ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=81)
-   -   عبودية استماع القرآن العظيم (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=274152)

ابوالوليد المسلم 15-02-2022 07:17 PM

عبودية استماع القرآن العظيم
 
عبودية استماع القرآن العظيم
حسام بن عبدالعزيز الجبرين





﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا ﴾ [الكهف: 1]، نحمده حمدًا كثيرًا طيِّبًا مبارَكًا فيهِ، مبارَكًا عليْهِ كما يحبُّ ربُّنا ويرضى، وأشهد ألا إله إلا الله ﴿ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ﴾ [الفرقان: 2]، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله بشّر وأنذر، ورغّب وحذّر، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.



أما بعد:

فأوصيكم ونفسي بتقوى الله والاستزادة مما ينميها والحذر مما يخرق ثوبها، فإن عاقبة التقوى جنة عالية، دائمة متجددة ﴿ وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133].



عباد الرحمن: إليكم هذا الموقف النبوي.

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى اللهَ عليه وسلم: «اقْرَأْ عَلَيَّ»، قالَ: قُلتُ: أقْرَأُ عَلَيْكَ وعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟! قالَ: «إنِّي أشْتَهِي أنْ أسْمعهُ مِن غيرِي» قالَ: فَقَرَأْتُ النِّساءَ حتَّى إذا بَلَغْتُ: ﴿ فَكيفَ إذا جِئْنا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بشَهِيدٍ، وجِئْنا بكَ علَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 41] قالَ لِي: «كُفَّ » - أوْ « أمْسِكْ » - فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَذْرِفانِ " أخرجه الشيخان.



إخوة الإيمان: استماع القرآن عبادة جليلة، فهذا خبر نبينا صلى الله عليه وسلم مع استماع القرآن قد سمعناه آنفا، وفي التنزيل آيات كثيرة تنوّه بفضل هذه العبادة! فمن ذلك: أن استماع القرآن يغذي الإيمان! قال تعالى: ﴿ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا ﴾ [الأنفال: 2].



واستماع القرآن من أبواب الرحمة قال سبحانه: ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الأعراف: 204].

والعبد إذا استمع كلام ربه جل جلاله زاد إيمانه ووصل الأثر إلى جوارحه ومن ذلك: أنه يقشعر جلده قال سبحانه ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾ [الزمر: 23].



عباد الرحمن: والإيمان إذا ملأ القلب وصل أثره إلى العين فسال دمعها وهذا نتيجة من نتائج استماع القرآن!

قال سبحانه: ﴿ وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ﴾ [المائدة: 83].



والعبد حين يُحْضِرُ قلبه ويستمع لكلام ربه سبحانه يزيد إيمانه وقد يتعدى الأمر من فيض عينه بالدمع إلى البكاء ! كما أخبر - عزَّ شأنه - فقال: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا * وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا ﴾ [الإسراء: 107 – 109] وفي موضع آخر أخبر سبحانه عن صفوة خلقه فقال: ﴿ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا ﴾ [مريم: 58] وإلى الله المشتكى من قسوة قلوبنا!



عباد الرحمن: يحرص كثير من الناس على تلاوة القرآن وهذا عظيم ويغبطون كثير التلاوة ولكنهم يزهدون في عبادة استماع القرآن! وقد مر بنا آنفا آيات كثيرة تبين منزلة استماع القرآن، وإليكم هذه الفتوى!



سألتْ سائلةٌ الشيخ ابن باز - رحمه الله - السؤال التالي:

هل ثواب وأجر من يستمع إلى القرآن الكريم عبر الأشرطة مثل ثواب وأجر من يقرأ؛ لأنني أستمع كثيرًا للقراءة عبر الأشرطة هل ينقص أجري في ذلك؟

فأجاب: نرجو لك الأجر في ذلك وأنه مثل القارئ؛ لأن المستمع كالقارئ، فالذي يستمع شريك للقارئ، فإذا استمع بنية صالحة وإخلاص يريد الفائدة فنرجو له مثل أجر القارئ، فهما في الأجر سواء القاري والمستمع.



فنوصي جميع إخواننا في الله من الرجال والنساء بالعناية بسماع القرآن، والتدبر والتعقل... الخ كلامه رحمه الله.

نفعني الله وإياكم بالكتاب والسنة وبما فيهما من الهدى والحكمة واستغفروا الله إنه كان غفَّارًا.

♦♦♦♦



الحمد لله...

أما بعد:

إخوة الإيمان فأثر القرآن ليس مقتصرًا على المؤمنين بل أثره حتى على الكفار، جاء جبير بن مطعم وكان من كفار قريش ليفاوض النبي صلى الله عليه وسلم في أسارى بدر فلما وصل إلى المسلمين وإذا بهم في صلاة المغرب وكان النبي صلى الله عليه وسلم إمامهم ويقرأ سورة الطور فتأثر جبير بن مطعم كثيرًا مع أنه وقتها من صناديد قريش يقول جبير: سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقْرَأُ في المَغْرِبِ بالطُّورِ، فَلَمَّا بَلَغَ هذِه الآيَةَ: ﴿ أَمْ خُلِقُوا مِن غيرِ شيءٍ أمْ هُمُ الخَالِقُونَ * أمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ والأرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ * أمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أمْ هُمُ المُسَيْطِرُونَ ﴾ [الطور: 35 – 37]، قالَ: كَادَ قَلْبِي أنْ يَطِيرَ ! " أخرجه البخاري وفي رواية أخرى: "سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يَقْرَأُ في المَغْرِبِ بالطُّورِ، وذلكَ أوَّلَ ما وقَرَ الإيمَانُ في قَلْبِي". أخرجه البخاري.



إخوة الإيمان:

وليس التأثر من سماع القرآن خاصا بالبشر بل أخبر سبحانه عن تأثر تلك المخلوقات الخفية ﴿ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا ﴾ [الجن: 1]، وفي موضع آخر قال سبحانه: ﴿ وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ ﴾ [الأحقاف: 29].




بل إن الملائكة تحب سماع القرآن! فهذا أُسيد بن حضير رضي الله عنه بيْنَما هو يَقْرَأُ مِنَ اللَّيْلِ سُورَةَ البَقَرَةِ، وفَرَسُهُ مَرْبُوطَةٌ عِنْدَهُ، إذْ جالَتِ الفَرَسُ فَسَكَتَ فَسَكَتَتْ، فَقَرَأَ فَجالَتِ الفَرَسُ، فَسَكَتَ وسَكَتَتِ الفَرَسُ، ثُمَّ قَرَأَ فَجالَتِ الفَرَسُ فانْصَرَفَ،...قال فَرَفَعْتُ رَأْسِي إلى السَّماءِ، فإذا مِثْلُ الظُّلَّةِ فيها أمْثالُ المَصابِيحِ، فَخَرَجَتْ حتَّى لا أراها، قالَ له النبي صلى الله عليه وسلم: « وتَدْرِي ما ذاكَ؟ »، قالَ: لا، قالَ: « تِلكَ المَلائِكَةُ دَنَتْ لِصَوْتِكَ، ولو قَرَأْتَ لَأَصْبَحَتْ يَنْظُرُ النَّاسُ إلَيْها، لا تَتَوارَى منهمْ ».( رواه البخاري)




وختامًا عبدَ الله: فهذا استماع القرآن يثمر زيادة الإيمان والاستبشار وقشعريرة الجلد ودمع العين والبكاء، فاحرص على كثرة استماع القرآن، وابحث عن تلاوات خاشعة، واستمع لمن تجد قلبك في تلاوته من القراء، وستجد في محركات البحث خيرًا كثيرًا من التلاوات الخاشعة.. ثم صلوا وسلموا...







الساعة الآن : 02:35 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 11.88 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 11.78 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.79%)]