ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   الملتقى الاسلامي العام (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=3)
-   -   الإيمان بالنفخ في الصور (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=237388)

ابوالوليد المسلم 30-07-2020 02:25 AM

الإيمان بالنفخ في الصور
 
الإيمان بالنفخ في الصور
الشيخ عادل يوسف العزازي




قال الله تعالى: ﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ ﴾ [الزمر: 68]، و"الصور": هو القرن الذي ينفخ فيه الملك الموكل بالنفخ فيه، وهو إسرافيل، وهو واقف موقف الاستعداد منذ أن خلقه الله، استعدادًا لأمر الله له.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن طرف صاحب الصور مذ وكل به مستعد ينظر نحو العرش، مخافة أن يؤمر قبل أن يرتد إليه طرفه، كأن عينيه كوكبان دريان))[1].

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كيف أنعم وقد التقم صاحب القرن القرن، وحنى جبهته، وأصغى سمعه، ينتظر أن يؤمر أن ينفخ))، قال المسلمون: فكيف نقول يا رسول الله؟ قال: ((قولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل، توكلنا على الله ربنا))[2].

والنفخ في الصور يكون مرتين: الأولى: هي نفخة الصعق، والثانية: هي نفخة البعث؛ قال تعالى: ﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ ﴾ [الزمر: 68].

وقال تعالى: ﴿ مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ * فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ ﴾ [يس: 49 - 51]، وتسمى الأولى أيضًا: "الراجفة"، والثانية: "الرادفة"؛ كما قال تعالى: ﴿ يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ ﴾ [النازعات: 6، 7].

وذهب بعض أهل العلم إلى أنها ثلاث نفخات، نفخة الفزع، ونفخة الصعق، ونفخة البعث، ودليلهم في نفخة الفزع قوله تعالى: ﴿ وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ ﴾ [النمل: 87]، وممن ذهب إلى ذلك ابن تيمية رحمه الله، وابن كثير رحمه الله، وغيرهما، والعلم عند الله.

وأما عن هول هذه الصيحة فقد قال تعالى: ﴿ مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ ﴾ [يس: 49].

وقد ثبت في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما، فلا يبيعانه ولا يطويانه، ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه، ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقي، ولتقومن الساعة وقد رفع أكلته إلى فيه فلا يطعمها))[3].

و"اللقحة": هو ما يحلبه من ناقته، و"يليط حوضه"؛ أي: يصلحه فيسد ما تخرق منه قبل أن يملأه.

وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ثم ينفخ في الصور، فلا يسمعه أحد إلا أصغى ورفع ليتًا، فأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله، قال: فيصعق ويصعق الناس، ثم يرسل الله - أو قال: ينزل الله - مطرًا كأنه الظل أو الطل (نعمان الشاك)، وهو أحد الرواة، فتنبت منه أجساد الناس، ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون))[4].

ومعنى: "أصغى ليتاً، ورفع ليتاً": أمال صفحة عنقه؛ أي: ليسمع الصوت.

واعلم أن النفخ في الصور يكون في يوم جمعة، كما ثبت في الحديث عن أوس بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة؛ فيه خُلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا علي من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم معروضة عليَّ))[5].

أما المدة بين النفختين: ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما بين النفختين أربعون))، قالوا: يا أبا هريرة، أربعون يومًا، قال: أبيت، قالوا: أربعون شهرًا، قال: أبيت، قالوا: أربعون سنة، قال: أبيت[6].

ومعنى "أبيت" فيه ثلاثة تأويلات، أولها: امتنعت عن بيان ذلك لكم، وقيل: أبيت أسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وقيل: نسيت.

وبقي سؤال، وهو: من هم الذين استثناهم الله في قوله: ﴿ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ﴾ [الزمر: 68]؟
والجواب: أن العلماء تنازعوا في تحديد الذين استثناهم الله على أقوال متعددة، يستندون فيها إلى آراء أو أحاديثَ لا تصح، والأَوْلى في ذلك أن نكل علم ذلك إلى الله.

قال القرطبي رحمه الله: قال شيخنا أبو العباس: (الصحيح أنه لم يرد في تعيينهم خبر صحيح، والكل محتمل)[7].

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (وأما الاستثناء فهو متناول لمن في الجنة من الحور العين؛ فإن الجنة ليس فيها موت، ولا يمكن الجزم بكل ما استثناه الله؛ فإن الله أطلق في كتابه... والنبي صلى الله عليه وسلم توقَّف في موسى هل هو داخل في الاستثناء فيمن استثناه الله أم لا؟

فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لم يخبر بكل من استثنى الله، لم يمكنا نحن أن نجزم بذلك، وصار هذا مثل العلم بوقت الساعة وأعيان الأنبياء، وأمثال ذلك مما لم يخبر الله به، وهذا العلم لا ينال إلا بالخبر، والله أعلم)[8].


[1] رواه الحاكم (4/ 603)، وصححه، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1078).

[2] رواه الترمذي (3243)، وحسنه، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1079).

[3] رواه البخاري (6506).

[4] رواه مسلم، كتاب الفتن باب خروج الدجال (2940).

[5] صحيح: رواه أبو داود (1047)، والنسائي (3/ 91)، وابن ماجه (1085)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (2212).

[6] رواه البخاري (4814)، ومسلم (2955).

[7] التذكرة (ص188).

[8] مجموع الفتاوى (4/ 261).




الساعة الآن : 01:45 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 11.84 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 11.74 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.79%)]