أجر الصوم والصائمين
أجر الصوم والصائمين منال محمد أبو العزائم يتناول المقال جوانب من فضل وأجر الصوم والصائمين في شهر رمضان وما أعد الله لهم من الحسنات والخيرات جزاء وفاقا لأداء عبادة الصوم على الوجه المشروع. قدِ اختصَّ الله تعالى شهرَ رمضانَ من بين الشهور بفضائل كثيرة؛ ففيه تتنزل الرحمة، ويُعتق الناس من النيران، وفيه نزلت أول سورة من القرآن الكريم، وفيه تُصفَّد الشياطين، وهو شهر فضيل مليء بالعبادة والذِّكْرِ، ومن أهمها الصوم الذي هو ثالث ركن من أركان الإسلام، ويعني الإمساك عن الأكل والشرب والجِماع، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس. وهو بصورته هذه قد اختصت به أمة الإسلام دون سائر الأمم، فلا تجد مِنَ الناس مَن يُضحِّي بطعامه وشرابه ولذَّاته غير المسلمين، وحتى من يصوم من أهل الكتاب لا يتركون كل ذلك لله لشهر كامل؛ فمنهم من يصوم عن الماء فقط، ومنهم من يصوم عن أنواع معينة من الطعام، ومنهم من يصوم ليوم واحد في العام وغيره. ولا بد في الصوم من النية الصحيحة، فمن كانت نيَّتُه لغير الله، لا يُقبَل منه، ومن الناس من يصوم لغير الله كمن يصوم فقط لفقد الوزن، أو للتحدي، أو عمل محتوى، أو غيرها من الأسباب، فعليهم تصحيح النية وجَعْلُها لعبادة لله، ولا بأس من أن يستفيد الإنسان من الفوائد المصاحبة للصوم كصحة البدن. ولا بد أن يكون الصوم بالطريقة الصحيحة التي وردت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يُقبَل إن كان خلاف ذلك، كمن يصوم غير الزمن المحدد من اليوم. ولا يجوز فيه الجماع، ولا تناول الْمُفْطرات التي فصَّل فيها العلماء، ولا بد أن يكون الصائم مسلمًا قبل كل ذلك، فمن كان كافرًا أو من أهل الكتاب، لا يُقبَل صومه. والصوم عبادة مختلفة عن كل العبادات؛ لِما فيها من مشقة؛ حيث يترك فيها الإنسان طعامه وشرابه وملذاته؛ ليتقرب إلى الله؛ ولذا لا يقوى عليها عادة إلا المسلم حَسَنُ الإسلام، فالفاسق والمنافق تصعُب عليهم؛ لضعف إيمانهم. ومن رحمة الله بعباده أنه لم يفرضها عليهم طيلة العام، ولكنه حدَّدها بشهر رمضان، وقد خصَّها الله له؛ لِما فيها من صعوبة وتضحية بالملذات لأجل رضوان الله وطاعته، وتلك الصعوبة تحصل بها تزكية الروح والنفس، وتعويدها على الصبر على طاعة الله؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال الله: كلُّ عملِ ابنِ آدمَ له، إلا الصيام؛ فإنه لي، وأنا أجزي به، والصيام جُنَّة، وإذا كان يومُ صومِ أحدكم، فلا يرفُثُ ولا يصخَب، فإن سابَّه أحد أو قاتله، فلْيَقُلْ: إني امرؤ صائم، والذي نفس محمد بيده، لَخُلُوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرِح، وإذا لقِيَ ربه فرِح بصومه))[1] فالله تعالى بفضله يقدِّر الصوم من عباده؛ ولذا قال: ((يَدَعُ شهوته وأكله وشربه من أجلي))، وهو بالطبع أهل لكل عبادة وثناء وتمجيد، ولكنه سبحانه يُجزِل العطاء على العمل القليل من عباده، ويشكر لهم تعبهم وجهدهم وسعيهم في مرضاته، رغم أن ما يقدمونه لا يساوي شيء، ولن يزيد أو ينقص في ملكه؛ قال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا ﴾ [الإسراء: 19]، وقال: ﴿ لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ [فاطر: 30]، وكرَّم الله الصائمين، وخصَّهم بمزايا وامتيازات كثيرة. أجر الصوم والصائمين
[1] أخرجه البخاري (1904)، ومسلم (1151) باختلاف يسير. [2] أخرجه البخاري (38)، ومسلم (760) مطولًا. [3] صححه الألباني في صحيح الترغيب (1429)، وأخرجه أحمد (6626)، والطبراني (14/ 72) (14672)، والحاكم (2036) باختلاف يسير. [4]ذكره شعيب الأرنؤوط في تخريج المسند لشعيب (14669)، وحكمه عليه: صحيح بطرقه وشواهده، وأخرجه أحمد (14669)، والبيهقي في (شعب الإيمان) (3582). [5] أخرجه البخاري (1896)، ومسلم (1152) باختلاف يسير. [6] أخرجه البخاري (2840)، ومسلم (1153) باختلاف يسير. [7]ذكره ابن عساكر في معجم الشيوخ (1/ 307)، وحكمه عليه: حسن غريب. [8] أخرجه البخاري (1904)، ومسلم (1151) باختلاف يسير. [9] صحيح ابن حبان (3113). |
الساعة الآن : 09:15 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour