حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
حديث: لا طلاق إلا بعد نكاحٍ، ولا عتق إلا بعد مِلكٍ الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا طلاق إلا بعد نكاحٍ، ولا عتق إلا بعد مِلكٍ؛ رواه أبو يعلى وصححه الحاكم، وهو معلول، وأخرج ابن ماجه عن المسور بن مخرمة مثله، وإسناده حسن لكنه معلول أيضًا. المفردات: لا طلاق إلا بعد نكاح: أي لا يَملِك الرجل حقَّ تطليق المرأة، وتُعد طلاقه طلاقًا إلا بعد أن يكون قد عقَد عليها. ولا عتق إلا بعد ملك؛ أي: ولا يَملِك الإنسان تحرير رقيق إلا إذا كان يَملِكه، فمن عتق رقيقًا وهو لا يَملكه فلا قيمة لعتقه. البحث: قال الحافظ في تلخيص الحبير: حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عِتق إلا بعد ملك؛ هذا الحديث أخرجه الحاكم في المستدرك، وصحَّحه من حديث جابر، وقال: أنا متعجب من الشيخين كيف أهملاه، فقد صحَّ شرطاهما من حديث ابن عمر وعائشة وعبدالله ابن عباس ومعاذ بن جبل وجابر، انتهى. أما حديث ابن عمر، فرواه نافع عنه بلفظ: لا طلاق إلا بعد نكاح، وإسناده ثقات، أخرجه ابن عدي عن ابن صاعد، قال ابن صاعد: غريب لا أعرِف له علة، قلت: وقد بيَّن ابن عدي علته، وأما حديث عائشة، فمن رواية الزهري عن عروة عنها، قال: ابن أبي حاتم في العلل عن أبيه: حديث منكر، قلت: وسيأتي له طرق في الكلام على حديث المسور، وقد رواه الحاكم من طريق حجاج بن منهال عن هشام الدستوائي عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة مرفوعًا، وأما حديث ابن عباس، فمن رواية عطاء بن أبي رباح عنه أخرجه الحاكم من رواية أيوب بن سليمان الجزري عن ربيعة عنه، وفيه من لا يعرف، وله طريق أخرى عند الدارقطني من طريق سليمان بن أبي سليم عن يحيى بن أبي كثير عنه، وسليمان ضعيف، وأما حديث معاذ فمن رواية طاوس عن معاذ وهو مرسل، وله طريق أخرى عند الدارقطني عن سعيد بن المسيب عن معاذ، وهي منقطعة أيضًا، وفيها يزيد بن عياض وهو متروك، وأما حديث جابر، فمن رواية محمد بن المنكدر، وله طرق عنه بينتها في تعليق التعليق، وقد قال الدارقطني: الصحيح مرسل ليس فيه جابر، وأعلَّه ابن معين وغيره بشيء آخر سيأتي، ومن رواية أبي الزبير، رواه أبو يعلى الموصلي، وفي إسناده مبشر بن عبيد وهو متروك، قلت: وفي الباب عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال الترمذي: هو أحسن شيء رُوي في هذا الباب وهو عند أصحاب السنن بلفظ: ليس على رجل طلاق فيما لا يَملِك - الحديث - ورواه البزار من طريقه بلفظ: لا طلاق قبل نكاح، ولا عِتق قبل ملك، وقال البيهقي في الخلافيات: قال البخاري: أصح شيء فيه وأشهره حديث عمرو بن شعيب، وحديث الزهري عن عروة عن عائشة وعن علي، ومداره على جويبر عن الضحاك عن النزال بن سبرة عن علي وجويبر متروك، ورواه ابن الجوزي في العلل من طريق أخرى عن علي، وفيه عبدالله بن زياد بن سمعان وهو متروك، وفي الطبراني من طريق عبيدالله بن أبي أحمد بن جحش عن علي، وقد سبق في باب الفيء والغنيمة، وعن المسور بن مخرمة؛ رواه ابن ماجه بإسناد حسن، وعليه اقتصر صاحب الإلمام، لكنه اختلف فيه على الزهري، فقال: علي بن الحسين بن واقد عن هشام بن سعد عنه عن عروة عن المسور، وقال: حماد بن خالد عن هشام بن سعد عن الزهري عن عروة عن عائشة، وفيه عن أبي بكر الصديق وأبي هريرة وأبي موسى الأشعري، وأبي سعيد الخدري وعمران بن حصين وغيرهم، ذكرها البيهقي في الخلافيات. وروى الحاكم من طريق ابن عباس قال: ما قالها ابن مسعود وإن كان قالها، فزلة من عالم في الرجل يقول: إن تزوجت فلانة فهي طالق؛ قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ ﴾ [الأحزاب: 49]، ولم يقل: إذا طلقتموهنَّ ثم نكَحتموهنَّ، ورواه عنه بلفظ آخر، وفي آخره: فلا يكون طلاق حتى يكون نكاح، وهذا علقه البخاري، وهذا قد أوضَحته في تعليق التعليق، ثم