بسم الله الرحمن الرحيم
النداء الأول :-
--------------
ملحوظه"ليس النداء الأول في القرآن"
قال تعالى :-
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾لقمان . 33
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ)
قال ابن رجب رحمه الله :-
"و اصل التقوي ان يجعل العبد بينه وبين ما يخافه و يحذره وقايه تقيه منه"
وقد قال تعالى :-
(وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (235) )ومن لطف الله
جل وعلا بنا ان الآية جمعت بين الخوف والرجاء .
فعلينا ان نكثر من الطاعات ابتقاء الأجر و الثواب و نتجنب المعاصي والشبهات خوفا من الحساب و العذاب ولا نيأس بعد الذنب فإن الله تواب .
قال ابن القيم :-
"حقيقتها (أي التقوي) العمل بطاعة الله ايمانا و إحتسابا امرا و نهيا فيفعل ما امر الله به ايمانا بالأمر وتصديقا بوعده و يترك ما نهي الله عنه ايمانا بالناهي وخوفا من وعيده"
وقد احسن الذي قال في وصيته :-
"اوصيك بتقوي الله الذي هو نجييك في سريرتك ورقيبك في علانيتك فاجعل الله في بالك على كل حال في ليلك و ونهارك وخف الله بقدر قربه منك وقدرته عليك واعلم انك بعينه ولا تخرج من سلطانه الى سلطان غيره ولا من ملكه الى ملك غيره فليعظم منه حذرك وليكثر وجلك"
{وَاخْشَوْا يَوْماً لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئاً }
يحثك الله عز وجل على الخوف من يوم القيامه والتفكر فيه والعمل له و يخبرك بأنك لن تجد من ينفعك يومئذ يوضع الميزان ويتخلى عنك الاهل و الخلان قال تعالى :-
{فَإِذَا جَاءتِ الصَّاخَّةُ {33} يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ {34}
وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ {35} وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ {36} لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ
يُغْنِيهِ {37} } عبس
الكل يقول نفسي نفسي إلا الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام يقول امتي امتي فاتبعه و الزم سنته و هديه قبل ان تقول مع القائلين :
قال تعالى : " وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا " الفرقان27وحينها لن يجدي الندم ولن تنفع الحسره.
{ يَا أَيّهَا النَّاس إِنَّ وَعْد اللَّه حَقّ } هذا تأكيد من الله عز وجل لوعده بجمع الناس ليوم القيامة ومحاسبتهم ومن اصدق من الله قيلا وقد جاء التأكيد على جمع الناس يوم القيامة في غير موضع من القرآن ردا على منكري البعث فقال تعالى :-
"اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ " النساء
وتذكيرا للغافلين عن هذا اليوم قال تعالى:-
(أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ)المؤمنون
"فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا"يحذرك الله عز وجل من الإغترار بالدنيا و زخرفها و نعيمها الزائف وقد قال تعالى :-
" إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْض زِينَة لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيّهمْ أَحْسَن عَمَلًا "
فقد زينت امتحان وإبتلا لك وقال تعالى ايضا:-
"اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ۖ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا ۖ وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ ۚ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ" الحديد
قال ابو الدرداء رضي الله عنه :-
"من هوان الدنيا على الله انه لا يعصي إلا فيها ولا ينال ما عنده إلا بتركها"
وسئل على رضى الله عنه عن الدنيا فقال :-
"حلالها حساب و حرامها عذاب "
نعم اخي فحتي المباح ستسأل عنه الم تقرأ قوله تعالى :-
" ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ "
وما اروع زهد السلف عن الدنيا فقد روي ان هشام بن عبد الملك دخل الكعبه فوجد سالم بن عبدالله بن عمر بن الخطاب
فقال : يا سالم سلني حاجه
فقال سالم : إني لاستحي من الله ان اسأل في بيته غيره
فلما خرج سالم تبعه هشام فقال له :
الآن خرجت فسلني حاجة
فقال سالم : من حوائج الدنيا ام من حوائج الأخره ؟
فقال له : من حوائج الدنيا
فقال سالم : لم اسأل من يملكها فكيف اسأل من لا يملكها ؟
فهؤلاء اقوام ملأ حب الآخرة قلوبهم وقدروا الدنيا حق قدرها .
" وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ" قال أكثر المفسرين الغرور بفتح الغين هو الشيطان وقد قال تعالى :-
"يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا"
وقد يكون الغرور في بعض الأحيان هوي النفس وقد يكون صديق
اما الغرور بضم الغين فقد قال سعيد بن خبير ان تعمل بالمعصيه و تتمني المغفره .
اسأل الله ان يرزقني و إياكم قلوب تقيه نقيه والى ان نلتقي مع نداء اخر إن شاء الله اترككم في رعاية الله وحفظه .