الحث على الزواج
الحث على الزواج الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي الخطبة الأولى إنَّ الحمدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.أمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ- عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ. عِبَادَ اللهِ؛ اِعْلَمُوا أنَّ الزَّوَاجَ مِنْ أَفْضَلِ النِّعَمِ التِـي أَنْعَمَ اللهُ بِـهَا عَلَى الْبَشَرِ، وهُوَ الأَمْرُ الْفِطْرِيُّ، الَّذِي جُبِلَ عَلَيْهِ الْـخَلْقُ. وَهُوَ سُنَّةُ الأَنْبِيَاءِ والْمُرْسَلِيـنَ، وَمِنْ أَسْبَابِ دَوَامِ الْبَشَرِيَّةِ، وَاستِمْرَارِ الْـحَيَاةِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ﴾ [النساء: 3]. وَلَمَّا أَرَادَ بَعْضُ الصَّحَابِةِ-رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ- أَنْ يَتَعَفَّفُوا عَنِ النِّكَاحِ نَـهَاهَمُ النَّبِـيُّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ: «... وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي »؛ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. وَلَمَّا أَرَادَ أحَدُ الصَّحَابِةِ-رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ- أَنْ يَـخْتَصِيَ حَتَّـى يَقْطَعَ شَهْوَتَهُ، وَيَتَفَرَّغَ لِلْعِبَادَةِ؛ نَـهَاهُ النَّبِـيُّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، عَنْ ذَلِكَ؛ يَقُولُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (وَلَوْ أَذِنَ لَهُ لاَخْتَصَيْنَا»؛ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. وحث، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، عَلَى الزَّوَاجِ؛ فَقَالَ: « تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ، إِنِّي مُكَاثِرٌ الْأَنْبِيَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ »؛ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ لِغَيْـرِهِ. وَحَثَّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، الشَّبَابَ بِشَكْلٍ خَاصٍّ عَلَى الزَّوَاجِ؛ فَقَالَ: « يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ»؛ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. فَهُنَا يَـحُثُّ الرَّسُولُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، الشَّبَابَ الَّذِينَ يَـمْلِكُونَ الْقُدْرَةَ الْمَالِيَّةَ والْـجَسَدِيَّةَ، وَالشَّهْوَةَ الْفِطْرِيَّـةَ، عَلَى الزَّوَاجِ. وَأَدِلَّةُ الْـحَثِّ عَلَى النِّكَاحِ كَثِيـرَةٌ؛ وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ كَثِيـرًا مِنَ الشَّبَابِ وَالشَّابَاتِ يُفَرِّطُونَ بِأَلَذِّ مُتْعَةٍ جَسَدِيَّةٍ خَلَقَهَا اللهُ، وَمِنْ ثِـمَارِهَا الْأَوْلَادُ؛ الَّذِينَ هُمْ زِينَةُ الْـحَيَاةِ الدُّنْيِا، وَمِنْ ثِـمَارِهَا مُفَاخَرَةُ النَّبِـيِّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، بِكَثْرَةِ نَسْلِ أُمَّتِهِ. عِبَادَ اللِه؛ عَلَى الشَّابِّ أَنْ يَثِقَ بِأَنَّ اللهُ، عَزَّ وَجَلَّ، سَيُعِينُهُ مَتَـى مَا أَقْدَمَ عَلَى الزَّوَاجِ، يُرِيدُ بِهِ أَنْ يَعِفَّ نَفْسَهُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [النور: 32]. وَقَالَ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَوْنُهُمْ... » وَذَكَرَ مِنْهُمْ: (النَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ)؛ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْـرُهُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ. قَالَ الْعَلَّامَةُ الأَلْبَانِيُّ رَحِـمَهُ اللهُ: (فَالزَّوَاجُ هُوَ سَبَبٌ للثَّرْوَةِ، وَلَيْسَ سَبَبًا لِلْفَقْرِ، وَنَصُّ الآيَةِ: (ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا) أَيْ: لَا تَفْتَقِرُوا، وَمِثْلُهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: (وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى).اللهُ يُغْنِيهِ وَسَعْيًا فَضْلُهُ إِنَّ الْغَنِـيَّ عَطَاؤُهُ مَشْكُورُ أَمَرَ النَّبِـيُّ بِذَاتِ دِينٍ زَوْجَةً فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ هُنَّ الْـحُورُ وَلَكِنَّنَا نَلْحَظُ عُزُوفًا ظَاهِرًا مِنْ بَعْضِ الشَّبَابِ عَنِ الزَّوَاجِ؛ وَلِذَلِكَ الْعُزُوفِ أَسْبَابٌ، مِنْهَا: • مُـحَاكَاةُ الشَّبَابِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ؛ حَيْثُ أَصْبَحَ بَعْضُ الشَّبَابِ يُعْرِضُ عَنِ الزَّوَاجِ تَقْلِيدًا وَمُـحَاكَاةً لِزُمَلَائِهِ الْعُزَّابِ الأَكْبَـرِ مِنْهُ سِنًّا؛ وَكَأَنَّـهُمُ الْقُدْوَةُ الصَّالِـحَةُ لَهُ، وَبِئْسَ الْقُدْوَةُ هُمْ. وَمِنَ الأَسْبَابِ: تَـخَلِّي بَعْضِ الشَّبَابِ عَنِ الْمَسْؤُولِيَّةِ؛ حَيْثُ آثَرُوا جَلَسَاتِ الاِسْتِـرَاحَاتِ وَالْمُخَيَّمَاتِ عَلَى الزَّوَاجِ، وَهَذَا مِنَ الأُمُورِ الْمَلْحُوظَةِ؛ حَيْثُ بَدَأَ بَعْضُ الشَّبَابِ يَـمِيلُ إِلَى الدِّعَةِ وَالرَّاحَةِ، وَعَدَمِ تَـحَمُّلِ الْمَسْؤُولِيَّةِ، وَهَذَا يَضُرُّ بِهِ وَبِـمُجْتَمَعِهِ، بَلْ بَعْضُهُمْ – وَمَعَ الأَسَفِ الشَّدِيدِ- هَجَرَ بَيْتَ أَهْلِهِ، فَلَا يَأْتِيهِ إِلَّا قَلِيلًا، كُلُّ ذَلِكَ تَـهَرُّبًا مِنْهُ مِنْ تَـحَمُّلِ الْمَسْؤُولِيَّةِ. وَأَصْبَحَ أَسِيـرَ بَلْ سَجِيـنَ مُـخَيَّمِهِ أَوِ اسْتِـرَاحَتِهِ؛ فَعَزَفَ عَنْ سُنَّةِ الْـمُرْسَلِيـنَ. وَمِنَ الأَسْبَابِ: تَنْفِيـرُ بَعْضِ الْـمُتَزَوِّجِـيـنَ لِزُمَلَائِهِ الْعُزَّابِ مِنَ الزَّوَاجِ؛ حَيْثُ لَا يَذْكُرُ لَـهُمْ إِلَّا سَلْبِيَّاتِ الزَّوَاجِ، وَيَنْصَحُهُمْ أَلَّا يُقْدِمُوا عَلَيهِ؛ بِدَعْوَى أَنَّ بَقَاءَهُمْ بِدُونِ زَوَاجٍ أَفْضَلُ لَـهُمْ، فَقَدْ أَرَاحُوا أَنْفُسُهُـمْ مِنْ مَشَاكِلِ الزَّوْجَةِ، وَأَعْبَاءِ الأَبْنَاءِ. • وَهَذَا مُـخَالِفٌ لِسُنَّةِ النَّبِـيِّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الَّذِي حَثَّ عَلَى الزَّوَاجِ. وَخَيْـرُ الْـهَدِيِّ هَدْيُ مُـحَمَّدٍ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا هَدِيَ هَؤُلَاءِ. • كَذَلِكَ تَـخْذِيلُ بَعْضِ الفَتَيَاتِ الْـمُتَزَوِّجَاتِ لِزَمِيلَاتِـهِـنَّ الْمُقْدِمَاتِ عَلَى الزَّوَاجِ؛ حَيْثُ لَا تَذْكُرُ لِصُوَيْـحِبَاتِـهَا إِلَّا سَلْبِيَّاتِ الزَّوَاجِ؛ فَلَا تُـحَدِّثْهُنَّ مَثَلًا عَنْ مَـحَاسِنِهِ، وَعَنْ نِعْمَةِ الْوَلَدِ، وَعَنْ نِعْمَةِ الزَّوْجِ، وَإِنَّـمَا تَنْقِلُ لَـهُنَّ مَا يُكَدِّرُ الصَّفْوَ. وَهَذَا – مَعَ الأَسَفِ الشَّدِيدِ- أَمْرٌ مَلْحُوظٌ. • وَقُلْ مِثْلَ ذَلِكَ عَنْ بَعْضِ وَسَائِلِ الإِعْلَامِ، وَبَعْضِ الْبَـرَامِجِ الَّتِـي تُظْهِرُ سَلْبِيَّاتِ الزَّوَاجِ، وَتُـخْفِي إِيـجَابِيَّاتِهِ الْكَثِيـرَةَ. وَمِنَ الأَسْبَابِ: وَضْعُ بَعْضِ الشَّبَابِ وَالْفَتَيَاتِ شُرُوطًا تَعْجِيزِيَّةً فِيمَنْ يَرْغَبُ بِالزَّوَاجِ مِنْهُ، فَتَجِدُ بَعْضَ الرِّجَالِ يَشْتَـرِطُ شُرُوطًا، وَكَأَنَّهُ الْكَامِلُ، وَمِثْلُهُ بَعْضُ الْفَتَيَاتِ، وَكَأَنَّـهَا الْكَامِلَةُ. وَقَدْ حَدَّدَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَهَمَّ شُرُوطِ الزَّوَاجِ: الرَّجُلُ الصَّالِـحُ بِقَوْلِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ»؛ رَوَاهُ اِبْنُ مَاجَه وَغَيْـرُهُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ. فَعَلَى كُلِّ شَابٍّ وَفَتَاةٍ أَنْ يَعْلَمُوا أَنَّ خَيْـرَ الْـهْدِيِ هَدْيُ مُـحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَلَّا يَلْتَفِتُوا لِـمَنْ يُنَفِّرُهُمْ مِنَ الزَّوَاجِ، وَيَـخْذُلُـهُمْ عَنِ الإِقْبَالِ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّ أُولَئِكَ الْـمُخَذِّلِيـنَ يَتَحَدَّثُونَ عَنْ حَيَاتِـهِمْ هُمْ، وَلَا نَعْلَمُ مَنِ الْمُخْطِئُ مِنَ الْـمُصِيبِ، وَغَالِبُ هَؤُلَاءِ الْـمُخَذِّلِينَ يَنْسُونَ أَوْ يَتَنَاسُوْنَ أَنَّـهُمْ يَعِيشُونَ طُوَالَ الْعَامِ أَيَّـامًا سَعِيدَةً، وَلَا يَقَعُ الْـخِلَافُ وَالشِّقَاقُ إِلَّا أَيَّـامًا قَلِيلَةً، فَيَجْعَلُونَهُ الأَصْلَ؛ مع أن الْـخِلَافُ بَيْـنَ الزَّوْجَيْـنِ لَا يَكَادُ أن يَـخْلُو مِنْهُ بَيْتٌ، أَوْ مُـجْتَمَعٌ. فَمَنْ أَعْرَضَ عَنِ الزَّوَاجِ خَوْفًا مِنْ هَذِهِ الْـخِلَافَاتِ الطَّبِيعِيَّةِ الْيَسِيـرَةِ، وَالَّتـي لَا يـَخْلُو مِنْهَا بَيْتٌ؛ فَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى نَقْصِ فَهْـمِهِ، وَقِلَّةِ فِقْـهِـهِ. فاتقوا اللهَ يَا مَعَاشِرَ الشَّبَابِ فِي َأنْفُسِكُمْ، وَحَصِّنُوا فُرُوجَكُمْ أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ، وَلِـجَمِيعِ الْمُسْلِمِـيـنَ فَاِسْتَغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. الخطبة الثانية الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً أمَّا بَعْدُ...... فَاِتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.عِبَادَ اللهِ؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»؛ [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ]، فَعَلَى الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ أَنْ لَا يَمَلُّوا مِنْ مُتَابَعَةِ الْأَبْنَاءِ وَالْبَنَاتِ، وَحِمَايَتِهِمْ مِنْ الْمُنْزَلَقَاتِ الْخَطِيرَةِ، وَالِانْحِرَافَاتِ الْفِكْرِيَّةِ الَّتِي تُبْعِدُهُمْ عَنِ الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ، وَعَنِ النَّهْجِ الْقَوِيمِ، فَمَا أَكْثَرَ أَصْدِقَاءَ السُّوءِ وَالْمَوَاقِعَ الْمَشْبُوهَةَ الَّتِي تَبُثُّ فِي عُقُولِ النَّاشِئَةِ الْأَفْكَارَ الْمُنْحَرِفَةَ، فَمِنْ هَذِهِ الْأَفْكَارِ: 1- تَأْلِيبُ هَؤُلَاءِ الشَّبَابِ عَلَى وُلَاةِ أَمْرِهِمْ، وَوَضْعُ الضَّغَائِنِ فِي قُلُوبِهِمْ عَلَى بِلَادِهِمْ، حَتَّى إِنَّنَا نَجِدُ بَعْضَ الشَّبَابِ، لَا يَذْكُرُ لِبِلَادِهِ حَسَنَةً وَاحِدَةً مِنْ مَلَايِينِ الْحَسَنَاتِ، وَيَذْكُرُ لِغَيْرِهَا آلَافَ الْحَسَنَاتِ جُلُّهَا كَذِبٌ! فَمَا الَّذِي دَفَعَهُمْ لِذَلِكَ، وَكَرَّهَهُمْ فِي بِلَادِهِمْ؟! إِنَّهُمْ أَعْدَاءُ بِلَادِنَا، الَّذِينَ لَا يَأْلُونَ جُهْدًا فِي إِفْسَادِ عُقُولِ الشَّبَابِ، وَغَالِبُ هَؤُلَاءِ إِمَّا خَوَارِجُ أَوْ جَمَاعَاتٌ حِزْبِيَّةٌ، تَعَدَّدَتْ مُسَمَّيَاتُهَا، وَاتَّفَقَتْ أَفْعَالُهَا عَلَى مُعَادَاةِ بِلَادِ التَّوْحِيدِ، عَامَلَهُمُ اللهُ بِعَدْلِهِ، وَرَدَّ كَيْدَهُمْ فِي نُحُورِهِمْ، وَحَفِظَ بِلَادَنَا مِنْ شُرُورِهِمْ. 2- حِمَايَةُ الْأَبْنَاءِ مِنْ انْتِشَارِ الْمُخَدِّرَاتِ؛ فَلَيْسَ هُنَاكَ أَفْسَدُ مِنْهَا، وَمَا دَمَّرَ عُقُولَ الشَّبَابِ، وَأَفْسَدَ عُقُولَ النَّاشِئَةِ، مِثْلُ هَذِهِ الْمُخَدِّرَاتِ وَالْمُسْكِرَاتِ، وَخَاصَّةً أَنَّ تُجَّارَ هَذِهِ الْمُحَرَّمَاتِ يَجْتَهِدُونَ فِي أَيَّامِ الِاخْتِبَارَاتِ فِي جَلْبِ الشَّبَابِ إِلَيْهِمْ! فَعَلَى الْأَبِ وَالْأُمِّ أَنْ يَكُونُوا شَدِيدِي الْمُرَاقَبَةِ عَلَى أَبْنَائِهِمْ وَفَلَذَاتِ أَكْبَادِهِمْ. 3- كَذَلِكَ عَلَى الآبَاءِ حِمَايَةُ أَبْنَائِهِمْ مِنَ الِانْحِرَافَاتِ الْعَقَدِيَّةِ مِنْ خِلَالِ مَا يَبُثُّهُ أَعْدَاءُ التَّوْحِيدِ، وَدُعَاةُ الْإِلْحَادِ، وَأَصْحَابُ الْمَوَاقِعِ الْإِبَاحِيَّةِ الَّتِي تَسْعَى جَادَّةً؛ لِإِفْسَادِ عَقِيْدَةِ الشَّبَابِ وَالْفَتَيَاتِ وَعُقُولِهِمْ، وَأَخْلَاقِهِمْ، وَمَبَادِئِهِمْ، وَقِيَمِهِمْ، فَهَذِهِ الِانْحِرَافَاتُ الْفِكْرِيَّةُ، يَتَحَمَّلُ الْآبَاءُ وَالْأُمَّهَاتُ، مَعَ الْمَدَارِسِ وَأَئِمَّةِ الْمَسَاجِدِ، الْمَسْؤُولِيَّةَ الْكَامِلَةَ فِي تَوْجِيهِ النَّاشِئَةِ التَّوْجِيهَ السَّلِيمَ الْمُتَّفِقَ مَعَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَالصَّبْرِ عَلَى ذَلِكَ. وَبِإِذْنِ اللهِ تُؤْتِي هَذِهِ النَّتَائِجُ ثِمَارَهَا. الَّلهُمَّ احْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ، وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا و ولي عهده لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهما لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، الَّلهُمَّ اجْعَلْهُما سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ، حَرْباً عَلَى أَعْدَائِكَ، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَأَقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ. اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ، اللهُمَّ أَكْثِرْ أَمْوَالَ مَنْ حَضَرَ، وَأَوْلَادَهُمْ، وَأَطِلْ عَلَى الْخَيْرِ أَعْمَارَهُمْ، وَأَدْخِلْهُمُ الْجَنَّةَ. نَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَنَتُوبُ إِلَيْهِ، اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ. اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبُّنَا لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الْغَنِيُّ وَنَحْنُ الْفُقَرَاءُ، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ، وَلَا تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ. اللَّهُمَّ اسْقِنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا بِرَحْمَتِكَ غَيْثًا هَنِيئًا مَرِيئًا، اللَّهُمَّ طَبَقًا سَحًّا غَدَقًا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ، وَلَا تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ، اللَّهُمَّ سُقْيَا رَحْمَةٍ لَا سُقْيَا عَذَابٍ وَلَا هَدْمٍ وَلَا غَرَقٍ، وَأَكْرِمْنَا بِخَيْرَاتِكَ الْعِظَامِ، اللَّهُمَّ أَنْبِتْ لَنَا الزَّرْعَ، وَأَدِرَّ لَنَا الضَّرْعَ، وَاسْقِنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ، وَأَخْرِجْ لَنَا مِنْ خَيْرَاتِ الْأَرْضِ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَغْفِرُكَ؛ إِنَّكَ كُنْتَ غَفَّارًا، أَرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْنَا مِدْرَارًا، اللَّهُمَّ أَغِثِ الْبِلَادَ وَالْعِبَادَ، وَالْحَاضِرَ وَالْبَادِيَ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَيَا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ؛ اللَّهُمَّ عَامِلْنَا بِمَا أَنْتَ أَهْلُهُ، وَلَا تُعَامِلْنَا بِمَا نَحْنُ أَهْلُهُ؛ أَنْتَ أَهْلُ الْجُودِ وَالْكَرَمِ وَالْفَضْلِ وَالْإِحْسَانِ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ. |
الساعة الآن : 06:23 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour