
14-10-2010, 09:22 PM
|
 |
مراقبة الملتقيات
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,883
الدولة :
|
|
رد: ملف خاص [ احكام الإبتعاث والمبتعثين ]
هل يجوز لها الدراسة في مكان مختلط في بلاد كافرة ؟  شيخنا الفاضل حفظك الله لي سؤال حول الدراسة في الدول الأوروبية وهو : ما حكم الدراسة في معهد مختلط علما بأنني مرافقة لزوجي ، ومدة بعثته خمس سنوات ، وأنا أريد كسب اللغة ودراسة الماجستير بعد ذلك ، وملتزمة بالحجاب الكامل الفضفاض ، لا أُخرج إلا عيني مع تحرزي الشديد ، وأكمامي طويلة لا يخرج إلا أطراف الأصابع ، جلوسي في القاعة يكون بجانب النساء ، وعدد الطلاب لا يتجاوز ( 12 ) طالبا ، ومحتاجة للغة للتخاطب مع من حولي وفي مجال الدعوة حتى أستطيع توضيح الإسلام لهم ، خاصة وأنهم كثيراً ما يسألونني عن السر في ارتداء الحجاب . أرجو الإجابة ، فأنا بانتظارها ؛ لأنني أكملت السنة والأربعة أشهر في الغربة وأنا أبحث عن فتوى لسؤالي ؛ لأنني أريد الدراسة ، ولكن تحت فتوى شرعية منكم . والله يحفظكم ويرعاكم .
الحمد لله
أولاً:
نشكر لك - بدايةً – حرصك على تحري الصواب وموافقة الشرع في أفعالك ، وهذا الذي ينبغي على كل مسلم فعله ، على أن يكون ذلك قبل الإقدام على ما يريد القيام به ، من تجارة ، أو سفر ، أو وظيفة ؛ لأن مقتضى الصدق في الاتباع أن يسأل عن حكم فعله قبل الإقدام عليه .
ثانياً:
سؤالك فيه مسألتان ، لا مسألة واحدة ، أما الأولى : فهي السفر إلى بلاد الكفر ، وأما الثانية : فهي الدراسة المختلطة في تلك البلاد .
وقد سبق في فتاوى متعددة حكم السفر لمثل تلك البلاد ، والإقامة فيها ، وقد بينَّا أن الأصل فيها التحريم ، وأنه يجوز في حالات ، وضمن شروط ، وليس من الجواز أن يذهب المسلم لدراسة علوم تتوفر في بلده ، أو في غيرها من دول الإسلام .
انظري أجوبة الأسئلة : ( 27211 ) و ( 14235 ) و ( 3225 ) .
وعليه : فالأصل هو عدم ذهاب زوجك أصلاً للدراسة في تلك الديار ، فإذا أصرَّ على الذهاب ، ويمكنه المحافظة على نفسه لقوة دينه ، أو لقصر مدة إقامته هناك : فلا داعي لذهابك معه ؛ لأنه ليست ثمة حاجة ولا ضرورة ، فإن صعب عليك البقاء في بلدك ، أو تخافين على نفسك الفتنة من الوحدة ، أو كان يخاف هو على نفسه الفتنة في تلك البلاد : ففي هذه الحال تُعذرين في مرافقته .
ثالثاً:
أما بخصوص دراستك في مكان مختلط في تلك البلاد : فإنه محرَّم ولا شك ، ولو كانت دراستك المختلطة في بلدٍ مسلم لم تكن جائزة ، فكيف أن تكون بتلك الديار ؟! .
سئل علماء اللجنة :
هل يجوز للأخوات أن يدخلن ويتعلمن في المدارس والجامعات المختلطة ، حيث لا يوجد في بلاد الغرب إلا التعليم المختلط ، ولكن الأخوات يلتزمن بالزي الإسلامي ، مع مضايقات الكفار ؟ .
فأجابوا :
اختلاط الرجال والنساء في التعليم : حرام ، ومنكر عظيم ؛ لما فيه من الفتنة ، وانتشار الفساد ، وانتهاك المحرمات ، وما وقع بسبب هذا الاختلاط من الشرِّ والفساد الخلقي لهو من أوضح الدلائل على تحريمه ، وإذا انضاف إلى ذلك كونه في بلاد الكفار : كان أشد حرمةً ومنعاً ، وتعلُّم المرأة بالمدارس والجامعات ليس من الضرورات التي تستباح بها المحرمات ، وعليها أن تتعلم بالطرق السليمة البعيدة عن الفتن ، وننصحها بأن تستفيد من الأشرطة السليمة التي صدرت من علماء السنَّة ، كما ننصحها وغيرها بالاستفادة من " نور على الدرب " في إذاعة القرآن الكريم في المملكة العربية السعودية .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ بكر أبو زيد .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 12 / 181 ، 182 ) .
وقالوا :
لا يجوز للطالب المسلم أن يدرس في فصول مختلطة بين الرجال والنساء ؛ لما في ذلك من الفتنة العظيمة ، وعليك التماس الدراسة في مكان غير مختلط ؛ محافظة على دينك ، وعِرضك ، ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ) .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ بكر أبو زيد .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 12 / 173 ) .
وحتى لو وافق زوجك على دراستك ، فإن هذا لا يبيح لكِ تلك الدراسة المختلطة .
قال علماء اللجنة :
الاختلاط بين الرجال والنساء في المدارس أو غيرها : من المنكرات العظيمة ، والمفاسد الكبيرة في الدين والدنيا ، فلا يجوز للمرأة أن تَدرس أو تعمل في مكان مختلط بالرجال والنساء ، ولا يجوز لوليها أن يأذن لها بذلك .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ بكر أبو زيد .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 12 / 156 ) .
فهذه فتاوى العلماء التي رغبت بمعرفتها قبل إقدامك على الالتحاق بذلك المعهد المختلط ، وقد عرفتِ أنه لا يجوز لك ذلك ، ولا ينفعك لبسك للحجاب كاملاً مع وجود أولئك الطلاب في القاعة ، ويمكنك تعلم اللغة الإنجليزية عن طريق مدرسة تأتيك لبيتك ، أو عن طريق أشرطة الصوت والفيديو والكتب ، وهو متيسر جدّاً في الأسواق ، كما يمكنك الانتساب لإحدى الجامعات أو المعاهد ، وتقديم الامتحان بالمراسلة أو مع وجود زوجكِ ، فتجمعين بين تحقيق هدفك في تعلم اللغة والحصول على شهادة ، مع الحفاظ على الستر والنفس من أذية سفهاء القوم وشواذهم .
ونسأل الله تعالى أن يوفقك لما فيه رضاه .
وانظري أجوبة الأسئلة : ( 1200 ) و ( 33710 ) .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
التخصصات في العلوم والفنون ، حاجة الأمة لها ، وضوابط وفوائد فيها  في ظل ما نعيشه في هذا الزمان المتسارع ، وما تمر به الأمة من فتن وبلايا ، وما يتمناه كل مسلم من رفع الغمة عن الأمة ، ويحاول أن يقدِّم لها ما يرفع من مستواها ، وإيماننا بالتخصص ، وأهميته ، وكيف يكون بسبب تلك الأدوار الرقي بالأمة في شتى مجالاتها ، سؤالي : ما هي أهم التخصصات سواءً العامة أو الدقيقة التي تحتاجها الأمة خلال المرحلة القادمة ، أو كنظرة إستراتيجية خلال 20 سنة ؟ وما هي الكتب أو المواقع التي تكلمت في هذا الموضوع واستشرفت المستقبل ؟
الحمد لله
ينتظم الكلام عن التخصص في الدراسات التي تحتاجها الأمة الإسلامية في مسائل وأحكام ، منها :
1. لا شك أن الأمة الإسلامية تحتاج من أبنائها أن يكونوا قادة العالَم في العلوم النظرية والعملية ، وأن لا يكونوا عالَة على غيرهم من الأمم ، والإسلام دين العلم ، بدأ الله تعالى وحيه لنبيه صلى الله عليه وسلم بكلمة ( اقرأ ) ، وحثَّ على العلم ، ورفع من شأنه ، وأوجب تعلم العلوم التي تحتاجها أمة الإسلام وجوباً كفائيّاً .
2. ونوصي أن يكون أصحاب الاختصاص ممن لهم ميل لهذا العلم ، وذاك التخصص ، فمن المعلوم أن المسلمين يتفاوتون فيما بينهم في الميل نحو علوم دون أخرى ، ومن الأفضل أن نحث كل واحدٍ منهم نحو ما يميل له من العلوم ، لا أن نجبره على تعلم شيء لا يرغبه ، فضلاً عن المنع من إجباره نحو ما يكره .
وهذه المسألة عالجها أئمة الإسلام قديماً وحديثاً ، بل إنهم أوصوا بها أن تنمَّى مع الطفل في صغره ، دون الحاجة للانتظار لأن يكبر حتى يوجه لهذا العلم .
قال ابن القيم - رحمه الله - :
ومما ينبغي أن يعتمد : حال الصبي وما هو مستعد له من الأعمال ومهيأ له منها ، فيعلم أنه مخلوق له : فلا يحمله على غيره ، ما كان مأذوناً فيه شرعاً ؛ فإنه إن حمله على غير ما هو مستعد له : لم يفلح فيه ، وفاته ما هو مهيأ له ، فإذا رآه حسن الفهم ، صحيح الإدراك ، جيِّد الحفظ ، واعياً : فهذه من علامات قبوله ، وتهيؤه للعلم لينقشه في لوح قلبه ما دام خالياً ؛ فإنه يتمكن فيه ، ويستقر ، ويزكو معه .
وإن رآه بخلاف ذلك من كل وجه ، وهو مستعد للفروسية وأسبابها من الركوب ، والرمي ، واللعب بالرمح ، وأنه لا نفاذ له في العلم ، ولم يُخلق له : مكَّنه من أسباب الفروسية ، والتمرن عليها ؛ فإنه أنفع له ، وللمسلمين .
وإن رآه بخلاف ذلك ، وأنه لم يُخلق لذلك ، ورأى عينه مفتوحة إلى صنعة من الصنائع ، مستعداً لها ، قابلاً لها ، وهي صناعة مباحة نافعة للناس : فليمكِّنه منها .
هذا كله بعد تعليمه له ما يحتاج إليه في دينه ؛ فإن ذلك ميسر على كل أحد لتقوم حجة الله على العبد ، فإن له على عباده الحجة البالغة ، كما له عليهم النعمة السابغة .
" تحفة المودود في أحكام المولود " ( ص 243 ، 244 ) .
ومن تأمل في حال الصحابة ، ورأى تربية النبي صلى الله عليه وسلم لهم : علم مدى مطابقة ما قلناه لواقعهم رضي الله عنهم ، فقد كان منهم العالِم الفقيه ، ومنهم القارئ ، ومنهم المجاهد ، ومنهم الشاعر ، وكلٌّ يؤدي ما يتقنه ، ويساهم في بناء الدولة ، وكما يكون الدفاع عن الإسلام بالمناظرة والحجة : فإنه يكون بالسيف والرمح ، ولكل واحدٍ من هذه الفنون أهلها وأربابها ، وقد اشتركوا جميعاً في معرفة الإسلام ، ولم ينافِ ذلك أن يكون متخصصاً في فن ، أو صنعة .
3. يجب التفريق بين الرجال والنساء في التوجه نحو الاختصاص في العلوم والفنون ، فما يصلح للرجال ليس بالضرورة أن يصلح كله للنساء ، فالعلوم الصناعية الثقيلة ، والسياسية ، والعسكرية لا تليق بالمرأة ، ومما يليق بها وتشترك فيه مع الرجال : العلوم التربوية ، والصناعية الخفيفة ، والعلوم الطبية – وتختص عن الرجل بتوجيهها نحو طب النساء - .
4. ولا يجوز للرجال ولا للنساء مخالفة شرع الله تعالى في دراسة التخصصات ، وتعلمها ، فعليهم تجنب الاختلاط ، والسفر لدول الكفر ، وسفر المرأة وحدها دون محرمها ، ومن المخالفات الشرعية في ذلك : الذهاب لبلاد الكفر للدراسة مع وجود هذا العلم والتخصص في بلاد المسلمين .
وإذا احتاجت الأمة الإسلامية لعلم ضروري فينبغي أن يُحسن اختيار من يقوم به ، لا أن يفتح الباب على مصراعيه للجميع ، فيذهب للبلاد الكافرة الشاب المراهق الأعزب ، والضعيف في علمه الشرعي ؛ لأن هذا أدعى لوقوعه في الفتنة ، ونكون خسرناه وخسرنا ما ذهب من أجله ، ولم نستفد شيئاً .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - :
" إذا اقتضت الضرورة ابتعاث بعض الطلاب إلى الخارج ؛ لعدم وجود بعض المعاهد الفنية المتخصصة لا سيما في مجال التصنيع وأشباهه : فأرى أن يكوَّن لذلك لجنة علمية أمينة لاختيار الشباب الصالح في دينه وأخلاقه ، المتشبع بالثقافة والروح الإسلامية , واختيار مشرف على هذه البعثة ، معروف بعلمه ، وصلاحه ، ونشاطه في الدعوة ليرافق البعثة المذكورة , ويقوم بالدعوة إلى الله هناك , وفي الوقت نفسه يشرف على البعثة , ويتفقد أحوالها ، وتصرفات أفرادها , ويقوم بإرشادهم وتوجيههم , وإجابتهم عما قد يعرض لهم من شبه ، وتشكيك ، وغير ذلك .
وينبغي أن يُعقد لهم دورة قبل ابتعاثهم ، ولو قصيرة ، يدرَّسون فيها جميع المشاكل ، والشبهات ، التي قد تواجههم في البلاد التي يُبتعثون إليها , ويُبين لهم موقف الشريعة الإسلامية منها , والحكمة فيها ، حسب ما دل عليه كتاب الله وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم , وكلام أهل العلم ، مثل أحكام الرق , وتعدد الزوجات بصفة عامة , وتعدد أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بصفة خاصة , وحكم الطلاق , وحكمة الجهاد ابتداءً ودفاعاً ، وغير ذلك من الأمور التي يورد ها أعداء الله على شباب المسلمين حتى يكونوا على استعداد تام للرد على ما يعرض لهم من الشبه.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 1 / 386 - 388 ) .
وقال علماء اللجنة الدائمة :
إذا كان الواقع كما ذكر من أن التخصص الذي تدرسه موجود في بلدك الإسلامي ، وأن الدراسة في الخارج مشتملة على مفاسد كثيرة في الدين والأخلاق وعلى الزوجة والأولاد - فإنه لا يجوز لك السفر لهذه الدراسة ؛ لأنها ليست من الضرورات ، مع وجودها في بلدك الإسلامي ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة في التحذير من الإقامة في بلاد الكفار من غير مسوغ شرعي ؛ كقوله صلى الله عليه وسلم : " أنا بريء من كل مسلم يقيم بين المشركين " وغيره من الأحاديث ، وما وقع فيه بعض المسلمين من السفر إلى بلاد الكفار من غير ضرورة هو من التساهل الذي لا يجوز في دين الله ، وهو من إيثار الدنيا على الآخرة ، وقد قال الله جل وعلا : ( بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا . وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ) سورة الأعلى ، الآيتان ( 16، 17) ، وقال سبحانه : ( قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً ) سورة النساء ، الآية : (77) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " من كان همه الآخرة جمع الله شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن كانت الدنيا همه فرق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له .
الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ عبد الله الغديان ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ بكر أبو زيد .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 26 / 93 - 96 ) .
5. وأخيراً : فإن العلوم كثيرة ، وفي كل علم وفن تخصصات ، فالطب تخصصاته كثيرة ، والعضو الواحد من الجسد يكون فيه تخصصات ، والأمة الإسلامية تحتاج لكل العلوم والفنون المباحة ، من الطب ، والهندسة ، والفيزياء ، والكيمياء ، وعلوم الذرة ، والنووي ، والعلوم العسكرية ، والصناعات الثقيلة ، وغير ذلك من العلوم والفنون ، على أن يكون ذلك بحسن اختيار ، ولمقصد شرعي أو مباح ، مع الالتزام بالشرع أثناء تحصيله ، ومع تحصيل قدرٍ كافٍ من العلوم الشرعية .
ولا نعلم – الآن – كتاباً معيَّناً نحيلك عليه .
ونسأل الله تعالى أن يوفق المسلمين لما يحب ويرضى ، وأن يكتب لهم العز والتمكين .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
الإقامة في بلاد الكفر مع عدم وجود جالية أو جامع  إذا أمكن المسلم إظهار دينه في بلاد الكفر وهو مقيم للعمل ولكن لا يوجد جامع ولا جالية هل يأثم بهذا؟
الحمد لله
أولا :
دلت الأدلة على تحريم المقام بين ظهراني المشركين ، ووجوب الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام لمن قدر على ذلك . قال الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا
فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ) النساء/97 .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُشْرِكِينَ ) . رواه أبو داود (2645) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
هذا هو الأصل العام ، إلا أنه يجوز الذهاب إلى تلك البلاد للمصلحة والحاجة ، كالتجارة والدراسة ونحوها بشرط التمكن من إظهار الدين وشعائره .
وأما من لم يمكنه إظهار الدين فإنه يحرم عليه البقاء ، وتلزمه الهجرة مع القدرة .
وينظر جواب السؤال رقم 13363 .
ثانيا :
المقصود بإظهار الدين هو إعلان التوحيد ، والبراءة من الشرك ، وإقامة الشعائر دون خوف.
فقد سئل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله : أَفتنا عن معنى حديث : (مَن سَاكَن الْمشرك وَجَامَعَه فهوَ مِثله). وحديث : (أَنا بَرِيءٌ مِن مَسلِم بَات بَين ظهرَاني الْمشرِكِين) .
فأجاب : "حديث : (مَن جَامَعَ الْمشرِك أَو سَكن مَعَه فهوَ مِثله) وحديث : (أَنا بَرِيءٌ مِن مسلِم بَات بَين ظهرَاني الْمشرِكِين) هذان الحديثان هما من الوعيد الشديد المفيد غلظ تحريم مساكنة المشركين ومجامعتهم، كما هما من أَدلة وجوب الهجرة من بلد الشرك إلى بلد الإسلام، وهذا في حق من لم يقدر على إظهار دينه. وأَما من قدر على إظهار دينه فلا تجب عليه الهجرة، بل هي مستحبة في حقه. وقد لا تستحب إذا كان في بقائه بين أَظهرهم مصلحة دينية من دعوة إلى التوحيد والسنة وتحذير من الشرك والبدعة علاوة على إظهاره دينه.
وإظهاره دينه ليس هو مجرد فعل الصلاة وسائر فروع الدين واجتناب محرماته من الربا والزنا وغير ذلك. إنما إظهار الدين مجاهرته بالتوحيد والبراءة مما عليه المشركون من الشرك بالله في العبادة وغير ذلك من أَنواع الكفر والضلال " انتهى من "فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم" (1/77).
وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله : ما حكم من خاف من اعتداء الكفار والمشركين وجاملهم في بعض أفعالهم المنكرات؛ خوفًا منهم، وليس إقرارًا أو رضاء بما يفعلون ؟
فأجاب : "لا يجوز للمسلم أن يجامل الكفار على حساب دينه، أو أن يوافقهم في أفعالهم؛ لأن أفعالهم ربما تكون كفرًا وشركًا وكبائر من كبائر الذنوب؛ فلا يجوز للمسلم أن يوافقهم على ذلك، أو أن يشاركهم في ذلك باختياره، بل الواجب عليه أن يُظهِرَ دينه .
ولا يجوز له الإقامة مع الكفار والبقاء في بلادهم إلا إذا كان يقدر على إظهار دينه؛ بأن يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويدعو إلى الله عز وجل، هذا هو إظهار الدين؛ فإذا كان لا يستطيع ذلك؛ وجب عليه أن يُهاجِر إلى بلاد المسلمين من بلاد الكفار، ولا يبقى فيها على حساب دينه وعقيدته " انتهى من "المنتقى" (1/254).
وإظهار الدين على هذا الوجه يتعذر غالبا على من يعيش بمفرده في هذه البلاد ، أو مع جماعة قليلة من المسلمين .
وعلى فرض تمكنك من إظهار دينك ، فإن البقاء بمعزل عن المسلمين ، له آثاره السيئة التي لا تخفى على النفس والأهل والذرية ، ومعلوم أنه توجد أجيال من المسلمين قد انسلخت عن دينها ولغتها وقيمها بسبب البقاء في هذه البلدان ، لا تسمع الأذان ، ولا تشهد الجماعة ، ولا ترى المؤمنين ، والكفر يحيط بها من كل جانب ، والمنكرات تغزوها من كل صوب .
فلهذا ننصحك بالفرار بدينك ، والمحافظة على نفسك ومن معك ، والانتقال إلى بلاد الإسلام ، أو إلى محل يكثر فيه تجمع المسلمين ، وتتمكن معهم من إقامة الجمعة والجماعة ، وإظهار الأذان ، وإعلان الشعائر .
ونضع بين يديك نصيحة كتبها الشيخ ابن باز رحمه الله تناسب المقام :
قال رحمه الله في رسالة وجهها لمسلم يقيم في إيطاليا : " فإشارة إلى رسالتك التي تذكر فيها أنك شاب مسلم تقيم في إيطاليا ، وأن بها شبابا من المسلمين كثيرين ، وأن أغلبهم استجاب لرغبة الصليبيين في إبعادهم عن دين الإسلام وتعاليمه السامية ، فأصبح أغلبهم لا يصلي ، وتخلق بأخلاق سيئة ، ويعمل المنكرات ويستبيحها . . إلى غير ذلك مما ذكرته في رسالتك .
وأفيدك بأن الإقامة في بلد يظهر فيها الشرك والكفر ، ودين النصارى وغيرهم من الكفرة لا تجوز ، سواء كانت الإقامة بينهم للعمل أو للتجارة أو للدراسة ، أو غير ذلك ؛ لقول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا ) .
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين ).
وهذه الإقامة لا تصدر عن قلب عرف حقيقة الإسلام والإيمان ، وعرف ما يجب من حق الله في الإسلام على المسلمين ، ورضي بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا .
فإن الرضا بذلك يتضمن من محبة الله ، وإيثار مرضاته ، والغيرة لدينه ، والانحياز إلى أوليائه ما يوجب البراءة التامة والتباعد كل التباعد من الكفرة وبلادهم ، بل نفس الإيمان المطلق في الكتاب والسنة ، لا يجتمع مع هذه المنكرات ، وصح عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه أنه قال : يا رسول الله بايعني واشترط ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تعبد الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتناصح المسلمين وتفارق المشركين ) أخرجه أبو عبد الرحمن النسائي ، وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله : ( أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين ) وقال عليه الصلاة والسلام : ( لا يقبل الله عز وجل من مشرك عملا بعد ما أسلم ؛ أو يفارق المشركين ) والمعنى حتى يفارق المشركين .
وقد صرح أهل العلم بالنهي عن ذلك ، والتحذير منه ، ووجوب الهجرة مع القدرة ، اللهم إلا رجل عنده علم وبصيرة ، فيذهب إلى هناك للدعوة إلى الله ، وإخراج الناس من الظلمات إلى النور ، وشرح محاسن الإسلام لهم ، وقد دلت آية سورة براءة : ( قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ) على أن قصد أحد الأغراض الدنيوية ليس بعذر شرعي ، بل فاعله فاسق متوعد بعدم الهداية إذا كانت هذه الأمور أو بعضها أحب إليه من الله ورسوله ، ومن الجهاد في سبيل الله . وأي خير يبقى مع مشاهدة الشرك وغيره من المنكرات والسكوت عليها ، بل وفعلها ، كما حصل ذلك من بعض من ذكرت من المنتسبين للإسلام .
وإن زعم المقيم من المسلمين بينهم أن له أغراضا من الأغراض الدنيوية ، كالدراسة ، أو التجارة ، أو التكسب ، فذلك لا يزيده إلا مقتا .
وقد جاء في كتاب الله سبحانه وتعالى الوعيد الشديد والتهديد الأكيد على مجرد ترك الهجرة ، كما في آيات سورة النساء المتقدم ذكرها ، وهي قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ ) الآيات وما بعدها . فكيف بمن يسافر إلى بلاد الكفرة ، ويرضى الإقامة في بلادهم ، وكما سبق أن ذكرت أن العلماء رحمهم الله تعالى حرموا الإقامة والقدوم إلى بلاد يعجز فيها المسلم عن إظهار دينه ، والمقيم للدراسة أو للتجارة أو للتكسب ، والمستوطن ،
حكمهم وما يقال فيهم حكم المستوطن لا فرق ، إذا كانوا لا يستطيعون إظهار دينهم ، وهم يقدرون على الهجرة .
وأما دعوى بغضهم وكراهتهم مع الإقامة في ديارهم فذلك لا يكفي ، وإنما حرم السفر والإقامة فيها لوجوه ، منها :
1 - أن إظهار الدين على الوجه الذي تبرأ به الذمة متعذر وغير حاصل .
2 - نصوص العلماء رحمهم الله تعالى ، وظاهر كلامهم وصريح إشاراتهم أن من لم يعرف دينه بأدلته وبراهينه ، ويستطيع المدافعة عنه ، ويدفع شبه الكافرين ، لا يباح له السفر إليهم .
3 - من شروط السفر إلى بلادهم : أمن الفتنة بقهرهم وسلطانهم وشبهاتهم وزخرفتهم ، وأمن التشبه بهم والتأثر بفعلهم .
4 - أن سد الذرائع وقطع الوسائل الموصلة إلى الشرك من أكبر أصول الدين وقواعده ؛ ولا شك أن ما ذكرته في رسالتك مما يصدر عن الشباب المسلمين الذين استوطنوا هذه البلاد هو من ثمرات بقائهم في بلاد الكفر ، والواجب عليهم الثبات على دينهم والعمل به ، وإظهاره ، واتباع أوامره ، والبعد عن نواهيه ، والدعوة إليه ، حتى يستطيعوا الهجرة من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام .
والله المسؤول أن يصلح أحوالكم جميعا ، وأن يمنحكم الفقه في دينه والثبات عليه ، وأن يعينكم على الهجرة من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام ، وأن يوفقنا وإياكم وجميع المسلمين لكل ما يحبه ويرضاه ، وأن يعيذنا وإياكم وسائر المسلمين من مضلات الفتن ومن نزغات الشيطان ، وأن يعيننا جميعا على كل خير ، وأن ينصر دينه ، ويعلي كلمته ، وأن يصلح ولاة أمور المسلمين ويمنحهم الفقه في دينه ، وأن يوفقهم لتحكيم شريعة الله في بلادهم ، والتحاكم إليها ، والرضا بها ، والحذر مما يخالفها ، إنه ولي ذلك والقادر عليه" انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (9/403).
نسأل الله تعالى أن يلهمك رشدك ، وأن ييسر أمرك ، وأن يوفقك للخير والبر حيث كان .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
|