منهج النبي صلى الله عليه وسلم في غرس العقيدة في نفوس الشباب
منهج النبي صلى الله عليه وسلم في غرس العقيدة في نفوس الشباب
يعيش الشباب المسلم في العصر الحاضر وسط عالم متسارع، يموج بالتغيرات الفكرية والثقافية والاجتماعية، ومع انفتاح العالم عبر وسائل الإعلام والتكنولوجيا الحديثة، أصبحت المفاهيم تُتداول وتُناقش بحرية واسعة؛ ما أتاح المجال لانتشار الشبهات الفكرية، والتأثيرات العقائدية الوافدة بين الشباب، وقد أصبحت هذه التحديات تمثل ضغطًا حقيقيا عليهم، فهم يعيشون بين متطلبات العصر، وإغراءات الحداثة، وتيارات العولمة، وبين ثوابت الدين التي تحتاج إلى فهم عميق وتمسك راسخ، وهذا ما يجعل -من الضروري- دراسة هذه التحديات وفهم أسبابها وأبعادها، والبحث عن سبل تحصين الشباب المسلم منها، وتوفير البيئة الفكرية والعقدية السليمة التي تعينهم على الثبات والتمييز بين الحق والباطل. من هنا جاء هذا الملف لدراسة منهج النبي - صلى الله عليه وسلم- مع شباب الصحابة -رضي الله عنهم- في التربية الإيمانية لهم، ابتداء من تعليمهم قضايا الإيمان الأساسية، ومرورًا بمتابعة هذا الإيمان وتقويم أي اعوجاج يطرأ عليه، وانتهاء بوضع توجيهات لتحصين هذا الإيمان مما ينقصه ويفسده. أولاً: تعليم الإيمان منذ الصغر لقد اهتم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بتعليم صغار الصحابة -رضي الله عنهم- أمور العقيدة، ومما يدل على ذلك ما ورد عن جندب بن عبدالله قال: «كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم- ونحن فتيان حزاورة؛ فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن؛ ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيمانا».يتضح لنا من هذا الحديث أن جندب بن عبدالله - رضي الله عنه - ومن معه كانوا فتيانا عند النبي - صلى الله عليه وسلم- فتعلموا الإيمان قبل أن يتعلموا القرآن، وهذا مما يدل على المبادرة بتعليم الإيمان للنشء قبل تعلم القرآن، وتعليم الإيمان يقتضي التعريف بالله -سبحانه وتعالى-، وأحقيته بالعبادة دونما سواه، وما له من صفات الجلال والكمال والعظمة، وكذلك التعريف برسوله - صلى الله عليه وسلم - ووجوب الإيمان به، وماله من حقوق على أمته، ونحو ذلك مما يلتقي بأمور الإيمان ويتناسب مع حال الناشئ، وهذا مما يفيد الناشئ قبل تعلم القرآن، في تعظيم القرآن والازدياد به إيمانا، كما يقول جندب - رضي الله عنه -: «ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيمانا». تعليمهم الأدعية الإيمانية ومما كان يسلكه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في تعليم الصغار الإيمان، حرصه على تعليم الحسن - رضي الله عنه - وغيره بعض الأدعية التي تتضمن بعض جوانب الإيمان، كدعاء القنوت، كما يقول الحسن بن علي -رضي الله عنهما-: علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كلمات أقولهن في الوتر «اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت؛ إنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت»، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - قال: يا رسول الله، مُرني بكلمات أقُولُهُنَّ إذا أصبَحتُ وإذا أمسَيتُ، قال: «قل: اللهم فاطِرَ السماوات والأرض، عالم الغيبِ والشهادة، ربَّ كُلِّ شَيءٍ ومَلِيكَه، أَشْهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شرِّ نفسي وشرِّ الشيطان وشِرْكِهِ، وأن أقترف على نفسي سوءًا أو أجره إلى مسلم» .ثانيًا: التوضيح والبيان لقد كان كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تعليمه للناس بيانا واضحا، كما تقول عائشة -رضي الله عنها-: «كان كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كلاما فصلا يفهمه كل من سمعه»، ومع هذا فقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسلك في تعليمه للشباب وغيرهم أمور الإيمان وسائل التوضيح والبيان، ومن ذلك ما يلي:(1) ضرب الأمثال كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يُمثّل لأصحابه بالنخلة والتمر، والبعير، والشوك، ومن أمثلته - صلى الله عليه وسلم - في توضيح الإيمان ما رواه الشباب أنفسهم، فقد مثل بالزرع كما في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: « مَثَلُ المُؤْمِنِ كَمَثَلِ خامَةِ الزَّرْعِ، يَفِيءُ ورَقُهُ مِن حَيْثُ أتَتْها الرِّيحُ تُكَفِّئُها، فإذا سَكَنَتِ اعْتَدَلَتْ، وكَذلكَ المُؤْمِنُ يُكَفَّأُ بالبَلاءِ، ومَثَلُ الكافِرِ كَمَثَلِ الأرْزَةِ صَمَّاءَ مُعْتَدِلَةً حتَّى يَقْصِمَها اللَّهُ إذا شاءَ»، ومثَّل - صلى الله عليه وسلم- بالشاة فقال - صلى الله عليه وسلم-: «مَثَلُ المُنافِقِ كَمَثَلِ الشَّاةِ العائِرَةِ بيْنَ الغَنَمَيْنِ، تَعِيرُ إلى هذِه مَرَّةً، وإلَى هذِه مَرَّةً»، ومثَّل - صلى الله عليه وسلم - بالشوك فقال - صلى الله عليه وسلم - عن الصراط: «... وبه كلاليبُ مِثْلُ شَوكِ السَّعدانِ! هل تدرونَ شَوكَ السَّعدانِ؟» قالوا : نَعم يا رسولَ اللهِ قال: «فإنَّها مِثلُ شَوكِ السَّعدانِ غيرَ أنَّه لا يعلَمُ قدرَ عِظَمِها إلَّا اللهُ فتخطَفُ النَّاسَ بأعمالِهم..»، ومثَّل -صلى الله عليه وسلم - بالأترجة، والريحانة، والتمرة، والحنظلة، فقال - صلى الله عليه وسلم-: «مَثَلُ الذي يَقْرَأُ القُرْآنَ كالأُتْرُجَّةِ: طَعْمُها طَيِّبٌ، ورِيحُها طَيِّبٌ، والذي لا يَقْرَأُ القُرْآنَ كالتَّمْرَةِ: طَعْمُها طَيِّبٌ، ولا رِيحَ لَها، ومَثَلُ الفاجِرِ الذي يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الرَّيْحانَةِ: رِيحُها طَيِّبٌ، وطَعْمُها مُرٌّ، ومَثَلُ الفاجِرِ الذي لا يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الحَنْظَلَةِ: طَعْمُها مُرٌّ، ولا رِيحَ لَها». (2) استخدام وسائل الإيضاح لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغفل توضيح قضايا الإيمان ببعض الوسائل المعينة، كالرسوم ونحوها، ومن ذلك ما ورد في حديث عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: خط النبي -صلى الله عليه وسلم - خطا مربعا، وخط خطا في الوسط خارجا منه، وخط خطوطا صغارا إلى هذا الذي في الوسط، من جانبه الذي في الوسط، وقال: «هذا الإنسان وهذا أجله محيط به -أو قد أحاط به- وهذا الذي هو خارج أمله، وهذه الخطوط الصغار الأعراض، فإن أخطأه هذا، نهشه هذا، وإن أخطأه هذا نهشه هذا».(3) القصص كان النبي - صلى الله عليه وسلم- كثيرا ما يعرض أمور العقيدة بشكل قصصي، ولا سيما الغيبيات، كنعيم الجنة وأحوال أهلها وهذا مما يزيد قضايا العقيدة وضوحًا، عرضها بشكل قصصي، يجعل السامع يتصور مشاهدها، ويتخيل أحداثها، وكأنها رأي العين، فضلا عما في الأسلوب القصصي من جذب انتباه -ولا سيما للشباب-. (4) إجابة التساؤلات كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتيح للشباب السؤال بل ويشجعهم عليهم، ويجيبهم عنه، ويزيد أحيانا في الإجابة على مطلوب السائل، المزيد الإيضاح، ومن ذلك على سبيل المثال سؤال عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: «الصلاة على وقتها، قلت ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: ثم الجهاد في سبيل الله، قال: حدثني ولو استزدته لزادني». ثالثًا: إثارة الانتباه واغتنام الفرص من منهج النبي - صلى الله عليه وسلم- في غرس العقيدة الصحيحة في نفوس الشباب إثارة الانتباه لما يريد أن يعلمهم إياه، ويعرفهم به، وذلك يجعل الشاب مستعدا لما يلقى إليه، بتوجيه حواسه وتركيز ذهنه، إضافة إلى ذلك فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- يغتنم الفرصة المناسبة لهذا التعليم، والمواقف في هذا كثيرة، فمنها ما حصل لمعاذ بن جبل - رضي الله عنه -؛ حيث يقول: «بينما أنا رديف النبي -صلى الله عليه وسلم- ليس بيني وبينه إلا آخرة الرحل، فقال: يا معاذ، قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك، ثم سار ساعة، ثم قال: يا معاذ، قلت: لبيك رسول الله وسعديك، ثم سار ساعة، ثم قال: يا معاذ بن جبل، قلت: لبيك رسول الله وسعديك، قال: هل تدري ما حق الله على عباده؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، ثم سار ساعة، ثم قال: يا معاذ بن جبل، قلت: لبيك رسول الله وسعديك، قال: هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوه؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: حق العباد على الله ألا يعذبهم».رابعًا: المتابعة وتقويم الأخطاء كان من هدي النبي - صلى الله عليه وسلم- المتابعة وتقويم الأخطاء، وذلك من خلال وسائل عدة:(1) التعاهد بالوصية إضافة لما كان يسلكه الرسول - صلى الله عليه وسلم - في غرس العقيدة الصحيحة في نفوس الشباب من التعليم في الصغر ثم التوضيح والبيان وإثارة الانتباه واغتنام الفرص، فقد كان - صلى الله عليه وسلم- يحرص على متابعة هذا الغرس، وتعاهد الإيمان في القلوب، ببذل الوصايا لهم، ومن وصاياه -صلى الله عليه وسلم - في هذا الجانب ما يلي: احفظ الله يحفظك عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: كنت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما فقال: «يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف».اتق الله حيثما كنت ومن الوصايا الإيمانية وصيته - صلى الله عليه وسلم- لأبي ذر - رضي الله عنه - قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن»، وهذه الوصية نفسها أوصى بها معاذ بن جبل - رضي الله عنه -؛ حيث قال: يا رسول الله، أوصني، قال: «اتق الله حيثما كنت أو أينما كنت، قال: زدني قال: أتبع السيئة الحسنة تمحها، قال: زدني، قال: خالق الناس بخلق حسن».(2) تقويم إيمان الشباب كان النبي - صلى الله عليه وسلم- لا يغفل عن سلامة عقيدة شباب أمته وقوة إيمانهم، فعندما يدرك الخطأ يبادر في إصلاحه، ويسد خلله، ويكمل نقصه، حتى ينشأ الجيل قوي الإيمان ثابت الجنان، ومن الأسلوب الحكيم للنبي -صلى الله عليه وسلم - في تقويم الأخطاء في الإيمان ما رواه عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: «كنا نصلي خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - فنقول: السلام على الله، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن الله هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله».وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن نتنازع في القدر، فغضب حتى احمر وجهه، حتى كأنما فقئ في وجنتيه الرمان، فقال: «أكذا أمرتم؟ أم بهذا أرسلت إليكم؟ إنما هلك من كان قبلكم حين تنازعوا في هذا الأمر، عزمت عليكم ألا تتنازعوا فيه». العتاب والعقاب وقد يحتاج الخطأ الحاصل للشباب في قضية من قضايا الإيمان إلى عتاب أو عقاب؛ فقد عاتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معاذ بن جبل - رضي الله عنه - عندما شكاه قومه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لإطالة الصلاة بهم، ولكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - في عتابه لمعاذ لم يزد على قوله: «يا معاذ، أفتان أنت؟ أفتان أنت؟ اقرأ بكذا»، وقد يتجاوز تقويم الخطأ مرحلة العتاب إلى مرحلة العقاب، بحسب حجم الخطأ وملابساته، ومن أمثلة ذلك ما عاقب به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كعب بن مالك - رضي الله عنه - عندما تخلف عن الخروج إلى غزوة تبوك، فجلسوا في هذه العزلة خمسين ليلة حتى أنزل الله -سبحانه وتعالى- توبتهم».الإيمان يزيد وينقص الإيمان في قلوب الشباب ليس أمرا ثابتا، لا يزول، ولا ينقص ولا يزيد، بل هو معرض للنقص والزيادة، وفوق هذا فإنه معرض أيضًا للزوال بالكلية من القلب، فيعود الإنسان إلى الضلال بعد الهدى، وإلى الكفر بعد الإيمان -أعاذنا الله من ذلك-؛ لذا فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- خشي على شباب الصحابة -رضي الله عنهم- من نقص الإيمان وزواله؛ بسبب التحديات التي تتمثل في الفتن التي يتوقع مواجهتها في حياتهم، ومما قام به النبي - صلى الله عليه وسلم- في هذا السبيل ما يلي:(1) التمسك بالكتاب والسُنَّة عن العرباض بن سارية - رضي الله عنه - قال: وعظنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يوما بعد صلاة الغداة موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب؛ فقال رجل: إن هذه موعظة مودع، فبماذا تعهد إلينا يا رسول الله، قال -صلى الله عليه وسلم-: «أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن عبد حبشي؛ فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، وإياكم ومحدثات الأمور! فإنها ضلالة، فمن أدرك ذلك منكم فعليه بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ». (2) التحذير من الفتن! وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم - شباب الصحابة في التعامل مع الفتن بالبعد عنها والحذر منها، كما في حديث أبي بكرة - رضي الله عنه -: «إنها ستكون فتنة، يكون المضطجع فيها خيرًا من الجالس، والجالس خيرا من القائم، والقائم خيرا من الماشي، والماشي خيرا من الساعي» قال: يا رسول الله، ما تأمرني؟ قال: «من كانت له إبل فليلحق بإبله، ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه، ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه، قال: فمن لم يكن له شيء من ذلك؟ قال: «فليعمد إلى سيفه، فليضرب بحده على حرة، ثم لينج ما استطاع من النجاء». وقد تتمثل الفتنة في مركز عملي أو منصب وظيفي، يكون سببا في هلاك الشاب في دينه، وقد حذر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من طلب المناصب لمن لا يقدر عليها، وليس أهلا لها! فعن عبدالرحمن بن سمرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «يا عبدالرحمن، لا تسأل الإمارة، فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها؟»، وعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: يا رسول الله، ألا تستعملني؟ قال: فضرب بيده على منكبي، ثم قال: يا أبا ذر، إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها». (3) البعد عن الشبهات حرص رسول الله - صلى الله عليه وسلم- على سلامة عقائد الشباب ومن ذلك تحذيره إياهم من الخوض في الشبهات، كما في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يزال الناس يسألونك يا أبا هريرة، حتى يقولوا: هذا الله، فمن خلق الله؟»، فبيّن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأبي هريرة فتنة محتملة سيواجهها في مستقبل عمره، وكان - صلى الله عليه وسلم - قد بين في حديث آخر ما يقال عند ذلك بقوله: «فمن وجد من ذلك شيئا فليقل آمنت بالله». (4) التحصن بالعمل الصالح لم يكتف النبي - صلى الله عليه وسلم- لتحصين إيمان الشباب في إطار مواجهة التحديات العقائدية للشباب بالحث على التمسك بالكتب والسنة، وبالتحذير من أماكن الفتن، والتحذير من الخوض في الشبهات، بل أضاف إلى ذلك حثهم على التحصن بالعمل الصالح؛ لما فيه من النفع الكبير لسلامة عقائدهم، وتجاوز التحديات التي تواجههم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «بادروا بالأعمال، فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا، أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا، يبيع دينه بعرض من الدنيا»، في هذا الحديث يحث الرسول - صلى الله عليه وسلم - على المبادرة بالأعمال الصالحة قبل تعذرها والاشتغال عنها بما يحدث من الفتن الشاغلة، المتكاثرة، المتراكمة كتراكم ظلام الليل المظلم لا المقمر، ووصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم- نوعا من شدائد تلك الفتن، وهو أن يمسي مؤمنا، ثم يصبح كافرا، أو عكسه، وهذا لعظم الفتن يتقلب الإنسان في اليوم الواحد هذا التقلب. أثر العمل الصالح على الشباب وفي بيان أثر العمل الصالح على سلامة الفرد من عقيدته، ما ورد في وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لابن عمه عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما-: «احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك...»، فإن حفظ العبد ربه يستلزم طاعته في أوامره، ويستلزم القيام بالعبادات على وجهها، كإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلا، وفعل ما تيسر من نوافل العبادات؛ فإن نتيجة ذلك حفظ الله لعبده، ومن أجل ذلك حفظه في عقيدته، وسلامته من الفتن والتحديات التي تواجهه.ابن باز : مرحلة الشباب مرحلة عظيمة قال الشيخ عبد العزيز بن عبدالله بن باز -رحمه الله-: مرحلة الشباب مرحلة عظيمة، وهي أهم المراحل، ومن سنة الله -عزَّوجلَّ- أن العبد إذا استقام على أمرٍ وواظب عليه وشب عليه، فإن الله -جلَّ وعَلا- يعينه على إكمال ذلك، ويتوفاه على ما عاش عليه، وقد أشاد الإسلام بالشباب وحثه على الاستقامة، ورغبه بأسباب النجاة والسعادة؛ لذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «سبعةٌ يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله» وذكر منهم: «وشاب نشأ في عبادة الله»، هذا الحديث العظيم يدل على عظم شأن الشباب، وأنه ينبغي للشاب أن يُعنى بهذه المرحلة، وأن يستقيم فيها على أمر الله، وأن يحاسب نفسه، حتى لا يكون سبباً لضلال غيره.من وصايا ابن عثيمين للشباب اعداد: وائل رمضان |
الساعة الآن : 07:01 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour