ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=91)
-   -   إنّ هذا الدّين يسر (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=315216)

ابوالوليد المسلم 14-06-2025 09:41 PM

إنّ هذا الدّين يسر
 
إنّ هذا الدّين يسر


نذير خليف




عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي قال : ( إن الدّين يسر ، ولن يشاد الدّين إلا غلبه ، فسددوا وقاربوا ابشروا ، استعينوا بالغدوة والروحة وشيءٍ من الدلجة ) رواه البخاري (177).
وفي رواية له : ( سددوا وقاربوا اغدوا وروحوا ، وشيءٍ من الدلجة القصد القَصد تبلغوا ) (178).
الشرح

في حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الدين يسر ) يعني : الدين الذي بعث به الله محمد ، كما قال عز وجل ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) (البقرة:185) ، وقال تعالى: ( مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ ) (المائدة:6) ، وقال تعالى : ( وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج) (الحج:78) .
فالنصوص كلها تدل على أن هذا الدين يسر ، وهو كذلك . فهذا الدين يسر ، يسر في أصل التشريع ، ويسر فيما إذا طرأ ما يوجب الحاجة إلى التيسير ، قال النبي عليه الصلاة والسلام لعمران بن حصين : ( صل قائماً ، فإن لم تستطع فقاعداً ، فإن لم تستطع فعلى جنب )(181) فالدين يسر .
هذا هو دين الله تعالى ، يختصره النبي عليه الصلاة والسلام في هذه القاعدة الجليلة ، التي تبيِّن حقيقة الإسلام، وأنه دين يُسْرٍ وسهولة ، في كل شؤونه وتعاليمه وعقائده وعباداته وأخلاقه وأعماله ، لا يعرف التشدد ولا الغلوُّ ولا التنطع. وهو حكمٌ عام لا يستثني شيئاً .
ثم قال النبي : ( ولن يشاد الدين أحدٌ إلا غلبه ) يعني : لن يطلب أحد التشدد في الدين إلا غُلب وهُزم ، يعني أنك إذا شددت الدين وطلبت الشدة ، فسوف يغلبك الدين ، وسوف تهلك ، كما قال النبي في الحديث: ( هلك المتنطعون ).
ثم قال عليه الصلاة والسلام : ( فسددوا وقاربوا ابشروا ) ، أي افعل الشيء على وجه السداد والإصابة ، فإن لم يتيسر فقارب ، ولهذا قال : ( وقاربوا )، والواو هنا بمعنى ( أو ) ، يعني سددوا إن أمكن ، وإن لم يمكن فالمقاربة . ( وابشروا ) يعني ابشروا أنكم إذا سددتم أصبتم ، أو قاربتم ، فابشروا بالثواب الجزيل والخير والمعونة من الله عز وجل ، وهذا يستعمله النبي عليه الصلاة والسلام كثيراً يبشر أصحابه بما يسرهم .
قال العلامة السعدي رحمه الله: "ويؤخذ من هذا أصلٌ نافعٌ ، دلّ عليه أيضاً قوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) [التغابن:16], وقوله صلّى الله عليه وسلم: "إذا أمرتكم بأمرٍ فائتوا منه ما استطعتم"، والمسائل المبنية على هذا الأصل لا تنحصر، وفي حديث آخر: "يسِّرا ولا تُعَسرا، وبَشِّرا ولا تُنفرا".
ويؤخذ من هذا الحديث العظيم عدة قواعد منها:

القاعدة الأولى: التيسير الشامل للشريعة على وجه العموم.
القاعدة الثانية: المشقة تجلب التيسير وقت حصولها.
القاعدة الثالثة: إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم.
فصلوات الله وسلامه على من أوتي جوامع الكلم ونوافعها".
واعلم ـ أيها المستمع المبارك ـ أنه "ما أمرَ اللهُ بأمرٍ إلا وللشيطان فيه نزعتان: إما إلى تفريطٍ وإضاعة ، وإما إلى إفراطٍ وغلوّ ، ودينُ الله وسطٌ بين الجافي عنه والغالي فيه ، كالوادي بين جبلين ، والهدى بين ضلالتين ، والوسط بين طرفين ذميمين ، فكما أن الجافي عن الأمر مضيِّع له ؛ فالغالي فيه: مضيع له ، هذا بتقصيره عن الحد ، وهذا بتجاوزه الحد".
ولكن التيسير في الدين ليس سبيلاً للتملص والتخفف من الأحكام الشرعية ، وأن الباحث عن التيسير في غير موضعه ، إنّما هو اتباع للهوى لا للهدى ، وقد قال الله عز وجل: ( فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ) [القصص: 50] فلا يوجد خيار ثالث: إما الانقياد الشرع أو اتباع الهوى.
اللهم ألهمنا الرشد في القول والعمل، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، والباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، وأعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك يارب العالمين.









الساعة الآن : 08:58 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 8.20 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 8.11 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.14%)]