ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   الملتقى الاسلامي العام (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=3)
-   -   تحريم الاستعانة بغير الله تعالى فيما لا يقدر عليه إلا الله جل وعلا (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=316039)

ابوالوليد المسلم 18-07-2025 10:46 AM

تحريم الاستعانة بغير الله تعالى فيما لا يقدر عليه إلا الله جل وعلا
 
تحريم الاستعانة بغير الله تعالى فيما لا يقدر عليه إلا الله جل وعلا (1)

فواز بن علي بن عباس السليماني

قال الله تعالى: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة:5].

قال العلماء: إن تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر، فمعنى الآية: لا نعبد إلاَّ إياك، ولا نستعين إلاَّ بك، والله أعلم، وقال الله تعالى: ﴿قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لله يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [الأعراف:128]، وقال عن يعقوب عليه السلام: ﴿وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ [يوسف:18]، وقال الله تعالى: ﴿وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ [الأنبياء:112].

وقالت عائشة رضي الله عنها: والله ما أجد لي ولكم مثلًا، إلا أبا يوسف إذ قال: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ [يوسف:18]؛ أخرجه البخاري (2518)، ومسلم (2770).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (احرِص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تَعجِز)؛ رواه مسلم برقم (2664).

وعن ابن عباس رضي الله عنهما في قصة ضماد حين قدم مكة قال صلى الله عليه وسلم: (إن الحمد لله نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له)؛ رواه مسلم برقم (868).

وبنحوه عن ابن مسعود رضي الله عنه وفيه: (إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره)؛ رواه أبو داود برقم (2118)[1].

وقال صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما: (وإذا استعنت فاستعن بالله)؛ رواه الترمذي برقم (2516)، وقال:: هذا حديث حسن صحيح؛ اهـ[2]، وغيرها من الأدلة.

فصلٌ: الاستعانة باعتبار المُستعِين والمُستعَانُ به على أربعة أقسام:

الأول: استعانة مشروعة وتكون بالله تبارك وتعالى:
وهذا القسم دليله ما سبق من الأدلة، ولا غنى لنا عن إعانة الله لنا طرفة عين.

الثاني: استعانة بالأعمال الصالحة:
قال الله تعالى: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ [البقرة: 45].

وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [البقرة: 153]، ونحوها من الأدلة.

قال العلامة السعدي في «تفسيره» (ص51): أمرهم الله أن يستعينوا في أمورهم كلها، بالصبر بجميع أنواعه، وهو الصبر على طاعة الله حتى يؤديها، والصبر عن معصية الله حتى يتركها، والصبر على أقدار الله المؤلمة فلا يتسخَّطها، فبالصبر وحبس النفس على ما أمر الله بالصبر عليه معونة عظيمة على كل أمر من الأمور، ومن يتصبَّر يصبره الله، وكذلك الصلاة التي هي ميزان الإيمان، وتنهى عن الفحشاء والمنكر، يستعان بها على كل أمر من الأمور؛ اهـ.

الثالث: استعانة جائزة وتكون بالمخلوق الحي القادر فيما يقدر عليه:
ومنه قوله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله عنه: (تُعين ضايعًا، أو تصنع لأخرق)؛ رواه البخاري برقم (2518)، ومسلم (136).

قلت: وهذا النوع كثيرٌ جدًّا حثَّ عليه الإسلام ورغَّب فيه.

الرابع: استعانة ممنوعة ومحرمة، وهي الاستعانة بالمخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله؛ كالاستعانة بالغائب، أو الاستعانة بالعاجز، أو الاستعانة بالميت ونحوها:
قال الله تعالى: ﴿ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [الأعراف: 128]، وكذا ما سبق من الأدلة، والله أعلم[3].

وقد ذكرتُ في أصل هذا المختصر ـ «الشامل في العقيدة» ـ بعض ما يجوز الاستعانة به، والله أعلم.

[1] صحيحٌ: راجع: «الصحيح المسند» برقم (854)، وأصله في مسلم برقم (2043)، عن جابر رضي الله عنه، وقد أفرده العلامة الألباني: برسالة مستقلة شرحناها ببحث أسميناه: (الإفادة ببسط القول على حديث خطبة الحاجة) قد طُبع، والحمد لله.

[2] صحيحٌ: راجع: «صحيح الجامع» برقم (7957)، و«الصحيح المسند» (658).

[3] راجع: «معجم العقيدة والتوحيد» (1 /102)، و«موسوعة العقيدة والأديان» (1 /178).








الساعة الآن : 11:32 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 8.51 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 8.41 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.10%)]