
07-11-2012, 05:23 PM
|
 |
عضو مشارك
|
|
تاريخ التسجيل: Oct 2012
مكان الإقامة: *في جنة الدنيا والآخرة بإذن الله*
الجنس :
المشاركات: 65
|
|
رد: قل و لا تقل / متجدد إن شاء الله تعالى ..
قُـلْ: "بين زيد وعمرو"، وَلاَ تَـقُـلْ: "بين زيد وبين عمرو"
إنّ كلمة " بَيْنَ " تقتضي الاشتراك بين اثنين فأكثر، فلا تدخل إلاّ على مثنّى أو جمع، كقولك: المال بينهما، أو: بين زيد وأخيه، أو: الدّار بين الإخوة. مثلها مثل الأفعال الدّالة على المشاركة، لا يمكن أن يكون لها فاعل واحد، فلا يقال: اختصم زيد، وتقاتل بكر، ولكن يُذكر الفاعل الثّاني والواو العاطفة تغنِي عن تكرار الفعل.
كذلك الأمر فيما نحن بصدده، فيقال: اجلس بين زيد وعمرو، ولا تكرّر كلمة ( بين )، لأنّ الواو العاطفة تغني عنها.
وفي أفصح الكلام قول الله تعالى:{نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خَالِصاً سَائِغاً لِلشَّارِبِينَ} [النحل:66].
وقد يرد على ذهن القارئ إشكال:
-قد يقول: إنّي رأيت كلمة ( بين ) دخلت على اسم الإشارة المفرد كما في قوله تعالى:{عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ} [البقرة:68]، وقوله:{مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ}[النساء:143]، وقوله:{وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً}[النساء:150]، وقوله:{وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً}[الإسراء:110]، وقوله:{وَقُرُوناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيراً}[الفرقان:38]، وغير ذلك ممّا لا يُحصَى ؟
فالجواب: اعلم أنّ "بين" هنا لم تدخل على مفرد حقيقة، فإنّ علماء النّحو يعرّفون اسم الإشارة (ذَا) بقولهم: "هو ما وُضع لمفرد مذكّر حقيقة أو حكما" [حاشية الإمام الصبّان على "شرح الأشموني" (1/138)].
ومعنى قولهم مذكّر مفرد حقيقي واضح، وهو الأصل في الاستعمال فتقول: هذا بَكرٌ، لأنّه مفرد مذكّر.
أمّا معنى قولهم: مذكّر حكمي فكالإشارة إلى مؤنّث، نحو قوله تعالى: {فَلَمَّا رَأى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَر} [الأنعام:78]..فإنّ المقصود: المرئيّ أو الكوكب، وهذا أسلوب مشهور.
ومعنى قولهم: "مفرد حكميّ" أن يشار إلى المثنّى والجمع بالمفرد، كقوله تعالى: {لاَ فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ} [البقرة:68]، فالإشارة إلى أمرين اثنين (فارض) وهي المُسنّة، و(بكر) هي الفتيّة، وبينهما العوان- وهي التي ولدت بطنا أو بطنين وهي أجود البقـر -، الشّاهد أنّ المقصود هو المثنّى وإن كان بلفظ المفرد.
كذلك في مسألتنا هذه، فكلّ الآيات المذكورة والتي ظاهرها أنّ ( بين ) دخلت على مفرد، إنّما المقصود في المعنى المُثنّى أو الجمع، فقوله تعالى:{مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ} سيق لأكثر من واحد وهو قوله تعالى:{لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ} [النّساء:143] وكأنّ تقدير الكلام: مذبذبين بين الفريقين، وكذا لسائر الأمثلة:{وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاَ} أي بين الإيمان ببعض، والكفر ببعض، {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً}أي: بين الجهر والإسرار، {وَقُرُوناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيراً}أ ي: عاد وثمود وأصحاب الرسّ..
فيُؤوّل اسم الإشارة هنا بالشّيء المذكور، ألا ترى أنّك تقول: ظننت ذلك، وأنت تقدّر مفعولين اثنين.
المهمّ، أن نعلم أنّ (بين) لا تدخل إلاّ على أكثر من واحد، فلا داعي لتَكرارها.
مصدر هذا الخطأ الشّائع:
لعّل هذا الوهم شاع وذاع -كما قال الإمام الحريري رحمه الله– من أجل أنّهم رأوا كلمة ( بين ) تُكرّر مع الضّمير، ومن الأمثلة على ذلك قوله تعالى: {قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ}[الكهف:78]،{فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}[فصلت:34] {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَاباً مَسْتُوراً} [الإسراء:45] وغيرها من الأمثلة.
وقياس الاسم الظّاهر على الضّمير قياس مع الفارق؛ لأنّ من أحكام الضّمير - وخاصّة المتّصل - أنّه لا يُعطَف إلاّ بإعادة ما دخل على المعطوف عليه، فلا يُقال: مررتُ بك وـهِ ! بل يقال: مررت بك وبه. كذلك الأمر هنا، كُرّرت كلمة ( بَيْنَ ) لأجل الضّمير المعطوف، فلا يقال: بيني وـكَ !
ونظيره في باب التّوكيد، أنّه لا يؤكّد الضّمير المتّصل إلاّ مع الأداة التي دخلت على المؤكَّد، تقول: مررت به به، ولا تقول: مررت به ـهِ.
قال ابن مالك رحمه الله في "الخلاصة":
وَلاَ تُعِدْ لَفْظَ ضَمِيرٍ مُتَّصِلْ *** إِلاَّ مَعَ اللَّفْظِ الَّذِي بِهِ وُصِلْ
والله تعالى أعلم وأعزّ وأكرم.
__________________
يـآرب آثـقْ آن مسّتقبَلي لآ يمّلگ آمرَه إلا سَوآگ ،
فآگتبْ ليَ [ آلسّعَـآدة ] فيَہ [♥]
وَاجعَـل لِــي نَصِــيباً فِـي مَا أٌحِــب [♥] ..
|