تقليب البصر حيال مكان المرئي طلبًا لرؤيته، ولا يكون ذلك إلا مع فقد العلم. والشاهد قولهم: نظر، فلم يَرَ شيئًا. ويقال: نظر إلى كذا، إذا مدَّ طرفه إليه رآه، أو لم يرَه. أما الرؤية فهي إدراك الشيء من الجهة المقابلة. وإدراك الشيء هو الإحاطة به من كل الجوانب،ووكلاهما لا يكون إلا مع وجود العلم. بقي أن تعلم أن الفرق بين الرؤية والعلم هو أن الرؤية لا تكون إلا لموجود، والعلم يتناول الموجود والمعدوم. وكل رؤية لم يعرض معها آفة فالمرئي بها معلوم ضرورة، وكل رؤية فهي لمحدود، أو قائم في محدود؛ كما أن كل إحساس من طريق اللمس، فإنه يقتضي أن يكون لمحدود، أو قائم في محدود. فإذا عرفت ذلك، تبين لك سِرَّ التعبير بالرؤية في قوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ ﴾؟ دون التعبير بالنظر؛ كأن يقال:﴿أَوَلَمْ يَنْظُر الْإِنسَانُ ﴾؟ أو التعبير بالعلم؛ كأن يقال:﴿أَوَلَمْ يَعْلَم ﴾؟ والمراد بـ﴿الْإِنسَان ﴾- هنا- عموم جنس الكافر المنكر للبعث، وإن كانت الآيات نزلت في كافر مخصوص، هو أبيُّ بن خلَف الجُمَحِيّ- في أصح الأقوال- وهو الذي قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحربة يوم أحد.قال المفسرون:إنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم بعظم حائل، فقال: يا محمد! أترى الله يحيي هذا بعد ما قد رمَّ ؟ فقال صلى الله عليه وسلم:نعم، ويبعثك، ويدخلك جهنم، فأنزل الله عزَّ وجل هذه الآية إلى آخر السورة. http://www.55a.net/firas/ar_photo/6/350px-Sperm-egg.jpg الإنسان وعموم الجنس البشري خلقوا من نطفة، صورة لنطفة بشرية تحاول النفاذ إلى داخل البيضة الأنثوية من أجل تلقيحها وقد ثبت في أصول الفقه أن الاعتبار بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب؛ ولهذا كان حمله على العموم أولى من حمله على إنسان مخصوص؛ ألا ترى أن قوله تعالى: ﴿ قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا ﴾(المجادلة:1) قد نزل في واحدة، والمراد به الكل في الحكم؟ فكذلك كل إنسان منكر البعث، فهذه الآية رَدٌّ عليه.وعلى ذلك يكون خطاب﴿الْإِنسَان ﴾في الآيةمن حيث هو إنسان، لا إنسان معين، ويدخل من كان سببًا في النزول تحت جنس الإنسان الكافر دخولاً أوليًّا. وقوله تعالى:﴿ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ ﴾إشارة إلى وجه الدلالة على البعث والنشور، وتنبيه على كمال القدرة والاختيار؛ لأن النطفة جسم متشابه الأجزاء، ويخلق الله تعالى منه أعضاء مختلفة، وطباعًا متباينة، وخَلْقُ الذكر والأنثى منها أعجب ما يكون؛ ولهذا لم يقدِر أحد على أن يدَّعيه، كما لم يقدِر أحد على أن يدَّعي خَلْقَ السموات والأرض؛ ولهذا قال تعالى: ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ الله﴾(الزخرف:87)؛ كما قال: ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السموات والأرض لَيَقُولُنَّ الله ﴾(الزمر:38) والنطفة هي القليل من الماء الصافي، ويعبَّر بها عن ماء الرجل، الذى يخرج منه إلى رحم المرأة،وتجمَع على: نُطَف، ونِطاف. وقيل: سمِّي ماء الرجل نطفة؛ لأنه ينطِف. أي يقطر قطرة بعد قطرة، من قولهم: نطِفت القربة، إذا تقاطر ماؤها بقلَّة. وفي الحديث:” جاء ورأسه ينطِف ماء“.أي: يقطر.ونقطة واحدة من مني الرجل تحوي ألوف الخلايا، وخلية واحدة من هذه الألوف هيالتيتصير بقدرة الله الخالقة جنينًا، ثم تُصَيِّر هذا الجنين إنسانًا، فإذا هو خصيم مبين. |
فهذه القدرةالخالقة، التي تجعل من هذه النطفة المهينة، التيلاقوام لها، ولا قيمة ذلك الخصيم المبين، هي التي يستعظم عليها أن تعيده بعدالبلى والدثور. ولا شك أن النطفة شيء حقير مهين، والغرض منه أن من كان أصله من مثل هذا الشيء الحقير، لا يليق به أن يتجبَّر، وأن يخاصم في أمر يشهد بصحته مبدأ خلقه من تلك النطفة الحقيرة المهينة، وإليه الإشارة بقوله تعالى:
﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ *خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ *يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ *إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ *يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ *فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ ﴾(الطارق:5-10) وأما﴿ خَصِيمٌ ﴾فهوفََعيلٌ، وهو مبالغة في معنى: مُفاعِل، من قولك: خاصَم يخاصِم، فهو مُخاصِمٌ. أي: كثير الخصومة. قال أهل اللغة: خصيمك، الذي يخاصمك. وفَعيلٌ بمعنى: مُفاعِل معروف؛ كالنَّسيب بمعنى: المُناسِب، والعَشير بمعنى: المُعاشِر. ويجوز أن يكون مبالغة في معنى: فَاعل، من خصِم يخصِم، بمعنى: اختصم، ومنه قراءة حمزة: http://www.55a.net/firas/ar_photo/5/180px-Gray3.jpg صورة لبيضة الأنثى تحيط بها الحيوانات المنوية الذكرية سبحان الله كم كان الإنسان مهين ﴿مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً واحدة تَأُخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصّمُونَ﴾(يس:49) و﴿ مُبِينٌ ﴾صفة فاعل، وهو من قولك: أبان الشيءَ يُبينه، فهو مبين. أي: أظهره يظهره، فهو مظهِر. وقيل: هو هنا كناية عن القدرة على المخاصمة؛ كما أن قوله تعالى: ﴿ وَهُوَ فِي ٱلْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ ﴾(الزخرف:18) كناية عن عَجْز الأنثى عن المخاصمة، وعدم قدرتها على الانتصار لنفسها. وقيل: قوله تعالى﴿فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ ﴾ يحتمل وجهين من المعنى: أحدهما: أن الله تعالى خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم لربه يكفر به، ويجادل رسله ويكذب بآياته، وكان حقُّه والواجب عليه أن يطيع وينقاد لأمر الله. والمقصود منه: وصف الإنسان بالإفراط في الوقاحة والجهل، والتمادي في كفران النعمة. والثاني: أن الله تعالى خلق الإنسان من نطفة قذرة، ثم لم يزل ينقله من طور، إلى طور؛ حتى صيَّره عاقلاً متكلمًا، ذا ذهن ورأي، يخاصم ويجادل.والمقصود منه: أن الانتقال من تلك الحالة الخسيسة إلى هذه الحالة العالية الشريفة لا يحصل إلا بتدبير مدبر حكيم عليم. فعلى الأول يكون سياق هذين الوصفين:﴿ خَصِيمٌ مُّبِينٌ﴾سياق ذَمٍّ. وعلى الثاني يكون سياقهما سياق مدح. واختار الرازي هذا القول الثاني على أنه الوَجْهُ الأوْفَقُ؛ لأن هذه الآيات- كما قال- مذكورة لتقرير وجه الاستدلال على وجود الصانع الحكيم، لا لتقرير وقاحة الناس، وتماديهم في الكفر والكفران. والظاهر – كما قال أبو حيَّان- أن سياق الوصفين سياق ذمًّ؛ وذلك لوجهين: أحدهما: مَا تقدَّم من قوله تعالى:﴿أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ ﴾. وأكثر ما ذكر لفظ ﴿ الْإِنسَانُ ﴾ في القرآن في معرض الذم، أو مُرْدَفاً بالذم؛ كقوله تعالى: ﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ ﴾(الطارق:5). ﴿إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ﴾(إبراهيم:34). وقد تلا الرسول صلى الله عليه وسلم قول الله تعالى:﴿وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً ﴾(الكهف:54)، حين عاتب عليًًّا- كرَّم الله وجهه- على النوم عن صلاة الليل، فقال له عليٌّ:”إنما نفسي بيد الله“، فاستعمل﴿الْإِنسَانُ﴾على العموم. والوجه الثاني: ما عُرِفَ عنهم من مخاصمَتهم ومجادلتهم لأنبياء الله تعالى، وأوليائه بالحجج الداحضة على حدِّ زعمهم، وإليه الإشارة بقوله تعالى: ﴿مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ﴾(الزخرف:58) وما ينبغي الإشارة إليه هنا: أن المفاجأة بكون الإنسان خصيمًا مبينًا لم تقع بعد خلق الإنسان من النطفة؛ لأن بين خلقه منها، وكونه خصيمًا مبينًا أحوالاً، تطوَّر فيها، وتلك الأحوال محذوفة، وتقع المفاجأة بعدها؛ وهي المشار إليها بقوله تعالى: ﴿ثُمَّ خَلَقْنَا النطفة عَلَقَةً فَخَلَقْنَا العلقة مُضْغَةًثُمَّ أنشأناه خلقاً آخَرَفَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾(المؤمنون:14) http://www.55a.net/firas/ar_photo/4/BC3693-001.jpg صورة لمرحلة العلقة التي خلق منها الإنسان وإنما جيء بالثاني عقِب الأول؛ لأنهالوَصْفُ، الذي آل إليه من التمييز والإدراك، الذي يتأتَّى معه الخصام والجدال. وقال الرازي:” وقوله:﴿فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ﴾فيه لطيفة غريبة؛ وهي أنه تعالى قال: اختلاف صور أعضائه، مع تشابه أجزاء ما خلق منه، آية ظاهرة، ومع هذا فهنالك ما هو أظهر، وهو نطقه وفهمه؛ وذلك لأن النطفة جسم، فهَبْ أن جاهلاً يقول: إنه استحال وتكوَّن جسمًا آخرَ؛ لكن القوة الناطقة والقوة الفاهمة من أين تقتضيهما النطفة؟ فإبداع النطق والفهم أعجب وأغرب من إبداع الخلق والجسم، وهو إلى إدراك القدرة والاختيار منه أقرب “. وأضاف الرازي قائلاً:”فقوله:﴿ خَصِيمٌ ﴾.أي: ناطق. وإنما ذكر الخصيم مكان النطق؛ لأنه أعلى أحوال الناطق، فإن الناطق مع نفسه لا يبين كلامه مثل ما يبينه، وهو يتكلم مع غيره. والمتكلم مع غيره، إذا لم يكن خصيمًا لا يبين، ولا يجتهد مثل ما يجتهد، إذا كان كلامه مع خصمه. وقوله:﴿ مُبِينٌ ﴾إشارة إلى قوة عقله. واختار الإبانة؛ لأن العاقل عند الإفهام أعلى درجة منه عند عدمه؛ لأن المبين بان عنده الشيء، ثم أبانه. فقوله تعالى:﴿ مِن نُّطْفَةٍ ﴾إشارة إلى أدنى ما كان عليه، وقوله:﴿خَصِيمٌ مُّبِينٌ﴾إشارة إلى أعلى ما حصل عليه “. |
ثانيًا- ثم أخبر تعالى أن هذا الكافر المنكر للبعث والنشور ضرب لربه عز وجل مثلاً من خلقه، لا ينبغي لأحد أن يضربه، قاس فيه قدرة الله جل وعلا على قدرتهم، ونفى الكل على العموم، ونَسِيَ خلْقَ الله تعالى له على الوَجْهِ المذكور، الدالِّ على بطلان ما ضربه من المَثَل، فقال سبحانه:
﴿وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحيِي العِظام وَهِيَ رَمِيم ﴾ وقوله تعالى:﴿وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً ﴾معطوف على قوله:﴿فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ ﴾. أي: ففاجأ بخصومته.. وضرب لنا مثلاً.أما على قول من قال: إن سياق الوصفين:﴿خَصِيمٌ ﴾، و﴿مُّبِينٌ ﴾سياق مدح، لا ذمًّ، فيكون حينئذ معطوفًا على الجملة المنفية داخلاً في حيِّز الإنكار. والمَثَلُ هو الشيءُ يُضرَبُ للشيء مَثَلاً، فيُجْعَل مِثْلَه. أحدهما أصل، والثاني فرع يقاس على الأصل للاعتبار به. وضَرْبُ المثل يعني: جمعُه وتقديرُه؛ وهو من ضَرْب الدرهم، وهو جمعُ فضَّة، وتقديرُها. ويطلق لفظ المثل، ويراد به: الأصل، الذي يقاس عليه الفرع، ويراد به مجموع القياس. فمن الأول قوله تعالى:﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً﴾(الجمعة:5). فمَثَل الحمار يحمل أسفارًا أصل قيس عليه مَثَل الذين حملوا التوراة. ومن الثاني قوله تعالى هنا:﴿ وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُقَالَمَنْ يُحيِي العِظام وَهِيَ رَمِيم ﴾. فمثَّل الخالق جل وعلا بالمخلوق، في هذا النفي،وقاس قدرته سبحانه على قدرة المخلوق، ونفى الكل على العموم، فجعل هذا مثل هذا، لا يقدر على إحياء العظام. وقوله تعالى:﴿ وَنَسِيَ خَلْقَهُ ﴾قرأه زيد بن علي:﴿ وَنَسِيَ خَالِقَهُ ﴾، اسم فاعل. وهو عَطْفٌ إمَّا علىقوله:﴿ضَرَبَ﴾، داخلٌ في حيِّزِ الإنكارِ والتَّعجيب. أو: هو حالٌ من فاعله، فيكون التقدير: وضرب لنا مثَلاً، ناسيًا خَلْقَ الله تعالى له على الوجه المذكور. أو: ناسيًا خالقه، الذي خلقه من نطفة، على القراءة الثانية. فلو لم ينسَ هذا الجاحد خلقه، وذكر مبدأ كونه من العدم، لما ضرب المثل. فتحت قوله تعالى:﴿ وَنَسِيَ خَلْقَهُ ﴾- كما قال ابن قيِّم الجوزية- ألطف جواب وأبين دليل. وهذا كما تقول لمن جحدك أن تكون قد أعطيته شيئًا: فلان جحدني الإحسان إليه، ونسي الثياب التي عليه، والمال الذي معه، والدار التي هو فيها؛ حيث لا يمكنه جحْد أن يكون ذلك منك. وقوله تعالى:﴿قالَ مَنْ يُحيِي العِظام وَهِيَ رَمِيم ﴾؟ استئناف بياني، وقع جوابًا عن سؤال، نشأ من حكاية ضربه المثل؛ كأنه قيل: ما هذا المثل، الذي ضربه؟ فقال تعالى مُبَيِّنًا لهذا المثل، ومُفَسِّرًا له:﴿قالَ مَنْ يُحيِي العِظام وَهِيَ رَمِيم ﴾؟ فقوله:﴿مَنْ يُحيِي العِظام وَهِيَ رَمِيم ﴾؟ هو المثل المضروب، الذي أخبر تعالى عنه بقوله:﴿وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ ﴾، وهو استفهام إنكار، مُتضَمِّن للنفي. واستفهام الإنكار المتضمِّن للنفي لا يُنْفَى به في القرآن إلا ما ظهر بيانه، أو ادُّعِيَ ظهورُ بيانه، فيكون ضاربه: إما كاملاً في استدلاله وقياسه؛ كقوله تعالى: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾(الزمر: 29 ) وإما جاهلاً بهما؛ كهذا الإنسان، الذي قاس قدرة الخالق جل وعلا بقدرة المخلوق، واستدل به على عجز الله جل وعلا عن إحياء العظام الرميمة. والعِظامُ جمع: عظم، وهو مذكر؛ ولكن جمعه جمع تكسير. وجمع التكسير يجوز أن يراعى فيه تأنيث الجماعة، وباعتباره قال تعالى:﴿ وَهِيَ ﴾، ولم يقل:﴿ وَهُوَ ﴾. ويجوز أن يراعى فيه معنى الواحد، وباعتباره قالتعالى:﴿ رَمِيم ﴾، ولم يقل: رمائم، أو رميمة. وتأمل ذلك في قوله تعالى:﴿وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً ﴾(البقرة:259). فقال:﴿نُنشِزُهَاثُمَّ نَكْسُوهَا ﴾مراعاة لقوله:﴿ العِظَامِ﴾. ثم قال:﴿ لَحْماً ﴾، ولم يقل:﴿لُحُوماً﴾؛ لأن لفظ الواحد قد عُلِمَ أنه يراد به الجمع. أما الرَّميمُ فهواسم لما بَلِيَ من العظام، وغيرها؛ كالرِّمَّة والرُّفات، ويطلق على الجمع والمفرد، والمذكر والمؤنث؛ لأن أصله مصدر: رَمَّ. يقال:رمَّ العظم يرِمُّ رَمًّا. أي: بَلِيَ، فهو رَمِيمٌ، ورُمَامٌ. ورُمَامٌ مبالغة في رَميم. وفي لسان العرب عن اللحياني:الرَّميمُ ما بقي من نبتِ عامِ أول.