ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=81)
-   -   قبسات من الركنين الأولين من أركان الإسلام (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=221637)

ابوالوليد المسلم 08-01-2020 04:32 AM

قبسات من الركنين الأولين من أركان الإسلام
 
قبسات من الركنين الأولين من أركان الإسلام







الشيخ عبدالعزيز بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز الدهيشي











الحمد لله الذي هدانا للإسلام وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، هدانا إلى دين وصى به نوحًا وإبرإهيم وموسى وعيسى ولا يقبل دينًا سواه، قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85]، أحمده – سبحانه - على ما أسبغه من النعم وأسداه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا معبود بحق سواه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين ونقمة على الكفار والمشركين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:
فيا عباد الله، إن الله - جل ثناؤه - وخلقنا لعبادته وخلق كل شيء لنا إذا التزمنا بطاعته فقال - تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴾ [الذاريات: 56 - 58]، ويقول في الآية الأخرى: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ﴾ [البقرة: 29]، ووعدنا - وهو لا يخلف الميعاد - بالجزاء على أعمالنا بأحد شيئين لا ثالث لهما، إما جنة عرضها السماوات والأرض إن كنا من المتقين، أو سقر التي لا تبقي ولا تذر إن كنا من المعرضين الغافلين، والله ليس هناك سوى هاتين المنزلتين، فاجتهدوا يا عباد الله في الأعمال الصالحة مادمتم قادرين عليها، فإن العمر ساعات ولحظات، فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين ﴿ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ﴾ [النجم: 31]، والحسنى هي الجنة، والإسلام الذي رضيه الله لكم يا عباد الله مبني على خمس: أولها شهادة أن لا إله إلا الله، ولا نافع ولا ضار إلا الله، وما أصابك من سيئة فمن نفسك، وأن محمدًا رسول الله، ومعنى هذه الشهادة أن تشهد أنه رسول الله بلغ عن الله ما أرسله به إلى عباده، وأن تصدقه فيما جاء به من عند الله، وأن تمتثل ما أمر به وتجتنب ما نهى عنه، وأنه لا تصلح عبادة الله إلا بما شرعه - صلى الله عليه وسلم -، وأن العبادة لا تقبل منك إلا إذا كانت على ما شرعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وثانيهما إقام الصلاة، وإقامة الصلاة المحافظة عليها في أوقاتها مستوفاة الشروط والأركان، وإقامتها مع جماعة المسلمين في المساجد التي بنيت من أجلها وأذن الله برفعها وذكره فيها، قال جل ثناؤه: ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ﴾ [النور: 36] أجمع المفسرون على أنها المساجد، ورفعها عمارتها بالعبادة وتطهيرها من الأدناس واحترامها من اللغو والبيع والشراء فيها، وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن بيوت الله في الأرض المساجد وأن حقًا على الله أن يكرم من زاره فيها[1]. ولو لم يكن من إقامة الصلاة إلا الإتيان إليها في المساجد لكفى، لأن الله تعالى أمر برفعها وذكره فيها، ويطلق اسم المسجد على ما أعد لأداء الصلاة فيه، سواء كان في المدن أو في الصحراء لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فعنده مسجده وطهوره)[2]. وأخبر - صلى الله عليه وسلم - أن صلاة الجماعة تفضل على صلاة المنفرد بخمس وعشرين درجة، وفي رواية سبع وعشرين، وإذا اجتمعوا للصلاة في كل يوم وليلة خمس موات يرى بعضهم بعضًا ويتفقد بعضهم أحوال بعض، لأن المسلمين إخوة في الله، وكل أخ يحب معرفة حال أخيه في كل وقت وأوان، وهذا الاجتماع والمشي إلى المساجد لا يضيع عند الله، فإنه أخبر - صلى الله عليه وسلم - أن من مشى إلى المسجد فإنه لا يرفع رجلًا ويضع أخرى إلا كتب له حسنة وحط عنه خطيئة، فأكثروا رحمكم الله من هذه الحسنات ولا تتباعدوا المساجد، سيروا إليها واحتسبوا خطاكم عند الله فإن بني سلمة كانت منازلهم بعيدة عن مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهموا بالانتقال لقرب مسجد رسول الله وأخبروه - صلى الله عليه وسلم - بذلك فقال: (يا بني سلمة دياركم تكتب آثاركم)[3]، واعلموا رحمكم الله أن شأن هذه الصلاة عظيم، القائم فيها واقف بين يدي الله جبار السماوات والأرض، العظيم الذي تندك الجبال لهيبته، فينبغي للمصلي أن يستحضر عظمة الله وأنه قائم بين يديه فلا يشتغلن بغير صلاته، ولا يشغل قلبه بدنياه فينصرف عن الله فلا يعلم ما عمل في صلاته إذا قام في صلاته، بل يشغل قلبه بمخافة الله، ولسانه بذكر الله، ويتابع إمامه ولا يسابقه فإنما جعل الإمام ليؤتم به ومسابقته تخل بالصلاة، ولا يشغل جوارحه في الحركة بإصلاح ملابسه وساعته ونحوها، ولا يرفع رأسه ويشخص بصره، وينصت عند قراءة إمامه ويحضر قلبه لسماع القرآن فإن السر في الجهر بالقرآن في الصلاة لينتفع المأموم بالقرآن، يقول الله تعالى: ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الأعراف: 204] ولا تغفلوا في صلاتكم وتسهوا عنها فلا تعلموا ماذا تقولون وتفعلون فتكونون من الذين هم عن صلاتهم ساهون.

والحمد لله رب العالمين.


[1] المعجم الكبير ح (10324).

[2] صحيح البخاري ح (427).

[3] صحيح مسلم (665).



الساعة الآن : 02:26 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 8.95 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 8.86 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.05%)]