
11-08-2011, 08:32 PM
|
 |
قلم فضي
|
|
تاريخ التسجيل: Jan 2011
مكان الإقامة: اينما شاء الله
الجنس :
المشاركات: 3,066
|
|
رد: شرح مختصر لكتاب الصيام
من شروط الرائي:
أن يكون عدلًا، والعدالة لها أوصاف كثيرة مذكورة في كتب الفقه، يقول: يجب تبييت النية لصيام الفرض. ورد حديث عن حفصة -رضي الله عنها- قالت: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له .
والصحيح أنه يكفي أن يقوم للسحور. فقيامه للسحور نية، وقيل أيضا: يكفي لرمضان نية واحدة؛ لأن المسلم ما دام أنه مقيم وسليم، فإنه لا يظن به أنه يترك الصوم، فهو قد نوى، ولو لم يقل: إني نويت يكفي أنه عازم على الصيام أنت في رمضان، لو جاءك إنسان يعرف أنك مقيم، وأنك بالغ عاقل قادر، وقال لك أتصوم غدًا ألست تنكر عليه؟. يتهمك أو يشك في صومك. يشك في صومك، وأنت مسلم عاقل، وهل أحد يفطر في رمضان بلا عذر؟.
فهذا دليل على أن الإنسان قد عزم على الصيام، فلا حاجة إلى أن يحرك قلبه بالنية، ولا حاجة إلا أن يقول: نويت أن أصوم غدًا، بل يكفي عزمه وتصمميه على الصوم وعزمه على أن لا يفطر.
يمكن يتصور هذا بعض الصور، مثلًا: إنسان عزم على أنه يسافر غدًا، وأنه سوف يفطر في الليل عزم وجمع أثاثه (متاعه) ولما أصبح وهو لم يعزم على الصوم، عازم على الفطر لم يتيسر له السفر. في هذه الحال مضى عليه جزء من نهاره، وهو ما نوى، فنقول له أمسك، ولكن اقض هذا اليوم؛ لأنك أصبحت مفطرًا، أما لو عزمت على الصوم وقلت: سوف أصوم غدًا، وإن تيسر لي أني أسافر أفطرت بعدما أفاق البلد، ففي هذه الحال يجوز لك الفطر، ويجوز لك إتمام الصوم، فأما إذا عزمت على الفطر وقلت: سوف أفطر لأني أسافر، ثم لم يتيسر لك السفر، وأمسكت ذلك اليوم، قلت: ما دمت أني لم أسافر، فسوف أتم يومي لأني ما أكلت فيه، نقول: عليك أن تتمه وتقضيه. لا بد للصوم من نية من أول النهار إلى آخره، بخلاف النفل، تقول عائشة: دخل علينا النبي -صلى الله عليه وسلم- ضحى فقال: هل عندكم شيء؟ قلنا: لا، قال: فإني إذًا صائم أصبح مفطرًا، وظن أنه يجد عند أهله طعامًا، ولما لم يجد عزم النية على الصوم من الضحى، إني إذًا صائم.
فيصح النفل بالنية من النهار بشرطين: الأول: ألا يكون قد أكل في أول النهار. الثاني: أن يكون ما بقي من النهار أكثر مما مضى، فإذا لم ينو مثلًا إلا بعد الظهر، فلا يفيده؛ لأن النهار قد مضى، وورد أيضًا أنه -صلى الله عليه وسلم- صام يومًا تطوعًا، ثم دخل على أهله فأخبروه بأنه أهدي إليهم طعام قال: أرنيه فلقد أصبحت صائمًا فأكل ورد أيضًا أن المتطوع أمير نفسه، إن شاء أتم صيامه، وإن شاء لم يتم .
يقول: المريض الذي لم يتضرر بالصوم والمسافر لهما الفطر والصوم، إذا قال المريض: أنا يضرني الصوم، لكني سوف أتحمل وأصبر على الضرر، جاز له ذلك وإن كان الأفضل له أن يأخذ برخصة الله. المسافر له الفطر والصوم، فإذا قال: أنا سوف أصوم مع المشقة سوف ألاقي مشقة في هذا السفر وصعوبة، ولكني سوف أصبر عليها، وأتحمل المشقة، أعظم للأجر جاز ذلك، ولكن الأخذ بالرخصة أفضل.
فيه عدة أحاديث منها حديث أبي موسى وغيره في الرجل الذي كان في سفر، فرأى النبي -صلى الله عليه وسلم- زحامًا ورجلًا قد ظلل عليه، قال: ما هذا؟ قالوا: صائم. فقال: ليس من البر الصيام في السفر وفي رواية عليكم برخصة الله التي رخص لكم هذا رجل صام في السفر، ولقي مشقة لم ينتصف النهار، وإذا هو متعب وإذا الناس ينظرون إليه وقد ظلل عليه تحت شجرة، وكأنه بحاجة إلى من يرشه بالماء، ومن يظلل عليه، ومن يأتيه بحاجته، فهذا قد أضر نفسه؛ فلذلك قال: عليكم برخصة الله .
ومع ذلك يجوز ففي حديث أبي الدرداء الذي في الصحيح قال: كنا في سفر في حر شديد حتى إن أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعبد الله بن رواحة تحمل الصوم في هذا الحر الشديد طلبًا للأجر، فدل على أنه يجوز، ولكن عند المشقة الفطر أفضل، في حديث جابر في سفر النبي -صلى الله عليه وسلم- من المدينة إلى مكة زمن الفتح صاموا ثمانية أيام ومعه عشرة آلاف كلهم يصومون ولما وصلوا إلى قديد أو إلى عسفان قالوا له: إن الناس قد شق عليهم الصيام فعند ذلك أمر بالفطر. أمر بالإفطار، وعلل بأنه أقوى لهم، قال: إنكم قد قربتم من عدوكم والفطر أقوى لكم يعني: أفطروا حتى تتقووا على قتال عدوكم، فهذا دليل على أن الفطر أفضل، إذا كان هناك مشقة، فإذا لم يكن هناك مشقة، فقيل: إنه بالخيار.
في حديث أنس قال: كنا نسافر مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فمنا الصائم ومنا المفطر فلم يعب الصائم على المفطر ولم يعب المفطر على الصائم يرون أن من به قوة وجلد، فإنه يصوم ومن معه ظرف فإنه يفطر. هذا يظهر أنه في التطوع، وبكل حال نختار أنه إذا كان هناك مشقة على المسافر، فالفطر له وإذا لم يكن هناك مشقة، فالصوم أفضل له، وإن أفطر مع عدم المشقة جاز، وإن صام وتكلف المشقة جاز.
__________________
مهما يطول ظلام الليل ويشتد لابد من أن يعقبه فجرا .
|