عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 20-05-2011, 04:17 PM
الصورة الرمزية شبل المسجد
شبل المسجد شبل المسجد غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Jun 2007
مكان الإقامة: فلسطــــــــ غزة الصمود ــــــــــــــــين
الجنس :
المشاركات: 818
الدولة : Palestine
افتراضي رد: جماهير رفح تودع الشهيد القسامي عبد الحميد أبو غالي

سيرة الشهيد المجاهد


عبد الحميد ناصر أبو غالي ( أبو مسلمة )


رجل لا يعرف القهر رغم حداثة سنه


زهرة وردية شقت درب الحياة ، تزهو بصفاء لونها تعطي للناظرين بهجة ، وتحلق بالروح إلى عالم الطيبين بعيدا عن شرور النفس وكدر الدنيا . وهي ضاربة جذورها في أعماق الأرض أبية على الانقطاع أو الذبول ، ولا ترضى بالهوان !!. قصة حب مع الأرض يسطرها الشهيد بلغة الشهيد .. "عبد الحميد ناصر أبو غالي" شاب تسامى عن الدنايا ، وترعرع بداخله شوق علوي حتى بلغ ، رغم حداثة سنه ترى فيه صرامة رجل لا يعرف القهر ، وتلمح بوجهه إشراقة قلب ندي النقاء .

رفض أن يسلك مسارب المنهزمين ، فلزم درب ذات الشوكة يقدح في عينيه ثواب المجاهدين غير آبه بوخزات المسير.. مستشرفا النهاية.

دلالات الصبا:ـ

في التاسع من يناير عام 1991 م زفت إلى أبي محمد بشارة قدوم الخامس من أبنائه فارتأى أن يسميه على اسم جده ( عبد الحميد ) ، ارتسمت معالم الهدوء عليه منذ صغره فكان حييا خلوقا فهو ابن عائلة متدينة متواضعة عاشت حياة اللجوء بعد أن شردها الاحتلال من يبنا في فلسطين المحتلة لتقطن مخيم يبنا جنوبي رفح .
لم يكن عبد الحميد كغيره من الصغار يهوى كثرة اللعب بل كانت تظهر عليه الجدية مما جعل الأنظار تتجه إليه بل وتتنبأ بمستقبل مشرف لهذا الشبل الصغير ، وتقرأ من عيونه رجولة تفضي به إلى مصاف الجهاد والفداء لأجل فلسطين .
التحق عبد الحميد بمدرسة "أ" الابتدائية مكملا مراحلها ومنتقلا إلى مدرسة "ج" ليدرس المرحلة الإعدادية ، وأنهى ثانويته في مدرسة بئر السبع . وعلى طول سنوات دراسته كان مجتهدا محبوبا لدى أقرانه .

تدين ممتد:ـ

هي الفطرة السليمة التي عاشها عبد الحميد فغدا مثالا لكل خلق نبيل ، فأضحت روحانيته العالية وارفة ظلالها على علاقاته الاجتماعية بأبويه وإخوته وأصدقائه وكل من عرفه .
خطى بأقدامه منذ الصغر نحو مسجده مسجد الهدى فكان مرافقا لجده في صلوات الجماعة ، فتولد لديه حبها وشوق لأدائها، بل ودوما ما كان يحض الآخرين على الالتزام بها معرفا أنها سبيل الطمأنينة وطريق الفلاح .
ففي وصيته الأخيرة لأبيه قال :" خلي أخوي باسم_أصغر إخوانه_ يصلي وعلمه الصلاة بيهدأ وبيبطل يعمل مشاكل ".
ولما ذاق طعم الأجر أحب أن يذوقه غيره فدلّ أخاه الأكبر على سنة لزمها وهي المكوث بعد صلاة الفجر إلى شروق الشمس ذاكرا تاليا لكتاب ربه غير مكتفي بصلاة الفجر في جماعة على حد تعبير أخيه الأكبر بل لينال ثواب حجة وعمرة تامة تامة بشارة النبي صلى الله عليه وسلم لمن أدى هذه النافلة.
بل ومضى حبه للصلاة إلى أبعد من ذلك حيث أنه أثناء تدربه لأخذ رخصة القيادة كان عند سماع الآذان يوقف المدرب وينزل من سيارة التدريب ذاهبا إلى الصلاة قائلا لمدربه :"مسامحك بالعشر دقائق ".
وكان ينصح لإخوانه وجيرانه بأهمية القدوم المبكر إلى الصلاة لا سيما صلاة الجمعة ودائما ما يردد على أسماعهم " جدد إيمانك مع الله". ومما التزم به صيام يومي الاثنين والخميس تطوعا وسيرا على سنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم .
هذا الاتصال الحميم بين عبد وربه كان أثره بر لوالديه فكان يسلم أباه راتبه الشهري (400 $ ) دون أن يأخذ منها شيئا ، يقول والده :" كان جم الأدب ، مطيع لي ولأمه ، لم يقل لأ لأي أمر نطلبه منه ، خدوم في كل شيء سريع في تلبية ما تطلب ".
وكان مهتما ببيته حريص عل نظافته ويوصي إخوته بالمحافظة على ترتيبه ، وأضاف لإخوته طعم الصحبة فقبل استشهاده قال له أخوه متمنيا (كيكة بفاريا) فلبث 10 دقائق وجاء بها فتناولاها معا .
وكان يعتني بالصغار ويحب أن يلاعبهم ويدخل السرور عليهم ، فكان متوكلا بعلاج ابن أخيه الأكبر يأخذه ثلاثة أيام في الأسبوع منذ الصباح الباكر للعلاج الطبيعي متناسيا إرهاقا يلم به نتيجة مكوثه في الرباط والعمل الجهادي لساعات طوال . يقول أخوه :" قبل استشهاد عبد الحميد بيوم صار يوصيني على ابني المريض بأن نهتم فيه زيادة ".

القلب النقي:ـ

وضمن امتداد الظلال الإيمانية على حياة عبد الحميد كان صاحب قلب نقي لا يحمل الضغينة ولا تعرف الكراهية إلى صدره سبيل ، متواضعا في غير ذلة ، يعامل الناس بصفاء قلب سريع المسامحة طيب البسمة ، يقول أحد أصدقائه ورفقائه في العمل الجهادي مدللا على هذا الصفاء :" في جلسة أخوية نريد أن تصفو القلوب بين الشباب ، وكان الإخوة مثقلين المزاح مع عبد الحميد فما كان منه إلا أن باشر وفاجئنا بقوله أنا أي واحد بيتكلم معي مسامحه " ، ويضيف " كان صافي القلب ، صادق الإخوة ، محترم لغيره حريص على مشاعرهم".
ومما يشهد له كرمه اللامحدود وتفقده لإخوانه في المأكل والمشرب فدائما ما كان يحضر على ليالي الرباط وأماكن الالتقاء بإخوانه الطعام مدخلا البسمة عليهم فيذكر أحدهم عن ذلك " كنت مغادر بعد شروق الشمس من المسجد فرأيت عبد الحميد يحمل كما كبيرا من الحلويات المنزلية في وعاء فسألته أين تأخذها فأجابني للمجاهدين ".
وارتوى قلبه النقي من معاني الخير ففاض على أهله وغيره بالخير واهبا نفسه ووقته في سبيل خدمتهم وقضاء حوائجهم ، فمما اعتاد عليه تفقده الدوري لعمته الوحيدة التي تقطن في خانيونس _والتي لا ولد لها من الذكور_ فكان بمثابة ابنها يلبي جميع طلباتها مبادرا في ذلك لا يمضي أسبوع دون أن يزورها ويقضي جميع حوائجها .
ومن بين أصدقائه كفيف لمس حنو عاطفة عبد الحميد ونبل خلقه فمنذ تعرفه عليه في الثانوية وطوال ثلاث سنوات قطع عبد الحميد على نفسه عهدا بأن يوصله ذهابا وإيابا إلى المدرسة وتطورت صداقتهما لعلاقة حميمية أنطقت الكفيف " نفسي أشوف عبد الحميد ولو دقيقة " ، كلمات مثمرة عن شجرة حب زرعها صديقه الوفي في قلبه.

جندي قسامي:ـ

هي الأعمار تعظم بالأفعال وتقاس بالانجاز ، "أبو مسلمة" اعتلى صهوة المجد بأهدافه العالية وذلك بأن وجد حب الجهاد في قلبه قرار، وشوق الالتحاق بركب القساميين الأبطال ملحا عليه ، مدركا تمام الإدراك أنها طريق تحفها الدماء والأشلاء وهو ابن السادسة عشر مصطحبا همة عالية توصله إلى نهاية المطاف المشرف .
تميز بصدق الانتماء إلى العمل الجهادي مسارعا الزمن ليضع بصمته في السجل القسامي بعرق مبارك لا يقدر بثمن ، تشرب معاني السمع والطاعة فنشط في المنشط والمكره في مكان مظلم يشق فيه النور إنها الأنفاق القسامية المباركة، والجهنمية المتفجرة في وجه الصهاينة المحتلين .
شارك عبد الحميد وعلى مدار الأيام في حفرها وتشهد له الأرض الطيبة والصحب المجاهدون بمدى إقدامه على العمل ومسارعته في سبيل الانجاز والإتقان فيذكر مسئوله :" قبل استشهاده بأسبوع جاءنا عمل صعب ، وتزامن مع انتهاء موعد العمل الخاص بعبد الحميد وكان قد غادر إلى البيت ليرتاح ، فلما علم بالعمل جاء وباشر بمشاركتنا مع أن هذا الوقت لراحته " ، ويضيف مدللا على حرصه قائلا :" كان يطلب تنزيل ضعف الكمية من الأدوات الخاصة بالعمل لتجهيزها ليوم الغد ، وكان آخر من يغادر النفق، وكان عند مرضه ينسق مع إخوانه ليسد مكانه ، وأحيانا يتجاهل مرضه ويأتي بنفسه ليعمل ".
ويقول رفيقه المجاهد :" تميز بحرصه على ترتيب المكان ونظافته ، واهتمامه بسلامة أدوات العمل واستعمالها على خير وأفضل استعمال ".
ومن فيض حرصه على الصلاة كان سباقا إليها ومن اجتهاده وابتكاره تعليق ورقة مواقيت الصلاة في الأنفاق .
ارتبط أبو مسلمة بالقائد الميداني زهير اللهواني " أبو بلال" رحمه الله ، فكان بمثابة قدوة له في همته ونال أبو مسلمة ثقة قائده مما دفع أبا بلال ليوكل إليه العديد من المهام ويصطحبه معه باستمرار ، وتأثر كثيرا باستشهاده في الأول من ديسمبر عام 2010 م وكان يردد " روحت وسبتني يا أبو بلال " .
ومما ميز عبد الحميد حرصه الشديد على الخروج مرابطا في سبيل الله فلم يعرف الراحة أبدا فنهاره إعداد وليله رباط ، يقول ابن مجموعته القسامية :" نظرا لجهد عبد في حفر الأنفاق أعفاه المسئول من الرباط ، فكان يطلب البقاء ويرفض مغادرة الرباط ، وعندما نلح عليه بالمغادرة يقول لنا ساعة زمن ويبقى طوال الليل ".
في آخر أسبوع من حياته نزل إلى الرباط يومي السبت والأحد وبقي طوال الليل لوحده وعمل دوريات لوحده وكأن شيئا غريبا حاك في صدره ، ولفت أنظار المرابطين .

الشهادة حب وظفر:ـ

تعلقت قلوبهم بالآخرة فلم تجد الدنيا لها مكانا فولت هاربة ، أقبلوا على الموت رغبة في الشهادة واستبسالوا في طلبها فجاءهم كما يحبون ، عبد الحميد أحد هؤلاء عشق الشهادة والشهداء ولزم ذكر الآخرة وحببت إليه الخلوة والصمت، كان يذكر إخوانه بسير أحبابه الشهداء من أمثال أبو بلال اللهواني وأشرف المعشر وشحدة الكرد ، طلب من إخوانه مرارا وبإصرار أن يكون استشهاديا وألح على ذلك حتى نال الوعد بأن يدرج اسمه في قائمة الاستشهاديين إلا أن الأقدار سبقت ، والأشواق تحققت، فلما علم الله بصدقه صدقه .
ففي الثامن من مارس عام 2011 م وقبيل صلاة المغرب خرج عبد الحميد من النفق ليجهز نفسه للصلاة توضأ وتقدم باتجاه النفق خطوات _أراد أن يواصل مهمته الجهادية_ التفت إلى أحد إخوانه وابتسم قائلا: " أبي يريد تزويج أخي الأكبر ، وإن لم يرد سيزوجني " ، ثم أكمل سيره وهو مسرور مبتسم وأمام فتحة النفق سقط عبد الحميد وخر شهيدا أثناء تأديته لمهمة جهادية مشرفة .
رحم الله عبد الحميد ، ارتحل بعد مشوار جهادي مشرف وسيرة عطرة ، هؤلاء هم مجاهدو القسام ورود طابت الحياة برؤيتهم وبكت عليهم الأرض وفرحت باستقبالهم السماء .
تغمدك الله يا شهيدنا بواسع رحمتك ، وأسكنك الفردوس الأعلى بجوار النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا . اللهم آمين
__________________


سر على بركة الله شيخنا
لا يضرك أذى المنافقين والمتخاذلين
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.33 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 22.70 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.69%)]