بسم الله الرحمن الرحيم
الخذلان ودروس الزمان
كانت الصدمة عظيمة لما رأيت قطرات الدم تسيل من يدي فتسقط وتروي وردتي الجميلة .
ياه ما أجملها من وردة ، وما أشد الم تلك الأشواك!!
تبدأ قصتي حين زرعتها بذرة حسنة ، وسقيتها الماء العذب .
انتظرتها طويلا لتنمو وتكبر ، تراني كل صباح أنظر إليها بأمل ..بابتسامة ... بشوق لأراها تتفتح ويفوح منها الأريج والشذا ولكن...
ذات مساء مزقت وردتي يداي بأشواكها ، فامتزجت دموعي بدمائي لتروي وردتي الجميلة .
يا لحزني كبرت وردتي وكنت أول من تجرحه بأشواكها ، لقد مزقتني ... قتلتني ... اغتالت براءتي ... سلت سيوفها في وجهي .. سحقت معها أحاسيسي وإنسانيتي .
عجبا لتلك الأيام التي انتظرتك فيها ، لقد قالوا في القدم : الورد لا يعطي إلا وردا ، ولكني أعجب لزماننا البائس ، نزرع الورد لنحصد الأشواك !!
حقا إنه زمن الخذلان .
في كل بقعة من الأرض تجد قلبا منكسرا ، أو طفلا بريئامهملا ، أو شيخا ذليلا ، آه من دروس الزمان .
علمني خذلانكم:
أنَّ الأم التي حملت طفلها في بطنها تسعة أشهر ، وأرضعته عامين ، تحملت الآلام ، وتغلب على مصاعب الحياة ليكبر طفلها ويكبر أمام عينيها الذابلتين ، ولما اشتد عوده تنكر لها وأدار ظهره باعتبارها ماضٍ ذهب ، وكأنها عقبة في طريق حياته .
إن لم تصدقوني ، زوروا مراكز رعاية المسنين لترو العجب العجاب !!
إنها دروس الزمان ..
علمني خذلانكم ..
أن ذلك الموظف المجتهد الذي أمضى سنوات عمره يعمل بكل أمانة وإخلاص ، يخاف الله في كل أموره ، يظل على كرسيه القديم وكأنه وكرسيه توأمان ،حتى إذا احدودب ظهره أحيل إلى المعاش بدون كلمة شكر وتقدير .
بينما من لا يتقن سوى عذب الكلام ، والتملق الكاذب لذوي المناصب ، يغير كرسيه كل عام ، من منصب جديد لمنصب عتيد ..
عجبا لدروس الزمان ..
علمني خذلانكم ..
أن لا أثق بصديق ، وأن الحكمة التي تقول أن الصديق وقت الضيق انتهت صلاحيتها وأصبحت في خبر كان .
علمني خذلانكم ..
إن رأيت من يبتسم لي أفكر مئة مرة قبل مبادلته الابتسامة ، فكل ابتسامة في هذا الزمان يختبئ خلفها مصلحة ، أو أنياب ليث جبان
علمني خذلانكم:
أن هناك ربا رحيما يضاعف الحسنات ويغفر الزلات ، يأمرني أن أفعل الخير دون انتظار شكر أو ثناء .
ميزانه لا يوازيه ميزان ، إنه العدل المنان.
وهناك يوم الحساب سيجازي أهل المعروف على معروفهم ، ولن يجد أهل الخذلان إلا الخذلان .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته