ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   فلسطين والأقصى الجريح (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=79)
-   -   من حكايات التراث الشعبي الفلسطيني : الشطارة في الصبر (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=80873)

تحسين2010 18-08-2009 01:12 AM

من حكايات التراث الشعبي الفلسطيني : الشطارة في الصبر
 


من حكايات التراث الشعبي الفلسطيني : الشطارة في الصبر



على لسان الوجهاء والمخاتير



جمع وبحث



تحسين يحيى حسن أبو عاصي * كاتب مستقل * غزة – فلسطين *






*** *** *** ***

كان أيام البلاد في الثلاثينات ، وفي قرية من قرى جنوب فلسطين اسمها قرية الكوفخة ، وهي قرية تقع بين مدينتي غزة وبئر السبع ، كان ثلاثة من الجيران
لكل منهم مارس من الأرض أو مِقْتاة ( قطعة أرض كبيرة ) ، يُقدر بثلاثين دونما ، كان الثلاثة يسكنون في مارسهم ، يخرجون كل يوم من بزوغ الفجر إلى غروب الشمس يزرعون ويحصدون ، ويفلحون ويعيشون الحياة الهادئة الآمنة ، يسود بينهم الحب والتآلف والاحترام ، يأكلون ويبيعون من إنتاج الأرض ، ويُربُّون الطيور والحيوانات ، ولا يحتاجون السوق في كثير ولا قليل ، وكان لكل واحد منهم مجموعة من الشباب الأقوياء ، هم أبنائه وثمرة فؤاده .

وفي يوم من الأيام ، أقبل راع ٍ بقطيع ٍ من الأغنام على المارس الأوسط ، فعاث به فسادا ، انتبه صاحب المارس إلى الراعي والغنم يعيث في زرعه تخريبا ، ولم يتكلم ببنت شفه ، وفجأة طلب صاحب المارس من الراعي أن يبيعه رأسا وافيا من رؤوس الأغنام ، وافق الراعي وأخذ ثمن ما باعه وانصرف عائدا بأغنامه ، نادى الرجل صاحب المارس على أبنائه الشباب ، وكانوا في مكان من المارس يبعد عنه قليلا بحيث لم يروا ما حصل من الراعي ، نادى عليهم وقال لهم : يكفي اليوم عمل ، انهوا أعمالكم وتعالوا للطعام ، تساءل أبناؤه بينهم عن أمر لم يعتادوا عليه من قبل ، فمنذ سنوات طويلة وهم يعملون من الفجر وحتى غروب الشمس ، أما اليوم فالأب يطلب منهم أن ينهوا أعمالهم وقت الضحى ، واعتبروا ذلك أمرا غريبا ، سألوا أباهم عن الأمر فأجابهم : نريد أن نتناول طعام الغداء ونأخذ قسطا من الراحة معا .

وفي اليوم الثاني أقبل الراعي ذاته ، على مارس الأرض المجاورة للرجل من ناحية اليمين ، وفعل بأغنامه ما فعله مع الجار السابق بالأمس ، صرخ عليه صاحب المارس مزمجرا متوعدا : كيف تدخل بأغنامك مارسي وتعيث بزرعي تخريبا وتحطيما ؟ جاء الراعي مسرعا وصفع الرجل صاحب المارس على وجهه ، رأى أولاده الشباب ما حدث مع أبيهم فانطلقوا إليه مسرعين وأردوه قتيلا .

سمع الجار الأوسط بالخبر، وهو الذي عاث الراعي بالأمس في أرضه ، جمع أولاده وقال لهم : انظروا ، هذا بالأمس كان يريد أن يموت على أيدينا ولكن الله سلَّم ، والشطارة في الصبر .

وفي مرة ثالثة ، أقبل فارس فوق فرسه : واقتحم مارس الجار الآخر الذي عن يساره ، ترجل الفارس من على فرسه ، وبدأ بقطف من الثمار ويضع في سرج فرسه ،
على مرآى ومسمع من صاحب المارس ، لم يتكلم صاحب المارس بكلمة واحدة ، وطلب من أبنائه التزام الهدوء وعدم التعرض له ، حمل الفارس ما جمع من الثمار فوق ظهر حصانه وسلاحه عن يمينه ، ثم سار مسافة مائتي متر وإذ بصوت طلقات من الرصاص تدوي في المكان ، انطلق الرجل وأبناؤه نحو صوت الرصاص ليجدوا الفارس جثة هامدة يسبح في دمه ، بسبب عبثه في سلاحه ، قال الأب لأبنائه : انظروا لو لم تصبروا عليه قليلا لمات على أيديكم ، والشطارة في الصبر .

طاب لسانك يا تراثنا



ويسلم لي القارئ يا رب


زيارتكم لمدونتي شرف لي
www.tahsseen.jeeran.com


الساعة الآن : 11:55 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 6.55 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 6.46 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.43%)]