ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى القرآن الكريم والتفسير (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=57)
-   -   تفسير سورة الأنعام الآيات (111: 112) (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=306528)

ابوالوليد المسلم 15-08-2024 07:30 PM

تفسير سورة الأنعام الآيات (111: 112)
 
تفسير سورة الأنعام الآيات (111: 112)

يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
قال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ ﴾ [الأنعام: 111].

﴿ وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى ﴾ كَمَا اقْتَرَحُوا ﴿ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ ﴾ جَمَعْنَا[1] ﴿ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ اقْتَرَحُوهُ ﴿ قُبُلًا ﴾ فَعَايَنُوهُ مُواجَهةً[2] ﴿ مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ﴾ إِيْمَانَهُمْ، فَإنَّ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ﴾ [يونس: 96، 97][3].

﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ ذَلِكَ[4]، فَلَا يَسْأَلُونَ اللهَ تَعَالَى التَّوفِيقَ لِلهِدَايَةِ.
***

﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ﴾ [الأنعام: 112].

﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا ﴾ أي: كَمَا جَعَلْنا هَؤُلاءِ أعْداءَكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِكَ ﴿ شَيَاطِينَ ﴾ مَرَدَةً ﴿ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ [5].

﴿ يُوحِي يُوَسْوِسُ ﴿ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ تَحْسِينَ الْكَلَامِ وَتَمْوِيهَهُ ﴿ غُرُورًا ﴾ أيْ: لِيَغُرُّوهُمْ وَيَخْدَعُوهُمْ[6].

﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ﴾ أيْ: الْإِيْحَاءَ المَذْكُورَ[7]، وَلَكِنَّهُ تَعَالَى شَاءَ ذَلِكَ ابْتِلَاءً لِلْأَنْبِيَاءِ عَلَيهِمُ السَّلَامُ.

﴿ فَذَرْهُمْ ﴾ اِتْرْكْهُمْ[8] ﴿ وَمَا يَفْتَرُونَ وَمَا يَخْتَلِقُونَهُ مِنْ كَذِبٍ[9].

وَالْآيَةُ فِيهَا أَنَّ مِنْ سُنُنِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي رُسُلِهِ وَفِي أَتْبَاعِهِ أَنْ جَعَلَ لَهُمْ أَعْدَاءً، وَهَؤَلَاءِ الْأَعْدَاءُ يُضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، وَيُحَارِبُونَ الرُّسُلَ، وَيُحَارِبُونَ أَتْبَاعَهُمْ، كَمَا فِي هَذِهِ الْآيَة.

وَفِي هَذَا تَسْلِيَةٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ مَا يَلْقَاهُ مِنِ اعْتِدَاءٍ وَأَذًى مِنْ قَوْمِهِ لَمْ يَكُنْ أَمْرًا خُصَّ بِهِ دُوْنَ سَائِرِ الرُّسُلِ، بَلْ هُوَ أَمْرٌ دَرَجَ عَلَيْهِ الرُّسُلُ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَهْي سُنَّةُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي أَوْلِيَائِهِ ابْتِلَاءً وَامْتِحَانًا لَهُمْ لِيَتَميَّزَ الصَّادِقُ مِنَ الْكَاذِبِ، وَالْعَاقِلُ مِنَ الْجَاهِلِ، وَالْبَصِيرُ مِنَ الْأَعْمَى، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَدْ تَكَفَّلَ بِإِبْطَالِ كَيَدِ هَؤُلَاءِ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا ﴾ [الفرقان: 31][10].
***

[1] ينظر: تفسير الجلالين (ص181).

[2] ينظر: تفسير ابن عطية (2/ 335)، تفسير الخازن (2/ 147).

[3] ينظر: تفسير ابن كثير (3/ 318)، فتح القدير (2/ 174).

[4] ينظر: تفسير الجلالين (ص181).

[5] ينظر: تفسير الجلالين (ص182).

[6] ينظر: تفسير الجلالين (ص182)، نظم الدرر (7/ 232).

[7] ينظر: تفسير النسفي (1/ 531)، تفسير الجلالين (ص182).

[8] ينظر: فتح القدير (2/ 175).

[9] ينظر: تفسير البغوي (3/ 193).

[10] ينظر: تفسير السعدي (ص269).






الساعة الآن : 02:46 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 10.14 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 10.05 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.92%)]