قال الحافظ: ومقابل تصحيح الحاكم قول يحيى بن معين: لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم: لا طلاق قبل نكاح، وأصحُّ شيء فيه حديث ابن المنكدر عمن سَمِع طاوسًا عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا. وقال أبو داود الطيالسي: نا ابن أبي ذئب حدثني من سمع عطاء عن جابر نحوه، ورواه ابن أبي شيبة عن وكيع عن أبي ذئب عن عطاء وابن المنكدر عن جابر، واستدرك الحاكم من حديث وكيع وهو معلول، ورواه أبو قرة في سننه عن ابن جريج عن عطاء عن جابر مرفوعًا، وقال ابن عبدالبر في الاستذكار: رُوي من وجوه إلا أنها عند أهل العلم بالحديث معلولة؛ اهـ، وقوله قال ابن صاعد: غريب لا أعرف له علة، قلت: وقد بيَّن ابن عدي علته، ثم بيَّن صاحب التلخيص هنا هذه العلة، وبيَّنها في فتح الباري؛ حيث قال: ولحديث ابن عمر طريق أخرى أخرجها ابن عدي من رواية عاصم بن هلال عن أيوب عن نافع عن ابن عمر رفعه: لا طلاق إلا بعد نكاح، قال ابن عدي: قال ابن صاعد لما حدث به: لا أعلم له علة، قلت: استنكروه على ابن صاعد ولا ذنب له فيه، وإنما علته ضعف حفظ عاصم؛ اهـ. وقد قال البخاري في صحيحه: باب لا طلاق قبل النكاح، وقول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا ﴾ [الأحزاب: 49]، وقال ابن عباس: جعل الله الطلاق بعد النكاح. ويُروى في ذلك عن علي وسعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وأبي بكر بن عبدالرحمن وعبيدالله بن عبدالله بن عتبة، وأبان بن عثمان وعلي بن حسين، وشريح وسعيد بن جبير والقاسم وسالم وطاوس والحسن وعكرمة وعطاء وعامر بن سعد وجابر بن زيد، ونافع بن جبير ومحمد بن كعب وسليمان بن يسار ومجاهد، والقاسم بن عبدالرحمن وعمرو بن هرم والشعبي - أنها لا تُطلق؛ اهـ. وقد بيَّن الحافظ رحمه الله في فتح الباري من وصل هذا التعليقات ومراتب أسانيدها عن هؤلاء الأئمة، ووصف أثر ابن عباس: لا طلاق قبل نكاح، بأن أحمد أخرجه فيما رواه عنه حرب من مسائله من طريق قتادة عن عكرمة عنه، وقال: سنده جيد، وأثر علي رجاله ثقات إلا أنه من رواية الحسن البصري عن علي ولم يسمع منه، وما رواه النزال بن سبرة عن علي في سنده ضعف، وأما أثر سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح، فسنده صحيح، وكذلك أثر عروة بن الزبير سنده صحيح أيضًا، ونقل الحافظ في الفتح أن الترمذي ذكر في العلل أنه سأل البخاري: أي حديث في الباب أصح؟ فقال: حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وحديث هشام بن سعد عن الزهري عن عروة عن عائشة، قلت: إن البشر بن السري، وغيره قالوا: عن هشام بن سعد عن الزهري عن عروة مرسلًا قال: فإن حماد بن خالد رواه عن هشام بن سعد فوصله، قلت: أخرجه ابن أبي شيبة عن حماد بن خالد كذلك، وخالفهم علي بن الحسين بن واقد، فرواه عن هشام بن سعد عن الزهري عن عروة عن المسور بن مخرمة مرفوعًا؛ أخرجه ابن ماجه وابن خزيمة في صحيحه، لكن هشام بن سعد أخرَجا له في المتابعات ففيه ضعف، وقد ذكر ابن عدي هذا الحديث في مناكيره، قال الحافظ: ولَما أورد الترمذي في الجامع حديث عمرو بن شعيب، قال: ليس بصحيح؛ اهـ، كما صحح الحافظ في الفتح أيضًا سند أثر علي بن الحسين، وأثر شريح وأثر القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وأثر سالم بن عبدالله بن عمر. أما أثر جابر بن زيد، وهو أبو الشعثاء، فأخرجه سعيد بن منصور من طريقه وفي سنده راوٍ لم يسم، ثم قال الحافظ: وقد تجوَّز البخاري في نسبة جميع مَن ذكر عنهم إلى القول بعدم الوقوع مطلقًا، مع أن بعضهم يفصل، وبعضهم يختلف عليه، ولعل ذلك هو النكتة في تصديره النقلَ عنهم بصيغة التمريض؛ اهـ، والله أعلم، وسيأتي مزيد بحث لهذا في الحديث الذي يلي هذا الحديث إن شاء الله تعالى. |
الساعة الآن : 10:05 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour