
17-08-2006, 02:41 PM
|
 |
مشرفة ملتقى الأخت المسلمة
|
|
تاريخ التسجيل: Jan 2006
مكان الإقامة: -* واحة زهرات الشفاء *-
الجنس :
المشاركات: 4,853
|
|
أتذكرين ياعصفورتي الصغيرة..
حينما نظرت إليك قبل لحظات من الوداع..
أتذكرين تقاسيم وجه أبيك..
لقد أردت ياحبيبتي أن أقول لك كلمة ..
أردت أن أحملك رسالة..
ولكني أشفقت عليك..
أن أحمل جسمك الضعيف ..
أمرا ثقيلا تعجز عنه الجبال!!!
ولكن..
لقد كفاني يارباب تلك الضمة الأخيرة ..
ضممتك لصدري لأشم عبيرك يابنتي ..
لقد مضت مشيئة الله أن أرحل من دونك ...
ثم حصل ما حصل من قدر الله..
أتعلمين يابنتي.. الصغيرة..
أنني بعد الحادث لم أمت مباشرة..
لقد استيقظت بعد لحظات بسيطة من الحادث..
كان كل همي أن أراك.. والله
وأطمأن عليك..
زحفت متثاقلا وأنا الكهل ابن الستين سنه...
وقد انفلق رأسي..
وسالت دماء جسدي النحيل من حولي..
لقد أيقنت ياصغيرتي أنها النهاية..
لقد زحفت يارباب أبحث عنك ..
حاولت يابنتي أن أصل إليك..
أردت أن اسبق الزمن إليك ولكن هيهات هيهات..
وقف ملك الموت على رأسي..
شامخا كالطود العظيم..
أشار إلي إشارة فهمتها وقال لي..
كفى ياأبا محمد كفى أيها الرجل الصالح..
إنه أمر الله..!!
نظرت إليه بنظرة توسل..
ولمن حوله من ملائكة الرحمة..
الذين امتدت منهم الطرقات مد البصر ..
أي والله هذا ما رآه أباك ياعزيزتي..
توسلت إليه قائلا..
أيها الملك الصالح..
أيها الملك الصالح..
إنها ابنتي..
نظرة واحدة تكفيني لأطمأن عليها..!!
نظرة واحدة..؟؟
ضمة واحدة.. أرجوك..؟؟
طأطأ برأسه وقال...
يا أبا محمد .. إنني عبد مأمور.. ولا راد لأمر الله...
الحمد لله على قدره ..
سمعت صوتك يارباب ، سمعت استغاثاتك..
أبي، أبي ،أبي...
لم استطع إجابتك يابنتي فقد كنت أنازع الروح...
أحاطت بي ملائكة الرحمة ..
فخرجت روحي من جسدي.. كما يخرج الماء من في السقاء..
وداعا يابنتي العزيزة وليرعاك الله ويحفظك ويجعلك من الصالحات العفيفات..
أيها الأبناء ..
لكم تمنيت أن يزيدني رب الجلالة في العمر ساعة أو ساعتين ..
لأعود إليكم واجتمع بكم .. للحظات..
لحظات أو دقائق.. فقط!!
لتشفي شوقي وألمي لفراقكم المفاجئ...
أردت أن أعود إليكم لأقول لكم وداعا ، وداعا..
لأمسح رؤوس..أحفادي..
لأوزع ابتسامات صادقة لأبنائي..
لأهمس في أذن كل واحد منكم بتوصيات تصلح أمر دينه ودنياه..
آه ..آه ما أشد مرارتي ..
اشتقت لأم محمد..
زوجتي الغالية..
رفيقة دربي لأربعين سنة..
آه يا أم محمد ..
أنا أدرى الناس بك وبحزنك على فراقي..
أدرك كم تجدين من وجد علي وهذا والله حالي معك..
ياأختاه لقد تعذبت بألم فراقك كما تتعذبين..
ولكن صبرا فإن موعدنا الجنة إن شاء الله..
لو كنت أعلم في تلك اللحظة حينما جلستي أمامي..
قبل ساعة أو أقل من رحيلي من هذه الدنيا..
ووضعت يديك على ركبتي ...
حينما قلتي لي..
أنا لا أذهب بغير إذنك يابو محمد..
لو كنت اعلم بقدر الله تعالى ..لضممتك كما يضم الشاب الغر صبيته...
أتذكرين يا أم محمد ..
كم عشنا في هذه الحياة حلوها ومرها..
في الطائف والباحة والرياض وجده ..
قصص لا تنسى وذكريات تتعطر بها المجالس..
لن تحرمي منها أبنائنا وأحفادنا..
حدثيهم ولو قدر لي لحدثتهم عنك ..
أحدثهم عن صبرك وتحملك ..
أحدثهم عن أربعين خريفا مرت بذكريات عطرة ..
لا يعلم خباياها سوانا بعد الله عز وجل..
|