بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
الباب الرابع
الخوف من الشرك
وقول الله تعالى:}إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء{[النساء:48].
وقال الخليل عليه السلام: }وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ{.
وفي الحديث قال:
"أخوفُ ما أخافُ عليكم الشرك الأصغر، فسُئل عنه:
فقال: الرياء".
وعن ابن مسعود رضي الله عنه، أن رسول اللهr قال:
"من مات وهو يدعو من دون الله نداً دخل النار"
(رواه البخاري).
ولمسلم عن جابر: أن رسول الله r قال:
"من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة ومن لقيه يشرك به شيئاً دخل النار".
الشرح:
هذا الباب في غاية المناسبة للأبواب السابقة،
وهذا من دقة فقه الشيخ وفهمه رحمه الله،
فقد ذكر في الأبواب السابقة الترتيب التالي معرفة حقيقة التوحيد
ثم ذكر فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب،
ثم ذكر من حقق التوحيد دخل الجنة بلا حساب ولا عذاب،
ثم ناسب بعد هذه الأبواب أن يذكر ضد التوحيد وهو الشرك،
لأنه لا يكفي أن يعرف الإنسان التوحيد ويعمل به،
بل لا بد أن يعرف ضده وهو الشرك خشية أن يقع فيه ويفسد عليه توحيده
كما قال الشاعر:
عرفت الشر لا للشرّ ولكن لتوقيه
ومـن لا يعرف الشـرّ يقع فيـه
وقال أيضاً:
والضدّ يظهر حسنه الضدّ
وبضدّها تتبيّن الأشياءُ
ومن هنا يتبين خطأ الذين يقولون:
لا داعي أن نتعلم العقائد الباطلة علموا الناس التوحيد ويكفي.
والموحد يجب أن يخاف من الشرك ولا يجب أن يزكي نفسه ويقول أنا موحِّد،
وقد عرفت التوحيد ولا يمكن أن أقع في الشرك فهو إغراءٌ من الشيطان،
فإن إبراهيم عليه السلام على علوّ منزلته وهو الخليل عليه السلام خاف من الشرك فدعا ربه
"واجنبني وبنيّ أن نعبد الأصنام".
وقول الله عز وجل: }إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء{.
فهذا فيه خطورة الشرك،
فالله لا يغفر للمشرِك مع أن رحمته وسِعت كل شيء،
فمن مات على الشرك
فإنه لا يغفر له وكل الذنوب مظنة المغفرة إلا الشرك.
ولا يمكن تجنبه إلا إذا عُرف وعُرف خطره.
وقد أخبر الله تعالى بالآية:
}إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ{
[المائدة: 72].
فيما تقدم أبلغ الرد على الذين يقولون:
لا خوف على المسلمين من الشرك بعدما تعلموا وتثقفوا ويركزون على الخوف من شرك الحاكمية،
وأما الشرك في الألوهية والعبادة فلا يهتمون به وبإنكاره مع أن الخليل عليه السلام خاف منه ودعا الله أن لا يقع فيه.
وفي الحديث:
"أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر،
سُئل عنه النبي r فقال هو الرياء،
والرياء: لما يُرى من الأعمال".
والسمعة: لما يُسمع منها.
وقد خافه النبي r على أصحابه فكيف على غيرهم.
"وعن أبي مسعود رضي الله عنه أن النبي r، قال:
من مات وهو يشرك بالله شيئاً دخل النار".
هذا خبر من النبي r:
"أن منْ مات على الشرك فهو من أهل النار،
ولا يغفر له،
وكلمة شيئاً تعم الشرك كله.
كل ما أشرك مع الله من نبي أو وليّ أو ملك".
نسأل الله العافية من الشرك