مغتربون ولا يعرفون الفقراء جيدا ، فهل يخرجون زكاة الفطر في بلد آخر 
نحن السعوديون في أوروبا لا نعرف الفقراء جيدا ووجدنا شخصاً ثقة - إن شاء الله - ولكنه يقول أعطوني المال وسوف أشتري ببعضه أرزاً وأدفعه للفقراء وأعطي بعضه نقداً لهم واحتج بأن عددنا يفوق 500 شخص ويصعب عليه شراء كميات كبيرة لصعوبة حملها ولأن الفقراء قد لا يرغبون إلا في النقد لأنهم يستفيدون منه أكثر من الأرز فهل نعطيه أم نوكل إخواننا في السعودية ليخرجوها عنا ؟.
الحمد لله
ذهب جمهور العلماء (منهم مالك والشافعي وأحمد) إلى أنه لا يجوز دفع زكاة الفطر قيمة ، بل الواجب أن تخرج طعاما كما فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
روى البخاري (1504) ومسلم (984) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ .
وسئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى : يقول كثير من الفقراء الاۤن إنهم يفضلون زكاة الفطر نقوداً بدلاً من الطعام ؛ لأنه أنفع لهم ، فهل يجوز دفع زكاة الفطر نقوداً ؟
فأجاب :
" الذي نرى أنه لا يجوز أن تدفع زكاة الفطر نقوداً بأي حال من الأحوال ، بل تدفع طعاماً ، والفقير إذا شاء باع هذا الطعام وانتفع بثمنه ، أما المزكي فلابد أن يدفعها من الطعام ، ولا فرق بين أن يكون من الأصناف التي كانت على عهد الرسول عليه الصلاة والسلام ، أو من طعام وجد حديثاً ، فالأرز في وقتنا الحاضر قد يكون أنفع من البر؛ لأن الأرز لا يحتاج إلى تعب وعناء في طحنه وعجنه وما أشبه ذلك ، والمقصود نفع الفقراء ، وقد ثبت في صحيح البخاري من حديث أبي سعيد رضي الله عنه قال: ( كنا نخرجها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام ، وكان طعامنا يومئذ التمر ، والشعير ، والزبيب ، والأقط ) فإذا أخرجها الإنسان من الطعام فينبغي أن يختار الطعام الذي يكون أنفع للفقراء ، وهذا يختلف في كل وقت بحسبه .
وأما إخراجها من النقود أو الثياب ، أو الفرش ، أو الاۤليات فإن ذلك لا يجزىء ، ولا تبرأ به الذمة ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)" انتهى . مجموع فتاوى ابن عثيمين (18 / سؤال 191) .
وعلى هذا فإن كان هذا الشخص ثقة فإنكم تشترطون عليه أن يخرجها كلها طعاما ، فإن لم يقبل فإنكم تخرجون منها ما تستطيعون في فقراء البلد الذي تقيمون فيه ، ثم لا حرج عليكم في نقل باقي الزكاة إلى بلد آخر ، ولا يشترط أن يكون إلى بلدكم الأصلي ، بل كلما نقلت إلى بلد أهله أكثر حاجة وفقراً ، أو إلى أقاربكم كان أولى .
وقد سبق في جواب السؤال (43146) أنه لا بأس بنقل الزكاة إلى بلد آخر للحاجة ، كما لو نقلت إلى بلد فيه أقارب المزكي ، أو بلد أهله أشد حاجة .
سئل الشيخ ابن عثيمين : هل يزكي المغترب عن أهله زكاة الفطر ، علماً بأنهم يزكون عن أنفسهم ؟
فأجاب : زكاة الفطر وهي صاع من طعام ، من الرز ، أو البر ، أو التمر ، أو غيرها مما يطعمه الناس يخاطب بها كل إنسان بنفسه ، كغيرها من الواجبات ، لقول ابن عمر رضي الله عنهما : ( فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر على الحر والعبد ، والذكر والأنثى ، والصغير والكبير من المسلمين ، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة ) ، فإذا كان أهل البيت يخرجونها عن أنفسهم فإنه لا يلزم الرجل الذي تغرب عن أهله أن يخرجها عنهم ، لكن يخرج عن نفسه فقط في مكان غربته إن كان فيه مستحق للصدقة من المسلمين ، وإن لم يكن فيه مستحق للصدقة وكّل أهله في إخراجها عنه ببلده ، والله الموفق " انتهى . مجموع فتاوى ابن عثيمين (18/سؤال 771)
وسئل أيضاً : ما حكم نقل زكاة الفطر إلى البلدان البعيدة بحجة وجود الفقراء الكثيرين ؟
فأجاب :
" نقل صدقة الفطر إلى بلاد غير بلاد الرجل الذي أخرجها إن كان لحاجة بأن لم يكن عنده أحد من الفقراء فلا بأس به ، وإن كان لغير حاجة بأن وجد في البلد من يتقبلها فإنه لا يجوز " انتهى . مجموع فتاوى ابن عثيمين (18 / سؤال 102)
وهذه فتوى جامعة لعلماء اللجنة الدائمة تجمع هذه المسائل وزيادة :
" مقدار زكاة الفطر صاع من تمر أو شعير أو زبيب أو أقط أو طعام ، ووقتها ليلة عيد الفطر إلى ما قبل صلاة العيد ، ويجوز تقديمها يومين أو ثلاثة ، وتعطى فقراء المسلمين في بلد مخرجها ، ويجوز نقلها إلى فقراء بلد أخرى أهلها أشد حاجة ، ويجوز لإمام المسجد ونحوه من ذوي الأمانة أن يجمعها ويوزعها على الفقراء ؛ على أن تصل إلى مستحقيها قبل صلاة العيد ، وليس قدرها تابعاً للتضخم المالي ، بل حدَّها الشرع بصاع ، ومن ليس لديه إلا قوت يوم العيد لنفسه ومن يجب عليه نفقته : تسقط عنه ، ولا يجوز وضعها في بناء مسجد أو مشاريع خيرية . " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 9 / 369 ، 370 ) .
وقد سبق ذكر فتاوى أهل العلم في وجوب زكاة الفطر ، وفي مقدارها ، وفي عدم جواز إخراجها نقوداً ، وفي جواز نقلها لبلدٍ آخر أكثر حاجة في الأجوبة التالية : ( 22888 ) و ( 27016 ) و ( 7175 ) و ( 12938 ) .
الإسلام سؤال وجواب
هل تفضيله للعمل مع غير المسلمين يعتبر من موالاتهم ؟ 
هل العمل في شركة يملكها رجل كافر يعتبر من موالاة الكفار ؟.
الحمد لله
العمل عند الكفار ومشاركتهم في التجارة لا يعد من موالاتهم ، وعلى المسلم أن يحسن اختياره للأشخاص ، ولطبيعة العمل ونوعية التجارة ، ولا يجوز أن تكون أعماله أو تجاراته في المحرمات ، ولا يحل له أن يوادهم في قلبه ، ولا أن يثني عليهم ثناء مطلقاً ، ويجب عليه أن يتحلى بالصدق والإتقان في عمله ليكون أنموذجاً طيباً لأخلاق المسلمين .
قال الشيخ صالح الفوزان :
ومن الموالاة المحرمة : مناصرتهم على المسلمين ومظاهرتهم أو الدفاع عنهم بالقول بتبرير ما هم عليه والاعتزاز بما هم عليه ، كل هذا من أنواع الموالاة المحرمة والتي تصل إلى الردة عن الإسلام - والعياذ بالله - قال الله تعالى : ( وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) المائدة/51 .
أما ما يجوز لنا من التعامل مع الكفار فهو التعامل المباح ، نتعامل معهم بالتجارة ، ونستورد منهم البضائع ، ونتبادل معهم المنافع ، ونستفيد من خبراتهم ، نستقدم منهم من نستأجره على أداء عمل كهندسة أو غير ذلك من الخبرات المباحة ، هذا حدود ما يجوز لنا معهم ولابد من أخذ الحذر ، وأن لا يكون له سلطة في بلاد المسلمين إلا في حدود عمله ، ولا يكون له سلطة على المسلمين ، أو على أحد من المسلمين ، وإنما تكون السلطة للمسلمين عليهم .
"المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان" (2/252) .
وعلى أصحاب الأعمال من المسلمين أن يتقوا الله في أعمالهم وموظفيهم ، وأن يقيموا الأعمال المباحة ، وأن يعطوا موظفيهم وعمالهم حقوقهم كاملة غير منقوصة ، وأن لا يتسببوا في انتقال العمال والموظفين المسلمين إلى غيرهم من الكفار .
فالكثير من المسلمين يرى أن ما يحصل عليه من راتب وامتيازات عند الكافر هي التي تدفعه إلى العمل عنده ؛ لأنه يرى أنه يأخذ ما يستحقه ، وفي هذا من المفاسد ما فيه من مدح هؤلاء الكفار والثناء عليهم في خلقهم ومعاملاتهم ، وقد يؤدي ذلك إلى الوقوع في موالاتهم ، وهو ما سبب فتنة لكثيرين في دينهم بعد ذلك .
وانظر جواب السؤال رقم ( 59879 ) ففيه تفصيل مهم في موالاة الكفار وأنواعها .
وانظر جواب السؤال رقم ( 2875 ) ففيه حكم العمل عند الكفار ، وجواب السؤال رقم ( 2371 ) ففيه بيان جواز مشاركة المسلم للكافر بشروط .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
هل تقطع علاقتها مع بعض الكافرات أم تستغلها في الدعوة ؟ 
أنا امرأة لي مراسلات مع أوربيات وأمريكيات عن طريق الإنترنت نقوم بتبادل الهدايا وأمور الخياطة وذلك منذ سنتين . حاولت مناقشتهن في الإسلام لكن توقفت خوفا من عدم تمكني من الدعوة وبالتالي الوقوع في الخطأ . ماذا تنصحني هل أقطع علاقتي بهن نهائيا أم أستمر بقصد دعوتهن للإسلام رغم الصعوبات وكيف أبدأ ؟ وهل تعتبر هذه العلاقة صداقة وما حكمها شرعا ؟.
الحمد لله
أولا :
لا يجوز للمسلم أو المسلمة اتخاذ صديق أو صديقة من غير المسلمين ؛ لنهي الله تعالى عن مودة الكافرين وموالاتهم واتخاذهم بطانة ، كما في قوله تعالى : ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) المجادلة/22 ، وقوله : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) المائدة/51 ، وقوله : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ) آل عمران/118 .
ثانيا :
يجوز للمسلم مراسلة هؤلاء ، وتقديم الهدايا لهم ، بغرض دعوتهم للإسلام ، وترغيبهم فيه ، بشرط أن يكون متحصنا بالعلم والإيمان ، متمكنا من الدعوة ، مطلعا على شبهات القوم وأساليبهم . أما غير المتمكن فليس له أن يزج بنفسه في هذا المجال ؛ لما قد يعترضه من الفتن ، أو يأتيه من الشبهات التي لا يقدر على ردها ، فيكون هذا سبب انحرافه وهلاكه ، عياذا بالله من ذلك .
ثالثا :
إذا كانت مراسلة هؤلاء تقتصر على تبادل أمور الخياطة ، والاستفادة منهم في ذلك من غير أن يصل الأمر إلى محبتهم ومودتهم وتهنئتهم بأعيادهم – مثلاً – فلا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعامل مع اليهود بيعاً وشراء .
بل لا حرج من تقديم بعض الهدايا لهم بشرط أن يكونوا غير محاربين للإسلام والمسلمين ، فإن الله تعالى قال : ( لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) الممتحنة/8 .
قال السعدي رحمه الله (ص 1016) :
" أي لا ينهاكم الله عن البر والصلة والمكافأة بالمعروف والقسط للمشركين من أقاربكم وغيرهم ، حيث كانوا بحال لم ينتصبوا لقتالكم في الدين والإخراج من دياركم ، فليس عليكم جناح أن تصلوهم ، فإن صلتهم في هذه الحالة لا محذور فيها " انتهى .
رابعاً :
وسائل الدعوة كثيرة ومتنوعة ، منها :
1- الحوار المباشر ، وينبغي أن يرتكز على بيان محاسن الإسلام ، وحقيقة التوحيد ، وأهمية الإيمان ، وصدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ، ثم بيان بطلان ما سواه من الأديان الأخرى ، وما أصابها من التحريف والتغيير والتبديل .
2- إهداء الكتب والنشرات التي تتحدث عن الإسلام وترغب في الدخول فيه .
3- دلالة الآخرين على المواقع المختصة بتوضيح الإسلام ، والدعوة إليه ، والإجابة على شبهات المخالفين ، ومجادلتهم بالتي هي أحسن .
ولا بد أن يكون الداعي إلى الإسلام متحصنا بالعلم الشرعي والإيمان القوي الذي يقف في وجه الشبهات والشهوات ، وإلا فليدع المجال لغيره ، وليتق الله في نفسه ولا يوردها المهالك ، وليحذر المسلم أن يتسرب إلى قلبه شيء من مودة الكافر ومحبته .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الجلوس إلى جانب النساء في وسائل المواصلات اضطرارا 
ما حكم جلوس الرجال إلى جانب النساء في وسائل النقل مع العلم أنهم مضطرون لذلك ؟.
الحمد لله
أولا :
اختلاط الرجال بالنساء في وسائل المواصلات أو العمل أو الدراسة ، محرم ؛ لما يترتب عليه من مفاسد عظيمة لا تخفى ، وقد سبق بيان أدلة تحريم الاختلاط في جواب السؤال (1200) .
ثانيا :
إذا اضطر الإنسان لركوب وسيلة من وسائل المواصلات المختلطة ، فعليه أن يتقي الله تعالى ما استطاع ، ويغض بصره عن الحرام ، ويتجنب الجلوس بجوار النساء ، مهما أمكنه ذلك ، ولو بالوقوف على قدميه ، ابتغاء مرضاة الله تعالى ، وتجنبا للفتنة التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ( اتَّقُوا النِّسَاءَ ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ ) رواه مسلم (2742) .
وقوله : ( مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ ) رواه البخاري (5096) ومسلم (2740).
وقد يتفادى الإنسان هذا الجلوس بتبديل مقعده ، ونحو ذلك ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق/2 ،3 .
ثالثاً :
إذا اضطر الإنسان للركوب ولم يستطع تغيير المكان ، ولا تغيير السيارة ، ولا الوقوف على قدميه لكونه أشد زحاماً وملامسة للنساء ، فلا حرج عليه حينئذ من الجلوس بجوار امرأة على أن يبتعد عنها بقدر المستطاع .
وإذا خاف على نفسه الفتنة وبدأ الشيطان يوسوس له وأشغل فكره فالواجب عليه أن ينزل فورا مهما ترتب على ذلك من تأخير للعمل أو الدراسة ، لأنه ليس هناك أغلى على المرء من دينه ليحافظ عليه .
وقد سألنا فضيلة الشيخ ابن جبرين عن حكم الجلوس بجانب امرأة في وسيلة المواصلات ، فأجاز ذلك بقدر الضرورة وبقدر الحاجة إذا أُمنت المفسدة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
يعمل في شركة بها مطعم يبيع الخمر ولحم الخنزير 
زوجي يعمل في دولة غربية في شركة بيع الملابس النسائية والرجالية وأيضا ملابس الأطفال وكل مستلزمات المنزل والذهب أي كل شيء .
والسؤال هو : في الشركة قسم للطعام أي مطعم وفيه تباع لحوم الخنزير والخمر لكن زوجي يعمل في قسم الساعات والذهب ، فهل يعتبر مرتبة حلال أم حرام ؟ أرجو منكم التفصيل في ذلك .
الحمد لله
أولا :
سبق في كثير من الأجوبة بالموقع التحذير من الإقامة في دول الكفر ، لما في ذلك من تأثير سلبي واضح على دين الرجل ، فإنه يتعرض لشهوات وشبهات قد تكون سببا في فتنته عن دينه ، نسأل الله السلامة . ويعتاد رؤية المنكرات ولا يستطيع إنكارها أو تغييرها ، مما يقلل قبح هذه المنكرات في قلبه .
ولذلك : لا يجوز للمسلم أن يقيم في دول الكفر إذا كان يخشى على دينه .
وانظر السؤال رقم (38284) ، (13363) .
ثانياً :
إذا كان عمل زوجك في قسم الساعات والذهب ، لا صلة له بالمطعم وما يباع ويفعل فيه من منكرات ، فراتبه حلال ، لأنه في مقابل عمل مباح ، ولا يتحمل إثم الشركة فيما تبيعه من حرام .
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يتعاملون مع اليهود معاملات مباحة ، مع أن اليهود كانوا يتعاملون معاملات أخرى محرمة كالربا والرشوة وأكل أموال الناس بالباطل ، وقد روى الطبراني عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فرأيته متغيرا فقلت : بأبي أنت ، ما لي أراك متغيرا ؟ قال : ( ما دخل جوفي ما يدخل جوف ذات كبد منذ ثلاث ) .
قال : فذهبت فإذا يهودي يسقي إبلا له فسقيت له على كل دلوٍ بتمرة فجمعت تمرا فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم . حسنه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" رقم (3271) . وانظر جواب السؤال (20732) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
مضطرة للتعليم المختلط فهل لها أن تشرح وتحاور أمام الذكور؟ 
أنا طالبة جامعية أدرس في جامعة مختلطة وأنا مجبرة على ذلك . يطلب بعض المدرسين منا المشاركة في الحوار والشرح بوجود الذكور من الشباب داخل المحاضرة . فما رأيكم بهذا ؟.
الحمد لله
أولا :
لا يجوز للمرأة أن تعمل أو تدرس في جامعة مختلطة ، لما يترتب على ذلك من مفاسد ومحاذير لا تخفى على أحد ، وقد سبق بيان أدلة تحريم الاختلاط في السؤال رقم (1200) .
وقد جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (12/156) : " الاختلاط بين الرجال والنساء في المدارس أو غيرها من المنكرات العظيمة ، والمفاسد الكبيرة في الدين والدنيا ، فلا يجوز للمرأة أن تدرس أو تعمل في مكان مختلط بالرجال والنساء ، ولا يجوز لوليها أن يأذن لها بذلك " انتهى .
ولا تجب طاعة الوالدين في الدراسة المختلطة ؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا طاعة في معصية , إنما الطاعة في المعروف ) رواه البخاري (7257) ، ومسلم (1840) .
ثانيا :
يجوز للمرأة أن تتكلم بحضرة الرجال الأجانب للحاجة ، بشرط أن يكون كلامها فصلا جادا ، لا خضوع فيه ، ولا فتنة ، ولا إثارة ، فصوتها ليس عورة على الصحيح من قولي العلماء ؛ فقد كان النساء يكلمن النبي صلى الله عليه وسلم ويسألنه ، وكن يكلمن الصحابة في حاجتهن ، ولم ينكر ذلك عليهن . وإنما نهين عن الخضوع بالقول ، كما قال تعالى : ( فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الََّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفًا ) الأحزاب/32 .
قال القرطبي رحمه الله في تفسيره : " أمرهن الله أن يكون قولهن جزلا ، وكلامهن فصلا ، ولا يكون على وجه يظهر في القلب علاقة بما يظهر عليه من اللين ، كما كانت الحال عليه في نساء العرب من مكالمة الرجال بترخيم الصوت ولينه ، مثل كلام المريبات والمومسات ، فنهاهن عن مثل هذا " انتهى .
وقال في "مغني المحتاج" من فقه الشافعية (4/210) : " وصوت المرأة ليس بعورة ، ويجوز الإصغاء إليه عند أمن الفتنة ، وندب تشويهه إذا قُرع بابها فلا تجيب بصوت رخيم ، بل تغلظ صوتها بظهر كفها على الفم " انتهى .
وقال في "كشاف القناع" من كتب الحنابلة (5/15) : " وصوتها - أي : الأجنبية - ليس بعورة ، قال في الفروع وغيره : على الأصح , ويحرم التلذذ بسماعه , ولو كان بقراءةٍ ، خشية الفتنة " انتهى .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (17/202) : " صوت المرأة نفسه ليس بعورة ، لا يحرم سماعه إلا إذا كان فيه تكسر في الحديث ، وخضوع في القول ، فيحرم منها ذلك لغير زوجها ، ويحرم على الرجال سوى زوجها استماعه ؛ لقوله تعالى : ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقّيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الََّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفًا ) " انتهى .
هذا هو الأصل والضابط في كلام المرأة مع الرجال ، ولكن من ابتليت بالدراسة في جامعة مختلطة ، فإن عليها أن تقلل الشر ما أمكن ، فلا تتحاور مع الرجال ، ولا تعطي مجالا للحديث معها أو التعرف عليها ، ولو أدى ذلك إلى نقص درجتها أو تقديرها ، فإن درأ المفاسد مقدم على جلب المصالح . وعليها أن تتستر بالستر الكامل ، حتى لا يرى منها وجه ولا كف ، ولتقلل من الحضور ما أمكنها ذلك ، حتى يجعل الله لها مخرجا وفرجا .
وراجعي السؤال رقم (8827) ، ورقم (47554) .
نسأل الله أن يوفقك لطاعته ومرضاته .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الاختلاط في بعثات التعليم 
ما حكم الذهاب لمأمورِيَّة علمية مع زملاء من الجنسين إلى دول إسلامية وغير إسلامية ؟
الحمد لله
الواجب على المسلم شكر نعمة الله تعالى عليه بالطاعة ، والالتزام بأحكام الشرع ، والابتعاد عن كل ما يوجب غضب الرب سبحانه وسخطه ، والله سبحانه وتعالى لا يرضى لعباده المؤمنين أن ينتهكوا حرماته ، والاختلاط المحرَّم واحد من هذه الحرمات .
ماذا سيجني العبد من الاختلاط بالنساء ، والسفر معهن ، ومحادثتهن ، ومعاملتهن ، ومشاهدتهن ، سوى مرض القلب وفتنة الدين ، وكل نفس تعلم في فطرتها أن الجنس الآخر يمثل هدفا وحاجة من حاجاتها ، ولكن بعض الناس يسعى إلى حاجته بالحلال ، وآخرون يسلكون الحرام .
وقد سبق في موقعنا – والحمد لله – العديد من الأجوبة التي بيَّنَّا فيها حرمة الاختلاط بين الجنسين من حيث العموم ، وأن الشريعة جاءت بسد الذرائع ، والاختلاط المستهتر هو من أعظم ذرائع الفاحشة .
انظر (1200) (8827) (45883) (47554) (72448)
ولكن يبدو أن الأخ السائل ظَنَّ أن مأمورية التعليم – أو بعثة التعليم – تمثل عذرا شرعيا للاختلاط ، ولكن الصواب هو العكس ، فإن السفر في مهمة علمية مع زملاء وزميلات يمثل أكبر خطر على دين المرء ، وذلك أن السفر خلوة واحتجاب عن أنظار كل من يمكن أن ينكر عليك ، والنفس تطمع حينئذ ، والشيطان يملي ويُسَوِّل .
كما أن السفر في شأن علمي يستلزم مجالسات طويلة وإعدادات كثيرة ، ومناقشات ومداولات في الشأن العلمي الذي خرجتم لأجله ، وقد يستغرق النهار كله مع زميلةٍ أو زميل ! كما قد يستلزم المؤاكلة والمساكنة ونحو ذلك ، وكلما زاد الاختلاط والمماسة بين الجنسين فإن الفتنة والمعصية تكون أعظم وأقرب ، ولا أظن عاقلا يجادل في مثل ذلك .
ولعل السائل الكريم يظن في نفسه الخير ويقول : أنا لا يخطر في بالي شيء مما تذكرون !
فنقول له : وكثيرون أيضا ، بل أكثر من يقع في حبائل الشيطان ، إنما كانت بدايتهم كهذه : تهاون في الاختلاط ، والكلام والسلام ، ثم ... :
نَظرَةٌ فَاِبتِسامَةٌ فَسَلامٌ فَكَلامٌ فَمَوعِدٌ فَلِقاءُ
وإن كنت قد تضمن نفسك وقلبك – وفي ذلك مكابرة للحس والعقل – فهل تضمن من معك من الرجال والنساء ؟! وخاصة أن النساء فيهن من الضعف ما قد لا ينتبه له الرجال ، وإذا خَرَجَت في سفر بعيد – وفي دول تستبيح المعاصي ، سواء إسلامية أو غير إسلامية – فذلك ولا شك باب من أعظم أبواب الفساد ، ويفتح على القلب من الشر والإثم الأمر العظيم .
وأنت في غِنًى تام عن مثل هذه المأموريات أو البعثات ، إذ تستطيع الاعتذار عنها من الجهة التي كلفتك بها ، وتكتفي بالحال التي أنت عليها حتى ييسر الله لك بعثة تخلو من الاختلاط ، وإن قلت سأخسر منصبا أو درجة علمية ! فأقول لك : ولكنك ربحت دينك وقلبك ، وشتان بين التجارتين .
وقد تكلم العلماء في حكم السفر إلى بلاد غير المسلمين للدراسة ، فكيف لو صاحب ذلك اختلاط فاحش بين المبعوثين من كلا الجنسين ؟!
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله كما في "مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" (24/44) :
ما حكم السفر إلى بلاد الكفار للدراسة ؟
فأجاب :
" الوصية الحذر من ذلك ، إلا إذا كان المسافر عنده علم وبصيرة ، يدعو إلى الله ، ويعلم الناس ، ولا يخشى على دينه ؛ لأنه صاحب علم وبصيرة ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنا برئ من كل مسلم يقيم بين المشركين ) رواه الترمذي (1530) ، والله جل وعلا قال في كتابه الكريم عن المسلمين المقيمين بين المشركين وهم لا يستطيعون إظهار دينهم : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً ) النساء/97-98
وفي الحديث الصحيح : ( لا يقبل الله عز وجل من مشرك بعدما أسلم عملا أو يفارق المشركين إلى المسلمين ) رواه النسائي (2521) والمعنى حتى يفارق المشركين .
فالوصية مني لجميع المسلمين الحذر من الذهاب إلى بلاد المشركين والجلوس بينهم ، لا للتجارة ، ولا للدراسة ، إلا من كان عنده علم وهدى وبصيرة ، ليدعو إلى الله ، وتعلم أشياء أخرى تحتاجها بلاده ، ويظهر دينه ، فهذا لا بأس به ، كما فعل جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ومن معه من الصحابة لما هاجروا إلى الحبشة من مكة المكرمة بسبب ظلم المشركين لهم ، وعجزهم عن إظهار دينهم بمكة حين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة " انتهى .
وننصحك ـ أخي السائل ـ بقراءة الرسالة النافعة : " تحريم الخلوة بالمرأة الأجنبية ، والاختلاط المستهتر " لفضيلة الشيخ محمد بن لطفي الصباغ .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
يعيش في دولة أجنبية ولا يتيسر ذبح شرعي فهل له رخصة في الذبح غير الشرعي ؟ 
أنا في دولة أجنبية لغرض الدراسة لمدة سنة ونصف ، ولا يوجد لديهم ذبح حلال ، فهل يصح لي الأكل أم لا ؟ مع ملاحظة أن الذبح ممنوع.
الحمد لله
أولاً :
إذا كانت الدراسة متوفرة في بلاد المسلمين فلا يجوز لك السفر إلى بلاد الكفر من أجلها ، ويحرم عليك الإقامة بين الكفار إلا لضرورة علاج أو تجارة أو دعوة أو دراسة لا تتوفر في بلاد المسلمين ولا يُستغنى عنها ، مع ضرورة الانتباه إلى أن تكون ظروف الدراسة شرعية من حيث عدم الاختلاط ، ولعل هذا أن يكون نادراً بل معدوماً في تلك البلاد التي تدعو إلى نزع الحياء عن المرأة وتساهم في تدمير الأخلاق ونشر الأمراض الفتاكة .
وانظر جواب السؤال رقم ( 13342 ) و ( 27211 ) .
ثانياً :
لا يجوز لك إن ذهبت إلى هناك أن تأكل من ذبيحة لم تذبح وفق الشريعة الإسلامية ، ولستَ معذوراً في كونك لا تجد ذبحاً شرعيّاً ؛ لأنه يمكنك الأكل من المأكولات البحرية ، كما يمكنك تناول غير اللحوم من المعلبات والبقوليات ، ويمكنك البحث بجدية عن مراكز إسلامية توفر للمسلمين اللحوم الحلال .
وانظر جواب السؤال رقم (10339) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
حكم حضور الاجتماعات في مبنى تابع للكنيسة 
كنا نذهب إلى المسجد لإعطاء درس أو موعظة للأخوات ، ولكن من مدة انقطعنا من الجلسة لأسباب كثيرة يصعب ذكرها ، من ضمنها عدم التزام الأخوات بالمواعيد والحضور إلى المسجد . في هذه الفترة سمعنا أنه يوجد لقاء أخوات مسلمات وغير مسلمات كل يوم اثنين لمبنى تابع للكنيسة ، والمكان خاص للنساء فقط ، فقلنا احتمال نلاقي ترحيباً أو استجابة منهم كي ندعوهم إلى الله ، ولكن يوجد من يقول لا يجوز أن نذهب إلى هذا المكان ، والسبب هو أنه تابع للكنيسة ، فهل نكون آثمين لو ذهبنا إليهم بنية الدعوة ؟ .
الحمد لله
أولاً :
بداية نسأل الله تعالى أن يجزيكم خيراً على جهودكم الطيبة ، وعلى حرصكم على إقامة حِلَق العلم في بلاد يقل فيها الخير ويكثر فيها الشر ، ونسأله سبحانه أن يوفقكم ويسدد خطاكم .
يبدو لنا أن هناك عدة محاذير تترتب على ذهابكم إلى اجتماعات المبنى التابع للكنيسة ، ومن ذلك :
1. أن فيه إحياءً لهذه الأماكن التي يُشرك فيها بالله ، ويعلَّمُ فيها الشرك من تثليث ، وادعاء الولد لله ، وادعاء الألوهية لغيره .
2. كما أن فيه تغريراً بعامة الناس وجهالهم ، وذلك حين يرون أهل الخير والصلاح محافظين على الذهاب لتلك الجلسات والتجمعات في الكنائس ومبانيها ، فيظنون أنها يُقال فيها الحق ، والخير ، والهدى ، وسيكون في حضورهم مطمع عظيم للمنصرين الذين سيتلقفونهم بكل ترحيب وإكرام .
3. في اعتياد الذهاب إلى الكنيسة خطر على قلوب المرتادين – ولو كانوا من أهل الخير والعلم – فإنهم سيتأثرون – ولو بعد فترة – بحسن معاملة القائمين على هذه الأماكن ، وحسن عرضهم لما يؤمنون به ، وقد لا يتيسر للمسلم الوقت الكافي لبحث كل ما يطرحونه من فكر واعتقاد ، فيبدأ قلبه يتشرب رويداً رويداً دين النصرانية ، حتى يغدو في حيرة من أمره ، وأقل ما قد يبلغ به الحال أن لا يرى تلك الديانة على بطلان ظاهر ، وهذه بداية الضلال .
4. ولا شك – أيضاً - أن الالتزام بحضور تلك الجلسات والتجمعات فيه هجر لبيوت الله وحلَق العلم التي ينبغي أن تملأ حياة المسلمين ومجتمعاتهم ، وتأملي كم سيكون نجاح القائمين على الكنائس حين تهدمون منائر الحق والهدى والنور ، ثم تنتقلون إلى أماكن الشرك ودعوة الباطل ، فهم أسعد الناس حين يرون اختفاء حلَق العلم والقرآن ، وظهور اجتماعاتهم ولقاءاتهم لتكون منابر لهم في بث أفكارهم وسمومهم .
5. ثم ماذا سيقال في هذه الندوات ؟
إنهم لن يهدوكم إلى حق ، وقد ضلوا عنه .
فبالنظر إلى هذه المحاذير يظهر - والله تعالى أعلم - حرمة ذهابكم إلى تلك الأماكن ، ووجوب المحافظة على دروس الخير في بيوت الله تعالى مهما كانت الظروف ، وبالمصابرة تنجح حلقات العلم الشرعي ، وكم من دروس توقفت بسبب قلة الحضور ثم جعل الله فيها البركة بعد ذلك .
وإن كانت لديك القدرة لتوجيه دعوة الحق لحملة الديانة النصرانية ، فلا حرج عليك أن تذهبي إليهم لدعوتهم إلى الله ، على أن يكون هذا الذهاب خاصاً بك وبمن يستطيع القيام بهذه المهمة ، ولا يذهب من هو قليل العلم حتى لا يتأثر بما يراه ويسمعه في هذه الجلسات .
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
"يجوز أن نجتمع بالكافرين في مجامع عامة أسستها الدولة وقامت بتنظيمها للمناظرات والندوات العلمية وإلقاء المحاضرات في الشؤون الدينية ، على أن يقوم من حضر من علماء المسلمين ببيان عقائد الإسلام وأركانه وآدابه ، ويدفع ما يثيره من حضر من أهل الأديان الأخرى من شبهات حول الإسلام ، ويفند مقالاتهم التي يشوهون بها الإسلام ... إلى غير ذلك مما فيه نصر للحق ودفاع عنه .
أما من يُخشى عليه من الفتنة في دينه لجهله أو ضعف استعداده وتفكيره أو لقلة معلوماته عن دينه من المسلمين : فلا يجوز له الحضور في هذه المجامع وأمثالها ؛ حفظًا له من الفتن ، وخوفًا عليه أن تداخله الريب والشكوك" انتهى .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 2 / 100 ) .
الإسلام سؤال وجواب
يعمل في مخزن وقد يطلب منه نقل لحم الخنزير إلى الشاحنات 
أنا شاب مسلم أعمل في بلد غربي في مخزن لتوزيع المواد الغذائية على الأسواق والمحلات التجارية حيث نقوم بجمع هذه المواد وتعبئتها في الشاحنات لتحمل إلى الأسواق ومن بين المواد التي نجمعها الخضر والفواكه والألبان واللحوم .... وأحيانا نتصادف مع زبون يطلب لحم الخنزير أو مشتقاته فنكون مضطرين إلى جمعها وحملها على الشاحنات. سؤالي : ما رأي الشرع في عملي هذا؟ مع العلم أن فرص العمل المتوفرة في المطاعم والمقاهي بدورها تقدم أطباقا تحتوي علي لحم خنزير.
الحمد لله
لا يجوز بيع لحم الخنزير ، ولا الإجارة على حمله ، ولا الإعانة عليه بوجه من الوجوه ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ ) رواه البخاري (2082) ومسلم (2960) .
ولقوله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2 ، وكذا كل ما ثبت تحريمه ، فلا يجوز الإعانة عليه ، كتقديم الخمر ، أو الميتة ، أو لحم الحمر الأهلية ، في المطاعم وغيرها .
قال الله تعالى : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ ) المائدة/3 .
والواجب على المسلم أن يتقي الله تعالى ، وأن يبحث عن الكسب الحلال ، وأن يجتنب الكسب الحرام ، فإن كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به ، كما قال صلى الله عليه وسلم : ( كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به ) رواه الطبراني وأبو نعيم عن أبي بكر رضي الله عنه ، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (4519) .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : عن العمل في المطاعم التي تقدم بها الخمور ولحم الخنزير .
فأجابوا : " يحرم العمل والتكسب بالمساعدة على تناول المحرمات من الخمور ولحوم الخنزير ، والأجرة على ذلك محرمة ؛ لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان ، والله تعالى نهى عنه بقوله ( ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) وننصحك بالبعد عن العمل في هذا المطعم ونحوه ؛ لما في ذلك من التخلص من الإعانة على شيء مما حرمه الله ".
فتاوى اللجنة الدائمة (13/49) .
والحاصل أنه لا حرج عليك في العمل في هذا المخزن ، بشرط عدم الإعانة على شيء من الحرام ، بيعا ، أو جمعا ، أو حملا ، أو غير ذلك من صور الإعانة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
يقيم في أوربا والمسجد بعيد عنه فهل يصلي في بيته ؟ 
قرأت جوابكم على سؤال رقم (72895) وفيه وجوب صلاة الجماعة . وسؤالي نحن المسلمين المقيمين في أوروبا لا تتوفر لنا المساجد كما هو الأمر في البلاد الإسلامية ففي المدينة المترامية الأطراف لا تجد في أغلب الأحيان أكثر من مسجد واحد والوصول إليه يحتاج إلى وقت طويل ورفع الأذان بطبيعة الحال ممنوع أي أنه لا يسمع النداء على كل الأحوال مهما كانت المسافة بعيدة أو قريبة فما هو حكمنا إذا تركنا الصلاة في الجماعة بالمسجد ؟ وما هو دليل وجوبها بحقنا لانتفاء شرط سماع النداء ؟.
الحمد لله
أولا :
صلاة الجماعة واجبة على كل رجل بالغ مستطيع يسمع النداء .
والمقصود بسماع النداء : أن يسمع الإنسان الأذان بالصوت المعتاد من غير مكبرٍ للصوت ، مع رفع المؤذن صوته ، وسكون الرياح والضوضاء ونحو ذلك مما يؤثر على السماع. وانظر السؤال رقم (20655) .
وعلى هذا ، لا يجب عليكم حضور الجماعة في المسجد إذا كان بعيداً عنكم .
هذا بالنسبة للصلوات الخمس مع الجماعة ، وأما الجمعة فلها شأن آخر ، فإنها تجب على كل من كان في المدينة أو القرية التي تقام فيها الجمعة ، سواء سمع النداء أم لم يسمع ، مهما ترامت أطراف البلد ، وهذا بإجماع العلماء .
قال النووي رحمه الله : " قال الشافعي والأصحاب : إذا كان في البلد أربعون فصاعدا من أهل الكمال ، وجب الجمعة على كل من فيه وإن اتسعت خطة البلد فراسخ ، وسواء سمع النداء أم لا . وهذا مجمع عليه " انتهى من المجموع" (4/353).
ثانيا :
من لم تجب عليه الجماعة ، لبعده عن المسجد ، فإن الأمر يبقى مستحبا في حقه ، وينبغي أن يحرص على التردد على المسجد المرة بعد الأخرى ، لا سيما إذا كان يعيش بعيدا عن المسلمين ، ففي لقائه بالمسلمين ، تجديد لإيمانه ، ورفع لدرجاته ، وتعميق لأواصر الأخوة والمودة ، وتعويد لأبنائه على حب المسجد وتعظيمه ، هذا مع السعي لبناء المساجد وتكثيرها ، والتعاون على ذلك ، ومن الملاحظ أن البلاد الأوربية تتفاوت في هذه المسألة تفاوتا ظاهرا ، وهذا يرجع إلى عوامل كثيرة ، يدخل فيها أحيانا ضعف همة البعض ، وتخاذلهم وانشغالهم عن هذه القضية الكبيرة وعن السعي لإيجاد السبل والحلول لها .
ولا يخفى عليك ما في السعي إلى المساجد - مهما بعدت المسافة - من الأجر العظيم ، والثواب الكبير ، وقد روى مسلم (654) عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ( من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن ، فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى ، وإنهن من سنن الهدى ، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم ، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ، ويرفعه بها درجة ، ويحط عنه بها سيئة ، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ، ولقد كان الرجل يؤتي به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف ) .
كما ينبغي الحرص على إقامة الجماعة في البيت ، أو مع الجيران ، في حال عدم الذهاب إلى المسجد ، ومن وسائل ذلك الحرص على اجتماع العوائل المسلمة في منازل متقاربة ، وحينئذ يحرص الجميع على أداء الصلاة جماعة في وقتها ، وتبقى لهذه الشعيرة العظيمة مكانتها في القلوب .
نسأل الله أن يزيدكم إيمانا وهدى وتقى ، وأن يعينكم على حمل رسالة الإسلام ونشرها .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب