ثوابت الصحوة الإسلامية
من المقولات العلمانية الشائعة – في دراسة اليقظة الإسلامية الحديثة – مقولة: إن الخط البياني للتجديد والعقلانية في تاريخ هذه اليقظة كان خطاً هابطاً !.. فرشيد رضا [ 1282 -1354 هـ1865-1935 م] كان خطوة إلى الوراء , بالقياس إلى جمال الدين الأفغاني [ 1254-1314 هـ 1838 -1897 م] ومحمد عبده [ 1265 -1323 هـ 1849 – 1905 ] .. ثم جاء حسن البنا [ 1324- 1368 هـ 1906-1949 م] – وفق هذه المقولة العلمانية – فكان خطوات إلى الوراء .. وخاصة في ميدان العقلانية والتجديد .. فأين هي مبررات تلك العقول العلمانية – الشائعة – والخاطئة – التي تتحدث عن تدني وانحدار الخط البياني للتجديد والعقلانية عند أعلام هذا التيار ؟! وهذه المقولة الشائعة تحتاج إلى مراجعة وتصحيح ..ذلك أن " الثوابت " عند أعلام هذه اليقظة هي حقيقة يدركها الدارسون لتاريخها , مع التطور والتغير وفقاً لتطور وتغير الملابسات والتحديات التي مثلت " الأولويات " في عصر كل واحد من هؤلاء الأعلام .. ففي مرحلة الأفغاني ومحمد عبده , كان التركيز على نقد التخلف الموروث أكثر من التركيز على نقد التغريب ، لأن ثقل التخلف الموروث كان أكبر من ثقل التغريب , ثم إن هذا التخلف الموروث كان صانع " الفراغ " الذي يفتح الباب للتغريب .. بينما تغيرت موازين التحديات في عصر حسن البنا , عندما آتى التجديد للموروث ثمراته , فلم يعد التخلف فيه بالثقل القديم , بينما عمت بلوى الاستعمار و التغريب كل عالم الإسلام , حتى أصبح خطراً داخلياً , بعد أن كان واقفاً على الأبواب !.. فأصبح التركيز – في اليقظة الإسلامية – على نقد التغريب , أكثر منه على نقد الموروث .. ويكفي لإدراك الثوابت العقلانية عند أعلام هذه اليقظة , أن نقرأ كلمات حسن البنا , التي يقول فيها – عن علاقة العقل بالشرع - : " قد يتناول كل من النظر الشرعي و النظر العقلي ما لا يدخل في دائرة الآخر , ولكنهما لن يختلفا في القطعي , فلن تصطدم حقيقة علمية بقاعدة شرعية ثابتة , يؤول الظني منها ليتفق مع القطعي , فإن كانا خفيين فالنظر الشرعي أولى بالاتباع حتى يثبت العقلي . أو ينهار .. والإسلام لم يحجر على الأفكار ، ولم يحبس العقول .. بل جاء يحرر العقل ، ويحث على النظر في الكون ، ويرفع قدر العلم والعلماء ، والحكمة ضالة المؤمن أنّى وجدها فهو أحق الناس بها .. ولقد تذبذب تاريخ العقل البشري بين : 1-طور الخرافة والبساطة والتسليم المطلق للغيب . 2-طور المادية والتنكر لهذا الغيب المجهول .. وكلا هذين اللونين من ألوان التفكير خطأ صريح ، وغلو فاحش .. ولقد جاء الإسلام الحنيف يُفصل القضية فصلاً حقاً ، فجمع بين الإيمان بالغيب والانتفاع بالعقل .. إن المجتمع الإنساني لن يصلحه إلا اعتقاد روحي يبعث في النفوس مراقبة الله .. في الوقت الذي يجب على الناس فيه أن يطبقوا لعقولهم العنان ، لتعلم وتعرف وتخترع وتكتشف وتسخر هذه المادة الصماء ، وتنتفع بما في الوجود من خيرات وميزات .. فإلى هذا اللون من التفكير ، الذي يجمع بين العقليتين ، الغيبية والعلمية ، ندعو الناس " فهل يجد القارئ المنصف والباحث الأمين في هذه العقلانية الإسلامية ، التي عبّر عنها حسن البنا ما يخالف نظيرتها عند الأفغاني ومحمد عبده ؟ .. بل وعند حجة الإسلام أبو حامد الغزالي [ 450 – 505 هـ - 1058 – 1111 م ] وغيرهم من فلاسفة الإسلام ؟! ثم .. لقد كان كتاب محمد عبده [ الإسلام والنصرانية مع العلم والمدنية ] وكتابه [ رسالة التوحيد ] مقررات قررها حسن البنا لتُدرس في " أسر " جماعة الإخوان التي كونها .. وفي هذين الكتابين ديوان العقلانية ، كما تجلت عند طلائع مدرسة الإحياء والتجديد ... |
جزاك الله خيرا أخي ونفع بك...
بوركت وبورك طرحكم.. ودمتم شموعا تنير ملتقانا |
الساعة الآن : 10:01 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour