| 
| ابوالوليد المسلم | 16-10-2020 05:03 AM |  
 الأدلة على وجود الله تعالى
  			 				 					الأدلة على وجود الله تعالى
 
 الشيخ محمد طه شعبان
 
 
 
 
 
 
 دَلَّ عَلَى وُجُودِ اللهِ تَعَالَى الشَّرْعُ وَالْفِطْرَةُ وَالْعَقْلُ.
 فَأَمَّا أَدِلَّةُ الشَّرْعِ فَكَثِيرَةٌ؛ مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ   رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ   أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ   يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ   بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ   الْعَالَمِينَ ﴾ [الأعراف: 54].
 وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿    إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي   سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا   مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ   فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ  ﴾ [يونس: 3].
 
 وَأَمَّا دَلَالَةُ  الْفِطْرَةِ عَلَى  وُجُودِ اللهِ تَعَالَى: فَهُوَ الِافْتِقَارُ  الذَّاتِيُّ الْمَوْجُودُ  دَاخِلُ نَفْسِ كُلِّ إِنْسَانٍ؛ وَيَظْهَرُ  ذَلِكَ عِنْدَ  الِابْتِلَاءَاتِ وَالشَّدَائِدِ؛ حَيْثُ يَلْجَأُ  الْإِنْسَانُ عِنْدَ  الْمَصَائِبِ وَالْمَخَاطِرِ إِلَى نِدَاءِ اللهِ  تَعَالَى،  وَالِاسْتِغَاثَةِ بِهِ كَائِنًا مَنْ كَانَ ذَلِكَ  الْإِنْسَانُ مَؤْمِنًا  أَوْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ.
 
 فَفِي الشِّدَّةِ تَبْدُو  فِطْرَةُ  النَّاسِ جَمِيعًا كَمَا هِيَ فِي أَصْلِهَا الَّذِي خَلَقَهَا  اللهُ  عَلَيْهِ، وَعِنْدَمَا تَمُرُّ الْمِحْنَةُ، وَتَأْتِي الْعَافِيَةُ   وَالنِّعْمَةُ، يَعُودُونَ إِلَى مُخَالَفَةِ فِطْرَتِهِمْ مَرَّةً   أُخْرَى، وَقَدْ كَرَّرَ اللهُ تَعَالَى هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرًا فِي   كِتَابِهِ الْكَرِيمِ؛ مِنْ ذَلِكَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا   مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ   فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ   كَفُورًا ﴾ [الإسراء: 67].
 وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا   مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ   قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا   إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا   يَعْمَلُونَ ﴾ [يونس: 12].
 
 وَأَمَّا دَلَالَةُ  الْعَقْلِ  عَلَى وُجُودِ اللهِ تَعَالَى: فَلِأَنَّ هَذِهِ  الْمَخْلُوقَاتِ -  سَابِقُهَا وَلَاحِقُهَا - لَا بُدَّ لَهَا مِنْ  خَالِقٍ أَوْجَدَهَا؛ إِذْ  لَا يُمْكِنُ أَنْ تُوجِدَ نَفْسَهَا  بِنَفْسِهَا، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ  تُوجَدَ صُدْفَةً.
 فَهِيَ لَا يُمْكِنُ أَنْ  تُوجِدَ  نَفْسَهَا بِنَفْسِهَا؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يَخْلُقُ  نَفْسَهُ؛  لِأَنَّهُ قَبْلَ وُجُودِهِ كَانَ عَدَمًا؛ فَكَيْفَ يَكُونُ  خَالِقًا؟!
 وَلَا يُمْكِنُ أَنْ  تُوجَدَ صُدْفَةً؛  لِأَنَّ كُلَّ حَادِثٍ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُحْدِثٍ،  وَلِأَنَّ وُجُودَهَا  عَلَى هَذَا النِّظَامِ الْبَدِيعِ المُحْكَمِ،  وَالتَّنَاسُقِ  الْمُتَآلِفِ، وَالِارْتِبَاطِ الْمُلْتَحِمِ بَيْنَ  الْأَسْبَابِ  وَمُسَبَّبَاتِهَا، وَبَيْنَ الْكَائِنَاتِ بَعْضِهَا مَعَ  بَعْضٍ يَمْنَعُ  مَنْعًا بَاتًّا أَنْ يَكُونَ وُجُودُهَا صُدْفَةً.
 
 وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ  أَنْ تُوجِدَ  هَذِهِ الْمَخْلُوقَاتُ نَفْسَهَا بِنَفْسِهَا، وَلَا أَنْ  تُوجَدَ  صُدْفَةً، تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ لَهَا مُوجِدٌ؛ وَهُوَ اللهُ  رَبُّ  الْعَالَمِينَ.
 وَقَـدْ ذَكَرَ اللهُ  تَعَالَى هَذَا  الدَّلِيلَ الْعَقْلِيَّ وَالْبُرْهَانَ الْقَطْعِيَّ فِي  سُورَةِ  الطُّورِ؛ حَيْثُ قَالَ تَعَالَى ﴿ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ   ﴾ [الطور: 35]؛ يَعْنِي أَنَّهُمْ لَمْ يُخْلَقُوا مِنْ غَيْرِ خَالِقٍ،   وَلَا هُمُ الَّذِينَ خَلَقُوا أَنْفُسَهُمْ؛ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ   خَالِقُهُمْ هُوَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى؛ وَلِهَذَا لَمَّا سَمِعَ   جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ رضي الله عنه رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم   يَقْرَأُ سُورَةَ الطُّورِ فَبَلَغَ هَذِهِ الْآيَاتِ: ﴿ أَمْ   خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا   السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ (36) أَمْ عِنْدَهُمْ   خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ ﴾ [الطور: 35 - 37]،   وَكَانَ جُبَيْرٌ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكًا، قَالَ: "كَادَ قَلْبِي أَنْ   يَطِيرَ، وَذَلِكَ أَوْلَ مَا وَقَرَ الْإِيمَانُ فِي قَلْبِي"[1].
 
 وَلْنَضْرِبْ مَثَلًا يُوَضِّحُ ذَلِكَ:   فَإِنَّهُ لَوْ حَدَّثَكَ شَخْصٌ عَنْ قَصْرٍ مَشِيدٍ، أَحَاطَتْ بِهِ   الْحَدَائِقُ، وَجَرَتْ بَيْنَهَا الْأَنْهَارُ، وَمُلِئَ بِالْفُرُشِ   وَالْأَسِرَّةِ، وَزُيِّنَ بِأَنْوَاعِ الزِّينَةِ، وَقَالَ لَكَ: إِنَّ   هَذَا الْقَصْرَ قَدْ أَوْجَدَ نَفْسَهُ، أَوْ وُجِدَ هَكَذَا صُدْفَةً   بِدُونِ مُوجِدٍ، لَبَادَرْتَ إِلَى إِنْكَارِ ذَلِكَ وَتَكْذِيبِهِ،   وَعَدَدَتَ حَدِيثَهُ سَفَهًا مِنَ الْقَوْلِ؛ أَفَيَجُوزُ بَعْدَ ذَلِكَ   أَنْ يَكُونَ هَذَا الْكَوْنُ الْوَاسِعُ بِأَرْضِهِ وَسَمَائِهِ   وَأَفْلَاكِهِ الْبَدِيعُ الْبَاهِرُ الْمُحْكَمُ الْمُتْقَنُ قَدْ   أَوْجَدَ نَفْسَهُ، أَوْ وُجِدَ صُدْفَةً بِدُونِ مُوجِدٍ؟!
 وَقَدْ فَهِمَ هَذَا  الدَّلِيلَ  الْعَقْلِيَّ أَعْرَابِيٌّ يَعِيشُ فِي الْبَادِيَةِ؛ فَلَمَّا  سُئِلَ:  بِمَ عَرَفْتَ رَبَّكَ؟ قَالَ: الْبَعْرَةُ تَدُلُّ عَلَى  الْبَعِيرِ،  وَالْأَثَرُ يَدُلُّ عَلَى الْمَسِيرِ، فَسَمَاءٌ ذَاتُ  أَبْرَاجٍ،  وَأَرْضٌ ذَاتُ فِجَاجٍ، وَبِحَارٌ ذَاتُ أَمْوَاجٍ، أَلَا  تَدُلُّ عَلَى  السَّمِيعِ الْبَصِيرِ؟!
 
 
 [1] أخرجه البخاري (4023، 4854).
 
 
 
 
 
 
 
 
 |