ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   الملتقى الاسلامي العام (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=3)
-   -   وإعجاب كل ذي رأي برأيه! (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=313919)

ابوالوليد المسلم 06-05-2025 07:01 PM

وإعجاب كل ذي رأي برأيه!
 
وإعجاب كل ذي رأي برأيه! (1)



كتبه/ عبد العزيز عطية النجار
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فالإعجاب بالنفس والرأي من الأمور المذمومة، التي تؤدي للتدابُر والتقاطُع؛ قال الله -تعالى-: (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) (الأنفال: 46).
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تَحاسَدُوا، وَلا تَناجَشُوا، وَلا تَباغَضُوا، وَلا تَدابَرُوا، وَلا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ: لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ، وَلَا يَخْذُلُهُ، التَّقْوَى هَاهُنَا -وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ- بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ) (رواه مسلم).
وفي الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (سَأَلْتُ رَبِّي ثَلَاثًا، فَأَعْطَانِي ثِنْتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً: سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالسَّنَةِ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالْغَرَقِ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يَجْعَلَ ‌بَأْسَهُمْ ‌بَيْنَهُمْ فَمَنَعَنِيهَا) (رواه مسلم).
ومع ذلك فإن أمة الإسلام هي خيرُ أمة أخرجت للناس وهي الآخرةُ الأولى، قال النبي -صلى الله علهي وسلم-: (نَحْنُ الْآخِرُونَ الْأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَنَحْنُ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ، بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا، وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ، فَاخْتَلَفُوا، فَهَدَانَا اللهُ لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ) (رواه مسلم).
ولما كانت أمة الإسلام هي الوَسَط بين الأُمَم لذلك فأهل السُّنة والجماعة في أمة الإسلام هُم الوَسَط بين الفِرَق التي تفرَّقت في أمة الإسلام وخالَفَت الاتباع، وأهل السُّنة هُم وَرثة الكتاب والحِكمة والفَهم المُنضَبِط لما وصَّى به نبيهُم فإن الله سمَّى السُّنة بالحِكمة كما في سورة الأحزاب آمرًا أُمهات المؤمنين: (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا) (الأحزاب: 34).
لذلك فأهلُ السُّنة هُم الامتداد الفِعلي لدعوة الأنبياء والرُّسُل لاقتفائِهِم الأثر وارتباطهِم بالخَبَر الوارد في القرآن الكريم والسُّنة النبوية المُطهرة، وَفَهم هذه النصوص بالفَهم السَّلَفي المُنضَبِط الذي فهم به أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتبليغها وإسقاطِها على أرض الواقِع لنَفع الأمة بها والتبليغ بهذا المعنى هو الدعوة إلى الله -تعالى- على بصيرةٍ وبُرهان: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) (يوسف: 108).
وأهل السُّنة والجماعة يتعاملون مع الخِلاف بأدب الخلاف وفِقه الخلاف تَعَبُّدًا لله تعالى، والإعجاب بالرأي عامةً من حظوظ النفس والعُجب من أمراض القلوب، واتصاف المرء بعَدَم التجرُّد وألا يكون رجَّاعًا للحق أمرٌ خطير يؤذي صاحبهُ ويضر به، (فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) (الفتح: 10)، لكن الأصعب هو الإعجاب بالرأي على مستوى المُتشَرِّذمين من الجماعات والتيارات وبخاصةً التي تنتسب للعمل الإسلامي؛ فأفسدت هذه التيارات أكثر مِما أصلحَت، وأتَت بنهج موازٍ لنهج أهل السُّنة!
والمعروف أن الدعوة إلى الله -تعالى- عبارة عن فرعين: الدعوة الأصلية، وهي دعوة غير المُسلمين للإسلام والدعوة الفرعية وهي دعوة المسلمين ذاتهُم للاستقامة على الإسلام، وللأسف الشديد فإن الدعوة الفَرعية طَغَت على الأصلية.
وكان الإعجاب بالرأي عند المُتشرِّذمين والتعصُّب له والولاء والبراء عليه عَقَبة في وَجه انتشار الدعوة الإسلامية جَرَّاء أفعالهم والتي كانت بناءً عن آراء مُستمدة من فتاوى لا يقول بها إلا أرباعُ العُلماء وأنصاف العُلماء، أو أشباه الأرباع والأنصاف ممَّن لم يتذوقوا طَعم الفِقه أو يَشُمُّوا رائحته، وكذلك عدم التجرُّد.
وللحديث بقية -إن شاء الله-.




ابوالوليد المسلم 24-05-2025 10:52 AM

رد: وإعجاب كل ذي رأي برأيه!
 
وإعجاب كل ذي راي برأيه! (2)



كتبه/ عبد العزيز عطية النجار
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فمن أسباب تأخُر المُسلمين: التَخَبُّط الناتج عن الجَهل والعِلم الناقِص في الوقت الذي أصبح فيه إلصاق تُهمة الإرهاب للمسلمين؛ بخاصة أهل الامتثال للهدي الظاهري في هذه الغُربة للدين، وفي الوقت ذاته تُعتَبَر الأمة في وقتها الحالي جسدًا مفتوحًا تنتابُه موجات التَغريب حاملة معها أفكار التحرُّر والتَحريف والتمييع باسم التجديد والتنوير، وتَمكين الحَركات النَسوية وادعاء الحقوق للمُخالفين لِلفطرة التي فُطِرَ الناسُ عليها.
ولو أضفنا لذلك حَملات التَشييع والتَنصير في إفريقيا والبِدَع العقدية والبِدَع العملية في حواضر كثيرة من بلاد المسلمين والعرب؛ بالإضافة للخطر الراهن المُسمى بالدين الإبراهيمي العالمي والذي تم لأجله استئناس الصوفية -أصحاب الخُرافات والخُزعبلات وتصديرها للمشهد واعتبارها هي الإسلام الوَسَطي المُعتدل المُمَثِّل عن أهل القِبلة والمقبول عند المُعسكرات الشرقية والغربية-.
ولا زالت الأمة تعاني تبعات الإمبريالية العالمية والذي تشَكَّلَت في هذا الاحتلال للبلاد والحواضِر الإسلامية والذي سَلَخ المُسلمين عن هويَتِهِم السلفية الحقيقية.
ومن الأمور المُرَكَّبة: أن هذا الاحتلال جاء في حِقَب تاريخية لعُمر الأرض يَختَلِف عن أي حِقبة؛ لأنها كانت الأسرع تَطوُّرًا من ثورة زراعية لأخرى صناعية لثورة تكنولوجية معلوماتية.
كان بسبب العِلم الناقص الممزوج بالحِس الأدبي البلاغي غير المنضبط بالنَقل من القرآن الكريم والسُّنة أن تولَّد لدينا هذا الأنموذج الذي تصادَم مع الواقع بوصفه منهجًا موازيًا لمنهج أهل السُّنة وغير شمولي وخيالي كثيرًا بعيد عن الواقعية.
وكان المنتَج النهائي هذا التيار القُطبي الصِدامي الذي تحوَّل لمنهج حَرَكي وقَبِلتهُ جماهير من أهل القِبلَة وطاقات بشَرية أفرَغَت الوِسع في تعميمه ونَشرِه ظنُّوه أنهُ هو الكَنز المَفقود ولَم يعلموا أن باطِنُهُ فيهِ الرَّحمةُ وَظاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذابُ.
وحقًا كانت نتائجهُ عَذاب لو تخيلنا الأحداث في العِقدين قبل مَطلَع الألفية لوجدنا حوادث كانت كفيلة بتأخير الدعوة الإسلامية لأعوام مِثل العَشرية السوداء في الجزائر وأحداث مُشابهة لها إما بمُباشرة هذه التيارات الصِدامية أو اشتراكها فيها أو التَلفيق الذي ألصَق التُهَم بهذه التيارات ومن ثَم أساءت لجموع أهل السُّنة.
ولا زال التحدي الأعظم هو: الجرأة على الفتوى في أوساط من يَنتَسِبون للتيارات القُطبية والتكفيرية، والذين تُفتَح لهُم القنوات ويتم استقطابهُم ليكونوا مَعاول هَدم في أيدي جهات خارجية، وأمور النوازل التي تَمَس كامِل الأمة لا يتكلم فيها أحدٌ برأيه مهما كانت حصيلتهُ العلمية وكذلك لا بد من درايته بالواقع الذي يُفتي من خلاله؛ قال الإمام أحمد بن حنبل الشيباني: "لن يَنصُر هذا الدين إلا من حواهُ من جميع جوانبه"، ولن يكون ذلك إلا للعُلماء الربانيين المُجَدِّدين من الأمة، ورُتَبَتُهُم تَصِل إلى الاجتهاد وشهادة أقرانهم لهُم أصلًا تُزَكِّيهِم وتؤهلهُم للصدارة وللاجتهاد وأخذ صَدر المَجلِس.
قال أبو الحسن الأزدي: "إن أحدهم ليُفتي في المسألة لو وردت على عمر بن الخطاب لجمع لها أهل بدر".
وقال الأمير شكيب أرسلان: "ومن أعظم أسباب تأخُر المسلمين: العِلم الناقص، والذي هو أشد خطرًا من الجَهل البسيط؛ لأن الجاهل إذا قَيَّضَ اللهُ له مُرشدًا عالمًا أطاعه ولم يتفلسف عليه، فأما صاحب العلم الناقص فهو لا يدري، ولا يقتنع بأنه لا يدري، وكما قيل: ابتلاؤكم بمجنون خير من ابتلائكم بنصف مجنون، وأقول: ابتلاؤكم بجاهل خير من ابتلائكم بشبه عالم".
وللحديث بقية -إن شاء الله-.





الساعة الآن : 06:04 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 12.52 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 12.38 كيلو بايت... تم توفير 0.14 كيلو بايت...بمعدل (1.08%)]