الموضوع: الم الندم
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 16-08-2006, 02:55 PM
الصورة الرمزية سامي
سامي سامي غير متصل
مشرف الملتقى الإسلامي
 
تاريخ التسجيل: Feb 2006
مكان الإقامة: فلسـطيــن
الجنس :
المشاركات: 9,499
الدولة : Palestine
افتراضي الم الندم

بسم الله الرحمن الرحيم


أنهمك شاب في أواخر العقد الثاني من عمره في قراءة كتاب خلف مكتبه‏الذي أنشأه مؤخراً بمنزله لدرجة أنه لم يشعر بتلك المرأة التي دخلت عليه ‏في سكينهحاملتاً قدحاً من الشاي المغلي وهي تقول بحنان جارف ‏


‏- تفضل الشاي يا بني .


أفاق الشاب من شروده على صوت المرأة برعب وكأنها نشلته من عالم ‏الأحلام ليقوللها بأنفاس متلاحقة ‏


‏- أماه .. لقد أخفتني . ‏


‏- كنت أعلم يا ( خالد ) بأنك لن تشعر بدخولي لذلك لم أطرق الباب خشية ‏أن أنام بجانبه . ‏


أبتسم ( خالد ) لدعابة والدته وهو يأخذ رشفة من قدح الشاي المغلي ‏ليقول لها ‏


‏- كيف حالقدميكِ يا أمي هل ما زالت تؤلمك ؟‏


‏- كل يوم تزيد آلامها علي يا بني .. لدرجةأنني لا أنام الليل . ‏


أخرج ( خالد ) زفرة حزن على والدته وهو يستطرد قائلاً


‏- ألم تأتي ( سديم ) من المدرسة ؟ ‏


أرادت والدته أن تجيب على سؤاله ولكنصوت ( سديم ) أنطلق منادياً ‏ليجيب تساؤله ‏


‏- جدتي .. جدتي . ‏


كان صوت ( سديم ) يقترب من المكتب وهي تنادي على جدتها بشغف .. ‏لم تمضي لحظات حتى دخلت عليهمفي المكتب .. ما إن وقعت عينها على ‏والدها حتى جرت مسرعةً نحوه والابتسامة تعلووجهها لترتمي في ‏حضنه وهي تقول بعتاب ‏


‏- متى عدت من السفر يا والدي ؟ ‏


- لقد عدت وأنت في المدرسة . ‏


رفعت ( سديم ) رأسها لتقع عينيها التي تحمل أقسىدرجات الحرمان ‏بعيني والدها الذي تملكته الشفقة على أبنته ‏


‏- أبي .. ‏


- نعم يا بنتي .‏


‏- عدني بأنك لن تذهب مرة أخرى . ‏


قالت ( سديم ) تلك الكلماتوالدموع تنحدر على وجنتيها ‏


نظرت الجدة إلى ( سديم ) وهي في حضن والدها لتخنقهاالعبرة رحمة ‏بتلك الطفلة التي عانت أشد أنواع الحرمان ‏


تعلق بصر ( خالد ) بابنته للحظات لم يعرف ما الذي يقوله لها .. فقد ‏فاجأته بكلمات الترجي التي هدتكيانه . ‏


‏- عدني يا أبي بأنك لن تذهب مرة أخرى . ‏


تدخلت الجدة عندما رأتوجه ( خالد ) قد تجهم أمام أبنته لتقول ‏


‏- ( سديم ) يا حفيدتي ا ذهبي إلىغرفتك فوالدك يريد أن يرتاح من عناء ‏السفر . ‏


أطاعت ( سديم ) جدتها واتجهتمستسلمة إلى باب المكتب لتخرج إلى ‏غرفتها ولكنها توقفت فجأة لتلتفت ببراءة وهيتقول بصوت حزين ‏


