ليلة القدر فضلها وقول العلماء فيها
ليلة القدر فضلها وقول العلماء فيها
لقد عظم الله تعالى شأن ليلة القدر بقوله تعالى : { إنا أنزلناه في ليلة القدر ، وما أدراك ما ليلة القدر ، ليلة القدر خير من ألف شهر ، تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر ، سلام هي حتى مطلع الفجر }(سورة القدر) ، ويعني بالمنزل القرآن . وسميت بهذا الاسم إما لأن قدرها عند الله عظيم ، أو لأن الله تعالى يقدر فيها ما يكون من ذلك الوقت إلى مثله ، أو لأن الأرزاق فيها تقدر أي تُعَيَّن وتُقْسَم(1) . وقوله سبحانه وتعالى : { ليلة القدر خير من ألف شهر } يفيد أن الطاعة والعبادة فيها خير من ألف شهر ليس فيها ليلة القدر ، وألف شهر يساوي (83) سنة ، و (4) أشهر . وقتها : قال الإمام النووي : " وليلة القدر أفضل ليالي السنة ، خصّ الله تعالى بها هذه الأمة ، وهي باقية إلي يوم القيامة ، ومذهب جمهور العلماء أنها في العشر الأواخر من رمضان ، وفي أوتارها أرجى ، وميل الشافعي إلى أنها ليلة الحادي والعشرين ، وقال في موضع : إلى ثلاث وعشرين ، وقال ابن خزيمة من أصحابنا : هي ليلة منتقلة في ليالي العشر ، تنتقل كل سنة إلى ليلة جمعاً بين الأخبار . قلت : وهذا منقول عن المزني أيضاً ، وهو قوي ، ومذهب الشافعي : أنها تلزم ليلة بعينها ، والله أعلم " انتهى(2) . والذي قاله الأكثرون أن ميل الشافعي إلى أنها ليلة الحادي والعشرين لاغير ، وفي القديم أرجاها ليلة إحدى أو ثلاث أو سبع وعشرين ، ثم بقية الأوتار ، ثم ليلة أشفاع العشر الأواخر . وقال ابن عمر وجماعة : إنها في جميع الشهر ، وخصَّها بعض العلماء بأوتار العشر الأواخر ، وهو قول مالك من غير تعيين ليلة ، وبعضهم بأشفاعه . وقال ابن عباس وأُبي : هي ليلة سبع وعشرين ، وهو قول أحمد ، وهو مذهب أكثر أهل العلم(3) . والسبب في إبهامها على الناس أن يكثر اجتهادهم بالعبادة والطاعة في كل الليالي ويطلبونها في جميعها ، ولو أنها كانت محددة الوقت لأحياها الناس وحدها وتركوا غيرها من الليالي . ومن علاماتها أنها ليلة طلقة لا حارة ولا باردة ، وتطلع الشمس في صبيحتها بيضاء ليس فيها كثير شعاع ، فقد روى ابن عباس رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ليلة القدر قال : (( ليلة طلقة لا حارة ولا باردة ، تصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة ))رواه ابن خزيمة وغيره(4) . قيامها والدعاء فيها : يستحب قيامها وإحياؤها بالصلاة والدعاء ونحوهما ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه )) متفق عليه (5) ، ويستحب أن يكثر في ليلتها من قو ل : اللهم إنك عفوٌ تحب العفو فاعف عني ، فقد روت عائشة رضي الله عنها قالت : قلت يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة القدر ما أقول فيها ؟ قال : (( قولي اللهم إنك عفوٌ تحب العفو فاعف عني )) رواه الترمذي وقال : " حسن صحيح "(6) . وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : (( كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل العشر شدَّ مئزره ، وأحيا ليله ، وأيقظ أهله ))(7) . قال الإمام عبد الله بن علوي الحداد في كتابه " النصائح الدينية " : " وينبغي للمؤمن الفَطِن أن يكون في كل ليلة من ليالي رمضان مستعداً لليلة القدر ومستيقظاً لها ، ومداوماً على العمل الصالح ، فإن المقصود الذي عليه المعوّل : أن تأتي عليه ليلة القدر وهو مستغرق بالعمل الصالح ، ذاكراً لله تعالى ، غير غافلٍ ولاسَاهٍ ولا لاَهٍ ، وسواء بعد ذلك رأى ليلة القدر أو لم يرها ، فإن العامل فيها بطاعة الله يكون عمله فيها خيراً من عمله في ألف شهر علم بها أو لم يعلم . |
الساعة الآن : 06:44 AM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour