السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يا سلعة الرحمن لست رخيصة *** بل أنت غالــية عــــلى الكســـلان
يا سلعــة الرحمن لـــــولا انـها *** حـجبت بكـــــل مكاره الإنســـان
مـــــا كــان قـــط مـــن متـخلف *** وتعطــــلت دار الجزاء الثانـــــي
لكـنها حـجـبت بكـــــل كريهــــة *** ليصد عـنهـــا المبطل المتوانـــي
وتنالــــها الهمم التي تسـمـــوا *** إلى رب العـلى بمشـيئة الرحمن
( تالله ما هزلت فيستامها المفلسون ، ولا كسدت فيبيعها بالنسيئة المعسرون ..
لقد أقيمت للعرض في سوق من يزيد ، فلم يرضى لها ثمن دون بذل النفوس ، فتأخر البطالون ، وقام المحبون ينظرون ؛ أيهم يصلح أن يكون ثمناً ؟
فدارت السلعة بينهم ، ووقعت في يد (( أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين )) .
ولما كثر المدعون المستشرفون . طولبوا بإقامة البينة على صحة الدعوى، فلو يعطى الناس بدعواهم لادعى الخلي حرقة الشجي ،
فتنوع المدعون في الشهود ، فقيل: لا تقبل هذه الدعوى إلا ببينة : (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ))
فتأخر الخلق كلهم ، وثبت أتباع الحبيب في أفعاله وأقواله وأخلاقه .. فطولبوا بعدالة البينة بتزكية ؛ (( يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم )) فتأخر أكثر المحبين وقام المجاهدون ..
فقيل لهم : إن نفوس المحبين وأموالهم ليست لهم ، فهلموا إلى بيعة : (( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة ))
فلما عرفوا عظمة المشترى ، وفضل الثمن ، وجلالة من جرى على يديه عقد التبايع عرفوا قدر السلعة ، وأن لها شأناً ،
فرأوا من أعظم الغبن أن يبيعوها بثمن بخس ، فعقدوا معه بيعة رضوان بالتراضي ، من غير ثبوت خيار ،
وقالوا : ( لا نقيلك ولا نستقيلك ) فلما تم العقد وسلموا المبيع ،
قيل لهم : مذ صارت نفوسكم وأموالكم لنا ؟رددناها عليكم أوفر ما كانت ، وأضعافها معها، .. (( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون *فرحين بما آتاهم الله من فضله )) ..
فحمد القوم عند الوصول سراهم .. وشكروا مولاهم على ما أعطاهم ..
فعند الصباح يحمد القوم السرى ..) أهـ .
من روائع ابن القيم رحمه الله في وصف الجنة