رد: قصيدة (أبناؤنا) للشاعر خالد البيطار - مثال على القصة الشعرية الصريحة
صور مكررة مللت وجودها https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ولقد تكون حبيبة لأبٍ خلي https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif أرسلتهم حتى يزوروا جدهم https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وأريح نفسي من عناء معضل https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وجلست وحدي والحديث يطول إن https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif أرسلته في شرح ما قد عنّ لي https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif أحسست بالصمت المخيف وبالأسى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وحسبت أن الموت آت يبتلي https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif لا حس لا أصوات أسمعها هنا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif البيت أصبح مثل قبر ممحل https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وصبرت لكن لم أطق صبراً به https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif فنهضت أمشي مشية المتعجل https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وحملتهم ورجعت للنعمى التي https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif هي من هبات المنعم المتفضل https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif العناصر القصصية في هذه القصة: الموضوع: هنا صخب الأطفال وخصامهم فيما بينهم، وما يؤدي ذلك إليه من الضجيج، وخصامه معهم ليركنوا على الهدوء، وهو الشاعر.. وأحوج ما يكون إلى هو الهدوء، ولا شيء غير الهدوء. فالموضوع إنساني، وكم من المرات يمر على الآباء في الأيام المتقاربة، وربما في اليوم الواحد، مرة أو أكثر، ولاسيما عائلات المغتربين... يعاني من ذلك كثير من الآباء إن لم نقل كلهم. الأشخاص: الشاعر وأولاده، والشاعر لم يرسم لنا أجواءهم النفسية، بان جعل مثلاً واحداً عنده طاقة أكثر من بقية إخوته، وهذا يعني أنه أكثرهم عراماً، وعرام الصبي نجابة.. وما شأن أم الأولاد؟ أليس لها شان؟ أم أن الشاعر لا يريد أن يعرج على ذلك الإنسان، بل يجب أن يتوارى خلف الحروف والكلمات.. الحوار: ما هو حوار بالمعنى الفني، إنما جاء مسترسلاً مع الأسلوب بواقعية محببة. الصراع: وليس في القصة صراع محدد، فالنص كله صراع، ولكن بمعناه الواقعي لا بمعناه الفني أيضاً، الصراع الفني صراع الفكر ينتج عن عنف الحوار أحياناً، والصراع هنا صراع الضرب واللكم والصراخ. الحبكة: جيدة فما زال الشاعر يمسك بخيوط الجاذبية والتشويق إلى أن وصلت بنا قصته إلى العقدة؛ أرسلهم إلى جدهم ليرتاح، فهل تحقق أمله؟. لقد عاش الشاعر مدة كافية أن يعمل المنولوج عمله على غير ما رأينا، لقد كان سريعاً في الحل، ولو تأنى لجاء الصراع يضاهي أرنست هيمنجواي في قصته (الشيخ والبحر) فهي كلها حديث النفس، ليس فيها أحداث سوى اضطراب سمكته الكبيرة، فلا الشيخ قادر على إنقاذها من وحوش البحر ولا الطفل؛ فكلاهما ضعيف. إنها لفرصة أسرع الشاعر في حل عقدة القصة هنا، لم يستوعبها الشاعر فأضاعها، ولقد أضاع نفيساً هنا. العقدة: تكمن في غياب الأولاد. الحل: هو عدم صبره على بعادهم.. حملهم وعاد بهم إلى البيت. وحملتهم ورجعت.. وما بين البيت والذي قبله عالم من المعاني والانفعالات والصور والأحاسيس والمشاعر. حل هذه العقدة جاء مفاجئاً ويسمى (لحظة التنوير). ومع ما يقال في هذه القصيدة؛ فإنها قصة شعرية كاملة، استحوذت على عناصر الشعر القصصية. فكيف جاءت عناصر الشعر الفنية؟. العناصر الشعرية في القصيدة: (كم كنت أعجب بالهدوء!). أسلوب النص أسلوب بسيط، وجدنا فيه بعض الصور البسيطة. استهلال بأسلوب الإنشاء، والأساليب الإنشائية أرق وأندى من أساليب الخبر، وهذه الأداة (كم) التعجبية تفيد التكثير، أي كثيراً ما كان الشاعر يعجب بالهدوء ويشتهيه، فالمتلقي يدرك بداهة أن هذه المقدمة إيحائية، وأنها ترمز إلى عالم كامل من الصخب الذي يسكن إحساس الشاعر وأعصابه، وإلا لما أعجب كثيراً بالهدوء.. لو أن إنساناً كان معذباً في معمله أو في عمله ومرتاحاً في بيته لهان الأمر إذ خف عنه وقع الألم لأنه بعد انصرافه من عمله يعلق عباءته على مشجب العمل تاركاً همه وغمه هناك، ويأتي إلى بيته ليلقى الراحة والهدوء والاطمئنان؛ أما إذا غدا البيت مصدر إزعاج، فكيف يكون الأمر؟. البيت هو الكهف الذي يأوي إليه الحران ليستظل بظلاله الهادئة الوارفة، وهو الروضة التي يعبق منها الشذى في أنف الحياة، وهو السكن والطمأنينة التي تنشر الحب والجمال.. فالمطلع ذو لإيحاءات جمالية رائعة.. والشاعر يشارك الطبيعة في إحساسه وهو يصف عراك أولاده؛ فالبساط يصبر تحت ضغط الأقدام، لكنه يخرج عن طوره في حال صراع أبنائه، والوسائد لا تطيق البعد عن الصراع، لقد دخل الإحساس إلى عالم الجماد؛ فالوسائد تطيق أو لا تطيق... فمن أين مصادر هذا المعنى؟. يقول الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ﴾ [الإسراء: 44] ويقول الله تعالى حكاية عن سيدنا موسى على نبينا وعليه أفضل الصلاة وأزكى السلام: ﴿ فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ ﴾ [الكهف: 77]. الجدار يريد أو لا يريد! لمن تكون الإرادة؟ أليست الإرادة للكائن الحي؟ بل أليست الإرادة للكائن الحي الذي يعقل؟. حتى الوسائد لا تطيق بأن تكون عن العراك بمعزل. في النص قول الشاعر: (وأنا أنادي: يا بني أن اهدؤوا). وهذه الأداة (أنْ) التفسيرية، لا تأتي بعد القول، وإنما تأتي بعد الإشارة، وفيها معنى القول دون حروفه، كان تقول: أشار الوالد لولده أن اهدأ. ونحن نضع الأداة: (ألا) في مكان تلك الأداة، فيستقيم الأسلوب، وهذه ملاحظة بسيطة لا تقدم ولا تؤخر. فالنص قد اكتملت فيه عناصر القصة الفنية، ولكن الفن الشعري لم يكن على المستوى القصصي المحلق، فالعاني بسيطة، قريبة الدلالة، كأنما تروي حكاية نثرية. وبالمقارنة مع نص الشاعر في ديوانه أشواق وأحلام، في قصة ذلك الحلم الجميل. كانت القصة مقصرة عن بعض عناصرها الفنية، كما رأينا، ولكن الفن القصصي كان في منتهى الروعة، وهنا العكس، والشاعر يملك ناصية كلا الفنين لو أعطى كل فن حقه في القصيدة الواحدة. |
الساعة الآن : 04:10 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour