جهود في تصحيح نسبة الشعر


د. عبدالحكيم الأنيس










من جهود العلماء والأدباء والمحققين المشكورة التحرّي في نسبة الشعر إلى قائله، وأسوقُ هنا بعضَ الأمثلة على ذلك:

1- جاء في "إعانة الطالبين على حلِّ ألفاظ فتح المعين" للشيخ عثمان بن محمد شطا الدمياطي الشافعي البكري (ت بعد: 1302هـ) (4/5):

"...ومنه أيضًا ما في قول الإمام مالك:

العلمُ صيدٌ والكتابة قيدُهُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

قيِّدْ صيودَك بالحبال الواثقهْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

فمن الحماقة أنْ تصيدَ غزالةً https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

وتفكَّها بين الخلائق طالقهْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

قلت:

هكذا جاء هنا، وفي غير موضعٍ، لكن قال الأديب أحمد بن المأمون البلغيثي العلوي الحسني (ت: 1348هـ) في كتابه "الابتهاج بنور السراج" صـ 53 بعد أن ذكر (قيدوا العلم بالكتابة):

"وعقده سحنون بقوله:

العلمُ صيدٌ والكتابة قيدُهُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

قيِّدْ صيودَك بالحبالِ الموثقهْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

ومن الحماقة أن تصيدَ حمامةً https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

وتتركها بين الأوانسِ مطلقهْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

هكذا ذكر البيتين الحطّابُ في حواشيه على الرسالة، ونسبهما لسحنون، وكذا رويتُهما عن جماعة من الأشياخ والأدباء، وكذلك وجدتُهما بخطوط قديمة جدًا، ولا يخفى أن الشطر الأخير غير متزن، وكل من رويتهما عنه يذكر أنه سمعه كذلك. وقد جرت محاورة فيه بين أدباء الوقت مع اتفاقهم على أنه مروي، فلهذا لم أصلحه".

••••




2- ونسب فيليب طرازي في كتابه "تاريخ الصحافة العربية" (1/109) وعدد من الأدباء منهم الزركلي في "الأعلام" (3/275) هذين البيتين:

قد قضى اللهُ أن أموت غريبًا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

في بلادٍ أُساق كرهًا إليها https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

وبقلبي مُخدَّرات معانٍ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

نزلتْ آيةُ الحجاب عليها https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

نسبوهما إلى رزق الله حسون المتوفى سنة (1298هـ-1880م) وقال طرازي: "على أصح الروايات التي محصتُها".



ولكن قال الشيخ راغب الطباخ في "إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء" (7/369):

"البيتان ليسا له، بل هما قديمان لم نقفْ على ناظمهما إلى الآن، إنما شطرهما الأديبُ عمر اللبقي الحلبي أحد رجال تاريخ المرادي المتوفى سنة 1189هـ...".

••••




3- ونسب الشيخ عبدالحي الكتاني في كتابه "فهرس الفهارس والأثبات" هذين البيتين:

طلبتُ المستقرَّ بكل أرضٍ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

فلم أر لي بأرض مستقرا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

تبعتُ مطامعي فاستعبدتني https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

ولو أني قنعتُ لكنتُ حرا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

نسبهما إلى الشيخ محمد بن محمد الفلاني الكنتاوي (ت: 1154هـ).



وبيَّن المحققُ الأستاذ إحسان عباس أن هذا لا يصح، وأن البيتين مذكوران في "وفيات الأعيان" (2/144) في ترجمة الحلاج.

••••




4- ونسب الشيخ عبدالرؤوف المُناوي في كتابه "الكواكب الدرية" (2/290) إلى الفقيه محمد بن الموفق الخبوشاني (510 - 587هـ) هذين البيتين:

فإنْ تسألوني بالنساء فإنني https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

خبيرٌ بأدواءِ النساء طبيبُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

إذا شاب رأسُ المرءِ أو قلَّ مالُهُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

فليس له مِن ودهنَّ نصيبُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

وبيَّن المحققُ السيد محمد أديب الجادر أنَّ هذه النسبة وهم، وأن البيتين لعلقمة بن عبدة في "ديوانه" صـ 35.