ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=81)
-   -   النهي عن الغيبة والتباغض والتقاطع (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=237250)

ابوالوليد المسلم 28-07-2020 03:48 AM

النهي عن الغيبة والتباغض والتقاطع
 
النهي عن الغيبة والتباغض والتقاطع
الشيخ عبدالعزيز بن محمد العقيل








الحمدُ لله نحمدُه، ونستعينُه ونستهدِيه، ونستغفرُه ونتوبُ إليه، ونعوذُ بالله من شُرور أنفُسِنا وسيِّئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحابته، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.







أمَّا بعدُ:



فيا عبادَ الله، اتَّقوا الله - تعالى - وتُوبوا إليه، واحذَروا عواقب التقاطُع والتدابُر، وأسباب الوحشة، وما يُباعِد بين المسلمين، فإنَّ في ذلك الضعف والدمار، واعلَموا أنَّ من أسباب ذلك الغيبة والنميمة المفرِّقة بين الإخوان والأحبَّة، والممزِّقة لشمل الأسرة، وقد حثَّ دِيننا على التآلُف والتحابِّ والتعاون والتكاتُف؛ قال - جلَّ وعلا -: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ﴾ [آل عمران: 103].







وقال: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الحجرات: 10].







وفي حديثٍ عن النُّعمان بن بشير - رضِي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مثَل المؤمنين في توادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم مثَل الجسد إذا اشتَكَى منه عضوٌ تَداعَى له سائر الجسد بالسَّهَر والحُمَّى))[1]؛ رواه مسلم.







وعن أنس بن مالكٍ - رضِي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا تباغَضوا، ولا تحاسَدوا، ولا تدابَروا، وكونوا عبادَ الله إخوانًا))؛ رواه مسلم.







فاتَّقوا الله يا عبادَ الله، واعلَموا أنَّ من أسباب التباغض والتقاطع الغيبة والتعاون على الباطل، وقد فسَّر النبي - صلى الله عليه وسلم - الغِيبة بقوله: ((أتدرون ما الغيبة؟)) قالوا الله ورسوله أعلم قال: ((ذِكرُك أخاك بما يكره))، قيل: أفرأيت إنْ كان في أخي ما أقول؟ قال: ((إنْ كان فيه ما تقولُ فقد اغتبتَه، وإنْ لم يكن فيه ما تقول فقد بهتَّه))[2]؛ رواه مسلم.







ومن أسباب البغضاء إطلاق اللسان فيما لا يحلُّ، وعدم الاتِّزان في القول، والعبد مُؤاخَذٌ ومُحاسَب على ما يقول.







ففي حديث معاذ - رضِي الله عنه - قال: قلت: يا رسول الله، أخبرني بعملٍ يدخلني الجنة ويباعدني عن النار، قال: ((لقد سألت عن عظيمٍ، وإنَّه لَيسيرٌ على مَن يسَّرَه الله - تعالى - عليه: تعبد الله لا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إنِ استَطعتَ إليه سبيلاً))، ثم قال: ((ألا أدلُّك على أبواب الخير؛ الصوم جُنَّة، والصدقة تُطفِئ الخطيئة كما يُطفِئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل)) ثم تلا: ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ﴾ [السجدة: 16]، حتى بلغ: ﴿ يَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة: 17]، ثم قال: ((ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟)) قلت: بلى يا رسول الله، قال: ((رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد))، ثم قال: ((ألا أخبرك بملاك ذلكَ كله؟)) قلت: بلى يا رسول الله، فأخذ بلسانه، قال: ((كُفَّ عليك هذا))، قلت: يا رسول الله، وإنَّا لمؤاخذون بما نتكلَّم به؟ فقال: ((ثَكِلتكَ أمُّك، وهل يكبُّ الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم؟))[3]؛ رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.







وممَّا يُحدِث البغضاء والتنافُر التحريشُ بين الناس، وذلك من أعمال الشيطان؛ فعن جابرٍ - رضِي الله عنه - قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إنَّ الشيطان قد أيس أنْ يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكنْ في التحريش بينهم))[4]؛ رواه مسلم.







فاتَّقوا الله يا عبادَ الله، واحذَروا أسبابَ الفُرقة والشَّحناء، وفساد الأعمال، وتسليط الشيطان، فإنَّ في ذلك فسادَ الدِّين والدُّنيا، وتخلَّقوا بأخلاق الإسلام، وتأدَّبوا بآداب سيِّد الأنام، فلا خير إلا دلَّكم عليه، ولا شرَّ إلا حذَّركم منه، فما أحوَجَنا إلى أنْ نتعلَّم ما نصلح به دِيننا ودُنيانا، ونتجنَّب به ما يُؤثِّر على أعمالنا.







فاتَّقوا الله يا عبادَ الله، وتعاوَنوا على البرِّ والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، واعلَموا أنَّ السعادة والراحة والطمأنينة بالتخلُّق بأخلاق دِيننا الحنيف، والتأدُّب بآداب سيد البشر نبينا - صلواتُ الله وسلامُه عليه - العزيز عليه ما يعنتنا، الحريص علينا، الرحيم بنا، فامتَثِلوا أوامره يا عبادَ الله، واجتنبوا نواهيه.







أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:



قال الله العظيم: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحجرات: 12].







بارَك الله لي ولكُم في القُرآن العظيم، ونفعَني وإياكم بما فيه من الآيات والذِّكر الحكيم، وتابَ عليَّ وعليكم إنَّه هو التوَّاب الرحيم.







أقول هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كلِّ ذنب، فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم.












واعلَموا أنَّ الكثير من الناس قد ابتُلي بالقيل والقال، والاشتغال بأعراض الناس؛ ممَّا أحدث الشقاق والنِّزاع وضَياع الأوقات بين المسلمين بما يعودُ عليهم بالضرر وضَياع الأعمال، فعلى العبد أنْ يحاسب نفسه قبل أنْ يُحاسَب، وأنْ يحذر أنْ تضيع أعماله في الدار الآخِرة في وقتٍ هو أحوج ما يكون إليها، وذلك بأنْ يُؤخَذ منها لمن ظلَمَه ووقع في عرضه، فاتَّقوا الله يا عبادَ الله، وحاسِبوا أنفسكم قبل أنْ تُحاسَبوا.








[1] مسلم: [66 - (2586)].




[2] مسلم: [70 - (2589)].




[3] الترمذي: (2616).




[4] مسلم: [65 - (2812)] بنحوه.





الساعة الآن : 08:33 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 15.87 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.78 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.59%)]