وقال تعالى في الريح العقيم: ﴿مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ﴾(الذاريات:42) أي:جعلته كالشيء الهالك البالي. قاله ابن مسعود ومجاهد. وقال قتادة: إنه الذي دِيسَ من يابس النبات. وقال أبو العالية والسدي: كالتراب المدقوق. وقال قطرب: الرميم: الرَّمَاد. وقال البغوي: وقيل: أصله من العظم البالي. و﴿مَنْ ﴾في قوله:﴿مَنْ يُحيِي العِظام ﴾عامة في كل من يسند إليه خبر الإحياء، ويشمل عمومها إنكاره أن يكون الله تعالى محييًا للعظام، مستبعدًا إحياءها. فقاس قدرة الخالق بالمخلوق، ونفى الكل على العموم؛لأن ذلك ليس في مقدور الخَلْق. واختار العظام للذكر؛ لأنها أبعد ما تكون عن الحياة، لعدم الإحساس فيها، ووصفها بما يقوِّي جانب الاستبعاد من البِلَى والتفتُّت. |
وهو- كما قال الشيخ ابن تيمية-: قياسٌ حُذِفت إحدى مقدمتيه لظهورها، والأخرى سالبة كلية، قرن معها دليلها، وهو كون العظام رميمًا. والتقدير: هذه العظام رميم، ولا أحد يحي العظام، وهى رميم، فلا أحد يحييها.
ثالثًا- وبعدأن ضمَّن تعالى قوله من قبلُ:﴿ وَنَسِيَ خَلْقَهُ ﴾ما وفَّى بالجواب، وأقام الحجة، وأزال الشبهة، أجاب سبحانه عن سؤال هذا الجاحد بما يتضمَّن أبلغ الدليل جوابًا شافيًا عن ثبوت ما جحده،زيادة في التأكيد والتقرير، فقال مخاطبًا رسوله عليه الصلاة والسلام: ﴿قُلْ يُحْييها الّذي أَنْشَأَها أَوّلَ مَرّةٍ وَهُوَ بِكُلّ خَلْقٍ عَلِيم﴾ فقال سبحانه:﴿قُلْيُحْييها ﴾، ولم يقل:﴿يُحْييها ﴾،تبكيتًا له بتذكير ما نسيه من فطرته الدالة على حقيقة الحال، وإرشاده إلى طريقة الاستشهاد بها.وهو أمر للنبي صلى الله عليه وسلم أن يجيب بجواب على طريقة الأسلوب الحكيم بحَمْل استفهام القائل على خلاف مراده؛ لأنه لما قال: ﴿مَنْ يُحيِي العِظام وَهِيَ رَمِيم﴾؟ لم يكن مراده طلبَ تعيين المُحْيِي؛ وإنما كان مراده استبعادَ إحياء العظام، واستحالتَه، فأجيب بجواب من يطلب علمًا؛فلذلك بُنِيَ الجوابُ على فعل الإِحياء مسندًا للمُحْيِي. وهذا أشدُّ ما يكون من الحِجَاج، ويسمَّى عند علماء البيان: الاحتجاج النظري، وهو أن يذكر المتكلم معنى يستدلُّ عليه بضروب من المعقول. وفيه الدلالة على وجوب القياس والاعتبار؛ لأنه ألزمهم قياسَ النشأة الثانية على الأولى. وهو بمجرد تصوُّره، يُعْلَمُ به علمًا يقينًا، لا شُبْهَةَ فيه أن منْ قدر على الإنشاء أولاً من لا شيء، كان على الإحياء أقدر وأقدر، ومن كان الفعل الأصعب عليه سهلاً، فمن الأولى أن يكون الفعل اليسير عليه أسهل. وإليه الإشارة بقوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾(الروم:27) وتعقيبًا على قوله تعالى:﴿قُلْ يُحْييها الّذي أَنْشَأَها أَوّلَ مَرّةٍ ﴾قال الألوسي:”وفي ( الحواشي الخفاجية ) كان الفارابي يقول: ودِدْت لو أن أرسطو وقف على القياس الجليِّ في قوله تعالى:﴿قُلْ يُحْييها الّذي أَنْشَأَها أَوّلَ مَرّةٍ ﴾، وهو الله تعالى أنشأ العظام وأحياها أول مرة. وكلُّ منْ أنشأ شيئًا أولاً قادرٌ على إنشائه وإحيائه ثانيًا؛ فيلزم أن الله عز وجل قادرٌ على إنشائها وإحيائها بقواها ثانيًا “. فـ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ ولمَّا كان الخلق يستلزم قدرة الخالق على مخلوقه، وعلمه بتفاصيل خلْقه، أتبعَ سبحانه وتعالى ذلك بقوله:﴿ وَهُوَ بِكُلّ خَلْقٍ عَلِيم﴾. وهذا أيضًا دليل آخر من صفات الله تعالى، وهو أن علمه تعالى محيط بكل شيء، وإليه الإشارة بقوله تعالى: ﴿وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ﴾(الأنعام : 59 ) وفي ذلك دلالة أن الخالق لا يمكن أن يكون خالقًا إلا إذا كان قادرًا على الخلق، ولا يكون قادرًا على الخلق إلا إذا كان عليمًا بالمخلوقات كلها، محيطًا بجزئياتها وكلياتها في جميع الأحوال، وفي جميع الأوقات. وفي قوله تعالى:﴿قُلْ يُحْييها ﴾إشارة إلى كمال القدرة، وفي قوله:﴿ وَهُوَ بِكُلّ خَلْقٍ عَلِيم﴾إشارة إلى كمال العلم. والقدرة والعلم، إذا اجتمعا، كان من السهل إيجاد ما أُعدِم بعد أن كان موجودًا فأُعدِم. ومنكرو الحشر والنشر، لا ينكرونه إلا لجهلهم بهذين الأصلين. ﴿ وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا*قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا *أََوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا * يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا ﴾(الإسراء:49-52) فتبارك من تكلم بهذا الكلام، الذي جمع في نفسه بوجازته وبيانه وفصاحته وصحة برهانه كل ما تلزم الحاجة إليه من تقرير الدليل، وجواب الشبهات، ودحض حجة الملحدين، وإسكات المعاندين بألفاظ، لا أعذب منها عند السمع، ولا أحلى منها ومن معانيها للقلب، ولا أنفع من ثمرتها للعبد، والحمد لله رب العالمين! محمد إسماعيل عتوك |
من أسرار الإعجاز البياني في القرآن الذين كفروا بربهم أعمالهم كسراب بقلم الأستاذ محمد إسماعيل عتوك وفي مقابل ذلك ذكرالله تعالىحال الكافرين، الذين أعرضوا عن نوره سبحانه، وأغلقوا دونه بصائرهم وأبصارهم، وآثروا الظلمة على النور، والضلال على الهدى، فمثَّل لهم ولأعمالهم بهذين التمثيلين الحافلين بالحياة والحركة. يقتضي الأول منهما أن أعمالهم، التي يحسبونها نافعة لهم في آخرتهم؛ إنما هي أعمال باطلة مخيبة لهم في العاقبة، ومهلكة لهم، ولا يجيئهم منها إلا البلاء وسوء المنقلب. ويقتضي الثاني منهما حالها في الدنيا من أنها في الغاية من الضلال والغمة، التي مآلها ما ذكر من تناهي الظلمات في قوله:﴿أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ ﴾. باحث لغوي في الإعجاز البياني للقرآن الكريم ومدرس للغة العربية ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ * أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ﴾(النور:39- 40) في هاتين الآيتين الكريمتين مثَّل الله تعالى لأعمال الذين كفروا بتمثيلين، شبه أعمالهم في الأول بسراب بقيعة، يحسبه الظمآن ماء، وشبهها في الثاني بظلمات في بحر لجيٍّ. ومناسبتهما لمَا قبلهما أن الله تعالى ذكر- فيما تقدَّم من آيات- حال المؤمنين الذين نوَّر قلوبهم وعقولهم بنوره، الذي تجلَّى في السموات والأرض، وتبلور في بيوته، التي أذن أن ترفع، ويذكر فيها اسمه، فعبدوا ربهم مخلصين له الدين، وعمَروا بيوته بالذكر والتسبيح، لا يشغلهم عن إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة شاغل، ولا يصرفهم عن ذلك صارف، يخافون يومًا تتقلب فيه القلوب والأبصار، فلا تثبت على شيء من الهول والكرب والاضطراب، يعلقون رجاءهم بثواب الله، الذي وعدهم. ويحقق الله تعالى وعده، فيجزيهم ثواب أعمالهم مضاعفًا، ويزيدهم من فضله ما لم يكن يخطر لهم ببال؛ وذلك قوله تعالى:﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ *رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ *لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَاب (النور:36-38). 1- أما التمثيل الأول فهو قوله تعالى:﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾(النور:39). وهو تمثيل يصوِّر أعمال الذين كفروا في بطلانها، وعدم انتفاع أصحابها بها، حينما يكونون في أشد الحاجة إلى ذلك النفع، بصورة سراب بقيعة، يحسبه الظمآن ماء، فيتعلق به قلبه، ويسعى إليه حثيثًا لاهثًا. وكلما بلغ به سعيه مرحلة، وجده يتحرك أمامه، ويفلت من بين يديه.. وهكذا إلى أن تتقطع أنفاسه، وتخور قواه. وبعد هذا الجهد المتواصل، والمعاناة الشاقة يصل إلى حيث كان يخيل إليه أنه ماء، فلم يجده شيئًا؛ فتتضاعف لذلك حسرته، ويشتد يأسه وقنوطه، وتغلي مراجل غيظه وظمئه. وليس هذا وحسب؛ بل إنه يجد نفسه فجأة أمام هول رهيب، يمسك بتلابيبه، ويقوده إلى حتفه وهلاكه. كذلك الكافر يحسب أن أعماله في دنياه نافعةً له في آخرته، فإذا كان يوم القيامة، وقدم على ربه، لا يجد لها أثرًا من ثواب، أو تخفيف عذاب. وقوله تعالى:﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَاب بِقِيعَةٍ﴾ظاهره العموم، فيندرج فيه عبدة الأصنام من الأمم السابقة والأمم اللاحقة، وأهل الكتاب من النصارى الذين عبدوا المسيح، واليهود الذين عبدوا عُزَيْرًا، واتخذوا أحبارهم أربابًا من دون الله تعالى، والمجوس الذين عبدوا النار، والمانَوِيَّة الذين عبدوا النور.. وغيرهم. وهو جملة استئنافية، والموصول وصلته مبتدأ، خبره جملة ﴿أَعْمَالُهُمْ كَسَرَاب﴾من المشبه والمشبه به. وكان نظم الكلام يقتضي أن يقال:﴿وَأَعْمَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا أ كَسَرَاب بِقِيعَةٍ﴾. ولو قيل ذلك، لكان بليغًا، لما فيه من الإيجاز.. ولكن تعبير القرآن أبلغ؛ لأن الحكم على هذه الأعمال بأنها باطلة فاسدة، ليس لكونها كذلك في ذاتها؛ ولكن لكونها أعمال أولئك الذين كفروا.. فلا شيء يبطل العمل، ويجعله فاسدًا عديم النفع مثل الكفر، ولا شيء يبقي عليه، ويجعله مثمرًا نافعًا مثل الإيمان، وهذا ما يشير إليه تعالى بقوله:﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ *وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآَمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ *ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ ﴾(محمد:1-3). وقوله تعالى:﴿أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ ﴾. أي:جعلها ضالة. أي: ضائعة محبطة بالكفر، لا ثواب لها، ولا جزاء. ونظير ذلك قوله تعالى:﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ *ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ﴾(محمد:8- 9).أي: لأجل ذلك أحبط الله تعالى أعمالهم، التي لو كانوا عملوها مع الإيمان، لأثابهم عليها. وعليه تكون الحالة المشبهة، وهي:﴿أَعْمَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾،مركَّبة من محسوس ومعقول، والحالة المشبه بها، وهي:﴿سَرَابٌ بِقِيعَةٍ﴾،حالة محسوسة. أي داخلة تحت إدراك الحواس. والسراب: ظاهرة ضوئية سببُها انعكاس الشعاع من الأرض عندما تشتد حرارة الشمس، فيظنه الإنسان ماء يجري ويتلألأ على وجه الأرض. واشترط الفرَّاء فيه اللصوقَ بالأرض. وقيل: هو ما ترقرق من الهواء في الهجير في فيافي الأرض المنبسطة، وأوهم الناظر إليه على البعد أنه ماء سارب. أي: جار. وسُمِّيَ بذلك؛ لأنه ينسرب كالماء في مرأى العين، وما هو إلا وَهْمٌ، لا حقيقة له. ولهذا قيل: السراب فيما لا حقيقة له؛ كالشراب فيما له حقيقة. قال الشاعر: فلما كففنا الحرب كانت عهودكم *** كلمع سراب في الفلا متألق وقوله تعالى:﴿أَعْمَالُهُمْ كَسَرَاب ﴾بالتنكير، ينبىء عن سراب ضئيل تافه، بخلاف ما لو جيء به معرَّفًا. ووراء ذلك ما وراءه من تعلق نفس الظمآن بالأمل، ولو كان ضعيفًا تافهًا. واستعمال الكاف، دون غيرها من أدوات التشبيه، يجعل هذه الأعمال- في حقيقتها وصورتها- في مرتبة أدنى من مرتبة السراب- في حقيقته وصورته- ووراء ذلك ما وراءه من إزراء لها، واستخفاف بأصحابها؛ ونحو ذلك تشبيه أعمال مثل الذين كفروا بربهم بالرماد في قوله تعالى: ﴿ مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ ﴾(إبراهيم 18). وصورة السراب، الذي يحسبه الظمآن ماء، وإن كانت تشترك في الموضع مع صورة الرماد، الذي تعصف به الريح في المثل السابق، إلا أنها تختلف عنها اختلافًا دقيقًا ومهمًّا؛ وذلك في المغزى، ولب الغرض، وبيان ذلك: أن صورة السراب تهتم بتصوير اللهفة، والحاجة الماسَّة إلى الانتفاع بهذه الأعمال، ثم الخيبة والمفاجأة بخديعة الأمل، وأنه ما كان إلا وهمًا؛ ولهذا كانت عناصرها: الظمآن، والسراب. وهذان اللفظان هما- كما ترى- لهما دلالة قوية على هذا المغزى؛ بل إن لفظ السراب يكاد يكون رمزًا حيَّا في هذا الباب. أما صورة الرماد فإنها تهتم ببيان عدم النفع لهذه الأعمال، وأنها تصير بددًا، من غير أن تركز على معنى اللهفة والتعلق، الذي ركزت عليه صورة السراب؛ ولهذا كانت عناصرها: الرماد، والريح، واليوم العاصف. وكلها- كما ترى- تؤكد معنى الضياع، الذي يعقبه الهلاك، إضافة إلى ما ينطوي عليه لفظ الرماد من معنى الاحتراق، والخفة، وقلة الشأن. أما القيعة فهي الأرض القفر المستوية، التي لا تنبت الشجر. وقيل: هي جمع قاع، وقيعان؛ كجيرة وجار وجيران. وقيل: القيعة مفرد؛ وهو بمعنى القاع..ولما كان السراب هو ما ترقرق من الهواء في الهجير في فيافي الأرض المنبسطة؛ وكأنه ملتصق بها، جيء بالباء الدالة على الإلصاق في قوله تعالى:﴿بقيعة﴾للتعبير عن هذا المعنى. ولو قيل: كسراب في قيعة، لدل ذلك على أن القيعة كالظرف للسراب، وأن السراب داخل القيعة، وهو ليس كذلك؛ ولهذا اشترط الفرَّاء في السراب أن يكون ملتصقًا بالأرض. وفي قوله تعالى:﴿يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء﴾إشارة إلى خداع النفس بعد خداع البصر بهذا السراب؛ فإن لهفة الظمآن، وحرارة شوقه إلى الماء تغطي على عقله، فيحسب السراب ماء. مثله في ذلك مثل الخائف المذعور في سواد الليل ووحشته، يمثِّل له الوهم أشباحًا تطلع عليه من كل أفق، تريد الانقضاض عليه، والفتك به. ولهذا اختار سبحانه للتعبير عن هذا المعنى﴿يَحْسَبُهُ ﴾، دون{ يظنُّه }. وجيء به على صيغة المضارع؛ ليفيد معنى التجدُّد والاستمرار |
الساعة الآن : 02:57 AM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour