ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=81)
-   -   غزوة الطائف (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=306379)

ابوالوليد المسلم 08-08-2024 02:33 PM

غزوة الطائف
 
غَزْوَةُ الطَّائِفِ

أبو عبدالله فيصل بن عبده قائد الحاشدي


الحَمْدُ لِلهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ المُرْسَلِيْنَ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ.


أَمَّا بَعْدُ:
فَتَقَدَّمَ الحَدِيْثُ مَعَكُمْ - أَيُّهَا النَّاسُ - عَنْ « غَزْوَةِ حُنَيْنٍ ».
وَالآنَ حَدِيْثِي مَعَكُمْ عَنْ « غَزْوَةِ الطَّائِفِ».


فَبَعْدَ أَنْ شَتَّتَ المُسْلِمُونَ هَوَازِنَ وَتَعَقَّبُوهَا فِي نَخْلَةِ وَأُوْطَاسٍ، اتَّجَهُوا إِلَى مَدِيْنَةِ الطَّائِفِ الَّتِي تَحَصَّنَتْ فِيْهَا ثَقِيْفٌ، وَمَعَهُمْ مَالِكُ بْنُ عَوْفِ النَّصْرِيِّ قَائِدُ هَوَازِنَ.


وَكَانَتْ الطَّائِفُ - أَيُّهَا النَّاسُ - تَمْتَازُ بِمَوْقِعَهَا الجَبَلِيِّ وِبِأَسْوَارِهَا القَوِيَّةِ وَحُصُونِهَا الدِّفَاعِيَّةِ وَلَيْسَ إِلَيْهَا مَنْفَذٌ سِوَى الأَبْوَابِ الَّتِي أَغْلَقَتْهَا ثَقِيْفٌ بَعْدَ أَنْ أَدْخَلَتْ مِنَ الأَقْوَاتِ مَا يَكْفِي لِسَنَةٍ كَامِلَةٍ، وَهَيَّأَتْ مِنْ وَسَائِلِ الحَرْبِ مَا يَكْفُلُ لَهَا الصُّمُودَ طَوِيْلاً [1].


فَحَاصَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -أَهْلَ الطَّائِفِ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةَ[2].


فَفِي «الصَّحِيْحَيْنِ» [3]، مِنْ حَدِيْثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - قَالَ: حَاصَرَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْلَ الطَّائِفِ، فَلَمْ يَنَلْ مِنْهُمْ شَيْئًا، فَقَالَ: «إِنَّا قَافِلُونَ إِنْ شَاءَ اللهُ»، قَالَ أَصْحَابُهُ: نَرْجِعُ وَلَمْ نَفْتَحْهُ ؟ فَقَالَ: « اغْدُوا عَلَى الْقِتَالِ »، فَغَدَوْا عَلَيْهِ فَأَصَابَهُمْ جِرَاحٌ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:«إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا، فَأَعْجَبَهُمْ ذَلِكَ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ».


قَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ -: « أَنَّهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَصَدَ الشَّفَقَةَ عَلَى أَصْحَابِهِ وَالرِّفْقَ بِهِمْ بِالرَّحِيلِ عَنِ الطَّائِفِ لِصُعُوبَةِ أَمْرِهِ، وَشِدَّةِ الْكُفَّارِ الَّذِينَ فِيهِ، وَتَقْوِيَتِهِمْ بِحِصْنِهِمْ ومَعَ أَنَّهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِمَ أَوْ رَجَا أَنَّهُ سَيَفْتَحُهُ بَعْدَ هَذَا بِلَا مَشَقَّةٍ كَمَا جَرَى، فَلَمَّا رَأَى حِرْصَ أَصْحَابِهِ عَلَى الْمُقَامِ وَالْجِهَادِ أَقَامَ، وَجَدَّ فِي الْقِتَالِ، فَلَمَّا أَصَابَتْهُمُ الْجِرَاحُ رَجَعَ إِلَى مَا كَانَ قَصَدَهُ أَوَّلًا مِنَ الرِّفْقِ بِهِمْ فَفَرِحُوا بِذَلِكَ لِمَا رَأَوْا مِنَ الْمَشَقَّةِ الظَّاهِرَةِ، وَلَعَلَّهُمْ نَظَرُوا فَعَلِمُوا أَنَّ رَأْيَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَرْكُ وَأَنْفَعُ وَأَحْمَدُ عَاقِبَةً، وَأَصْوَبُ مِنْ رَأْيِهِمْ، فَوَافَقُوا عَلَى الرَّحِيلِ، وَفَرِحُوا فَضَحِكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَعَجُّبًا مِنْ سُرْعَةِ تَغَيُّرِ رَأْيِهِمْ، وَاللهُ أَعْلَمُ»[4].


وَقَدْ وَجْهَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نِدَاءً إِلَى عَبِيْدِ الطَّائِفِ أَنَّ مَنْ يَنْزِلُ مِنْهُمْ مِنَ الحِصْنِ وَيَخْرُجُ إِلَى المُسْلِمِيْنَ فَهُوَ حُرٌّ، فَخَرَجَ ثَلاَثَةٌ وَعِشْرُونَ مِنَ العَبِيْدِ، مِنْهُمْ أَبُو بَكْرَةَ الثَّقَفِيُّ، فَأَسْلَمُوا فَأَعْتَقَهُمْ.


فَفِي «صَحِيْحِ البُخَارِيِّ»[5] مِنْ حَدِيْثِ أَبِي الْعَالِيَةِ أَوْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ: «سَمِعْتُ سَعْدًا وَأَبَا بَكْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ عَاصِمٌ: قُلْتُ: لَقَدْ شَهِدَ عِنْدَكَ رَجُلَانِ حَسْبُكَ بِهِمَا، قَالَ: أَجَلْ، أَمَّا أَحَدُهُمَا، فَأَوَّلُ مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَنَزَلَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَالِثَ ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الطَّائِفِ ».


قَالَ ابْنُ القَيِّمِ -رَحِمَهُ اللهُ-: «وَاسْتُشْهِدَ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالطَّائِفِ جَمَاعَةٌ، ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الطَّائِفِ إِلَى الْجُعَرَانَةِ، ثُمَّ دَخَلَ مِنْهَا مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ فَقَضَى عُمْرَتَهُ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ » [6].


اللهُمَ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْإِيمَانَ وَزَيِّنْهُ فِي قُلُوبِنَا، وَكَرِّهْ إِلَيْنَا الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الرَّاشِدِينَ.


اللهُمَّ تَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ وَأَحْيِنَا مُسْلِمِينَ وَأَلْحِقْنَا بِالصَّالِحِينَ غَيْرَ خَزَايَا وَلَا مَفْتُونِينَ.


اللهُمَّ قَاتِلْ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ، وَاجْعَلْ عَلَيْهِمْ رِجْزَكَ وَعَذَابَكَ، اللهُمَّ قَاتِلْ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَهَ الْحَقِّ.


وَسُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ.

[1] انْظُرْ : «السِّيْـرَةُ النَّبَوِيَّةُ الصَّحِيْحَةِ » لِلعِمَرِي (507).

[2] «جَوَامِعُ السِّيْرَةِ » لِابْنِ حَزْمٍ (237).

[3] رَوَاهُ البُخَارِيُّ ( 4325)، وَمُسْلِمٌ (1778).

[4] « شَرْحُ النَّوَوِي عَلَى مُسْلِم » هَامِشٌ (12/ 124).

[5] رَوَاهُ البُخَارِيُّ (4327 ).

[6] « زَادُ المِعَادِ» (3/ 498 ).





الساعة الآن : 09:25 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 10.07 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 9.98 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.93%)]