بال الشيطان في أذنه



كنا نقرأ في شرح النووي لصحيح مسلم: «عن أبي وائل عن عبدالله قال: ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل نام ليله حتى أصبح.. قال: ذلك رجل بال الشيطان في أذنيه، أو قال: في أذنه».. وجاء في الشرح: «اختلفوا في معناه، فقال ابن قتيبة: معناه: أفسده.. وقال المهلب والطحاوي وآخرون: هو استعارة وإشارة إلى انقياده للشيطان.. وقيل: معناه: استخف به واحتقره..».
بعد الصلاة رافقني صاحبي إلى المكتب لتناول شاي العصر.
- في القلب شيء من ربط هذا الوعيد بعدم أداء صلاة الليل.
- لنبحث في كتب الشروح، لنقرأ أقوال العلماء.
وبالفعل شغلت الحاسوب وتولى صاحبي صب الشاي الذي كان معدا مسبقا.
الحديث رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه وابن حبان وأحمد وغيرهم.. لم يتطرق معظم الشراح لمن يستحق هذا الأمر ولكن قالوا.. مثلا في «الفتح» لابن حجر: «وقال الطيبي: خصّ الأذن بالذكر وإن كانت العين أنسب بالنوم؛ إشارة إلى ثقل النوم فإن المسامع هي موارد الانتباه، وخص البول؛ لأنه أسهل مدخلا في التجاويف وأسرع نفوذا في العروق فيورث الكسل في جميع الأعضاء».. أما في «فتح الباري» لابن رجب: «فإن كل نوم استغرق وقت الصلاة حتى فات به الوقت، فهو من الشيطان فإنه هو الذي ينوّم عن قيام الليل ويقول للنائم: عليك نوم طويل، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم ..».
- هل هو لمن نام عن قيام الليل.. النافلة.. أم عن صلاة العشاء أم الفجر الفريضة؟
- في شرح النسائي.. حاشية السندي: «لعله ترك العشاء، وظاهر كلام المصنف أنه ترك صلاة الليل».. وفي «بحر الفوائد»: عن ابن مسعود رضي الله: عنه قيل للنبي صلى الله عليه وسلم : إن فلانا بات بالليل ولم يذكر الله حتى أصبح.. فقال صلى الله عليه وسلم الحديث، وقال الطحاوي في «التمهيد»: «قال هذا والله أعلم على أنه نام عن صلاة العشاء فلم يصلها حتى انقضى الليل كله».. وكذلك في المعتصر من المختصر.. وفي «العمدة القاري شرح صحيح البخاري»: «ما قام إلى الصلاة».. الألف واللام للجنس أو للعهد.. ويراد بها المكتوب وهو الظاهر.. كما قال سفيان الثوري: هذا عندنا نام عن الفريضة.
- أظن أن هذا المعنى أقرب للصواب.. ويتفق مع نصوص الشريعة بأن صلاة الليل من النوافل من أداها نال الأجر ومن تركها لم يكن عليه وزر.
- لقد أوردت لك أقوال العلماء.. وأما «بول الشيطان» فلا أظن أننا بحاجة إلى تأويله.. فهو من الأمور الغيبية التي أخبرنا بها النبي صلى الله عليه وسلم فنصدق بها ولا نعلم كيفيتها خاصة أنه يأكل ويشرب ويتناكح.. فلا مانع من أن يبول.. وفي هذه العملية تنفير للإنسان من أن يضيع أي فريضة بسبب النوم.. الذي ربما لا يحاسب عليه.. كما في الحديث الصحيح: «رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المعتوه (المجنون) حتى يبرأ».. فمن باب أولى ألا نفوت الصلاة بأسباب أخرى.


اعداد: د. أمير الحداد