عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 30-03-2011, 03:04 PM
الصورة الرمزية أم اسراء
أم اسراء أم اسراء غير متصل
قلم فضي
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
مكان الإقامة: اينما شاء الله
الجنس :
المشاركات: 3,066
افتراضي رد: إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد ( متجدد )

وقوله: }أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ{،
البصيرة معناها: العلم،

بل هي أعلى درجات العلم وفي هذا دليل على أنه يشترط في الداعية أن يكون متزوّداً بالعلم قبل أن يشرع في الدعوة،
فإنّ فاقد الشيء لا يعطيه ولأنه في دعوته قد يتعرض إلى شبهات ومناظرات وجدال خصوصاً إذا دعا غير المسلمين،
قال تعالى: }ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ{ [النحل:125]،

بالحكمة: يعني بالعلم، وجادلهم فيه دليل على أن الداعية معرَّض للجدال فكيف يجادل بدون علم؟!

وقوله:}أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي{أي: وأتباعي يدعون إلى الله على بصيرة، فدل على أن من لم يدعُ إلى الله لم يحقق اتباع الرسول r، وأن من دعا إلى الله تعالى على جهلٍ لم يحقق اتباع الرسول r، بل إنه أدخل نفسه فيما ليس من شأنه، وصار خطراً على الدعوة، وعلى الدعاة.

ثم قال: "وسبحان الله" سبحان: اسم مصدر مِن سبّح بمعنى: نزّه الله عما لا يليق به من الشرك والقول عليه سبحانه وتعالى بلا علم.

فإن الله تعالى ينزَّه عن الشرك، ويُنزَّه عن القول عليه بلا علم، فهذا فيه وجوب تنزيه الله تعالى عن النقائص، وأعظمها: الشرك.

وقوله:}وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ{، هذه براءة من الرسول r من المشركين كما تبرأ منهم إبراهيم عليه السلام،
ففيه وجوب البراءة من المشركين يعني: قطع المحبة والمودة والمناصرة بينك وبين المشركين، لأنهم أعداء الله وأعداء رسوله. فهذا أصل من أصول الدعوة، أما الداعية الذي لا يتبرأ من المشركين فهذا ليس بداعية، وليس على طريق رسول الله r، وإن زعم أنه يدعو إلى الله وعلى طريق رسول اللهr.

بل إن الكفر بالطاغوت مقدّم على الإيمان بالله
كما قال تعالى:}فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ{[البقرة:256]،
فلا بد من البراءة من المشركين.

وقوله: "وبعث معاذاً إلى اليمن" يعني أرسل معاذاً إلى القطر المعروف جنوب الجزيرة ويسمى اليمن لأنه يقع أيمن الكعبة كما أن الشام سمي الشام لأنه يقع شاميّ الكعبة.

وهذا فيه مشروعية إرسال الدعاة للدعوة إلى الله عز وجل، وأنه سنة نبوية، وفيه أنه لا يُرسل للدعوة أيّ أحد، فإرسال النبي r معاذاً فيه أولاً فضيلة معاذ رضي الله عنه وعلمه لأن الرسول r لا يرسل للدعوة إلا من توفّرت فيه الشروط المطلوبة، وقد توفرت بمعاذ رضي الله عنه وكان أعلم الناس بالحلال والحرام.

وفيه أيضاً العمل بخبر الواحد، لأن الرسول r أرسل معاذاً وحده ولا يشترط التواتر في بيان أمور العقيدة كما يقوله كثير من الجهّال، ما كان الرسول r يرسل جماعات إنما كان يرسل أفراداً كما بعث علياً رضي الله عنه وبعث أبو عبيدة ابن الجرّاح.

وقوله: "قال له: إنك تأتي قوماً أهل كتاب". يعني من اليهود والنصارى، وقصد النبي r من هذا أن يتأهب معاذ لمن سيقدم عليهم، وأنهم أهل كتاب يحتاجون إلى استعداد علمي للمجادلة والمناظرة.

وفي هذا أنه يجب على الداعية معرفة حالة المدعوين، وهذا منهج الدعوة: أن الداعية ينظر في حالة المدعوين، ويخاطب كلاً منهم بحسب ما يليق به. فكان لا بد من العلم ولا بد أن يتعلم الداعية قبل أن يدعو.

وقوله: "فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله" هذا فيه التدرّج في الدعوة، وأنه يبدأ بالأهم فالأهم،
وهذه هي طريقة الرسل فهم عليهم السلام يبدأون بالدعوة إلى لا إله إلا الله لأنها الأصل والأساس الذي تُبنى عليه باقي أمور الدين، فإنه إذا لم تتحقق لا إله إلا الله فلا فائدة من بقية الأمور.
وهذا بخلاف كثيرٍ من دعاة اليوم الذين لا يهتمون بشهادة أن لا إله إلا الله، فهؤلاء مهما أتعبوا أنفسهم، فإن عملهم لا ينفع، حتى يحققوا الأصل والأساس الذي تُبنى عليه أمور الدين وهذا الأساس الدعوة إليه منهج كل الأنبياء عليهم السلام
كما قال تعالى: }وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ{[النحل:36].


يتبع....
__________________

مهما يطول ظلام الليل ويشتد لابد من أن يعقبه فجرا .
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.59 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.95 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.08%)]