دور النساء في جهاد الأعداء
ملخص ما نريده منك أختي الكريمة
[الكاتب:
يوسف العييري]
وها نحن أختي الكريمة نأتي على ختام رسالتنا إليك وقبل أن نودعك يحسن بنا أن نجمل لك ما نريده منك:
لقد ذكرنا لك بما فيه غنية عن غيره عدة مواقف لنساء السلف والخلف يتضح لك من خلالها جلياً دور المرأة المهم في الصراع لنصرة الإسلام، ونحن لا نريد منك أن تدخلي أرض المعركة لما فيه من تبذل وفتنة، ولكننا نريد منك أن تقتدي بنساء السلف في تحريضهن على الجهاد وإعدادهن له وفي صبرهن على هذا الطريق وفي شوقهن للمشاركة بكل شيء مقابل انتصار الإسلام.
وإن رضيت بالدنية في دينك ورضيت بالذل والهوان لك ولأمتك، فإننا لا نملك لك من الله شيئاً، ولكننا نحذرك من غضب الله ومن سخطه، ونقول لك اتق الله، ولا تكوني عقبة في طريق الرجال إلى الجهاد، فأقل ما يطلب منك حال خروج الرجال إلى الجهاد أن تسكتي وترضي بما أمر الله به،
واعلمي أنك حينما تثنين الرجال عن الجهاد سواءً كانوا أبناءً أو زوجاً أو إخوة أو غيرهم فإن هذا نوع من الصد عن سبيل الله لا يرضاه الله أبداً، فإن كنت لا تهلكين بخروجهم فليس لك حق في الشرع لتثبيطهم عن الجهاد، ولعلك تتعجبين من ذلك وتقولين وكيف لا يكون للأم حق.
والرسول صلى الله عليه وسلم قال - كما عند البخاري وغيره عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما – يقول: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد فقال: (أحي والداك؟)، قال: نعم، قال: (ففيهما فجاهد).
ونجيبك بأنه لا يخفى علينا مثل هذا الحديث وما في معناه، ولكنه يوجد له معارض من الأحاديث فيجب العمل بكلا الحديثين، والعمل بهما يكون.
كما قال ابن حجر في الفتح عند شرح هذا الحديث قال: (وأصرح من ذلك - أي الحديث المتقدم - حديث أبي سعيد عند أبي داود بلفظ: ارجع فاستأذنهما فإن أذنا لك فجاهد، وإلا فبرهما. وصححه ابن حبان. قال جمهور العلماء: يحرم الجهاد إذا منع الأبوان أو أحدهما بشرط أن يكونا مسلمين، لأن برهما فرض عين عليه والجهاد فرض كفاية،
فإذا تعين الجهاد فلا إذن، ويشهد له ما أخرجه ابن حبان من طريق أخرى عن عبد الله بن عمرو: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن أفضل الأعمال؟ قال: الصلاة، قال: ثم مه؟ قال: الجهاد، قال: فإن لي والدين، فقال: آمرك بوالديك خيرا، فقال: والذي بعثك بالحق نبيا لأجاهدن ولأتركنهما قال: فأنت أعلم، وهو محمول على جهاد فرض العين توفيقا بين الحديثين) أه.
وفي عصرنا هذا تعين الجهاد يا أماه فلا طاعة لك في معصية الله.
قال القرطبي في تفسيره [8/151]: (وقد تكون حالة يجب فيها نفير الكل وذلك إذا تعين الجهاد بغلبة العدو على قطر من الأقطار أو بحلوله بالعقر، فإذا كان ذلك وجب على جميع أهل تلك الدار أن ينفروا ويخرجوا إليه خفافا وثقالاً شباباً وشيوخاً كل على قدر طاقته،
من كان له أب بغير إذنه ومن لا أب له، ولا يتخلف أحد يقدر على الخروج من مقل أو مكثر فإن عجز أهل تلك البلدة عن القيام بعدوهم كان على من قاربهم وجاورهم أن يخرجوا على حسب ما لزم أهل تلك البلدة حتى يعلموا أن فيهم طاقة على القيام بهم ومدافعتهم، وكذلك كل من علم بضعفهم عن عدوهم وعلم أنه يدركهم ويمكنه غياثهم لزمه أيضا الخروج إليهم فالمسلمون كلهم يد على من سواهم حتى إذا قام بدفع العدو أهل الناحية التي نزل العدو عليها واحتل بها سقط الفرض على الآخرين) أه.
فأجيبيني يا أماه...
هذه فلسطين حل العدو بها ولم يستطع أحد على دفعه لا من قريب ولا من بعيد فهل يكون الجهاد حتى اليوم فرض كفاية ؟ وهذه الأندلس حل العدو بها منذ قرون وكذلك الشيشان وكشمير والفلبين وبورما وأرتيريا وغيرها من أقطار المسلمين كثير، كلها احتلها العدو فأزال معالم الدين منها وأذل المسلمين واستضعفهم وسامهم سوء العذاب، حتى انتهى بنا الحال لنرى الحملة الصليبية تشن من جديد على أفغانستان، فهل بعد ذلك يا أماه نقول إن الجهاد فرض كفاية وطاعتك بالقعود أوجب منه؟ لقد قلنا كفاية حتى ذقنا من الذل ما فيه الكفاية يا أماه.
قال ابن قدامة في الكافي [4/255]: (ومتى تعين الجهاد فلا إذن لأبويه لأنه صار فرض عين فلم يعتبر إذنهما فيه كالحج الواجب وكذلك كل الفرائض لا طاعة لهما في تركه لان تركه معصية ولا طاعة لمخلوق في معصية الله كالسفر لطلب العلم الواجب الذي لا يقدر على تحصيله في بلده ونحو ذلك).
والمقام لا يحتمل أختي الإطالة ولكن هذا طرف من المسألة وسنتعرض لها ببسط أكثر في موضع آخر إن شاء الله، ونسأله أن يعين ويسدد.
ولكننا هنا نعود ونؤكد أنه لا يحل لك بحال أن تمنعي الرجال عن الجهاد إلا إذا كان في خروجهم مهلكة لك ولأبنائك، أما سوى ذلك فاعلمي أن عملك في منعهم هو نوع من الصد عن سبيل وينالك من قول الله تعالى عن الكافرين نصيب حينما قال عنهم: (الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ)، فاتق الله وراقبيه واخشي ذلك اليوم العظيم يوم تقفين أمام الله فيسألك لم صددت عن سبيلي؟ فبماذا تجيبين؟ وماذا ستقولين؟
هل ستقولين الدنيا أحب ألي من دينك؟
أم ستقولين ابني أو زوجي أحب إلى من الله ورسوله؟
أجيبي وما تقدمي اليوم فستلقينه غداً، وإن غداً لناظره لقريب.
وإن أبيت يا أمة الله أن تقتدي بالصالحات وأعرضت كذلك وعصيت ربك بالصد عن سبيله، فإننا نسألك بالله أن تكف شرك عن الأمة، ولا تكوني أداة ليهدم بها أعداء الله قيم الأمة وأخلاقها، بتبرجك وفسوقك وغفلتك، فلقد كنا نرجو الخير منك، فإن أبيت فنأمل أن نسلم من شرك، ونسأل الله أن يكف شرور الفجار عن الأمة ويشغلهم في أنفسهم عنا إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
أخوكم / يوسف بن صالح العييري