‏- ألم تأتي معك أمي ؟ ‏


أنتفض جسد ( خالد ) عندما نطقت ( سديم ) بذلك السؤال الذي زلزل كيانه ‏ليقول بلسان متلعثم وكأنه يبحث عن جواب شافيلها


‏- أمكِ .. أمكِ .. لم تعد معي ..‏


‏- ولماذا لم تعد .. ألم تشتق إلي؟


‏- بلى إنها مشتاقة إليك وتتمنى أن تراكِ . ‏


‏- إذاً لماذا لم تأتي معك ؟


‏- لقد انشغلت .. ولم تستطع أن تأتي معي . ‏


زفرت ( سديم ) بحزن وهي تقولبألم ‏


‏- كنت أريدها أن تحضر مجلس الأمهات في المدرسة .. ‏


صمتت ( سديم ) لتستطرد قائلتاً ‏


‏- لقد مللت كلمات الطالبات بأنه ليس لدي أم . ‏


بكت الجدةعندما رأت ( خالد ) وهو ينهض من فوق مكتبه متجهاً نحو ‏ابنته الذي ما إن وقف أمامهاحتى ثنى ركبتيه وامسك بكتفها وهو يتطلع ‏إلى عينيها ليقول لها بحنان الأبوة ‏


- إن والدتكِ موجودة يا ( سديم ) ولكن ظروف الحياة أبعدتها عنا لمدة .‏


قال ( خالد ) كلماته وقلبه يعتصر من أجل ابنته التي لم تذق طعم الحنان ‏من قبل .. أحس بأنالقصور يعتريه من رأسه حتى أخمص قدميه .. لذلك ‏لم يعرف ما الذي يقوله لها ..


أنطلق صوت والدته ليكسر حاجز الصمت ‏


‏- يا بنتي أنا سوف أذهب معكِ إلىالمدرسة . ‏


هلت الفرحة على وجه ( سديم ) وهي تقول ‏


‏- صحيح يا جدتي .


‏- نعم سوف أذهب معكِ .. والآن اذهبي إلى غرفتكِ كي تغيري ملابسكِ . ‏


لمتكد تنهي كلماتها حتى خرجت ( سديم ) تاركتاً والدها في حيرة من ‏جراء كلماتها لتقولله والدته بعتاب جارف ‏


‏- لقد كبرت البنت ولم يعد إخفاء الحقيقة سهلاً كما فيالسابق .. يجب أن ‏تتخذ القرار بشأن مستقبل أبنتكِ .. فكما ترى هي متعلقة بوالدتها .


‏- وماذا تريدينني أن أفعل يا أمي ؟ ‏


‏- أن ترجع ( رهام ) إلى عصمتك منجديد . ‏


ألتفت ( خالد ) إلى أمه وهو يقول ‏


‏- ولكنها الآن متزوجه يا أمي .


تنهدت والدته لتقول بأسى ‏


‏- لقد طلقت من زوجها الثاني منذ عام أو يزيد ...


قطع ( خالد ) حديث والدته وهو يقول بصوت جارف ‏


‏- أرجعها بعد الذيفعلته بي . ‏


تطلعت إليه والدته وهي تقول له ‏


‏- وما الذي فعلته بك .. ؟


أشار ( خالد ) بإصبعه نحو والدته وهو يقول بتعجب ‏


‏- أنت تسألينني .. أنسيتِ الخلافات التي تدب بيننا كلما رجعت من السفر . ‏


قطعت والدته حديثه وهيتقول بكلمات سريعة ‏


‏- لقد كانت تطلب الاستقرار الأسري حالها حال أي فتاةمتزوجه.. ولو ‏كنت مكانها لفعلت ذلك . ‏


‏- هل كنت أسافر لأستجم ! أم لأعمل منأجل أن أوفر مستقبل لحياتنا . ‏


تململت والدته من حديثة لتقول له


‏- دعك منالذي مضى وفكر في الحاضر هل ستعيدها أم لا . ‏


أخذ ( خالد ) يفكر بعمق وهو يدورفي أرجاء الغرفة ذهاباً وإياباً أمام ‏والدته التي استوقفته بكلماتها ‏


‏- دعكمن عنادك يا ولدي فهو الذي أودى بحياتك إلى الهلاك . ‏


ارتخت أعصاب ( خالد ) وهويقول لوالدته باستسلام ‏


‏- حسناً يا أمي سوف أعيدها من أجل ( سديم ) .


ابتسمت والدته وهي تقول بخبث ‏


‏- من أجل ( سديم ) فقط . ‏


أصابت ( خالد ) الدهشة من كلمات والدته ليقول لها بتعجب ‏


‏- ماذا تقصدين يا أمي ؟‏


نهضتوالدته وهي تقول بصوت حنون ‏


‏- أقصد يا ولدي بأنك ما زلت تحبها .. بل تتمنى أنتقبل تراب الأرض ‏التي تمشي عليها .. ولكن عنادك يأبى أن يعترف بذلك . ‏


‏- ماالذي تقولينه يا أمي .‏


نطق كلماته بدهشة مما جعل والدته تقول بإصرار ملح


‏- أقول بأنك تحبها بجنون .. والدليل على ذلك بأنك ما زلت محتفظ ‏بصورةزواجكما في درج مكتبك . ‏


أستسلم ( خالد ) لكلمات والدته وهو يقول لها ‏


- لم يكذبوا عندما قالوا بأن قلب الأم دليلها . ‏


اقتربت والدته منه وهي تقول لهبإشفاق يقطع قلبها ‏


‏- لا تدع عنادك يكون سبباً في دمارك ودمار حياة ابنتك .. فأنت ما زلت ‏تحبها من صميم قلبك .. فتبع قلبك يا ولدي لو لمرة واحدة .. ودع عنك‏كبريائك الذي سيقتلك . ‏


نظر ( خالد ) إلى عيني أمه وهو يقول لها بخضوع ‏


- صدقتي يا أمي .. المفترض أن لا أفكر في نفسي .. كان يجب أن أفكر ‏أيضاً بابنتي التيلم تأخذ من حنان والدتها شيء ... لذلك سوف أسافر إلى ‏قريتها كي أعيدها إلى منزلهاوإلى ابنتها ..‏


صمت ( خالد ) قليلاً ليقول بحبٍ جارف ‏


‏- وإلي أيضاً .


فرحت الأم لكلمات ولدها .. ومن شدة فرحها توجهت إلى الباب وهي تقول ‏


- سوف أحضر ملابسك يا بني . ‏


استوقفها ( خالد ) وهو يقول لها بحنان ‏


‏- لاحاجة للملابس يا أمي فأنا سأتدبر أمري .. ولكن أريد أن أوصيك ‏بشيء .. إن استيقظت ( سديم ) قولي لها بأنني سوف أعود إلى المنزل ‏بأسرع وقت ممكن . ‏


قال كلماته وخرجمسرعاً نحو سيارته التي استقلها بسرعة لينطلق بها ‏مخترقاً طرقات المدينة ليمسكالخط السريع المؤدي إلى القرية .. ما إن ‏أمسك الخط حتى ضغط على دواسة الوقود ليزيدمن سرعة السيارة كي ‏يصل إلى القرية قبل حلول الظلام .. ولكن تجري الرياح بما لاتشتهي ‏السفن فقد أسدل الليل بردته السوداء على الخط مما جعل ( خالد ) يخفف ‏منسرعته وعقله شارد الذهن محتار كيف سيقابلهم ؟ وما الذي سيقوله ‏لهم ؟ وهل سيرحبونبه أم أنهم سيتنكرون له… أسئلة كثيرة دارت في ‏



رأسه ولكنه لم يستطع أن يجدجواباً لها .. لذلك نفض رأسه وشحن جميع ‏حواسه لمراقبه الخط ‏



* * *


التكملة
.
.
.
__________________
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 42.45 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 41.82 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.49%)]