كان بالبصرة عابد قد أجهده الخوف والوله .. وأسقمه البكاء وأنحله .. فلما حضرته الوفاة جلس أهله يبكون حوله .. فقال لهم . أجلسونى . فأجلسوه.. فأقبل عليهم وقال لأبيه .. يا أبتى ما الذي أبكاك ؟ قال .. يا بنى ذكرت فقدك وانفرادى بعدك .. فالتفت الى أمه وقال .. ما الذي أبكاك ؟ قالت .. لتجرعى مرارة ثكلك .. فالتفت الى الزوجة وقال .. ما الذي أبكاك ؟ قالت .. لفقد برك وحاجتى لغيرك .. فالتفت الى أولاده وقال .. ما الذي أبكاكم ؟ قالوا لذل اليتم والهوان بعدك .. فعند ذلك نظر اليهم وبكى ....... فقالوا له .. ما يبكيك أنت ؟ قال .. أبكى ..... لأنى رأيت كلا منكم يبكى لنفسه لا لى .. أما فيكم من بكى لطول سفري ؟ أما فيكم من بكى لقلة زادى ؟ أما فيكم من بكى لمضجعى في التراب ؟ أما فيكم من بكى لما ألقاه من سوء الحساب ؟ أما فيكم من بكى لموقفى بين يدى رب الأرباب ؟ ثم سقط على وجهه فحركوه فاذا هو ميت .