عُزلة الـ «تكست نِك»

• من عيوب وسائل التواصل الاجتماعي، والهاتف المحمول، أنها أدت إلى الرغبة في العزلة، والابتعاد عن الناس! مع أن الخير في الاقتراب من الناس والتعرف عليهم وعلى مشكلاتهم، مع ما يصيب الإنسان من أذيتهم! هذه الحال وصفها النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «المؤمِنُ الذي يُخالِطُ الناسِ ويَصبِرُ على أذاهُمْ، أفضلُ من المؤمِنِ الَّذي لا يُخالِطُ النَّاسَ و لا يَصبرُ على أذاهُمْ».

• ولا شك أن الذي يتعامل مع الناس سيؤثِّرُ فيهم ويتَأثَّرُ بهم، وهذا التعامل قد يؤدي إلى أن يصيبه بعض الأذى منهم؛ لذا فعليه أن يَصبِر على ما يُصيبُه مِنهم، ويتحمل بعض كلامهم القاسي، بل يتجاوز كل هذا إلى أن يَعْفو ويصفَح؛ لأن مهمته هي إصلاح الناس، ومعرفة أحوالهم ومعالجتها، وهذا أفضل من البقاء بعيدا عنهم، و هو أكثرُ ثوابًا وأعظَمُ أجرًا عند الله، مِن الإنسان الَّذي لا يُخالِطُ النَّاسَ ولا يَصبِرُ على أذاهم.

• والاخْتِلاط بالنَّاسِ يكون بمشاركتهم أفراحهم وأحزانهم، وتفريج كربهم، ومواساة محتاجهم، وتقديم النصح لهم، وحضور مجالسهم، وعيادة مريضهم، وحضور جنائزهم؛ فهذا الَّذِي كَانَ عليه النبي -صلى الله عليه وسلم - والسلف الصالح، قال الله -تَعَالَى-: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (المائدة:2)، وقال -صلى الله عليه وسلم -: «من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا، ستره الله في الدنيا والآخرة». وليس للبعد عن الناس والانعزال عنهم فضل إلا إذا خاف الإنسان على دينه ونفسه، وكثرتْ المنكرات من حوله وليس لديه قدرة على تغييرها.

• هل تحولت مجتمعاتنا إلى مجتمعات صامتة؟ وأصبح التواصل عبر الهاتف النقال والإنترنت إدمانا يُهمش التواصل المباشر مع الناس الذي يتمثل في: اللقاءات والزيارات وغيرها، إلا أن هناك تحذيرًا من عواقب استعمال تلك الوسائل على وحدة المجتمع؛ فالتوازن الاجتماعي معرَّضٌ للخلل ولاسيما لدى الأطفال. وينصح الخبراء بتحديد مدة زمنية لاستخدام الأجهزة الحديثة في التواصل؛ لكي لا يؤثر ذلك على مشاركة الشخص في الحياة الفعلية مع الآخرين.

• إن الإفراط في استخدام الهواتف المحمولة، يزيد من حالات الإصابة بالعزلة والوحدة والقلق، ويحرم من الاسترخاء، ويؤثر على الجهاز العصبي، بل قد يسبب مشكلات صحية، ومن بينها (رقبة النص text neck)، ويسمى (متلازمة الرقبة النصية) التي لها عواقب خطيرة على العمود الفقري. الذي حذر منه الطبيب (دين إل فيشمان Dean L. Fishman) في عام 2008. فثني الرقبة للنظر إلى شاشة الكمبيوتر المحمول أو الجهاز اللوحي أو الهاتف الذكي، يولد توترًا كبيرًا في العضلات وفي العمود الفقري نفسه.

• فالعزلة، والابتعاد عن الناس أمر غير مرغوب دينيا، وإنسانيا واجتماعيا، وحتى صحيا.

اعداد: سالم الناشي