كما أنّ وقوع العبد في الذنب يوجب عليه
أن يعامل عباد الله في إساءتهم إليه وزلاتهم معه بما يجب أن يعامله الله به؛
فإن الجزاء من جنس العمل؛
فيعمل في ذنوب الخلق معه ما يُحِبُّ أن يصنعَه الله بذنوبه .
ومما لا بدّ أن يتصف به المسلم شهوده لذنبه وخطيئتِه؛
فلا يرى له على أحدٍ فضلاً ولا حقّاً؛ فإنه إذا شهد عيبَ نفسِه وخطأها وذنوبها؛
لا يظن أنه خيرٌ من مسلمٍ يؤمن بالله واليوم الآخر؛ وإذا شهد ذلك من نفسه لم يَرَ لها على الناس حقوقاً من الإكرام يطلبها منهم ويذمهم على ترك القيام بها .
ولذلك فإنه يرى أنَّ مَن سلّم عليه أو لقيه بوجه منبسط قد أحسن إليه؛
وبذل له ما لا يستحقّه؛ فاستراح في نفسه واستراح الناس من عتبه وشكايته
فما أطيب عيشه .
ومن حكم الوقوع في الذنب أنها تورث صاحبها الإمساك عن عيوب الناس وإعمال الفكر فيها؛
فإنه في شغل بعيبه؛ قال أنس"رضي الله عنه": « طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس » .
فيا سعادة من شغله عيبه عن عيوب الناس؛ويا شقاء من نسي عيبه وتفرغ لعيوب الناس؛
قال بعض السلف: أدركنا قوماً لم تكن لهم عيوب فذكروا عيوب الناس فذكر الناس لهم عيوباً؛
وأدركنا أقواماً كانت لهم عيوبٌ فكفّوا عن عيوب الناس فنُسِيَت عيوبهم .
هذا وإنّ أولى الناس بالكف عن عيوب الناس ذلك العبدُ المذنبُ البصيرُ بذنبِه؛ المطلعُ على عيبه .