الشرح:
مناسبة هذا الباب والذي قبله مناسبة ظاهرة فإنه - رحمه الله – لما بيّن في الباب الأول حقيقة التوحيد، ومعناه المطلوب موضحاً ذلك بالآيات والأحاديث ناسب أن يذكر فضله ليرغب فيه وهو تصنيف في غاية الحكمة مما يدل على دقة فهم الشيخ رحمه الله.
وقال رحمه الله: عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول اللهr: "من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه والجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل" (متفق عليه).
قوله: من شهد أن لا إله إلا الله يعني نطق بالشهادة عارفاً لمعناها، عاملاً بمقتضاها، فإنه لا يكفي التلفظ بالشهادة من غير معرفة لمعناها، أو النطق بها مع المعرفة لمعناها ولكن لا يعمل بمقتضاها.
فهذا المنافق ينطق بها بلسانه إلا أنه لا يعتقدها بقلبه فهو في الدرك الأسفل من النار ولم ينفعه مجرد النطق بها.
وكذلك عبّاد القبور اليوم يقولون: لا إله إلا الله بألسنتهم، لكنهم لا يعملون بمقتضاها بل يعبدون القبور والأضرحة ويدعون الأولياء والصالحين من دون الله فخالفوا معنى لا إله إلا الله مع أنهم يتلفظون بها، فالمشركون جحدوا اللفظ والمعنى والقبوريون أقروا اللفظ وجحدوا المعنى، فهم سواء.
الحاصل أن لا إله إلا الله كلمة عظيمة لها شروط:
- النُطق بها.
- العلم بمعناها.
- العمل بمقتضاها أي بلازمها.
ومعناها هو: نفي العبادة إلا لله يعني إبطال عبادة كل ما سوى الله وإثبات العبادة لله وحده فلا معبود بحق إلا الله.
يتبع الشرح.....