ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   الملتقى الاسلامي العام (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=3)
-   -   منهج ابن كثير في توجيه الدعاة (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=258153)

ابوالوليد المسلم 09-05-2021 01:31 AM

منهج ابن كثير في توجيه الدعاة
 





منهج ابن كثير في توجيه الدعاة












مبارك بن حمد الحامد الشريف




إن الإسلام هو الدِّين الحقُّ الذي ارتضاه الله للناس جميعًا، فسعادتُهم متوقِّفة على الالتزام به، والمسلمون جميعًا مدعوُّون إلى الأخذ به والدعوة إليه، ولا شك أن الدعاة إلى الله هم خير وسيلة في نشره وتبليغه، ولئن كانت الحاجة إلى دعاة أَكْفاء ملحَّة ودائمة، فإنها في هذا الزمن أشدُّ وأكثر؛ فعن طريق الدعاة والعلماء يتعلَّم الناس ما جَهِلوا من أمر دينهم، ويتمكَّنون من مواجهة خطر التيارات المادية الجارفة، والتي اتسع نشاطها بواسطة دعاتها ومروِّجيها، فإعداد الدعاة وتوجيههم واجبٌ على الأمة الإسلامية؛ أداءً لواجب التبليغ، ووفاء بالأمانة التي حُمِّلوا إياها [1].







وفي هذا الفصل سنتحدث عن منهج ابن كثير رحمه الله في توجيه الدعاة العِلميِّ والعَملي، والذي يشمل توجيههم بمضمون الدعوة وأساليبها ووسائلها، والعلم بأحوال المدعوِّين، والتدريب على مهمات الدعوة، والاجتهاد في طلب العلم، والتوجيه بالتخلق بخلق التواضع والقصد والاعتدال، والترفع عن اللغو، واجتناب الموبقات، والمبادرة إلى التوبة، وأن يكون الداعية قدوة حسنة، ونحو ذلك.







العلم بمضون الدعوة:



الداعية إلى الله هو من يقوم بتبليغ هذا الدِّينِ ونشرِه والدعوة إليه، وحتى يكون الداعية على منهج صحيح ومسارٍ سليم في دعوته، وحتى يكون من ورثة الأنبياء الذين يَدْعون الناس إلى عبادة الله وتوحيده واتباع شريعته، لا بد أن يكون الداعية على بصيرة وعلمٍ ونور من الكتاب والسُّنة؛ لأنه بذلك سيسلك الجادة الصحيحة والطريق المستقيم، وبدون علم بشريعة الله ودينه ستعظُم جنايته على الدِّين والأمَّة؛ لأنه لا يمكن أن يكون دليلًا وهاديًا وداعيًا إلى الإسلام وشريعته وأحكامه مَن لا يعرف ذلك، فالجاهل لا يصلُحُ لدعوة الناس وإرشادهم، فالعلم والبصيرة والبيِّنة لا بد من وجودها لدى الداعية حتى تثمر دعوته، ويتحقَّق مقصوده، كما قال سبحانه: ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ﴾ [يوسف: 108].







فبيَّن سبحانه أن الذي يدعو إلى الله على بصيرة يكون من أتْباع الرسول صلى الله عليه وسلم، أما من يدعو بدون بصيرة ولا علم، فلا يدخل في مفهوم هذه الآية الكريمة التي بيَّنتْ صفة أتْباع النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الداعية إلى الله سوف يواجه علماء ضلالة يُلقُونَ عليه الشُّبهات، ويُجادِلونه بالباطل ليُدحِضوا به الحق، فإذا لم يكن متسلحًا بسلاح العلم والمعرفة، فلن يستطيع دحض شبهات المبطِلين، وإخراج الناس من ظلمات الجهل إلى نور الإسلام، وسيلتبس عليه الأمر، ويقف في أول الطريق، ويُهزَم أمام أعداء الدِّين[2].







فالدعوة إلى الله "عطاء وإنفاق، ومن لم يكن عنده عِلمٌ ولا ثقافة، فكيف يُعطي غيرَه، وفاقد الشيء لا يعطيه؟ ومَن لم يَملِكِ النِّصابَ كيف يزكِّي؟!".







وابن كثير يؤكِّد على هذا المعنى، ويوجب على الداعية "أن يدعو إلى ما دعا إليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على بصيرة وبرهان عقليٍّ وشرعي"[3].







ومن الخطأ عند ابن كثير أن يدعوَ الإنسان فيما ليس له به علم، فيقول عند تفسير الآية: ﴿ هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ ﴾ [آل عمران: 66]:"هذا إنكار على من يحاجُّ فيما لا علم له به؛ فإن اليهود والنصارى تَحاجُّوا في إبراهيم بلا علمٍ... وأنكَرَ الله عليهم ذلك"[4].







وهذا لا يعني أنه لا يمكن أن يكون هناك داعية إلا إذا استكمل جميع جوانب العلم والمعرفة؛ لأن هذا من الصعوبة بمكان، ولكن لا بد أن يمتلك الداعية المسلم الحدَّ الأدنى من أصول الثقافة الإسلامية وفروعها، ولا بد أن يكون عارفًا بصيرًا بالمسألة التي يدعو إليها، والقضية التي يتحدث عنها[5].











[1] انظر شخصية الداعية بين التكوين والتطبيق، مبارك الشريف ص 9-10 بحث غير منشور.






[2] انظر: منهج أهل السنة والجماعة في الدعوة إلى الله، للشيخ عبدالله المعتاز ص 41-42 بتصرف واختصار، طبعة دار السلام بالرياض الطبعة الأولى 1423هـ.






[3] انظر تفسير القرآن العظيم 2 /610.






[4] المرجع نفسه 1 /456






[5] انظر شخصية الداعية بين التكوين والتطبيق، مبارك الشريف ص 172 بحث غير منشور.



















الساعة الآن : 08:44 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 8.63 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 8.54 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.09%)]