[على خطى السلف]

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ها قد عدت اليكم من جديد بنداء جديد فتأملوه بقلب حاضر فوالله إن الهلاك كل الهلاك لمن تجاهله و اري انه ما سلم من مخالفته إلا القليل والله المستعان


النداء الثالث :-
----------------
قال تعالى :
{{يا أيها الذين ءامنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم ان يأكل لحم اخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم}}الحجرات [12]

[يا أيها الذين ءامنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم]
قال تعالى {بعض الظن] لأن من الظن ما لا يأثم صاحبه بل يثاب عليه كظن المسلم باخيه المسلم خيرا لذا فالظن المنهي عنه في الايه هو ظن السوء فعلى المسلم ان يظن باخيه المسلم خيرا في ما قال او فعل حتي في ما يبدو انه لا يحتمل وجها من أوجه الخير .

ثم بعد ان نهانا الله عز وجل عن كثير من الظن امرنا فقال :
[ولا تجسسوا]
فما ان يظن المرء السوء حتي تبدأ نفسه الاماره بدفعه للتجسس على أخيه حتي يتأكد من ظنه وهذا ليس من الايمان في شيء فقد روي الترمذي في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال :

((صعد رسول الله صلي الله عليه وسلم المنبر فنادي بصوت رفيع فقال : يا معشر من اسلم بلسانه ولم يفض الايمان إلي قلبه لا تأذوا المسلمين ولا تتتبعوا عوراتهم فإن من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته بفضحه ولو في جوف رحله ونظر ابن عمر للكعبه فقال ما أعظمك وما أعظم حرمتك و المؤمن أعظم حرمة عند الله منك))

وقد احسن القائل :
لا تلتمس من مساوي الناس ما ستروا***فيهتك الله سترا من مساويكا
واذكر محاسن ما فيهم إذا ذكروا***ولا تعب احدا منهم بما فيكا

ثم بعد ان نهانا عن التجسس قال : [ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم اخيه ميتا فكرهتموه]

فبعد ان ظن المرء سوء باخيه وتجسس حتي تأكد من ظنه بدأ يغتابه امام الآخرين وما اتعس واشقي أمثال هؤلاء
فقد خالفوا امر الله عز وجل و اهدوا حسناتهم على طبق من ذهب لمن إغتابوهم فإن الله يعفو عن الذي بينه و بين العبد ولكنه لا يعفو عن حقوق العباد .

وقد يتحدث البعض عن الآخرين دون ان يعلموا انهم بهذا الحديث يغتابونهم فهم يرون انهم لم يقولوا عنهم إلا ما هو فيهم فعلا

وهذه هي الغيبه بعينها فأنت إذا قلت عن الشخص ما ليس فيه تكون قد بهته ففي صحيح مسلم عن ابن هريره رضي الله عنه قال :

((قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (أتدرون ما الغيبه ؟ قالوا الله ورسوله اعلم قال ذكرك اخاك بما يكره قيل افرأيت إن كان في اخي ما أقول قال إن كان فيه ما تقول فقد إغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته))
لذا قبل ان تتحدث عن اخيك اسأل نفسك أولا لو سمع ما ساقوله عنه سيرضي ام سيغضب ؟
ولو سمعت نصيحتي فلا تتكلم عنه أصلا ودعك في نفسك
وقد احسن ابن القيم رحمه الله حين قال
"اخسر الناس صفقة من إشتغل عن الله بنفسه بل اخسر منه من إشتغل بالناس عن نفسه"
فإن لكل منا عيوب وذنوب لو اشتغل بها لكفته
قال ابن قدامه المقدسي رحمه الله :
"إذا رأيت الناس يعجبون بك فأعلم إنما يعجبون بستر الله عليك فلا تذب عن الناس الذباب وحجرك مملوء بالعقارب"
وختم الله عز وجل الايه بتوصيتنا بالتقوي فقال :
[ واتقوا الله إن الله تواب رحيم]
وقد استفضت في الحديث عن التقوي في النداء الأول

واختم انا ايضا بتوصيتكم بها فاتقوا الله واحفظوا السنتكم فما كب الناس في النار على وجوههم إلا حصائدها.

والى ان نلتقي مع نداء جديد إن شاء الله اترككم في رعاية الله وحفظه .