آداب التعامل مع النفس والجيران
آداب التعامل مع النفس والجيران د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني إن الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]. ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله عز وجل، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النارِ، أما بعدُ: فحَدِيثُنَا معَ حضراتِكم في هذه الدقائقِ المعدوداتِ عنْ موضوع بعنوان:«آداب التعامل مع النفس، والجيران». وسوف ينتظم حديثنا معكم حول محورين: المحور الأول: آداب التعامل مع النفس. المحور الثاني: آداب التعامل مع الجيران. واللهَ أسألُ أن يجعلنا مِمَّنْ يستمعونَ القولَ، فَيتبعونَ أَحسنَهُ، أُولئك الذينَ هداهمُ اللهُ، وأولئك هم أُولو الألبابِ. المحور الأول: آداب التعامل مع النفس: أيها الإخوة المؤمنون ينبغي لكل مسلم أن يتأدب بهذه الآداب عند محاسبة نفسه: الأدب الأول: محاسبة النفس: ينبغي للمسلم أن يحاسب نفسه قبل، وبعد كل عمل يريد فعله. قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الحشر: 18]. وقال الله تعالى: ﴿ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 49]. وقال تعالى: ﴿ وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ﴾ [القيامة: 2]. الأدب الثاني: صيام الاثنين والخميس: رَوَى التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «تُعْرَضُ الأَعْمَالُ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ وَالخَمِيسِ، فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ»[1]. الأدب الثالث: قيام الليل: من ينبغي لكل مسلم أن يقوم من الليل ما تيسر له، ولا يتركه بالكلية. رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ[2] قَدَمَاهُ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رَسُولَ اللهِ وَقَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ: «أَفَلَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا؟»، فَلَمَّا كَثُرَ لَحْمُهُ صَلَّى جَالِسًا، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ فَقَرَأَ، ثُمَّ رَكَعَ[3]. الأدب الرابع: أذكار الصباح والمساء: رَوَى البُخَارِيُّ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «سَيِّدُ الاِسْتِغْفَارِ[4] أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي، وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَأَبُوءُ بِذَنْبِي[5]، فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ»، قَالَ: «وَمَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسيَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ»[6]. الأدب الخامس: صلاة الضحى: رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنهعَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى[7] مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى»[8]. ووقت صلاة الضحى من بعد شروق الشمس بربع ساعة إلى قبيل صلاة الظهر. الأدب السادس: تطهير القلب عما يغضب الرب عز وجل: رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ»[9]. الأدب السابع: أكل الحلال: رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ المُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ المُرْسَلِينَ، فَقَالَ: ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [المؤمنون: 51]، وَقَالَ: ﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾ [البقرة: 172]، ثُمَّ ذَكَرَ: «الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ[10] أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟»[11]. أي من أين يستجاب لمن هذه صفته؟ والمراد أنه ليس أهلا للإجابة؛ لأجل أنه يأكل من الحرام. ورَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله ِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «الحَلاَلُ بَيِّنٌ، والحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ[12]، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى[13] يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ[14]، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى[15] أَلَا إِنَّ حِمَى اللهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ أَلَا وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ»[16]. المحور الثاني: آداب التعامل مع الجيران: أيها الإخوة المؤمنون ينبغي لنا أن نتأدب بهذه الآداب مع جيراننا: الأدب الأول: عدم إيذاء الجار: رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ»[17]. ورَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا، وَصِيَامِهَا، وَصَدَقَتِهَا غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: «هِيَ فِي النَّارِ»، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ فَإِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصَلَاتِهَا، وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنَ الْأَقِطِ[18]، وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: «هِيَ فِي الجَنَّةِ»[19]. الأدب الثاني: أن يأمن جارُه شرَّهُ: رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ[20]»[21]. الأدب الثالث: إكرام الجار: رَوَى البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْعَدَوِيِّ رضي الله عنه قَالَ سَمِعَتْ أُذُنَايَ، وَأَبْصَرَتْ عَيْنَايَ حِينَ تَكَلَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ جَائِزَتَهُ» قَالَ: وَمَا جَائِزَتُهُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَالضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، فَمَا كَانَ وَرَاءَ ذَلِكَ[22] فَهُوَ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ»[23]. ورَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُحْسِنْ إِلَى جَارِهِ»[24]. الأدب الرابع: الاهتمام بالجيران: رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﭭ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ه: «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ»[25]. أقول قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ لي، ولكم. الخطبة الثانية الحمدُ لله وكفى، وصلاةً وَسَلامًا على عبدِه الذي اصطفى، وآلهِ المستكملين الشُّرفا، وبعد..الأدب الخامس: الهدية للجيران من الطعام ونحوه: رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي ذَرٍّ ﭬ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ه: «يَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا طَبَخْتَ مَرَقَةً، فَأَكْثِرْ مَاءَهَا، وَتَعَاهَدْ جِيرَانَكَ[26]»[27]. ورَوَى التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ عَبْدَ الله بْنَ عَمْرٍو رضي الله عنهما ذُبِحَتْ لَهُ شَاةٌ فِي أَهْلِهِ فَلَمَّا جَاءَ قَالَ: أَهْدَيْتُمْ لِجَارِنَا الْيَهُودِيِّ؟ أَهْدَيْتُمْ لِجَارِنَا الْيَهُودِيِّ؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ»[28]. الأدب السادس: صيانة عرض الجار، وماله: رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عن الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلملِأَصْحَابِهِ: «مَا تَقُولُونَ فِي الزِّنَا؟»، قَالُوا: حَرَّمَهُ اللهُ وَرَسُولُهُ فَهُوَ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ: «لَأَنْ يَزْنِيَ الرَّجُلُ بِعَشْرَةِ نِسْوَةٍ أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَزْنِيَ بِامْرَأَةِ جَارِهِ»، قَالَ: فَقَالَ: «مَا تَقُولُونَ فِي السَّرِقَةِ؟»، قَالُوا: حَرَّمَهَا اللهُ وَرَسُولُهُ فَهِيَ حَرَامٌ، قَالَ: «لَأَنْ يَسْرِقَ الرَّجُلُ مِنْ عَشْرَةِ أَبْيَاتٍ أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَسْرِقَ مِنْ جَارِهِ»[29]. الأدب السابع: إكرام الجار الأقرب فالأقرب: رَوَى البُخَارِيُّ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ لِي جَارَيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِي؟ قَالَ: «إِلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْكِ بَابًا»[30]. الأدب الثامن: إهداء اللبن للجار: رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ لِعُرْوَةَ: ابْنَ أُخْتِي إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلَالِ، ثُمَّ الْهِلَالِ ثَلَاثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ وَمَا أُوقِدَتْ فِي أَبْيَاتِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم نَارٌ، فَقُلْتُ: يَا خَالَةُ مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ؟، قَالَتْ: الْأَسْوَدَانِ: التَّمْرُ وَالمَاءُ إلَّا أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم جِيرَانٌ مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ[31]، وَكَانُوا يَمْنَحُونَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَلْبَانِهِمْ فَيَسْقِينَا[32]. الأدب التاسع: عدم احتقار هدية الجار وإن كانت يسيرة: رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَا نِسَاءَ المُسْلِمَاتِ لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ[33] شَاةٍ»[34]. الأدب العاشر: لا يمنع الجار جاره من استخدام حائطه إن احتاجه: رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَمْنَعْ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ[35] خَشَبَهُ فِي جِدَارِهِ»، ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: مَا لِي أَرَاكُمْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ، واللهِ لَأَرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ[36]. الأدب الحَاديَ عَشَرَ: أن تحب لجارك ما تحب لنفسك: رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ - أَوْ قَالَ: لِجَارِهِ- مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»[37]. الدعـاء... اللهم لا تُخزنا يوم القيامة. اللهم إنا نسألك المعافاة في الدنيا والآخرة. اللهم إنا نعوذ بك من الهمِّ والحَزَن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضَلَع الدين، وغَلَبة الرجال. اللهم إنا نعوذ بك من عذاب النار، ونعوذ بك من عذاب القبر، ونعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن، ونعوذ بك من فتنة الدجال. اللهم إنا نسألك شهادة في سبيلك. أقول قولي هذا، وأقم الصلاة. [1] صحيح: رواه الترمذي (747)، وصححه الألباني. [2] تَتَفَطَّر: أي تنشق. [3] متفق عليه: رواه البخاري (4837)، ومسلم (2820). [4] سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ: أي أفضل أنواع، وصيغ الاستغفار، وأكثرها ثوابًا. [5] وَأَبُوءُ بِذَنْبِي: أي أُقِرُّ، وأعترف بما اجترحت من الذنب. [6] صحيح: رواه البخاري (5831). [7] سُلَامَى: أي مفصل. [8] صحيح: رواه مسلم (720). [9] صحيح: رواه مسلم (2564). [10] أَشْعَثَ: أي شعره غير مرتب. [11] صحيح: رواه مسلم (1015). [12] عِرْضِهِ: أي يصونه عن كلام الناس فيه بما يشينه ويعيبه، والعِرض: موضع المدح، والذم من الإنسان. [13] حَوْلَ الْحِمَى: أي المحمي المحظور عن غير مالكه. [14] يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ: أي تأكل ماشيته منه فيعاقب. [15] حِمًى: أي موضعا يحميه عن الناس، ويتوعد من دخل إليه أو قرب منه بالعقوبة الشديدة. [16] متفق عليه: رواه البخاري (52)، ومسلم (1599). [17] متفق عليه: رواه البخاري (6018)، ومسلم (47). [18] الأثوار من الأقط: أي قطع من اللبن المجفف. [19] صحيح: رواه أحمد (9675)، وابن حبان (5764)، والحاكم (4/184) من طريق أبي يحيى مولى جعدة عن أبي هريرة، وصححه الحاكم، والذهبي، والألباني. [20] بَوَائِقَهُ: البوائق جمع بائقة، وهي الغائلة، والداهية، والفتك. [21] صحيح: رواه مسلم (46). [22] فَمَا كَانَ وَرَاءَ ذَلِكَ: أي فما بعد ذلك. [23] صحيح: رواه البخاري (6019). [24] صحيح: رواه مسلم (48). [25] متفق عليه: رواه البخاري (6015)، ومسلم (2625). [26] وَتَعَاهَدْ جِيرَانَكَ: أي أعط جيرانك من ذلك الطبيخ نصيبًا. [27] صحيح: رواه مسلم (2625). [28] حسن: رواه الترمذي (1943)، وقال: «حسن غريب». [29] حسن: رواه أحمد (23854)، والبخاري في «الأدب المفرد» (103)، والطبراني (605)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (9552)، والطبراني في «الأوسط» (6333)؛ قال الهيثمي (8/168): رواه أحمد، والطبراني في «الكبير» و«الأوسط»، ورجاله ثقات، وصححه الألباني [30] صحيح: رواه البخاري (2259). [31] منائح: جمع منيحة، وهي ما يعار من الشاة، أو البقرة، أو الناقة؛ لأخذ لبنها، ثم ردها. [32] متفق عليه: رواه البخاري (2567)، ومسلم (2972). [33] فرسن: أي حافر. [34] متفق عليه: رواه البخاري (2566)، ومسلم (1030). [35] أَنْ يَغْرِزَ: أي يضع. [36] متفق عليه: رواه البخاري (2463)، ومسلم (1609). [37] صحيح: رواه مسلم (45). |
الساعة الآن : 12:46 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour