
12-11-2013, 05:41 PM
|
 |
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
|
|
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,020
الدولة :
|
|
رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو
يتبـــــع الموضوع السابق
السرعة القصوى بين العلم والقرآن
( 5 ) يرى معظم المفسرين أن قوله تعالى: )... وعده وإن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون ( 47 ) (.سورة الحج..
هو نفسه المراد من آية السجدة ( 5 ) حيث استخدمت، أيضاً، هنا نفس الوحدات الزمنية للتعبير عن السير وقطع المسافات، فكانت ( كما شرحنا لاستحالة أن يساوي اليوم عندنا ألف سنة زمنياً ) للدلالة على سرعة عامة وشاملة، أي: سرعة كونية في ملك الله تعالى لا تزيد عن مسافة ألف سنة مما تعدون في اليوم الواحد من أيامكم.
قال ابن العربي: لفظ ( عند ) هنا تعني في ملك الله، فقوله تعالى: )عند ربك(أي: في تقديره وحكمه وملكه سبحانه وتعالى ( نظم الدرر ـ القرطبي ـ الشوكاني ) واستخدام نفس وحدات القياس ( اليوم والألف سنة ) في النصين الشريفين في السجدة ( 5 ) والحج ( 47 ) يدل على أن الموصوف فيهما واحد، وأن كليهما يدل على نفس الحد الأقصى للسرعة الكونية.
وقال الطبري: إن قوله تعالى:).... وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (47) (سورة الحج.
هو سواء مثل نص السجدة ( 5 ).
والمعنى في الحج ( 47 ): يخبرونا بأن الله ـ جل وعلا ـ قد قضى بهذا القانون في ملكه، وحكم به وقدر، ولقد جاءت هذه الآية عقب عبارة تدل على استعجال الكفار لمحمد بأ يطالب من ربه وقوع العذاب بهم، كنوع من التحدي للنبي صلى الله عليه وسلم، فكان الرد بهذا القانون الإلهي في قول الله تعالى: )وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (47) (.سورة الحج.
ووجود حرف الكاف للتشبيه هنا في لفظ كألف يدل على أن الزمن غير مراد بذاته ولكن المراد هو التعبير عن المسافة المقطوعة في يوم بواسطة شيء سريع تعادل مسافة ألف سنة لشيء آخر بطيء في ملك الله.
وهنا يتضح التعبير البليغ بإظهار القدرة والمقدرة والاقتدار الإلهي لبيان ما عند الله تعالى من سرعة عظيمة في المقدار تتضاءل عندها كل مقاييس وتصورات وخيال أهل الأرض قدر بها إلى الحد الأقصى لسير الأمور كلها في السماء، فضرب مثلاً بأكبر سرعة موجودة في الأرض والسماء، أي: بأكبر سرعة في الكون المادي المشاهد: لأمر كوني من مادة هذا الكون، فيعلمون ـ إن أدركوا ـ مدى ما عندهم من عجز وافتقار، وما عند تعالى من قدرة واقتدار، لأن الله عنده سرعات تصل إلى حدها الأقصى في سرعة الضوء في عالم الشهادة وتفوقها في عالم الغيب!!!.
( 6 ) ما هو الأمر المشار إليه في آية السجدة ( 5 ) ؟ ولماذا أتى معرفاً بأل بينما اليوم والسنة ورداً في صيغة النكرة ؟ وللجواب على ذلك نذكر قوله تعالى: )يدبر الأمر من السماء إلى الأرض (، وبهذا فإن الأمر هو موضوع التدبير، وقوله تعالى: )من السماء إلى الأرض (، بيان بمجمل التدبير وطبيعته، وقوله تعالى: )ثم يعرج إليه (. أي: يتحرك في ملكه، وبيان ـ أيضاً ـ بالفاعل المدبر، لأن الضمير في ( إليه ) عائد على المولى عز وجل، وأما قوله تعالى: )في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ( 5 ) (فهو ـ كما ذكرنا ـ بيان بسرعة هذا الأمر الكوني في الفراغ بين السماء والأرض.
وتنكير اليوم والسنة دليل على تغير قيمتها في نظام الأرض والقمر بمرور الزمن وارتباطها بهذه العلاقة القرآنية الفلكية الدائمة لهذا النظام، بينما تعريف الأمر ( بأل ) يدل على ثبات سرعته الموصوفة بين السماء والأرض في هذه العلاقة الكونية ثبوتاً مطلقاً!.
وطبيعة التدبير هنا هي بلا شك حركة دائبة وعروج مستمر لا ينقطع، فقوله عز وجل: )من السماء (يدل على ابتداء المسير، و )إلى الأرض (يدل على منتهى المسير، والفعل ( يعرج ) موضعه السماء، ويدل على الحركة في انحناء، لأن العروج عن السير في خط مستقيم. ويعرج بمعنى يصعد أو يسير مطلقاً بغير تحديد، في ميل وانحناء أو في خطوط ملتوية، فيدل على الحركة وقطع المسافات.
ومنه تعارج: حاكي مشية الأعرج، وانعرج الشيء، وتعرج: انعطف ومال، وعرّج الثوب: خططه خطوطاً ملتوية ( المعجم الوسيط ).
وفاعل ( يعرج ) هو الأمر هنا، ويدل على وجود كوني من مادة هذا العالم المنظور. بين السماء والأرض بدلالة الاقتران الكوني هنا بين الأمر والسماء والأرض المعهودة لنا، فلا بد وأن الأمر وهو معرف بأل معهود لنا، لأن ( أل ) تأتي للعهد والجنس، وبالتالي يشمل الأمر هنا كل ما يتحرك بالسرعة الموصوفية طبقاً للمعادلة القرآنية السابق شرحها.
ولقد تبين لنا حديثاً أن أموج الجاذبية وجسيمات النبوتريتو تشاركان الضوء في السرعة القصور، والمراد بالأمر هنا هو الأمر الكوني الذي يقع تحت قياسنا فعلاً كما هو موصوف بسرعته في الآية )مما تعدون (وليس أمراً معنوياً مجازياً وليس أمراً موصوفاً ( بكن فيكون ) أي: الأمر التكويني العاجل أي: الأمر الكنى، والذي يشير إليه المولى سبحانه وتعالى في طور الخلق من العدم، وإنما الأمر هنا في أية السجدة في طور التسخير، وخاضع لسنة كونية لا تتبدل ولا تتغير، ومحدد بمقدار سير محدود من الآمر في زمن معين ودائم الثبات في سرعته طبقاً لهذا القانون الكوني الهام.
( 7 ) ليس الأمر هنا معنوياً أو مجازياً، كما فهم بعض المفسرين على أنه القضاء والقدر والثواب والعقاب يتنزل من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه سبحانه يوم القيامة ليفصل فيه، وأن هذا اليوم الأخروي يعادل ألف سنة، لشدة أهواله. لأن هذا رأي يخالف ظاهر النص: ( مما تعدون )، لأن القدر لا يخضع لحسابنا كما أن الرأي بأنه يوم إلهي بألف سنة عندنا يعد خروجاً عن النص وإخضاع للذات الإلهية للزمن!.
( 8 ) وليس الأمر هنا أمراً شرعياً بمعنى الوحي بالتكاليف الشرعية في الطاعات، فقوله تعالى: )من السماء (يدل على أن الأمر كوني، ولو كان شرعياً لقيل ( من عند الله ) بدلاً من السماء.
وقوله تعالى:)إلى الأرض (يدل على أن الأمر كوني. ولو كان شرعياً لقيل: ( إلى الإنسان ) الذي هو محل التكاليف، بدلاً من قوله تعالى: ( إلى الأرض )،ولأن الأمر الذي دبره هو الذي يعود ويعرج في السماء، ولو كان شرعياً فإنه لن يعود بل الذي يعود هو العمل به، لأنه في هذه الحالة النازل غير الطالع، أما الأمر الكوني هنا في هذا البحث هو نفسه النازل والطالع بين السماء والأرض وفي ملك الله تعالى كما أن الأمور الشرعية ليست دائمة ولكنها انتهت باكتمال التنزيل وانقطاع الوحي، بينما الأمر هنا في السجدة ( 5 ) مستمر ودائم، أي من الأمور الكونية المقيدة لسنة ثابتة دائمة في الكون بينما الأوامر الشرعية، تحملها الملائكة، وهذه لها أيضاً حد أقصى لسرعة أخرى أكبر من الموصوفة في السجدة، وذلك كما في قوله تعالى: )تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (.سورة المعارج.. وسوف نتناول هذا النص بالتفصيل بعد ذلك.
وبهذا يتضح أن الأمر في السجدة ليس ملائكياً لاختلاف معدل السير، وقد ذهب بعض المفسرين ـ دون دليل شرعي ـ إلى اعتبار الملائكة مدبرة لهذا الأمر في سورة السجدة استناداً لفهم خاطىء لقوله تعالى: )فالمدبرات أمراً (.سورة النازعات.. ورغم أن هذا النص عام، والكلائكة تقوم بشؤون معينة منصوص عليها في القرآن ( مثل ملك الموت، وملائكة النصر، وملائكة العذاب، وملائكة الذكر ) كما أن الأمر في ( المدبرات أمراً ) ورد نكرة وليس المر الكوني العام في السجدة ( 5 )، كما أن الله ه الذي يدبر الأمر في آية السجدة ( 5 ) وليس الملائكة، والأسلم ترك النص القرآني على ظاهرة فالذي يعرج في السجدة ( 5 ) هو الأمر وليس الملائكة ولا داعي لمعاندة النص الشريف ومخالفة ظاهرة كما أن القرآن يميز من حيث السير بين الملائكة والأمر الكوني كما في آيتي المعارج ( 4 ) والسجدة ( 5 ) على الترتيب وكما في قوله تعالى: )هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ...(.سورة النحل.، والمفاضلة بحرف ( أو ) يدل على اختلاف معدل السير في الحالتين.
وبهذا فليس هناك دليل شرع على قيام الملائكة ـ عليهم السلام ـ بتدبير الأمر الكوني في آية السجدة ( 5 ) ولا داعي لتحميلها ومحاولة تحوير مقاصدها، وعليه فإن المراد في آية السجدة ( 5 ) بيان سنة كونية للأمر الكوني المعرف لغة، بالألف واللام، والمُعرف حالاً بالسرعة الموصوفة في حدها الأقصى، كما نلاحظ بعد ذكر الأمر في السجدة ( 5 ) ورود قوله تعالى: )الذي أحسن كل شيء خلقه....(.سورة السجدة.. فهذا الوصف العام يصيب الأمر المذكور ويشمله، لأنه شيء حادث من بعض ما خلق سبحانه وتعالى وعليه فإن ( الأمر ) الذي نحن بصدده في السجدة ( 5 ) أمر كوني قدري في عالم الأسباب، ضبط بقانون وسنة تميزه فهو وصف لبعض الأقدار الخاضعة لقانون ثابت وعام في هذا الوجود، ولقد أتقن الله كل شيء وقدره تقديراً، وكل شيء عنده بمقدار حتى في عالم الغيب.
( 9 ) يقول تعالى: )تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (.سورة المعارج..
هذا النص الكريم يبين ( كما قال المفسرون ) حداً أقصى لسرعة الملائكة والروح.
فقال ابن عباس وابن إسحاق ومنذر بن سعيد: إن العروج هنا في الدنيا وليس في الاخرة، والمعنى: أنها تعرج في يوم من أيامكم هذه، ومقدار المسافة خمسون ألف سنة ( أبو حيان والألوسي ).
وعالم الملائكة والروح لا يقع تحت القياس البشري، لكون من غير مادة هذا العالم المنظور، ولذلك وردت الآية خالية من عبارة ( مما تعدون ) وهذا دليل على دقة القرآن الكريم وصدق روايته... ولقد أشارت الآية هنا إلى حد أقصى جديد يفوق الحد المنصوص عليه في آية السجدة بخمسين ضعفاً... على الفرض أن اليوم من أيامنا والسنة من سنينا في ( المعارج / 4)، لأننا نحن المخاطبون بالقرآن، وأما خلو هذا النص الشريف من عبارة ( مما تعدون ) فيرجع إلى أننا لن نستطيع أبداً إحصاء سرعة الملائكة والروح رغم علمنا بقيمة كل من اليوم والسنة القمرية بمقاييسنا...
وبهذا: فإن الملائكة تخترق حاجز السرعة المبين في آية السجدة ( 5 )، والخاص بعالم الشهادة، وتنطلق بسرعات أكبر في عالم الغيب، وبحد أقصى جديد مبين في آية المعارج ( 4 )، والعروج دنيوي للملائكة وليس أخروياً، كما اعتقد بعض المفسرين الذين اعتبروا الوهم والخيال اليوم في آية المعارج ( 4 ) هو يوم القيامة، والذي يساوي في نظرهم وخيالهم خمسين ألف سنة لشدة العذاب وهو العقاب في الآخرة، وهذا تفسير لا يتفق مع ظاهر النص... وعلى كل حال، فالمفسرون بشر يؤخذ من كلامهم ويرد.
ولقد أعجبني قول الألوسي رضي الله عنه في تعليقه على آية المعارج ( 4 ) قائلاً: ( وإن لم تبعد هذه السرعة الملائكية عمن وقف على سرعة الأضواء وعلم أن الله على كل شيء قدير )، فما أجمل هذا الوصف وما أروع التشبيه هنا...
وبهذا يمكننا القول بأن القرآن الكريم وضع حداً وبرزخاً للسرعة في عالم الشهادة يخضع لقياسنا وندركه في العالم الكوني المشاهد المحسوس في آية السجدة ( 5 ) بينما وضع حداً آخر للسرعة في عالم الغيب في آية المعارج ( 4 )، ولا وجه للمشككين ولا مطعن للمكذبين، ولا حجة للمستشرقين الذين يدعون ظلماً بأن هناك تعارضاً في القرآن بدعوى أن اليوم بألف سنة في السجدة (5) بينما نفس اليوم بخمسين ألف سنة في المعارج ( 4 ) ولكنهم كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه كما في قوله تعالى: )بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ..... (.سورة يونس..
وقوله سبحانه:)فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (6) (.سورة الشعراء..
ويا ليتهم يعلمون أن موضوع النصين الشريفين في السجدة (5)والمعارج ( 4 ) مختلف، لاختلاف المتحركين واختلاف العالمين واختلاف السرعتين.
فهذا في مقام وذاك في مقام آخر. لو كانوا يفقهون.
ويا ليتهم يعرفون الحكمة من ذكر سرعة الملائكة التي لن نستطيع قياسها.... إنه تحديد إلهي لمخلوقاته كلها يدل على أن الملائكة والروح رغم أن سرعتهم تفوق سرعة الضوء فهم من عالم الوجود المخلوق الحادث والمقدور الذي تجري عليه سنن الوجود والتقدير، ودليل على أن طلاقة القدرة لا تكون إلا لله تعالى وحده، فسرعة الملائكة محددة ومقدرة لا مطلقة بغير حدود رغم أنها تجاوزت سرعة الضوء... بل التي تجعل من برزخ سرعة الضوء مضاعفاً صحيحاً لهذه السرعة، أي: أن السرعات ستكون مثنى وثلاث ورباع من سرعة الضوء، ويزيدها الله إلى أن تصل إلى خمسين ضعفاً كما أفهم من قوله تعالى: ).... جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (.سورة فاطر.. ولقد حدثنا الله أيضاً عن سرعات جبارة في عالم الجن.
كيف نفهم الأمر الإلهي بالضوء؟.
تحدثنا فيما سبق عن طبيعة الأمر الكوني في آية السجدة ( 5 )، والمحدد بسرعة عظمى بين السماء والأرض، والتي سوف نحسبها في البند القادم، ولكننا نود هنا التمييز بين: الأمر الكوني ـ وأمر الكينونة ـ والأمر الملائكي... فالأول يتحرك بسرعة عظمى في عالم الشهادة، والثاني لا يستغرق زمناً في تنفيذه، لأنه خاضع لقانون ( كن فيكون )، والثالث: تحمله الملائكة بسرعة عظمى أكبر في عالم الغيب ( عالم التاكيون )...
والسؤال الآن: هل الضوء أمر إلهي. والجواب: نعم. وهو أمر كوني من النوع الأول. وتمثل سرعته الحد الأقصى في عالم الشهادة، بل البرزخ الذي يفصل بين عالم الشهادة وعالم الغيب...
ولقد ورد ذكر الضوء في القرآن الكريم كأمر إلهي في قوله تعالى:)إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49) وَمَا أَمْرُنَا إِلا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (50) (.سورة القمر..
ومعنى: إنا كل شيء خلقناه بقدر: أن كل شيء في الوجود مخلوق بمقدار محدد وحالات مقدرة وفق سنن ثابتة ومستقرة.
وقوله عز وجل: )وَمَا أَمْرُنَا إِلا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (50) (بيان لهذا التقدير في نموذج من هذا الخلق ودلالة على كونية الأمر الموصوف بالضوء، أو النور.
قال الألوسي: ( كلمة بالبصر ) أي: في السير والسرعة.
وقال الطبري: كسرعة اللمح بالصبر.
وقال القاسمي: في السرعة، واللمح من الفعل ( لمح ) بمعنى لمع ورمض وأضاء... وبهذا، فاللمح بمعنى الوميض والضوء ( المعجم الوسيط ).
وعليه: فإن القرآن الكريم يقرر أن سير الضوء وسرعته بيان للسير الكوني وسرعته، والمماثلة هنا بين الضوء والأمر الكوني في المقدار والأحوال، فالأمر هنا أمر إلهي كسرعة الضوء وطبيعته وتكوينه، والآية واضحة المعاني.
يقول الفخر الرازي: اللمح بالبصر معناه البرق يخطف بالبصر ويمر به سريعاً...
وقوله تعالى: ( بالبصر ) فيه فائدة وهي غاية السرعة.
ويقول أبو حيان في البحر المحيط: ( كلمح البصر ) تشبيه بأعجل ما يحس، وهو أحسن وصف لسير الضوء في الفراغ بتمثيل حقيقي بحركة لمح البرق الخاطف... وهذه ظاهرة مرئية وعامة يدركها المخاطبون.
وخلاصة القول هنا: هي أن الضوء أحد الأوامر الإلهية.
وقوله تعالى:)وَمَا أَمْرُنَا إِلا وَاحِدَةٌ (يشير إلى تكوين الضوء من وحدات متماثلة متعاقبة مع تمثالها في مقدار السرعة....، ووردت لفظة ( واحدة ) نكره لتدل على تنوع الأمر في الشكل والهيئة.
ويقول الفخر الرازي: إن اللمح بالبصر يتكون هنا من وحدات متعاقبة، فهل يا ترى كان الرازي يقصد ما نسميه نحن كمآت الضوء؟ والمفرد: كمة، أو فوتون، وأعتقد أن هذا هو المقصود لغوياً، فالواحدة هنا ليست وصفاً للأمر كله بل وصفاً لأجزائه ووحدة تكوينه وبنائه، ونحن نقول علمياً الآن: إن واحدة تكوين الضوء هي الفوتون... والواحدة فعلاً هي مفردة الجنس التي لا تتجزأ، كما في قوله تعالى ).... فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة...(.سورة النساء..
وبهذا فإن الآيتين الكريمتين: ( القمر 49، 50 ) تبين أن اللمح ( الضوء ) له واحدة تكون الوحدة الأصلية للأمر الكوني التي تحمل خصائصه ولا تتجزأ، فالاستثناء بعد النفي يفيد الحصر في قوله تعالى:)وما أمرنا إلا واحدة (، والذي يدل على أن المراد من قوله سبحانه وتعالى: ( واحدة ) الجزء من الأمر ووحدة تكوينه، لا كل الأمر، للمخالفة في الجنس فالأمر مذكر. و ( واحدة ) مؤنث، لأنه لو كان المراد وصف الأمر كله لقيل: )وما أمرنا إلا واحد (، حيث الصفة تتبع جنس الموصوف... وعلى هذا، فالتعبير القرآني في غاية الدقة ويدل على أن الضوء يتكون من وحدات نسميها الآن علمياً بالفوتونات (photons).
نستنتج مما سبق قرآنياً أن الضوء أمر إلهي يتكون من وحدات لا تتجزأ، وأن سرعته تمثل غاية السرعة في هذا الوجود.
فمن أدرى محمداً صلى الله عليه وسلم بهذه الأوصاف للضوء والنور؟ حتى يأتي بالقول الجامع البليغ؟ والخبر الحق في قوله تعالى:)وما أمر الساعة إلا كلمح البصر.... ( 77 ) (.سورة النحل.. وصدق الله تعالى في قوله سبحانه:)لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه.... ( 166 ) (.سورة النساء..
نعم، نزل القرآن بالعلم الإلهي... وفيما يلي أقدم المعجزة القرآنية في حساب السرعة الضوئية، كحد أقصى وكإثبات وبرهان لأعظم قانون فيزيائي كشفه أينشتين في القرن العشرين الميلادي، بينما هو مذكور في القرآن الكريم منذ القرن السادس الميلادي، وصدق الله تعالى:)إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (87) وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (88) (.سورة ص..
ولقد أوضحنا طبيعة الأمر في آية السجدة ( 5 ) التي تبين أن أصل الكون كله بأرضه وسمائه أمر كوني واحد محدد ومعروف،ولهذا ورد مغرفاً ( بأل ) في لفظ ( الأمر ) في قوله تعالى:)يُدَبِّرُ الأمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (5) (.سورة السجدة.. فقد أفاد الله تعالى هنا تحول الأمر من السماء إلى الأرض وبالعكس، مما يفيد ـ على ما أعتقد ـ تحول الطاقة إلى مادة، والمادة إلى طاقة بصفة مستمرة منذ بداية الكون وحتى نهايته، تحولاً دائماً وغير منقطع.
وتدبير الأمر في بداية الكون هو خلقه بواسطة الخالق سبحانه، وبدستور إلهي ( كن فيكون )، حيث ظهر عند الانفجار العظيم إشعاع هائل وهو (الأمر)، ملأ الكون في درجة حرارة عالية جداً، ثم عرج هذا الإشعاع في ملك الله، بالسرعة الموصوفة، متحولاً من السماء إلى الأرض، أي: من تموج إلى تجسيد ( طبقاً لقانون أينشتين ط= ك س2) ومتحولات من الأرض إلى السماء ليعرج بالسرعة القصوى من تجسيد إلى تموج، في عملية فيزيائية مستمرة وصفها أينشتين بقانونه الشهير كأعظم قانون فيزيائي في القرن العشرين الميلادي (ط= ك س2 )، أي: { الطاقة ط تساوي حاصل ضرب الكتلة ك × مربع سرعة الضوء س }.
وهكذا: فالأمر الكوني في آيتي القمر ( 49 ، 50 )، وفي آية السجدة ( 5 ) هو الضوء وأسرته وأقرانه من أمواج الجاذبية وجسيمات النيوترينو التي تتحرك جميعها في الفضاء بالسرعة القصوى س التي هي محور هذا اللقاء مع حضراتكم... حقاً، إن الأمر الموصوف سرعته بآية السجدة ( 5 ) هو أصل الكون كله، ودليل على وحدانية الخالق وقدرته. وسرعة هذا الأمر كوجوده مقدرة تقديراً. وبذلك: فهي قدر مقدور، كما في قوله تعالى:)... وكان أمر الله قدراً مقدوراً ( 38 ) (.سورة الأحزاب..
ورغم هذا يتعالى أحد الناقدين لبحثي ويطالعنا بمقال في مجلة الأزهر(7) عنوانه: ( أمر الله لا تحده سرعة الضوء )، وأشكره على هذا الكرم الحاتمي، ولكنه يتعارض مع نصوص القرآن: )وكل شيء عنده بمقدار (. ولقد تم الرد عليه وعلى غيره في نفس المجلة.... ولا أدري لماذا النقد والأمر واضح كالشمس! والله نور السماوات والأرض، وصدق الله تعالى:)بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه.........( 39 ) (.سورة يونس.... ودعنا من هؤلاء، فالكون والوجود كله مظهر لهذا القدر يتجلى فيه وبمظاهر متعددة لهذا الأمر الشامل لكل شيء في الكون، كما في قوله تعالى:)أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الأرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأرْضِ إِلا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (65) (.سورة الحج.. )... والنجوم مسخرات بأمره.... ( 54 ) (.سورة الأعراف..)... وكل أمر مستقر ( 3 ) (.سورة القمر..
ولقد ورد الأمر هنا بصيغة الإفراد ونكرة ليدل على كونها حالات متعددة من أمره الذي يستخدمه الله سبحانه حقيقة، لا مجازاً في التسخير والتسيير في شكل سنن كونية قائمة ومنتشرة وفي أرجاء السماوات والأرض، كالضوء وأمواج الجاذبية وغيرها من الظواهر الخاضعة لنفس القانون، رغم تعدد أشكالها في السماوات والأرض كما في قوله تعالى: )ولله غيب السماوات والأرض وإليه يرجه الأمر كله..... ( 133 ) (.سورة هود.
وقوله سبحانه وتعالى: ).... بَلْ لِلَّهِ الأمْرُ جَمِيعاً أَفَلَمْ يَيْئَسِ الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً... ( 31 ) (.سورة الرعد.
وقد ورد لفظ ( الأمر ) هنا مفرداً معرفاً ( بأل ) للدلالة على أنه الأمر الكوني وليس المجازي، مع التأكيد على تنوعه بألفاظ تفيد الحصر مثل: ( كله )، ( جميعاً ). وقد يأتي نكرة كما في الايات السابقة للدلالة على كونه بعض أحوال الأمر الكوني العام. وقد يأتي بصيغة الجمع ( الأمور ) في سياق وصف الكون، كما في قوله تعالى: )لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (5) (.سورة الحديد..
وقوله سبحانه موضحاً وجود هذا الأمر بين كل سماء وأرضها: )اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً (12) (.سورة الطلاق..
يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــع
|