أضواء على غزوة الخندق
" وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاّ إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا" الأحزاب (22) بعد تمكننا من إجلاء بني النضير عن المدينة المنورة، وكان مثلهم كمثل الذين من قبلهم قريباً ذاقوا وبال أمرهم بالرحيل، أعني بني قينقاع ، بات وجود اليهود فيها مهدداً، ومن هنا فقد قرروا، وبالاتفاق مع يهود خيبر، أن يدبروا حرباً لا قبل لنا بها، لا لإخراجنا منها أذلة ونحن صاغرون ، ولكن لاستئصالنا من الأرض، حتى تكون خالصة لليهود والمشركين بشقيهم الوثنيين والمنافقين.ولم يحتج اليهود لكثير من الدهاء لإغراء بني عمومتنا قريش بقيادة تلك الحرب، ولكنهم وجدوا تردداً عند هوازن ، فكانت مكافأتهم جميع ثمار خيبر في عامهم ذاك، والتحقت بكل منهما بعض القبائل الموالية لها، ممن يجمعهم الحنق على الإسلام، وهو القاسم المشترك بين أولئك الألوف العشرة من جهة وبين بني قريظة والمنافقين في المدينة من جهة أخرى، لذلك لم يتلكأ المنافقون والذين في قلوبهم مرض في التشكيك والتخذيل، كما لم يتلبث اليهود في نقض العهود إلا يسيراً.فماذا يفعل النبي والذين آمنوا معه؟ هل يستسلمون وقد اجتمع عليهم جميع أعدائهم في حرب مكشوفة الهدف، لا تُبقي ولا تذر؟!لم يطل التفكير والتدبير ، فقد أشار سلمان الفارسي الذي افتخر بانتسابه إلى الإسلام ، ففاز بوسام الانتساب لآل البيت، أشار بخطة طالما فزعت إليها فارس في حروبها، سواء مع الروم أو غيرها، وقد انطلقوا من فورهم يحفرون خندقاً في المنطقة المكشوفة من المدينة، لم يثنهم عن ذلك جوع أو برد، ولقد ربطوا الحجارة على بطونهم، وفي أقل من أسبوع كان الخندق من الاتساع بحيث لا يستطيع الفارس تجاوزه، ومن العمق بحيث إن من سقط فيه لم يسطع أن يظهره ، ولم يستطع له نقباً.وقد كان سلاحهم في تلك المعركة غير المتكافئة مادياً هو التوكل على الله، ولا عجب في ذلك، فهم "الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ" ، "فَانقَلَبُواْ" من حمراء الأسد، ثم من الخندق "بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ"، وكان ذلك التهديد نوعاً من تخويف الشيطان إيانا بأوليائه، ولكن الله عز وجل قال لنا: " فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ" آل عمران الآيات (173 - 175) أن التوكل على الله يعني استنفاد الطاقة في إعداد القوة، وإخلاص الجهاد لله، وعدم الاستناد إلى الأسباب، حتى لو أعجبتكم كثرتكم، فإنه " إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ" آل عمران (160) إن كثرة الأحزاب الزاحفة إلى المدينة لم تزد السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار إلا إيماناً بنصر الله، وتسليماً لقضائه وقدره، وما كان قولهم إلا أن قالوا : "...هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ..." يشيرون بذلك إلى ما سبق في سورة البقرة: " أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ" الآية (214) وقد مستهم في تلك الغزوة البأساء والجوع، والضراء والبرد، وزلزلوا أشد زلزال، ويكفي في وصف تلك المعركة قول ربنا جل وعلا: " إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا ، هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا" الأحزاب (10 ، 11) وقد التقى علينا اليوم الأحزاب المعادية للإسلام، فالأمريكان والأوروبيون ومن تبعهم من العرب من الخارج ، واليهود والمنافقون من الداخل ،,وما يفعله هولاء الانقلابيين فى الضفة من حرق وعربدة و اعتقالات لهو اكبر دليل على تواطئوهم على حصارنا الم تشاهدوهم وفى أيديهم لوامع البنادق، ،؟!ماذا عسانا أن نفعل؟ هل نستسلم؟ أم نتخذ من رسول الله أسوة حسنة، وهو عليه الصلاة والسلام القدوة لمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر؟!لقد كررت المقاومة تجربة الخندق، وفزعت إلى تطهير البلاد والعباد من شرهم فالله الحمد والمنة .، رحلوو عنا غير مئسوف عليهم (فتح غزة ) على درب غزوة الخندق ، حيث اقتنع الأحزاب الأولون أنهم أعجز من أن يطفئوا نور الله بأفواههم، أو أن يبيتوا أهله بأسيافهم، وكانت تلك الغزوة آخر سهم يحاولون به القضاء علينا، فكُبِتوا كما كُبت الذين من قبلهم وانقلبوا صاغرين، وشرعنا نحن من بعد نزحف إليهم، بدءاً ببني قريظة في اليوم التالي، مروراً ببني المصطلق، وليس انتهاءً بالحديبية وفتح مكة.وإننا لعلى يقين أن الله عز وجل سيخزي الفاسقين، وهو جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً، وإن اجتماع الأحزاب علينا اليوم، ولجوءنا الى ذلك مبشر بأن أولئك الأعداء في السهم الأخير، خاصة وأنه قد أصابنا البأساء بالحصار الاقتصادي ومنع الرواتب، بل وتجميد الحسابات الفارغة لأعضاء التشريعي والحكومة من أبناء حماس، كما أصابنا الضراء بالجراحات والاعتقالات والشهداء، فضلاً عن نقصان الدواء، وقد كانت الثالثة ، وهي زلزلة الحصار العسكري، حيث الدبابات الهادرة حول ديارنا في غزة، أو التي تجوس خلال الديار في الضفة، والطائرات المعربدة في جو السماء، والأبراج والحواجز التي تزيغ معها الأبصار ، وتبلغ القلوب الحناجر، وتظنون بالله الظنونا ، وقد ابتليتم باستهداف مرافق الحياة، وزلزلتم زلزالاً شديداً، وإن هذا ما وعدنا الله ورسوله طريقاً للجنة في الآخرة، ودرباً للعزة في الدنيا، ولن يزيدنا إن شاء الله إلا إيماناً وتسليماً، وقد صدقنا ما عاهدنا الله عليه، فمنا من قضى نحبه ومنا من ينتظر ، وما بدلنا تبديلاً، ويوشك أن نغزوهم وهم لا يغزوننا، وإن المنافقين يرونه بعيداً، ونراه قريباً، والله من ورائهم محيط |
بارك الله فيك اخي الحبيب على الطرح المبارك
وكأن التاريخ يعيد نفسه وباذن الله النصر قريب من عباد الله الصابرين فمهما خذلهم قريب ومهما غدر بهم بعيد تيقنوا بان الارض لله يورثها عباده الصالحين فباذن الله النصر قريب " ان موعدهم الصبح اليس الصبح بقريب " |
الله يجزيك الخير
|
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
جزاك الله خيرا أخي أبو كارم على الأضواء الطيبة من الأضواء على غزوة الخندق و نسأل الله النصر و السداد للمسلمين و السلام ختام و خير الكلام و الصلاة و السلام على رسول الله |
الساعة الآن : 01:30 AM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour