| 
| ابوالوليد المسلم | 06-09-2022 05:24 AM |  
 الطبع والتكلف من قضايا النقد القديم
  			 				 					الطبع والتكلف من قضايا النقد القديم
 الطيبي بن عبدالرحمن
 
 ليس النقد بنيويةً، وليست البنيويةُ منهجًا نقديًّا!
أمَّا بعدُ:
أيها السادة الفضلاء والأحباب الكرام،   إن من معاني النقد اختلاسَ النظرِ، جاء في المحكم والمحيط الأعظم: "نقَدَ   الرجلُ الشيءَ بنظَرِه ينقده نقدًا، ونقدَ إليه: اختلسَ النظر نحوه"  ا.هـ.
وهذا المعنى من معاني  النقد في تراثِنا  الأدبي القديم هو ما تفعله أيها الأديبُ العاشقُ الأدبَ،  عند عثورِك على  جوهرةٍ من جواهرِ الأدب، فتراك تختلس النظرَ إليها خفية  وهمسًا، وتتردَّد  إليها ذهابًا وإيابًا، إكبارًا لها وإعجابًا بها؛ وهو  مَا تفعله أيها  الأديبُ عند نسجك وإبداعك نصًّا أدبيًّا، تختلسُ النظرَ  إليه بين الفينةِ  والأخرى رضًا وإعجابًا بما صنعَت، أو تقويمَ اعوجاجِ مَا  قد تكون أغفلتَ.
وعلى هذا فالأديبُ هو  الناقدُ الأول  لأدبِه، كيف لا؛ وهو ينقدُ لنصِّه الأدبيِّ من اللآلِئ  والجواهرِ ما يظهرُه  به في أحلى حُلَّةٍ وأنصع بيانٍ؟!
وقد عاب بعضُ نقَّادنا  القدامى هذا النقدَ  وعدُّوه عيًّا وعيبًا وتكلُّفًا، وآثروا الطبعَ على  الصَّنعة، وليسَ لهم  ذلك؛ لأن النصَّ الأدبيَّ إذا خرجَ من يد صاحبه أصبحَ  في يد غيرِه، وكان  عرضَةً لنقد النقَّاد، ذمًّا وتشريحًا وتجريحًا.
فأولَى بالأديبِ أن يتوَلَّى نقدَ أدبِه، ويتفقَّده كما تتفقَّد الأمُّ ابنَها وتتعاهده، قبلَ أن يصبحَ تحتَ رحمةِ وشفقةِ غيرِه.
وإذا كان النصُّ الأدبيُّ  قصيدةً شعريَّة  تُروى فتسير بها الرُّكبانُ، وكانَ المجتمعُ جَاهليًّا؛  أعلى بيانِه  ومنتهَى علمِه الشعرُ، كما قال عمرُ بن الخطابِ رضي الله عنه:  "كانَ الشعرُ علمَ قومٍ، لم يكن لهم علمٌ أصحَّ منه"؛ فإن المجتمع إذ ذاك عيون نقدة، حتَّى الصبيُّ الناشئ المبتدئ أَخبرُ ما يكونُ بعيوبِ الشعرِ، كما هو الحالُ في قصَّة "استَنْوَق الجملُ"؛ لطَرَفة بنِ العبد.
فلا عجبَ إذًا من منعِ  فحولِ الشُّعراء  أبناءَهم؛ بل وضربهم نهيًا لهم عن قول الشعرِ قبل أن  يُحكِموا صنعتَه، كما  هو حالُ زهيرِ بن أبي سُلمى مع ابنه كعبٍ رضي الله  عنه، ولا عجب أيضًا في  تنقيح الفحولِ شعرَهم حَولاً كاملاً.
قال سويد بن كراعٍ:
 
 |